تعريف المصلحة *لمصلحة هي احدى االصول المرجعية لالجتهاد في تحديد االحكام لدى عدد من المذاهب الفقهية .والمقصود بها بوجه عام هي كل ما يجلب نفعا ً ويدفع ضرراً. وبعض التعاريف قيدها بالمحافظة على مقاصد الشرع كي تكون مقبولة ّ عرف الغزالي المصلحة *إن المصلحة لغة هي ض ّد المفسدة ،وفي االصطالح ّ بأنّها المحافظة على مقاصد الشريعة اإلسالمية التي جاءت لحفظها على اإلنسان وهي الدين ،والعقل ،والنفس ،والمال ،والنسل ،فك ّل ما يتضمن هذه المقاصد ويحققها هو مصلحة ،وك ّل ما يفوتها ويضيعها هو مفسدة ،والدافع لهذه المفاسد هو مصلحة في حد ذاته ،ومن الجدير بالذكر ّ أن الشريعة اإلسالميّة بُنيت على قاعدة تحصيل المصالح وتكميلها ،وتقليل المفاسد وتعطيلها ،ذلك ّ أن مقصد الشريعة هو تحقيق المصلحة للمكلف ،وقال العز بن عبد السالم ّ إن ك ّل ما أمرت به الشريعة اإلسالميّة إنّما جاء لتحقيق مصلحة أو مصالح عدة ،أو لدفع مفسدة أو مفاسد عدة ،أو لتحقيق األمرين معاً ،وكذلك ك ّل ما نهت عنه الشريعة اإلسالميّة إنّما كان لجلب مصلحة أو مصالح عدة ،أو دفع مفسدة أو مفاسد عدة أو لألمرين معا ً أهمية المصالح -1المصلحة وسيلة لتوسيع معنى النص وامتداد مجال تطبيقه ليشمل ما هو منطوق به وما هو مسكوت عنه -2المصلحة وسيلة مهمة من وسائل تفسير النصوص الغامضة فإذا كان النص غامضا ً لسبب ما ال يجوز للقاضي أن يمتنع من تطبيقه بحجة الغموض بل يجب عليه ان يستعين بوسائل إلزالة هذا الغموض ومن أهم هذه الوسائل المصلحة المتوخاة من تشريع النص الغامض -3العمل بمناهج التشريع اإلسالمي يرجع في الحقيقة والواقع إلى العمل بالمصلحة -4النصوص متناهية والحوادث والوقائع التي تواجه المسلم و المجتمعات اإلسالمية غير متناهية والمتناهي ال يمكن أن يحيط بالالمتناهي إال عن طريق قواعده الكلية ورعاية المصالح التي شرعت هذه القواعد ألجلها -5لمصلحة وغيرها من مناهج التشريع اإلسالمي تعد وسائل إلرجاع الجزئيات إلى كليات النصوص فهي مصادر كاشفة لألحكام مما يضمن صالحية التشريع اإلسالمي لكل زمان و مكان و استجابته لمتطلبات اللحظة التاريخية التي يعيشها المسلم مقاصد المصالح المصالح الضرورية وهي التي تقوم عليها حياة الناس الدينية والدنيوية ،ويتوقف عليها وجودهم في الدنيا ونجاتهم في اآلخرة ،وإذا فقدت هذه المصالح الضرورية اختل نظام الحياة، وفسدت مصالح الناس ،وع ّمت فيهم الفوضى وتعرض وجودهم للخطر والدمار والضياع واالنهيار -1حفظ الدين :فالدين هو مجوع العقائد والعبادات واألحكام والقوانين التي شرعها هللا سبحانه لتنظيم عالقة الناس بربهم ،وعالقاتهم بعضهم ببعض قد شرع اإلسالم إليجاده وإقامته :إيجاب اإليمان وأحكام أصول العبادات ،التي قصد الشارع بتشريعها ،إقامة الدين و وتثبيته في القلوب بإتباع األحكام التي ال يصلح الناس إال بها ،وأوجب الدعوة إليه ،وتأمينهاوشرع لحفظه وكفالة بقائه وحمايته من العدوان عليه :أحكام الجهاد ،وعقوبة المرتد عن دينه ،والمبتدع في الدين ما ليس منه ،و المحرف أحكامه عن مواضعها ،والحجر على المفتي الماجن الذي يحل المحرم 2حفظ النفس:المحافظة على حق الحياة اإلنسانية العزيزة الكريمة الحرة شرع اإلسالم إليجادها الزواج للتوالد والتناسل ،وبقاء النوع على أكمل وجوه البقاء وشرع لحفظها وكفالة حياتها ،إيجاب ما يقيمها من ضروري الطعام والشراب واللباس والسكن ،وإيجاب القصاص والدية والكفارة على من يعتدي عليها ،وتحريم اإللقاء بها إلى التهلكة ،يجاب دفع الضرر عنها وحرم االنتحار وعلى ولي االمر فرض العقوبات التعزيرية على كل من يؤذي الغير ويفعل ما يضر بصحته واضافة الى ذلك خلق ما هو من