Telechargé par creepymr

8 2020 04 02!03 04 34 AM

publicité
‫محاضرات في أنثروبولوجيا القرابة‬
‫‪Kinship Anthropology‬‬
‫م‪ .‬سناء صالح‬
‫الجامعة المستنصرية ‪ /‬كلية اآلداب ‪ /‬قسم االنثروبولوجيا التطبيقية‬
‫المرحلة الثالثة‬
‫الدراسة الصباحية والمسائية‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تتناول المحاضرات التي بين أيدينا موضوعات في أنثروبولوجيا القرابة ‪، Kinship Anthropology‬‬
‫التي حرصت عند وضعها مع معرفتي سعة هذا العلم وتعدد جوانبه‪ ،‬وتشعب ما يتناوله من موضوعات‪،‬‬
‫أن أعطي الطلبة فكرة عامة عن انثروبولوجيا القرابة والموضوعات الرئيسية بضمن المنهاج الدراسي‬
‫المقرر للعام الدراسي بفصليه الدراسيين‪.‬‬
‫قد اعتمدت في عرض المادة على خطة جمعت فيها ما بين التفصيل واإلياا مع الوضوح مع دعم‬
‫المواضيع بالمخططات والرسوم التوضيحية وعروض تقديميه‪ ،‬فعرضت الموضوعات الرئيسية المهمة‬
‫مع بعض الموضوعات الفرعية الداعمة للمنهج المقرر لهذه المادة على أهميتها بهدف تعريف الطالب‬
‫‪1‬‬
‫على مفهوم انثروبولوجيا القرابة ومفرداتها والمااالت التي تدرسها كالقرابة الوصفية والتصنيفية‬
‫والنسب والمصاهرة‪...‬إلخ‪ ،‬فضالً عن التعرف على اصطالحات القرابة وانماط السلوك ونظـريـات‬
‫القرابـة مع رؤى بعض العلماء في نظم القرابة وتفصيالتها ودالالت المخططات القرابية والرسوم‬
‫التوضيحية‪.‬‬
‫إذ يدرس الطالب في هذه المرحلة مفاهيم واصطالحات االنثروبولوجيا القرابية مع التعريف بمكونات‬
‫الماتمعين المتحضر وتفصيالته والتقليدي وتفصيالتها كالقبيلة – العشيرة – الفخذ – البدنة‪ -‬البطن‪-‬‬
‫الحمولة‪ -‬واالسرة‪ ،‬مع نقاط التمييز بين الماتمعين‪ ،‬إضافة الى توضيح دور العصبية القبلية ودور إبن‬
‫خلدون ومقدمته الشهيرة في العمران البشري وماجاء فيها من دور التعصب القرابي وانعكاساته الحالية‬
‫المتنوعة في ماتمعنا كالحزبية والقومية واالثنية ‪..‬إلخ‪ ،‬على مختلف االصعدة السيما اجتماعيا ً والسلطة‬
‫السياسية‪ ،‬مع توضيح مفهوم النسب والحسب وعالقتهما ببعضهما مع التراتب الماتمعي والطبقي مع‬
‫امثلة ودراسات ماتمعية‪ ،‬وتوضيح أنواع االنساب وإنعكاس تطبيقاتها في ك ٍل من الماتمع العراقي‬
‫والعربي‪ ،‬ولم يفتنا االلتفات الى توضيح النظرة االجتماعية نحو االبناء بدون نسب (اللقطاء) والمتبنى‬
‫من غير نسب‪ ،‬في القرابة ومعطياتها‪ ،‬بعد توضيح المااالت العلمية والمعرفية ونظريات القرابة ودور‬
‫القرابة في البناء االجتماعي وسلطة الحكم في الماتمعات البشرية المتنوعة مع االمثلة‪ ،‬باإلضافة الى‬
‫نظم القرابة وفئآتها وانماطها وخطوط األنساب المتنوعة كالنسب االحادي والفردي (النسب األبوي‬
‫واألمي) والنسب المتعدد والمشترك والنسب المزدوج والثنائي ومخططاتهم مع األمثله وعلماؤها‬
‫والباحثين بضمن مفردات المنهج‪.‬‬
‫علي أن أضع نصب عيني فائدة الطالب ومصلحة القارئ معا‬
‫بعد إكمال تلك المحاضرات أصبح لزاما‬
‫ً‬
‫وتحقيق الغرض األول يقتضي إعطاء الطالب مادة مفيدة بهذا الاانب‪ ،‬تأخذ بيده في طريق ممهدة مع‬
‫الفروع والنقاط التفصيلية الداعمة لها‪.‬‬
‫أما تحقيق الغرض الثاني فيقتضي أن تهيأ للقارئ كل فرصة متيسرة لالستزادة واإلطالع الواسع‪ ،‬من‬
‫عدة مصادر عربية ومترجمة‪.‬‬
‫اذ يتوقع من الطلبة في نهاية المنهج أن ان يكونوا قد استوضحوا وألموا باالتي ‪:‬‬
‫‪ ‬مفهوم انثروبولوجيا القرابة وأهميتها في حياة الماتمعات‪.‬‬
‫‪ ‬التعريف بإالصطالحات القرابية وانماط السلوك المتنوعة وانواع القرابة (الدموية والمصاهرة‬
‫سر والزياات (الشرعية وغير الشرعية)‬
‫والتبني)‪ ،‬مع مخططات داللية ورسوم تبين انواع االُ َّ‬
‫ومكونات البناء االجتماعي للماتمع ونوع الترابط القرابي ‪.‬‬
‫‪ ‬مفردات القرابة والمااالت التي تدرسها كالقرابة الوصفية والتصنيفية والنسب ووحدات البناء‬
‫االجتماعي للماتمع كالقبيلة والعشيرة ‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫اذ ان القرابة ‪ : Kinship‬هي عالقة اجتماعية تعتمد على الروابط الدموية الحقيقية‪ ،‬وال تعني‬
‫القرابة في االنثروبولوجيا وعلم االجتماع عالقات العائلة والزواج فقط‪ ،‬وإنما تعني أيضا ً عالقات‬
‫المصاهرة‪ ،‬فالقرابة هي عالقة دموية والمصاهرة عالقة واجية‪ ،‬فعالقة األب بابنه عالقة‬
‫قرابية‪ ،‬وعالقة الزوج بزوجته هي عالقة مصاهرة‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫أما من الناحيه االجتماعيه فتعتبر ماموعه من العالقات المعقدة المتشابكه الى أبعد حدود التعقد‬
‫والتشابك ‪ ,‬كما ان كل مصطلح قرابي يعبر عن عده أنساق للعالقات القرابيه التي تشارك في‬
‫الضيق او االتساع حسب االشخاص الذين يدخلون في كل نسق منها ‪.‬‬
‫اذ اثبتت من خالل الدراسات الميدانية انه ألجل فهم الترابط االجتماعي البد من التعرف على االنواع‬
‫القرابية التي تربط الناس ببعضهم ومدى قوتها وتماسكها او ضعفها وعدم اهميتها في ماتمعٍ دون‬
‫غيره‪.‬‬
‫رغم عدم وجود كتب منهاية تختص بهذه المادة اال أننا إعتمدنا سلسلة من المحاضرات في‬
‫االنثروبولوجيا القرابية باالعتماد على عدة مصادر بحسب االتي‪:‬‬
‫‪.1‬النسق القرابي ‪/‬اطروحة دكتوراه‪ /‬ماجد علي العنبكي ‪ /‬دراسة انثروبولوجية بقضاء الخالص‪-‬‬
‫ديالى‪/‬جامعة بغداد‪2013/‬‬
‫‪.2‬المدخل لالنثروبولوجيا االجتماعية‪/‬أ‪.‬د‪.‬عبدعلي سلمان المالكي‪ /‬ط ‪. 2007‬‬
‫‪.3‬العشيرة في الماتمع الخلياي العربي‪ /‬أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬فو ية العطية‪ /‬بحث مقدم في مؤتمر دول الخليج‪.‬‬
‫‪.4‬البنائية عند ليفي شتراوس(نظرية القرابة)‪ /‬د‪.‬فادية فؤاد ومحمد الاواهري‪ /‬دار المعرفة الاامعية‪/‬‬
‫طبعة ‪.2006‬‬
‫‪.5‬النظام األبوي وإشكالية الانس عند العرب‪ /‬إبراهيم الحيدري‪ /‬مطبعة دار الساقي‪ /‬ط‪.2003 /1‬‬
‫‪.6‬المدخل الى االنثروبولوجيا االجتماعية‪ /‬لويس مير‪ /‬ترجمة‪:‬د‪.‬مصطفى سليم‪. 1983 /‬‬
‫‪.7‬قاموس االنثروبولوجيا ‪ /‬د‪.‬شاكر مصطفى سليم‪:‬جامعة الكويت‪ /‬ط‪.1981 /1‬‬
‫‪.8‬البناء االجتماعي‪ /‬مدخل لدراسة الماتمع‪ /‬الازء ‪ /2‬االنساق‪ /‬د‪.‬أحمد أبو يد‪ /‬ط ‪.1967‬‬
‫‪3‬‬
‫المحاضرة األولى‬
‫تضمن الفصل مدخالً عاما ً لموضوع الدراسة وبين مالمحها الرئيسة من حيث االطار العام‪،‬‬
‫والمفاهيم االساسية المستعملة في الدراسة‪ ،‬وتعد هذه المحاولة األساسية للدخول في تحديد اهم‬
‫الرؤى النظرية ذات الصلة المباشرة بموضوع الدراسة‪.‬‬
‫واخيراً‪ ،‬فالبناء القرابي – الذي هو موضوع الدراسة‪ -‬في اي ماتمع يتكون من عدد من العالقات‬
‫الثنائية كالعالقة بين األب واالبن‪ ،‬أو بين الخال وابن االخت‪ ،‬أو بين أفراد العائلة الواحدة‪ ،‬أو بين‬
‫ابناء الفندة أو بين ابناء الفخذ أو بين ابناء العشيرة وهكذا‪ ،‬كما أن البناء االجتماعي نفسه يقوم‬
‫بالمثل على شبكة من مثل هذه العالقات الثنائية التي تنشأ عن طريق روابط النسب والمصاهرة‪،‬‬
‫كذلك يتضمن مفهوم البناء االجتماعي التمايز القائم بين األفراد والطبقات بحسب ادوارهم‬
‫االجتماعية‪.‬‬
‫فاختالف المركز االجتماعي بين الرجل والمرأة‪ ،‬أو بين الرئيس والعامة‪ ،‬أو بين صاحب العمل‬
‫والعمال أمر ال يقل أهمية في تحديد العالقات االجتماعية عن اختالف العشيرة أو الدولة التي‬
‫ينتمي إليها‪ ،‬بمعنى اخر فإن البناء االجتماعي يشمل الماموعات االجتماعية التي تتمتع بدرجة‬
‫عالية من القدرة على البقاء لفترات طويلة من الزمن‪ ،‬مثل األمم‪ ،‬والقبائل‪ ،‬والعشائر التي تستطيع‬
‫أن تحتفظ بذاتها وكيانها كاماعات متمايزة على الرغم مما قد طرأ على اعضائها من تغيرات‪،‬‬
‫ودراسة العالقات القائمة بين هذه الماموعات االجتماعية‪ ،‬هذه العالقات المتاددة والمتغيرة نتياة‬
‫لما يطرأ عليها من تغيرات نتياة الوالدة‪ ،‬والموت‪ ،‬والهارة‪ ،‬والزواج‪ ،‬واالصدقاء الذين‬
‫يتعادون‪ ،‬واالعداء الذين يتصافحون‪ ،‬ويصبحون اصدقاء‪ ،‬وهذا معناه أن (البناء الواقعي) يتغير‬
‫على عكس (الصورة البنائية) التي تحتفظ بخصائصها ومالمحها االساسية بدون تغيرات لفترات‬
‫اطول من الزمن‪ ،‬التي تتمتع بدرجة عالية نسبيا ً من الثبات‪ ،‬مثال على ذلك أن الماتمع الريفي‬
‫العراقي قبل خمسين عاما ً ليس كما هو اليوم في واقعه من حيث االشخاص‪ ،‬فكثير من الناس قد‬
‫ماتوا ‪ ،‬وكثيرا ً قد ولدوا‪ ،‬وكثيرا قد انتقلوا غلى مكان اخر‪ ،‬وتغيرت المراكز االجتماعية التي‬
‫يحتلونها‪ ،‬ولكن انواع أو انماط العالقات ما الت تحتفظ ببعض الصفات أي إن الصورة البنائية‬
‫للماتمع العراقي وأن كانت قد تغيرت تدريايا ً إال إنها ما الت تحمل بعض المالمح االصلية‪.‬‬
‫والواقع ان االستمرار في الوجود ياعلنا أمام بعض المصاعب لفهم البناء االجتماعي وانساقه‪،‬‬
‫فاألمة‪ ،‬والقبيلة‪ ،‬والعشيرة‪ ،‬يمكن أن تستمر في البناء بوصفها ترتيبا ً لالشخاص على الرغم من‬
‫كل ما يطرأ عليها‪ ،‬وهذا ما جعل بعض العلماء وخصوصا ً البنائيين الوظيفيين امثال راكدلف‬
‫براون يشبهوا استمرار البناء االجتماعي باستمرار الاسم البشري على الرغم من تغير جزيئاته‬
‫باستمرار ‪.‬‬
‫وهناك قسم من علماء االجتماع واالنثروبولوجيا يختلفون بعض الشيء في تعريف البناء‬
‫االجتماعي‪ ،‬مثل ايفانز برتيشارد الذي يرى أن البناء االجتماعي يتألف من العالقات التي تقوم بين‬
‫جماعات من األشخاص ضمن نسق متكامل يضم هذه الاماعات كلها‪ ،‬وهو يقول صراحة أن‬
‫البناء االجتماعي هو عالقة بين جماعات وليس بين أفراد‪ .‬والمقصود بالاماعة عند بريتشارد هم‬
‫‪4‬‬
‫االشخاص الذين يعدون انفسهم وحدة متمايزة من غيرها من الوحدات‪ ،‬وينظر إليهم اعضاء‬
‫الوحدات االخرى بهذه النظرة نفسها‪ ،‬كما تقوم بينهم جميعا ً التزامات متبادلة بفضل عضويتهم في‬
‫تلك الوحدة‪ ،‬وبهذا المعنى تعد القبيلة ‪ ،‬والعشيرة‪ ،‬والبدنة هي جماعات‪ ،‬ألنها تستمر في الوجود‬
‫اجياالً كثيرة على الرغم من بعض التغيرات فيها‪ ،‬مثل موت الكثير من اعضائها‪ ،‬أو انتقالهم إلى‬
‫مكان آخر‪ ،‬أو حتى وال أجيال باكملها فإنها تظل تحتفظ بكيانها ومالمحها االصلية‪ ،‬وتفرعاتها‪،‬‬
‫وصلة هذه الفروع باألقسام أي إنها تعكس دائما ً النمط نفسه من العالقات االجتماعية‪.‬‬
‫وقد تتغير الصورة البنائية في ظروف معينة بالتدرج‪ ،‬أو بشكل مفاجئ كما يحدث في حالة‬
‫الثورات مثالً ‪ ،‬أو الغزو العسكري‪ ،‬ومع ذلك يظل البناء االجتماعي متماسكا ً ومحتفظا ً بمعظم‬
‫مالمحه ألنه أساسا ً مرتب‪ ،‬وإال فالناس ال يستطيعون االتااه نحو شؤونهم‪ ،‬إال إنهم يعرفون نوع‬
‫السلوك الذي يترقبه االخرون منهم‪ ،‬وكذلك نوع التصرفات التي يتوقعونها هم انفسهم من‬
‫االخرين في مختلف مواقف الحياة االجتماعية‪ ،‬كما أنهم ينظمون نشاطهم تبعا ً لقواعد مرسومة‬
‫بحسب قيم معينة يتعارف عليها‪ ،‬فهم يستطيعون التنبؤ والتكهن باألحداث‪ ،‬وبذلك يمكنهم ترتيب‬
‫حياتهم بما يتفق ويتماشى مع حياة االخرين سواء كانوا أقرباء‪ ،‬أو غير ذلك‪.‬‬
‫‪ .1‬نظام الزواج ‪: The marriage system‬‬
‫ليس هناك تعريف وافٍ وشامل لنظام الزواج يمكن االعتماد عليه في تحليل مفهومه االجتماعي‬
‫واالخالقين وتوضيح انماطه وتفرعاته‪ ،‬واستيعاب اسبابه ومضامينه الحضارية واالنسانية‪ ،‬لكن‬
‫المعنى الدقيق للزواج أنه مؤسسة اجتماعية مهمة‪ ،‬لها نصوصها واحكامها وقوانينها وقيمها التي‬
‫تختلف من حضارة غلى أخرى‪.‬‬
‫والزواج عالقة جنسية تقع بين شخصين مختلفين في الانس (رجل وامرأة) يشرعها ويسوغ‬
‫وجودها الماتمع‪ ،‬ويستمر لفترة طويلة من الزمن يستطيع خاللها المتزوجان البالغان انااب‬
‫االطفال‪ ،‬وتربيتهم تربية اجتماعية واخالقية ودينية يقرها الماتمع‪ ،‬ويعترف بوجودها واهميتها‪.‬‬
‫وقوانين الزواج تنص على ضرورة ترسيخ العالقات االجتماعية والانسية بين الشخصين‬
‫المتزوجين واستمرارها ن في حين ال تكون العالقات الانسية التي تقع خارج نظام الزواج‬
‫شرعية‪ ،‬ومدعومة من قبل الدين والقانون‪ ،‬واالخالق‪ ،‬لذا فهي عالقات محرمة‪ ،‬ومحظورة‪،‬‬
‫وعالقات غير ثابتة وال مستمرة‪.‬‬
‫ويستلزم نظام الزواج انااب االطفال وتربيتهم تربية اجتماعية واخالقية يقرها الماتمع ويعترف‬
‫بها ومثل هذه التربية تحتاج الى جهود معينة ووقت طويل‪ ،‬ويؤدي الوالدان الدور المباشر في هذه‬
‫التربية‪ ،‬إذ يقومان بتدريب اطفالهم على االقتداء بالسلوك السوي والقيم واالعتقاد بالمثل والقيم‬
‫واالهداف الكبرى التي يعتقد بها الماتمع‪.‬‬
‫إن الزواج من الناحية البايولوجية واالجتماعية هو معاشرة جنسية بين رجل وامرأة تتبعها‬
‫مسؤوليات ابوية وتربوية مهمة‪ ،‬تتوالها العائلة الاديدة‪ ،‬وتكون مهيئة للقيام بها وتنفيذها؛ لهذا‬
‫يعتقد البروفسور وسترمارك بأن الزواج متأصل بالعائلة أي أنه أساس تكوين العائلة ونشوئها‪ ،‬أما‬
‫‪5‬‬
‫المضمون االجتماعي للزواج‪ ،‬فإنه يتعلق بالموافقة االجتماعية التي تكون على شكل عقد شرعي‬
‫توقعه االطراف المعنية التي تدخل في إطار الزواج‪ ،‬والزواج هو الذي يحدد العالقة االجتماعية‬
‫والانسية التي تقع بين الزوجين‪ ،‬وهو الذي يحدد العالقة االجتماعية والروحية التي تقع بين‬
‫االبوين واالطفال‪.‬‬
‫وغالبا ً ما يرافق الزواج حفل اجتماعي عام تشهد وتؤيد وقوع الزواج بين الرجل والمرأة‪ ،‬وهذا‬
‫الحفل إلى جانب كونه اجتماعي فإنه ديني وشرعي وقانوني موقر له صفاته االجتماعية واالخالقية‬
‫التي يقرها الماتمع‪ ،‬ويتمسك بها‪.‬‬
‫والزواج ظاهرة اجتماعية تال م أي ماتمع بشري‪ ،‬وال خالف على وجوده في كل الماتمعات‬
‫القديمة والحديثة‪ ،‬الفقيرة والغنية‪ ،‬المختلفة والمتقدمة‪ ،‬إال أن الخالف االساسي يكمن في كثير من‬
‫األمور المتبعة في اجرائه‪ ،‬والسن القانونية للزوجين‪ ،‬والتكافؤ بين الزوجين ‪...‬الخ‪.‬‬
‫‪ .2‬نظام االسرة ‪: the family system‬‬
‫األسرة هي عبارة عن منظمة اجتماعية تتكون من أفراد يرتبطون ببعضهم بروابط اجتماعية‬
‫واخالقية ودموية‪ ،‬وروحية‪ ،‬وهذه الروابط هي التي جعلت العائلة البشرية تتميز من العائلة‬
‫الحيوانية ‪ ،‬وتعد األسرة من اكثر المؤسسات االجتماعية وضوحا ً في الماتمع‪ ،‬من حيث إنها اقدم‬
‫التشكيالت االجتماعية في الحياة البشرية من حيث عموميتها‪ ،‬ووجودها في مختلف الماتمعات‬
‫البدائية‪ ،‬والقديمة‪ ،‬والمعاصرة‪ ،‬فهي موجودة في كل اال مان‪ ،‬وجميع المناطق الاغرافية التي‬
‫عاش فيها االنسان‪.‬‬
‫واألسرة بحسب تعريف أو كبرن ونيمكوف عبارة عن منظمة دائمة نسبياً‪ ،‬تتكون من وج وجة‬
‫مع اطفال أو من دونهم ‪ ،‬وينص تعريف األسرة التقليدي عند ميردوك على أنها (جماعة اجتماعية‬
‫تتميز بمكان إقامة مشترك وتعاون اقتصادي ووظيفة تكاثرية‪ ،‬ويوجد بين اثنين من اعضائها في‬
‫األقل عالقة جنسية يعترف بها الماتمع‪ ،‬وتتكون االسرة في األقل من ذكر بالغ وأنثى بالغة‪ ،‬وطفل‬
‫سواء كان من نسلهما أو عن طريق التبني ‪ ،‬وتنقسم االسرة إلى عدة انواع‪ ،‬منها االسرة النووية‪،‬‬
‫والتعددية‪ ،‬والممتدة‪ ،‬ولكل منها خصائص تميزها من غيرها‪ ،‬ولألسرة وظائف كثيرة أيضاً‪ ،‬مثل‬
‫الوظيفة الانسية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬والتكاثرية والوظيفية‪ ،‬التربوية‪.‬‬
‫‪ .-3‬القرابة ‪: kinship‬‬
‫القرابة‪ :‬هي عالقة اجتماعية تعتمد على الروابط الدموية الحقيقية‪ ،‬وال تعني القرابة في‬
‫االنثروبولوجيا وعلم االجتماع عالقات العائلة والزواج فقط‪ ،‬وإنما تعني أيضا ً عالقات المصاهرة‪،‬‬
‫فالقرابة هي عالقة دموية والمصاهرة عالقة واجية‪ ،‬فعالقة األب بابنه عالقة قرابية‪ ،‬وعالقة‬
‫الزوج بزوجته هي عالقة مصاهرة‪.‬‬
‫‪-4‬التغير االجتماعي ‪:social change‬‬
‫‪6‬‬
‫التغير في اللغة يقال (تغير) الشيء (عن حاله)‪ ،‬أي تحول أو جعله على غير ما كان عليهن أو‬
‫حركة وبدلهن كما يعني التغير االختالف ما بين الحالة الاديدة والحالة القديمة‪ ،‬أو اختالف الشيء‬
‫عما كان عليه في خالل مدة محددة من الزمن‪ ،‬وحيثما تضاف كلمة اجتماعي التي تعني كل ما‬
‫يتعلق بالماتمع‪ ،‬فيصبح التغير االجتماعي هو التغير الذي يحدث داخل الماتمع‪ ،‬أو التحول‪ ،‬أو‬
‫التبدل الذي يطرأ على جوانب الماتمع‪ ،‬والتحول الذي يطرأ على البناء االجتماعي خالل مدة من‬
‫الزمن‪.‬‬
‫‪ .5‬الثقافة ‪:culture‬‬
‫اعطي العالم تايلور في عام ‪ 1871‬تعريفا ً للثقافة بصورة عامة ما ال محتفظا ً بقيمته‬
‫ومعناه‪ ،‬والتي هي مامل معقد يضم العلوم‪ ،‬والمعتقدات‪ ،‬والفن‪ ،‬والطبائع والقانون والتقاليد‪ ،‬وهي‬
‫– أيضا ً‪ -‬كل تصرف أو ممارسة يكتسبها االنسان الذي يعيش في الماتمع‪ ،‬وهكذا تكون الثقافة‬
‫أمرا ً متال م الوجود مع الوضع االنساني الاماعي‪ ،‬إال إن االنثروبولوجيا الثقافية لم تكتف‬
‫بتوضيح التعريف التاريبي لتايلور‪ ،‬بل أولت اهتمامها ألحدى الميزات االساسية للثقافة هي‬
‫قابليتها للتناقل‪ ،‬وهكذا اكتسبت كلمة ثقافة معنى قريبا ً من معنى حضارة ‪ ،‬أما بشأن فكرة التناقل‪،‬‬
‫فإنها تتوضح بسهولة عبر استعمال كلمات وتعابير مثل تراث‪ ،‬تقليد‪ ،‬تراث ثقافي‪...‬الخ‪ ،‬وتظهر‬
‫الثقافة كرأسمال روحاني يكون الماتمع مستودعه‪ ،‬والدولة في العالم الحديث حارسهن وليس‬
‫هناك من ثقافة منعزلة‪ ،‬وال تنشأ الديناميكية الثقافية من تطورات داخلية‪ ،‬بل من تفاعل دائم بين‬
‫الثقافات‪ ،‬إال إن كل ثقافة تتأرجح بين رغبة االنفتاح على ثقافات أخرى‪ ،‬والتوق إلى االنغالق على‬
‫نفسها‪.‬‬
‫وقد تأثرت نظريات الثقافة بشدة بالتطورات الالحقة بعلوم أخرى غير االنثروبولوجية ويستعمل‬
‫االنثروبولوجيون اليوم كلمة ثقافة في اصطالحات كثيرة منها‪:‬‬
‫أ‪-‬‬
‫القدرة على الترميز الخاص بالانس البشري‪.‬‬
‫ب‪-‬‬
‫حالة من االبتكارية واالبداع (التكنولوجيا)‪.‬‬
‫ت‪ -‬نظام اجتماعي من رمو وإشارات‪ ،‬ودالالت خاصة بماتمعات كثيرة بحسب الشكليات‬
‫المختلفة لالندماج ‪.‬‬
‫وللثقافة عناصر حددها العلماء‪ ،‬أهمها اللغة‪ ،‬ثم العناصر المادية‪ ،‬ومنها عادات الطعام والمسكن‪،‬‬
‫ووسائل النقل والملبس‪ ،‬واالدوات واالالت‪ ،‬والمهن‪ ،‬والصناعات‪ ،‬والعنصر االخر‪ ،‬هو الفنن‬
‫ويشمل النحت والرسم والموسيقى‪ ،‬وما إلى ذلك ثم تأتي التصرفات الدينية بوصفها عنصر من‬
‫عناصر الثقافة مثل االشكال الطقوسية طقوس المرض وطقوس الموت‪ .‬والعنصر االخر‪ ،‬هو‬
‫االسرة والنظم االجتماعية‪ ،‬ومنها اشكال الزواج‪ ،‬ونظام التسلسل القرابين والميراث‪ ،‬والضبط‬
‫االجتماعي‪ ،‬وااللعاب‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫أما ثقافة القرابة فهي الطريقة‪ ،‬التي يتكامل بها أألقرباء سواء كانوا أقرباء من ناحية الدم أو‬
‫المصاهرة‪ ،‬وما يترتب عليها من التزامات‪.‬‬
‫وتأتي الملكية ومستويات القيمة‪ ،‬والتبادل عنصرا ً مهما ً من عناصر الثقافة‪ ،‬ويمكن عد االشكال‬
‫السياسية ‪ ،‬والحرب من عناصر الثقافة ‪.‬‬
‫واالنثروبولوجي يتخذ من عناصر الثقافة مااالً الهتمامه‪ ،‬ويقوم بمالحظة اشكال السلوك‪ ،‬وتحليل‬
‫مضمون ذلك السلوك‪ ،‬وربطه بغيره من عناصر الثقافة‪ ،‬وغير ذلك من الموضوعات التي يهتم بها‬
‫االنثروبولوجي ‪ ،‬كدراسات التغير الثقافي‪ ،‬واالتصال الثقافي‪ ،‬كما ظهرت أهمية البعد الثقافي‬
‫وفهمه عند تناول مشكالت الماتمعات‪ ،‬فمعظمها مشكالت ثقافية في المقام االول ‪.‬‬
‫‪-6‬‬
‫القبيلة ‪: trible‬‬
‫وهي وحدة اجتماعية متماسكة تتكون من ماموعة افراد تقطن بقعة جغرافية معينة‪ ،‬تتمتع بدرجة‬
‫من االستقالل السياسي‪ ،‬وفي بعض االحيان تنشطر القبيلة إلى أقسام مختلفة‪ ،‬السيما إذا كانت‬
‫البقعة الاغرافية التي تعيش عليها واسعة بالنسبة لعدد السكان‪ ،‬ويتكلم افراد القبيلة لغة واحدة‪ ،‬ولها‬
‫لهاة معينة تختلف عن لهاات القبائل االخرى التي تتكلم اللغة نفسها‪ ،‬وبحسب التقسيمات‬
‫المعروفة فإن القبيلة تتكون من ماموعة من العشائر‪.‬‬
‫‪-7‬‬
‫العشيرة ‪: clan‬‬
‫العشيرة هي ماموعة من االفراد ينحدرون من نسب واحد‪ ،‬ولها جد مشترك‪ ،‬واالنتماء لها يكون‬
‫إما عن طريق النسب االبوي‪ ،‬أو النسب األمي‪ ،‬وال يكون عن طريق النسبين‪ ،‬واصطالح عشيرة‬
‫مشتق من اللغة الالتينية ومعناه االطفال المنحدرون من نسب واحد‪ ،‬خصوصا ً نسب األب‪،‬‬
‫واستعمل هذا االصطالح بكثرة علماء االنثروبولوجيا الذين كانوا يعنون به االنحدار من جد‬
‫مشترك‪ ،‬غير إن علماء االنثروبولوجيا االمريكيين استعملوه في حالة الاماعة المنحدرة من نسب‬
‫األم‪ ،‬في حين استعمل علماء االنثروبولوجيا االنكليز هذا االصطالح للاماعة المنحدرة أما من‬
‫نسب االب أو من نسب األم‪ ،‬والتي تتكون من اثنين وعشرين جيالً لهم جد مشترك‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫المحاضرة الثانية‬
‫مصطلحات القرابة‪:‬‬
‫ان اي نسق من انساق القرابه البد ان يوجد فيه فئه معينه من االلفاظ التي تستخدم في مخاطبه االقارب‬
‫اثناء الحديث اليهم وجها لوجه ‪ ,‬او االشارة اليهم في حاله غيابهم ‪ .‬وتعتبر هذا االلفاظ التي تعرف عموما‬
‫باسم مصطلحات القرابه ‪. kinship terminology kinship nomenclature‬‬
‫من اهم و اول المسائل التي يعنى علماء االنثروبولوجيا االجتماعيه بامعها ودراستها للتعرف على‬
‫الطريقة التي تستخدم بها في الحياه اليوميه من ناحيه‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك للتعرف على الدالله االجتماعيه لهذا المصطلحات والعالقه بينها و بين بقيه نسق القرابه ‪,‬‬
‫بخاصه الطريقه التي يعامل بها الشخص الواحد االشخاص الذين يناديهم بنفس اللفظ ‪ ,‬والعالقه بين‬
‫اختالف مصطلحات القرابه التي يستخدمها لمختلف االقارب وطريقة سلوكه و تصرفه نحوهم ‪.‬‬
‫وتتفاوت انساق المصطلحات القرابيه بساطه او تعقدا باختالف الماتمعات ‪ .‬و لكن المالحظ على العموم‬
‫ان الاماعات القبليه البسيطه تستخدم مصطلحات القرابه بطريقه معقدهة الى حد كبير ‪ ,‬بل ان ذلك يصل‬
‫في بعض الماتمعات ((البدائيه التكنولوجيا)) الى ابعد حدود التعقيد ‪ .‬ولكن هذا التعقيد يكشف في الوقت‬
‫ذاته عن عدد كبير من الدالالت االجتماعيه التي يصعب الوصول الى كنهها بغير تحيل تلك‬
‫المصطلحات‪.‬‬
‫يمكن على العموم تقسيم االلفاظ و المصطلحات التي تستخدم في االشارة الى االقارب الى ثالث فئات‬
‫رئيسيه ‪ ,‬و ان لم يكن من الضروري ان توجد كلها في كل ماتمع من الماتمعات ‪.‬‬
‫أوالً‪ /‬الفئه االولى من مصطلحات القرابه هي مصطلحات خاصة أومحددة بالذات (‪:)specific terms‬‬
‫تستخدم بالنسبه ألشخاص معينين بالذات ‪ ,‬هم في االغلب أعضاء العائله الصغيرة البسيط هاو االسرة ‪,‬‬
‫مثل كلمه أب او ام و اخ واخت و وج و وجة و ابن وابنه ‪ .‬وال تستخدم هذه المصطلحات لغير هؤالء‬
‫االفراد المعنيين و يحمل كل منها في حد ذاته معنى واضحا محددا تمام التحديد و لذا فانها تعرف باسم‬
‫‪ . specific terms‬وتعتبر هذا المصطلحات البسيطه المحدده والخاصه‪ ،‬العناصر االوليه التي يقوم‬
‫عليها كل نسق مصطلحات القرابه ‪ ,‬كما انها تدخل بشكل او باخر في تكوين مصطلحات القرابه التي‬
‫تؤلف الفئتين االخريين االكثر تعقيدا ‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ /‬الفئه الثانيه من المصطلحات تعرف باسم ‪:‬‬
‫المصطلحات الوصفيه (‪ :(descriptive terms‬تنشا عن طريق اضافه المصطلحات النوعيه المحدده‬
‫احداها الى االخرى بحيث يصف لنا المصطلح الاديد بكل دقه درجه القرابه والخطوات الوسيطه التي‬
‫تفصل بين اي اثنين من االقارب ‪ .‬و تستخدم هذا المصطلحات في العاده لوصف جميع درجات القرابه‬
‫‪9‬‬
‫خارج االسرة ‪ .‬و تلاأ الدراسات العلميه الدقيقه الى استخدام هذا النوع من المصطلحات نظرا لما يتميز‬
‫به من دقه على الرغم مما قد تعترضه من صعوبات ‪.‬‬
‫فالدراسات االنثربولوجيه حين تتعرض لنظام القرابه ال تكتفي في الكالم عن العم او ابن الخاله و الاد ‪,‬‬
‫و انما تستخدم بدال من ذلك ‪ :‬اخو االب او ابن اخت االم اوابو االب (او ابو االم) وهكذا وبهذا الطريقه‬
‫يمكن توضيح درجه القرابه بكل دقه مهما كانت هذه القرابه بعيده‪ ,‬و قد ياد غير المتخصص صعوبه‬
‫كبرى في استخدام وتتبع هذه المصطلحات حين تكون درجه القرابه بعيده جدا كالقرابه من الدرجه‬
‫الرابعه والخامسه مثال ‪ .‬فمن الصعب على الرجل العادى ان يتكلم عن ((ابن اخوابو وجه اخو ام وجه‬
‫االخ)) او عن ((ابن ابن بنت اخو وج اخت االم)) وما الى ذلك من القرابه‪ ,‬البعيده ‪ .‬مع انها كلها‬
‫مصطلحات شائعه في الكتابات االنثربولوجيه و يمكن التعبير عنها بالرسومات و االشكال ‪ ,‬كما انها كلها‬
‫تفيد ليس فقط في تتبع درجات القرابه بل و ايضا في التعرف على نسق الحقوق و الواجبات و انماط‬
‫السلوك السائد في الماتمع‪.‬‬
‫الواقع ان مصطلحات القرابه الوصفيه هي النظام السائد استخدامه في البالد العربيه على العموم ‪ .‬ففيها‬
‫عدا المصطلحات النوعيه التي تستخدم داخل االسره مع بعض المصطلحات االخرى ‪ ,‬كالعم و الخال و‬
‫العمه و الخاله ‪ ,‬ناد ان بقيه المصطلحات المستخدمه مصطلحات وصفيه بحته تحدد درجه القرابه و‬
‫نوعها بكل دقه ‪ ,‬حيث تفرق بين ابن االخت و ابن االخ مثال ‪ ,‬وبين ابن العم و ابن العمه و ابن الخال‬
‫وابن الخاله في الوقت الذي الناد مثل هذا التفرقه الدقيقه في اللغات االجنبيه التي تستخدم كلمه واحده‬
‫الكثر من فئه واحدة من فئات االقارب مثل كلمه ‪ cousin‬في االناليزيه التي تغطي كل ابناء و بنات‬
‫العمومه و الخؤوله ‪.‬‬
‫ثالثاً‪ /‬الفئه الثالثه و االخيرة هي مصطلحات القرابه التصنيفيه ‪ classifieatory terms‬تشيع هذه‬
‫االصطالحات اكثر ما تشيع بين القبائل ((البدائيه)) و فيها يستخدم مصطلح القرابه الواحد من‬
‫المصطلحات النوعيه ألشخاص يرتبطون في حقيقه االمر بروابط قرابيه مختلفه بالشخص الذي يستخدم‬
‫ذلك المصطلح ‪ .‬و بما كان اقرب مثل لألذهان يبين خصائص هذا النوع من المصطلحات هو كلمه‬
‫‪ uncie‬االناليزيه التي تستخدم للعم و الخال و وج العمه و وج الخاله على السواء ‪ ,‬وإن كان االمر‬
‫يتعدى هذا الحدود في الماتمعات ((البدائيه)) و الخاصيه االساسيه التي تميز نظام القرابه التصنيفي على‬
‫العموم هي ان المصطلحات التي تستخدم لألقارب الذين يرتبطون بعضهم ببعض بروابط قرابيه في نفس‬
‫الخط الطولي او الراس(اي االصول والفروع بالنسبه للشخص) تستخدم ايضا بالنسبه للحواشي‬
‫‪ collaterais‬بحيث ان الكلمه الواحده تطلق على جميع االشخاص الذين ينتمون الى جيل واحد بغض‬
‫النظر عن مدى قرابتهم الفعليه لذلك الشخص ‪.‬‬
‫على ذلك ناد ان كلمه ((اب)) تطلق على العم من الدرجه االولى و الدرجه الثانيه والثالثه على السواء ‪,‬‬
‫كما ان كلمه ام تطلق ايضا على الخاله و على وجات االعمام المختلفين بغض النظر عن درجه‬
‫العمومه‪ ,‬كما ان اوالد االعمام على اختالف درجات قرابهم للشخص يعتبرون اخوه و اخوات‪ ,‬بينما‬
‫ابناوهم جميعا و ابناء االخوة ‪ .‬يعتبرون ابناء الشخص او بنات له و هكذا ‪ ,‬تستخدم مصطلحات أخرى‬
‫مختلفه للعمه (اخت االب) و للخال (اخى االم) و يمكن ان نتبين مدى االختالف بين هذا النظام التصنيفي‬
‫‪10‬‬
‫و نظام مصطلحات القرابه الوصفيه بكل تعقيداتها عن طريق مقارنه الشكلين اللذين يبينان نفس درجات‬
‫القرابه‪.‬‬
‫(يوجد مخططين توضيحيين عن ك ٍل من مصطلحات القرابه التصنيفيه والوصفية)‬
