Telechargé par Kseniia Bushueva

التشريع الضريبي cours

publicité
‫املبحث األول ‪ :‬أسس فرض الضريبة‬
‫كثرت النظريات في تفسير األسس التي تقوم عليها الضريبة‪ ،‬وتمحورت حول فكرتني رئيستني‪:‬‬
‫ الفكرة األولى ذهبت إلى االعتقاد بأن الضريبة هي مقابل ثمن خدمات الدولة للمواطنني‪.‬‬‫ ب ــينما اس ــتندت ال ــفكرة ال ــثان ــية ع ــلى م ــفهوم ال ــواج ــب االج ــتماع ــي =< ف ــما دام امل ــواط ــنون يس ــتفيدون م ــن ك ــل خ ــدم ــات‬‫الـدولـة وجـب عـليهم إخـضاع مـصالـحهم الـفرديـة لـصالـح املجـموع‪ ،‬وذلـك عـبر املـساهـمة فـي تـمويـل الـنفقات الـعامـة لـلدولـة‬
‫دون األخذ بعني االعتبار مقدار النفع الذي يمكن أن تؤمنه الدولة لهم‪.‬‬
‫هـذا الـصراع بـني هـاتـني الـفكرتـني الـذي اسـتمر طـيلة الـقرن الـتاسـع عشـر بـدأ يـخبو فـي نـهايـة هـذا الـقرن ملـصلحة مـفهوم جـديـد‬
‫يقوم على ارتباط الضريبة بمجتمع معني وباألمال التي يعلقها هذا املجتمع على الواجب والعدالة‪.‬‬
‫• فالضريبة تقترن بوجود السلطة وتنحسر بانحسارها‪ ،‬انها أحد أهم مظاهرها‪ ،‬بل رمز من رموز سيادتها‪.‬‬
‫=< وقـد شـدد مـعظم الـباحـثني عـلى هـذه الـنقطة‪ ،‬حـتى أن أحـدهـم ذهـب إلـى حـد اعـتبار أن الـضريـبة هـي مظهـر‬
‫صارخ لوجود السلطة العامة‪.‬‬
‫• ف ــال ــسيادة ال ــضري ــبية وال ــسيادة ال ــسياس ــية ي ــرت ــبطان أش ــد االرت ــباط س ــواء أك ــان ذل ــك ف ــي امل ــجال ــني ال ــداخ ــلي أم‬
‫الخارجي‪.‬‬
‫‪ -١‬السيادة الضريبية في املجال الداخلي ‪:‬‬
‫م ــن ال ــطبيعي االس ــتنتاج ب ــتالق ــي الس ــلطة ال ــضري ــبية وال ــسياس ــية‪ ،‬ف ــال ــتاري ــخ ق ــد أع ــطى ع ــدة أم ــثلة به ــذا ال ــخصوص‪ ،‬وك ــلها‬
‫أظهرت بأن توسع سلطة الدولة الضريبية واكبه دائمة توسع سياسي والعكس صحيح‪.‬‬
‫‪ +‬فالتوسع الجغرافي بقي املظهر املهم الذي يسمح للمنتصر بفرض الضريبة على املهزوم‪.‬‬
‫• فـوجـود الـضريـبة وفـرضـها مـرتـبط أشـد االرتـباط بـوجـود دولـة قـويـة وقـادرة عـلى فـرض الـقانـون عـلى جـميع أراضـيها‬
‫)وخير دليل على ذلك نسوق مثل لبنان ‪ :‬فعندما تفككت الدولة وضعفت‪ ،‬وهنت الضريبة واختفت(‪.‬‬
‫• لكن عنصر القوة والقدرة وإن كانا ضرورین فإنه يجب أن يرافقهم عنصر القبول‪.‬‬
‫• فقبول الضريبة من املواطنني هو ضروري حتى تبلغ مداها الطبيعي‪.‬‬
‫• هذا مع العلم أن هذا املدى لن يكتمل إال إذا كانت السلطة شرعية‪.‬‬
‫• فــاالعــتراف لــها بهــذه الشــرعــية يــضمن لــها حــتما االســتعانــة بهــذه الــضريــبة الــتي هــي مــن أهــم دعــامــات وجــودهــا‬
‫وضمانة الستمرارها‪.‬‬
‫• ف ــال ــضري ــبة ليس ــت ول ــن ت ــكون ع ــملية اب ــتزاز أو اخ ــتيار ت ــعسفية م ــن ق ــبل الس ــلطة ال ــحاك ــمة وإن ــما ي ــجب أن ت ــظل‬
‫ضمن حدود القانون‪.‬‬
