الجاسوس اإلسباني باديا بمغرب موالي سليمان المصطفى حميمو دومينڭو فرانثشيسكو باديا إي ليبليش ،Domingo Francisco Jordi Badía y Leblichالمعروف باسم علي باي العباسي ،هو ضابط إسباني ،ولد عام 1767في برشلونة وتوفي سنة 1818بالقر ب من دمشق .دخل الجيش في سن السادسة عشرة ،وخلف والده فيه كمحاسب حرب ثم كمساعد أمين صندوق سنة . 1786وأثناء قيامه بمسؤولياته المختلفة تمكن بعصامية من مختلف المعارف في أكثر المجاالت تنوعًا ،كالرياضيات والتاريخ والهندسة المعمارية وعلم الفلك واللغات األجنبية وغير ذلك .واكتسب ثقافة شهد له على جديتها الحقًا أغلب العلماء والكتاب الذين التقى بهم. في عام 1801قدم إلى رئيس وزراء ملك إسبانيا شارل الرابع مشروع بعثة علمية إلى إفريقيا .ثم تحول هذا المشروع إلى خطة سياسية تتمثل في تحريض بعض قبائل المغرب على االنتفاضة ضد السلطان لغزو بالدهم .وقام رئيس الوزراء ڭودوي بتمويل المغامرة بسخاء .فغادر دومينڭو باديا إسبانيا عام 1803متنكرا في زي مسلم شرقي ،وأطلق على نفسه اسم علي بك وادعى أنه أمير عباسي من نسل النبي محمد ﷺ ،مولود في سوريا .ولتبرير عدم إتقانه اللغة العربية أوضح أنه تلقى تعليمه في أوروبا. وصار يتصرف كمسلم تقي وأعلن أنه كان في طريقه ألداء فريضة الحج بمكة .ولتقديم نفسه على أنه مسلم حقا، شهرا في المغرب .جاب خاللها البالد وراقب العباد سمح بختانه في لندن قبل االنطالق في رحلته .وأمضى ستة وعشرين ً بعيون أوروبية .وظل على اتصال مع كفيله بالحكومة اإلسبانية من خالل رسائل مشفرة. باديا في زيه العسكري ثم متنكرا في زي مسلم شرقي لكن بعد اكتشاف هويته الحقيقية وفشله في مهمته التجسسية اضطر إلى مغادرة المغرب على عجل هربًا من الموت. وبدالً من العودة إلى أوروبا شرع في رحلة شرقية قادته إلى مكة المكرمة .وعلى الرغم من أنه ليس أول مسيحي يدخل المدينة المحظورة على غير المسلمين إال أنه كان أول من قدم عنها وصفًا دقيقًا مصحوبًا برسومات توضيحية. ولما عاد إلى أوروبا ،وجد كفيله اإلسباني قد تمت إقالته مع حكومته من سدة الحكم .فعرض خدماته على نابليون سنة 1808ورافق شقيقه جوزيف األول عندما دخل مدريد .لكنه في عام 1813اضطر إلى الذهاب إلى المنفى ولم يعد منه أبدًا إلى إسبانيا. و نشر في فرنسا كتابه تحت عنوان "رحالت علي بك العباسي في أفريقيا وآسيا خالل األعوام 1803و1804 و 1805و 1806و ." 1807تحدث فيه عن لقاءاته المتعددة مع السلطان موالي سليمان (1792ـ )1822الذي اعترف به ،على حد قوله ،كمسلم صالح وكعا ِلم متعدد التخصصات .كما تم االعتراف به كعالم دين في دائرة العلماء الضيقة والمغلقة بمدينة فاس .في نفس الكتاب الذي ت رجم إلى عدة لغات ،نجد معلومات مثيرة لالهتمام ،ال سيما عن الجوانب االجتماعية والثقافية واالقتصادية والدينية للعالم العربي وفي مقدمته المغرب ،عالوة على خرائط للمدن الرئيسية التي زارها .في عام 1818بدأ علي بك رحلة جديدة إلى الشرق .لكنه مات هناك ب القرب من دمشق ضحية مرض الزحار. برحلته وكتابه عن المغرب صار باديا جزء من تاريخه بما له وما عليه .وقراءة مؤلفه ،مثل مؤلفات أمثاله ،ال تخلو من فوائد .ولهذا ترجمت مقتطفات منه وأدرجتها في كتابي "صفحات من تاريخ المغرب عن شهود عيان أجانب" .منها ما قاله عن الغرض من زيارته للمغرب وعن لقائه بالسلطان موالي سليمان بمدينة طنجة وأخيرا عما عاينه ودونه بخصوص أحوال البالد وتقاليد العباد في بداية القرن التاسع عشر.