‫التفاصيل او التغاضي عنها ‪ ,‬وهي عمليه تؤدي في اخر االمر الى تماسك الاماعه القرابيه الكبيره عن‬
‫طريق التقريب بين أفرادها ‪ .‬وربما كان اول من انتبه الى وجود نظام القرابه التصنيفي هو الرحالة‬
‫الفرنسي جو يف فرانسوا الفيتو في القرن الثامن عشر ‪ .‬فقد الحظ ان الناس عند بعض قبائل الهنود‬
‫الحمر مثل اليرو كواى و الهيرون ينادون خاالتهم بنفس الكلمه التي ينادون بها االم ‪ ,‬كما يستخدمون‬
‫لألب و االعمام كلمه واحدة ‪ ,‬و يعتبرون اوالد خاالتهم و اوالد اعمامهم ( اي اوالد العمومه و الخؤوله‬
‫المتوا يه) أخوة و اخوات لهم و ذلك بعكس الحال بالنسبه الى اوالد اخوالهم و اوالد عماتهم ( اي اوالد‬
‫العمومه و الخؤوله المتقاطعه ) و منذو ذلك الحين بدأ االهتمام يتزايد بامع المعلومات المتعلقه بهذا‬
‫النظام ‪ ,‬وبخاصه بين الهنود الحمر ‪ ,‬حتى جاء لويس مورجان الذي اعطى الموضوع كله كثيرا من‬
‫عنايته حين درس قبائل االيروكواى بنفسه و اخذ يامع المعلومات الخاصه بهذا النوع من مصطلحات‬
‫القرابه من جميع انحاء العالم ى‪ ,‬ونشر جانبا كبيرا من هذا المعلومات في كتابه عن ((أنساق روابط الدم‬
‫و المصاهره)) الذي سبقت االشاره اليه اكثر من مره ‪ .‬و لقد الحظ مورجان على الخصوص و هو‬
‫يتابع هذا النظام بين قبائل الهنود في شمال امريكا و ان الشوكتو يذهبون الى أبعد من ذلك حيث ان كلمه‬
‫((اب)) عندهم تستخدم ليس فقط للعم بل و ايضا البن العمه ‪ ,‬ان اوالد ابن العمه (االب التصنيفي)‬
‫يعتبرون تبعا لذلك اخوة و اخوات بينما بنات العمه يعتبرون عمات (تصنيفيات) و ان اوالدهن يعتبرون‬
‫بالتالي اباء وعمات تصنيفيين وهكذا ‪ .‬وواضح من ذلك (كما يظهر في الشكل) ان المبدأ الذي سبقت‬
‫االشاره اليه ‪ ,‬وهو مبدأ اطالق مصطلح قرابى واحد على االقارب الذين ينتمون الى نفس الايل وهو‬
‫الشكل المألوف في نظام القرابه التصنيفي ال يتبع هنا بدقه فهناك (اباء ) تصنيفيون ينتمون الى اجيال‬
‫اصغر من جيل الشخص نفسه و مع ذلك يناديهم و يشير اليهم بكلمه (اب) و يقف منهم موقف االبن من‬
‫ابيه و يلتزم نحوهم بنفس االلتزامات التي يلتزمها نحو ابيه الحقيقي‪.‬‬
‫ويقابل ذلك نظام مصطلحات القرابه عند قبيله اوماها التي ذكرها مورجان ايضا في معرض راسه‬
‫النظام التصنيفي ‪ ,‬و تسير االمور فيها على عكس الحال عند الشوكتو حيث ناد ان المصطلحات‬
‫التصنيفيه تستخدم لالقارب من ناحيه االم و ليس لالقارب من ناحيه االب‪ ،‬فالخاله يستخدم لها نفس‬
‫المصطلح الذي يطلق على االم بينما اوالد الخال يكونون اخو اال او امهات وهكذا ‪ ,‬و اوالد هؤالء‬
‫االمهات (التصنيفيات) يكونون دائما اخوه و اخوات ‪ .‬فهنا ايضا ناد ان مبدأ التساوي في الايل اليصدق‬
‫تماما‪ ,‬وان هناك امهات تصنيفيات اصغر بكثير من ااشخص نفسه كما يظهر في الشكل و هذا كله يحتاج‬
‫بغير شك الى تفسير ‪.‬‬
‫المحاضرة الثالثة‬
‫‪11‬‬
‫النسق القرابي ‪:‬‬
‫يتكون النسق القرابي من نظم القرابة والنسب أو االنحدار‪ ،‬والجماعات القرابية وهي العائلة‬
‫والزواج عالوة على الجماعات العشائرية (الفخذ والعشيرة والقبيلة) في المجتمعات القبلية أو‬
‫العشائرية‪ ،‬ويمكن تناول هذا النسق بخمسة مباحث هي أوالا‪( :‬النظم القرابية) يوضح فيه مفهوم القرابة‬
‫واهميتها وخصائص العالقات وتصنيف نظم القرابة والمصاهرة ونعوت القرابة والنسب‪ ،‬وثانيا ا‬
‫(الرموز القرابية) وثالثا ا (الجماعات العشائرية) ورابعا (العائلة)‪ ،‬وخامسا ا (الزواج)‪ ،‬واالتي عرض‬
‫موجز لهذه المباحث‪ .‬لقد اهتم االنثروبولوجيون اهتماما ا خاصا ا بالقرابة اكثر من غيرهم من العلماء‬
‫االجتماعيين‪ ،‬وهذا ما دفع بعض العلماء إلى القول بأنه ال يوجد موضوع قد التصق باالنثروبولوجيا‬
‫االجتماعية مثلما التصقت به القرابة‪ ،‬بل إذا سأل عما يفعله االنثروبولوجيون االجتماعيون لكانت‬
‫دراسة القرابة‪ ،‬هي االجابة حتماا‪.‬‬
‫ي رجع اهتمام االنثروبولوجيون بالقرابة إلى عدة أسباب فالقرابة هي المبدأ الرئيس الذي ترتكز عليه‬
‫االبنية االجتماعية للمجتمعات التي اهتموا بدراستها‪ ،‬واغلب المجتمعات يتداخل النسق القرابي مع بقية‬
‫النظم واالنساق االجتماعية التي يتألف منها البناء االجتماعي تداخالا قويا ا إلى درجة االندماج‪ .‬وقد‬
‫حاول بعض التطوريين االجتماعيين من امثال باخوفن‪ ،‬وماكلينان‪ ،‬وموركان التركيز في دراستهم‬
‫للقرابة على تتبع أصل االنساق القرابية وتطورها وصياغة بعض النظريات الجزئية التي تصدق على‬
‫انماط معينة من انساق القرابة‪ ،‬التي وجهت عددا ا من الدراسات الحقلية‪ ،‬مثل نظرية ايفانز بريتشارد‬
‫عن البدانة االنقسامية‪ ،‬ونظرية رادكلف براون عن الخال‪ ،‬وتعد نظرية ايفي ستروس هي المحاولة‬
‫الجادة لوضع نظرية عامة في القرابة‪ ،‬واألمر الجدير بالذكر أن ابن خلدون قد وضع في القرن الرابع‬
‫عشر نظرية عن القرابة في مجال معالجته للعصبية‪ ،‬والتي تعد النظرية االولى في تاريخ التفكير‬
‫السسيولوجي واالنثروبولوجي‪.‬‬
‫ابن خلدون والقرابة ‪:‬‬
‫يبدأ ابن خلدون دراسته (المقدمة) بالتأكيد اهمية اشباع حاجتين اساسيتين لدى االنسان قبل كل شيء‪،‬‬
‫هما الحاجة الى الطعام والحاجة الى االمن والحماية‪ ،‬ويؤكد ابن خلدون أن التعاون المتبادل الذي يتمثل‬
‫في نظام تقسيم العمل‪ ،‬والتخصص أمر ضروري بصرف النظر عن تأخر المجتمع أو تقدمه بحسب‬
‫تعبيره في مختلف انماط العمران البدوي‪ ،‬والعمران الحضري‪.‬‬
‫أن التعاون وتوجيهه‪ ،‬وتنظيمه يعني توافر (القوت للغذاء‪ ،‬والسالح للمدافعة) مما يترتب عليه ضرورة‬
‫تنظيم سياسي لضبط العالقات بين االفراد والجماعات في المجتمع‪ ،‬لقد جعل ابن خلدون هذه القضايا‬
‫نقطة البداية التي ترتكز عليها دراسته وتفسيراته للحقائق االجتماعية ‪ ،‬وتطورها خالل التاريخ‪ ،‬والتنبؤ‬
‫بمستقبلها‪.‬‬
‫وادى نهجه هذا إلى أن يركز على الجماعة واهميتها‪ ،‬واستعمال مصطلح (العصبة)‪ :‬عصبة الرجل بنوه‬
‫وقرابته البيه‪ ،‬وقيل العصبة هم االقارب من جهة االب‪ ،‬النهم يعصبونه ويتعصب بهم اي يحيطون به‪،‬‬
‫ويشتد بهم‪ .‬في اإلشارة إلى هذه الجماعة‪ ،‬وهي من الناحية النظرية عبارة عن جماعة أبوية‪ ،‬واستعمال‬
‫هذا المصطلح‪ -‬أيضا ا‪ -‬لإلشارة إلى كل الجماعات الكبيرة الحجم والصغيرة‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫كذلك وضع ابن خلدون مفهوما ا سسيولوجيا ا وانثروبولوجيا ا هاما ا هو (العصبية) الذي يعد مفهوما ا رئيسا ا‬
‫ومحوريا ا لكل دراساته‪ ،‬ولكنه يختلف مع السسيولوجيين واالنثروبولوجيين االوائل في القرن التاسع‬
‫عشرن في كيفية تناوله لموضوع القرابة‪.‬‬
‫مصطلحات القرابه وانماط السلوك‪:‬‬
‫ربما كانت مطلحات القرابه و تحليلها بقصد االستدالل منها على انماط السلوك السائدة في الماتمع‬
‫وبخاصه داخل الاماعات القرابيه الكبيرة و بين الاماعات المتصاهرة و عالقه ذلك كله بنسق القرابه‬
‫وبالبناء االجتماعي الشامل من اشق_ وفي الوقت ذاته من اطراف _ الموضوعات التي يهتم بها علماء‬
‫االنثروبولوجيا االجتماعيه في دراستهم للماتمعات التقليديه و البسيطه ‪0‬ويعتبر هذا الموضوع جديدا‬
‫تماما على الدراسات االجتماعيه في مصر و العالم العربي اجمع ‪ ,‬مع ان االهتمام به كفيل بان يفتح‬
‫مااالت جديدة في البحث العلمي الرصين و بخاصة في ميدان االبحاث المتعلقة بالماتمعات المحليه‬
‫المنعزله نسبيأ ‪ ,‬او التي لها طابع ثقافي متميز ‪ ,‬او التي لها بناء اجتماعي خاص يختلف عن البناء‬
‫االجتماعي العام السائد في الماتمع الكبير الذي تدخل تلك الماتمعات المحليه في تكوينه ‪ .‬ومع ان‬
‫مصطلحات القرابه المستخدمه في البالد العربيه قليله في العدد نسبيا و تستخدم في معظم االحوال‬
‫بطريقه محددة بحيث تبين درجه القرابه بدقة ‪ ,‬فان المصطلح الواحد قد يستخدم في بعض االحيان لعدد‬
‫من االشخاص المختلفين الذين تربطهم بالشخص الواحد عالقات قرابه مختلفة ‪ ,‬مثل استخدام كلمه ((ابن‬
‫العم)) ألبناء العمومه من الدرجه االولى و الثانيه و هكذا ‪.‬‬
‫يزيد االمر تعقيدا في بعض الاماعات القبليه التي تعيش في الصحراء مثال او الاماعات التي لها ثقافاتها‬
‫الخاصه و لها لغتها او لهاتها الخاصه مثل بعض القبائل البربريه في شمال افريقيا كالطوارق او بعض‬
‫قبائل السودان الشمالي كالهدندوة في الغرب او عند النوبيين في مصر ‪ ,‬و ذلك عالوه على الاماعات‬
‫القبليه الكثيرة التي تعيش في جنوب السودان مثال ‪ .‬فدراسة مصطلحات القرابه في هذا الماتمعات‬
‫المحليه والاماعات القبليه التي تعيش في العالم العربي كفيله بان تكشف لنا على جوانب كثيرة من الحياه‬
‫االجتماعيه ‪ ,‬وان نصل منها الى فهم اعمق و ادق لكثير من العادات و التقاليد وانماط السلوك و نسق‬
‫الحقوق وااللتزامات التي تربط بين االقارب ‪.‬‬
‫واذا كان المشتغلون باألبحاث االجتماعيه واالنثروبولوجية عندنا قد اغفلو حتى االن هذا الاانب الهام‬
‫من البحث العلمي ‪ ,‬اما لصعوبته و اما لعدم ادراكهم الهميته وجدواه ‪ ,‬فان الهدف االساسي منه التعريف‬
‫بهذا الموضوع (ربما بشىء من التفصيل نظرا لادته بالنسبه الينا) والدعوة الى التعمق في دراسته و‬
‫فهمه واإلفاده من بعض النتائج التي وصل اليها العلماء في الخارج من دراستهم للماتمعات القبليه‬
‫وبخاصه في افريقيا ‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫المحاضرة الرابعة‬
‫ان اهتمام لويس مورجان بموضوع مصطلحات القرابه التصنيفية (وهو الذي اطلق عليه هذا االسم )‬
‫كان جزءا من خطه نبتت في فكره في االصل عن امكان الكشف عن العالقات التاريخيه بين هنود‬
‫امريكا و شعوب اسيا عن طريق دراسه مصطلحات القرابه التي يستخدمها الهنود الحمر في شمال‬
‫امريكا ‪ .‬و قام مورجان على هذا االساس بامع مقادير كبيره من هذا المصطلحات و عكف مقارنتها‬
‫بعضها ببعض ‪ ,‬اي ان اهتمامه بمصطلحات القرابه عموما لم يكن موجها اليه اغراض اجتماعيه في‬
‫االصل و انما كان يهتم بها من الناحيه االثنولوجيه البحته ‪ .‬وأوقعه ذلك _كما هو الحال مع مورجان‬
‫دائما في كل نظرياته_ في االعتماد على التاريخ الظني و افتراض االفتراضات التي التاها سندا من‬
‫الواقع و هو يحاول الكشف عن العالقات التريخيه بين شعوب االرض عن طريق مقارنه مصطلحات‬
‫القرابه ‪ .‬وحين تطرق مورجان الى تفسير هذا المصطلحات التي تطلق على اكثر من شخص واحد‬
‫يمثلون من حيث الواقع درجات مختلفه من القرابه لاأ كما هو شأنه دائما الى واج الاماعه‪.‬‬
‫ولقد وجد مورجان من بين العلماء في القرن التاسع عشر من حاول التدليل على صحه أرائه والدفاع‬
‫عنها ‪ ,‬ولكنهم جميعا لاأو في ذلك الى التاريخ الظني و اعتمدوا اعتمادا كبيرا على مصطلحات القرابه‬
‫عند الشوكتو و االوماها اللذين أشار اليهما مورجان ‪ ,‬وهي كلها نظريات تقوم على اساس محاوله ايااد‬
‫عالقه منطقيه بين شكل الزواج والمصطلحات السائده في الماتمع فاذا كان الرجل عند الشوكتو يطلق‬
‫على اوالد خاله نفس المصطلحات التي يطلقها على اوالده هو نفسه (اي ابن او ابنه) فان ذلك يرجع في‬
‫راي هؤالء العلماء الى ان الرجل الحق في ذلك الماتمع والماتمعات االخرى التي تتبع نفس النظام في‬
‫ان يتزوج ارمله خاله‪ ,‬وبذلك فان اوالد خاله من تلك المراه التي سوف يتزوجها هو بعد وفاه خاله‬
‫يكونون بمنزله اوالده هو منها ‪ .‬واذا كان الشخص عند االوماها يطلق على بنت خاله نفس االصطالح‬
‫الذي يستخدمه المه فان ذلك يرجع الى ان الرجل الحق هناك في ان يتزوج من ابنه اخ وجته‪ ,‬وعلى‬
‫ذلك فان بنت اخ الزوجه تكون بالنسبه له بمنزله الزوجه نفسها ولما كان اخو الزوجه هو خال االوالد ‪,‬‬
‫وابنته هي بنت خال االوالد فانها تكون بالنسبه لهم في الوقت ذاته بمنزله االم مادام البيهم الحق في‬
‫‪14‬‬
‫الزواج منها ‪ ,‬كما ان االوالد الذين تنابهم من اي رجل يكونون بمنزله االخوه بالنسبه اليهم مادام ذلك‬
‫الحق قائما ولقد رأى شتاركه من الخطا ان نحاول اعاده تركيب الماتمعات السابقه باستخدام مصطلحات‬
‫القرابه ‪ ,‬وان نستدل منها على نوع النظم االجتماعيه واشكال الزواج التي كانت سائده في الماضي على‬
‫ما كان يفعل مورجان ‪ .‬و لم يكن شتاركه ينكر بذلك وجود عالقه قويه بين مصطلحات القرابه السائده‬
‫في اي ماتمع من الماتمعات و العادات و التقاليد و بعض النظم الموجودة في ذلك الماتمع‪ ,‬وان ثمه‬
‫تال ما في الوقوع بين نوع معين من المصطلحات و نوع معين بالذات من انماط السلوك بل ومن النظم‬
‫القانونيه بالذات بل وانه ذهب في ذلك الى حد القول بأن نظم مصطلحات القرابه هو مقياس دقيق يعكس‬
‫العالقات القانونيه القائمه بين االقارب االقربين داخل القبيله ‪ ,‬وان االجدى على الباحث هو ان يبحث عن‬
‫العالقات القائمه بين نظام المصطلحات القرابيه وتلك العالقات القانونيه في الماتمعات االنسانيه المختلفه‬
‫‪.‬‬
‫ومع ان اسم شتاركه كاد يطوي في ثنايا النسيان فأن اراءه أثرت تأثير كبيرأ في عدد من العلماء في كل‬
‫من امريكاو بريطانيه مثل كروبر و راد كلف بروان و ان كان هذا ال يعني انهما _ و بخاصه كروبر‬
‫_يقبالن كل ارائه قبوال تاما‪ .‬فلقد اتفق كربر معه في وجهه النظر القائله بعدم جدوى محاوله اعاده‬
‫تركيب الماضي من دراسه مصطلحات الفرابه المستخدمه عند الشعوب ((البدائيه)) و مع ادراكه بوجود‬
‫عالقه ما بين مصطلحات القرابه و نظم الزواج و انماط السلوك والعادات و التقاليد ‪ ,‬فانه كان ليذهب‬
‫الى ان من الخطا القول بوجود عالقه دائمه وال مه بين التشابه واالختالف في مصطلحات القرابه من‬
‫ناحيه ‪ .‬وتشابه او اختالف النظم االجتماعيه و بخاصه العادات و الممارسات المتعلقه بالزواج واالنااب‬
‫والوراثه من الناحيه االخرى ‪ ,‬اي انه كان يرفض القول بأن وجود مصطلحات معينه (تحتم) وجود نوع‬
‫معين من الزواج ‪ .‬فقد ناد مثل هذا التال م في بعض قبائل استراليا ‪ ,‬و لكنه ال يوجد عند قبائل الهنود‬
‫الحمر الذين يسكنون في كاليفورنيا و قد عارض راد كلف بروان راي كروبر صراحة و ذهب الى انه‬
‫((في كل انحاء العالم )) البد من وجود عالقه تال م قويه بين نظام مصطلحات القرابه وبين العادات و‬
‫االوضاع االجتماعيه ‪ ,‬وانه اذا كان كروبر لم يعثر على هذا التال م في كاليفورنيا فذلك راجع الى اثنتين‬
‫‪ :‬اما انه لم يهتم بالبحث عنه ‪ ,‬واما ان من البحث عن مثل هذا التال م قد فات و انقضى نظرا للتغيرات‬
‫التي حدثت عند فلول قبائل كاليفورنيا ‪ .‬و مع ذلك فقد حرص راد كلف بروان على ان يبين بوضوح انه‬
‫اليمكن افتراض وجود مثل هذا العالقات و استنادا الى التفكير النظري المنطقي وحده ‪ ,‬وانما البد من‬
‫محاوله التدليل على وجودها فال في طريق الدراسات و ألبحاث الحقليه ثم التحليالت المقارنه ‪.‬‬
‫وقد يكون لهذا التحفظات االخيره التي وضعها راد كلف بروان مايبررها ‪ ,‬اذ منم الخطر محاوله التعميم‬
‫من بعض التعميم من بعض حاالت قليله على الماتمع البشري بأسره و االنسياق وراء التفكير النظري‬
‫المارد الن ذلك خليق بأن ياعلنا نصل الى اراء و نظريات تعسفيه مادام ذلك التفكير ال يستند الى‬
‫المعلومات اليقينيه المستمده من الدراسات الحقليه ‪ .‬و الواقع انه على الرغم من معارضه راد كلف‬
‫بروان لكروبر فأن رأى كروبر اقرب الى الدقه العلميه ‪ .‬فليس من الضروري بحال ان يكون هناك‬
‫تال م في الوقوع بين نظام الزواج من ارمله الخال و تسميه اوالد الخال بنفس الكلمات التي تطلق على‬
‫االبن و االبنه كما هو الحال عند الشوكتو و بعض القبائل االخرى التي يوجد فيها ذلك التال م كذلك ليس‬
‫ثمه ما يستوجب اطالق كلمه ((ام))على بنت الخال و كلمه (( وجه)) على ابنة اخى الزوج ه حيثما وجد‬
‫نظام الزواج من ابنه اخى الزوجه الن هذا هو ما يحدث عند االوماها و بعض القبائل االخرى ‪ .‬ففي‬
‫كثير من الماتمعات التي تبيح للرجل الزواج من ارمله خاله ال ينادى الرجل هذا المرة قبل الزواج منها‬
‫‪15‬‬
‫باسم ( وجه)) وال يطلق على اوالدها من خاله _ قبل ان يتزوج هو منها بالفعل _ االلفاظ التي‬
‫يستخدمها الوالده ‪ ,‬و انما يعتبرها قبل هذا الزواج (( وجه خاله )) فقط و يتصرف نحوها و نحو‬
‫اوالدها على هذا االساس ‪ .‬بل ان سلوكه تزاء اوالد الخال في هذا الحاله يكون أقرب الى نمط السلوك‬
‫القائم بين االخوه و االخوات و ليس بين االب و اوالده ‪ .‬كذلك ناد انه في بعض الماتمعات _ و بخاصه‬
‫الماتمعات االفريقيا _ التي تعترف بنظام الزواج من ابنه اخى الزوجه المتوفاه او العاقر وال يستخدم‬
‫الرجل لهذا المراة نفس الكلمه التي يستخدمها لزوجته على الرغم من وجود االحتمال بالزواج منها ‪ .‬و‬
‫انما يستخدم لها مصطلحا قرابيا مختلفا ‪ .‬فليس ثمه عالقه عليه اذن بين مصطلح القرابه و نظام الزواج ‪,‬‬
‫كما انه ليس ثمه ما يدعو الى الظن بأن عادة الزواج من ارمله الخال او من بنت اخى الزوجه تؤدي‬
‫بالضروره الى قيام مصطلحات القرابه التصنيفيه و الى ان يشير الرجل الى كل من هاتين المرأتين على‬
‫انها وجته باعتبار ما قد يحدث ‪ .‬و اصدق مثل لذلك هو ماناده عندنا نحن حيث يباح للرجل ان يتزوج‬
‫من ارمله خاله و من اخت وجته المتوفاه او من ابنهاخيها دون ان يستخدم الى منهن قبل ان يتم الزواج‬
‫بالفعل كلمه (( وجه)) او يعاملها على اساس انه من المحتما ان تصبح وجه له في يوم من االيام ‪ .‬و‬
‫اكبر خطا يمكن ان يقع فيه الباحث في دراسته للماتمع هو ان يذهب الى ان وجود ظاهره معينه متلرتب‬
‫بالضروره على وجود ظاهره معينه اخرى الن هذا هي الحتميه في اسوء صورها ‪ ,‬كما ان فيها اغفاال‬
‫تاما لبقيه النظم التي تدخل في تكوين البناء االجتماعي ‪ .‬و الواقع ان راد كلف بروان نفسه لم يغفل هذا‬
‫المساله رغم كل ما قاله عن وجود عالقه التال م بين مصطلحات القرابه و العادات الخاصه بالزواج ‪.‬‬
‫فالماتمعات التي تعرف نظام مصطلحات القرابه التصنيفيه تتميز بنوع خاص من البناء االجتماعي ‪.‬‬
‫وعلى ذلك فأن االقرب الى الواقع و المنطق ان نقول ان اباحه الزواج من ارمله الخال او من اخت‬
‫الزوجه المتوفاه او من ابنه اخيها ال ترتبط بظهور مصطلحات القرابه التصنيفي هاال اذا توفر نوع معين‬
‫بالذات من البناء االجتماعي ‪ .‬وهذا يستدعي محاوله ايااد تفسيرات اخرى لنظام مصطلحات القرابه‬
‫التصنيفيه ‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫المحاضرة الخامسة‬
‫خصائص نظام القرابه‪:‬‬
‫من اهم خصائص نظام القرابه انه يساعد على تاميع اقارب الشخص على اختالفهم و تعددهم في عدد‬
‫قليل من الفئات او الزمر المتمايزه بالنسبه اليه فالعالقه او الرابطه االجتماعيه التي التي تقوم بين ذلك‬
‫الشخص و اي شخص اخر من اقاربه و التي تنعكس في انماط السلوك و في الحقوق و الواجبات و‬
‫االلتزامات االجتماعيه تتأثر الى حد كبير جدا بنوع الفئه أو الزمره التي ينتمي ذلك الشخص القريب اليها‬
‫‪ .‬و من هذا الناحيه يعتبر نظام مصطلحات القرابه و اداه ووسيله لتحديد هذا الفئات او الزمر القرابيه و‬
‫تعيينها ‪ .‬فهناك تمييز قاطع بين فئه االخوة مثال و فئه ابناء العموم ‪ ,‬كما ان هناك تمييزات واضحه بعد‬
‫ذلك بين فئه ابناء العمومه من الدرجه االولى و الفئه التي تضم ابناء العموم من الدرجه الثانيه و هكذا ‪ .‬و‬
‫قد يستخدم لفظ واحد و مصطلح قرابي واحد لالشاره الى كل فئ هاو مره من هذا الفئاات التي تضم كل‬
‫االقارب من نفس النوع و نفس الدرجه (ابناء العمومه ككل ثم ابناء العمومه من الدرجه االولى و الدرجه‬
‫الثانيه و هكذا) و هذا معناه بالتالي انه يمكن التمييز بين الفئات المختلفه من االقارب عن طريق استخدام‬
‫مصطلحات قرابه مختلفه ‪ .‬فأخو االب و اخو االم في انالترا مثال ينتميان الى نفس الماموع هاو الزمره‬
‫من االقارب و يستخدم لهما كلمه قرابيه واحده هي ‪ uncie‬التي كانت تستخدم في االصل للحال‬
‫‪ . avuncuius‬وينعكس ذلك في التزام الشخص نحو عمه و خاله هناك بعقواعد سلوكيه معينه فيبدى‬
‫نحوهما نفس االحترام و يتصرف بنفس الطريقه ‪ ,‬كما ينعكس في العالقات القانونيه و بخاصه في مسائل‬
‫الوراثيه ماعدا الممتلكات الموقوفه ووراثه االلقاب ‪ .‬و بصدق هذا الى حد كبير على ابن و ابنه العم و‬
‫ابن و ابنه الخال اللذين يطلق عليهم أيضا مصطلح قرابي واحد (‪ . )cousin‬وهكذا يختلف االمر‬
‫اختالفا ً واضحا عن الوضع في مصر وفي الماتمعات العربيه عموما حيث ناد لكل من اخى االب و‬
‫اخى االم مصطلحا قرابيا ً خاصا به (العم و الخال) ‪ ,‬كما ان الموقف القانوني مختلف و كذلك العالقات‬
‫االجتماعيه التي تقوم بين الشخص من ناحيه و العم و الخال من ناحيه اخرى ‪ .‬فالعم يعتبر اقرب في‬
‫الماتمع العاصب الى الشخص من الخال‪ ,‬كما ان نمط الحقوق و الواجبات و االلتزامات و المسئوليات‬
‫تختلف اختالفا ً بينا ‪ .‬فكان هناك اذن صله وثيقه البد من البحث عنها بين نوع مصطلح القرابه و نوع‬
‫العالقات االجتماعيه و ما يتصل بذلك من الحقوق و الواجباتو كذلك االلتزامات االقتصاديه و انماط‬
‫السلوك المختلفه ‪ .‬و في هذا بالذات تتركز اهميه الدراسات القرابيه ‪ .‬و القرابيه و على ذلك فاذا كان‬
‫شتاركه قد نبه االذهان الى ان نظام مصطلحات القرابه هو مقياس يعكس العالقات القانونيه فان هذا‬
‫يعتبر في الحقيقه جانبا ً واحدا من المشكله وال يمكن االكتفاء به او الوقوف عنده ‪ ,‬و انما البد من دراسته‬
‫العالقه بين القرابه و غيرها من النظم كي نتبين الى حد تعكسر هذا المصطلحات اوجه االختالف او‬
‫الشبه بين هذا الحقوق و االلتزامات في شتى الميادين ‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫وبناء على ذلك فاذا قبلنا هذا الراي فانه يمكن القول بصفه مبدئي هان استخدام مصطلحات القرابه‬
‫التصنيفيه الكثر من فئه واحده من االقارب يستوجب وجود نفس االلتزامات و الواجبات و الحقوق‬
‫وبالنسبه لكل تلك الفئات التي يطلق عليها ذلك المصطلح القرابه الواحد‪ .‬ولكن هذا ياعلنا نتسال في‬
‫الوقت نفسه عن مبدا الذي تقوم عليه مصطلحات القرابه على العموم و المصطلحات التصنيفيه على‬
‫الخصوص ‪ ,‬و ما يتصل بذلك من خضوع تلك الفئات او الزمره القرابيه التصنيفيه لقواعد و انماط‬
‫سلوكيه معينه ال توجد في ماتمعات اخرى ‪ .‬و بقول اخر ‪ :‬لماذا تطلق بعض الماتمعات دون البعض‬
‫االخر على اخت الزوجه و بنت اخيها كلمه (( وجه )) رغم ان كال النوعين من الماتعات يبيح الزواج‬
‫بهاتين الفئتين من النساء‪.‬‬
‫على الرغم من انهما تنتميان الى جيلين مختلفين و تربطهما بالزوجه االصليه درجات قرابه مختلفه و‬
‫لماذا يطلق على بعض االقارب في بعض الماتمعات كلمه((اب)) او (ام) رغم ان هؤالء االشخاص‬
‫ينتمون الى جيل اصغر من جيل الشخص نفسه بينما اليصدق ذلك على مامعات اخرى ؟ و ما هو نوع‬
‫الماتمعات التي يصدق عليها ذلك ؟ و ما انواع التنظيم االجتماعي الذي يرتبط بهذا المصطلحات‬
‫القرابيه و الذي يستوجب قيام هذا النوع من المصطلحات ؟‬
‫من الصعب ان نرد ذلك كله الى سبب واحد او الى عامل واحد فقط ‪ ،‬والواقع ان هناك عدة نظريات تسلم‬
‫كلها بوجود عالقات متبادله بين نظام مصطلحات القرابه بعامه والمصطلحات التصنيفيه بخاصه و بين‬
‫النظم االجتماعيه االخرى السائده في الماتمع بحيث يقوم بينها جميعا ً نوع من التفاعل او التساند‬
‫الوظيفي ‪ .‬وقد يكون بعض هذا النظريات خارجا ً عن نطاق وجهه النظر البنائيه التي يعبر عنها و‬
‫يتخذها كمدخل لدراسه الماتمع ‪ ,‬مثال النظريه اللغويه التي ترد اختالف المصطلحات الى االختالفات‬
‫المورفولوجيا في اللغه ‪ ,‬او النظريه السيكولوجية التي ترد مصطلحات القرابه الى بعض العمليات‬
‫السيكولوجي او المنطقيه وانها بذلك تعكس نفسيه الفرد و ليس الماتمع على ما يقول كروبر ‪ ,‬او‬
‫النظريات التاريخيه التي ترد ظهور المصطلحات القرابيه الى عدد من التأثيرات التاريخيه المعقدة‬
‫المتشابكه و ان كانت ال تنكر في الوقت ذاته تأثير البناء االجتماعي ‪ .‬ولن ندخل في تفاصيل هذا‬
‫النظريات وغيرها و نكتفي بأن نذكر انها كلها التذكر تأثير العوامل االجتماعيه والبناء االجتماعي في‬
‫مصطلحات القرابه ‪.‬‬
‫ومع اننا نسلم بأن في كل نظريه من هذا النظريات جانبا ً اليستهان به من الصدق فانها ال تكفي بذاتها‬
‫لتفسير ظهور المصطلحات القرابيه و نوع تلك المصطلحات في الماتمعات المختلفه ‪ .‬و ربما كانت‬
‫النظريه االجتماعيه أقرب الى الواقع في ذلك ‪ ,‬على اعتبار انها تحاول منذ البدايه ان تبحث من العوامل‬
‫االجتماعيه التي تؤثر في تلك المصطلحات ‪ :‬تلك العوامل التي يسميها راد كلف بروان ((المبادىء‬
‫االجتماعيه الكليه)) و لعل اول و اهم وماياب ان ننبه اليه االذهان هنا هو ضرورة رفض كل التفسيرات‬
‫العلميه ‪ ,‬على اعتبار انه من الخطأ البين االعتقاد بأن هذا المصطلحات (نتات) عن نظام اجتماعي معين‬
‫‪ .‬فكل ما يمكن قوله هو وجود عالقه تضايف بين االثنين و انهما جميعا ينشأن من مبدأ اجتماعي واحد ‪.‬‬
‫فما هو اذن هذا المبدأ االجتماعي ؟‬
‫‪18‬‬
‫المحاضرة السادسة‬
‫من وجهة النظر البنائيه الوظيفيه _ تفسير مصطلحات القرابه بالمبدأ العام الذي يستعين به العلماء‬
‫الوظيفيون في دراستهم للنظم االجتماعيه و البناء االجتماعي ‪ ,‬وهو مبدأ المحافظه على التكامل‬
‫االجتماعي ‪ .‬فعلى الرغم من كل ما يقوله خصوم هذه المدرسة او المعارضون لها فأن مبدأ المحافظه‬
‫على التكامل االجتماعي يعتبر هو العامل االساسي في قيام النظم االجتماعيه ‪ ,‬على اعتبار ان وظيفه هذا‬
‫النظم هي في اخر االمر المحافظه على تماسك الماتمع ‪.‬‬
‫ويظهر ذلك بأوضح صوره في مصطلحات القرابه التصنيفيه ‪ ،‬فهذا النوع من المصطلحات يوجد بين‬
‫الاماعات القبليه البسيطه ‪ ,‬و المعتقد على العموم ان معظم هذه الماتمعات لها نظم قرابه تصنيفيه وليس‬
‫نظما ً وصفيه ‪.‬‬
‫لقد حاول مالينوفسكي في كتاباته عن القرابه ان يرد المصطلحات كلها بما فيها المصطلحات التصنيفيه‬
‫الى نفس تركيب االسرة او العائله الصغيرة التي يعتبرها نواة كل تنظيم اجتماعي وقبلي ‪ .‬وقد عرض‬
‫مالينوفسكي لهذا الموضوع في االصل اثناء الادل الطويل الذي كان يدور اثناء العشرينات و الثالثينات‬
‫من هذا القرن حول اذا ما كانت القرابه تستمد اصولها من الفرد او الماتمع ‪ ,‬اي اذا ما كانت اصول‬
‫القرابه فرديه او جماعيه و اذا ما كانت بالتالي نشأت في العائله او العشيرة ‪ .‬و لم يتردد في ان يذهب الى‬
‫انها نشأت أوال في االسره ثم اخذت تمتد وتتسع خارج نطاق االسره الصغيره المحدوده بنمو الشخص و‬
‫دخوله في عالقات قرابيه جديدة عن طريق الزواج و المصاهره ‪.‬‬
‫واعتمد مالينوفسكي في ذلك على المشاهدات الواضحه من انه بينما توجد االسره و العائله في كثير جدا ً‬
‫من الماتمعات وحدها فان العشيره ال يمكن ان تحل محلها تماما ً ‪ ,‬و انما هي توجد كنظام اضافي فقط‬
‫كذلك مع ان القبيله ككل تستخدم مصطلحات القرابه بمعنى واسع جدا ً فانها تستخدم هذا المصطلحات‬
‫ايضا في الوقت ذاته بمعناها الضيق الدقيق الذي ينطبق على اعضاء العائله في لمحل االول ‪ .‬فكأن‬
‫وجود الناحيه ((الاماعيه)) في القرابه الينفي وجود ((ناحيه)) الفرديه ‪ ,‬و سواء وجدت العشيره والقبيلة‬
‫‪19‬‬
‫او لم توجد فأن عائله الفرد تظل بالنسبه له دائما ً وحدة ثابته مستقره طيله حياته ‪ .‬ومصطلحات القرابه‬
‫ليست في نظره ال عالمه مميزه للعالقات االجتماعيه ‪.‬‬