‫ شرعية الضريبة‬‫فــي الــديــمقراطــيات الــدســتوريــة يــبقى الــقانــون هــو املــعبر الــوحــيد عــن اإلرادة الــعامــة ؛ فــهو الــذي يجســد ســيادة الــشعب ضــمن‬
‫إطار مفهومني ‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫ قـبول الـضريـبة مـن الـعامـة ‪ :‬إذا كـان هـناك ثـقة مـن قـبل املـكلفني فـي الـطبقة الـسياسـية الـحاكـمة يظهـر هـذا الـقبول‪ .‬أمـا‬‫إذا زالت هذه الثقة‪ ،‬أصبح من الصعب على املكلف دفع الضريبة‪.‬‬
‫ ووسيلة اإلكراه كنتيجة طبيعية لهذا القبول‪.‬‬‫ف ــقبول ال ــضري ــبة م ــن ال ــعام ــة ي ــرت ــكز ع ــلى امل ــادة ‪ ١٤‬م ــن ش ــرع ــة ح ــقوق اإلن ــسان ال ــتي ج ــاء ف ــيها أن ‪ :‬ال ــشعوب ل ــها ال ــحق ف ــي‬
‫املـراقـبة شـخصية أو بـواسـطة مـمثليهم ملـعرفـة ضـرورة الـحاجـة لـلمساهـمة فـي دفـع الـنفقات وفـي املـوافـقة عـليها‪ ،‬ومـراقـبة طـرق‬
‫استعمالها وتحديد نصابها ووعائها وطرق جبايتها ومدتها‪.‬‬
‫من هذه املادة نستنتج عاملني مهمني ‪:‬‬
‫• العامل األول ‪ :‬ويشدد على تحقق الضريبة وضرورة قبولها من املكلف‪.‬‬
‫• العامل الثاني ‪ :‬يتخلص في أن القانون يبقى له الكلمة الفصل في تحديد النظام األساسي للضريبة‪.‬‬
‫وهـذان الـعامـالن نجـدهـما تـقريـبا فـي دسـاتـير دول الـعالـم كـلها ومـنهم الـدسـتور الـلبنانـي‪ ،‬مـع فـارق طـبعا فـي الـتطبيق بـني دولـة‬
‫وأخرى‪.‬‬
‫ فــالــضريــبة هــي عــلى نــفس مســتوى الــقواعــد الــتي تــرعــى الــحقوق املــدنــية والحــريــات الــعامــة ونــظام الــعقاب واملــحاكــمة إلــخ‪...‬‬‫فـلكل هـذه الـقواعـد يـبقى الـقانـون وحـده ‪ -‬ولـيس املـبادئ الـعامـة ‪ -‬هـو الـذي يحـدد الـقاعـدة الـواجـب تـطبيقها فـي حـني تنحسـر‬
‫صالحيات السلطة التنظيمية على أمور محددة‪.‬‬
‫قــد يحــدث فــي بــعض األحــيان أن يــفوض الــبرملــان الــحكومــة ســلطة تــنظيم بــعض الــقواعــد الــضريــبية‪ ،‬لــكن هــذه الــطريــقة تــبقى‬
‫استثنائية وقليلة نسبية إال في لبنان‪ ،‬إذ نجد أن أكثرية التشريعات الضريبية صدرت بمراسيم‪.‬‬
‫ أما عن وسيلة اإلكراه‪ ،‬فإننا نالحظ بأن القانون الضريبي يفرض نفسه على اإلدارة واملكلف على حد سواء‪.‬‬‫* فــاإلدارة الــضريــبية ال تســتطيع أن تــجبي ضــريــبة إال ضــمن مــا ســمح بــه الــقانــون‪ ،‬وبــاملــقابــل ال تســتطيع أن تــعفي مــن دفــع‬
‫الضريبة دون إذن قانوني وصريح وأال تتعرض للعقوبة‪.‬‬
‫* أمــا املــكلف فــعالقــته مــع اإلدارة الــضريــبية ليســت تــعاقــديــة وإنــما يــبقى لــه وبحســب الــنصوص الــضريــبية وجــودا ً عــامـا ً وغــير‬
‫شخصياً‪ ،‬وقد يتعرض للعقوبات في حال املخالفة‪ ،‬فضال عن املالحقات أمام املحاكم‪.‬‬
‫وتجــدر اإلشــارة إلــى أن احــترام الــقانــون الــضريــبي مــن قــبل اإلدارة واملــكلف يــبقى مــضمون ـا ً مــن الــقاضــي الــذي يــرتــكز فــي‬
