آفة التوهم بأن كل تقاليد األولين هي من صميم الدين المصطفى حميمو تعجب من بحث أكاديمي عن الحياة االجتماعية في عهد العباسيين ،تم سنة 2018م بجامعة من جامعات إحدى الدول العربية من غير المغرب ،لما تجد فيه الحديث عن الموالة في الشريعة اإلسالمية ،وكأن لها موجب شرعي في اإلسالم. ولتحديد المقصود بالمواالة جاء الباحث بقول ابن خلدون في المقدمة " :كأن يقول رجل لرجل آخر ليس لي عشيرة وال ناصر ،وإني انضم إلى عشيرتك وتنصرني وتدفع عن نوائبي ،وإن مت كان ميراثي لك ،فيعقد بينهما عقد الموالة". معنى ذلك أن األمن على الحرمات الذي هو لب مقاصد الشريعة ،كان ينبغي ،بموجب شرعي في المجتمع المسلم، أن يشتريه بعقد الرجل الذي ليست له عشير تنصره وتدفع عن نوائبه ،من أحد رجال عشيرة قوية ،وفي مقابل أن يرثه من بعد مماته .وذلك لما كانت الدولة تنهك وتنهب رزقه بالضرائب من دون أي عطاء. في حين ،وكما ينبغي وفق مقاصد الشريعة ،األمن على حرمات أي إنسان بالمطلق ،موكول اليوم إلى مؤسسات عمومية أمنية وقضائية وعلى نفقة المال العام .فكل إنسان مهما كان ،ثبت االعتداء على حياته أو جسده أو ماله أو عرضه، تتحرك فورا الضابطة القضائية من شرطة أو درك ،وتحت إشراف النيابة العامة ،للبحث في النازلة وتحديد المشبه به أو بهم ،وعرضهم على القضاء للتحقيق ثم المحاكنة وفق مقتضيات القانون .وهذه العدالة اليوم ال تفرق بين مواطن وغريب وال بين شريف ووضيع وال بين فقير وال غني. فكيف تكون من الشريعة اإلسالمية تلك الموالة كما سادت في المجتمع المسلم وفق ما شرح مغزاها ابن خلدون أعاله ؟ وكيف يصدر ذلك الحكم المعتدي على الشريعة اإلسالمية عن باحث أكاديمي مسلم بدولة مسلمة وفي األلفية الثانية وتحت إشراف أساتذة جامعيين ؟ كيف يصح من هؤالء األكاديميين بأن يظلوا يعتقدون هم كذلك مثل العوام أن كل تقاليد وسنن األولين هي من صميم الدين ؟ فيجد فيها المتطرفون ما يزكون بها األوهام التي تجعلهم يعتقدون أن الماضي كان كله أمجاد بفضل التمسك بالدين وأن الحاضر كله بؤس ومآسي بسبب التفريط في الدين ؟ كيف يصح ذلك بالمقارنة مع ما أوردناه أعاله بخصوص األمن على الحرمات اليوم ووفق مقاصد الشريعة ،وهو أفضل وبكثير من تقاليد المواالة اتي سادت في الماضي ؟ لألجابة على هذه األسئلة أحيل القارئ الكريم على المقال المماثل التالي :الرق والرقيق في مجتمع المغرب العتيق. النص المقصود في البحث الذكور :