Telechargé par Mustapha HMIMOU المصطفى حميمو

المصطفى حميمو : قصة المواجهة بين ثلاثة علماء وسلطان سعدي

publicité
‫قصة مقتل ثالثة علماء‬
‫في مواجهة مع سلطان سعدي‬
‫المصطفى حميمو‬
‫قد يتسرع الذهن إلى البحث عمن يكون ذلك السلطان للحكم عليه مسبقا وإدانته‪ .‬فال بد من التذكير بظروف‬
‫تلك األحداث‪ .‬يمكن القول بأن تقهقر نفوذ السلطة المركزية على كامل تراب البالد قد بدأ منذ انهزام جيش‬
‫الموحدين بمعركة العقاب‪ .‬وبدأ احتالل شواطئها على يد البرتغاليين في عهد بني مرين منذ سمة ‪1415‬م‪ ،‬وذلك‬
‫عشرات السنين قبل سقوط األندلس سنة ‪ .1492‬وهذه الخريطة توضح األمر‪.‬‬
‫وللوقوف على محنة المغاربة بالمناطق المحتلة يكفي الرجوع إلى كتاب "دكالة واالستعمار البرتغالي إلى‬
‫سنة إخالء آسفي وأزمور" لألستاذ الباحث أحمد بوشرب ‪ .‬أما نفوذ الوطاسيين فقد تقلص إلى فاس وما حولها‪ ،‬مع‬
‫سقوط باقي البالد في يد بعض اإلمارات هنا وهناك وفي فوضى ال تبقي وال تدر‪ .‬أوضاع بئيسة قل بل حتى انعدم‬
‫فيها األمن على الحرمات‪ .‬وهي تلك التي ظهر فيها سيدي عبد الرحمن المجذوب وأمثاله‪ ،‬ممن يرثون أحوالها‬
‫وأحوال العباد ‪ .‬وجاء السعديون بمبادرة ودعم قوي من أهالي الجنوب إلنقاذ ما يمكن إنقاذه‪ .‬وقد تحقق عل أيديهم‬
‫ما لم يتحقق لغيرهم من اإلنجازات المبهرة والمنتظرة‪ .‬فهذه هي الظروف التي حصل فيها مقتل الشيوخ الثالثة‪.‬‬
‫س ْل َ‬
‫طان محمد ال َّ‬
‫شيْخ هو ثالث سالطين السعديين من بعد أن‬
‫‪ )1‬مقتل ال َّ‬
‫احد الوانشريسي ‪َ :‬كانَ ال ُّ‬
‫شيْخ عبد ا ْل َو ِ‬
‫خلع أخاه أحمد األعرج وفرض اإلقامة الجبرية عليه وعلى جميع أفراد أسرته بمراكش‪ .‬ومن بعد إخراج‬
‫البرتغاليين من جل شواطئ جنوب البالد استمر في بسط نفوذ دولته على حساب ما تبقى من مناطق نفوذ آخر‬
‫سالطين دولة الوطاسيين المتهالكة بالعاصمة فاس‪ .‬فحاصرالمدينة حصارا َ‬
‫طويال‪ ،‬لكن من دون جدوى‪ .‬وقيل لَه‬
‫س ِبيل إلى استسالمها إلم يبايعه الشيخ‬
‫حينها‪ ،‬وفق ما جاء في كتاب االستقصا للمؤرخ الناصري‪ ،‬أنه ال َ‬
‫‪1‬‬
‫الوانشريسي‪ .‬فَبعث إِلَ ْي ِه سرا من يسترضيه ويمنيه‪ .‬لكن الشيخ رد بأن له في عنقه بيعة أَبَي ْالعَبَّاس الوطاسي‪َ ،‬و َال‬
‫يحل له خلعها سوى بموجب ش َْر ِعي‪َ ،‬وه َو غير متوفر‪.‬‬
‫ومن الراجح أنه تحت نفوذ ودعاية أخر سالطين بني الوطاس بفاس ما كان علماؤها مع علماء مكناس‬
‫يدركون سوء أحوال البالد والعباد حق اإلدراك‪ ،‬كما عاشها محمد الشيخ السعدي نفسه‪ ،‬وكما نعرفها نحن اليوم‬
‫من خالل كتب التاريخ‪ .‬وإال فالموجب الشرعي لخلع الوطاسيين بيعة السعديين قد كان متوفرا‪.‬‬
‫س ْل َ‬
‫طان كتب ِإ َلى أهل فاس يَقول َلهم ِإن هو دخلها‬
