مقدمة ملخص يقصد بالثقافويّة التيّار الفكري الذي ظهر في الواليات المتّحدة األمريكيّة في ثالثينيات القرن العشرين وض ّم عددا ً من تالمذة فرانز بواس ( )1942-1858من أبرزهم إدوار سابير ( )1939-1884وروث بنديت ( )1948-1887ومرغريت ميد (،)1978-1901 (1891-1981)...فضالً عن باحثين آخرين أمثال رالف لنتون ( )1953-1893وأبرام كاردينر وترتكز المقاربة الثقافويّة على تقسيم العالم "إلى مساحات ثقافيّة أو ثقافات محلّيّة تؤلّف أنظمة مغلقة نسبيّاً ،وتمتاز بتماسكها الخاص" (.دورتيه ،2011 ،ص .)300ومن هنا مفهوم "السّمة القوميّة" الذي وضعته روث بنديكت وطبّقته على الثقافة اليابانيّة ويربط الثقافويّون بين الثقافة وعلم النفس في دراسة الشخصيّة ،إذ يعتبرون ّ أن الثقافة والتربية قادرتان على أن "تجعال من الشخصيّة تتكون بمقتضاها في الطفولة شخصيّة أساسيّة (أو ّة نمطا ً متميّزاً" (دورتيه ،2011 ،ص .)300وقد اقترح لنتونوكاردينر "نظري ّ تعرف كمجمل سمات نمطيّة تؤلّف الطابع اإلثني أو الوطني" (أورتيغز ،2006 ،ص ،)431معتمِ َديْن في ذلك على مفهومي شكليّة) ّ "".الشخصيّة القاعديّة" و"شخصيّة المجموعة" مميّزَ يْن بين مفاهيم "النموذج" و"الوضعيّة" و"الدور و"في اصطالح أوسع ،تستعمل كلمة "ثقافويّة" لتبيان مقابلة بين تيارين فكريّين في تاريخ األنتروبولوجيا :األنثروبولوجيا األمريكيّة التي تندرج في تراث علوم الثقافة السائدة في ألمانيا القرن التاسع عشر ،واألنثروبولوجيا االجتماعيّة اإلنجليزيّة التي تقترب أكثر من علم االجتماع بأصولها ،وتعتبر ّ أن تحليل البنى االجتماعيّة هو الشرط المسبق للتركيز على دراسة المشاكل الثقافيّة في مختلف .أبعادها :األلسنيّة ،والتقنيّة ،والسيكولوجيّة ،والتاريخيّة" (أورتيغز ،2006 ،ص )431 تعريف الثقافوية نظرية المثاقفة والثقافوية نشأت نظرية المثاقفة عن بعض التساؤالت التي طرحتها الثقافوية األميركية.أحيانا ً يتركز التحليل كثيرا ً على بعض "السمات "الثقافية المعزولة ويبدو أنه ينسى ،مع ذلك ،ما وضعه أنثروبولوجيو مدرسة"الثقافة والشخصية" أي أن الثقافة هي كل متكامل ،أي منظومة.ألن الثقافة هي وحدة منظمة ومهيكلة ترتبط العناصر فيها ببعضها بعض ،وأنه من المهم ،كما تتمنى بعض االتجاهات اإلنسانية ،الزعم باختيار المظاهر التي يفترض أن تكون "إيجابية" في ثقافة معينة لتركيبها مع مظاهر "إيجابية" لثقافة أخرى بهدف التوصل إلى منظومة ثقافية "أفضل" .وبمعزل عن أحكام القيمة التي تطرح سلسلة من القضايا و التي ينطوي عليها هذا االقتراح، .فإنه يبدو ،بكل بساطة ،غير قابل للتحقق survivanceمن جانب آخر ،هناك تركيز كبير من قبل بعض المؤلفين بمن فيهم هيرسكوفيتش ،على ما يسمونه ب"البقاء" الثقافي أي عناصر الثقافة القديمة التي حافظت على نفسها كما هي في الثقافة الملفقة ،يمكن أن تؤدي إلى نوع من طبعنة culturelle الثقافة وذلك بعد جهد جهيد للبرهنة بأي ثمن على استمرارية الثقافة على الرغم من التغيرات الظاهرية.