‫تطبيقه على الصفة الخاصة لهذا القانون‪.‬‬
‫إذا أن بـالـرغـم مـن الـقول الـسائـد والـذي يـصف الـقانـون الـضريـبي بـأنـه فـرع مـن فـروع الـقانـون الـعام‪ ،‬إال أنـنا نـعتقد بـأنـه وإن‬
‫كان فعال يميل لذلك فإنه يبقى له خاصية مستقلة به‪.‬‬
‫=< وهـذا مـا أكـده مجـلس شـورى الـدولـة عـندمـا اعـتبر أنـه ال تـأثـير لـلنظام الشـركـة أو ألي قـانـون آخـر عـلى الـقانـون الـضريـبي‬
‫الذي ترعاه مبادئ خاصة به ويجب األخذ بها‪.‬‬
‫‪ - ٢‬السيادة الضريبية في املجال الخارجي ‪:‬‬
‫الــدولــة املســتقلة مــن الــناحــية الــسياســية تــبقى ســيدة نــفسها عــلى أراضــيها وقــانــونــها ‪ -‬بــما فــيه الــضرائــبي ‪ -‬هــو الــذي يــجب‬
‫اعتماده في أرجائها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وهذا يعني أن القوانني الضرائبية األجنبية ال تعرف التطبيق في أراضي هذه الدولة‪.‬‬
‫لـكن لهـذه الـقاعـدة الـعامـة بـعض االسـتثناءات الـتي تـتمثل فـي اتـفاقـات تهـدف ملـنع وقـوع االزدواج الـضريـبي =< ومـعنى هـذه‬
‫الحالة أن ال يكون املكلف من بلد معني والذي يعمل في بلد آخر خاضعا ً للضريبة في كال البلدين‪.‬‬
‫ف ــمن أج ــل رف ــع ال ــحيف ع ــن ك ــاه ــل ه ــذا ال ــفرد ل ــجأت ب ــعض ال ــدول إل ــى ه ــذا ال ــنوع م ــن االت ــفاق ــيات ال ــضري ــبية ال ــتي ف ــرض ــتها‬
‫الظروف االقتصادية املعاصرة‪ .‬ومن البديهي أن يتعطل تطبيق القانون الضريبي الداخلي ملصلحة تطبيق هذه االتفاقيات‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬وظائف االقتطاع الضريبي‬
‫حـصرت الـنظريـة الـكالسـيكية الـضريـبة فـي مـجال ضـيق هـو سـد الـنفقات الـعامـة‪ ،‬لـكن الـتطور االجـتماعـي واالقـتصادي وسـع‬
‫مجال الضريبة فجعلها أداة مهمة للتنمية في املجالني االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫‪ - ١‬الهدف املالي للضريبة ‪:‬‬
‫ال يمكن الفصل بني مفهوم الضريبة ومفاهيم ‪:‬‬
‫• امليزانية‪،‬‬
‫• الخزانة‪،‬‬
‫• والنفقات العامة‬
‫فهذه النفقات هي السبب الرئيسي لوجود الضريبة‪ ،‬فحيث توجد نفقات يجب تغطيتها‪.‬‬
‫إن هذه الحاجة الحتمية للضريبة فرضتها عوامل كثيرة ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫مــنها مــا يــتعلق بــعدم قــدرة أربــاح املــرافــق الــعامــة عــلى تــغطية العجــز الــناجــم عــن االزديــاد امل ـطّرد لــنفقات الــدولــة‬
‫العامة‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫وم ــنها م ــا ي ــعود إل ــى امل ــشاك ــل ال ــكثيرة ال ــتي ت ــحول دون ال ــلجوء ل ــلقرض ف ــلو ل ــجأت ال ــدول ــة ل ــلقرض ل ــتوف ــير ب ــعض‬
‫األموال التي هي بحاجة لها‪ ،‬فإن منفعته تبقى محددة بسبب ضرورة مجابهة استهالكه وفائدته‪،‬‬