‫ويقال‪ ،‬بحسب ما ورد في كتاب االستقصا دائما‪ ،‬أن ال ُّ‬
‫س ْل َ‬
‫طان وأمر‬
‫صلحا مألها عدال‪َ ،‬وإِن دَخَلت َا ع ْن َوة مألها قتال‪ .‬ورد الشيخ على ذلك بأبيات فيها غلظة‪ .‬فغضب منه ال ُّ‬
‫بمن يتسلل إليه ليقبض عليه ويأتيه ِب ِه ِإ َلى محلته حيا‪َ .‬و َكانَ ال َّ‬
‫قر ِويين َبين‬
‫َاري ِب َج ِ‬
‫امع ْال َ‬
‫شيْخ حينها ي ْق َرأ َ‬
‫ص ِحيح البخ ِ‬
‫العشاءين‪ ...‬فحذره ابنه مما سمع‪ .‬وسأله ال َّشيْخ عما وصل إليه في القراءة الليلة الفارطة‪ .‬ولما كان الجواب هو‬
‫كتاب القدر قَا َل "فَكيف نفر من ْالقدر"‪ ،‬وذهب إلى المجلس‪ .‬ولما انتهى من الدرس خرج من أحد أَب َْواب ْال َمس ِْجد‬
‫فسارع إليه من كلفوا بالقبض عليه َوأ َ َرادوا حمله‪ .‬لكنه أخذ ِبإِحْ دَى أطراف ْالبَاب فَضرب أحدهم يَده وقطعها‪،‬‬
‫علَ ْي ِه ْالبَاقونَ فَقَت َلوه‪.‬‬
‫وأجهز َ‬
‫س ْل َ‬
‫عة فيها عبد ْال َو َّهاب‬
‫‪ )2‬مقتل الفقيه عبد الوهاب الزقاق‪ :‬ولما استولى ال ُّ‬
‫اضي ْال َج َما َ‬
‫طان على فاس اتهم قَ ِ‬
‫الزقاق بالميل إِلَى لخصمه أبي حسون الوطاسي‪ ،‬وأَمر فِي َهذِه ْالمرة بالقتل‪ .‬ويقال‪ ،‬وفق ما جاء في كتاب‬
‫االستقصا أيضا‪ ،‬أن محمد الشيخ قد خيره بأي شيء يقتل‪ ،‬فرد الشيخ قائال ‪" :‬اختر أ َ ْنت لنَفسك‪ ،‬فَإِن ْال َم ْرء مقتول‬
‫طان حينها ا ْق َ‬
‫س ْل َ‬
‫طعوا َرأسه بشاقور‪ .‬ويقول الناصري أنه من ِح ْك َمة هللا وعدله فِي خلقه أَن محمد‬
‫بِ َما قتل بِ ِه"‪ .‬قَا َل ال ُّ‬
‫صة ْاألَثر أَن‬
‫الشيخ قد تم قتله بقطع رأسه بشاقور بأمر من السلطان سليمان العثماني‪ .‬وأورد ما جاء في كتاب خ َال َ‬
‫ال َّ‬
‫علَ ْي ِه قَا َل لَه السلطان ‪" :‬أ َ ْنت زق الضالل"‪ .‬فَقَا َل لَه الشيخ ‪َ " :‬ال َوهللا بل أَنا زق ْالعلم‬
‫شيْخ الزقاق لَ َّما قبض َ‬
‫َو ْال ِهدَايَة" ث َّم قَتله‪.‬‬
‫‪ )3‬مقتل الفقيه أبي عَلي حرزوز ‪َ :‬وأمر السلطان أَيْضا بقتل خطيب مكناس ال َّ‬
‫علي حرزور بسبب‬
‫شيْخ أبي َ‬
‫عنه‪ .‬قيل له أنه َكانَ يذكره فِي خطبه ويحذر النَّاس من اتِبَاعه واالنقياد إِلَيْه‪ .‬ووفق كتاب االستقصا‬
‫َك َالم بلغه َ‬
‫س َعى فِي‬
‫صى البعاد"‪ .‬ث َّم يتلو قوله تعالى ‪َ " :‬و ِإذَا ت ََو َّلى َ‬
‫دائما‪ ،‬فقد كان َو َيقول فِي خط َبته ‪َ " :‬جا َءكم أهل السوس ْاأل َ ْق َ‬
‫ض ِلي ْف ِسدَ فِي َها َوي ْهلِكَ ْال َح ْر َ‬
‫ث َوالنَّ ْس َل َو َّ‬
‫اإلثْ ِم فَ َحسْبه َج َهنَّم‬
‫ْاأل َ ْر ِ‬
‫ق َّ َ‬
‫ّللا َال ي ِحبُّ ْالفَ َ‬
‫ّللا أ َ َخذَتْه ْال ِع َّزة ِب ْ ِ‬
‫سادَ َوإِذَا قِي َل لَه ات َّ ِ‬
‫س ْال ِم َهاد"‪.‬‬
‫َولَبِئْ َ‬
‫‪2‬‬
Téléchargement