‫فالقرابه‪ :‬تعتبر من الناحيه االجتماعيه ماموعه من العالقات المعقده المتشابكه الى أبعد حدود التعقد‬
‫والتشابك ‪ ,‬كما ان كل مصطلح قرابى يعبر عن عده أنساق للعالقات القرابيه التي تشارك في الضيق او‬
‫االتساع حسب االشخاص الذين يدخلون في كل نسق منها‪ .‬فهناك مثالً‪ :‬نسق من العالقات القرابيه خاص‬
‫بأفراد االسره و يعتبر بذلك أضيق هذا االنساق بحكم طبيعه االسره و قله عدد افرادها و بالتالي قله‬
‫العالقات التي تقوم بينهم ‪.‬‬
‫ثم هناك نسق اخر اوسع من ذلك‪ :‬يشمل دائرة االقارب الخارجين عن دائرة األسرة مباشره مثل العم‬
‫والعمه من جهة االب و الخال و الخاله من جهة االم مع ذريتهم و كذلك االجداد االربعه ‪.‬‬
‫ثم ياتي بعد ذلك نسق نموذج ثالث من المصطلحات‪ :‬يستخدم لدائره اوسع من ذلك مباشرة بحيث تشمل‬
‫االقارب الذين يعيشون في نفس المنطقه او الايره‪.‬‬
‫ثم هناك أخيرا المصطلحات التصنيفيه بمعنى الكلمه و هي تقوم الى حد كبير على التمايزات‬
‫واالختالفات القائمه في العشيره ‪.‬‬
‫اال ان مالينوفسكي يالحظ في كل ذلك ان على الرغم مما يبدو من ان الكلمه الواحدة تستخدم بطريقه‬
‫واحدة في كل ذلك المستويات او الدوائر القرابيه (كأن تستخدم كلمه ام الالم الحقيقيه والخالة وابنه اخ‬
‫االم و ما الى ذلك) فالواقع غير ذلك تماما ‪ .‬فالحقيقة هي ان استعمال الكلمه في تلك الماتمعات يختلف‬
‫من دائره الى اخرى ‪ .‬و قد يكون ذلك االختالف ضئيالً جدا ً و قد يعتمد على الناحيه الصوتي او طريقة‬
‫النطق بالكلمه و العاده أن هذا االختالفات ال تظهر واضحه امام الشخص الغريب الول وهله‪ ,‬و من هنا‬
‫كان علماء االنثروبولوجيا يعتقدون خطأ ان المصطلح القرابي الواحد يستخدم لعده فئات أو مره من‬
‫االقارب ينتمون الى دوائر و مستويات قرابيه مختلفه ‪.‬‬
‫والنتياه الطبيعيه من هذا كله هي ان مالينوفسكي يشكك في وجود ما يسمى بمصطلحات القرابه‬
‫التصنيفيه بالمعنى السائد في الدراسات االنثروبولوجيه و االجتماعيه‪ ,‬وقد يكون في هذا الرأي من‬
‫المغاالت والتطرف ولكن المهم في ذلك كله هو ان مالينوفسكي يذهب الى ان البيت هو ((المعمل))‬
‫الذي تصنع فيه عالقات القرابه وتصاغ ‪ ,‬كما ان تركيب االسره هو النموذج او النمط الذي تقام عليه‬
‫هذا العالقات ‪ .‬بيد ان البيت ال يقدممون اال المعنى االولى لمصطلحات القرابه التي التلبث ان تتسع‬
‫بالتدريج بحيث تشمل البيوت االخرى التي تدخل الفرد في عالقه مع اعضائها بتقدمه في العمر واحتالله‬
‫مراكز اجتماعيه جديده و قيامه بنشاطات اجتماعيه واقتصاديه لم يكن يمارسها من قبل ‪.‬‬
‫هذا معناه أنه كما قلنا ان القرابه تبدأ دائما ً باالسره ثم تتسع باتساع دائره العالقات االجتماعيه التي يدخل‬
‫فيها الطفل ‪ ,‬فياد في المحل االول اباء و اخوة و اخوات (بديلين) في هذا الييوت ‪ ,‬ثم يتصل تدريايا ً‬
‫بأجداده و اخواله و عماته و ابناء العمومة و الخؤوله المتقاطعه ‪ .‬و بعد االبلوغ يدخل عن طريق‬
‫التكريس في دائره قرابيه اوسع تستخدم لها مصطلحات قرابيه اوسه و اشمل ايضا ‪ ,‬ثم يدخل في دائره‬
‫قرابيه مختلفه عن ذلك كله عن طريق الزواج و هكذا‪ .‬و هذا كله يستتبع قبول و تمثل عالقات جديده‬
‫بالتدريج و خلق مصالح جديده ايضا دون ايضا دون ان تزول العالقات و المصالح القديم او تختفي تماما ً‬
‫‪ ,‬و بذلك ياد الفرد نفسه في اخر االمر ليس أمام عدد كبير من االقارب من حيث هم اقارب فحسب ‪ ,‬بل‬
‫‪20‬‬
‫و ايضا أمام عدة دوائر قرابيه متفاوته في االتساع التدرياي بحيث تشمل على التوالي ‪ :‬االسره ثم‬
‫االقارب الحواشي ثم االقارب في نفس الايره ثم افراد العشيره ثم االقارب في القبيله و اخيرا االقارب‬
‫عن طريق المصاهره ‪ .‬فالدوائر القرابيه االكثر اتساعا عي في حقيقة االمر مارد امتداد للتماسك‬
‫القرابى الموجود في العائله ‪ .‬و بذلك يمكن وضع مصطلحات القرابه الوصفيه التي تستخدم في االسره و‬
‫المصطلحات (( التصنيفيه )) (ان امكن قبول هذا التسميه) _ وهي التي تستخدم في العشيره _ جنباًالى‬
‫جنب بحيث نشير المصطلحات الوصفيه الى الاانب الفردي للقرابه و المصطلحات ((التصنيفيه)) الى‬
‫الاانب الاماعي ‪ ,‬اي المتعلق بالعشيره و ما شابهها من الاماعات القرابيه الكبيره ‪.‬‬
‫هذا التعارض بين ما يسميه مالينوفسكي بالاانب الفردي و الاانب الاماعي للقرابه ناد مثيالً له في‬
‫معظم النظريات االجتماعيه التي تعرضت للعالقه بين مصطلحات القرابه والبناء االجتماعي ‪.‬‬
‫ربما كان راد كلف بروان هو اهم من تعرض لهذا المشكله وان كان اتخذ في ذلك سبيالً اخر غير تلك‬
‫التي اتبعها مالينوفسكي ‪ ,‬كما ان نظريته تعتبر اكثر عمقا ً و فهما ً لطبيعه مصطلحات القرابه و نسق‬
‫القرابه ذاته على العموم ‪ .‬و الواقع ان جزءا ً كبيرا ً جدا ً من اهتمام راد كلف براون كان دائما منصرفا الى‬
‫دراسه القرابه و ما يتصل بها من موضوعات بعكس مالينوفسكي الذي لم يعط القرابه في ذاتها نصيبا ً‬
‫كبيرا ً من عنايته رغم كل ما كتبه عن الزواج و العائله و الحياه الانسيه عند الشعوب البدائيه ‪.‬‬
‫المحاضرة السابعة‬
‫حاول راد كلف براون في نظريته _ التي تاد قبوال واسعا االن بين علماء االجتماع واالنثروبولوجيا و‬
‫إن أدخلو عليها كثيرا من التعديل _ ان يستعين في دراسته لنظام مصطلحات القرابه عموما ً و‬
‫المصطلحات التصنيفيه على الخصوص بالمبدأ الذي سبقت االشاره اليه ‪ .‬و هو (مبدأ وحدة الجماعه‬
‫القرابيه) ‪ ,‬ولكن بعد تحويره بحيث يتالئم مع موضوع مصطلحات القرابه ‪ .‬وبذلك ذهب راد كلف‬
‫بروان الى القول بما أسماه ( مبدأ وحدة االخوه االشقاء) و تماسك هذا الوحده و تضامنها ‪ ,‬وذلك على‬
‫اعتبار ان الروابط التي تربط االخوه و االخوات في جماعه او مره اجتماعيه واحده تعتبر من اهم‬
‫الروابط في كل الماتمعات االنسانيه ‪ ,‬وان كانت االهميه تزداد و تظهر واضحه وفعاله ببعض‬
‫الماتمعات بشكل أقوى منه في ماتمعات اخرى و كما هو الحال فيها يتعلق بوحده الاماعه القرابيه‬
‫يحصل فيها من الداخل كثير من اسباب النزاع و الخالف و التي قد تقسم الى أقسام متمايزة تنقسم بدورها‬
‫الى اقسام اصغر فأصغر و مع ذلك فانها تعتبر من الخارج وحده متكامله ومتماسكه وتتصرف هي ذاتها‬
‫على هذا االساس تااه الاماعات القرابيه المتماثله فأن ((جماعه االخوة)) نؤخذ هي ايضا ً في كل‬
‫االحوال كوحده متماسكه و متضامنه ومتحده حين ينظر اليها من الخارج ‪ ,‬بغض النظر عما قد يكون‬
‫هناك من خالف او من تمايز و تفاضل بين افرادها ‪ .‬فليس المهم هنا هو االتحاد الداخلي الذي يظهر في‬
‫سلوك افراد هذا الوحدة او الاماعه بعضهم ا اء بعض ‪ ,‬و انما المهم هو وحدتهم بالنسبه لالشخاص‬
‫االخرين الخارجين عن تلك الاماعه حتى و ان كانت تقوم بينهم عالقات قرابيه قويه او حتى مباشره ‪.‬‬
‫فالمبدأ االساسي الذي يرتكز عليه النظام التصنيفي هو ان اي شخص يقف خارج جماعه االخوه ‪ ،‬يرى‬
‫نفسه داخالً في عالقه معينه بالذات بالنسبه لكل افراد هذا الاماعه نظرا الن الاماعه تؤلف بالنسبه له‬
‫وحده متكامله‪( .‬يوجد مخطط توضيح)‬
‫‪21‬‬
‫فاذا كان ا ‪ ,‬ب ح ‪ ,‬ء ‪ ,‬ه (في المخطط السابق) اخوه و اخوات و كأن س هو ابن احد الرجال الثالثه (ا‬
‫أو ح أوه ) اي انه يقف بالنسبه الحدهم فقط _ و ليكن هو موقف االبن من ابيه ‪ ,‬فإن هذا العالقه ذاتها‬
‫تربطه بنفس الطريقه بكل من ح ‪ ,‬ه‪ ,‬بل ان كثيرا من عناصر هذا العالقه تنعكس في موقفه من ب ‪,‬ء‬
‫‪,‬اي ان عالقته مع اخوه و اخوات االب تعتبر في نظره من نفس نوع العالقه التي تربطه بأبيه و بظهر‬
‫تشابه العالقه في هذا الحاله في استخدام كلمه واحدة او مصطلح قرابي واحد االفراد الاماعه من نفس‬
‫الانس ‪ ,‬و بذلك تطلق كلمه ((اب)) على االعمام ‪ .‬بل ان الشخص (س) و قد يراعي في كثير من‬
‫الماتمعات نفس قواعد السلوك ا اء أخت االب ( العمه ) و يعتبر العالقه التي تربطه بها من نفس نوع‬
‫العالقه التي تربطه باالب ‪ ,‬و لذا ناد ان المصطلح القرابي الذي يطلق على أخت االب في تلك‬
‫الماتمعات هو ((االب االنثى )) فيناديها و يشير اليها بهذا االسم او قد يستخدم اي مصطلح احر مشتق‬
‫من الكلمه التي يستخدمها الألب ‪ .‬و ليس في ذلك كثيرا من الغرابة فاالمر اشبه بما يوجد عندنا حيث‬
‫نطلق على اخت االب كلمه (عمه) اي العم االنثى‪ .‬هذا المبدأ البسيط يمكن تطبيقه هو نفسه خارج نطاق‬
‫العائله بحيث يشمل جميع درجات القرابه ‪ ,‬و بذلك يعتبر اخو ابي االب (اي عم االب ) كما لو كان جدا‬
‫مباشرا( ابو االب ) و بالتالي يطلق على ابنه كلمه ((اب ))( انظر الشكل صفحه ‪ ) 384‬و يحدث نفس‬
‫الشي بالنسبه لاماعه اخوة االم ‪ ,‬بحيث تعامل اخوات االم ( الحاالت ) معامله االم الحقيقيه ذاتها من‬
‫حيث استخدام نفس المصطلح القرابي او اتباع نفس انماط و قواعد السلوك ‪ .‬بل ان هذا قد يصدق في‬
‫كثير من الماتمعات على اخى االم ( الخال ) الذي يعامل بنفس معامله االم و يطلق عليه كلمه ( االم‬
‫للذكر ) كما هو الحال عند قبائل البانتو في افريقيا و قبائل التوناا في المحيط الهادى ‪ ،‬فواضح اذن أن‬
‫نظره الشخص الى جماعه االخوه _ايا كانت _ من خارج كوحدة متماسكه متكامله تاعله يقف من جميع‬
‫افراد هذا الاماعه موقفا ً موحدا ً بغض النظر عن اعتبارات الانس او السن ‪ ,‬و ان كان ذلك الينفي ان‬
‫هذا االعتبارات تؤخذ في الحساب في كثير من االحيان ‪ .‬و في ضوء هذا الموقف نستطيع ان نفسر‬
‫المصطلحات القرابيه التصنيفيه التي تستخدم في نظام االوماها مثالً (انظر صفحه ‪ )387‬حيث ناد انه‬
‫بالنسبه لموقف الشخص من جماعه االخوه التي تنتمي اليها االم يعتبر كل اخوات االم امهات و كل‬
‫اخوتها ‪( ,‬اخواال) و بذلك فان اوالد هؤالء االمهات التصنيفيات (الخاالت ) يعتبرون اخوه و اخوات له‬
‫تماما ً بنفس الطريقه التي يعتبر االوالد الذين تنابهم امه الحقيقيه اخوه و اخوات له ‪ ,‬و بذلك فانه يطلق‬
‫على ابناء خالته كلمه ا خاو اخت ‪ .‬فاذا وسعنا نطاق هذا الدائره القرابيه فاننا ناد نفس المبدأ بحذافيره ‪,‬‬
‫بحيث ان ابناء الخال تنطبق عليهم نفس المصطلحات التي تنطبق على افراد جماعه اخوة االم ذاتها ‪.‬‬
‫فانهم يطلقون كلمه ((ام)) على كل االناث ‪ ,‬و كلمه ((خال))على كل الذكور ‪ .‬و تتكرر هذا العمليه جيالً‬
‫بعد جيل بالنسبه لنفس الشخص ‪ .‬ومن هذا يتضح لنا ان مصطلحات القرابه ال تشير بشكل مباشرا الى‬
‫عالقات و روابط الدم القائمه فالً على ما يذهب اليه لويس مورجان ‪ ,‬او التي كانت قائمه في الماضي ‪,‬‬
‫مما ادى به الى افتراض وجودنظام الاماعه على ما ذكرنا‪ ,‬نظرا ً الن الشخص ال يعرف من يكون ابوه‬
‫_ او على االصح _والده_ في مثل هذا النظام فيطلق علك كل جماعه اال واج كلمه ((اب))‪ .‬و الواقع ان‬
‫كثير من الماتمعات التي تتبع نظام القرابه التصنيفي اليداخلها اي شك في التاكيد من شخص الوالد و‬
‫تعامل ذلك الوالد بطريقه تختلف بعض الشي عن بقيه االشخاص الذين يطلق عليهم (و عليه ايضا ) كلمه‬
‫(اب) ‪ .‬و حتى اذا سلمنا بأن الزعم الذي ذهب اليه مورجان بعض الوجاهه فيما يتعلق بتحديد (الوالد) من‬
‫بين جماعه اال واج لتخصيص صفه االبوه له ‪ ,‬فان ذلك ال يمكن ان يكون هو الوضع بالنسبه لألم ‪ .‬فأن‬
‫الشخص تكون معروفة دائما في كل الماتمعات و مع ذلك فأن كلمه (ام) تستخدم هي ايضا استخداما‬
‫تصنيفيا ً بحيث تطلق على عدد من النساء عالوة على االم الحقيقيه كما رأينا‪ .‬وعلى ذلك كان البد من‬
‫‪22‬‬
‫البحث على مبدأ اخر غير المبدا الاينالوجي المتعلق بقرابه الدم المباشرة لتفسير القرابه التصنيفيه ‪ .‬واذا‬
‫كان راد كلف بروان يقدم لنا تفسيره القائم على ما يسميه مبدأ وحده االخواة فان هذا المبدأ نفسه دخله‬
‫كثير من التعديالت و التحويرات واالضافات على أيدي كثير من العلماء من بعده ‪ .‬وعلى الرغم من انه‬
‫يظهر تحت اسماء اخرى كثيرة‪ ,‬فالعناصر االساسيه التي يرتكز عليها تفسير راد كلف بروان موجودة‬
‫في هذا التفسيرات الاديده و ان كانت تختفي تحت بعض التسميات المعقد او الغامضه و يكاد العلماء‬
‫االن يامعون على ان مصطلحات القرابه هي في حقيقه االمر مصطلحات تشير الى المنزله االجتماعيه‬
‫‪ .‬و ليست هذا نظره جديده على اي حال‪ ,‬فقد ظهرت بشكل او باخر في كتابات بعض علماء القرن‬
‫التاسع عشر تحت اسماء مختلفه و كذلك عند عدد من العلماء في أوائل هذا القرن ‪ .‬و هذا النظره ال ننكر‬
‫امكان وجود عالقه الدم الحقيقيه مع العالقه االجتماعيه في وقت واحد ‪.‬‬
‫المحاضرة الثامنة‬
‫نظرية القرابة ‪:‬‬
‫يحتل موضوع القرابة ومل يتصل به من مشكالت تتعلق بالزواج والعائلة مركزا رئيسيا في‬
‫الدراسات االجتماعية وبخاصة االنثروبولوجيا التي تعنى في المحل االول بدراسة‬
‫الماتمعات التقليدية او الماتمعات القبل الصناعية وربما ‪ .‬كان السبب في اهتمام العلماء‬
‫بدراسة القرابة وهو الهام الذي تلعبه عالقات وروابط القرابة في حياتنا اليومية عالوة على‬
‫طرافة الموضوع ذاته وبخاصة بما يتعلق بعادات الزواج المختلفة واشكال العائلة في مختلف‬
‫الماتمعات مما ياعل موضوع القرابة من اكثر موضوعات علم االجتماع واالنثروبولوجيا‬
‫جذبا واسترعاء ألنتباه العلماء واهتمامهم ‪.‬ولكن على الرغم من كثرة ماكتب حول القرابة‬
‫موضوع وخاصة حول نظم الزواج واشكال العائلة وتطورها ومشكالتها فال يزال ميدان‬
‫الدراسات القرابية يفتقر بشكل ملحوظ الى نظرية يمكن في ضوئها تحليل وفهم وتقسير‬
‫انساق القرابة المختلفة وليس من شك في ان ذلك يرجع من ناحية الى كثرة هذه األنساق‬
‫وأختالفها وتنوعها الى حد كبير ومن جهة الخرى الى تقدم نسق القرابة ذات في اي ماتمع‬
‫من الماتمعات وأتصاله الوثيق ببقية االنساق والنظم االجتماعية في ذلك الماتمع بحيث‬
‫‪23‬‬
‫يصعب فهمه أال بدراسة أألنساق والنظم ذاتها ومن هنا كان موضوع القرابة من أشد‬
‫الموضوعات أبهاما وغموضا واستغالقا على الفهم رغم كثرة ماكتب عنه وعلى اي حال ان‬
‫االهتمام بموضوع عالقات القرابة اهتمام حديث نسبيا على عكس الحال بالنسبة الى الزواج‬
‫والعائلة على الرغم من أن دراسة الزواج والعائلة تعتبر المدخل الطبيعي لدراسة انساق‬
‫القرابة ‪ .‬ومن المالحظ مثال ان كتب علم االجتماع فب اللغة العربية التشير العالقات القرابة‬
‫من قريب او بعيد بأعتبارها تؤلف نسقا متكامال يندرج تحته كثير من النظم والعالقات‬
‫الفرعية وتكتفي كلها بدراسة الزواج والعائلة‪ .‬والغريب في ذلك ان بن خلدون سبق له بفكره‬
‫الثاقب ان انتبه الى نسق القرابة في ماال حديثه عن العصبية ووضع بذور نظرية متماسكة‬
‫نقلها عنه كثير من المستشرقين وبخاصة روبرتسون سميث لكى تنتقل بعد ذلك الى علماء‬
‫األنثروبولوجيا البريطانيين وبخاصة ايفانز بريتشارد وتالميذه الذين اهتموا بدراسة انساق‬
‫القرابة في أفريقيا والعالم العربي ‪.‬ولكن لم ينتج لنظرية بن خلدون وأرائه ان تاد من يهتم بها‬
‫ويعمل على تطورها نظرا ألكتفاء المشتغلين بالعلوم االجتماعية في العالم العربي بالكتابة‬
‫عن نظم الزواج واشكال العائلة وترديد التقسيمات والتصنيفات التي تمتلئ بها كتب علم‬
‫االجتماع أألمريكي بوجه خاص وقد يكون العلماء الغرب عذرهم في أغفال الكالم عن نظم‬
‫القرابة والعالقات القرابية وأالكتفاء بدراسة العائلة والزواج على أعتبار أن القرابة بمعناها‬
‫الواسع ال تلعب دورهما في الحياة اليومية في الماتمعات الغربية وذلك بعكس الحال في‬
‫ماتمعاتنا وبخاصة في الماتمعات الريفية والبدوية ذات التنظيم القبلي‪ .‬والواقع ان اهتمام‬
‫علماء الغرب بدراسة أنساق القرابة يقتصر على علماء االنثروبولوجيا الذين يوجهون‬
‫اهتمامهم الى الماتمعات التقليدية حيث يدرسون فيها االنساق أالجتماعية المختلفة بما فيها‬
‫النسق القرابي وما يقوم بين هذه أالنساق من تفاعل وتتداخل وتشابك بقصد فهم البناء‬
‫أالجتماعي العام لتلك الماتمعات‪ .‬وال يزال معظم المشتغلين بالعلوم أالجتماعية عندنا‬
‫يشفقون من تطبيق المنهج االنثروبولوجي في دراستهم نظرا لمل يتطلبه ذلك من وقت طويل‬
‫يقضيه الباحث في الدراسة الحقلية المركزة عالوة على الماهود الكبير الذي يحتاجه التحليل‬
‫األنثروبولوجي للبناء أالجتماعي بكل تعقيداته‪ .‬ومهما يكن من شي فأنه من الصعوبة بإمكان‬
‫الفصل بين القرابة من ناحية الزواج والعائلة والعائلة من الناحية أألخرى حين ندرس‬
‫الماتمع التقليدي ‪ ,‬كما أن فهم نسق القرابة لن يتيسر للباحث أال بتحليل نظام الزواج في‬
‫الماتمع نظرا ألن نسق القرابة يقوم في اساسه على نوعين من العالقات هما عالقات الدم‬
‫وعالقات المصاهرة ‪ ,‬وهما الموضوعات االساسيات المتعلقات بالعائلة والزواج ‪.‬ويرجع‬
‫معظم الفضل في تنبيه أالذهان الى ضرورة أالهتمام بدراسة االنساق القرابية الى العالم‬
‫أألمر يكي لويس مورجان في القرن التاسع عشر ‪.‬وهذا الينفى بالطبع في وجود عدد من‬
‫الكتابات أألخرى التي ظهرت في ذلك الوقت او قبله بقليل والتي كانت تدور حول الموضوع‬
‫نفسه مثل كتابات باخوفن وماكلينان وغيرهما من علماء النصف الثاني من القرن التاسع‬
‫عشر ‪.‬ولكن كتابات مورجان تمتا على كل تلك الدراسات ألنها كانت الى حد كبير على‬
‫‪24‬‬
‫المعلومات والحقائق التي قام مورجان نفسه بامعها من عدد من قبائل الهنود الحمر وبخاصة‬
‫القبائل االيروكواي التي اتصل بها اتصال مباش لهذا الغرض وضمن تلك المعلومات كتابه‬
‫عن (أنساق روابط الدم والمصاهرة في العائلة البشرية ثم حاول تطويرها بعد ذلك في كتاباته‬
‫التالية وبخاصة في كتابه المشهور عن الماتمع القديم ولقد كان من الطبيعي ان يتاه هؤالء‬
‫العلماء في نظرياتهم عن القرابة اتااها تطوريا ‪ ,‬وذلك تماشيا مع التيار الفكري العام السائد‬
‫في ذلك الوقت في دراسة النظم أالجتماعية عن طريق البحث عن البداية االولى لتلك النظم‬
‫ثم تتبع المراحل المختلفة التي مرت بها واالشكال أتخذتها تلك النظم في مختلف المراحل‬
‫وعلى ذلك ناد مورجان يضع في كتابه نظرية تقوم في اساسها على تطور الحياة العائلية‬
‫والزواج من البساطة الى التعقيد حسب نسق عقلي تصور ان البشرية سارت تبعا له في‬
‫تطورها وتقدمها ‪ .‬وتقوم هذه النظرية على اساس ان كل ماهو مختلف عن النظم األوربية‬
‫يمثل مرحلة تطورية سابقة في الزمن واكثر تأخرا او تخلفا من تلك النظم التي كانت تعتبر‬
‫في نظر العلماء حينذاك قمة التقدم والتطور ‪.‬‬
‫المحاضرة التاسعة‬
‫سبق ان رأينا كيف أن مورجان في دراسته للحياة أالقتصادية ذهب الى القول بتطور طرق‬
‫المعيشة وانماط الحياة األقتصادية حسب خطوات مرسومة بدقة‪ .‬والواقع انه كان يحاول دائما‬
‫أن يربط تلك التغيرات والتطورات في ماال طريقة العيش بتغييرات معينة في شكل العائلة‬
‫ونظام القرابة وشكل الحكومة ‪ ,‬ولكنه كان يعطي أهتماما خاص الموضوع تطور اشكال‬
‫العائلة بأعتبارها األساس األول الذي تقوم عليه بقية النظم اإلجتماعية‪ ،‬وال يزال كثير من‬
‫علماء اإلجتماع المحدثين يعتبرون نظرية مورجان عن تطور العائلة ونسق القرابة هي أهم‬
‫نقطة في نظريته في التطور اإلجتماعي ‪ .‬وتتضمن نظرية مورجان في انه كان يرى‬
‫الماتمع البشري في البداية عبارة عن مرة أجتماعية بسيطة تعيش في حالة بدائية التحكمها‬
‫ضوابط أو قوانين أو قواعد خلقية كان افرادها يحيون حياة أباحية متحررة‪ .‬والمعلومات‬
‫بشكل لم يتوفر في كتابات غيره من العلماء المعاصرين له ‪ .‬ولم تكن نظرية مورجان هي‬
‫‪25‬‬
‫النظرية الوحيدة في هذا الصدد‪ ،‬فقد كانت هناك عدة نظريات لم تكن تقل عنها تماسكا من‬
‫الناحية المنطقية الصورية على األقل وأن لم يقدر لهذه النظريات أن تنتشر وتشيع من نظرية‬
‫مورجان لسبب أو ألخر ومع أن هذه النظريات تختلف فيما بينها في بعض التفاصيل المتعلقة‬
‫بالمعلومات التي يستشهد بها أصحابها بأنها تتفق فيما بينها حول طبيعة المبدأ الذي تقوم عليه‬
‫وهو مرور األنسانية بعدد من المراحل التي تتميز بأشكال معينة من الزواج والعائلة والقرابة‬
‫‪ ,‬وتتفق الى حد كبير أيضا في خصائص بعض هذه المراحل وبخاصة المراحل األكثر تقدما‬
‫وتطورا ‪.‬‬
‫وتعتبر نظرية باخوفن المعروفة بأسم ((حق األم)) من أهم هذه النظريات ‪ .‬وقد لعبت دورا‬
‫هاما في توجيه الفكر األجتماعي في القرن التاسع عشر وجهة معينة بالذات حين أفترضت‬
‫أن الشكل أألول للعائلة هو العائلة أألموية وأن نسق القرابة عن طريق النساء كان أسبق في‬
‫الظهور على نسق القرابة األبوي نظرا ألنتساب أألبناء الى أمهاتهم ‪ ,‬مما أضفى على المرأة‬
‫مكانة أجتماعية وأقتصادية وسياسية أعلى بكثير مما كانت ومركز الرجل ‪.‬‬
‫وقد استند باخوفن في نظريته عن سبق األنتماء األم الى ان طبيعة أألشياء تحتم ذلك ‪.‬‬
‫فالقانون الطبيعي يقضي بأهمية أألم بينما لم تذهب سيطرة االب وحقوقه األ بعد ذلك بكثير‬
‫ذلك أن أألنسانية في بدايتها تحتاج الى كثير من الرعاية والعناية وهو مايمكن للمرأة توفيره‬
‫من دون الرجل كما أن المرأة اقدر من الرجل على توفير السالم وتحقيق المحبة وبذر بذور‬
‫الخير ‪ .‬ولكن الى جانب األراء او الشخصية يستشهد باخوفن في التدليل على نظريته بكثير‬
‫من الشواهد واألدلة التي يستمدها على الخصوص من العصور الكالسيكية ‪.‬وكذلك منبعض‬
‫الماتمعات البدائية التي كانت معروفة في ذلك الحين ‪ .‬فالشعوب ذات الحضارة القديمة‬
‫وبخاصة السابقة على الحضارة الهليلية‪ ،‬كانت تمنح المرأة مكانة عالية مرموقة ‪.‬‬
‫فلقد ذكر هيرودت مثال أن الليقين كانوا يتبعون نظام األنتساب لألم بحيث بحيث كان األبناء‬
‫يحملون أسماء أمهاتهم كما كانت األم هي التي تتولى شؤون البيت والدولة على السواء ‪.‬‬
‫ويالحظ باخوفن أن كثيرا من أألساطير القديمة تشير الى المكانة العالية التي تتمتع بها المرأة‬
‫في العصور القديمة ‪ ,‬وفسر ذلك بأن هذه األساطير تعكس في الواقع النظام األمومي الذي‬
‫كان سائدا في تلك األحقاب السحيقة ‪ ,‬كما هو الحال مثال في أسطورة ايزيس المصرية التي‬
‫يستدل منها على الماتمع المصري المبكر كان ماتمعا أموميا وأن أألسطورة هي أحدى‬
‫رواسب تلك الحقبة ‪ .‬بل أن لفكرة أسبقية حق األم أساسا دينيا أيضا ‪ .‬ففكرة ((األم األرض))‬
‫التي منها خرجنا واليها نعود قديمة وراسخة في معظم األديان ‪ ,‬بل أن ((اله)) األرض يظهر‬
‫في معظم األساطير على أنه أنثى وليس ذكر ‪ ,‬كما أن أول مظهر للعبادة كان دائما عبادة‬
‫االلهة األنثى في كل ماتمعات القديمة المعروفة ‪ .‬ومهما يكن من شئ فثمة كثير من‬
‫الماتمعات البدائية وبخاصة في افريقيا ال تزال تعترف لألن بنظام األنتساب الى أألم ‪ ,‬وهذه‬
‫‪26‬‬
‫تمثل في رأيه ورأى العلماء التطوريين على العموم مرحلة سابقة قديمة من تطور الماتمع‬
‫البشري ‪ .‬فكأن األوضاع السائدة اذن في الماتمعات البدائية والكالسيكية على السواء (وهي‬
‫تمثل في رأس العلماء التطوريين مرحلة دنيا سابقة في تطور الحياة االجتماعية ) تؤيد أسبقية‬
‫سيطرة األم على األب في الزمن‪ .‬بيد أن باخوفن كان يرى رغم هذا أن (حق األم) وسيطرتها‬
‫ومركزها العالي الممتا في الماتمع لم يكن في واقع األمر هو المرحلة األولى في تاريخ‬
‫البشرية وتطور النسق القرابي ‪ ,‬وانما سبقتها مرحلة أخرى هي مرحلة التحرر الانسي‬
‫المطلق أو األباحية الانسية ولكن هذه أألباحية لم تظهر_ في رأيه _نتياة ألغراق الناس في‬
‫الشهوات واألنقياد ألهوائهم ‪ ,‬وأنما هي عنده مارد فكرة منهاية تعتمد على ألرأي القائل بأن‬
‫المرأة لم تخلق في األصل لكي تدفن نفسها بين ذراعي رجل واحد وقد انتقل باخوفن من ذلك‬
‫الى القول بأن ملكية الرجل الواحد ألمرأة معينة كان يعتبر خروجا على ارادة األلهة ‪ .‬وهذه‬
‫النتياة منطقية تتبع من المقدمات التي بدأ منها ‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد ثارت ثائرة النساء في مرحلة تالية من تطور الماتمع البشري على ذلك الوضع‬
‫المزري المهين ‪ ,‬وكانت هذه الثورة أيذانا بظهور الزواج كنظام أجتماعي ينظم العالقات‬
‫الانسية بين الرجل والمرأة ‪ .‬ولقد كان من الطبيعي أن تتمسك المرأة الثائرة على أالوضاع‬
‫بالسلطة والسيطرة في يدها ‪ ,‬وظهر بذلك (حق األم)ولقد كرست المرأة المسيطرة نفسها‬
‫لألغراض السلمية ‪ ,‬فأخترعت الزراعة ‪ .‬ومع ذلك فلم يكن الماتمع يرضى في البداية لألمر‬
‫عن هذا الوضع وكان ينظر الى الزواج على انه ثورة على القانون الطبيعي وخروج على‬
‫أرادة األلهة وبذلك كانت الماتمعات المبكرة ‪ ,‬وكذلك بعض الماتمعات البدائية الحالية ‪ ,‬تبيح‬
‫للمرأة في مواسم معينة أن تتصل جنسيا بأي رجل تشاء فيما يعرف بأسم (الزنا‬
‫الموسمي)الذي يعتبره باخوفن تكفيرا من الماتمع القديم المبكر والماتمع البدائي عن‬
‫(جريمة الزواج) ومع ذلك فقد سار النظام في طريقه التطوري وترتب على ذلك ظهور‬
‫اشكال جديدة مختلفة هي أألصل فيما نراه األن من أختالف في نظم القاربة والزواج والعائلة‬
‫‪ .‬ذلك أن المرأة فقدت سلطانها وسيطرتها في بعض الماتمعات فيما يتعلق بشؤون العائلة‬
‫بينما فقدت مكانتها السياسية فقط في الماتمعات اخرى ‪ ,‬وأدى ذلك على العموم نظام‬
‫األنتساب الى األب واألعتراف بالقرابة في خط الذكور وسيطرة الرجل في شؤون السياسة‬
‫واألقتصاد‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫المحاضرة العاشرة‬
‫الظاهر أن فكرة شيوع األباحية الانسية (أو الشيوعية الانسية أو شيوعية النساء كما تسمى‬
‫في بعض األحيان ) في بداية الظهور للماتمع البشري وماترتب عليها من ظهور األنتساب‬
‫الى األم والقرابة في خط الذكور كانت تلقى كثيرا من التأييد من علماء األجتماع‬
‫واألنثروبولوجيا في ذلك الحين تاد النظرية ذاتها معروضة بشكل أو بأخر في كثير من‬
‫الكتب القيمة مثل كتاب بريفولت عن األمهات وكتابات ماكلينان وبخاصة كتابه عن (الزواج‬
‫البدائي) وهي كلها كتب ودراسات ظهرت ظهرت في أوقات متقاربة وان كان كتاب‬
‫بريفولت ظهر متأخرا بعض الشئ ‪ .‬وقد تمكن ماكلينان على الخصوص من الوصول الى‬
‫نتائج مشابهة الى حد كبير النتائج التي توصل أليها باخوفن رغم انه ابتدأ من بدايات مختلفة‪.‬‬
‫وقد كان ماكلينان مهتما في األصل بالبحث عن اصل الزواج الداخلي أو األندوجامي‬
‫‪ Endogamy‬والزواج الخارجي أو األغترابي أو األكسوجامي ‪ ,Exogamy‬ولقد أفلح‬
‫ماكلينان كمعظم علماء عصره في وضع نظريته في قالب منطقي نظري متماسك ‪ .‬ولقد ابتدأ‬
‫ماكلينان من أفتراض أن األنسانية في مرحلتها األولى كانت تعيش في حالة فوضى خلقية‬
‫وأباحية جنسية مطلقة ‪ ,‬وكانت الاماعات القبلية القديمة تعيش في حالة حرب دائمة وأغارات‬
‫مستمرة ومتبادلة ‪ .‬وقد أستلزمت الحرب منهم أن يتخلصوا من البنات الالتي كن يعبرن‬
‫عامال معوقا في الحرب في ناحية ‪ ,‬وخشية وقوعهن في األسر من ناحية اخرى ‪ ,‬وبذلك‬
‫‪28‬‬
‫ظهر وأد البنات في تلك الماتمعات القبلية المتحاربة ‪ .‬إال ان وأد البنات خلق امام هذه القبائل‬
‫صعوبة بالغة فيما يتعلق بالزواج حيث تقدمت الماتمعات االنسانية وتخلصت من حالة‬
‫اإلباحية األولى ‪ ,‬فلم يكن لدى اي جماعة منها مايكفي لزواج جميع افرادها البالغين من‬
‫الذكور وعلى ذلك كان النظام السائد هو سرقة النساء وخطفهن بالقوة والغصب في اول‬
‫األمر ‪ .‬وظل األمر كذلك حتى تقدمت األنسانية مرة اخرى واصبحت العالقات بين‬
