Telechargé par Mustapha HMIMOU المصطفى حميمو

المصطفى حميمو : صفحات من تاريخ المغرب عن شهود عيان أجانيب

publicité
‫صفحات من تاريخ المغرب عن شهود عيان أجانب‬
‫المصطفى حميمو‬
‫"صفحات من تاريخ المغرب عن شهود عيان أجانب" هو عنوان كتابي المنشور على الشبكة بصيغة ‪ PDF‬عبر‬
‫حسابي ‪ ،Mon Drive‬مع رابط التحميل من أجل القراءة فقط‪ .‬وبالمجان‪ .‬كتاب وثائقي يتشكل من نصوص مختارة لمؤلفين‬
‫أجانب من فرنسا وأنجلترا وألمانيا وإسبانيا‪ ،‬زاروا المغرب وأقاموا فيه تباعا‪ ،‬ما بين منتصف القرن الثامن عشر وبداية القرن‬
‫العشرين‪ .‬وتعد مؤلفاتهم شهادات حية على فترات من تاريخ المغرب أرضا وشعبا وح ْكما وحكاما‪ .‬دونوها وطبعوها ونشروها‬
‫من أجل قرائهم ببلدانهم األصلية‪ .‬مع العلم أن آذانهم ليست ميكروفونات وأعينهم ليست عدسات كاميرات‪ ،‬وإنما هم بشر جاؤوا‬
‫إلى المغرب محملين بخلفياتهم الثقافية والحضارية‪ .‬فكانت لهم أفكا رهم المسبقة عن المغرب وعن شعبه وعن نظام حكمه‬
‫وحكامه‪.‬‬
‫أصحاب تلك الشهادات ما كانوا مؤرخين وال علماء اجتماع‪ .‬فمضامين شهاداتهم ليست بالضرورة حقائق تاريخية وال‬
‫تفاسير علمية‪ .‬منها ما رأوه بأعينهم وقد يحرف ويشوه عن حسن نية أو عن قصد بفعل خلفياتهم وأمزجتهم‪ .‬ومنها ما سمعوه عن‬
‫غيرهم من المترجمين المغاربة من مسلمين ويهود غالبا ما كانوا غير متعلمين وخرافيين‪ ،‬ومن التجار والدبلوماسيين األوروبيين‬
‫ببعض الموانئ المغربية‪ .‬وهؤالء الوسطاء كانت لهم كذلك خلفياتهم التي من الممكن أن تشوه الحقائق عن حسن أو سوء نية‪.‬‬
‫فيبقى فرز الصحيح من الغلط فيها من اختصاص الباحثين األكاديميين‪ .‬ومع كل ذلك أول فائدة نجنيها من تلك الشهادات هي‬
‫الفكرة المجملة والموثقة عن نظرة األوروبيين للمغرب في عصر كل منهم‪.‬‬
‫وقد كانوا كلهم‪ ،‬بشكل أو بآخر‪ ،‬جواسيس في خدمة مصالح بلدانهم‪ .‬كان يتم استخدام شهاداتهم كوثائق استخباراتية من‬
‫طرف القوى األوروبية التي صارت‪ ،‬منذ اكتشاف القارة األمريكية في أكتوبر من سنة ‪ ،1492‬قوى إمبريالية واستعمارية‬
‫مغرضة تحت ذريعة نشر الحضارة األوروبية‪ .‬فطورت بحريتها وصارت تتنافس فيما بينها على احتالل العديد من البلدان‬
‫والشعوب ما وراء البحار‪ ،‬بإفريقيا وآسيا وأمريكا‪ .‬وقد كانت لكل منها أطماع استعمارية بالمغرب وبغيره جنوب المتوسط‬
‫بالقرب منها‪ .‬وبما أن كتبهم كانت مادة استخباراتية ثم كانت مطبوعة ومنشورة من أجل عموم القراء ببلدانهم األصلية‪ ،‬فما كان‬
‫من مصلحة أي منهم أن يكذب ما جاء فيها من سبقوه وال من كانوا سيأتون من بعده‪ .‬بل من أجل مصداقيتهم عند القراء وال سيما‬
‫عند الناشرين كانوا بال شك يتوخون الصدق في شهاداتهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيال‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬إذا ما تنبهنا لكل تلك الخلفيات وتلك األفكار المسبقة في شهاداتهم‪ ،‬فيمكننا أن نطل من خاللها ولو على‬
‫بصيص من حقيقة أحوال ماضي بلدنا وال سيما على نمط عيش البسطاء من أسالفنا‪ .‬وذلك بالمقارنة حينها مع أحوال شعوب‬
‫بلدانهم المتطورة والمتقدمة‪ .‬وهو األمر الذي ال يزال تتعذر علينا معرفته حتى اليوم مع شهادات المغاربة في تلك العصور‬
‫وشهادات اإلخباريين من بينهم ومن بعدهم‪ ،‬اللهم البحوث األكاديمية المعاصرة من إنتاج أساتذة وطلبة الجيل الجديد بمختلف‬
