من دروس الوعظ الهادف والمفيد المصطفى حميمو باألمس ،وفي انتظار صالة العشاء ثم التراويح سررت واستبشرت لما سمعت على غير العادة الجديد في الوعظ الهادف والمفيد .لعل الواعظ بتجربته في الحياة من حوله الحظ التناقض القائم عند بعض المسلمين بين التشدد في إتيان العبادات والتراخي بل حتى التسيب في انتهاك حرمات العباد .وأتى بعدة روايات من شأن تلقيها بالمطلق أن تشجع على التمادي في الممارسات المتناقضة مع مقاصد الشريعة الكامنة في حفظ حرمة كل من النفس والدين والعرض والمال ،أي في حفظ حرمات العباد .وذلك من مثل التسبيح كذا مرات في الصباح وأخرى في المساء فتمحى جميع الذنوب .وهنا تختلط على السامع الذنوب بالسيئات ويحلو له ذلك فال يبالي بظلم العباد. وسمعت في هذا الصدد من فقيه في إحدى البرامج الدينية أن الذنوب التي يغفرها هللا جميعا إن شاء لـــــيــــســــت هي السيئات المكتسبة بظلم العباد .فاهلل ال يساء وال يحسن إليه ،تعالى سبحانه عن ذلك علوا كبيرا. بخالف العباد فهم من يحسن إليهم ويساء . .وجاء الشيخ بمثال للذنب من حياتنا اليومية ،وذلك لما يرتكب السائق مخالفة لقانون السير من دون التسبب في حادثة .يكون حينها قد ارتكب ذنــــــبــــــا قد يعفو عنه الشرطي إن شاء ألنه لم يترتب عنه سوء للغير .أما المخالفة لقانون السير التي تترتب عنها حادثة فيها خسائر للغير ،مادية كانت أو جسدية ،فال يحق للشرطي التغاضي عنها بالنظر لما فيها من ظلم للمتضرر .فال بد له من اتباع المساطر القانونية التي تكفل له الحصول على التعويضات الالزمة على حساب السائق المذنب بمخالفته لقانون السير والمسيء في نفس الوقت لغيره .وهلل المثل األعلى. وبالمناسة ذكر الشيخ بفحوى حديث المفلس الذي يوضح بجالء تام معنى السيئات في حق العباد التي ال تمحى سوى برد الحقوق ألصحابها في الدنيا وبالتعويض عن األضرار التي تسببت فيها .فوفق هذا الحديث العبادات المفروضة من صالة وصوم وزكاة ال تمحو السيئات ،فما بالك باألذكار مهما تعددت يوميا .تأمل ذلك في نص الحديث عن أبي هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال« :أتدرون من المفلس؟» قالوا :المفلس فينا من ال ف د ِْره ََم له وال متاع ،فقال« :إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصالة وصيام وزكاة ،ويأتي وقد شتم هذاَ ،وقَذَ َ سفَكَ دم هذا ،وضرب هذا ،فيعطى هذا من حسناته ،وهذا من حسناته ،فإن فنيت حسناته قبل أن هذا ،وأكل مال هذا ،و َ يقضى ما عليه ،أخذ من خطاياهم فط ِر َح ْ ت عليه ،ثم طرح في النار". معنى ذلك أن القيام بالشعائر المفروضة ليست مقصودة لذاتها ،يؤكد الشيخ .وجاء في ذلك قوله تعالى " َوأ َ ِق ِم َاء َو ْالمن َك ِر َولَ ِذ ْكر َّ ّللاِ أ َ ْكبَر" .والفحشاء والمنكر والبغي هي كل األقوال واألفعال التي ع ِن ْالفَحْ ش ِ ص َالة َ ِإ َّن ال َّ ال َّ ص َالة َ ت َ ْن َهى َ تسيئ للعباد .