‫الاماعات المختلفة اقل عنفا ً واكثر مودة ‪ ,‬ومع ذلك ظل الرجل يتزوج من خارج جماعته‬
‫مما يعني ان الزواج االكسوجامي ‪ Endogamy‬كان اسبق في الظهور على الزواج الداخلي‬
‫او األندوجامي‪ ,Endogamy‬كما ظل خطف الزوجة قائما ولكنه اصبح مارد عملية رمزية‬
‫فقط تشير في الوقت نفسه الى النظام المتبع في الماضي وفي تلك المرحلة القديمة حيث كان‬
‫يصعب العثور على نساء و وجات لكل رجال الاماعة الواحدة ‪ ,‬كما كان يحدث كثيرا ً ‪ ,‬كان‬
‫البد من أن يشترك عدد من الرجال في إمرأة واحدة ‪ ,‬واألغلب ان هؤالء الرجال كانوا في‬
‫اول األمر من األغراب ‪ ,‬وظهرت بذلك مرحلة تعدد األ واج القديمة المندثرة أو كما يسميها‬
‫ماكليتان بالبولياندرية (تعدد األ واج) العتيقة ‪ . Archaic polyandry‬وقد دخل على هذا‬
‫الشكل بعض التغيير والتهذيب بتقدم الماتمع ‪ ,‬وذلك حين اصبح األ واج الذين يشتركون في‬
‫امرأة واحدة هم من األخوة ‪.‬‬
‫ويطلق ماكلينان على هذا الشكل اسم البولياندرية األخوية ‪ fraternal polyandry‬وعلى اي‬
‫حال فأنه في كال النوعين من البولياندرية (تعدد األ واج) كان البد أن ينتسب األبناء الى األم‬
‫مادامت األبوة غير مؤكدة أو غير صريحة على األقل ‪ .‬وكانت الزوجة في البولياندرية‬
‫العتيقة الزائلة تعيش هي واطفالها مع امها وأخواتها كما كان األطفال يحملون اسم عائلتها ‪,‬‬
‫ثم اخذت الزوجة تستقل بعد ذلك عن عائلتها في بيت مستقل بحيث يزورها األ واج كل‬
‫بدوره حسب نظام مرسوم لهم ولكن ظل األطفال يعيشون معها ايضا ً ‪.‬‬
‫اما في البولياندرية األخوية فأن الزوجة كانت تنفصل عن عائلتها وتنتقل لتعيش مع عائلة‬
‫األخوة األ واج ‪ ,‬كما كان أبناؤها يعيشون هناك ايضا ً ‪ .‬وبمرور الزمن وتقدم الماتمع‬
‫وانفصال الزوجة شيئا ً فشيئا ً عن اهلها اخذ الميل يزداد نحو انتماء األوالد الى عائلة األ واج‬
‫األخوة ويحملون على الخصوص اسم األخ األكبر ‪ ,‬فكأن األنتساب الى األب ظهر في مرحلة‬
‫متأخرة نسبيا ً ونتج عن السكنى واألقامة مع األخوة األ واج واهلهم ‪ . patrilocality‬وقد‬
‫حاول ماكلينان ان يستدل على صحة نظريته باألستعانة بمزيد من النظم األجتماعية األخرى‬
‫مثل نظام الزواج الليفيراتي (‪ )leviratic marriage, levirate‬الذي يتحتم على الرجل‬
‫بمقتضاة الزواج من ارملة اخيه ‪ ,‬وهو نظام متفشي بكثرة في عدد كبير من الماتماعات‬
‫ويعتبرها ماكلينان جزءا ً طبيعيا من النظام البولياندري واحد مخلفات هذا النظام الهامة‬
‫وكذلك استدل ماكلينان على ذلك ببعض مصطلحات القرابة الشائعة عند عدد من قبائل الهنود‬
‫‪29‬‬
‫الحمر حيث يستخدم الرجل مصطلحا ً قرابيا ً واحدا ألبيه وأعمامه على السواء‪ .‬ولم يظهر‬
‫الزواج األحادي اال في مرحلة تالية على ما قال موجان ‪.‬‬
‫تكتفي هذه األمثلة للكشف عن األتااه العام الذي سارت فيه نظرية القرابة في القرن التاسع‬
‫عشر ‪ ,‬وهو نفس األتااه الذي حاول علماء األجتماع واألنثروبولوجيا في ذلك الحين‬
‫االستعانة به لتفسير النظم األجتماعية عموما ً على مارأينا حين تكلمنا عن النسق األقتصادي‪,‬‬
‫والذي يفرض وجود مراحل محددة بدقة يمر فيها النظام األجتماعي الواحد بحيث يتحذ شكالً‬
‫معينا ً بالذات في كل مرحلة وبحيث يرتكز كل شكل منها على األشكال التي سبقته في‬
‫الظهور ويمهد الطريق لظهور شكل تال اكثر منه تطورا ً ‪ .‬وتصدق هذه المراحل التطورية‬
‫في نظر علماء القرن التاسع عشر على الماتمع البشري برمته وعلى كل ماتمع حدة ‪.‬‬
‫واختالف النظريات التطورية في تحديد هذه المراحل وأشكال الزواج والقرابة وترتيبها دليل‬
‫على ان هذه النظريات كانت تعتمد في المحل األول على التفكير النظري المارد ‪ ,‬فهي‬
‫جهود شخصية تعكس وجهة نظر أصحابها قبل كل شيء مع محاولة تدعيم هذه اآلراء‬
‫ببعض القرائن واألدلة التي كثيرا ً ماكان يساء فهمها وتأويلها كما هو الحال في اعتبار‬
‫استخدام كلمة واحدة لألب واألعمام دليالً على اشتراك اإلخوة في امرأة واحدة ‪ ,‬وهي مسألة‬
‫سوف نعرض لها فيما بعد في ضوء المعلومات اإلثنوجغرافية المتوفرة األن بكثرة وذلك في‬
‫معرض كالمنا عن مصطلحات القرابة ‪.‬‬
‫ولم تسلم النظرية التطورية وبخاصة آراء مورجان من النقد والتاريح ‪ .‬ومعظم األنتقادات‬
‫التي وجهت إليها قامت على اساس اخفاقها في األستعانة بالحقائق والوقائع اليقينية في التدليل‬
‫على صحة وجود تلك المراحل التطورية بالفعل وبخاصة المراحل المبكرة ‪ .‬فليس هناك‬
‫مايدل بشكل قاطع على وجود مرحلة اإلباحية أو الشيوعية الانسية التي قال بها هؤالء‬
‫العلماء والتي قبلها انالز ‪ ENGELS‬بعد ذلك ‪ .‬فهذه مرحلة افتراضية بحتة لاأ اليها العلماء‬
‫التطوريون الستكمال النسق الذهني النظري بحيث تبدو عملية التطور من البسيط الى المعقد‬
‫عملية متكاملة ‪ .‬وهذا نفسه يصدق الى حد كبير على ما يسميه مورجان بزواج الاماعة ‪.‬‬
‫وافتراض قيام هاتين المرحلتين مسألة طبيعية ومنطقية ال مة من نفس المقدمات التي بدأ‬
‫منها هؤالء العلماء والتي تفترض انه مادام األنسان قد تطور من بعض األشكال الحيوانية‬
‫األدنى منه فال بد من أن يكون قد مر في حياته المبكرة بمرحلة حيوانية لم يكن يخضع فيها‬
‫ألي مقاييس أو معايير أو ضوابط خلقية تحكم سلوكه وتصرفاته وأن ذلك انعكس بالصورة‬
‫في حياته وعالقاته الانسية قبل ان تخضع للقيود والتحريمات التي صاحبت المراحل التالية‬
‫من تطوره الفيزبقي ‪ .‬وليس أدل على تهافت النظرية التطورية في هذا الصدد بالذات من انه‬
‫في الوقت الذي كان باخوفن وماكلينان يناديان بنظرية سبق نظام القرابة األمومي كان سير‬
‫هنري مين ‪ sir henry Maine‬ينادي من ناحية اخرى بسبق ظهور نظام القرابة األبوي‬
‫‪30‬‬
‫وذلك في كتابه عن ((القانون القديم ‪ , ))ancient law‬وقد اعتمد مين في ذلك على ان‬
‫الغريزة الطبيعية في األنسان تاعله يأبى مشاركة شخص اخر في وجته ‪ .‬وقد تكون هناك‬
‫من القرائن ما يكذب رأى مين حيث ان البولياندرية تمارس في الحقيقة في بعض ماتمعات‬
‫قليلة مثل التودا ‪ todas‬ولكن الذي يهمنا هنا هو ان العلماء التطوريين في ذلك القرن لم‬
‫يكونوا يستندون دائما ً على معلومات اكيدة في اقامة نظرياتهم‪.‬‬
‫كذلك اعترض بعض العلماء من أمثال وسترمارك ‪ Westermarck‬على الزعم بظهور نظم‬
‫الزواج التعددي قبل الزواج األحادي استنادا ً الى تشابه حياة األنسان المبكر وأنماط الحياة‬
‫الحيوانية األخرى وذهبوا الى أن الزواج األحادي كان اسبق في الظهور ‪ .‬ومن الطريف أن‬
‫وسترمارك اعتمد في ذلك على المعلومات المؤكدة عن الحياة الانسية لدى القردة العليا أو‬
‫بعضها على األقل ‪ ,‬حيث يكتفي الذكر باألتصال جنسيا ً بأنثى واحدة يدافع عنها ويضل‬
‫مخلصا ً لها ‪ ,‬وعلى ذلك ذهب وسترمارك الى ان الزواج األحادي او المونوجامي‬
‫‪ monogamous‬ليس هو الشكل األول للزواج فحسب بل والشكل الطبيعي ايضا ً بينما‬
‫صور الزواج األخرى ليست سوى تطورات استثنائية في تاريخ البشرية ‪ .‬ففي كل‬
‫الماتمعات التي تعترف بنظام التعدد ناد هناك ميالً ولو رمزيا ً الى وحدانية الزواج ‪ .‬فحيث‬
‫يوجد تعدد الزوجات توجد في األغلب وجة كبرى مفضلة ‪ ,‬بينما تنزل الزوجات األخريات‬
‫منزلة ثانوية بالنسبة اليها ‪ .‬كما انه حيث يوجد تعدد األ واج فأنه يوجد غالبا ً وج رئيسي هو‬
‫في العادة األخ األكبر الذي ينسب األوالد اليه كما هو الحال عند التودا ‪.‬‬
‫كذلك خضعت مرحلة ((العائلة الدموية)) التي قال بها مورجان للنقد والتسفيه ‪ .‬وتقوم هذه‬
‫األنتقادات على ان مورجان رغم كل جهوده في تبيين الدالالت األجتماعية لمصطلحات‬
‫القرابة وقع في نفس األخطاء التي كان يعمل على تصحيحها ‪ .‬فقد استدل مورجان على‬
‫وجود هذا النوع من العائلة من تحليله لمصطلحات القرابة الشائعة في جزر هاواي على ما‬
‫ذكرنا ‪ ,‬وأخطأ في اعتباره ان استحدام المصطلح الواحد لعدد من األشخاص يشير بالضرورة‬
‫الى وجود عالقات جنسية من نوع ما ‪ ,‬وأن جميع األشخاص الذين يطلق عليهم كلمة ((أب))‬
‫هم في واقع األمر أشخاص يتصلون جنسيا ً باألم أو على األقل لهم الحق في األتصال بها‬
‫جنسيا ً والواقع ان العلماء المحدثين يرفضون هذا الرأي بشدة ويميزون بين نوعين من القرابة‬
‫هما القرابة الفيريقية والقرابة األجتماعية ‪ ,‬فقد يحتل الرجل من شخص معين منزلة األب‬
‫وينادي بتلك الكلمة دون أن يكون أبا ً حقيقيا ً له ودون ان يكون له حق األتصال جنسيا ً باألم‬
‫على ما سنرى فيما بعد ‪.‬‬
‫المحاضرة الحادية عشرة‬
‫‪31‬‬
‫مع ان النظرية التطورية في القرابة كما كانت تظهر في كتابات القرن التاسع عشر لم تعد‬
‫تحتل مركزا ً محترما األن في الكتابات الحديثة ولم تعد تاد لها أنصارا ً من بين العلماء‬
‫المحدثين نظرا ً للمأخذ التي تؤخذ عليها ‪ ,‬فهناك بعض المحاوالت في امريكا يتزعمها األن‬
‫بعض علماء األنثربولوجيا الذين يحاولون بعث النظرية التطورية ولكن في قالب اخر مع‬
‫ادخال تعديالت جوهرية عليها ‪.‬ويسلم هؤالء العلماء من امثال هوايت بأن نظم العائلة‬
‫والزواج والقرابة مرت باشكال مختلفة تمثل مراحل تطورية ‪ ,‬ولكن هذا يصدق على‬
‫الماتمع البشري بأجمعه وفي تأريخه ككل دون ان يستتبع ذلك مرور كل ماتمع على حدة‬
‫بتلك المراحل ‪ ,‬أو ان الزواج في عائلة في اي ماتمع معين بالذات البد ان يمر بكل تلك‬
‫المراحل ‪ .‬فلكل ماتمع ظروفه التي تهيئ لظهور شكل معين وللعائلة والقرابة يمثل مرحلة‬
‫معينة من مراحل تطور النظام ككل ‪ ,‬كما ان كل النظم ماتمعة يمكن ان ترتب من البساطة‬
‫الى التعقيد بحيث تعطينا فكرة واضحة عن تطور ذلك النظام ككل خالل التأريخ ‪.‬وهذا الرأي‬
‫في مامله ال يختلف اختالفا كبيرا عما يعتنقه على اي حال العلماء الوظيفيون المحدثون فيما‬
‫عدا فكرة ترتيب األشكال األجتماعية في سلسلة تطورية واحدة متماسكة ‪ ,‬وان كل اشكال‬
‫منها يمثل مرحلة معينة من مراحل التطور ‪.‬‬
‫ولقد كان ألتساع معرفة العلماء المحدثين بالماتمعات المختلفة واتصالهم المباشر بتلك الماتمعات‬
‫وتعرفهم على مختلف أنماط النسق القرابي واهتمامهم بوجه خاص بتحليل تلك األنساق الى مكوناتها‬
‫البسيطة من ناحية ‪ ,‬وتحليل العالقات المتبادلة المتشابكة التي تربطها ببقية األنساق السائدة في تلك‬
‫الماتمعات كل على حدة ‪ ,‬اثره الكبير الواضح في تخلص النظرية الحديثة من شوائب االتااه التطوري‪.‬‬
‫فالعلماء المحدثون يرون ان نفس الوظيفة الطبيعية للعائلة هي التي تحدد بناءها ‪ .‬فبدون الزواج البد من‬
‫ان يضمحل الماتمع ويزول ‪ ,‬وكان لهذا أثره بالضرورة على الزواج ‪ .‬وعلى ذلك فاختالف اشكال‬
‫الزواج واشكال العائلة وأنماط النسق القرابي ال يمكن ان يكون مرجعها الى درجة التطور ‪ ,‬وانما‬
‫مرجعها هو باألحرى الى الظروف األجتماعية السائدة في كل شعب او في كل ماتمع من تلك‬
‫الماتمعات على حدة ‪ .‬اي ان الظروف والمالبسات المحلية السائددة في الماتمع هي التي تتضافر على‬
‫ايااد نظام معين للزواج وللعائلة ويؤكد من ذلك أن نظام الزواج األحادي أو المونوجامي الذي يامع‬
‫العلماء التطوريون على اعتباره أرقى أشكال الزواج واخرها في الظهور (على ااعتبار انه الشكل الشائع‬
‫في الماتمعات الغربية ‪ .‬يوجد في الوقت ذاته في كثير من اكثر الماتمعات تأخرا وبساطة من حيث‬
‫التنظيم االجتماعي والحياة والحياة االقتصادية ‪ ,‬مثل سكان جزر األندمان في المحيط الهندي الذين‬
‫ينظرون الى تعدد الزوجات بخوف وفزع ومثل الفيدا والناجا البدائية البسيطة ‪ .‬فكأن الزواج أألحادي‬
‫والعائلة البسيطة أو األولية التي تقوم وترتكز عليه توجد في ماتمعات عديدة تنتمي الى مستويات‬
‫حضارية واجتماعية مختلفة ووجودها اذن ال يتعلق بمراحل التطور ‪.‬‬
‫وكان معنى ذلك كله ان العلماء ان العلماء المحدثين ‪ ,‬وبخاصة علماء االنثروبولوجيا الذين يهتمون‬
‫بدراسة الماتمع التقليدي والماتمعات األكثر بساطة على العموم ‪ ,‬حين يدرسون نسق القرابة في تلك‬
‫الماتمعات ينظرون من حيث هو صورة من صور التنظيم األجتماعي ‪ ,‬وانه يقسم الماتمع الى فئات أو‬
‫جماعات متمايزة من الناس ‪ ,‬ولكنه يربط في الوقت ذاته افراد كل جماعة بروابط من نوع هي التي‬
‫‪32‬‬
‫نسميها روابط القرابة ‪ ,‬كما ان هذه الاماعات ذاتها قد ترتبط احداها باألخرى بروابط من نفس النوع ‪.‬‬
‫فتو ع الناس اذن في جماعات عائلية يعتبر عامال من الهم العوامل للبناء االجتماعي ‪ .‬وتتفاوت هذه‬
‫الاماعات العائلية في الحام ‪ ,‬اي من حيث عدد الشخاص واالجيال الذين يدخلون في تكوينها بحيث يبدو‬
‫بعضها على درجة جدا من التعقيد ‪ ,‬وتحتاج الى درجة عالية جدا ايضا من المهارة والمثابرة لتحليلها‬
‫وتفهم طريقة عملها ومعرفة بناءها الداخلي ‪ ,‬اي العالقات التي تقوم بين األفراد الذين يدخلون في‬
‫تكوينهم ‪ .‬ومع ان كثيرا كم جهود العلماء المحدثين تنصرف نحو تصنيف تلك الاماعات العائلية والتمييز‬
‫بينها ‪ ,‬فأن ذلك يتم بقصد الوصول الى فهم أعمق لبناءها ووظيفتها في الماتمع ‪ ,‬وليس بقصد أقامة اية‬
‫نظريات عن تصورها عبر التأريخ ‪ .‬وهذا ال يعني أن العلماء الوظيفيين يقفون موقفا معاديا من الدراسة‬
‫لتأريخ العائلة او أألنساق القرابة ذاتها ‪ ,‬وانما ينصب عداؤهم على الناحية الظنية أو التخمينية أو‬
‫أالفتراضية التي كانت تشيع في نظريات علماء القرن التاسع عشر وتخرج نظرياتهم بذلك من نطاق‬
‫العلم الصحيح ومن هنا يقتصر العلماء المحدثون في دراستهم ألنساق القرابة على تحليل كل منها الى‬
‫مكوناته ‪ ,‬وتتبع العالقات المتبادلة بينه وبين بقية أألنساق التي تشترك في تكوين البناء األجتماعي ‪.‬‬
‫المحاضرة الثانية عشرة‬
‫سبق ان ذكرنا أن العلماء للقرن التاسع عشر استدلوا من بعض مصطلحات القرابة المستخدمة في عدد‬
‫من الماتمعات القبلية البدائية والتي تطلق على عدد كبير من األشخاص في الوقت نفسه على مرور‬
‫االنسانية بمرحلة من التحرر الانسي المطلق ثم بمرحلة واج الاماعة ‪ ,‬وأن نظام األنتساب لألم سبق‬
‫على هذا األساس نظام االنتساب لألب ‪ .‬فأستخدام كلمة قرابية واحدة أو مصطلحها قرابيا واحدا لعدد من‬
‫االشخاص (مثل استخدام كلمة ((أب)) لألعمام كان يعني عندهم أذن وجود عالقة جنسية بين هذه الفئة‬
‫من االشخاص وامرأة واحدة أو عدة نساء ‪ ,‬وبالتالي فأن مصطلح القرابة يشير بالضرورة الى وجود‬
‫رابطة دم وقيام بيولوجية بالفعل وعلى الرغم من ان للقرابة جانبين متكاملين هما الاانب البيولوجي‬
‫والاانب االجتماعي فأن تمسك علماء القرن الماضي بهذا المبدأ ومحاولتهم تطبيقه في كل األحوال‬
‫وعلى كل النظم أدى الى وقوعهم في كثير من األخطاء ‪ ,‬وترتب عليه ظهور تلك التفسيرات والنظريات‬
‫التي التستند في واقع األمر الى اية حقائق أو معلومات مؤكدة ‪ .‬ويبدو هذا األتااه واضحا من نفس‬
‫عنوان كتاب مورجان الذي الذي سبقت األشارة اليه وهو ((أنساق روابط الدم والمصاهرة في العدالة‬
‫األنسانية )) وكان يقصد بروابط الدم ‪ .‬مانقصده االن من كلمة (قرابة) ‪ ,‬وفي ذلك مايدل بوضوح على‬
‫اعتقاده واعتقاد غيره من العلماء من أن القرابة تستند بالضرورة الى روابط الدم وأن العنصر البيولوجي‬
‫هو بالتالي عنصر جوهري في قيام العالقات القرابية ‪ .‬ومع التسليم بوجود العنصر البيولوجي في القرابة‬
‫في معظم األحوال فقد دلت األبحاث والدراسات األنثروبولوجية التي أجريت في عدد كبير من‬
‫الماتمعات البدائية والاماعات القبلية في افريقيا وأستراليا وغيرها وغيرها على أن هناك بعض نظم‬
‫القرابة التي التعترف بوجود ذلك العنصر البيولوجي ‪ ,‬وان الماتمع كثيرا مايعتبر بعض األشخاص‬
‫أقارب دون ان تكون بينهم اي صلة أو رابطة من روابط الدم ‪ ,‬كما انه في أحيان اخرى ال يعترف‬
‫الماتمع بوجود روابط وعالقات قرابية بين أشخاص تقوم بينهم روابط الدم ‪ .‬ومن هنا ناد ان الرأي‬
‫السائد االن بين العلماء المحدثين هو أسقاط كلمة (رابطة الدم) تماما من كتاباتهم واستخدام كلمة قرابة‬
‫بدال منها ‪ ,‬على اعتبار أن للكلمة األولى بعض الدالالت الخطرة ‪ ,‬كما انهم في معالاتهم ألنساق القرابة‬
‫‪33‬‬
‫يغفلون تماما الناحية البيولوجية ويركزون اهتمامهم على الدالالت األجتماعية لتلك األنساق فالقرابة‬
‫تعالج االن في الدراسات األجتماعية واألنثروبولوجيا على انها نظام اجتماعي بحت ينظم العالقات‬
‫األجتماعية بين أفراد معينين في الماتمع يعرفون بأنهم أقارب حتى وان لم توجد بينهم صالت بيولوجية‬
‫والواقع ان بعض الماتمعات البدائية اليدرك في مسألة القرابة ‪ ,‬وبخاصة العالقة بين أألب واألبن وجود‬
‫الصلة البيولوجية ‪ .‬فكثير من الاماعات القبلية األمومية في أستراليا رغم معرفتها نظام الزواج التدرك‬
‫الصلة بين المباشرة الانسية واألنااب وانما ترد األنااب الى تسلسل ارواح األجداد أو االسالف الى‬
‫رحم المرأة (المتزوجة)‪.‬وهذا االعتقاد نفسي يشيع عند التروبرياند ويذكر لنا مالينوفسكي أن فكرة األبوة‬
‫الفسيولوجية غير معروفة لديهم وأن (كل عملية ظهور أي حياة جديدة في الماتمع تتركز في العالقة بين‬
‫عالم األرواح وأعضاء المرأة التناسلية ‪ ,‬وانه ليس ثمة مكان من اي نوع االبوة الفيزيقية))‪ .‬صحيح ان‬
‫الفتاة العذراء التحمل والتلد ولكن ذلك راجع في رأي التروبو يانديين أال ان رحم الفتاة العذراء مغلق‬
‫امام االرواح فال تستطيع التسلل اليه فالزواج والعالقة الانسية هما الوسيلة الوحيدة التي يمكن بها أ الة‬
‫العوائق التي تعترض سبيل تلك أالرواح دون ان يكون لهما هما نفسها دخل في عملية األنااب ‪.‬‬
‫وليس هذا األمر قاصر على الماتمعات االمومية التي يرد نسب الطفل فيها الى االم ويسود فيها نظام‬
‫القرابة االمومي واليحتل فيها االب سوى مكانة اجتماعية ثانوية بالنسبة لمكانة االم وانما هناك أمثلة‬
‫اخرى كثيرة في الماتعات االبوية التي ترتكز السلطة فيها بيد الرجال كما يرد النسب فيها في خط‬
‫الذكور ولكنها مع ذلك التعطي اهمية كبيرة في بعض الحاالت على أألقل الناحية البيولوجية وأن كانت‬
‫تعترف بوجودها فقد يكون من االفضل ان نذكر هنا بعض األمثلة المستمدة على الخصوص من‬
‫الماتمعات القبلية في أفريقيا لتوضيح التفرقة التي يقيمها العلماء المحدثون بين الناحيتين البيولوجية‬
‫واألجتماعية للقرابة‪.‬‬
‫ان التمييز بين نوعي األبوة من أفضل االمثلة التي تلعب دورا هاما في فهم األنساق القرابية في‬
‫كثير من الماتمعات وعالقات القرابة المعقدة التي تربط أفرادها ‪ ,‬وتعني بذلك التفرقة بين االب الفيزيقي‬
‫واالب األجتماعي والمقصود باألب الفيزيقي هو األب الذي أناب الطفل واألب األجتماعي هو األب‬
‫الذي ينتسب اليه الطفل بالفعل فيحمل اسمه ويرث مكانته ومركزه األجتماعي كما يرث ثروته ‪ .‬ومع‬
‫األبوة المثالية هي تلك التي يكون فيها األب الفيزيقي (أو الوالد المناب) واألب أألجتماعي شخصا واحدا‬
‫‪,‬فأن ذلك ليس هو الحال دائما فعند النوير نرى أنه عندما يقتل شخصا غير متزوج في احد المعارك فأن‬
‫اهل القاتل يقدمون ألهل القتيل لكي يتم الصلح بين الاماعتين أحدى فتياتهم ليزوجوها الى (اسم القتيل)‬
‫نفسه‪ ,‬ويقوم احد اهل القتيل العاصبين بأألتصال بها جنسيا بأعتراف الماتمع واقراره ‪ ,‬على ان ينتسب‬
‫األطفال الذين تنابهم تلك المرأة الى القتيل نفسه ‪ ,‬فيعتبرون أبناء شرعيين له يحملون أسمه ويرثون‬
‫مكانته األجتماعية ويتمتعون بكل الحقوق واألمتيا ات التي كانت ستؤول اليهم فيما لو كان القتيل نفسه قد‬
‫أنابهم بالفعل ويعرف هذا النوع من الزواج بأسم ( واج الشبح)‪ ,‬وفي هذا النوع من الزواج ناد أن‬
‫القتيل يقوم بدور أالب (أألب األجتماعي) بينما قريبه العاصب بدور الوالد (االب االفيزيقي)‪ .‬النظام‬
‫ناشئ من تطور البناء األجتماعي القبلي عند النوير ‪ .‬فالماتمع النويري يقوم اساسه على ضرورة‬
‫تماسك القبيلة عبر الزمن ولذا فأنهم يحرصون على تذكر اسماء االشخاص الذين ماتوا ويفخرون بهم‬
‫على اساس ان عدد أفراد القبيلة له أهمية في حياتهم اليومية ‪ .‬ولمل كانت أفضل طريقة لذلك هي أن‬
‫يترك المرء من خلفه من يحمل اسمه فأن الماتمع يعمل على تعويض الشخص الذي يموت قبل أن يناب‬
‫عن الطريق نظام واج الشبح ‪ ,‬حتى يحرم ذلك الشخص من القرابين وأألضحيات التي تقدم الى روحه‬
‫‪34‬‬
‫وحتى يستمر في حياته متمثال في شخص ابناءه الذين انابهم قريبه العاصب بأسمه ‪ .‬ومن ناحية اخرى‬
‫يمارس النوير الزواج الليفراتي الذي يمارس الرجل بمقتضاه حق االتصال جنسيا بأرملة أخيه ليناب له‬
‫اطفال يحملون اسمه ‪ .‬فكان الشخص الميت في هاتين الحالتين يعتبر أبا ألبناء لم ينابهم ‪ ,‬في الوقت‬
‫الذي يحرم فيه الوالد الحقيقي لهؤالء األبناء من حق األبوة‪.‬‬
‫ويوجد نظام واج الشبح عند بعض قبائل جنوب أفريقيا وبخاصة عند الزولو لكنه يتخذ هناك شكلين‬
‫اساسيين أو على األصح فأنه يمارس في حالتين ائتيين ‪:‬االولى حين يموت الرجل بعد ان تكون خطبته‬
‫تمت على فتاة معينة دون ان يدخل بها فتتزوج الفتاة من أحد أقاربه العاصبين لتناب للميت أوالد‬
‫يحملون أسمه ‪ ,‬وفي الحالة الثانية تشبه ماناده عند النوير ‪ ,‬حين يموت الرجل قبل أن يتزوج فأن أحد‬
‫أقاربه يقوم بعملية (ايقاظ) الميت بأن يتزوج [اسمه أمرأة تناب له اطفال ‪ .‬ولكن كثيرا ما عند الزولو‬
‫أيضا أن األرملة حين يموت وجها تتخذ لنفسها (عشيقا) وليس وجا اخر من أقارب وجها المتوفى ‪,‬‬
‫ويعرف ذلك بأسم (المحظية األرملة) وفيه ينتمي االوالد الذين يأتون نتياة لهذه العالقة الى الزوج‬
‫االصلي ايضا‪ .‬ولكن هذا نادر الحدوث ‪ ,‬ألن األرملة ال تستطيع من الناحية العملية أن تلاأ الى رجل من‬
‫غير أهل وجها الميت وأأل عرضته لألضطهاد والتهديد واأليذاء من الماتمع ‪ ,‬وعلى الرغم من أن احد‬
‫ملوك الزولو وهو املك امباندا أباح ذلك الشرط أن ينتسب األوالد الى (األب األجتماعي ) وان يعطي‬
‫للوالد حين تتزوج احدى البنات الألتي أنابن من هذه العالقة ‪ .‬وتعرف هذه البقرة (بقرة الركبتين)نظرا‬
‫ألن الرجل يركع على ركبتيه وهو يناب الفتاة (اشارة الى العملية الانسية)‪ .‬بل أن األمر يذهب الى أبعد‬
‫من ذلك عند الزولو ‪ ,‬اذ كثيرا مايتزوج الرجل الغني ذو المركز الممتا من عدد كبير من النساء ويسمح‬
‫ألفراد جماعته القرابية العاصبة باألتصال الانسي بهن نيابة عنه بقصد الخلفة واالنااب على ان ينتسب‬
‫جميع االطفال له ‪ .‬فهنا أيضا ناد التفرقة واضحة بين الوالد (األب الفيزيقي) واألب األجتماعي ‪.‬والواقع‬
‫أن هناك من نظم الزواج أشكاال تذهب الى حد التطرف في توكيد وابرا اهمية الناحية االجتماعية‬
‫وأغفال أو حتى انكار الناحية البيولوجية في عالقة االبوة والبنوة وبالتالي في نسق القرابة ككل ‪ ,‬بحيث‬
‫ناد أن االبوة التي يفترض فيها انها من صفات وخصائص الرجل الذكر كثيرا ماتنسب الى االنثى ‪.‬‬
‫وهذا النظام الذي يناقض االوضاع المنطقية القائمة على الفوارق الطبيعية بين الانسين يوجد عند النوير‬
‫والزولو ايضا وغيرهما من شعوب أفريقيا ‪ .‬ففي هذه الشعوب ناد أن المرأة الغنية التي تنتمي الى عائلة‬
‫قوية كثيرا ماتريد أن تلعب في الحياة االجتماعية دور الرجل فتتزوج من أمرأة أخرى وتدفع لها مهرا‬
‫من الماشية ثم تنيب عنها أحد أقاربها من الرجال للقام بوظيفة االنااب بأسمها لكي تصبح هب (أبا)‬
‫اجتماعيا لألطفال الذين تنابهم تلك (الزوجة) وبذلك ينتمي االطفال الى بدنة (المرأة المتزوجة) كما لو‬
‫كانت رجال ‪ .‬ومن الناحية أخرى كثيرا مايحدث في الحاالت التي يموت فيها احد الزعماء او الرؤؤساء‬
‫او أحد الرجال المهين ممن يحتلون مركزا ممتا ا في الماتمع دون انت يترك وراءه ابنا ذكرا أن تقوم‬
‫االبنة الكبرى بالزواج من امرأة اخرى بنفس الطريقة على أن ينتسب االطفال الى الزعيم او الرئيس‬
‫المتوفى ‪ ,‬وبذلك يحملون اسمه مثلما تحمله هي نفسها ‪ ,‬وبذلك باالضافة الى انهم يعتبرون في الوقت‬
‫نفسه أبناءها (بحكم واجها الرسمي) من المهم ‪ .‬وبذلك تكون المرأة (األب) واالبناء الذين (أنابتهم)‬
‫بهذه الطريقة اخوة بعضهم لبعض ‪ .‬والدافع االساسي الى قيام هذا الشكل من الزواج هو الخوف من لعنة‬
‫األسالف حين اليادون من يقدم ألرواحهم القرابين وكذلك الرغبة في استمرار الاماعة العاصبة ‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫المحاضرة الثالثة عشرة‬
‫المثال الثاني الذي نستشهد به على ضرورة التفرقة بين القرابة الفيزيقية والبيولوجية والقرابة االجتماعية‬
‫مستمد من نظام اجتماعي اخر قد يبدو بعيدا كل البعد عن نسق القرابة ‪ ,‬ونقصد بذلك النظام المعروف‬
‫بأسم (طبقات العمر) ويوجد هذا النظام في عدد من الماتمعات القبلية في افريقيا وعند الهنود وبعض‬
‫جزر المحيط الهندي وبعض قبائل استراليا ‪ ,‬وهو يقوم اساسه على محاولة ترتيب أعضاء الماتمع‪-‬‬
‫وبخاصة الذكور منهم على اساس السن او العمر ‪ ,‬اي تقسيم أعضاء الماتمع الى جماعات طبقية تنتظم‬
‫كل جماعة منها جميع االفراد الذين ينتمون الى سن معينة ‪ ,‬بحيث يترتب السكان جميعا في النهاية في‬
‫طبقات التي تعلوها او تأتي دونها في السلم االجتماعي ‪ ,‬كما تعمل الطبقة الواحدة وتتصرف في كل‬
‫شؤون الحياة االجتماعية كوحدة متماسكة ‪ .‬وتمتا كل الماتمعات التي تعرف نظام طبقات العمر بأنها‬
‫ماتمعات انقسامية بمعنى أن االرض للقبيلة تنقسم الى عدد من الوحدات االقليمية المنقسمة بحيث تعكس‬
‫كل وحدة منها نفس بناء ووظائف الوحدة الكبيرة التي هي جزء منها ولكن دون أن تفقد هذه الوحدات‬
‫الصغيرة شخصيتها تماما حين تتحد لتؤلف الوحدة الكبيرة الشاملة‪ .‬كذلك تنقسم العشيرة وكل الزمر‬
‫االجتماعية االخرى التي تقوم على روابط الدم الى وحدات قرابية منقسمة هي ايضا‪ .‬وليس ألى من هذه‬
‫الوحدات القرابية دور واضح في اجداث الحياة اليومية العادية اال في قليل من االحوال وذلك نظرا‬
‫لتو ع افرادها وتبعثرهم كما انه ال توجد حكومة او سلطة مركزية تشرف على شؤون الضبط والقانون‬
‫في الماتمع‪ :‬ومن هنا فأن نظام طبقات العمر يقوم بمهمة التنظيم والضبط والتكامل االجتماعي كما يعمل‬
‫على حفظ وحدة الماتمع وتماسكه في تلك الماتمعات االنقسامية التي ال تتمتع بسلطة مركزية او هيئة‬
‫أدارية تنفيذية وتتألف طبقة العمر الواحدة في العادة من جميع الذكور الذين يكرسون معا في وقت واحد‬
‫فالتكريس يعتبر عنصرا هاما في تكوين طبقة العمر كما أن (أفراد الطبقة يعطون اسما واحدا مشتركا‬
‫يعرفون به ويشغلون جميعا نفس المركز االجتماعي ويتتبعون نفس أنماط السلوك في معاملتهم بعضهم‬
‫بعضا ويتخذون موقفا واحدا أ اء غيرهم من الناس ممن ينتسبون الى طبقات العمر طبقتهم او التي تكون‬
‫ادنى منها في المنزلة وتكريس الرجل في طبقة عمرية معينة معناه انتماؤه أليها طيلة حيانه بحيث ال‬
‫يستطيع ان يغيرها على االطالق فطبقة واعمال معينة مرسومة كما تتمتع كلها كوحدة بحقوق وامتيا ات‬
‫محددة وتؤدي كوحده ايضا وظائف معينة في الحياة االجتماعية بشكل ال يتوفر في مرحلة العمر‪ .‬اي ان‬
‫لطبقة العمر معنى اجتماعيا وذلك بعكس المفهوم من كلمة (مرحلة العمر) التي تصطبغ بصبغة‬
‫فيسيولوجية غالبة‪.‬‬
‫وتكتب طبقة العمر وجودها المستقل وكيانها المتماسك بعد ان يتم بالفعل تكريس كل االفراد الذين تتألف‬
‫منهم ‪ ,‬اي النظهر كوحدة وظيفية اال بعد التكريس ‪ .‬وليس هنا ماال تفصيل القول في شعائر التكريس‪,‬‬
‫ولذا يكفي ان نشير هنا الى أن معظم حفالت التكريس تقام على مستوى الاماعي على اساس اكبر‬