‫كليات المملكة‪.‬‬
‫أمور وأحداث الماضي التي تثير انتباه وفضول األجنبي بالمقارنة مع ما يجري في بالده األصلية‪ ،‬ما كان ليلقي لها‬
‫باال المغاربة‪ ،‬لكونها عندهم أمورا عادية جدا وال تستحق اإلشارة إليها في كتبهم‪ .‬الغالب ذكره عندهم هو تراجم األعالم وأحوال‬
‫الحكام والصراعات السياسية التي كانت تقع بينهم‪ ،‬مع المبالغة في التمجيد واإلطراء أحيانا لمن يكتبون لهم من السالطين‬
‫واألمراء في عهدهم وفي عهد أسالفهم‪ ،‬وشيء من التحقير والتبخيس في حق خصومهم بحق أو بباطل‪ .‬وكل ذلك في مقابل‬
‫القليل النادر من األخبار عن أحوال األرض وأحوال عيش البسطاء الذين يشكلون السواد األعظم من مختلف فئات الشعب‪ ،‬وعن‬
‫‪1‬‬
‫طبيعة نظام الحكم الفريد الذي لم يعرفوا غيره‪ .‬لكل هذا سنظل نكتشف في شهادات أولئك األجانب في تلك العصور ما يثير فينا‬
‫الكثير من التعجب واالستغراب‪.‬‬
‫وبمقامهم في المغرب لغرض ما‪ ،‬سيظلون يشكلون جزءا من تاريخه بالنسبة لعلماء التاريخ من الجيل المعاصر‪،‬‬
‫وشهاداتهم المدونة ستظل عندهم من ضمن وثائقه‪ .‬شهادات يستشهدون بها في بحوثهم وفق المناهج العلمية العصرية‪ ،‬وتحت‬
‫إشراف خيرة األساتذة بمختلف ك ليات المملكة‪ .‬وحسبنا في ذلك مثال‪ ،‬ما ورد من تلك الشهادات في كتاب "المجتمع المغربي في‬
‫القرن التاسع عشر" لألستاذ أحمد التوفيق‪ ،‬وزير األوقاف والشؤون اإلسالمية إلى يومنا هذا من سنة ‪ .2023‬والشيء نفسه في‬
‫كتاب "بين الزطاط وقاطع الطريق‪ .‬أمن الطرق في مغرب ما قبل االستعمار"‪ ،‬لألستاذ عبد األحد السبتي‪ .‬ومن كتب أولئك‬
‫األجانب ما تمت ترجمته إلى اللغة العربية من طرف أساتذة جامعيين‪ ،‬ككتاب "استكشاف المغرب" للراهب ميشال فوكو‪.‬‬
‫وبالنظر لما يعرفه اليوم عموم المغاربة عن ماضي بلدهم عبر المناهج الدراسية وعبر مختلف وسائل اإلعالم فلن يسعهم إال أن‬
‫يندهشوا ويستغربوا ويتعجبوا‪ ،‬بل ويستنكفوا أحيانا كثيرة مما أورد أولئك الشهود األجانب من أخبار البالد والعباد‪ .‬أخبار ال‬
‫يعرفها جيدا سوى بعض الخاصة‪ ،‬وال سيما الباحثون األكاديميون‪.‬‬
‫لكن في ترجمة ونشر تلك الشهادات فوائد كبيرة‪ ،‬وال سيما لشباب اليوم وشباب الغد‪ ،‬حتى ال ينخدعوا بماضي بلدهم‬
‫ويتوهموا أنه كان أفضل من حاضره لمجرد أن حكامه كانوا مسلمين‪ .‬توهم سببه مضامين مادة التاريخ في تعليمنا وفي مختلف‬
‫وسائل اإلعالم‪ ،‬حيث يتم التركيز دائما على الوجه الزاهي والمشرق فيه من دون مثالبه التي كانت أكبر وبكثير من محاسنه وفق‬
‫كتب المؤرخين المسلمين أنفسهم‪ .‬ومن ذلك التوهم ال يزال يتغذى التطرف‪.‬‬
‫في حين أسالفنا وحكامهم بشر‪ .‬ومجرد كونهم مسلمين ال يعني أبدا أنهم معصومون من الخطأ‪ .‬بل هم كغيرهم من‬
‫البشر كانوا يصيبون ويخطئون‪ .‬وكما تقدم‪ ،‬فبحسب ما جاء عنهم في كتب المؤرخين المسلمين أنفسهم كانوا في أحيان كثيرة‬
‫يخطئون أكثر مما يصيبون‪ .‬حتى أن أحد الظرفاء قال‪ :‬لو أن أحدا من غير المسلمين اليوم ود التعرف على اإلسالم كي يعتنقه‬
‫وبدأ بقراءة كتاب البداية والنهاية البن كثير لفضل البقاء على دينه‪ .‬لكن ما تربينا في منظومتنا التعليمية على عشق قراءة تلك‬
‫الكتب بالرغم من وفرتها وتوفرها اليوم على الشبكة وبالمجان أكثر من أي وقت مضى‪.‬‬
‫نستغني عن قراءتها بسبب توهمنا أننا عرفنا تاريخنا بما فيه الكفاية من خالل ما تعلمناه في المناهج التعليمية ومما ألفنا‬