فالشعائر من صالة وصوم وزكاة مفروضة وفق حديث المفلس لخدمة مــــــقـــــــــاصــــــــد الشريعة حتى يقوم الناس بالقسط .قيام الناس بالقسط الذي هو غاية الغايات من إرسال الرسل وإنزال الكتب لقوله تعالى " لَقَ ْد ْط" .فهذا ما يفرضه على كل مسلم تدبر القرآن س ْلنَا رسلَنَا ِب ْالبَيِنَا ِ وم النَّاس ِب ْال ِقس ِ ت َوأَنزَ ْلنَا َم َعهم ْال ِكت َ أ َ ْر َ َاب َو ْال ِميزَ انَ ِليَق َ علَى قلوب أَ ْقفَال َها" .ووفق فهم الكريم وليس مجرد التبرك بتالوته وتجويده ،لقوله تعالى " أَفَ َال يَتَدَبَّرونَ ْالق ْرآنَ أ َ ْم َ الشيخ ،مقاصد الشريعة هي أيضا مقاصد الشعائر التعبدية .المقصود بأداء كل منها هو حفظ حرمة كل من النفس والدين والعرض والمال .وهو ال يتفق مع وصف عالم ما بالمقاصدي ،بمعنى المتخصص في مقاصد الشريعة .بل من المفروض أن يكون كل مؤمن مقاصديا. .وشرح ذلك بقوله أنه بأداء الصالة يتذكر المصلي خمس مرات في اليوم حديث المفلس قيتعظ وال يظلم الناس .ويصوم على الحالل طيلة شهر رمضان حتى يروض النفس على الصوم على ظلم العباد طيلة ما تبقى من السنة 1 ويتقي بذلك عاقبة اإلفالس يوم العرض .ويؤدي ما عليه من زكاة لمستحقيها وهم ال يعرفونه ،حتى يروض النفس على رد ما في ذمته من ديون في وقتها ألصحابها وهم يعرفونه ،فال يظلمهم وال يضطرهم للجري من ورائه في طلبها، وذلك خوفا من اإلفالس يوم العرض .هذا عالوة على ما في إخراج الزكاة من واجب اإلحسان إلى الفقراء .ويحج إن استطاع ،ويوم الوقوف بعرفة يتذكر يوم الحشر الذي ال رجعة منه .ولما يــــعــــود منه يكون كمن استلقى في قبره حيا ثم خرج منه ،وهو يقول لنفسه اتقي هللا في عباده قبل أن يأتي اليوم الذي ال مخرج فيه من القبر. . ونصح بشرح مقاصد أداء الشعائر األربع على هذا المنوال فـــــــــي خـــــطــــب الجمعة على األقــــــــل مرة في الشهر .وذلك حتى ال يشمت المصلون في أدائها ويحسبون أنها مكفرة عن ظلمهم للعباد .وهكذا ال يكونون من المفلسين الذين يطرحون في النار يوم العرض مــــــــــــــــع صالتهم وصومهم وزكاتهم كما هو موضح في حديث المفلس أعاله. وسئل الشيخ عن إغفال التذكير بهذا الحديث ،فقال أنه قل من ال يعرفه ولكن قل من يتوقف عنده حتى يتدبر مغزاه فيتعظ ويتقي هللا في حرمات العباد .وأضاف أنه قد يصعب تقبل مغزاه على من تعود طيلة حياته على الجمع بين أداء تلك الشعائر مع التشدد في تفاصيلها من جهة وبين ظلمه للعباد من جهة ثانية ،ظنا منه أن تلك تمحو ذاك .فال غرابة في أن يزعجه مغزى ذلك الحديث وأن يطعن في من يتبناه ،محتجا بما يطيب له من المرويات والتفاسير المتناقضة فقط في ظاهرها معه .ومع األسف الشديد ال أذكر البرنامج وال حتى اسم الشيخ الفاضل .لكن ما أن انتهت الحلقة حتى قمت ودونت ما تذكرته مما سمعت منه .ويطيب لي مقاسمته مع المؤمنين في هذه العشر األواخر من هذا الشهر الفضيل .وتقبل هللا منا جميعا الصيام والقيام. 2