مستلزمات الحياة واستمرارها كالماء والهواء واشعة الشمس واباح له الطيبات بقدر ما يحافظ االنسان على صحته -3حفظ العقل المحافظة من أن تناله آفة مادية أو معنوية تجعل صاحبه غير أهل للتكليف و عبئا على المجتمع و مصدر شر و أذى للناس مما شرعه :حث الناس على التفكر و طلب العلم حث الناس على التفكر و طلب العلم تحريم الخمر و كل مسكر حث الناس على التفكر و طلب العلم عقاب شاربها أو من يتناول مخدرا ممنوعا شرع -4حفظ النسل المحافظة على النوع اإلنساني و منع االعتداء على األعراض و الحياة الزوجية شرع لحفظه و كفالة بقائه :تحريم الزنا و القذف و جعل عقوبة الحد فيهما و غير ذلك من العقوبات التعزيرية التي وضعت لحماية النسل حماية النسب والعرض فمن حيث الوجود اباح المعاشرة الزوجية عن طريق الزواج الصحيح وخلق منه النسل الشرعي وامر االبوين ومن ينوب عنهما برعاية الطفل حتى يستغني عنهما .ومن حيث الحفاظ والحماية حرم االعتداء على العرض والنسب بالقول او الفعل فحرم القذف واللعان بالكالم وحدد للقاذف الالعن عقوبة وحرم االعتداء الفعلي بتحريم الخلوة والزنا وحدد العقوبة للزانية والزاني -5حفظ المال حرية التملك و احترامها و منع االعتداء عليها و تنظيم التعامل بين الناس في كسبه و تنميته و توزيعه على أساس من العدل و الرضا شرع اإلسالم لتحصيله وكسبه :إيجاب السعي للرزق *إباحة المعامالت والمالية والتجارية وشرع لحفظه وحمايته :تحريم السرقة ،وحد السارق ،و تحريم أخذه بغير وجه شرعي بأكل أموال الناس بالباطل ،و الحجر على من يستحقه لموجب شرعي حماية المال فمن حيث الوجود شرع لكسب المال اسبابا ً مشروعة منها الميراث والوصية والتبرعات والمعاوضات واباح الصيد والطيبات من االموال المباحة .ومن حيــث الحفاظ عليه حرم االعتداء على اموال الغير بالسرقة والنهب والسلب والغصب وغير ذلك من التجاوزات غير المشروعة وشرع عقوبات منها حدية ومنها تعزيرية على المعتدين وفرض التعويض العادل على كل من يتلف مال الغير بغض النظر عن اهليته وقصده فكل تصرف من شأنه ان يلحق الضرر بمال الغير يجب عليه التعويض ويستوي في المناط العمد والسهو والعلم والجهل والرشد والصبا الن هذه الشريعة بنت التعويض على اساس الضرر سواء وجد الخطأ ام لم يوجد خالفا ً للقانون الوضعي المصالح الحاجية وهي األمور التي يحتاجها الناس لتأمين شؤون الحياة بيسر وسهولة ،وتدفع عنهم المشقة وتخفف عنهم التكاليف ،وتساعدهم على تحمل أعباء الحياة ،وإذا فقدت هذه األمور ال يختل نظام حياتهم وال يتهدد وجودهم ،وال ينتابهم الخطر والدمار والفوضى ،ولكن يلحقهم الحرج والضيق والمشقة في العبادات شرع الرخص ترفيها ً وتخفيفا ً عن المكلفين إذا كان في العزيمة مشقة عليهم، فأباح الفطر في رمضان لمن كان مريضا ً أو على سفر ،وقصر الصالة الرباعية للمسافر ،والصالة قاعدا ً لمن عجز عن القيام ،وأباح التيمم لمن لم يجد الماء، والصالة في السفينة ولو كان االتجاه لغير القبلة ،وغير ذلك من الرخص التي شرعت لرفع الحرج عن الناس في عباداتهم .المشقة ويرى بعض الفقهاء وجوب األخذكلما كان لها مبرر ألنها مكرمة ونعمة من هللا فال يجوز لإلنسان أن يرد ما أعطاه هللا تلطفا ً به في المعامالت شرع كثيرا ً من أنواع العقود والتصرفات التي تقتضيها حاجات الناس،سواء كانت عقود أصلية أو مستثناة (أنواع البيوع -اإليجارات -الشركات - المضاربات – السلم -االستصناع المزارعة -المزارعة-المساقاة) - .شرع وقال -الطالق عند الحاجة -أحل الصيد وميتة البحر والطيبات من الرزق جمهور الفقهاء ( األصل في العقود والشروط اإلباحة رعاية لحاجة واستنادا ً إلى التوسعة المفهومة من اآليات القرآنية المختلفة برفع الحرج ودفع المشقة .