‫قراءته ومشاهدته وسماعه على الدوام في مختلف وسائل اإلعالم مع ما فيه من إفراط في إطراء وتمجيد ماضي أسالفنا‪ .‬وهم من‬
‫شأنه أن يجعل المتلقين تعتقدون أن عدل الخليفة عمر بن الخطاب رضي هللا عنه وتعاليم الدين الحنيف العادلة والسمحة وحضارة‬
‫العباسيين المزدهرة ببغداد وإشعاع حضارة ا ألمويين بقرطبة ظلت كلها قائمة وسائدة في كل بالد المسلمين طيلة القرون التي‬
‫خلت حتى جاء عهد االستعمار‪ ،‬وأن سبب تخلفنا يعود فقط إلى ما عرفته البالد من حداثة ومن حضارة أوروبية مستوردة منذ‬
‫بداية عهد الحماية‪.‬‬
‫باالطالع على شهادات أولئك األجانب بما لها وما عليها‪ ،‬وبمعيار مقاصد الشريعة السمحة المتمثلة في األمن على‬
‫الحرمات من حفظ النفس والدين والعرض والمال والعقل‪ ،‬سندرك بصفة عامة وسيدرك شبابنا بصفة خاصة أن حاضر بلدنا‬
‫أفضل وبكثير من ماضيه في كل مناحي الحياة‪ .‬مع العلم أنه ما خال يوما مجتمع بشري من فساد‪ ،‬ولن يخلو منه أبدا‪ .‬فندرك أن‬
‫ما ال زلنا نعاني منه من فساد ومن سوء األحوال هو أقل وبكثير من سوء أحوال أسالفنا‪ .‬والمقارنة الصحيحة بين الحاضر‬
‫والماضي لتقييم مدى تقدم البالد أو تقهقرها هي المقارنة بين كل فئة من فئات المجتمع اليوم بمثيلتها في الماضي‪ ،‬فقراء اليوم‬
‫بفقراء األم س‪ ،‬وليس فقراء اليوم بأغنياء اليوم‪ ،‬وأغنياء اليوم بأغنياء األمس‪ ،‬وحكام اليوم بحكام األمس ودواليك‪ .‬وال سبيل لذلك‬
‫من دون معرفة التاريخ على حقيقته بحلوه ومره بدال من االقتصار على ذكر الصفحات المجيدة على قلتها فيه‪ .‬وبتلك القناعات‬
‫سنشفق على أسالفنا حكاما ومحكومين‪ ،‬من دون أن نحكم عليهم‪ .‬بل نقدر ظروفهم واإلكراهات التي كانت تثقل كاهلهم‪ .‬لكن‬
‫ندرك ونعي جيدا أخطاءهم كبشر فال نكررها بحال من األحوال‪ .‬ونحمد هللا في الوقت نفسه على نعم الحاضر التي ال تحصى‬
‫بالمقارنة مع مثالب الماضي‪ ،‬فنسعى للمزيد من التقدم بالوطن إلى األمام‪ ،‬بعيدا كل البعد عن كل تطرف من شأنه أن يهدد أمن‬
‫البالد والعباد من أجل إعادة إنتاج أمجاد متوهمة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫هكذا استفدت كثيرا من االطالع على مضامين تلك الشهادات األجنبية وترجمت ما شد انتباهي فيها إلى اللغة العربية‬
‫في كتابي المذكور أعاله‪ .‬ترجمت المقاطع التي أضاءت لي جوانب من ماضي بالدنا كان يلفها في ذهني غموض كثيف‪ ،‬وما‬
‫أكثرها‪ ،‬وال سيما تلك التي تتعلق بأحوال األرض وبأحوال عيش البسطاء من الشعب‪ ،‬وبنمط الحكم‪ .‬ترجمتها ونشرتها على‬
‫الشبكة لتعميم الفائدة‪ .‬وأملي أن تتفتح بقراءتها شهية القارئ الكريم كي يطلع على مثل هذه المؤلفات بلغاتها األصلية أو على تلك‬
‫التي تمت ترجمتها بالنسبة لمن ال يحسن القراءة بتلك اللغات‪ .‬مع األمل في أن يتطوع كل من يستطيع لترجمة ما تبقى منها إلى‬
‫اللغة العربية حتى تعم الفائدة‪ .‬ومع الرجاء في أن يهتم الباحثون األكاديميون بتبسيط وتعميم إنتاجاتهم العلمية القيمة في مادة‬
‫التاريخ المغربي التي تكشف عن حقيقته بحلوه ومره وليس فقط الوجه الزاهي والمشرق فيه‪ .‬وأهيب أخيرا بمختلف وسائل‬
‫اإلعالم كي تهتم بتلك البحوث حتى تثير فضول متتبعيها‪ ،‬فيطلعوا عليها ويستفيدوا من مضامينها ويستمتعوا باكتشاف ما خفي‬
‫عليهم من تاريخ بالدهم وأسالفهم‪.‬‬
‫‪3‬‬
Téléchargement