‫الوحدات السياسية االقليمية‪ .‬ويعتبر الختان اهم عنصر في تلك الشعائر ‪ ,‬كما كما أن الفتيان الذين تمارس‬
‫‪36‬‬
‫عليهم هذه الشعائر والذين تتراوح اعمارهم مابين الخامسة عشر وسن العشرين يتعرضون الى جانب‬
‫ذلك الى انواع اخرى كثيرة من التعذيب والمحن والمتاعب التي تختلف في الشدة والقسوة من ماتمع‬
‫الى اخر مثل خلع بعض االسنان او تشليخ الابهة والرأس أو الوخز باالشواك والشايرات الشوكية او‬
‫الالد بالسياط وهكذا‪.‬‬
‫تهدف كل هذه العمليات الى اختبار قوة احتمال الشبان على مالقاة الصعاب على اعتبار ان تكريس هو‬
‫والرخصة التي بمقتضاها يعتبر الفرد ألول مرة في حياته عضوا في الماتمع ويحتل مركزا اجتماعيا‬
‫محددا هو مركز المحاربين االبطال ‪ ,‬ويحق له مباشرة وظيفته الانسية وترتبط كل طبقة بمرتبة‬
‫اجتماعية معينة ارتباطا مؤقتا ثم تنتقل بعد ذلك كوحدة الى مرتبة اخرى اعلى منها حيث تمارس وظائف‬
‫اخرى جديدة وهكذا ‪ .‬وبذلك فان النظام يتيح لكل فرد في الماتمع المشاركة في وظائف الحياة‬
‫االجتماعية الكبرى حسب نظام محكم دقيق في جملته وتبعا لقدراتهم الاسمانية وكفايتهم الذهنية وما‬
‫يكتسبون من خبرة وتاربة نتياة لتقدمهم في السن ‪.‬‬
‫اذا كان هذا النظام يعمل كمبدأ للتمايز أو التفاضل أالجتماعي نظرا ألن السكان يتو عون بين عدد من‬
‫المستويات والمراتب االجتماعية بحيث تعتبر كل طبقة وحدة مستقلة ومتمايزة عن غيرها من الوحدات‬
‫وتسلك في نفس الوقت ا اء تلك الوحدات االخرى سلوك معين يمليه عليها مركزها في ذلك السلم‬
‫االجتماعي‪ .‬فان افراد كل طبقة يشعرون بتماسكهم الداخلي الشديد ويعتبرون انفسهم متساوون بالمركز‬
‫وفي االمر االجتماعي على السواء ‪ .‬وتمثل ذلك التماسك في ارتباط افراد الطبقة الواحدة ببعض الروابط‬
‫القوية التي تقوم على وحدة الشعوب والنشاط المشترك والتعاون في الحياة اليومية والتساوي في الحقوق‬
‫واالمتيا ات والواجبات وهي كلها امور تلعب في الحياة اليومية دور اهم بكثير من اسم العشيرة او‬
‫البدنة‪.‬‬
‫ان االنتماء الى طبقة واحدة والمرور بفترة تكريس ‪ .‬والخضوع لشعائر التكريس القاسية العنيفة التي‬
‫تتضمن عزلة افراد الطبقة لفترة منية محددة عن بقية الماتمع تخلق بينهم نوعا من االخوة (األخوة‬
‫االجتماعية) التي التعتمد على روابط الدم (نظرا ألنتماء افراد الطبقة الى العشائر المختلفة) ولكنها مع‬
‫ذلك تفرض عليهم كثيرا من القيود والواجبات واأللتزامات‪ ,‬وبخاصة فيما يتعلق بالحياة الانسية‬
‫والزواج‪ ,‬تشبه تلك التي يفرضها الماتمع على األخوة الحقيقين ويساعد على خلق عالقة (األخوة‬
‫االجتماعية نفس عملية الختان أو التشليخ الاماعية حيث يمارسها على جميع افراد الطبقة شخص واحد‬
‫في وقت مستخدما في ذلك سالحا واحدا اليقوم بتنظيفه بعد كل عملية فتختلط الدماء تبعا لذلك مما يوجد‬
‫نوعا من الرابطة بينهم‪.‬‬
‫وتتمثل هذه القيود والحقوق والواجبات وااللتزامات‪ -‬في ماال القرابة وحدها‪ -‬في تحريم واج الرجل‬
‫من بنات (أخوانه) في الطبقة نظرا ألنهن يعتبرن بنات له هو نفسه ‪ ,‬والزواج منهن يكون على هذا‬
‫االساس أقرب الى الزنا المحارم _ اي ان األخوة الروحية أو أالجتماعية تعتبر مماثلة لروابط القرابة‬
‫الدموية ‪ .‬والواقع أن افراد افراد الطبقة الواحدة يستعملون بالفعل كله (أخ) في االشارة الى بعضهم‬
‫لبعض ‪ ,‬كما انهم يعتبرون اباء (اجتماعيين) ألوالد (اخوانهم) في الطبقة وينادونهم بأسم األب‪ .‬يضاف‬
‫الى ذلك ان أفراد الطبقة الواحدة يسهمون في دفع المهر الذي يقدمه الواحد منهم لعروسه حين الزواج ‪,‬‬
‫وهذا في حد ذاته يؤدي الى ظهور تلك التحريمات على العالقات الانسية وعلى الزوج من ناحية ‪,‬‬
‫وكذلك الى قيام عالقة األبوة والبنوة بين اي احد منهم وابناء االخرين ‪ .‬فالعادة أن الذين يشتركون في‬
‫‪37‬‬
‫دفع المهر هم أفراد العائلة ‪ ,‬وان المهر يفرض التزامات معينة بين الذين قاموا بدفعه واألبناء الذين أتوا‬
‫نتياة لذلك الزواج حيث يعتبرون أبناء (اجتماعيين) لهم ‪ .‬فكأن القرابه االجتماعيه تمتد اذن الى العالقه‬
‫بين افراد طبقه العمر وابناء بعضهم بعضا على الرقم من عدم وجود عالقه قرابيه فيزيقيه ‪.‬‬
‫والواقع ان هذا النوع من القرابه االجتماعيه التي تقوم بين االشخاص ال يرتبطون بعضهم ببعض‬
‫بروابط قرابه فيزيقيه او دمويه تنشأ في الماتمعات البدائيه نتياه لكثير من النظم االجتماعيه االخرى‬
‫وتفرض على أفرادها كثيرا من القيود والحقوق والواجبات التي لم تكن لتوجد لوال هذه الروابط‬
‫االجتماعيه البحته ‪ .‬وهذا هو الحال فيما يتعلق باالشخاص الذين ينتمون الى طوطم ‪ totem‬واحد قد‬
‫يكون حيوانا ( وهذا هو االغلب) او نباتا او احدى القوى الطبيعيه (وهذا نادر الحدوث) ويعتبرون انفسهم‬
‫من ساللة ذلك الطوطم الذي يحملون اسمه ‪,‬وبذلك يعتبرون اخوه وأخوات ويحرم عليهم الزواج فيما‬
‫بينهم بالتالي ‪ .‬على اعتبار ان الزواج بين االخوه واالخوات هو نوع من الزنا والمحارم ‪ .‬ومع ان افراد‬
‫الطوطم الواحد يكونون في العادة مبعثرين اشد التبعثر وال تكاد توجد بينهم روابط قرابه دمويه فان ذلك‬
‫اليقلل بحال من قوه الروابط القرابيه االجتماعيه ‪ ,‬ويشير معظم الكتاب المتحدثين الى هذا النوع من‬
‫القرابه باسم القرابه االجتماعيه ‪.‬‬
‫ويشير المتوهم ‪ fictitious‬نظرا لعدم وجود روابط فيزيقيه حقيقيه تربط بين الناس والطوطم من‬
‫ناحيه وبين كثير من افراد الاماعه الطوطميه أنفسهم ولكننا نفضل استخدام كلمه (( القرابه االجتماعيه‬
‫)) لذلك ‪ ,‬لما تتضمنه من الدالالت ‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫المحاضرة الرابعة عشرة‬
‫يعتبر نظام التبنى ايضا الذي يشيع في معظم الماتمعات القبليه من اهم النظم التي تؤدي الى ظهور‬
‫القرابه االجتماعيه ‪ .‬فحتى في الحاالت التي ال يسمح للشخص الذي تبنته القبيله او العشيره ان يتزوج من‬
‫احدى بناتها فان اوالده يعتبرون اوالدا لهم بحيث يتنادون فيما بينهم بنفس مصطلحات القرابه التي‬
‫يستخدمها االقارب الحقيقين ومن الطريف في هذا الصدد ان تاد التنوير حين يأسرون او يخطفون احد‬
‫االشخاص من الدنكا فيعيش بينهم دون ان يقوموا نحوه بشعائر التبني (وذلك يظل غريبا عنهم تماما )‬
‫فانهم اليسمحون له في الغالب بالزواج من نفس عشيره الشخص قام باسره او اختطافه ‪ ,‬فان قواعد‬
‫الزواج االكسوجامي تتطبق عليه كما لوكان عضوا في العشيره يضاف الى ذلك انهم يعتبرون اوالدا لهم‬
‫فيحرم عليهم الزواج مثال من بناته ‪ ,‬ليس فقط النه يعيش بينهم بل وايضا النه الذين قاموا بدفع مهر‬
‫عروسه وقت الزواج ‪ ,‬وبذلك اصبحت لهم حقوق والتزامات وقيود معينه نحو اوالده ‪ .‬وتتمثل هذه‬
‫الاقوق والواجبات والقيود في تحريم التزاوج معهم واستخدام مصطلحات القرابه الشائعه في الماتمع‬
‫بالنسبه لهم ‪ .‬وواضح من هذا الى اي حد تتعقد أمور القرابة وتتشابك في الماتمعات التي يعتبرها علماء‬
‫االنثروبولوجيين واألجتماع ماتمعات بسيطة ‪ ,‬وكيف تدخل عناصر وعوامل كثيرة متنوعة تؤدي الى‬
‫ظهور نظم وعالقات بعيدة كل البعد عن تلك النظم والعالقات المألوفة في الماتمعات الحديثة ‪ .‬والوسيلة‬
‫الوحيدة للكشف عن هذه العوامل والعناصر وتحليل وفهم العالقات والنظم المترتبة عليها هي الدراسة‬
‫المركزة التي تستغرق فترات طويلة من الزمن والتي تحاول ات تتبع هذه العالقات في تشابكها وتفرعها‬
‫وتداخلها مع بقية النظم االجتماعية ‪ .‬وان لم يكن لعلماء القرن التاسع عشر كل تلك المعلومات المتوفرة‬
‫االن العلماء البيولوجية والقرابة الحقيقية التي تنشأ عنها ‪ ,‬وبين أنماط القرابة االجتماعية التي تنشأ من‬
‫أسباب بعيدة كل البعد عن روابط الدم ووجود عالقات جنسية واقعية ‪ .‬ومن هنا كان وقوعهم في خطأ‬
‫الخلط وعدم تمييز بين نوعي القرابة ‪ ,‬وبالتالي في ظهور تلك النظريات التي ال تستند الحقائق الواقعية ‪,‬‬
‫وكذلك ظهور المراحل االفتراضية الناشئة عن انتهاج منهج التاريخ الظني أو التأريخ التخميني لملئ‬
‫الثغرات التي كانت تعترض قيام نظريات متماسكة متكاملة ‪ .‬والمهم االن هو أن العلماء األنثروبولوجيا‬
‫واألجتماع المحدثين ‪ ,‬وبخاصة الفريق األول من العلماء في دراستهم ألنساق القرابة في الماتمعات‬
‫القبلية البسيطة والتقليدية يضعون نصب أعينهم التفرقة بين الناحيتين البيولوجية واالجتماعية ويهتمون‬
‫بالتعرف بوجه خاص على الدالالت االجتماعية التي تنطوي عليها أنساق القرابة ‪ .‬فنسق القرابة نسق‬
‫اجتماعي كغيره من األنساق وليس نسقا بيولوجيا ‪ ,‬ولن يمكن فهم هذا النسق أال في عالقته ببقية األنساق‬
‫الداخلية في تكوين البناء االجتماعي بل الواقع ان علماء األنثروبولوجيا االن يذهبون الى أنه من العسير‬
‫فهم نسق القرابة في ذاته بعيدا عن األنساق االخرى ‪,‬وان مثل هذا المحاولة لن تؤذي اال الى أقامة مثل‬
‫تلك التصنيفات والتقسيمات التي اغرم بها العلماء للقرن التاسع عشر وانتقلت الى كثير من الكتابات‬
‫المعاصرة دون التغلغل في فهم المعنى الحقيقي لهذا النسق ‪ .‬فالقرابة مزيج من روابط الدم وااللتزامات‬
‫األقتصادية والحقوق والواجبات االجتماعية والسياسة والشعائر الدينية والمعايير الخلقية ‪ .‬ودراسة‬
‫القرابة تقتضي منا األهتمام بكل هذه االمور‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن بعض علماء القرن التاسع عشر وبخاصة مورجان وماكلينان أدركوا حقيقة تعقد‬
‫روابط القرابة وحاولوا تبين العناصر والعوامل االجتماعية المختلفة التي تتشابك معها فقد جاءت‬
‫محاوالتهم على درجة كبيرة جدا من السذاجة والبساطة اذا استثنينا لويس مورجان ‪ .‬فلم يكن األتااه‬
‫الوظيفي في دراسة النظم واألنساق االجدتماعية تطور الى الحد الذي بلغه ابتداء من الربع الثاني من‬
‫‪39‬‬
‫القرن العشرين رغم ظهور بوادر ذلك االتااه في كتابات هؤالء العلماء ‪ .‬وقد اد من سذاجة تحليالتهم‬
‫أيمانهم بتطور النظم وأنشغالهم في محاولة التعرف على اصل النظام ونشأته والمراحل التي مر بها ‪.‬‬
‫وعلى ذلك فالفضل في وضع األسس القوية لدراسة نسق القرابة بأعتباره نسقا اجتماعيا يتأثر ببقية‬
‫األنساق السائدة في الماتمع ويتأثر بها يرجع في المحل االول الى علماء األنثروبولوجيا المحدثين الذين‬
‫اتاهوا على الخصوص في دراساتهم اتااها بنائيا واضطروا في سبيل ذلك الى القيام بأبحاث حقلية بين‬
‫الاماعات قبلية صغيرة الحام نسبيا وعلى درجة عالية من البساطة ‪ ,‬ففي الغالبية العظمى من تلك‬
‫الاماعات القبلية تلعب روابط القرابة دورا جوهريا في الحياة االجتماعية اليومية سواء في تنظيم‬
‫المناشط األقتصادية أو تحقيق الضبط األجتماعي أو القيام بالشعائر الدينية وغير ذلك ‪ .‬وظهرت في ربع‬
‫القرن األخير على الخصوص دراسات حقلية كثيرة اهتم أصحابها بدراسة وتحليل األنساق القرابية‬
‫السائدة في الماتمعات التي درسوها تحليال بنائيا وظيفيا اد من عمق فهمنا لهذه األنساق المعينة ولنسق‬
‫القرابة على العموم ولكن على الرغم من كثرة هذه الدراسات فال يزال ميدان االبحاث القرابية مفتقرا الى‬
‫وجود نظرية عامة كما ذكرنا من قبل ‪ .‬صحيح ان بعض علماء األنثروبولوجيا امكنهم صياغة بعض‬
‫النظريات التي أمكن األستعانة بها في دراسة بعض نظم القرابة مثل نظرية أيفانز بريتشارد في البداية‬
‫االنقسامية ونظرية راد كليف براون عن (مكانة الخال) وكذلك نظريته عن (عالقات التحاشي )وصحيح‬
‫أيضا أن هذه النظريات أثارت كثيرا من الادل والمناقشات في األوساط العلمية كما وجهت عددا من‬
‫الدراسات الحقلية التي قام بها شباب العلماء من تالميذ أيفانز بريتشارد وراد كليف براون وفورتس في‬
‫بريطانيا وفريد اياان وكروبر ولوي وغيرهم في امريكا ‪ ,‬ولكنها كلها مع ذلك نظريات جزئية تصدق‬
‫على انماط معينة من نسق القرابة فحسب ‪ ,‬وان كان هذا ال يقل بطبيعة الحال من قيمتها العملية ‪ .‬وربما‬
‫كانت المحاولة الاادة حقا لوضع نظرية علمة في القرابة هي محاولة العلم الفرنسي كلود ليفي ستروس‬
‫ضمنها كتابه الضخم عن (األبنية األولية للقرلبة)‪ .‬ويقصد ليفي ستروس باألبنية األولية ‪ ,‬كما يقول في‬
‫مقدمة كتابه ‪ ,‬األنساق التي يمكن عن طريقها أن نحدد ألول وهلة نطاق األقارب ونطاق األصهار ‪ ,‬وهذا‬
‫يتعلق بما يعرف االن على الخصوص باسم ( الزواج المفضل ) ‪ .‬والكتاب يهدف على العموم الى تبين‬
‫ان القواعد الخاصة بالزواج ومصطلحا القرابه ونسق االلتزامات والتحريمات هي كلها مظاهر مختلفه‬
‫لحقيقه واحدة وال يمكن فصلها بعضها عن بعض ‪ ,‬وهذه الحقيقه الواحده او الكيان الواحد هو النسق الذي‬
‫يقوم الباحث بدراسته‪ ،‬فاالبنيه االوليه للقرابه تظهر على العموم من تفضيل الزواج من اشخاص تقوم‬
‫بينهم روابط الدم كما هو الحال بوجه خاص في الزواج بين ابناء العمومه او الخوؤله المتقاطعه ‪ ,‬اي ان‬
‫لها اساسا بيولوجيه بينما الزواج من اشخاص التقوم بينهم روابط دم من قبل ويكون الدافع عليها اسباب‬
‫اجتماعيه او اقتصاديه او سياسيه فتنتمي الى ما يسميه باالبنيه المعقده للقرابه ‪structures‬‬
‫‪ . complexes de la parented‬ويعطى ليفي ستروس معظم اهتمامه لدراسه النوع االول من‬
‫االنساق القرابه في ماتمعات تنتمي الى مستويات مختلفه بنظريه التبادل والهدايا الملزمه التي وضعها‬
‫مارسيل موس في مقاله عن الهدية الذي سبقت االشاره اليه ‪ .‬ويعتبر كتاب ليفي ستروس اهم كتاب في‬
‫نظريه القرابة من كتب مورجان كتابه عن االبنيه االوليه للقرابة ( انساق روابط الدم والمصاهره ) ‪ ,‬وقد‬
‫وجهت انتقادات عنيفه لذلك الكتاب وجدت بدورها من يتصدى لها بالنقد والتاريح من العلماء الذين‬
‫قاموا فعال بدراسات حقليه بين بعض الاماعات القبليه التي تعتبر الزواج بين ابناء العمومه والخؤوله‬
‫المتقاطعه من االشكال المفضله وامكنهم بذلك اختبار مدى صحه نظريه ليفي ستروس ‪.‬ومهما يكن من‬
‫شي فال يزال الدارسون والباحثون في ميدان االنثر بولوجيا – والى حد اقل ميدان علم االجتماع –‬
‫يواصلون جهودهم لدراسة المزيد من انساق القرابه في مختلف الماتمعات القبليه البسيطه والتقليدية في‬
‫‪40‬‬
‫ضوء النظريات الازئيه المختلفه التي وضعها االساتذه وكبار العلماء ‪.‬وهذه الاهود كلها سوف تؤدي‬
‫في وقت من االوقات بغير شك الى صياغه نظريه عامه للقرابه باالضافه الى المعلومات االثنوجرافيه‬
‫الهائله التي تزودنا بها ‪ ,‬والتي يمكن ان تكون اساسا متينا للدراسات المقارنه التي ال تزال قليله بشكل‬
‫واضح في ميدان القرابه على الخصوص ‪.‬‬
‫المحاضرة الخامسة عشرة‬
‫نظم القرابة‬
‫(مفهوم القرابة‪ ،‬وأهميتها‪ ،‬وتصنيفها‪ ،‬ونعوتها‪ ،‬والنسب‪ ،‬والرمو )‬
‫القرابة ‪( kinidhip‬مفهومها واهميتها)‬
‫‪41‬‬
‫إن رابطتي الزواج ورابطتي االبوة واالخوة التي تربط افراد العائلة االبتدائية [االولية] بعضهم مع‬
‫البعض االخر تتسبب في خلق شبكة من عالقات القرابة الدموية ‪ consanguinity‬وشبكة من عالقات‬
‫المصاهرة ‪.affinity‬‬
‫والتعريف االنثروبولوجي للقرابة هو (العالقة التي تقام‪ ،‬بصورة حقيقية أو مفترضة‪ ،‬على صلة االب‬
‫واالوالد وصلة االخوة بعضهم مع البعض االخر‪ ،‬ويعترف بها ألغراض اجتماعية)‪.‬‬
‫ويذهب االنثروبولوجيون في دراسة (القرابة) وبيان أهميتها مذاهب شتى‪ ،‬إذ يعتبرها البعض أهم أنساق‬
‫البناء االجتماعي في الماتمعات البدائية والقبلية ألن هذا البناء هو بناء قرابي يقوم على العالقات القرابية‬
‫بدرجة رئيسة‪ ،‬وال يخلو هذا االعتقاد من الصحة إذ أن هذه الماتمعات (هيقبل كل شيء ماتمعات تعتمد‬
‫حياتها على وحدة النسب وتالحم االفراد في شبكة من العالقات القرابية الدموية) ‪ .‬لذا يلعب النسق‬
‫القرابي دورا ً أساسيا ً في البناء االجتماعي لهذه الماتمعات‪ ،‬إذ أنه ينظم االنحدار أو النسب والميراث‬
‫والزواج والسكن‪ ،‬ويقرر بذلك طبيعة الحقوق والواجبات المتبادلة الخاصة باالفراد والاماعات الذين‬
‫يرتبطون بقرابة الدم والمصاهرة‪ .‬كما أنه العامل االساسي في تحقيق وحدة الاماعة القرابية وتماسكها‪،‬‬
‫واإلطار الذي من خالله يعهد الماتمع إلى الفرد بوظائف اقتصادية وسياسية‪ ،‬ويمنحه حقوقه ويطالبه‬
‫باداء التزاماته ويمده بالمساعدات المختلفة‪ .‬لذا احتلت القرابة أهمية كبيرة في الماتمعات المحلية‬
‫التقليدية‪.‬‬
‫ولبيان أهمية القرابة للفرد والاماعة في الماتمعات البدائية والقبلية التقليدية نورد بعض االمثلة التي‬
‫توضح ذلك من الدراسات االنثروبولوجية الميدانية‪.‬‬
‫يقول العالمة ايفانز بريتشارد في وصف قبيلة (النوير) بالسودان ‪:‬‬
‫((إذا اردت أن تعيش بين ماتمع النوير عليك أن تحترم النظم التي تسمح لك بذلك‪ ،‬وتنص تلك النظم‬
‫على معاملتهم كأقارب لك وهم يعاملوك كأحد اقاربهم‪ ،‬ويترتب على تلك العالقات القرابية حقوق‬
‫وواجبات ومميزات‪ .‬وفي ذلك الماتمع يكون الفرد أما قريبا ً لاميع أفراده وإما غريبا ً ويعامل معاملة‬
‫االعداء))‪.‬‬
‫يتبين من تلك الفقرة االهمية الكبرى للنظام القرابي في ذلك الماتمع البدائي فإن أي فرد في العالم أما‬
‫قريب لهم أو عدوهم‪ ،‬وال يمكن ألحد أن يبقى في ماتمعهم إال إذا كان قريبا ً لهم‪ ،‬وطبعا ً ليس من الال م‬
‫أن تكون قرابة بيولوجية (حقيقية) فكثيرا ً ما تكون قرابة اجتماعية‪ ،‬وعن طريقها يصبح الفرد قريبا ً‬
‫ألفراد الماتمع بعد اداء طقوس معينة‪ .‬وقد اظهرت الدراسات الميدانية اهتمام الماتمعات على لسان أحد‬
‫الهنود الحمر من قبيلة (بومو) بكاليفورنيا‪ ،‬وهو رجل عاو أخذ يناجي نفسه وقد تعرض لذلك‬
‫الموضوع باسلوب بسيط يتفق مع ماتمعه فيقول‪:‬‬
‫((ما هو الرجل؟ الرجل ال شيء‪ ،‬فهو بدون اسرته وأهله يصبح أقل أهمية من بقة تافهة‪ ،‬بل أقل أهمية‬
‫من بصفة! فعلى االقل يمكن استخدام األهل في المساعدة في وضع السم للعدو‪ ،‬أما إذا كان الرجل بدون‬
‫أهل فلن توافق امرأة على الزواج منه‪ ...‬وسيصبح أفقر [أي أضعف] من طفل حديث الوالدة وحتى أفقر‬
‫من دودة‪ .‬أما عند الرجل االبيض (في الواليات المتحدة االمريكية) فاالسرة واألهل ليسوا بذات االهمية‪،‬‬
‫حيث يقوم البوليس والايش بحماية الفرد‪ ،‬وتعطيه المحاكم الحكم العادل‪ .‬وتقوم مكاتب البريد بتوصيل‬
‫‪42‬‬
‫رسائله‪ ،‬وتوجد المدرسة التي تعلمه هو واوالده كل شيء يعتنى به حتى االطفال بعد موت ابيهم‪ ،‬أما هنا‬
‫تقوم االسرة بكل تلك االعمال‪.‬‬
‫يوجد النظام القرابي في كل ماتمع انساني وكل حضارة ولذلك يعتبر نظاما ً عالمياً‪ ،‬فال يوجد ماتمع‬
‫انساني بدون نظام يحدد العالقات القرابية بين أفراده‪ ،‬وتعرف الاماعات االنسانية التي تقوم على أساس‬
‫الصالت القرابية باصطالح الاماعات القرابية ‪ king groups‬وتقسم إلى قسمين هما ((االسرة‬
‫الزواجية)) ‪ conjigul family‬والاماعات القرابية الدموية ‪ consanguineal kin groups‬والفرق‬
‫بينهما أن القسم االول يتميز بالسكنى معا ً في مسكن مشترك ولذلك تسمى جماعة قرابية سكنية‪ ،‬أما‬
‫الاماعات القرابية الدموية فال تتميز بالمسكن المشترك‪ ،‬وكذلك يتميز القسم االول بوجود عالقة قرابية‬
‫اساسها الزواج بينما ال توجد تلك العالقة في القسم الثاني‪.‬‬
‫خصائص العالقة القرابية ‪:‬‬
‫تتضح طبيعة القرابة االجتماعية المعقدة في الماتمعات [البدائية والقبلية التقليدية] في مفهوم االلتزام‬
‫المتبادل المبني على أساس العالقات القرابية‪ ،‬ومن العناصر الرئيسة التي يشترط لهذه العالقات أن‬
‫تحتويها بشكل أو آخر هي ما يأتي‪:‬‬
‫‪ -1‬العالقات القرابية هي عالقات تقوم على التفاعل المباشر اي أن االفراد يحتكون ببعضهم وجها ً‬
‫لوجه دون حاجة إلى وسطاء‪.‬‬
‫‪ -2‬هذه العالقات تعتبر هدفا ً وليست وسيلة أي أن األقارب ينظرون إلى اقاربهم كثروة كبرى تعلو‬
‫على باقي الثروات وأنهم يلتزمون بواجباتهم تااههم قبل التزامهم بباقي الواجبات‪ ،‬هذه الحقيقة تبر‬
‫بوضوح في الماتمعات البدائية والقبلية التي تاسد المثل النموذجي لقوة القرابة‪.‬‬
‫‪ -3‬العالقات القرابية في الماتمعات البسيطة وغير المتطورة تمتد إلى المااالت االساسية في الحياة‬
‫خصوصا ً الماال االقتصادي والسياسي والزواجي والعقيدي وحتى الترفيهي‪ .‬وهكذا يمكن القول أن‬
‫ماال العالقات القرابية ينطوي على الحياة بكل ابعادها في هذا الصنف من الماتمعات‪ .‬وهذا ياعل‬
‫وظيفتها في واقع هذه الاماعات وظيفة بالغة التعقيد‪.‬‬
‫‪ -4‬القرابة في هذه الماتمعات على عدة انواع هي القرابة الدموية وقرابة المصاهرة والقرابة‬
‫الطقوسية أو العشائرية التي تعتمد على اعتبارات عقيدية واسطورية‪ .‬كما في اعتقاد بعض الاماعات‬
‫االسترالية القديمة [ذات الديانة التوتمية] بانحدارها في االصل من الحيوانات‪.‬‬
‫‪ -5‬القرابة في الماتمعات البدائية والقبلية تمارس تأثيرا ً ضبطيا ً ضخما ً في مختلف الميادين باعتبار‬
‫اعضاء هذا الصنف من الماتمعات ال يفصلون حياتهم وحياة ابنائهم عن حياة اقاربهم االمر الذي يبيح‬
‫لهؤالء حق التدخل في شؤونهم واالشراف على ما يتعلق بقضاياهم وقضايا اسرهم‪.‬‬
‫وخير دليل على هذه الحقيقة هو أن الطفل يتلقى توجيهه التربوي ليس من أبويه فحسب بل ومن اقارب‬
‫والديه على مستوى الثواب والعقاب واالرضاء العاطفي والتعليم الفكري‪.‬‬
‫‪ -6‬ألن النسب له و ن هائل في مامل الحياة البدائية والقبلية فإن الصالت القرابية تعتمد على‬
‫خلفيات مرتبطة بالماضي وباحداثه المختلفة األمر الذي ياعل حصة الماضي في مامل التفكير‬
‫والطقوس والمواقف االجتماعية وتقييم االعتبار اكبر من حصة الحاضر والمستقبل‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫‪ -7‬بسبب التعصب الشديد للروابط القرابية فإن الماتمعات البدائية هي ماتمعات مغلقة يصعب على‬
‫الغرباء االندماج فيها أو الحصول على مكانة رفيعة في تنظيمها االجتماعي‪ .‬أو إشغال بعض المراكز‬
‫االجتماعية التي تشترط القرابة الدموية اساسا ً الشغالها‪.‬‬
‫‪ -8‬القرابة البدائية هي ذات طبيعة غيبية تتعدى االحياء إلى األموات ويتضح هذا الاانب منها في‬
‫االدوار التي تسند الى الموتى من االقارب في الحياة االجتماعية للاماعة بشكليها االياابي والسلبي‪ ،‬ففي‬
‫كثير من الاماعات في أفريقيا واوقيانوسيا يشترك االجداد الموتى في الضبط االجتماعي حيث يخشى‬
‫االهالي عقابهم الروحي عند االنحراف عن القواعد االجتماعية المعمول بها‪ .‬كما تعتقد هذه الاماعات أن‬
‫أجدادها يشتركون في حركات التحرر االجتماعية والسياسي من االستعمار كما يالحظ في (الحركات‬
‫االهلية) ‪ nativistic movements‬عند جماعات غينيا الاديدة‪ ،‬أو في بعض القبائل الهندية في أمريكا‬
‫الشمالية أو بعض القبائل االفريقية‪.‬‬
‫تصنيف نظم القرابة‪:‬‬
‫تصنف نظم القرابة الى ثالثة‪:‬‬
‫‪ -1‬القرابة االبوية (‪ )patrilincal kinship‬أو (‪ )agnatickiniship‬وهي التي تقوم على اساس‬
‫القرابة عن طريق الرجال فقط‪.‬‬
‫‪ -2‬القرابة االمية (‪ )matrilincal kinship‬أو (‪ )uterine kinship‬وهي التي تقوم على اساس‬
‫القرابة عن طريق النساء فقط‪.‬‬
‫‪ -3‬قرابة االهل (‪ )cognatic kinship‬وهي التي تقوم على اساس القرابة بين جميع االفراد‬
‫المنحدرين من جد واحد بغض النظر عن كون ذلك االنحدار عن طريق الرجال أو النساء‪.‬‬
‫أما عالقة المصاهرة (‪ )affinal relationship‬فهي التي تنام عن الزواج فتربط الزوج باهل وجته‬
‫والزوجة باهل وجها‪ ،‬كما تربط الشخص باهل المرأة التي يتزوجها أحد اقربائه‪ ،‬كأهل وج العمة‪،‬‬
‫ويسمى من تربطهم هذه العالقة اصهارا ً (‪.)affines‬‬
‫وللقرابة نعوت من حيث استعمالها‪:‬‬
‫‪ -1‬النعوت التي يستعملها المتكلم حيث يصف قريبه أو قريبته عندما يتحدث عنه أو عنها‪ ،‬وتسمى‬
‫نعوت الوصف (‪)terms of reference‬‬
‫‪ -2‬النعوت التي يستعملها المتكلم حيث يتحدث إلى قريبه أو قريبته‪ ،‬وتسمى نعوت النداء ( ‪terms of‬‬
‫‪.)address‬‬
‫كما تقسم نعوت القرابة من حيث دالالتها إلى‪:‬‬
‫‪ -1‬نعوت تصنيفية (‪ :)classificatory terms‬وهي النعوت التي تطلق على أقارب معينين‪ ،‬وتعم‬
‫في الوقت عينة فتطلق على كل من هم من جنس اولئك االقارب واعمارهم‪ ،‬رغم عدم ارتباطهم مع‬
‫المتكلم بصلة القرابة‪ .‬مثل إطالق نعب االب على كل رجل من عمره وإطالق لقب االم على كل امرأة‬
‫من عمرها وهكذا‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫‪ -2‬نعوت وصفية (‪ )descriptive terms‬وهي النعوت التي يستعمل فيها نعت واحد ليدل على‬
‫قريب واحد فقط ( ) ‪.‬‬
‫النسب ‪[ descent‬مفهومه وانواعه]‬
‫وهو الرابطة المعترف بينها بين االفراد واسالفه (‪ )ancestors‬والسلف (هو الشخص الذي ينحدر منه‬
‫الفرد أما عن طريق االب أو عن طريق االم)‪.‬‬
‫ويقسم النسب الى‪:‬‬
‫‪ -1‬نسب ابوي (‪ )patrilineal decent‬وهو النسب الذي يعترف به الفرد بعالقته القرابية عن‬
‫طريق الذكور‪.‬‬
‫‪ -2‬نسب امي (‪ )matrilineal decent‬وهو النسب الذي يعترف به الفرد بعالقته القرابية عن‬
‫طريق االناث‪.‬‬
‫‪ -3‬نسب ثنائي (‪ )bilateral decent‬وهو النسب الذي يعترف به الفرد بعالقته القرابية عن طريق‬
‫الذكور واالناث لعدد معين من االقارب وبدون اعطاء جانب اهمية اكثر من الاانب االخر‪.‬‬
‫‪ -4‬نسب مزدوج الخط (‪ )double unilineal decent‬وينتسب الفرد فيه في الوقت نفسه إلى‬
‫ماموعتين قرابيتين احداهما االخرى‪ ،‬هما ماموعة ابيه االبوية‪ ،‬وماموعة امه االموية‪ ،‬لتحقيق‬
‫اغراض اجتماعية معينة‪ ،‬كأن ينتسب الفرد فيما يخص االرض والزراعة إلى ماموعة ابيه االبوية‪،‬‬
‫وفيما يخص الدين والسحر إلى ماموعة امه االمية‪ ،‬ويأخذ هذا النوع من النسب شكالً اخر في بعض‬
‫الماتمعات البدائية‪ ،‬وهو أن ينتسب االوالد والبنات ذوو التسلسل الفردي من حيث ترتيب والدتهم إلى‬
‫األب وذوو التسلسل الزوجي إلى االم‪.‬‬
‫الرمو القرابية ‪:‬‬
‫قبل أن ندرس مكونات البناء االجتماعي يستحسن أن نلم ببعض الرمو المتفق على استعمالها في كتب‬
‫االنثروبولوجيا االجتماعية‪ .‬وهي رمو تستعمل أما لتبين اشكال العوائل وانواع الزواج وتكوين الفخذ‬
‫والعشيرة والقبيلة في الشعوب البدائية‪ ،‬أو لضبط العالقات القرابية في الماتمع المدروس‪[ .‬عالوة على‬
‫هذه االهمية الستعمال الرمو القرابية فإن لها أهمية كبيرة في استخدام الطريقة القرابية أو النسبية‪،‬‬
‫أحدى طرق البحث في الدراسة الميدانية والتي ستدرس في (طرق البحث في االنثروبولوجيا‬
‫االجتماعية)]‪.‬‬
‫الرمو االنثروبولوجية للنوع والقرابة‬
‫رســـــــــــــــــــــــــــــــــم‬
‫مخطط النواع العائلة‬
‫الاماعات العشائرية ‪( :‬الفخذ والعشيرة والقبيلة)‬
‫الفخذ ‪ : lineage‬ماموعة قرابية اكبر من العائلة ينحدر كل افراده عن خط نسب واحد‪ ،‬أبوي أو أمي‪،‬‬
‫من شخص معين ‪ ،‬وإلى عدد من االجيال يتراوح بين خمسة وسبعة اجيال وإلى اكثر من ذلك في حاالت‬
‫‪45‬‬
‫قليلة‪ ،‬ويرتبطون بعالئق قرابية حقيقية وليست مفترضة‪ ،‬وبوجود تماسك وتعاون بين افراده‪ ،‬وتصرفهم‬
‫كوحدة اجتماعية واقتصادية‪ ،‬وله قابلية على االنشطار لتكوين افخاذ جديدة‪ ،‬وهو جزء من العشيرة ‪،‬‬
‫وعادة يحدث هذا االنشطار بعد الايل الخامس أو السادس والفخذ كوحدة قرابية اجتماعية واقتصادية‬
‫متعاونة ومتماسكة محدودة االقامة بمكان محلي واحد‪ ،‬ونادرا ً ما توجد مبعثرة على اكثر من مكان‪.‬‬