والواقع أن naturalisation الثقافة تبدو ،عندئذ ،مفهومة على أنها "طبيعة ثانية" بالنسبة للفرد –غالبا ً ما استخدم هذا المصطلح –يمكنه التخلص من طبيعته البيولوجية.وانصب اهتمام الدراسات الالحقة المتعلقة بالمثاقفة على توزيع هذا التماثل بشكل نسبي بين الثقافة والطبيعة وإبراز أهمية .ظواهر االنقطاع في عملية المثاقفة وفضالً عن هذا ،فإن بعض الدراسات األنثروبولوجية المتعلقة بهاتين العمليتين تقع على النقيض مما يسميه باستيد ب" االتجاه النفساني".وقد أصاب األنثروبولوجيون في تشديدهم على كون أن األفراد هم الذين يحت ّكون ويتصلون ببعضهم بعض وليس الثقافات.والواقع أنّه ال ينبغي علينا تشييء الثقافة ألنها ليست أكثر من مجردات.لكن هؤالء األفراد ،ينتمون إلى مجموعات اجتماعية مستقلة استقالالً شديداً.وبالتالي ال يمكننا فهم مقتضيا تهم في عملية المثاقفة بالرجوع إلى علم النفس الفردي فقط ،.إذ ال بد أيضا ً من أخذ الضغوط االجتماعية التي يرزحون تحت وطأتها بعين االعتبار .وإذا أردنا االكتفاء ،مهما كلف ذلك ،بتحليل عبارات الشخصية، .فعلينا أال ننسى السياق االجتماعي والتاريخي الذي يؤثر على الشخصيات المفردة[باستيد ،1960 ،ص ]318 إن تحليالت لينتون وكاردينر حول الشخصية األساسية تسمح بتجاوز التوجع النفسي األكثر اختزاالً والذي كان يكتفي بدراسة األسس النفسية للوقائع الثقافية.وجاهد إيرفينغ هالويل ،بعد أن وضع نفسه ضمن رؤية المؤلفين السابقين ،من أجل توضيح أن تغيرات الشخصية خالل الجيلين األول والثاني لألفراد الموجودين في حالة تثاقف( ،هذه التغيرات)تبقى سطحية؛وال يصيب التغيّر الشخصية [1952].األساسية إال في الجيل الثالث :روجيه باستيد واألطر االجتماعية للمثاقفة في فرنسا ،ال يمكن لمهتم بظواهر المثاقفة إال الرجوع بشكل أو بآخر إلى روجيه باستيد( )1974-1898الباحث في الثقافة األفرو_أميركية وأألستاذ في جامعة السوربون.وهو الذي كان ،إلى حد كبير ،وراء التعريف باألنثروبولوجيا األميركية المتعلقة بالمثاقفة ،كما كان وراء تحقيق االعتراف بميدان هذا البحث كمجال أساسي من ذلك الفرع المعرفي.وفي الوقت الذي يشير فيه باستيد .إلى فضائل الرواد األميركيين إال أنه يجهد في عدد كبير من أعماله ،من أجل تجديد دراسة المثاقفة ربط االجتماعي بالثقافي بما أن باستيد درس علم االجتماع واألنثروبولوجيا فقد انطلق من فكرة أنه ال يمكن دراسة الثقافي بمعزل عن (الوضع) االجتماعي.وهو يرى أن النقص الكبير في الثقافوية األميركية حول الدراسات المتعلقة بالمثاقفة يكمن في غياب الربط بين الثقافي واالجتماعي[ ،1960ص.]317في الثقافوية ،يكمن خطر اختزال الوقائع االجتماعية إلى وقائع ثقافية(وبالعكس ،يمكن القول أن في ما يمكن تسميته ب"التوجه االجتماعي"يكمن خطر اختزال الوقائع الثقافية إلى وقائع اجتماعية).وبالتالي علينا دراسة العالقات الثقافية في داخل مختلف أطر العالقات االجتماعية التي يمكن أن تعطي األولوية لعالقات االندماج والمنافسة والصراع الخ. ،وعلينا أن نعيد .