والعسر) وفيما يتعلق بالحياة من المصالح الحاجية أمر الشارع بالتداوي عند المرض وأباح أكل مال الغير بدون إذنه واكل الميتة عند الجوع الذي يعرضه للهالك وعدم وجود الطعام المباح استثناء من القاعدة الشرعية العامة القاضية بتحريمهما وأجاز استعمال الدم وقت الحاجة وأباح كشف العورة عند الفحص وغير ذلك من الرخص التي هي الحاجيات الحافظات على الحياة .جعل الحاجات مثل الضروريات في إباحة المحظورات فيما يتعلق باألنساب واألعراض من الحاجيات شدد الشارع في إثبات جريمة الزنا وتهمة القذف منعا ً لتطاول األلسنة على أعراض الناس وأنسابهم فجعل نصاب شهادة إثبات هذه الجرائم األخالقية بمن ال يقل عددهم عن أربعة رجال بالغين عاقلين عادلين فإذا شهد اقل من هذا العدد يعاقب الشهود بالعقوبة المقررة للقذف وذلك لستر عيوب الناس وحفظ أعراضهم .فيما يتعلق بحفظ العقل من الحاجيات :حرم قليل المسكر أو المخدر كحرمة كثيره إلبعاده عن متناول األيدي في العادات شرع :قبول عرف الناس الصحيح و ما دعت إليه حاجاتهم من ذلك عقد االستصناع و تعارف الناس البيع بالتعاطي من غير صيغة لفظية و تعارفهم على أن الزوجة ال تزف إلى زوجها إال إذا قبضت جزءا من المهر و تقسيم المهر إلى مقدم و مؤخر و تعارفهم على عدم إطالق لفظ اللحم على السمك في العقوبات جعل الدية على العاقلة تخفيضا ً عن القاتل خطأ ،ودرأ الحدود بالشبهات ،وجعل لولي المقتول حق العفو عن القصاص من القاتل المصالح التحسينة أطلق عليها بعض العلماء المصالح النفسية وهي األمور التي تتطلبها المروءة واآلداب ،ويحتاج إليها الناس لتيسير شؤون الحياة على أحسن وجه وأكمل أسلوب ،وأقوم منهج ،وإذا فقدت هذه األمور فال تختل شؤون الحياة ،وال ينتاب الناس الحرج والمشقة ،ولكن يحسون بالخجل ،وتتقزز نفوسهم ،وتستنكر عقولهم ،وتأنف فطرتهم من فقدها في العبادات لعبادات شرع الطهارة للبدن ،والثوب ،والمكان ،وستر العورة ،واالحتراز عن النجاسات ،واالستنزاه من البول .وندب إلى أخذ الزينة عند كل مسجد ،وإلى التطوع بالصدقة والصالة والصيام ،وفي كل عبادة شرع آدابا ً لها ،ترجع إلى تعويد الناس أحسن العادات األمر بنظافة القلب من الحقد والحسد والبغض واألنانية والطغيان وأمر بإقامة السنن من صالة وصيام وصدقات وحج إضافة إلى الفرائض زيادة في تقوية الصلة بين العبد وربه وتنقية للسلوك من الشوائب المشينة في المعامالت حرم الغش والتدليس والتغرير واإلسراف والتقتير ،وحرم التعامل في كل نجس وضار ،ونهى عن بيع اإلنسان على بيع أخيه ،وعن التسعير دون ضرورة ،وغير من ذلك مما يجعل معامالت الناس على أحسن منهاج .و من التحسينات بالنسبة للنفس حمايتها من الدعاوي الباطلة والسب وغير ذلك مما يمس أصل الحياة وحاجياتها ولكن يمس كمالها .ومن التحسينات لحماية العقل :المنع من إعالن الشرب للمحرمات وبيعها في أوساط المسلمين في العقوبات حرم في الجهاد قتل الرهبان والصبيان والنساء ،وقتل األعزل ،وإحراق ميت أو حي حرم التمثيل بجثة من ينفذ عليه القصاص كما حرم التمثيل و االهانة بجثث القتلى في الحروب وحرم المس بكرامة األسير وأمر باحترامه وجعل الشبهة في جرائم الحدود وسيلة لسقوط عقوبتها وفتح باب العفو عن العقوبة او تخفيفها أمام صاحب الحق وحث على ذلك في آيات كثيرة وحرم قلع األشجار وحرق المزروعات وهدم البيوت وقتل الحيوانات أثناء الحروب في أبواب األخالق وأمهات الفضائل قرر اإلسالم ما يهذب الفرد والمجتمع ويسير بالناس في أقوم السبل .كالتكثير من إكرام الضيف و النهي عن خطبة اإلنسان عن خطبة أخيه و الندب إلى إفشاء السالم و البدء بالتحية