‫ويتمتع اعضاء كافة بحقوق وواجبات متبادلة تخص افراد الفخذ دون غيرهم‪ .‬إذ يكتسب الفرد تلقائيا ً من‬
‫خالل عضويته في الفخذ (كافة حقوقه وواجباته ومكانته االجتماعية والسياسية على المستوى المحلي أو‬
‫مستوى العشيرة والقبيلة‪ .‬وذلك مرتبط باستمرارية وديمومة ماموعة النسب [أي الفخذ] كتامع محلي‬
‫اكثر واشمل من االسرة والعائلة‪ ،‬وبواسطتها تتحدد الحيا ة والملكية وتورث اجتماعياً‪ ،‬وكذلك الوظائف‬
‫االجتماعية والقيادية والعسكرية والدينية وااللقاب المختلفة)‪.‬‬
‫ويصنف الفخذ إلى نوعين‪:‬‬
‫‪ -1‬الفخذ االبوي (‪ )patrilineal lineage‬ويدعى أيضا ً (‪ )patrilineage‬ويتكون من كل االفراد‬
‫المنحدرين عن طريق الذكور من جد معين‪.‬‬
‫‪ -2‬الفخذ االمي (‪ )matrilineal lineage‬ويدعى أيضا ً (‪ )matrlineage‬ويتكون من جميع االفراد‬
‫المنحدرين عن طريق االناث من جدة أنثى معينة‪.‬‬
‫ومن اهم خصائص الفخذ‪:‬‬
‫‪-1‬‬
‫أن يكون الزواج فيه خارجياً‪ ،‬ويعتبر الفخذان العربي والبوليزي استثنائين لهذه القاعدة‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫أن يحتكر تخصصا ً فنيا ً [أي حرفيا ً] أو وظيفة دينية أو مركزا ً مدنيا ً‪.‬‬
‫ويتميز الفخذ عن العشيرة بحقيقتين هامتين هما‪:‬‬
‫‪ -1‬يستطيع افراد الفخذ كافة أن ينسبوا أنفسهم إلى بعضهم البعض بصورة واقعية ال متخيلة‪ ،‬ألن‬
‫الفخذ محدد بعدد من االجيال‪ ،‬فإن نما واتسع نتياة لقدمه وعمقه بحيث أصبح متعذرا ً على افراده معرفة‬
‫درجة قرابة كل واحد منهم لالخر‪ ،‬انقسم بصورة تلقائية [إلى افخاذ صغيرة] فانقلب رأسه إلى رأس‬
‫عشيرة ‪ ،‬واصبح كل ولد من اوالد ذلك الرأس رأسا ً لفخذ منفصل‪.‬‬
‫‪ -2‬يشعر افراد الفخذ نتياة لما تقدم بترابط اوثقن وبروح جماعة اقوى‪ ،‬ويبر ون ذلك الترابط‬
‫بالتعاون االقتصادي والتساند االجتماعية والمشاركة الفعلية في كل االحداث وبخاصة فيما يتعلق بالدفاع‬
‫عن أفراد الفخذ‪.‬‬
‫العشيرة (‪)clan‬‬
‫(وهي ماموعة من االشخاص من الانسين تتعين عضوية الفرد فيها على أساس النسب وحيد الخط‬
‫(‪ )unilineal decent‬بصورة واقعية أو متخيلة‪ ،‬مع ما يترتب على تلك العضوية بصورة تبعية من‬
‫التزامات تفرض على أعضاء العشيرة دون غيرهم)( ) فهي ماموعة من االفخاذ تنحدر من أصل واحد‬
‫مشترك سواء كان حقيقيا ً أو افتراضيا ً ورغم ذلك األصل فهي تضم الكثير من االفخاذ تنحدر من أصل‬
‫واحد مشترك سواء كان حقيقيا ً أو افتراضيا ً ورغم ذلك االصل فهي تضم الكثير من الغرباء الذين‬
‫‪46‬‬
‫انضموا عضوية العشيرة خالل تاريخها الطويل السباب كثيرة منها الغزو أو طلب الحماية أو الرغبة في‬
‫تدعيم العشيرة عدديا ً بقبول افراد أو افخاذ مختلفة االصل إليها‪.‬‬
‫وتصنف العشيرة وفقا ً لنظام القرابة والنسب إلى نوعين هما‪ :‬العشيرة االبوية وتتكون من كل االفراد‬
‫المنحدرين عن طريق الذكور من جد ذكر معين‪ ،‬والعشيرة االموية وتتكون من كل االفراد المنحدرين‬
‫عن طريق االناث من جدة أنثى معينة‪ ،‬والعشيرة في أغلب الشعوب البدائية (خارجية الزواج)‪ ،‬وقد‬
‫تقطن اقليما ً واحدا ً أو عدة اقاليم وقد تكون طوطمية حيث نعتقد العشيرة الطوطمية بأن مؤسسها‪ ،‬أي‬
‫طوطمها‪ ،‬كل احد المظاهر غير الطبيعية أو الطبيعية في بيئتها‪ ،‬وترتبط اسماء هذه العشائر بالطواطم‪،‬‬
‫التي تعتقد أنها سبب وجودها وبقائها‪ ،‬مثالً‪ ،‬عشيرة القط أو االسد‪ ،‬او نوع من الطيور أو االسماك‪ ،‬أو‬
‫النبات او روح من باطن االرض أو النهر أو البحر‪ ،‬أو السماء نزلت وتزاوجت مع احدى النساء [ومن‬
‫هذا التزاوج انابت تلك المرأة ذريتها التي شكلت العشيرة في عصور قديمة]‪ .‬ويقام للطوطلم احتفال‬
‫طقسي في مكان معينوله رمو أو شواهد أو اضرحة في مكان معين أو عدة اماكن وغالبا ً تحرم العشيرة‬
‫صيد الحيوان أو قطع النبات الذي تعتقده طوطمها‪ ،‬أو استخدام فرائه أو ريشه أو اوراقه‪ ،‬وكثيرا ً ما‬
‫يعزى للطوطم قوى فوق طبيعية تساعد اعضاء العشيرة في حياتهم وبذلك يمكن أن يكون الطوطم راعي‬
‫للعشيرة‪.‬‬
‫وال تظهر العشيرة كنظام اجتماعي في كل الماتمعات فهناك ماتمعات غير عشائرية أي ال توجد فيها‬
‫عشائر‪ .‬ويمكن أن تتعرض العشائر لالنقراض وتنشأ عشائر جديدة في المناطق ذات الكثافة السكانية‬
‫المنخفضة والموارد المحدودة بينما تعمر العشائر في مناطق الموارد االقتصادية الغنية واالعداد السكانية‬
‫الكبيرة‪ .‬ففي الماتمعات التي يقوم اقتصادها على جمع الغذاء ينتشر افرادها انتشارا ً واسعا ً في مساحات‬
‫شاسعة من االرض ‪ .‬لذا تقوم تنظيمات الماتمع على اساس االفخاذ الصغيرة قليلة العدد لفقر الموارد أو‬
‫لتخلف تكنولوجيا االنتاج أو لكليهما معا ً لهذا فإن دور العشيرة عند هذه الماتمعات يكون محدودا ً‪ .‬وعلى‬
‫عكس ذلك يكون دور التنظيم العشائري هو الركيزة االساسية في القبائل الزراعية والرعوية حيث تشتد‬
‫الحاجة إلى تساند وتعاضد ماموعة كبيرة من الناس اكبر من الفخذ للدفاع عن مصالح الماتمع وارضه‬
‫ومااله الحيوي‪ ،‬ومن ثم تظهر التنظيمات العشائرية كضرورة حيوية لبقاء الماتمع‪.‬‬
‫هذا وهناك اعتقاد سائد بين افراد العشيرة بأنهم جميعا ً ينحدرون من جد واحد ولهذا يعتبرون انفسهم‬
‫اقارب‪ ،‬وينعت بعضهم البعض االخر بنعوت القرابة ‪.‬‬
‫وظائف العشيرة‪:‬‬
‫وتقوم العشيرة بعدة وظائف تظهر أهميتها للفرد والاماعة والماتمع المحلي‪ ،‬اهمها االتي‪:‬‬
‫التضامن االجتماعي‪ ،‬العشيرة وحدة اجتماعية يسودها التماسك والتضامن االجتماعي فيسارع‬
‫‪-1‬‬
‫جميع افراد العشيرة إلى مساعدة العضو الذي يحتاج إلى العون‪ ،‬والذي من أهم انواعه حماية حياة الفرد‬
‫من أي اعتداء وأخذ الثأر له إذا اعتدي عليه‪ ،‬ويترتب على هذا التضامن شعور افراد العشيرة باالمن‬
‫واالستقرار والمسؤولية الاماعية‪.‬‬
‫األمن الداخلي والخارجي‪ ،‬تقوم العشيرة بعملية الضبط االجتماعي وتوفير األمن الداخلي‬
‫‪-2‬‬
‫ألعضائها‪ ،‬ويتولى ذلك رئيس العشيرة وأعوانه بتطبيق قانون العشيرة الذي يتمثل بماموعة من التقاليد‬
‫واألعراف‪ ،‬ويشرف الرئيس على تنفيذ العقاب على من يخالف تلك التقاليد واألعراف‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫تنظيم الزواج‪ ،‬تقوم العشيرة الطوطمية بتنظيم (الزواج الخارجي) وتحريمها (الزواج الداخلي)‬
‫‪-3‬‬
‫ويلعب الزواج الخارجي دورا ً هاما ً في توفير عالقات الود والتعاون [واألمن] بين العشائر التي يامع‬
‫الزواج بين بعض افرادها‪.‬‬
‫تنظيم النشاط االقتصادي‪ ،‬تملك العشيرة األرض التي تعيش عليها ملكية جماعية‪ ،‬ويتولى رئيس‬
‫‪-4‬‬
‫العشيرة تقسيم هذه األرض على عوائل عشيرته وتو يع االعمال بينها‪ ،‬ويحق لكل اعضاء العشيرة‬
‫استغالل ارضها [بالسكن والزراعة والرعي والصيد ومصادر المياه وجمع الحطب] ولكن ال يحق ألي‬
‫منهم ملكيتها ملكية خاصة‪.‬‬
‫إجراء الطقوس الدينية‪ ،‬يكون رئيس العشيرة في معظم االحيان رئيس الكهنة‪ ،‬وينظر له على أنه‬
‫‪-5‬‬
‫الواسطة بين افراد العشيرة االحياء واجدادهم الموتى الذين يشغلون منزلة مقدسة‪ .‬وفي حالة تامع‬
‫عشائر القبيلة الواحدة تقوم كل عشيرة بطقوس دينية معينة في االحتفاالت العامة والخاصة بالقبيلة‪،‬‬
‫ويشرف الكاهن ومساعدوه على اجراء هذه الطقوس واحترامها ومعاقبة المخالفين‪.‬‬
‫تنظيم النشاط السياسي‪ ،‬للقبيلة مالس قبلي يضم رؤساء عشائرها ويتولى المالس تنظيم النشاط‬
‫‪-6‬‬
‫السياسي لتلك العشائر‪ ،‬مثل عمليات اختيار أو انتخاب رؤساء العشائر واعالن الحرب وإنهائها وتنظيم‬
‫شؤون الدفاع [وفض النزاعات عن طريق التحكيم ودفع التعويضات]‪ ،‬وقد تصبح عشيرة رئيس القبيلة‬
‫هي العشيرة الملكية فتحظى بامتيا ات خاصة ومن أمثلة ذلك قبائل (التروبرياند) في ميالنزيا وقبائل‬
‫(الداهومي) و(األشانتي) في أفريقيا‪.‬‬
‫القبيلة ‪Tribe‬‬
‫القبيلة هي أكبر الوحدات القرابية وتتكون من ماموعة من العشائر التي ترتبط بوحدة النسب‪ ،‬وقد‬
‫تتواجد العشائر في أقاليم متااورة أو قد يقطن بعضها في اقاليم بعيدة نسبياً‪ ،‬إن القبيلة تظل واحدة ما‬
‫دامت العشائر التي تتألف منها تنتظم في بناء أحادي للقرابة الدموية النابعة من النسب المشترك‪ .‬وتتميز‬
‫القبيلة بالخصائص التالية‪:‬‬
‫[األرض واللغة والثقافة المشتركة]‪ ،‬حيث يشغل أفراد الماتمعات المحلية التي تتكون منها‬
‫‪-1‬‬
‫القبيلة قطعة أرض مشتركة ويتكلمون لغة واحدة ويطبقون أنماط حضارية مشتركة‪ ،‬ويترتب على ذلك‬
‫سهولة التفاعل االجتماعي بين اعضاء القبيلة الواحدة الشتراكهم في المكان واللغة والحضارة‪ ،‬ولذلك‬
‫يشعرون بانتمائهم جميعا ً إلى ماتمع واحد وتسود بينهم مظاهر التعاون والود والتماسك االجتماعي‪.‬‬
‫ويتضح هذا التماسك في المناسبات الدينية حيث تقام طقوس قبائلية يشترك فيها ممثلون عن جميع‬
‫الوحدات االجتماعية الفرعية‪ ،‬وكذلك في حالة الخطر فعندما يتعرض أي جزء من القبيلة للخطر تهب‬
‫القبيلة كلها للدفاع‪.‬‬
‫[وجود تنظيمات شكلية أهمها التنظيم السياسي]‪ ،‬توجد تنظيمات شكلية في القبيلة تعمل على‬
‫‪-2‬‬
‫تأكيد وحدتها وتماسكها االجتماعي وبالتالي تحافظ على كيانها واستمرار وجودها‪ ،‬أهم تلك التنظيمات‬
‫التنظيم السياسي‪ ،‬يمثل القبيلة رئيس يحظى باحترام الاميع‪ ،‬ويشاركه في رعاية شؤون القبيلة مالس‬
‫يسمى ((مالس القبيلة)) ويتكون في الغالب من رؤساء العشائر إذا كانت القبيلة تتكون من عشائر‪ ،‬أو‬
‫من رؤساء المعاشر إذا كانت القبيلة بدون عشائر‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫ويتعلم أعضاء القبيلة منذ صغرهم ومن خالل تاوالهم في أنحاء القبيلة التنظيمات الرسمية مثل كيفية‬
‫االشتراك في مالس القبيلة وكذلك أنماط السلوك غير الرسمي مثل كيفية التعرف على اعضاء القبيلة‬
‫وماذا يتوقعون منهم في الظروف المختلفة ومتى يقدم لهم العون وكرم الضيافة‪ ،‬وهكذا تستمر القبيلة من‬
‫جيل إلى جيل حيث يعلم الايل القديم الايل الاديد تقاليد القبيلة ونظمها‪.‬‬
‫[تنظيم شؤون الدفاع والحرب]‪ ،‬أهم وظائف القبيلة هي تنيم شؤون الدفاع والحرب‪ ،‬ففي حالة‬
‫‪-3‬‬
‫الخطر يظهر بوضوح تماسك القبيلة كوحدة اجتماعية وتظهر أهميتها وفائدتها‪ ،‬ويترتب على قوة‬
‫الشعور الاماعي بوحدة القبيلة إلى أن يسرع كل اعضاء القبيلة للدفاع في حالة تعرض أي جزء من‬
‫القبيلة للغزو وكأن هذا الغزو قد شملهم جميعا ً‪ .‬ونالحظ فرقا ً كبيرا ً بين معاملة اعضاء القبيلة لبعضهم‬
‫ومعاملتهم ألعضاء القبائل األخرى‪ ،‬ففي الغالب يعاملون الغرباء كما يعاملون الحيوانات التي‬
‫يصيدونها‪ ،‬وهكذا يتحول الفرد الذي يعامل اعضاء قبيلته بكل رفق وحب وتعاون إلى شخصية أخرى‬
‫عندما يتعامل مع الغرباء (من خارج القبيلة) فيصبح قاسي عنيف‪.‬‬
‫ونالحظ أنه بينما تقوم القبيلة بوظيفة هامة في شؤون الحرب والدفاع نادها ضعيفة التأثير في ظواهر‬
‫اجتماعية أخرى مثل التربية والضبط االجتماعي والزواج‪ ،‬فهذه الشؤون يقوم بتنظيمها االسرة والماتمع‬
‫المحلي‪.‬‬
‫خالصة القول أن القبيلة تقوم بوظيفتين أساسيتين األولى تتعلق بالتنظيم السياسي لألقسام الفرعية بحيث‬
‫تظهر كوحدة اجتماعية‪ ،‬والوظيفة الثانية هي تنظيم شؤون الدفاع والحرب‪ ،‬أما في حالة السلم فإن وحدة‬
‫القبيلة تكون أضعف وأقل وضوحا ً وذلك ألن كل قسم في القبيلة يكون مهتما ً بشؤونه الداخلية‪ ،‬فالعشيرة‬
‫هي وحدة اجتماعية شبه مستقلة اقتصاديا ً واجتماعيا ً‪ .‬ويترتب على ذلك أن القيادة في القبيلة اضعف في‬
‫تأثيرها على سلوك االفراد من القيادة في العشيرة‪ .‬وذلك ألن اساس الحياة االجتماعية في العشيرة تقوم‬
‫على االتصاالت الشخصية‪ ،‬أي وجها ً لوجه ‪ ،‬اما الحياة االجتماعية بالنسبة للقبيلة كلها فإنها ال تتوافر إال‬
‫في فترات موسمية مثل المناسبات واالعياد الدينية أو في فترات مؤقتة مثل الحرب‪ .‬لهذا تكون العالقات‬
‫داخل العشيرة اكثر التصاقا ً ووثوقا ً والتزاما ً بالقياس بالعالقات في القبيلة إال إنها أقل تماسكا ً وتعلقا ً إذا ما‬
‫قورنت بعالقات افراد االسرة والفخذ‪.‬‬
‫يظهر من ذلك أن القبيلة تمثل مفهوم قرابيا ً وسياسيا ً في الوقت نفسه ومعروف تأريخيا ً أن بعض القبائل‬
‫قد قامت بدور الدولة قبل ظهور الدولة الحديثة‪ ،‬وقد اتحدت في العصور القبلية بعض القبائل في أحالف‬
‫سياسية لزيادة قوتها الحربية ضد القبائل األخرى التي شعرت بتهديد المنها‪ ،‬ويالحظ أن القبائل التي‬
‫بلغت درجات عالية من الطموح السياسي في المااالت االقتصادية لزيادة ثرواتها كثيرا ً ما اعتمدت‬
‫اسلوب التوسع على حساب الاماعات الغريبة المااورة لها واستمر توسعها حتى تحولت عبر الزمن‬
‫الطويل إلى دول‪ ،‬وتنطبق هذه الحقيقة على الكثير من القبائل الهندية االمريكية في أمريكا الوسطى‬
‫وامريكا الانوبية التي تنشأ عن حركاتها الحربية التوسعية دول قوية وامبراطوريات كامبراطورية انكا‬
‫(‪ )INCA‬في بيرو (اال تكس) في المكسيك‪ ،‬على أن القبائل التي استطاعت من التوسع العسكري وضم‬
‫األراضي غالبا ً ما اتسمت بتنظيم سياسي ونظم اقتصادية تااو ت الكفاف إلى درجات محدودة من‬
‫الفائض االنتاجي في مااالت الغذاء‪.‬‬
‫العائلة‬
‫‪49‬‬
‫(مفهومها وانواعها ووظائفها)‬
‫العائلة ‪( The family‬مفهومها وانواعها)‬
‫هي أصغر وحدة اجتماعية وهي الماموعة االجتماعية االساسية المنتشرة بين كل النوع البشري‪.‬‬
‫وتعرف اعتياديا ً بأنها (ماموعة اجتماعية تتميز بمسكن عام وتعاون اقتصادي وتتادد باالنااب)‪.‬‬
‫وتتكون العائلة في أبسط حاالتها من االب واالم واوالدهما‪ .‬وتقوم فيها العالقتان القرابيتان‪ :‬عالقة االبوة‬
‫وعالقة االخوة إضافة لعالقة االرتباط بالزواج بين الزوج والزوجة‪.‬‬
‫وتعد العائلة في كل الماتمعات المحور االساسي لتنظيم الماتمع‪ ،‬فهي القاعدة التي ينبني عليها أي‬
‫ماتمع وتركيباته الحضارية المختلفة ‪ ،‬وعلى رأسها نظم القرابة‪ ،‬وهي نظام عالمي‪ ،‬وإنها ليست ثابتة‬
‫بل يعتريها التغير في الشكل والمضمون كاي نظام حضاري آخر‪ .‬ويرى الكثير من االنثروبولوجيين أن‬
‫الزوجين دون االطفال ال يكونون عائلة ‪ .‬ويصنف االنثروبولوجيون العائلة بصورة عامة إلى أربعة‬
‫انواع رئيسية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬االبتدائية أو البسيطة (‪[ )elementary or simple family‬وتسمى أيضا ً العائلة االولية أو‬
‫النواة أو الزواجية] وتتكون من االب واالم واوالدهما‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫المركبة (‪ ))compound family‬وتتكون‬
‫أما من الزوج و وجته واوالدهن وتدعي (‪( )polygynous family‬العائلة المركبة المتعددة‬
‫أ‪-‬‬
‫الزوجات)‪.‬‬
‫ب‪ -‬أو من الزوجة وا واجها واوالدها وتدعى (‪ )polyandrous family‬العائلة المركبة المتعددة‬
‫اال واج‪.‬‬
‫ت‪ -‬أو من واج رجل له اوالد من وجته المتوفاة أو المطلقة أو من واج امرأة لها اوالد من‬
‫وجها المتوفى أو من مطلقها‪ ،‬مع ما ينابه الزواج الاديد من اوالد‪.‬‬
‫‪-3‬‬
‫المشتركة أو المتحدة (‪:)joint family‬‬
‫وتتكون من الزوج و وجته أو وجاته واوالده المتزوجين و وجاتهم واطفالهم‪ ،‬يعيشون في‬
‫أ‪-‬‬
‫مكان واحد كوحدة اجتماعية واقتصادية تحت رئاسة رجل واحد هو اكبرهم سنا ً‪.‬‬
‫ب‪ -‬أو تتكون من اثنين أو اكثر من األقارب المنحدرين من نسب واحد ومن جنس واحد كاالخوة‬
‫واالخوات وا واجهم واطفالهم‪ ،‬ويعيشون كوحدة اجتماعية واقتصادية في بيت واحد تحت رئاسة اكبر‬
‫افرادها سنا ً‪.‬‬
‫‪ -4‬الممتدة (‪ )extended family‬وهي العائلة المشتركة حيث تسكن اماكن متفرقة [بيوت متااورة‬
‫أو متباعدة]‪.‬‬
‫وتقسم العائلة من حيث عالقة الفرد بها إلى‪:‬‬
‫‪ -1‬الحياتية (‪ )biological family‬وهي العائلة التي ينتمي إليها الفرد نتياة الرتباطه بها حياتيا ً‬
‫اي نتياة كونه حصيلة واج أبيه بأمه‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫‪-2‬‬
‫االجتماعية (‪ )sociological family‬وهي العائلة التي يتربى فيها الفرد نتياة تبنيها له‪.‬‬
‫كما يعيش الفرد في حياته في عائلتين‪:‬‬
‫‪ -1‬العائلة التي يترعرع فيها ويعد اجتماعيا ً تحت كنفها‪ ،‬وهي بالنسبة له حالة العائلة التوجيهية‬
‫(‪)family of orientation‬‬
‫‪ -2‬العائلة التي يكونها هو حين يتزوج ويناب اطفاالً وتدعى العائلة االناابية ( ‪procreation‬‬
‫‪) family‬‬
‫وظائف العائلة ‪:‬‬
‫االسرة أو العائلة تمارس وظائف محددة وهي تنحصر فيما يأتي‪:‬‬
‫‪-1‬‬
‫الوظيفة البايولوجية‬
‫ال تفوتنا االشارة إلى إن الماتمعات البشرية تحدد العالقات بين الذكور واالناث وتنظمها لكي تؤدي‬
‫وظائفها الرئيسة‪ ،‬ومن أبر هذه الوظائف الوظيفة البايولوجية التي تنشأ بين الزوج والزوجة عن طريق‬
‫الزواج‪ ،‬وابر نتاجها االنااب ‪procreation‬‬
‫أي الحصول على االطفال بواسطة العملية الزواجية البايولوجية ‪ ،‬ومن المتفق عليه أن افتراضات رجال‬
‫الفكر االنثروبولوجي واالثنولوجي القديم للعائلة باالباحية الانسية في الماتمعات البائدة هي افتراضات‬
‫ال تستند إلى أسس واقعية‪ .‬ألن الماتمعات كما هو واضح من البحوث المقارنة التي تناولتها على كافة‬
‫المستويات التطورية تضع قواعد تحرم بعض الصالت الانسية بين االقارب من الدرجة االولى وبعض‬
‫اقارب الدرجة الثانية‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس يصبح امتيا االتصال الانسي في األسرة النواة ‪ nuclear family‬حقا ً مسموحا ً به‬
‫فقط بني الزوج والزوجة أو األب واألم دون باقي األعضاء من األبناء من الانسين‪ ،‬وتتفق الماتمعات‬
‫البشرية عموما ً على هذا التحديد بشكل دقيق‪.‬‬
‫ويالحظ بعض المختصين أن تحريم الانس خارج نطاق عالقة الوالدين يعود إلى حقيقة بايولوجية‬
‫فحواها أن األطفال يشعرون فطريا ً باالشمئزا من الانس من االبوين واالقارب االوليين‪ ،‬غير أن‬
‫التفسير يفتقر إلى االسانيد العملية لعدم وجود برهان بايولوجي على هذا االشمئزا في اي من الفصائل‬
‫الحيوانية‪ .‬ومعلوم أن العالقة الانسية بين الصغار وامهاتهم تاري في بعض هذه الفصائل‪ .‬االمر الذي‬
‫يفسق هذا التفسير الغريزي لالشمئزا الانسي بين الصغار وابويهم والرأي االصوب حول الموضوع‬
‫هو الذي يستند إلى تأثير قيم الماتمع في شخصية الفرد منذ الطفولة المبكرة‪ ،‬هذا التأثير الذي يحدد‬
‫موافقة االياابية والسلبية تااه كل تفصيالت واقعه االجتماعي داخل األسرة وخارجها‪ .‬وعلى هذا‬
‫األساس فالقيم واستبطانها من قبل األشخاص هي التي تولد الشعور باالشمئزا من الانس الحرام ومن‬
‫المحرمات األخرى‪ .‬كما ال ياو القول أن واقع الانس هو السبب الوحيد للزوج حيث أن الزواج موجود‬
‫حتى في الماتمعات البسيطة التي تعطي افرادها حريات جنسية كبيرة‪.‬‬
‫وإلى جانب هذه الوظيفة تؤدي األسرة وظيفة أخرى هامة متصلة بها وهي انااب االطفال‪ .‬وبديهي إن‬
‫لعملية االنااب أثر إياابي كبير يعتمد عليه بقاء الماتمع‪ ،‬فوجود السكان الذي يمثل أهم دعامة يرتكز‬
‫‪51‬‬
‫عليها الماتمع البشري هو نتياة طبيعية النااب الصغار‪ .‬وفي كثير من الاماعات االنسانية يمثل انااب‬
‫الصغار معيارا ً يعتمد عليه تقدير االنسان حيث إن منزلته ترتفع مع يادة عدد اطفاله وتنزل بنزوله‬
‫وغالبا ً ما تكون مكانة االنسان العا ب أو المتزوج العقيم الذي ليس لديه اطفال واطئة‪ ،‬ولالنااب وظيفة‬
‫أخرى في نظر هذه الاماعات وهي أنه وسيلة لضمان استمرارية الساللة القرابية التي تستند إلى توالي‬
‫الحلقات القرابية للنسب‪ .‬ويضاف إلى ذلك أن بعض الاماعات ترى في الزواج واالنااب الوفاء بالتزام‬
‫ديني أو روحي يكمل شخصية االنسان ويسهم في إنضاج مواقفه االنسانية واالخالقية‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫الوظيفة التربوية‬
‫األسرة كما هو واضح تمثل اقدم وحدة اجتماعية وحضارية مارست وتمارس عليه المؤانسة االجتماعية‬
‫أو التنشئة االجتماعية ‪ socialization‬فاالطفال الذين يولدون في األسرة يمرون منذ أسابيع الرضاعة‬
‫األولى وعبر طفولتهم في سلسلة من التأثيرات المادية الغذائية والاسمية المتعددة والفكرية الذوقية‬
‫والمعرفية والعقيدية والعملية‪ .‬هذه التأثيرات مع تعاقب السنين تتراكم في نفوس الصغار وتكون عندهم ما‬
‫يسمى بنظام الشخصية أو بناء الشخصية‪ .‬أن نظام الشخصية بما يتضمنه من مواقف واتااهات نفسية‬
‫وعقلية يتصف بدرجة عالية من االستقرار والديمومة على الرغم مما يطرأ من تبديل أو تغير عليها في‬
‫السنوات الالحقة‪ .‬يضاف إلى ذلك إن حضارة الماتمع تؤكد قوتها عن طريق ترسيخ قيمها ومعاييرها‬
‫في شخصية االطفال بشكل منسق ويتم ذلك على اساس وحدة القيم وتماثلها‪ .‬كل هذا ياعل شخصية افراد‬
‫الماتمع الواحد تشترك بالكثير من الخصائص الفكرية والسلوكية المتماثلة‪ .‬وعليه فالوظيفة التربوية هي‬
‫عامل أساسي في توحيد المواقف وخلق العوامل الذهنية والنفسية التي تدعم وحدة الماتمع واستقراره‬
‫نتياة التشديد على األنماط التربوية المتماثلة‪.‬‬
‫ومع ذلك فالعملية التربوية تحتوي على عناصر الضبط التي يتطلبها غرس المعايير والقيم في الشخصية‬
‫وتكون اساليب الضبط في سنوات الطفولة االولى خارجة معتمدة على الوعيد والعقاب أو االيحاء بهما‬
‫وغير ذلك من طرق السيطرة التي يمارسها المربون لكي يشعر الطفل الصغير باحترام القيم ويدرك‬
‫سلطانها على السلوك‪ .‬على السلوك‪ .‬غير أن الضبط يتحول مع تقدم االنسان في السن بدون الحاجة إلى‬
‫الرقباء والموجهين ويطلق على ماموع الدوافع التلقائية ذات المضمون االخالقي والروحي التي تحقق‬
‫التزام الفرد بالقيم االساسية في ماتمعه بالضمير ‪.conscience‬‬
‫‪-3‬‬
‫الوظيفة االقتصادية‬
‫االسرة البشرية في الماتمعات البسيطة المعتمدة على الصيد والرعي والزراعة تمثل ابسط انواع‬
‫االسرة‪ .‬واهم سماتها التعاون االقتصادي‪ .‬ويرجع ذلك إلى اهمية هذا التعاون في ماال ضمان الغذاء في‬
‫ظروف هذه الماتمعات‪ .‬حيث تكون الوسائل التكنولوجية [في ابسط اشكالها] وتكون الحاجة إلى‬
‫االعتماد على العضالت أمرا ً حتميا ً ‪ ،‬مما ياعل اشتراك عدة اشخاص في إناا المهام المعاشية في حقل‬
‫الصيد أو الرعي أو الزراعة أمرا ً ضروريا ً الدامة حياة الاماعة‪ .‬والمعروف إن عبء صيد الحيوانات‬
‫خصوصا ً الكبيرة منها يقع على عاتق اال واج‪ ،‬أما الزوجات فتعفى من هذه المهمة وينسبن إلى االعمال‬
‫المنزلية المحددة‪ .‬أما في الماتمعات الزراعية فتقدم الزوجات اعماالً تكميلية في الحقل الزراعي حيث‬
‫تكون المرأة عامالً مساعدا ً يعمل إلى جانب الزوج‪ .‬ومع ذلك فالاانب االكبر من نشاط النساء في‬
‫الماتمعات الرعوية والزراعية وماتمعات الصيد يرتكز حول رعاية الصغار والنهوض بالواجبات‬
‫المنزلية‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫وال يفوتنا أن نشير إلى مبدأ بسيط في الماتمعات البدائية ذلك هو تقسيم العمل ‪division of labour‬‬
‫الذي تو ع من خالله االعباء والمسؤوليات على كل من الذكور واالناث في األسرة بصورة تخلو من‬
‫التصادم والغموض‪ .‬وال يخفى أن األسرة الريفية والقروية تعتبر االطفال نعمة كبيرة وتضع عليهم اماالً‬
‫عالية في ميادين الخدمات واالعمال االقتصادية وغيرها‪ .‬ويؤدي التعاون االقتصادي في هذه الماتمعات‬
‫[إلى تقوية العالقة بين أفراد األسرة بما] يدعم وحدتها وحمايتها من التفكك‪ .‬كما تدرب األسرة‬
‫(خصوصا ً في الماتمعات الريفية والقروية) اعضاءها على الحرف األساسية التي يكسبون بها معيشتهم‪.‬‬
‫‪-4‬‬
‫الوظيفة النفسية‬
‫األسرة في الماتمعات البسيطة (الرعوية والزراعية) بصورة خاصة والماتمعات المعقدة بصورة عامة‬
‫تخدم أفرادها عن طريق تحقيق الرعاية النفسية وتوفير الطمأنينة الذهنية ألفرادها‪ .‬فالكائن البشري في‬
‫الاماعة االنسانية بصرف النظر عن طبيعة النظام السياسي واالجتماعي أو االقتصادي ودرجة التقدم‬
‫التقني يشعر بحاجات عاطفية وذهنية [ينبغي اشباعها] وتعتبر االسرة افضل المؤسسات الحضارية‬
‫شخصية االنسان منذ الطفولة المبكرة وأن‬
‫الرضاءها ‪ ،‬فالحاجة للعطف مثالً تفرض وجودها في‬
‫األم هي اكثر االفراد لياقة الرضائها في نفس طفلها‪ ،‬وكذلك االب يؤدي دورا ً مماثالً ا اء ابناءه في‬
‫إشباع حاجاتهم للعطف والثقة بالنفس ومعروف لدى الباحثين االنثروبولوجيين والنفسيين أن الكثير من‬
‫العقد النفسية والعقلية التي يعاني منها االفراد غالبا ً ما ترجع إلى خلل في بعض الممارسات التي تعتمدها‬
‫العائلة في تربية صغارها خصوصا ً ما يتصل منها بالتعامل مع حاجات ودوافع الصغار النفسية‪ .‬وابر‬
‫اشكال هذا الخلل التربوي تتخذ صورة سطحية عاطفة االمومة واالبوة تااه الصغار أو ممارسة بعض‬
‫اساليب القسوة في تنشئتهم‪.‬‬
‫‪-5‬‬
‫الوظيفة الروحية‬
‫في كل اسرة توجد عقائد دينية وطقوس وشعائر تعبر عنها ويكتسب االطفال مواقفهم واتااهاتهم‬
‫الروحية من ابويهم عن طريق التلقين والمحاكاة في الطفولة المبكرة حتى تستحيل هذه المواقف إلى‬
‫معتقدات راسخة‪ .‬وهناك مناسبات دينية تنتهزها االسرة فتحتفل بها كما ياري في احتفاالت االسرة‬
‫االسالمية بعيدي الفطر واالضحى‪ ،‬واالسرة المسيحية بعيد رأس السنة‪ .‬وتعمل المناسبات الروحية على‬
‫تقوية االواصر الروحية والعاطفية بين افراد األسرة‪ ،‬كما تسهم في دعم التراث االخالقي واالنساني في‬
‫الماتمع االوسع‪ .‬إن لألسرة أثرا ً كبيرا ً في خلق الضمير لدى اعضائها بواسطة التشديد على المعايير‬
‫االخالقي التي ترتبط بالعقائد الدينية التي تعتنقها وبهذا فهي تساعد على تقوية الضوابط الذاتية التي‬
‫يحتاجها الماتمع للسيطرة على تصرفات االفراد دون الحاجة إلى االعتماد على الضبط الخارجي‬
‫المعتمد على الرقابة الخارجية‪.‬‬
‫‪-6‬‬
‫الوظيفة الترفيهية‬
‫االسرة تقدم خدمة كبيرة أخرى للماتمع وهي توفير المااالت األساسية ألفرادها لتمضية اوقات الفراغ‬
‫واالستمتاع بما توفره من وسائل واساليب اللعب واللهوة‪ ،‬والمعروف عن الطفل البشري أن دافع اللعب‬
‫عنده في طفولته المبكرة يتسم بالقوة والعنفوان وهو يتطلب تهيئة المناخ الترفيهي المناسب لكي يسهل‬
‫التعبير عن هذا الدافع‪ .‬وال ننسى أن مااالت اللعب تتنوع بتنوع النظام االجتماعية والحضارية التي‬
‫تنظم حياة االسرة وأن ذلك يؤدي بالضرورة إلى تفاوت امكانيات التنفيس عن الميل إلى اللعب ‪.‬‬
‫‪53‬‬
‫والشك أن جميع الماتمعات البشرية حتى المحافظة والمتزمتة منها تسمح بدرجات معينة من حرية‬
‫اللعب واالستمتاع ببعض وسائل اللهو والتسلية لصغارها بل وحتى لكبارها‪ .‬فأوقات الفراغ والحاجة إلى‬
‫استثمارها بأساليب الترفيه تمثل حقيقة تواجه البشر صغارا ً وكبارا ً والبد لألسرة والماتمع من وضع‬
‫األساليب والحلول المناسبة لمواجهتها‪.‬‬
‫[ومن وسائل الترفيه وتمضية اوقات الفراغ تبادل الزيارات العائلية‪ ،‬وتوفير االجهزة المنزلية‪ ،‬كالراديو‬
‫والتلفزيون والحاسوب واالنترنت والمكتبة في البيت‪ ،‬إضافة إلى ما يوفره الماتمع من نوادي اجتماعية‬
‫ورياضية‪ ،‬ودور سينما‪ ،‬ومسرح ومكتبات وحدائق عامة‪...‬الخ]‪.‬‬
‫الزواج (مفهومه ودالالته‪ ،‬والمحارم وانواعه)‬
‫الزواج ‪( marriage‬مفهومه ودالالته)‬
‫(وهو رابطة بين امرأة ورجل تاعل االوالد الذين يولدون للمرأة نتياة لتلك الرابطة نسالً شرعيا ً معترفا ً‬
‫به لكل واحد من الوالدين‪ ،‬المرأة والرجل‪ ،‬والزواج نظام اجتماعي معترف به يقصد منه تكوين العائلة)‬