في إطار التنظيم أو عدم التنظيم االجتماعي assimilationوضع حقائق التلفيق والمزج الثقافي أي التمثّل ويأسف باستيد ألن الثقافوية تشكو من الخلط بين مختلف مستويات الواقع وبين الجهل بالجدل المتناوب الذي يبدأ بالبنى الفوقية وينتهي بالبنى التحتية .على الرغم من أن هذا الجدل هو الذي يسمح بتفسير ظاهرة التفاعل المتسلسل المعروفة جيدا ً في عملية المثاقفة.إن أي .تغير ثقافي ينتج آثارا ً ثانوية غير متوقعة وال يمكن تجنبها حتى لو لم تكن متزامنة ونسوق هنا مثاالً واحداً.إن دخول المال مع االستعمار إلى المجتمعات التقليدية األفريقية لم يؤد إلى تغيير المنظومات االقتصادية القائمة على التبادلية(عطاء/عطاء مقابل) فحسب ،وإعادة التوزيع .وتسبب هذا االستعمار ببلبلة أصابت جوانب أخرى ال سيما في منظومة المبادالت الزواجية .فللحصول على زوجة تقول القاعدة المعتادة أنه ينبغي تسليم عائلة الخطيبة تعويضا ً زواجيا ً (بعض رؤوس الماشية مثالً في بعض المجتمعات) وذلك وفقا ً للمنطق القاضي بتقديم عطاء مقابل العطاء .ألن المال حينما يسيطر على العطاء المقابل العيني فهو يغير بنية التبادل بشكل عميق :جمع المبلغ الالزم لدفع" ثمن الخطيبة" لم يعد يتطلب تعاون جماعة األقارب كلها (خالفا ً لما يحدث عند تشكيل القطيع)وبالتالي أصبح الزواج قضية فردية واتخذ ،بالتدريج ،شكل مساومة اقتصادية فقط وليس مساومة كانت اجتماعية باألساس(تقليدياً ،كانت أولى غايات التبادل الزواجي هي التحالف بين مجموعتين من األقرباء).في بعض الحاالت فإن الزوجات اللواتي يقمن بجمع المال بأنفسهن من خالل ممارستهن التجارة أو العمل اليدوي ،يمكنهن ترك أزواجهن بيسر أكبر ألنهن أصبحن قادرات على رد التعويض الزواجي.وبالتالي ازدادت حاالت االنفصال (بينما كانت إحدى وظائف التعويض الزواجي التقليدي هي تأمين استقرار الزواج).وحينما وجد المبشرون أنفسهم إزاء ما كانوا يعتبرونه إساءة مزدوجة لمبادئ األخالق ("شراء الزوجة" و"عدم االستقرار الزوجي") حاولوا إلغاء عرف التعويض الزواجي.لكن النتيجة خالفت توقعاتهم :فمن جهة ،كان األزواج يعتبرون أنفسهم شبه متزوجين ،ومن جهة ثانية ،فقد سهل على الزوجات المتحررات من واجب إعادة التعويض ،الحصول .على الطالق وتغيير الشريك باستمرار إن وقائع المثاقفة تشكل "ظاهرة اجتماعية شاملة" على حد قول مارسيل ماوس ،ويتبناه روجيه باستيد أيضاً.فهذه الوقائع تالمس مستويات الواقع االجتماعي والثقافي كله.لذا ،فال يمكن تحديد التغير الثقافي بشكل مسبق وال بشكل أفقي في داخل المستوى الواحد، وال بشكل عمودي بين محتلف المستويات.وهذا ما يفسر بعض أوهام المبشرين في الماضي ،الذين لم يكونوا يتمنون سوى مثاقفة جزئية للسكان األصليين أو عمالء التطوير االقتصادي اليوم ،فمثالً ،تشجيع نقل التقنيات المسماة ب"الناعمة أو الخفيفة" بهدف احترام" ثقافة بلد متخلف يمكن أن تكون له ،عند حد معين ،آثار هدامة كاآلثار التي يتركها نقل التقنيات "الثقيلة" المفترض أنها أشد .فتكا ً ،ألن السلسلة الفاعلة التقليدية كلها قابلة للتغلب في األحوال كلها ويتبعها تغير العالقات االجتماعية المرتبطة بها تعريف اخر من المعتقَد أن أول باحث حاول التأسيس منظوميًّا لنظرية عامة للثقافة هو عالِم األنثروبولوجيا الثقافية األمريكي المشهور ِلسْلي وايت ،مس ِ ّميًا نظريت َه هذه ْ ت منظومية وعلمية أرصن وأدق بالمقارنة مع )Lesley White (1900–1975 "علم الثقافة" ،لتأخذ دالال ٍ معاني هذه الكلمة التي استُعمِ لَتْ اصطالحيًّا منذ بدايات القرن التاسع عشر .وازدادت شعبية وايت في الواليات المتحدة األمريكية التطورية في األنثروبولوجيا األمريكية؛ إذ إنه كان ال ُمدافع بشدة في خمسينات وستينات القرن العشرين مع ا ْنبعاث وجهة النظر ُّ الوحيد عن النظرية التطورية في علم الثقافة األمريكي ،وفي األنثروبولوجيا ذاتِها ،التي غلبت عليها ِسماتُ المثالية والنِّسْبوية قاربة "الحتمية–التكنولوجية" ذات اآلفاق relativism األمريكية ومواصفاتها ،في حين استخدم وايت حينئ ٍذ لدراسة الثقافة ال ُم َ .األرحب ،ساعيًا إلى تأسيس طابع موضوعي للمعارف حول الثقافة وقد حملت كتُب ل .وايت عناوين مثل :علم الثقافة[ ،]1نيويورك1949 ،؛ ومقاالت في علم الثقافة ،نيويورك1960 ،؛ و"علم الثقافة" في موسوعة العلوم االجتماعية .1968 ،كما استخدم وايت في عناوين كتبِه أيضًا تعبير Culturologyبصيغة إنكليزية أخرى وبارسو ْنز في سياق الحديث عن "مفهوم الثقافة سبَقَ أن استخدمه كروبر ْ مفهوم المنظومات الثقافية[ ،]2نيويورك .1975 ،وهو تعبير َ (دو ِرية علم االجتماع األمريكية )1958 ،بالصيغة القريبة التالية : The Concept of Culture.والمنظومة االجتماعية" ْ ِيرز في كتابهما بهذا العنوان[ ،]3نيوجرسي1972 ،؛ وثمة آخرون تحدثوا عن "نظرية الثقافة" على طريقتهم ،مثل د .كابْالن ور .مانّ ْ ش في كتاب حول تحليل نظرية الثقافة :نظرية الثقافة ودينامياتها1977 ،؛ هذا إضافة إلى كتاب سابق ألَّفه أ. فير ْ وكذلك لدى إيْ . مير ْ كروبر وسْ .كلوتْشون منذ العام 1952ونُشِر في كمبردج بعنوان الثقافة :مراجعة انتقادية لمفاهيمها[ ]4وتعريفاتها .وقبل ذلك بما .قد أصدر كتابًا حول النظرية العلمية للثقافة[ ]5في العام B.A. Malinowski 1944يقرب من العقد زمنيًّا كان ب.أ .مالينوفسكي هاريس في كتابه M. Harrisمن جهة أخرى ،ثمة آخرون تحدثوا عن "علم الثقافة" وضروراتِه و"النضال" من أجله ،كما فعل مّ ِ . ].[6المادية الثقافية :النضال من أجل ْ علم الثقافة ،نيويورك1979 ، كثير من الكتب واألعمال المختصة بـ"نظرية الثقافة" ،والسيما أعمال وفي األدبيات والمرجعيات "السوفييتية" والروسية أيضًا ٌ كاريان ،مثل مالمح نظرية الثقافة ،يِريفان1969 ،؛ وكذلك نظرية الثقافة والعلم المعاصر :تحليل منطقي–منهجي، مار ْ أي.سْ . والمقاربة الثقافوية (أو موسكو ،دار "الفكر" .1983 ،هذا إضافة إلى أعمال "سوفييتية"–روسية مختلفة حول مفهوم التراث الثقافي، َ ريككرت منذ بدايات القرن العشرين؛ علم الثقافية) لدراسة المجتمع ،وتصنيف الثقافة ،ومب ّك ًِرا علم الثقافة (أو المدخل إلى الثقافة) [غ. ْ .وله أيضًا :علوم الثقافة]؛ وثمة المشكالت الفلسفية للثقافة ،والعلم كأحد مظاهر الثقافة ،إلخ في الفترة المعاصرة ومكونات الثقافة ك ِ ّم ًّيا إن مفاهيم الثقافة وتعريفاتها عديدة جدًّا ،والسيما حين نغرق في التعريفات المولَعة بالتعداد وذ ْكر عناصر ِّ وحسابيًّا .