‫الزواج هو الرابطة المعقدة التي تربط رجالً بامرأة وتمنحها حقوقا ً جنسية واجتماعية وقانونية واقتصادية‬
‫وروحية متبادلة ومحددة كما تلزمهما بماموعة من االلتزامات العائلية تااه بعضهما بعضا ً وتااه‬
‫اطفالهما والوحدات القرابية التي ينتميان إليها‪ .‬والزواج قديم قدم الحضارة البشرية ألن االنسان في‬
‫عصور ما قبل التاريخ عاش حياته في إكار االسرة والتنظيم االجتماعي على الرغم من بساطة اشكال‬
‫المؤسسات التي نظمت عالقاته باالخرين‪.‬‬
‫والزواج ذو طبيعة حضارية بحكم ارتكا ه على القيم أو المعايير االخالقية والروحية‪ .‬وهو في عين‬
‫الوقت يستند إلى االساس الشرعي الذي يميز عالقاته بما فيها من واجبات وحقوق عن العالقات التي تقع‬
‫خارج مااله‪ .‬ويتصف الزواج أيضا ً بالديمومة أي ان العالقة التي يخلقها تتمتع باالستمرارية والثبات‬
‫على الرغم من أن الطالق يمثل الخطر االكبر الذي يهدد هذه العالقة‪ .‬غير إن الماتمعات التقليدية تضع‬
‫الكثير من الضوابط لمنع وقوع الطالق وحل العالقة الزوجية‪.‬‬
‫كذلك يخلق الزواج قرابة بين الاماعات التي ال تربطها روابط قرابة الدم‪ ،‬وتسمى هذه القرابة‬
‫بالمصاهرة ‪ affinity‬وهي تعتمد على كون االطفال الذي ينتاون عن الزواج ينتمون إلى االعمام‬
‫واالخوال ويشكلون همزة وصل بين هذين الصنفين من االقارب‪.‬‬
‫وهناك قواعد خاصة تحدد مااالت اختيار اال واج بحيث أن االفراد ال يستطيعون الزواج إال من بعض‬
‫الناس‪ ،‬أما اآلخرون منهم فيصبحون محرمين عليهم بسبب قواعد الانس الحرام‪.‬‬
‫ومن اهم خصائص الزواج أنه يتصف بالشمولية‪ ،‬حيث إن الرابطة الزوجية تعني مشاركة الزوجين في‬
‫كافة المااالت الحياتية لألسرة‪ .‬فالزواج يهدف إلى خلق االسرة‪ ،‬وهو في هذا يوجد األسس المتينة لكل‬
‫أصناف التعاون بين شريكي الحياة وبين ابنائهما‪ .‬وخير مثل على اهمية الزواج من هذه الزاوية هو مبدأ‬
‫تقسيم العمل الذي ياري بين الزوج والزوجة بصورة خاصة وبين الذكور واالناث في الاماعة بصورة‬
‫عامة ( )‪.‬‬
‫نظم اختيار الشريك والمحارم‬
‫‪54‬‬
‫ال يترك الماتمع الفرد حرا ً في اختيار شريكة حياته‪ ،‬وإنما يضع له النظم التي ياب أن يسير عليها‪،‬‬
‫وأهم تلك النظم ما يأتي‬
‫‪-1‬‬
‫نظام المحارم ‪incest taboos‬‬
‫وهو النظام الذي يحرم الزواج من أشخاص او فئات أو ماتمعات معينة بسبب وجود عالقة قرابة ‪،‬‬
‫وتختلف الماتمعات في نطاق المحارم الذي تفرضه‪ ،‬والشك أن أضيق نطاق هو منع الزواج بين‬
‫الشخص واصوله (والديه) وفروعه (اطفاله) واخوته‪ ،‬وهو نظام عالمي في كل الماتمعات االنسانية‬
‫الحالية‪ ،‬وقد دفع هذا االنتشار العالمي بعض كبار االنثروبولوجيين‪ .‬إلى االعتقاد في وجود غريزة تحتم‬
‫نظام المحارم هذا وياب مالحظة وجود عدد قليل جدا ً من الماتمعات القديمة التي كانت تبيح الزواج بين‬
‫االخ واالخت بالنسبة للعائلة المالكة فقط وليس لعامة الشعب‪ ،‬وذلك لالعتقاد أن العائلة المالكة عائلة‬
‫مقدسة وخالدة ال تموت‪ .‬تلك الماتمعات هي مصر الفرعونية وماتمع هاواي القديم وماتمع االنكا من‬
‫الهنود الحمر‪ .‬وفي ماتمع (بالينير ‪ )baliniere‬يبيحون الزواج بين التوأمين إذا اختلف نوعهم على‬
‫اساس إنهما قد تزوجا في داخل رحم االم قبل الوالدة ‪ .‬كما تبيح بعض الماتمعات المعاصرة واج‬
‫التوأمين في جزيرة (بالي) االندنوسية العتقادهم أنهما كان جنينا ً واحداً‪ ،‬ولكن البد من اجراء حفلة‬
‫طقسية للتطهير قبل السماح لهما بحياة وجية طبيعية وسط الماتمع‪ ،‬رغم أن قوانين (بالي) تمنع واج‬
‫االخوة منعا ً باتاً‪ ،‬وتسمح قبيلة (االمت) في الهند الصينية بزواج االخوة إذا كان كل منهما قد نشأ في‬
‫منزل مختلف باعتبار أنهما مختلفان اجتماعيا ً بحكم النشأة المنفصلة‪ .‬ومقابل ذلك هناك الكثير من‬
‫الماتمعات تحدد بشدة ووضوح انواع المحارم في في عالقات الانس ‪ ،‬ويبلغ االسالم درجة كبيرة في‬
‫التحريم ليشمل اخوة الرضاعة أيضا ‪.‬‬
‫(ويتسع نطاق المحارم في الماتمعات البدائية بحيث يشمل جميع اقارب العصبة التي ينتمي إليها الفرد‬
‫وكثيرا ً ما يتسع لتشمل جميع افراد العشيرة التي ينتمي إليها االفراد‪ .‬وذلك ألن الفرد ينظر إلى أفراد‬
‫عشيرته كاقربائه) [المقربين االصول والفروع وتتبع مثل هذه العشائر لزوم الزواج الخارجي]‬
‫وتوضح لهذه االمثلة اختالف نظام المحارم باختالف الحضارات‪ ،‬وهذا االختالف يؤكد إنها ليست نظاما ً‬
‫غريزيا ً بل نظام حضاري بحت‪ ،‬فما تحرمه حضارة تبيحه حضارة أخرى‪ .‬وقد حاول الكثير من‬
‫االنثروبولوجيين مثل (لويس موجان) و(ووستر مارك) أن يفسروا ظاهرة المحارم على اسس بيولوجية‬
‫بحتة‪ ،‬بارجاع اسبابها إلى ضعف النسل عالوة على التربية والنشأة المشتركة‪ .‬ولم يثبت صحة ذلك بعد‬
‫أن مثل هذا النوع من الزواج يؤدي إلى ضعف النسل إال في الحاالت المرضية‪ .‬فإذا افترض إن غالبية‬
‫ملوك مصر الفرعونية والبطلمية كانوا نسل واج االخوة‪ ،‬فلم يظهر أي ضعف بايولوجي أو ذهني عند‬
‫هؤالء الملوك‪.‬‬
‫ويتفق أغلب االنثروبولوجيين مع مالينوفسكي على أن قيام نظام المحارم خاصة بين االخوة واالبناء‬
‫واالباء يؤدي إلى حفظ كيان العائلة‪ ،‬إذ ال يمكن السماح بعالقات بايولوجية متعارضة وتنافس في‬
‫العالقات الانسية داخل العائلة ألن ذلك يهدم كيانها‪ .‬لهذا فإن أغلب الماتمعات تفرض العقوبات على‬
‫مرتكبي مثل هذه الارائم [الزنا بالمحارم] تتراوح بين التحقير وبين القتل أو النفي خارج الماتمع‪.‬‬
‫فمثالً (مخالفة نظام المحارم عند قبائل سكان استراليا االصليين وماتمعات اخرى كثيرة يعاقب المخالف‬
‫باالعدام‪ ،‬وتفسر قبيلة االشانتي بالسودان سبب فرضها عقوبة االعدام على مخالفة نظام المحارم بأن‬
‫‪55‬‬
‫ترك تلك الاريمة بغير عقاب سيؤدي إلى عدم قدرة الرجال على صيد الحيوانات وستصاب جميع النساء‬
‫بالعقم ولن تثمر االشاار وستغضب ارواح الموتى وكذلك االلهة وستموت وتختفي قبيلتهم‪.‬‬
‫وتطبق معظم الماتمعات االنسانية أقصى العقوبات عند مخالفة نظام المحارم‪ ،‬وفي ماتمعات قليلة جدا ً‬
‫يكون العقاب بسيطا ً مثل عند قبائل الهنود الحمر المعروفة باسم (قبائل السهول ‪ )plain indian‬خالصة‬
‫القول أن نظام المحارم يحتم الزواج من خارج دائرة معينة من االقارب ‪exogamy‬‬
‫‪-2‬‬
‫اختالف الطبقة أو الدين أو المركز االجتماعي‬
‫تحتم معظم الماتمعات أن يتزوج الفرد من داخل فئة معينة‪ ،‬ويعرف هذا الزواج من داخل فئة معينة‬
‫[الزواج الداخلي] ‪ endogamy‬وقد تكون الفئة القبيلة التي ينتمي إليها الفرد أو الماتمع القومي (األمة)‬
‫أو الاماعات الدينية ‪ ،‬وقد تكون الطبقة االجتماعية التي تتفق مع مركزه االجتماعي‪ ،‬فمثالً لوحظ أن‬
‫كثيرا ً من الماتمعات البدائية تمنع الزواج من االوربيين وفي الماتمعات المتقدمة يهتمون بضرورة‬
‫وحدة الدين والطبقة االجتماعية للزوجين‪.‬‬
‫انواع الزواج‬
‫التصنيف العام للزواج‬
‫هناك اشكال وطر عدة للزواج يمكن تصنيفها بصورة عامة على النحو االتي‪:‬‬
‫‪-1‬‬
‫‪-2‬‬
‫واحدة‪.‬‬
‫الزواج االحادي (‪)monogamous marriage‬وهو واج رجل واحد بامرأة واحدة‪.‬‬
‫واج متعدد الزوجات (‪ )polygynous marriage‬وهو واج رجل واحد باكثر من امرأة‬
‫واج متعدد اال واج (‪ )polyandrous marriage‬وهو واج امرأة واحدة باكثر من رجل‬
‫‪-3‬‬
‫واحد في الوقت نفسه‪.‬‬
‫‪-4‬‬
‫الزواج الداخلي (‪ )endogamous marriage‬وهو الزواج داخل الماموعة القرابية‪.‬‬
‫‪-5‬‬
‫الزواج الخارجي (‪ )exogamous marriage‬وهو الزواج خارج الماموعة القرابية‪.‬‬
‫‪ -6‬الزواج المفضل (‪ )preferential marriage‬وهو ميل الماتمع للزواج بنساء قريبات معينات‪،‬‬
‫مثل الزواج ببنات العم‪.‬‬
‫‪ -7‬الزواج بالمحارم (‪ )incestuous marriage‬وهو اعطاء الماتمع رجال فئة معينة منه مثل‬
‫الرؤساء وبعض الرجال من ذوي المراكز االجتماعية الرفيعة‪ ،‬الحق أن يتزوجو بقريبات يحرم على‬
‫بقية الماتمع الزواج بهن‪.‬‬
‫واج االطفال (‪ )child marriage‬وهو الزواج الذي يقع في سن مبكرة جداً‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫‪-8‬‬
‫وصول الزوج أو الزوجة مرحلة البلوغ الانسي‪ ،‬وهذا النوع من الزواج منتشر بين بعض الشعوب‬
‫البدائية في ماليزيا واستراليا والهند‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫‪ -9‬الزواج الاماعي (‪ )group marriage‬وهو واج عدد من الرجال بعدد من النساء‪ ،‬وهو من‬
‫طر الزواج القديم الذي كان يمارس كمرحلة بين مرحلتي الخلط الانسي وتعدد اال واج وهو نادر‬
‫الحدوث في الوقت الحاضر‪.‬‬
‫‪ -10‬الزواج بالتبادل (‪ )marriage by exchange‬وهو أن يتزوج رجالن كل باخت أو ابنة االخر‪.‬‬
‫‪ -11‬الزواج باالسر (‪ )marriage by capture‬وهو الزواج بفتاة تؤسر من ماموعة غريبة‪ ،‬بغض‬
‫النظر عن كون األسر حقيقيا ً للحصول على وجة من ماموعة معادية‪ ،‬أو صوريا ً كازء من احتفاالت‬
‫الزواج وطقوسه‪.‬‬
‫‪ -12‬الزواج المحدد بزمن (‪ )term marriage‬وهو الزواج الذي يعقد لفترة منية متفق عليها‪ .‬وهو‬
‫موجود في اثيوبيا والتبت واجزاء من الشرق االوسط‪.‬‬
‫‪ -13‬الزواج الثانوي (‪ )secondary marriage‬وهو الزواج الذي يقع بعد أن ينتهي الزواج االول‬
‫الذي يسمى (الزواج االولي ‪ *)primary marriage‬بموت أو طالق الزوج أو الزوجة‪.‬‬
‫ويشمل الزواج الثانوي‬
‫الزواج باخت الزوجة (‪ )sororate marriage‬وهو واج االرمل باخت وجته المتوفاة‬
‫أ‪-‬‬
‫لضمان رعاية اوالده وهو مفضل لدى اغلب الشعوب البدائية‪.‬‬
‫ب‪ -‬الزواج باخ الزوج (‪ )levirate marriage‬وهو واج االرملة باخ وجها المتوفي لضمان‬
‫رعاية اوالدها‪ .‬وهو مفضل لدى اغلب الشعوب البدائية‪.‬‬
‫ت‪ -‬الزواج بأي وجة ثانية‪ ،‬غريبة أو قريبة‪ ،‬وفق ما يقره الماتمع من قواعد واعراف غير اخت‬
‫الزوجة المتوفاة أو ارملة االخ المتوفي المذكورتين في (أ) و(ب)‪.‬‬
‫ث‪ -‬الزواج بالميت (‪ )marriage with the dead‬وهو نظام موجود في عديد من الشعوب البدائية‪.‬‬
‫فإذا توفي االخ االكبر قبل ان يتزوج فعلى أخيه االصغر أن يتزوج نيابة عنه ثم يتزوج لنفسه‪ ،‬ويعتبر‬
‫االوالد المولودين لالخ االصغر من واجه نيابة عن أخيه اوالد لالخ المتوفي ومن نسله ويحملون اسمه‬
‫وال يعتبرون اوالد ابيهم الحقيقي وهو االخر االصغر الحي‪.‬‬
‫[هذا ويمكن اختزال انواع الزواج االربعة عشر ذكرها إلى عدد أقل باتباع أسس معينة تعتمد كاساس‬
‫لتصنيف الزواج فيندرج كل نوع من انواع الزواج السابقة ضمن األساس الذي ينطبق عليه لذا يمكن‬
‫تصنيف انواع الزواج وفقا ً ألساسين رئيسين هما تصنيف الزواج على اساس العالقة القرابية بين‬
‫الزوجين أوالً‪ ،‬وتصنيف الزواج على أساس عدد اطراف العالقة الزواجية ثانياً‪ ،‬واالتي توضيح لهذين‬
‫التصنيفين]‪.‬‬
‫الزواج (انواعه ونظم االقامة والطالق)‬
‫تصنيف الزواج على أساس العالقة القرابية بين الزوجين‬
‫[يقوم هذا التصنيف للزواج على اساس] درجة االنتماء القرابي للشريك الذي يتم اختياره كزوج أو‬
‫وجة ومن هذه الزاوية ينقسم الزواج إلى األصناف التالية‪:‬‬
‫‪57‬‬
‫‪-1‬‬
‫الزواج الداخلي (الزواج باالقارب)‬
‫ويتم نتياة تفضيل الاماعة تزويج اعضائها من الرجال واالناث والمثل المعروف عن هذا النمط هو‬
‫واج ابناء العمومة‪ .‬والزواج الداخلي هذا قد تعرض لكثير من التفسيرات لتحديد انعكاساته االجتماعية‬
‫والحضارية والنفسية في البناء االجتماعي وشبكة العالقات وتركيب القيم وغيرها من المااالت التي تهم‬
‫طلبة االنثروبولوجيا‪.‬‬
‫إن أبر دالالت الزواج الداخلي كما يراها بعض الباحثين هو التعصب العرقي أو التمركز الحضاري‪،‬‬
‫أو التانب الطقوسي الذي ال يبيح في بعض الحاالت اختالط الاماعات مع بعضها‪ .‬ان أعلى درجات هذا‬
‫التانب تظهر في الطوائف الهندوسية حيث يسود الزواج الداخلي بين اعضاء الطائفة الواحدة‪ .‬وقد‬
‫تصبح اختالفات العرق أو العنصر عامالً معوقا ً لالختالط الزواجي بين الاماعات العرقية المختلفة كما‬
‫يالحظ في الماتمعات العنصرية كانوبي افريقيا مثالً‪.‬‬
‫أن تقدم الماتمعات نتياة النتشار التعليم العالي واتساع مفاهيم الديمقراطية وا دهار الروح الوطنية‬
‫والقومية التي تقلل من المسافات النفسية بين الاماعات داخل الوطن الواحد كلها قد اسهمت في تشايع‬
‫الزواج المتداخل الااري بينها على الرغم من بينها من اختالفات عقائدية وطقوسية وعرفية وطبقية‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫الزواج الخارجي‬
‫هذا الصنف من الزواج يعتمد – كما يراه معظم الباحثين‪ -‬مبدأ التحريم الانسي بين االقارب في الوحدة‬
‫القرابية التي تتخذ شكل الفخذ (‪ )lineage‬أو العشيرة ‪ clan‬في كثير من االحيان ونتياة للتمسك بهذا‬
‫التحريم الشامل لكل اعضاء هذه الوحدات القرابية يصبح من المحتم أن يبحث هؤالء االعضاء عن‬
‫شريك الحياة في الاماعات االخرى االبعد قرابيا ً‪ .‬وباستثناء بعض الحاالت القليلة [العرب‬
‫والبولينيزريون] فإن اكثرية الاماعات القرابية ذات النسب االحادي ‪unilineal descent group‬‬
‫تلتزم بقاعدة الزواج الخارجي خصوصا ً االفخاذ منها‪.‬‬
‫ويعمل الزواج الخارجي على خلق ظاهرة االقامة الزواجية المرتبطة بنظام النسب‪ ،‬فبالنظر لخروج احد‬
‫الانسين للزواج خارج جماعتهم اي ذهاب الذكور واالناث للسكنى مع اهل ا واجهم فإنه يصبح من‬
‫الضروري على اعضاء هذا الانس أو ذلك االستمرار في السكنى مع عائلتهم في جماعتهم القرابية التي‬
‫يرتبطون بها برابطة النسب‪.‬‬
‫تصنيف الزواج على أساس عدد اطراف العالقة الزواجية‬
‫[يقوم هذا التصنيف على اساس] تعدد الزوجات أو اال واج أو عدمه تظهر لدينا االصناف التالية‪:‬‬
‫‪-1‬‬
‫الزواج بواحدة‬
‫وهذا هو الصنف الغالب في معظم الماتمعات حيث لوحظ من خالل البحوث االثنوغرافية أن النسبة‬
‫الكبرى من األفراد تكتفي بواحدة حتى إذا اسمحت القواعد االجتماعية بتعدد الزوجات‪ .‬ومع ذلك فهناك‬
‫ماتمعات تحرم تعدد الزوجات وتفيد االشخاص بالزواج بواحدة‪ .‬بينما توجد ماتمعات اخرى تسمح‬
‫بتعدد الزوجات ‪ polygyny‬وهي على االكثر في االصل ماتمعات روعوية و راعية مما دفع‬
‫االثنوغرافيين إلى التفسير القائل بأن تعدد الزوجات يرجع في االصل إلى عوامل اقتصادية يتقدمها‬
‫الحاجة إلى االيدي العاملة في األسرة وهذا يتحقق من واج رئيس االسرة بعدة وجات ليناب عددا ً‬
‫‪58‬‬
‫كافيا ً من االطفال ليسهموا في اناا االعمال االقتصادية المتعددة المطلوبة لتنمية الثروة الحيوانية‬
‫والزراعية وادامتها‪ .‬ومع ذلك فقد لوحظ أنه حتى في الماتمعات التي تنبئ قاعدة تعدد الزوجات تكون‬
‫اكثرية األسر مؤلفة من وجة واحدة و وجها واطفالها‪ .‬وقد اظهرت دراسات االستاذ مردوك المشار‬
‫إليها سابقا ً أن من بين الـ ‪ 250‬ماتمعا ً بشريا ً تضمنتها العينة االثنوغرافية التي اختارها ‪ 43‬ماتمعا ً تقيد‬
‫افرادها بالزواج بزوجة واحدة وتمنع تعدد الزوجات‪ .‬بينما ‪ 195‬من هذه الماتمعات تسمح بتعدد‬
‫الزوجات‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫تعدد الزوجات‬
‫هذا الصنف يعني اقتران الرجل بعدد من النساء في الوقت نفسه وحقه باالحتفاظ بهن كزوجات معترف‬
‫بهن اجتماعياً‪ ،‬أما إذا تعاقب واج الفرد بحيث أن وجته االولى قد توفيت أو طلقت عنه وتزوج بغيرها‬
‫بعد طالقه فإن مفهوم تعدد الزوجات ال ينطبق عليه‪ .‬وتعدد الزوجات يصبح قاعدة اجتماعية وحضارية‬
‫إذا قابل تأييدا ً اجتماعياً‪ ،‬وبالعكس يصبح فعالً شاذا ً إذا اصطدم بالمعايير االجتماعية واثار سخطا ً ونقدا ً‪.‬‬
‫وليس صحيحا ً القول ان المعيار الموجود لقاعدة تعدد الزوجات في الماتمع هو وجوب تغلب النسبة‬
‫العددية لالسر التي تعتمد على هذا الصنف بالقياس لنسبة األسر ذات الزوجة الواحدة‪ .‬فقد يمارس‬
‫الماتمع قاعدة تعدد الزوجات ومع ذلك تكون نسبة اال واج الذين لديهم اكثر من وجة أقل من نسبة‬
‫اال واج المتزوجين من وجة واحدة‪ .‬وعلى الرغم من أن تعدد الزوجات قد يكون مثالً أعلى يطمح إليه‬
‫اغلبية الرجال إال أن القادرين منهم على تحقيق هذا المثل نتياة الظروف االقتصادية وضرورات النضج‬
‫االجتماعي ال يشكلون في العادة إال نسبة قليلة‪.‬‬
‫وفي نظام تعدد الزوجات يبر صنفان فرعيان هما‪:‬‬
‫‪-1‬‬
‫الزواج االولي ‪ primary marriage‬وهو عقد القران االول‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫االول‪.‬‬
‫الزواج الثانوي ‪ secondary marriage‬وهو يمثال أيا ً من الزياات التالية التي تعقب الزواج‬
‫وفي كثير من الماتمعات هناك تمييز بين هذين الصنفين الفرعيين فالزواج االولي يخضع إلى قيود في‬
‫االختيار اكثر وادق بينما تقل هذه القيود بالنسبة للزواج الثانوي‪ .‬كأن يكون الزواج االولي مشروطا ً‬
‫باختيار الرجل لبنت العم او بنت الخال‪..‬الخ‪ ،‬بينما يترك له حرية االختيار على نطاق اوسع في يحاته‬
‫الالحقة‪.‬‬
‫وهناك ضوابط تفرض بعض الواجبات التي تسهم في خلق نماذج من الزواج المتعدد‪ ،‬ومن هذه التزام‬
‫الرجل بالزواج من أرملة أخيه المتوفي (‪ )levirate‬فإذا كان الرجل متزوجا ً فإن التزامه باضافة ارملة‬
‫أحيه كزوجة ثانية يؤدي بوضوح إلى خلق اسرة متعددة الزوجات‪.‬‬
‫والضابط االخر الذي تتبناه بعض الاماعات تناولها االثنوغرافيون بالدراسة والذي يؤدي إلى تشايع‬
‫على تعدد الزوجات هو قاعدة الزواج باخت الزوجة كزواج ثان منفصل‪.‬‬
‫ومعروف أن األسرة المتعددة الزوجات تخلق مشكالت معينة تتطلب من األفراد أن يتكيفوا معها‪ ،‬ومن‬
‫هذه المشكالت الغيرة الناشئة بين الزوجات وما تولده من صراع بينهن‪ ،‬كذلك تنشأ مشكلة تو يع العمل‬
‫على الزوجات وما يستدعيه ذلك من موا نة وعدالة لمنع الشعور بالتحيز‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫‪-3‬‬
‫تعدد اال واج‬
‫توجد ماتمعات قليلة جدا ً في العالم تسمح للمرأة بالزواج باكثر من رجل في الوقت نفسه وهذا ما عثر‬
‫عليه الباحثون االثنوغرافيون بين جماعات هضبة التبت التقليدية‪ .‬وبعض قبائل الهند كقبيلة تودا ‪toda‬‬
‫وغالبا ً ما يكون اال واج المشتركون بهذا الزواج أخوة‪ ،‬ويطلق على العائلة التي تعتمد على هذا الصنف‬
‫(األسرة االخوية المتصلة)‬
‫ومع ان تحديد أبوة االطفال من الوجهة العلمية والموضوعية في هذا الزواج يعتبر مشكلة في نظر‬
‫الماتمعات المتطورة والمتعلمة إال إن الماتمعات المتخلفة التي مارسته حسمت هذه المشكلة طقوسيا ً‪.‬‬
‫فاالطفال تحدد بنوتهم عن طريق الطقوس بحيث ان الانين يحسب على الزوج الذي ياري الطقس‬
‫المحدد قبل والدة الزوجة له‪.‬‬
‫وقد فسرت ظاهرة تعدد اال واج على انها نتياة لقلة عدد النساء بالقياس لعدد الرجال خصوصا ً عندما‬
‫يكون عدم التوا ن بين الاسين كبيرا ً كما حصل في الاماعات التي اختل فيها توا ن تركيب السكان‬
‫لصالح الذكور بسبب ممارستها لتقليد وأد بعض االناث عند الوالدة‪.‬‬
‫‪-4‬‬
‫الزواج الاماعي ‪group marriage‬‬
‫الصنف النادر االخر الذي كشفت البحوث االثنوغرافية النقاب عنه هو احتواء االسرة على عدة ا واج‬
‫يعيشون مع عدة وجات في عالقات واجية مشتركة‪.‬‬
‫وتشير التقارير الميدانية إلى وجود هذا النمط من الزواج في جزر ماركيسز (‪ )marqueses‬في‬
‫ماموعة جزر بولينيريا (‪ )Polynesia‬في المحيط الهادي وتعتمد هذه الاماعات على الزراعة وصيد‬
‫السمك‪ .‬وتحدد الثروة مكانة االسرة‪ .‬فكلما اد تراكم الممتلكات العائلية ارتفعت مكانتها بين أسر القرية‪.‬‬
‫وبتأثير من هذا التركيب القيمي القائم على ارتباط المستوى االقتصادي بمنزلة السرة أصبحت احاام‬
‫االسرة عامالً هاما ً في يادة انتاجها‪ .‬مما دفع كل اسرة إلى يادة عدد أفرادها ليس عن طريق االكتفاء‬
‫بتعدد الزوجات فقط بل وباسلوب يتضمن اضافة ا واج يتمتعون بمركز ثانوي إلى جانب اال واج‬
‫االصليين وهكذا يكون في كل عائلة ا واج اوليون مع وجاتهم وا واج ثانويون يساعدون اال واج‬
‫االوليين والزوجات في اعمال االسرة االقتصادية المختلفة‪.‬‬
‫ومع وحدة االسرة هذه فإنها تتشكل من ماموعات داخلية كل ماموعة تتكون من وج اولي و وجتين‬
‫او اكثر و وجين ثانويين على األقل وترتبط هذه الماموعات مع بعضها في مصلحة مشتركة هي‬
‫مصلحة االسرة وهمزة الوصل بينها هو الزوج االولي الذي ينظمها ويشرف عليها جميعا ً‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن هذا الصنف النادر والغريب من الزواج ينطوي على مشكالت معقدة أبر ها الغيرة‬
‫والنزاع بين اال واج وضياع المسؤولية في تنشئة الصغار وصعوبة تحديد الزعامة االسرية وتصاعد‬
‫شعور القلق بسبب تسابق األسر في ماال تراكم الثورة للحصول على الااه والمركز االجتماعي‬
‫المرموق مما جعل هذا التراكم هدفا ً وليس وسيلة لتحقيق الرفاه‪ .‬كذلك تبر مشكلة ضعف الحنان‬
‫األمومي النشغال المرأة باال واج المتعددين وعدم توفر الوقت الكافي لرعاية الصغار‪ .‬ويبدو أن معظم‬
‫اال واج الثانويين هم شباب صغار السن يتعرضون لالضطهاد واالهمال في أسرهم ويضطرون إلى‬
‫‪60‬‬
‫مغادرتها واالنضمام إلى أسر أخرى في صيغة أ واج ثانويين‪ ،‬حيث يخضعون إلى سيطرة رؤساء تلك‬
‫األسر الذين يشغلون مركز اال واج االوليين‪.‬‬
‫وقد اعتبر بعض االنثروبولوجيين الزواج الاماعي في جماعات الماركيسز وغيرها من الاماعات دليالً‬
‫على صحة فرضية العالم مورغان ‪ morgan‬القائلة بأن الماتمعات البشرية القديمة في العصور‬
‫الحارية السابقة النبالج عصر الحضارات كانت تحيا حياة إباحية جنسية ‪ sexual promisculty‬وقال‬
‫هؤالء أن الزواج الاماعي في صورته الموصوفة اعاله ما هو إال أحد مخلفات الماضي الحضاري‬
‫المتخلف هذا االفتراض على أية حال لم يثبت علميا ً لعدم وجود تطابق بين نوع الزواج وبين مستوى‬
‫تطور المؤسسات االقتصادية والتكنولوجية والسياسية والقانونية وغيرها في الماتمع‪ .‬كما ادعى‬
‫التطوريون الواقفون إلى جانب فرضية مورغان الزواجية المشار إليها‪.‬‬
‫نظم االقامة بعد الزواج‬
‫وتتخذ السكنى بعد الزواج اشكاالً هي‪:‬‬
‫‪-1‬‬
‫السكنى االبوية (‪ )patrilocal residence‬وهي سكنى الزوج والزوجة مع والدي الزوج‪.‬‬
‫‪-2‬‬
‫السكنى االمية (‪ )matrilocal residence‬وهي سكنى الزوج والزوجة مع والدي الزوجة‪.‬‬
‫‪ -3‬السكنى االمية – االبوية (‪ )matri- patrilocal residence‬وهي سكنى الزوج والزوجة لفترة‬
‫معينة مع والدي الزوجة أوالً‪ ،‬ثم السكنى بعد ذلك مع والدي الزوج بصورة مستمرة‪.‬‬
‫‪ -4‬السكنى الثنائية (‪ )bilocal residence‬وهي نظام يملك بمقتضاه الزوج والزوجة حرية السكنى‬
‫مع والدي الزوج أو الزوجة‪.‬‬
‫‪ -5‬السكنى الاديدة (‪ )neolocal residence‬وهي سكنى الزوج والزوجة في مسكن جديد مستقل‬
‫في منطقة إقامة والدي الزوج أو في منطقة إقامة والدي الزوجة‪.‬‬
‫‪-6‬‬
‫الزوج‪.‬‬
‫السكنى مع خال الزوج (‪ )avnculocal residence‬وهي لزوم سكنى الزوج والزوجة مع خال‬
‫الطالق ‪divorce‬‬
‫الطالق هو (حل أو انهاء قانوني للزواج) وكان شائعا ً في بعض الماتمعات القديمة‪ ،‬وأنه ما يزال كثير‬
‫الحدوث بين بعض الشعوب البدائية ‪ ،‬هذا وتختلف الماتمعات االنسانية في تحديد مدى قوى عالقة‬
‫الزواج‪ .‬وقد لوحظ أن الماتمعات البدائية التي ال تعطي اهمية للعالقات العاطفية بين الفتى والفتاة قبل‬
‫الزواج ال تنظر للزواج على أنه عالقة ابدية بين الزوج والزوجة ولذلك ناد غالبية العظمى منها تبيح‬
‫الطالق‪ .‬فقد جمع العالمة (هوبهرس) و ميليه معلومات عن ‪ 271‬قبيلة فوجدوا أن ‪ %4‬فقط من تلك‬
‫القبائل تمنع الطالق وتاعل الزواج عالقة دائمة مدى الحياة‪ ،‬أما الغالبية العظمى فتبيح الطالق بشروط‬
‫مختلفة‪ .‬وتختلف الماتمعات البدائية في اعطاء حق الطالق للزوج أو الزوجة وال يمكن القول بأن معظم‬
‫الماتمعات البدائية تعطي ذلك الحق للزوج إذ يوجد الكثير من الماتمعات التي تعطي ذلك الحق للزوجة‪.‬‬
‫وفي الماتمعات التي تطبق (التسلسل القرابي االمي) ونظام (السكنى مع أهل الزوجة) تتمتع المرأة‬
‫بسلطة واسعة وتستطيع تطليق وجها بسهولة‪ .‬ففي قبائل (الهوبى) و(الزوني) تطلق الزوجة وجها‬
‫‪61‬‬
‫باجراء بسيط وهو وضع حاجياته خارج الكوخ‪ .‬فعندما يعود من الخارج ياد حاجياته بالخارج يفهم أنه‬
‫قد طلق فيأخذ حاجياته ويعود إلى ميكن أمه‪ .‬وتختلف أسباب طلب الطالق في الماتمعات االنسانية وقد‬
‫لوحظ أن االسباب االقتصادية والعاطفية التي ترجع إليها معظم حاالت الطالق في الماتمعات المتمدينة‬
‫ال توجد بصورة قوية في الماتمعات البدائية‪ ،‬وإنما توجد أسباب أخرى تتعلق بالعالقة بين عائلة الزوج‬
‫والزوجة فمثالً بعض القبائل البدائية يتم الطالق عندما يحتد الخالف بين عائلتي الزوج والزوجة أو في‬
‫حالة اعتداء احد افراد عائلة الزوجة على الزوج بالضرب أو السب‪ .‬وتلعب ظاهرة (التطير) دورا ً هاما ً‬
‫في الطالق فكثيرا ً ما يرجع الطالق لحدوث حادثة ما تعد نذير شؤم في الماتمع‪ ،‬وتبيح الكثير من‬
‫الماتمعات الطالق في حالة عقم الزوجة وفي حالة موت االطفال والعاز الانسي ‪.‬‬
‫(وبغض النظر عن المشكالت المادية المعقدة المرتبطة بالطالق عند ماتمعات واج الصداق‪ ،‬فإن‬
‫الطالق ال يخلف وراءه مشاكل عاطفية‪ .‬ففي الغالب يذهب االبناء مع األم ويصبح الزوج الاديد أبا ً‬
‫لالوالد السابقين‪ ،‬وهذا يؤكد قوة االبوة االجتماعية‪ .‬والمرأة المطلقة ال تكون مشكلة في الماتمعات‬
‫البدائية ألنها تتزوج مرة أخرى‪ ،‬وال يكاد يوجد ماتمع بدائي يعاني من وجود فتيات او مطلقات غير‬
‫متزوجات)‬
‫النسق االقتصادي‬
‫(االنثروبولوجيا واالقتصاد‪ ،‬ومبادئ عامة‪ ،‬وانواع االقتصادي ‪ ،‬وتقسيم العمل والتخصص)‬
‫االنثروبولوجيا وعلم االقتصاد‬
‫النسق االقتصادي ‪ economic system‬هو الكيان االقتصادي للماتمع فهو (شبكة الفعاليات االقتصادية‬
‫التي تسيطر عليها وتنظمها النظم االقتصادية التي تتعلق باالنتاج والتو يع واالستهالك ألفراد الاماعة‬
‫االجتماعية‪ .‬اما النظم االقتصادية (‪ )economic institution‬فهي (القواعد والتطبيقات االجتماعية‬
‫التي تتعلق بملكية الثروة وبانتاج وتو يع واستهالك البضائع)‪.‬‬
‫ويعرف علم االقتصاد ‪ economic‬بأنه (دراسة الاوانب الواسعة للفعاليات البشرية المتعلقة باالستفادة‬
‫من المصادر الطبيعية‪ ،‬وتنظيمها بشكل يتفق واحتياجاتها االنسان‪،‬‬
‫المحاضرة السادسة عشرة‬
‫المحاضرة السابعة عشرة‪:‬‬
‫المحاضرة التاسعة عشرة ‪:‬‬
‫‪62‬‬
‫المحاضرة العشرون‪:‬‬
‫المحاضرة الحادية والعشرون‪:‬‬
‫المحاضرة الثانية والعشرون‪:‬‬
‫المحاضرة الثالثة والعشرون‪:‬‬
‫المحاضرة الرابعة والعشرون‪:‬‬
‫العالقات القرابية والبناء االجتماعي لألسرة عند بارسونز‪:‬‬
‫أشار بارسونز بتحفظ إلى إمكانية اتخاذ تحليل المصطلحات القرابية كمنهج له فائدته في الدراسة‬
‫الوظيفية للبناء االجتماعي ‪ ،‬وقد قصر بارسونز دراسته على األسرة األمريكية وأشار إلى التباين‬
‫المحدود بين مصطلحات القرابة بين اللغة اإلناليزية واللغات األوربية ‪ ،‬كما أن االختالف بين‬
‫المصطلحات القرابية في الواليات المتحدة وإنالترا ليست له أية داللة ‪ ،‬كما بين أن العالقة القرابية‬
‫الممتدة آخذة في االنحسار نتياة لوطأة التصنيع والتحضر ‪ ،‬كما سيساعد على انتشار األسر النووية‬
‫وانعزالها عن وحدات األسر التي تفرعت منها ‪ ،‬وبذلك فإن نمط األسرة النووية المنعزلة قد أدى انفصال‬
‫‪63‬‬