لذا فإننا سنهتم هنا أكثر بالتعريفات والمفاهيم المنهجية والمنظومية ،التي تميل إلى التقاط الكيف والنوع في التصنيف، والمكونات التي ال يجوز إبقاؤُها وترسم صورة الوحدة والتركيب والتفاعل والتكامل للثقافة ككل ،على الرغم من تعدُّد العناصر ِّ .مف َّككةً مقسَّمة إلى مجموعة من " systemكان وايت من أوائل الذين تناولوا الثقافة منظوميًّا بالتعريف ،بمعنى أنها تش ّكِل "منظومة (أو منظومات دنيا) ،قسَّمها كما يلي منذ أواسط القرن العشرين (في كتاب علم الثقافة ،نيويورك"" subsystems ،منظومات تحتية )1949: المنظومة التحتية التكنولوجية؛ 1. المنظومة التحتية االجتماعية؛ 2. المنظومة التحتية اإليديولوجية؛ و 3. المنظومة التحتية السلوكية (وهذه األخيرة أُضيفت إلى منظومة "الثقافة" الحقًا في أحد أعمال وايت حول تطور الثقافة، .نيويورك)1959 ، 4. فماذا عنى وايت بـ"المنظومات التحتية" الثقافية المذكورة آنفًا؟ سِمة ماديًّا ومن تقنية استخدامها ،التي بفضلها يجري 1. تتكون المنظومة التحتية التكنولوجية من األدوات أو التجهيزات المتج ّ َّ سبُل المعيشة ،ومواد بناء تفاعُل األفراد والجماعات البشرية مع الوسط الطبيعي (وقد أدخل وايت في هذا الباب :أدوات اإلنتاج ،و ُ .المساكن ،ووسائل الهجوم والدفاع) تتضمن المنظومة التحتية االجتماعية العالقات بين الناس ،وما يقابلها من أنماط السلوك (وهذا يشمل منظومات القَرابة، .والمنظومات االقتصادية والسياسية واألخالقية والحربية والمهنية) 2. المكونة من األفكار والمعتقدات والمعارف ،التي يجري التعبير عنها بمساعدة الحديث (الكالم) المنظومة التحتية اإليديولوجية َّ .واألشكال الرمزية األخرى؛ وهي تض ُّم أيضًا الخرافة والدين واألدب والفلسفة والعلم والحكمة الشعبية 3. يعول وايت األهمية ذاتها على المنظومات التحتية المذكورة ،بل يعتبر التكنولوجيا حاسمةً ورئيسةً في تطور الثقافة وقيامها وال ّ ِ .بوظائفها في أعمال ماركس المب ّكِرة نسبيًّا (المخطوطات االقتصادية )1859-1857 ،تعريف للثقافة بأنها :كل ما ابتدعه (خلَّقه) اإلنسان :إنها عالم اإلنسان ،أو "الطبيعة الثانية" .كما قام بعضهم بمحاذاة مفهوم الثقافة مع مقولة النشاط (أو الممارسة) .وقد ميَّز م.س .كاغان في خصوص هذه المقولة بين :موضوع ،وذات ،ونتائج ،وأساليب النشاط (أو الممارسة) (كاغان ،النشاط البشري ،موسكو .)1974 ،وقد َّ ووظفتْه لتعريف الثقافة بحسب هذه المنهجية "النشاطية" ،من حيث موضوعاتها وذاتها استفادت من ذلك منهجيًّا يي.م .كورجيفا (ذواتها) الفاعلة ونتائجها ،إلخ .وقد أتى هذا التعريف في مقالة لها بعنوان "مهمات دراسة مشكالت الثقافة ومعاييرها" ،ص ،)69-62 نُش َِر ضمن مجموعة مقاالت من إصدار "معهد الدراسات المنظومية العلمي–البحثي االتحادي–العام" في موسكو ،تحمل الرقم 6للعام ،1979بعنوان الجوانب السوسيولوجية للنمذجة العولمية (الكوكبية) .