‫العالقات القرابية الممتدة خاصة أن الزواج القائم على أساسه هذا النمط ال تتخذ قاعدة تفضيل الزواج‬
‫على أساس قرابي فالتصاهر يكون بين جماعتين ليس بينهما صلة قرابة تمام‪.‬‬
‫وقد اختزل بارسونز شكل العالقات القرابية في شكل هندسي أوضح فيه أن وحدة األسرة األحادية‬
‫المكونة من الوالدين واألبناء أحد المعالم الرئيسية للنسق القرابي في ماتمعه وأن نسق األسرة األمريكي‬
‫نسق مفتوح له خط انتساب متعدد فضال عن كونه نسقا واجيا صغيرا‪.‬‬
‫وقد أوضح بارسونز أنماط األسر التي تربط أي شخص بأسرته التناسلية وأسرته الموجهة فهناك غير‬
‫هذين النمطين أسر األجداد من الدرجة األولى ثم أسر المصاهرة إلخوة أو أخوات الشخص ‪ ،‬ثم أسر‬
‫أبناء الشخص من الدرجة األولى وأسر أصهاره (والدي الزوجة) ثم أسر أجداده من الدرجة الثانية‬
‫وأحفاده وأخيرا أسر الحواشي أو الكاللة وكأسر أبناء العمومة أو أبناء ابن األخ أو األخت‪.‬‬
‫وقع وضع أسرتي الشخص الموجهة والتناسلية في الدائرة الداخلية للشكل الهندسي الذي يحتل مركزها‬
‫الشخص نفسه ‪ ،‬وأسر أجداد الدرجة األولى وأسر المصاهرة ألخواته وإخواته وأسر أبناءه التناسلية‬
‫وأسر أصهاره (والدي الزوجة) في الدائرة الخارجية أما أنماط األسر الباقية فهي في دوائر تالية للدائرة‬
‫السابقة ‪ ،‬وتبين في هذا الشكل كيف يمتد خط التسمية تصاعديا من ابن الحفيد إلى الحفيد إلى االبن إلى‬
‫الشخص نفسه ‪ ،‬ثم إلى األب فالاد ثم الاد األكبر بعد ذلك‪.‬‬
‫ويتلخص هذا الشكل الهندسي المالمح البنائية لنسق األسرة األمريكية ومعنى هذا أن النسق المفتوح هو‬
‫عدم االعتماد على قاعدة الزواج المتقبل بين األقارب ‪ ،‬ومن ثم ال يرتبط الزوجات ألي أسر واجية من‬
‫الناحية البنائية باألسرة الموجهة ‪.‬‬
‫كما أنه ليس ممكن رسم أو وصف النسق القرابي في كلمات محدودة من خطوط القرابة ‪ ،‬فإذا حاولنا ذلك‬
‫فسنصل إلى نتياة غير محددة وذلك لتشتت خطوط القرابة ‪ ،‬وهذا أيضا بالنسبة للشكل الهندسي ألنه‬
‫سيحتاج إلى عدد ال نهاية له من الدوائر مما يستحيل تحقيقه في أي مساحة ‪.‬‬
‫وأفضل ما يمكن تحقيقه في هذا الصدد هو استخدام بعدين األول وضع الشخص كنقطة مرجعية ‪،‬‬
‫والثاني توضيح عالقته القرابية الهامة ‪ ،‬إذ أن هناك يادة هندسية مطردة في عدد خطوط أقارب كل‬
‫إنسان في كل جيل ينبثق منه الشخص ذاته حيث يصعب التمييز بين المصطلحات لهذا العدد المتزايد إلى‬
‫ما ال نهاية ‪.‬‬
‫ويعتبر أن الشواهد التي يمكن أن يستدل بها على الوحدات هما الزوجان في كل وحدة قرابية ‪ ،‬حيث‬
‫يوجد في كل واحدة منهما عضو مشترك ومما له داللة من الناحية االصطالحية أن كلمة األسرة تشير‬
‫إلى الوحدة الزوجية وكلمة األقارب ال تشير إلى أي وحدة منفردة ولكن ألي شخص لديه قريب من‬
‫األقارب‪.‬‬
‫فالعائلة األمريكية هي النسق السائد في الماتمع األمريكي ‪ ،‬فنسق هذه األسر نسق واجي يقوم على‬
‫مبدأ العالقات البنائية المستند على مبدأ عدم الزواج من المحارم‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫فإذا كان الشخص ينتمي إلى أسرتين األولى موجهة واألخرى تناسلية فإن النسق القرابي من وجهة نظر‬
‫أي شخص هو األسرة الموجهة واألسرة التناسلية التي تعتبر هي حلقة االتصال بين األسرتين ‪ ،‬ففي‬
‫األسرة الموجهة يوجد األب واألم واإلخوة واألخوات وفي األسرة التناسلية يوجد الزوج والزوجة‬
‫واألبناء والبنات‪.‬‬
‫وينعكس الزواج األحادي في تماثل المصطلحات الخاصة بالوالدين والزوج كذلك ينعكس على إطالق‬
‫مصطلحات (األب ـ األم ـ الزوج ـ الزوجة ) على شخص واحد فقط كما أن مصطلحات األخوة تنطبق‬
‫عليهم جميعا بغض النظر عن ترتيبهم ولكن ياب االنتباه إلى حقيقة هامة وهي أن المصطلحات المطلقة‬
‫على سبعة أشخاص في األسرتين الموجهة والتناسلية وال تتماثل مع أي قريب خارج األسرة الزواجية‬
‫التي يوجد بها الشخص فاألخ يتميز بوجه خاص على أبناء عمومته واألب عن أي من األعمام أو‬
‫األخوال وتتميز األم عن العمة أو الخالة وهكذا ‪.‬‬
‫ويمكن اعتبار هاتين األسرتين الزوجيتين مكونتين للدائرة القرابية الداخلية للشخص هو حلقة االتصال‬
‫بأسرة واجية أخرى يتعارف عليها اصطالحيا ‪ ،‬فهذا العضو يربط بين األسرة الموجهة أو التناسلية (‬
‫حسب الحالة ) بأسرة واجية واحدة فقط ويرتبط كل فرد بأسرة منفصلة عن األخرى وعلى أية حال فإن‬
‫الشخصيات القرابية للدائرة الخارجية ال ينفصلون من الناحية االصطالحية‪.‬‬
‫وتعتبر األسرتان الموجهتان للوالدين في الدائرة الخارجية وهي أسرتا السلف األولى وتشمل كل أسرة‬
‫منهما على أربع شخصيات قرابية الادة ـ الادة العم (الخال) العمة (الخالة) وثمة قصور في‬
‫المصطلحات المميزة بين أفراد األب الموجهة واألم الموجهة كاألجداد واألعمام واألخوال والعمات‬
‫والخاالت فكلهم فئة تتماثل اصطالحيا بغض النظر عن الاانب الذي تستند عليه مراتبهم ‪.‬‬
‫وتحتل أسرة المصاهرة للشخص نفسه في الدائرة الخارجية أهمية خاصة في أنها هي الوحيدة التي تربط‬
‫بالدائرة الداخلية للشخص التي به يصبح االرتباط ال عن طريق القرابة أو الدم بل عن طريق النسب‬
‫والمصاهرة‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫المحاضرة الخامسة والعشرون‬
‫العشيرة في الماتمع الخلياي العربي‬
‫المقدمة‬
‫الخليج العربي اللسان المائي المقيد من المحيط الهندي من بحر العرب داخل اسيا في المنطقة التي‬
‫تفصل اليوم بين الوطن العربي وبالد فارس بطول حوالي الف كم‪ 2‬وعرض يتراوح بين ‪-60‬‬
‫‪ 300‬كم ويستمد مصطلح الخليج العربي مشر وعية من كون الخليج العربي منذ القدم يخضع لسيطرة‬
‫وسيادة القبائـــل والعشائر العربية الوافدة من الازيرة العربية الى سواحل الخليج العربي هذا فضال‬
‫عن المعارك الحربي المتعدد التي أخاضها العرب ضد الفرس بسبب محاوالتهم التي كانت تسعى‬
‫الى فرض السيادة على بعض اجزائه ‪.‬‬
‫وتشكل منطقة الخليج العربي من الوجهتين البشرية والاغرافية منطقة واحدة فالعشائر العربية التي‬
‫تقطنها من طرف الى اخر دونما‪ ،‬حدود او قيود‪ .‬األمر الذي ادى الى تداخل هذه العشائر وأنتشار‬
‫أفخاذها وحمائلها على طول شواطئ الخليج العربي بأعتبارها أبناء عمومة وتشمل منطقة الخليج‬
‫العربي في الوقت الحاضر‬
‫‪ -1‬العراق ‪ ،‬ويقع عند رأس الخليج العربي من ناحية الشمال ‪.‬‬
‫‪ -2‬الكويت ‪ ،‬وتقع عند رأس الخليج العربي في الاانب الشمالي الغربي ‪.‬‬
‫‪ -3‬المملكة العربية السعودية ‪ ،‬وتطل على الساحل الغربي للخليج العربي ‪.‬‬
‫‪ -4‬البحرين ‪ ،‬وتقع وسط الخليج العربي في مدخل رئيسي من خلاانه (دوحة سلوى)‬
‫‪ -5‬قطر‪ ،‬تقع وسط الخليج العربي من الزاوية الانوبية الغربية‬
‫‪ -6‬االمارات وتقع في الانوب الغربي من الخليج العربي ‪.‬‬
‫‪ -7‬عمان ‪ ،‬وتقع عند اقصى الطرف الانوبي الغربي وتشرف على مدخل الخليج العربي عند خليج‬
‫عمان ‪ .‬ولتشابه البناء االجنماعي في عموم الوطن العربي ‪ .‬سنتناول في المبحث االول اصول العشائر‬
‫العربية عموما" وفي الماتمع الخلياي العربي بخاصة وفي المبحث الثاني نتناول مورفولوجيا الماتمع‬
‫العشائري ‪ .‬أما المبحث الثالث فيختص لدراسة صفات الشخصية وعوامل التغير في الماتمع العشائري‬
‫‪.‬‬
‫اصول العشائر في الماتمع العربي والخليج العربي ‪:‬‬
‫كان العرب قبل االسالم ينقسمون الى ماموعتين كبيرتين هما‬
‫البدو ‪ ،‬سكان الصحارى والحضر ‪ ،‬سكان المدن ‪ .‬وقــــــد تغيرت احوال الماموعتين بعد ظهور‬
‫االسالم‪.‬‬
‫وتعتبر البادية المصدر الرئيسي للسكان في الوطن العربي عموما" ‪ ،‬حيث تنزح منها ماموعات سكانية‬
‫بدوية بصورة مستمرة لتستقر في الريف او المدينة ‪ .‬والماتمع البدوي ماتمع عشائري ‪ .‬وتحدد بناؤه‬
‫‪66‬‬
‫االجتماعي ونسق حضارته في ضوء الظروف البيئية الصحراوية القاسية ‪ ،‬التي اصبحت جزء مـــــن‬
‫الحضارة السائدة في الماتمع الخلياي العربي ‪ .‬وتوصف الحضارة العامة في الماتمع الخلياي العربي‬
‫التي وجهت منذ اكثر من ثالثة أالف عام ‪ ،‬وتكيفت بشكل مفيد ومتوا ن وفقا " للطبيعة االيكولوجية ‪،‬‬
‫والتي توصف غالبا " بالثالثية االيكولوجية (‪ . )3‬وهي عبارة عن نظـــــام يتضمن ثالثة انماط من‬
‫الماتمعات المتكاملة ‪ .‬وهي الماتمع البدوي ‪ ،‬والريفي والحضري لكل منـــــــها طريقة في الحياة ونمط‬
‫المعيشة ‪ ،‬اال ان هنالك تأثير ودعم متبادل بينها كما ان التغير قد يشمل البناء االجتماعي اسرع واسهل‬
‫من النسق الحضاري فالقيم والعادات والتقاليد والمعتقدات السائدة في الماتمع العشائري البدوي او‬
‫الريفي قـــــد تبقى مستمرة حتى في الماتمع الحضري ‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدم فأن سكان الوطن العربي عموما والماتمع الخلياي العربي بخاصة يشكلون وحدة‬
‫اجتماعية حضارية ‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم سكان الوطن العربي الى ثالثة اقسام رئيسية يتداخل بعضها في البعض االخر ويؤثر فيه‬
‫وهي ‪-:‬‬
‫‪ -1‬البدو ‪ -:‬ويمثلون السكان الذي لم يستقروا بعد في ارض معينة بل هم في ترحال وتنقل دائم بحثا ‪،‬‬
‫عن المراعي ‪ ،‬ويعتبر البدو اكثر الفئات االجتماعية نقاوة ونبال " في الماتمع العربي ‪ .‬وال تزال حياتهم‬
‫تتميز بالبساطة فهي حياة تقليدية ‪ ،‬تمثل حالة حضارية اقل تقدما " من حضارة الاماعات الريفية او‬
‫الحضرية ‪.‬‬
‫ويسكنها حوالي ‪30‬‬
‫وتقدر االرض الصحراوية بحوالي ‪ %80‬من ارض الماتمع العربي ‪...‬‬
‫‪ %‬من السكان كما يتمثل في المملكة العربية السعودية ودولة االمارات العربية المتحدة وجنوب العراق‬
‫والصحراء السورية وليبيا والسودان والصومال ‪ .‬ويقدر حام البداوة بحوالي ‪ 10‬ماليين نسمة أربعة‬
‫ماليين منهم في شبه الازيرة العربية ‪ ،‬ومليونان في العراق وسوريا واالردن او ثالثة ماليين في‬
‫السودان وربع المليون في ليبيا وخمس وسبعون الف نسمة في الصحراء الغربية والازائر ومصر (‪. )1‬‬
‫ويصنف البدو وفق اسس ومعايير مختلفة ‪ .‬فيمكن تصنيفهم وفقا " لنمط الحياة الحياة الغالب على‬
‫معيشتهم او تبعا" لنوع الحيوان السائد ‪ ،‬الذي يشكل اساس حياتهم واسلوب معيشتهم ‪ ،‬واستنادا " لمواسم‬
‫التنقل والترحال اما تصنيفهم وفقا" للحياة الغالبة على معيشتهم فهو (‪)2‬‬
‫‪ -1‬البداوة الرعوية ‪ ،‬وهؤالء ينتظمون في عشائر وقبائل كبيرة في المملكة العربية السعودية وسيناء‬
‫والصحاري السورية والصحراء الكبرى خاصة في المغرب (العاوارق) ‪ .‬كما ينتشر رعاة البقر في‬
‫الازيرة الغربية والســـــــــــــــــــودان ‪.‬‬
‫‪ -2‬بداوة البحر أو بـــداءة الصيد‪ ،‬وتنتشر في الكويت وعمان وبقية الماتمع الخليج العربي وشواطئ‬
‫شبه الازيرة سينــــــــــــــــــــــــــاء‬
‫وهذه الفئة تعتمد الرعي والزرعة في معيشتها‪.‬‬
‫‪ -3‬بداوة النخيل‪ ،‬وتوجد هذه الفئة في ساحل عمان ‪،‬وهذه الفئات تقوم جماعية في البحر بعد جني ثمار‬
‫النخيل‪.‬‬
‫‪ -4‬بــداوة الطير‪،‬وهذه الفئة في تنقل وترحال دائم لقنص الطير‬
‫‪67‬‬
‫أما تصنيفهم تبعا لنوع الحيواني فهم‪.‬‬
‫‪ -1‬رعاة الامل ‪،‬وهذه الاماعات تنتظم في عشائر وقبائل كبيرة ترتبط بروابط قرابية ‪،‬وتامعها‬
‫العصبية القرابية‪.‬ويشكل الامل عصب حياتها االقتصادي ‪.‬‬
‫‪ -2‬رعاة البقر‪،‬وتوجد هذه الفئة في الازيرة العربية ‪،‬والسودان وهي تمثل صغار الفالحين يربون‬
‫البقر لغايات أستهالكية‪.‬‬
‫‪ -3‬رعاة الغنم‪،‬كما في بالد الشام نوهم اكثر اتصاال‪،‬بالحضر لمرورهم بأماكن قريبة من المدن‪.‬‬
‫وتعتبر القبيلة في الماتمع البدوي وحدة البناء االجتماعي وهي تتألف من عدد‬
‫من العشائر ال يشترط فيها ان تكون ذات صلة دمويه ا وان ترتكز على نسق قرابي مشترك فقد‬
‫تندمج عائلة او عشيرة من العشائر في قبيلة قوية عن طريق (الكتبة) لتحتمي بها ‪ .‬او قد تتفق‬
‫ماموعه من العشائر والقبائل نتياة الستقرارها وممارستها الزراعية ‪ .‬كما قد تخرج عشيرة من‬
‫قبيلة معين لتنضوي تحت والية قبيلة اخرى تمتا بالثروة والقوة والحياة وتدفع لها (الخوة)‪.‬‬
‫نظير حمايتها ‪ .‬وتعتبر العائلة هي النواة التي يرتكز عليها الماتمع العشائري ‪ .‬والعوائل‬
‫المرتبطة بروابط النسب حتى الاد الخامس تكون الفخذ ‪ .‬والعشيرة مكونة من عدة افخاذ‪ .‬ومن‬
‫اهم القيم االجتماعية للبدو الوالء للاماعة والشااعة والضيافة واالخذ بالثأر ‪ .‬كما يتميز البدو‬
‫بالفردية والنفور من السلطة عدا سلطة القبيلة او العشيرة ‪ .‬واهم ثالث خصائص في الماتمع‬
‫البدو ‪ ،‬العصبية القبيلية والشااعة والغزو ‪ .‬ويمثاللغزو قيمة اجتماعية ‪ ،‬وذلك بسبب الطبيعة‬
‫الصحراوية القاسية التي تهدد بالمااعة احيانا "‬
‫والعصبية ال تكون اال على اساس الدم فحسب ‪،‬بل يمكن ان تكون على اساس الحلف ولمواالة‬
‫(قرابة اجتماعية صورية )فهي يمكن ان تقوم على اساس النسب او األنتماء‪.‬‬
‫‪)2‬الـــــريفيون ‪:‬‬
‫تستق بعض موجات البدو في الريف وتمتهن الزراعة وقد اخذة هذه الظاهرة تتزايد بعد الحرب‬
‫العالمية الثانية ‪.‬وشكل الريفيون حتى ظهور النفط ‪،‬أهم قطاع سكاني واقتصادي وتتااو نسبة‬
‫السكان الرئيسي في الوطن العربي ثلثي البشرية المنتاة ‪.‬‬
‫وتتأثر الحياة االجتماعية في الماتمع الريفي بالظروف المناخية نظرا لتأثيرها في الزراعة‬
‫‪.‬ويتميز الماتمع الريفي بقلة الكثافة السكانية أما التفاعل االجتماعي فيتميز بكونه شديدا وخاضعا‬
‫للعالقات القرابية ‪ ،‬والعائلة الممتدة هي الوحدة االجتماعية األساسية فيه ‪ .‬أما النظام االقتصادي‬
‫فيرتكز على الزراعة لغرض األستهالك المباشر ويعاني الماتمع الريفي من سوء االحوال‬
‫المعاشية وصحية والسكانية ‪.‬‬
‫وتستمر القيم البدوية في الماتمع الريفي كما يتمثل ذلك في العالقات االجتماعية وعملت الدول‬
‫االستعمارية على تقوية النظام القبلي في بعض االقطار العربية مثل األردن والعراق وسورية ‪,‬‬
‫كما عملت على خلق نظام طبقي شبه اقطاعي لضمان مصالحها االقتصادية في المنطقة وتشير‬
‫التقديرات الى أن نسبة سكان الريف ينخفض عام ‪ 200‬الى حوالي ‪ %42‬من نسبة السكان في‬
‫الماتمع العربي‪ ,‬وأن كانت االرقام المطلقة لسكان الريف ‪ ,‬حيث من يتوقع أن تصل الى حوالي‬
‫‪ 162,4‬مليون نسمة في عام ‪ 2000‬مقابل ‪ 85,3‬مليون نسمة عام ‪ )2(1975‬كما أن الهارة نحو‬
‫المدن ال تخفف من مشكالت الريف نظرا لسوء االحوال المعيشية لنسبة عالية الذين لم يقطعوا‬
‫‪68‬‬
‫عالقاتهم مع الريف بسبب ذلك ‪ .‬وبذلك فأن هذه الفئات من السكان تكون فئات نصف او شبه‬
‫ريفية ‪.‬‬
‫‪)3‬الحضـــــــــــــــــــر ‪-:‬‬
‫ال تتااو نسبة السكان الحضر ‪ %40‬من السكان في الوطن العربي ‪ .‬ويركز هؤالء في المدن‬
‫ويعملون في التاارة او االدارة او المهن الحرة والخدمات ‪ .‬ولم تنقطع العالقات االجتماعية‬
‫الريفية او البدوية بسبب عدم تمركز صنعات متطورة في المدن ‪ .‬عندما تحول البدو" سكان‬
‫للصحاري " الى فالحين حافظوا على تقاليدهم وعاداتهم العشائرية ‪ ,‬وبقية العقلية البدوية قائمة‬
‫حتى لدى الفئات االجتماعية التي نزحت نحو المدن واستقرت فيها ‪ .‬وذلك الن العقلية وتبقى‬
‫قائمة حتى بعد تغير الماتمع وبنائه ‪ .‬وهذا يدعوا الى ضرورة دراسة هذه الظاهرة ومعالاتها‬
‫عن طريق تحويل الوالء القبلي الى والء قومي او وطني ‪ ,‬عن طريق التوعية والتنشئة‬
‫االجتماعية بشكل خاص التنشئة السياسية ‪.‬‬
‫وتركز بعض الدراسات الغربية على جوانب السلبية من هذه القيم ‪ ,‬ويتسائل بعض الباحثين مقل‬
‫لويس ورث فيما اذا كان السكان في الماتمعات النامية قادرون على دفع ثمن النخبة معنويا " او‬
‫روحيأ" أي قادرين على التخلي عن العادات والتقاليد والتكييف مع الماتمع الحضري ‪.‬‬
‫أن االصل االسطوري لامع القبائل العربية يرجع الى الشقيقين بين عدنان وقحطان فالاماعات‬
‫التي دخلت عمان الكبرئ على طول االرض الحدودية للمناطق التي أستوطنتها القبائل في شبه‬
‫الازيرة العربية تنتمي الى قحطان ‪ ,‬اما الاماعات التي دخلت عن طريق المناطق الشمالية (‬
‫واحة البريمي ) فهي عد ثانية االصل ‪.‬‬
‫وتشير االدلة الى أن الهارة من شبه الازيرة العربية بدأت في القرنين االول والثاني والميالد ‪.‬‬
‫وقد كشفت البعثات االثرية في الخليج العربي عن أثار مهمة تربط تاريخ الخليج العربي بتاريخ‬
‫السومريين في العراق ‪ .‬والكنعانيون اول من سكن سواحل الخليج العربي ثم الفينيقيون ‪ .‬كما‬
‫أستوطنت في منطقة الخليج العربي قبائل عربية اخرى ‪ ,‬وهي فضاعة وربيعيه وأياد‪ ,‬واستقرت‬
‫في عمان قبائل اال د من كهالن التي نزحت من اليمن بعد انهيار سد مأرب عام ‪ 120‬ق‪.‬م‬
‫أننا على الساحل الشرقي العربي ( عربستان ) فقد سكنتها قبائل منذ أقدم العصور ‪.‬‬
‫ان القاسم المشترك ألصول الماتمعات البشرية في الخليج العربي كونها عربية بدوية المنشأ‪،‬‬
‫تتميز بعالقات قبلية وروابط عائلية قوية‬
‫فأسرة اسعود لها قرابة باالسرى الحاكمة والبحرين (عنترة)‪.‬وتنتشر قبيلتا عنترة وشمر في‬
‫العراق والكويت والسعودية ‪.‬كما تنتشر عشائر العلمي والعوامل وربيع والقواسم وبني ياس‬
‫والزعاب والمناصير في االمارات العربية المتحدة ‪.‬‬
‫لقد استمرت منطقة الخليج العربي خاضعة الى سيطرة القبائل العربية التي تنتمي الى ثالث‬
‫تامعات قبلية كبرى نزحت من شبه الازيرة العربية وهي القواسم وبني عباس والعقوب ‪ ،‬وقد‬
‫حافظة على عالقتها القبلية واحتفظت بظواهر نشاطها االقتصادي التي من أهمها الرعي‬
‫والزراعة والتاارة والغوص لصيد اللؤلؤ (‪.)2‬‬
‫‪69‬‬
‫المحاضرة السادسة والعشرون‪:‬‬
‫مورفولوجيا المجتمع العشائري ‪-:‬‬
‫وتتميز أنماط الوحدات االجتماعية التي يتكون منها الماتمع العشائري البدوي او‬
‫الريف ‪ ,‬يصغر الحام وتشتت السكن ‪ .‬ويختلف الباحثون فيما يتعلق بشكل وعدد‬
‫وحدات البناء االجتماعي في الماتمعات العشائرية ‪.‬‬
‫يرى ايفانز بريتشارد ‪ ,‬أن وحدة البناء االجتماعي في الماتمع البدوي هي العشيرة‬
‫وليس االسرة ‪ .‬نظرا لما تتميز به من استمرار وتماسك اجتماعي وعلى الرغم ما‬
‫يطرأ عليها من تغيير بسبب هارة او وفاة عدد من اعضائها ‪ ,‬او انضمام اعضاء جدد‬
‫فيها ‪.‬‬
‫والعشيرة جزء من وحدة اجتماعية اكبر هي القبلية ولكون العشيرة اهم واكبر وحده‬
‫تنقسم اليها القبلية عند العرب يستعمل غالبا مفهوم القبلية والعشيرة في معن واحد‪.‬‬
‫ويرى بعض الباحثين أن العشائر يشمل النواة للماتمعات البدوية ‪ ,‬ويعبر عن أبسط‬
‫وحدة اجتماعية ويرى اخرون ان الماتمعات البدوية خاصة العربية منها انقسمت‬
‫انسابها على عشر طبقات شي ‪.‬‬
‫الازم هو االصل والامهور والشعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والعشيرة او‬
‫االهل ( اهل الرجل ) ‪ ,‬والرهط ( اسرة الرجل وللرهط او االسرة معنى واحد منها‬
‫يدالن على اهل الرجل والفرق بينهما في الحام فقط ‪.‬‬
‫وفي الماتمعات البدوية عموما تعتبر العائلة هي الوحدة السكنية وهي مكونة من‬
‫الرجل و وجة واوالدهما غير المتزوجين فقط ‪ ,‬وترتبط العائلة بروابط قربى مع‬
‫ماموعات عائلية اخرى تعيش في منام متقاربة وتمارس نشاطا " اقتصاديا" واحد‬
‫‪.‬وتشكل ماموعة العوائل المتقاربة الحمولة وماموعة الحمائل تتكون الفخذ فالبطن‬
‫فالعشيرة فالقبلية (‪ . )2‬أنظر المخطط التالي‬
‫القبيلــــــــــــــــــــــة‬
‫العشيرة‬
‫العشيرة‬
‫‪70‬‬
‫العشائر‬
‫البطون‬
‫األفخاذ‬
‫الحمائل‬
‫العوائل الممتدة‬
‫العوائل الممتدة‬
‫البطون‬
‫األفخاذ‬
‫الحمائل‬
‫العوائل الممتدة‬
‫العوائل الممتدة‬
‫البطون‬
‫األفخاذ‬
‫الحمائل‬
‫العوائل الممتدة‬
‫العوائل الممتدة‬
‫فالقبلية عبارة عن ماموعة من العشائر ‪ ,‬وهي رابطة اجتماعية وليست طبيعية فالماتمع‬
‫البدوي والريفي يحددان هذه الرابطة حسب النسب الذي يكون القلب في الماتمع العربي ‪,‬‬
‫وهي عالقة سياسية وقد تحدث ابن خلدون عن العصبية القبلية التي تعبر عن التماسك‬
‫االجتماعي في الماتمع العشائري وتؤدى الى تضامنه ‪ ,‬والتضامن في الماتمع العشائري‬
‫الشعوري تفرضه رابطة القرابة والدم بخالف التضامن القومي او الوطني الذي يرتكز على‬
‫اساس الوعي بالحقوق والواجبات والروابط القومية التي تحددهما النظم والقوانين وهذا ما‬
‫يميز االمة عن القبيلة ‪ .‬والرابطة القبلية الصق بحياة البداوة في حين ان رابطة القومية‬
‫تفترض مستوى حضاريا ارقى‪.‬‬
‫صفات الشخصية وعوامل التغير في المجتمع العشائري‬
‫ان تنوع الماتمعات العشائرية بأعتبارها ماموعات حضارية محتلفة تؤدي الى التشكك في‬
‫افتراض انماط شخصية مشتركة ‪ .‬لذلك يفضل دراسة بنلء الشخصية المنوالية (‪)1‬‬
‫الماموعة بشرية تشترك بالظروف الطبيعية والبيئية واالقتصادية والسياسية ‪...‬‬
‫وال يمكن تحديد الشخصية اال من خالل تفاعلها مع الاماعة والماتمع فالشخصية تتابع‬
‫تفاعل دينامي بين عوامل متعددة ‪ ,‬وهي العوامل الوراثية والبيولوجية والعوامل والظروف‬
‫الطبيعية والبيئية وانماط التنشئة االجتماعية ونوع القيم االجتماعية والمؤثرات التاريخية‬
‫والدينية ‪..‬‬
‫ويقسم لويس كامل الكتابات التي تناولت الشخصية البدوية الى ثالثة انواع ‪ ,‬النوع االول ‪,‬‬
‫يتمثل في كتابات موظفي الدول االستعمارية امثال لورانس وجارفيكس وتيسار وديسون ‪.‬‬
‫وتتناول معظم كتاباتهم نمط الحياة البدوية والبناء القبلي وبناء السلطة واالتااهات النفسية‬
‫نحو الموضوعات والظواهر االجتماعية والغزوات والموقف من السلطة ‪.‬‬
‫النوع الثاني ‪ ,‬فيتمثل في دراسات محي الدين صابر ومكي الامل ورمزي الرا ي ‪ ,‬حيث‬
‫يقدم هذا الفريق من الباحثين عددا من المفاهيم المتصلة بالماتمع البدوي والشخصية البدوية‬
‫على اساس استقراء الماضي والحاضر ‪ .‬ويعتبر ما قدمه هؤالء الباحثون نواة البناء نظرية‬
‫في علم االجتماع البدوي والشخصية العشائرية ‪..‬‬
‫‪71‬‬
‫اما النوع الثالث ‪,‬فيتمثل في عدد الباحثين ممن اعتمدوا المنهج التاريبي بدرجات متفاوته من‬
‫الدقة فحددوا خصائص واستعملوا ادوات علمية لامع البيانات يمكن االعتماد على‬
‫موضوعيتها وتفسيرها من هؤالء ليرمز وديقوس ‪.‬‬
‫وخالصة هذه الدراسات تبين ان الاماعات البدوية وشخصية اعضائها تأثرت الى حد كبير‬
‫بالظروف البيئية واالقتصادية للماتمع الصحراوي ‪ ,‬فالظروف القاسية وشحة المصادر‬
‫االقتصادية اثرت في الحياة االجتماعية وفي شخصية سكان البادية وفرضت العشائر قيم‬
‫واعراف وعادات وتقاليد تأهلت في الشخصية وتمثل صفات الكرم والضيافة احد مظاهر‬
‫االئتالف االجتماعي في الماتمع البدوي ‪ ,‬فالعشائر تهتم بـأنسابها لتأكيد وحدتها والتعصب‬
‫لقبليها واالعتزا والتفاخر بها ‪ ,‬كمل تميل العشائر الى كثرة االوالد وخاصة من الذكور‬
‫النهم يرثونها ويحفظون اسماؤها ‪.‬‬
‫وتنبت من صلة الرحم داخل القبيلة صلة ( الخمسة ) أي أقارب االفراد الى الشيخ المفوض‪.‬‬
‫ويقوم الشيخ رئيس العشيرة شؤون عشيرته وحل المشكالت بين اعضائها ‪ ,‬او بينهم وبين‬
‫القبائل االخرى وفقا للعرف العشائري والبدوي مخلص لعشيرته يدافع عنها برغبته وهو‬
‫يخدم شيم العشيرة ولكنه ال يحتمل استبداده ‪ .‬وقد يعتزل ماتمعه اذا لم يقتنع بحكم من‬
‫االحكام دون ان يلومه احد او يتعرض لعقاب ومن صفات البدوى الحرية في القول والكرم‬
‫والصدق والصراحة واالدب ويحل الخالف والنزاع بالقسم باالولياء والسادة وتقوم‬
‫الماتمعات البدوية عموما" على (اللحمة) و (العصبية) و (الوالء) اما الوضع االقتصادي‬
‫للبدو‪ ،‬فهو يعتمد على الطبيعة اي انه ال وجود لرأس مال او التنظيم وحياته قائمة على ابسط‬
‫طرق التعامل ‪ ،‬وهو نادرا ما يتعامل بالنقود والبدوي ال يذكر اال بيومه وال يهمه المستقبل ‪.‬‬
‫وهو لو أتيح له مكانا "خصبا" لما فكر في الترحال والتنقل ‪.‬‬
‫وتحدد الموارد االقتصادية للبدو بمواسم المطر ‪ ,‬فأن كثر اد انتاجه وكثرت مواشيه ونتاجها‬
‫‪ ,‬وان قل شح نتاجها ‪ .‬وكما ان االقتصاد البدوي بسيــــط ‪ ,‬فأن طعامه وسكنه ولباسه بسيــط‬
‫أيضا" ‪ ,‬فطعامه يعتمد على الخبز والتمر واللبن ‪ ,‬ومالبسه من القماش القطني ‪ ,‬وهي عبارة‬
‫عن دشداشة وكوفيه وعقال ‪ ,‬وعباءة صوفية ‪.‬‬
‫أما ميسور الحال فقد يلبس الزبون والسترة ‪ .‬أما الوضع الصحي والثقافي‪ ,‬فأن البادية على‬
‫الرغم من نور الشمس ونقاوة الهواء ‪ ,‬لم تسلم من بعض االمراض مثال الزهري والسيالن‪,‬‬
‫وأمراض الكلى واليرقان ‪ ,‬وذلك بسبب تلوث مياه بعض اآلبار ‪....‬‬
‫وتنتشر األمية بين سكان البادية بشكل مطلق ‪ ,‬حيث ال يوجد فيها تعليم ديني ومدني ‪ .‬وقد‬
‫حتمت البادية على سكانها ان يكونوا فرسانا " محاربين بسبب غزو بعضهم بعضا " إال إن‬
‫البدوي يحافظ على عهوده ‪ ,‬وينقل الهدنة والصلح ‪ .‬وال يقسوا على األسرى أو يمس النساء‬
‫‪72‬‬
‫واألطفال والشيوخ بأذى ‪.‬وللمحارب عند البدو منزلة عظيمة وقتيل الحرب يزيد العشيرة‬
‫عزا وفخرا ‪ ،‬ويعيش أوالده مكرمون وتستطيع العشيرة المغلوبة التي تبتغي السالم أن تلائ‬
‫إلى العشائر أو القبائل األخرى ‪ ،‬لتقوم بدور الوساطة ‪،‬فان فشلت فأنها تشد األ ر العشيرة‬
‫المظلومة ‪.‬‬
‫وللحرب تقاليدها وآدابها الخاصة‪ .‬فال بد من إعالن الغزو أو الحرب قبل بدئها ‪.‬أما موضوع‬
‫المرأة فهي مسؤولة عن شؤون األسرى عند غياب الزوج ‪،‬تشارك بل الرعي باإلضافة إلى‬
‫إعمالها المنزلية إال إن الرجل هو صاحب القرار ‪ .‬والحياة حرة في البادية ‪.‬يتزوج البدو عن‬
‫حب إال أنهم اجل عفة واطهر‪ .‬أما الوضع الديني فقد انتشر الدين اإلسالمي منذ بداية ظهوره‬
‫في شبه الازيرة العربية والماتمع الخلياي العربي ‪.‬ودخلت القبائل العربية تحت راية‬
‫اإلسالم‪ .‬وقد ساهمت مبادئ الدين اإلسالمي بشكل كبير في توا ن البناء االجتماعي ‪،‬مما‬
‫أدى إلى عدم ارتكاب المحرمات والوفاء بالدين ورفض القائد وتخفيف االستغالل ‪:‬وان كان‬
‫اإليمان بالغيبيات والتفاؤل بأشياء والتشاؤم من أشياء أخرى بقي مستمر ‪،‬والبدو يتميز‬
‫باإليمان العميق‪ ،‬وان ال يمارس الطقوس الدينية وهو يؤمن بوحدانية هللا واليوم األخر‪.‬‬
‫وقد استطاع الغرب بمساعدة الدين اإلسالمي تأكيد الشخصية العربية في الخليج العربي‬
‫‪،‬وتمكنوا في العصر اإلسالمي من مواجهة األخطار والمحاوالت المحلية منها والدولية ‪،‬مثل‬
‫المحاوالت الفارسية (‪ )1‬أما في الماتمع الريفي ‪ ،‬فقد اخذ يتزايد‬
‫الخاتمة‬
‫العشيرة هي جماعة ذات طبيعة سياسية وعائلية معا وتتميز العشيرة بشدة التماسك‬
‫االجتماعي والوالء القبلي ‪,‬الذي يزيد عضوية االفراد في عشيرتهم ‪.‬ويشتد تأثير العشيرة في‬
‫الماتمع البدوي نظرا لظروف الصحراء القاسية وشحة الموارد االقتصادية والماتمع‬
‫العربي الخلياي يتميز بخصائص سكانية خاصة فغالبية السكان هم من اصل عشائري ‪,‬وقد‬
‫بقيت العقلية القبلية سائدة بين غالبية الفئات السكانية حتى بعد انتقال الماتمع من البداوة الى‬
‫الريف فالحضارة‪.‬‬
‫وقد حاولت بعض النظم تقوية وتعزيز النظام القبلي العشائري بشكل ال ينسام مع الصالح‬
‫العام للماتمع‪ .‬لذلك ال بد من العمل على تحويل الوالء القبلي الى الدولة كخطوة اساسية في‬
‫بناء الوحدة الوطنية والقرابية‪ .‬والعمل على تكثيف الدراسات للماتمعات العشائرية لتعميق‬
‫وتعزيز بعض القيم االياابية وتوجيهها لخدمة الاماعة والماتمع والعمل على اضعاف القيم‬
‫االجتماعية السلبية فيها‪.‬‬
‫‪73‬‬
Téléchargement