وهكذا جاء تعريف كورجيفا للثقافة كما يلي :الثقافة هي مجموعة النتائج ،بل واألهم من ذلك ،مجموعة ُ أساليب الممارسة ،التي يمكن أن تكون ذواتُها الفاعلة ،قبل ك ِّل شيء ،المجتمع ،ثم .المجموعات االجتماعية ،ثم األفراد صل؟ والسؤال الثاني هام ،لما فيه من فكرة تُعبِّر عن انتظامية وبهذا تجيب الثقافة عن سؤالين" :ما هي" نتيجة الممارسة؟ و"كيف" تُح َّ (.تنظيمية) الممارسة وبِنائيَّتِها ،بحيث تتحول في المحصلة إلى ممارسة منظومية ويمكن أن تتميَّز الثقافات – وهي تتميز فعالً – بمحتواها التكويني .غير أنها تتميز أيضًا ،بدرج ٍة أكبر ،بأساليب تنظيم عناصرها، ".وبوسائل تحتيم (أي قَ ْن َونَة) السلوك البشري وضبطه .ومن المعروف تقسيم الثقافة تقليديًّا إلى "مادية" و"روحية د .نبيل علي ،في كتاب بعنوان الثقافة العربية وعصر المعلومات ،سلسلة "عالم المعرفة" ،265يناير ،2001الكويت ،يُدلي بدالئِه في التعريج على الطرح العام لتعريفات الثقافةْ ، فيلحظ تعدُّد أوصاف الثقافة في تعريفات زادت على 150تعريفًا ،تؤ ّكِد في مجملها أن الثقافة تجمع بين كونها منت ًجا وإنتا ًجا .ولم يتم َّكن الكاتب من استعراض هذا الك ِ ّم الكبير من التعريفات (وقد تكون تلك عملية غير :مجدية تما ًما أيضًا) ،لذا اكتفى بتصنيفٍ مو َجز لها .وهكذا بدت المقوالت الثقافية كما يلي باختصار ،نذكر هنا األه َّم فيها .الثقافة كـمقولة اجتماعية :قوامها القيم والمعتقدات والمعارف والفنون والعادات والممارسات االجتماعية واألنماط المعيشية إلخ 1. تعرف الثقافة في إطارها بصفتها المنظار الذي يرى الفرد من خالله ذاته ومجتمعه ،وبصفتها ،أيضًا، الثقافة كـإيديولوجياَّ : .معيار الحكم على األمور أيضًا 2. .الثقافة بوصفها انتماء :تُع ِبّر عن التراث والهوية والشعور القومي وطابع الحياة اليومية للجماعة الثقافية إلخ 3. صالً :من خالل نَ ْقل أنماط العالقات والمعاني والخبرات بين األجيال 4. .الثقافة بوصفها توا ُ .الثقافة بصفتِها دافعًا :على االبتكار واإلبداع والنضال ض َّد القهر والتص ّدِي لصنوف الظلم إلخ 5. .الثقافة بوصفها حصادًا متجددًا :يتم استهالكه وإعادة إنتاجه والتفاعل معه وإدماجه في مسار الحياة اليومية 6. وكما نالحظ من هذا التصنيف للتصنيفات أو تنظيم و َجد َْولَة التعريفات ذاتها نسقيًّا ،فإن مفهوم الثقافة واسع شاسع كفايةً؛ لكن جهو ًدا .تركيبية كهذه تُهيِّئ وتساعد على التعامل مع الثقافة كمنظومة وعلى فهمها وممارستها منظوميًّا قائمة الملراجع أورتيغز ،إ .)2006( .ثقافويّة .ضمن معجم األثنولوجيا واألنثروبولوجيا( .مصباح الصمد ،مترجم)( .ط .)1.بيروت -لبنان- : ".المؤسّسة الجامعيّة للدراسات والنشر والتوزيع "مجد بودون ،ر.وبوريكو ،ف .)2007( .المعجم النقدي لعلم االجتماع( .ط .)2.بيروت -لبنان :مجد المؤسسة الجامعيّة للدراسات والنشر - والتوزيع .ص ص 235-228 دورتيه ،ج.ف .)2011( .معجم العلوم اإلنسانيّة( .جورج كتورة ،مترجم)( .ط .)2.أبو ظبي -اإلمارات العربيّة المتّحدة ،بيروت- - .لبنان :كلمة ومجد المؤسسة الجامعيّة للدراسات والنشر والتوزيع