‫وهكذا ال يبقى أمام الدولة إال الضريبة التي تعقد عليها كل اآلمال‪.‬‬
‫ولكي تؤدي الضريبة ما يؤمل منها وجب توفر شروط كثيرة منها ‪:‬‬
‫• أن تدفع من جميع الناس‬
‫• وعلى جميع األرباح واملداخيل بدون تهرب أو خداع‪،‬‬
‫• وأن يكون ثمن تحصيلها ضعيفا‪،‬‬
‫• إضافة إلى قبولها من جميع املكلفني‪.‬‬
‫وهــذه األمــور ال تــتحقق إال إذا كــانــت الــضريــبة وبــقدر اإلمــكان غــير مــزعــجة وثــابــتة )ال تــتغير وال تــنقص كــميتها بســبب تــغير‬
‫الظروف االقتصادية( ومرنة )تزداد مع ازدياد القيمة(‪.‬‬
‫هـذه األهـمية املـالـية لـلضريـبة دفـعت الـعديـد مـن االقـتصاديـني لـلتركـيز عـليها رافـضني تـدخـلها فـي مـیادیـن أخـرى اقـتصاديـة أو‬
‫اجــتماعــية‪ ،‬فــالــضريــبة حســب قــول ‪ Stourn‬يــجب أال تــكون مــقويــة أو مــصلحة لــألخــالق وال راقــية‪ ،‬بــل يــجب أن تــكون مــمولــة‬
‫للخزينة فقط‪.‬‬
‫مـن الـبديـهي الـقول بـانـحسار وهـج هـذه الـنظريـة فـي عـصرنـا الـحاضـر ألن مـن املسـتحيل أن نـقطع بـواسـطة اإلكـراه الـضريـبي‬
‫ِريَع الدخل الوطني الشرائية لألفراد مما ينذر بمضاعفات اقتصادية كثيرة‪.‬‬
‫لهــذه األســباب ضــعفت دعــوى املــطالــبني بــحياد الــضريــبة املــطلق ألن الــضريــبة بحســب قــولــهم يــجب أن تــكون حــياديــة بــالنســبة‬
‫لوسائل اإلنتاج‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫نسـتنتج إذا أن الـتدخـل الـضريـبي لـم يـعد مسـتبعدا بـالـكامـل لـكن تـطبيقه ربـط بـاسـتنفاد عـوامـل تـدخـلية أخـرى )نـفقات عـامـة‪،‬‬
‫تنظيم‪ ،‬الخ( ‪ .‬ألن هدف الضريبة ليس القيادة وإنما سحب املال من املكلف‪.‬‬
‫ولـكن بـالـرغـم مـن هـذا الـتردد الـواضـح تـجاه الـتدخـل بـواسـطة الـضريـبة‪ ،‬فـإنـه يـبدو واضـحا الـيوم بـأنـه وإن كـان الهـدف املـالـي‬
‫مــا يــزال يــحتل مــركــز الــصدارة كهــدف مــن أهــداف الــضريــبة إال أنــه لــم يــعد بــاســتطاعــته أبــدا أن يــحجب أهــدافــا أخــرى بــدأت‬
‫تخرج للوجود كالهدف االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫‪ - ٢‬الهدف االقتصادي للضريبة ‪:‬‬
‫للضريبة دور مهم في القطاع االقتصادي‪ ،‬وهذا الدور يمكن أن يكون عاما أو خاصا‪.‬‬
‫فــالــدور الــعام لــلضريــبة يتجــلى فــي عــملية امــتصاص الــقيمة الشــرائــية الــزائــدة كــوســيلة مــن وســائــل مــحاربــة التضخــم وهــذا مــا‬
‫جرى تطبيقه في معظم الدول )كأميركا وبريطانيا وفرنسا(‪.‬‬
‫أما عن الدور الخاص للضريبة فخير مثال عليه يتجلى في استعمال الرسوم الجمركية ‪:‬‬
‫• فـعندمـا تـريـد الـدولـة حـمايـة قـطاع صـناعـي تـلجأ إلـى رفـع الـرسـوم الجـمركـية عـلى الـواردات الـتي يـمكن أن تـنافـس‬
‫تقدم هذا القطاع‪،‬‬
‫• وال ــعكس ص ــحيح‪ ،‬أي أن ــه ع ــندم ــا ت ــري ــد ت ــشجيع ال ــواردات لس ــد ال ــنقص أو ل ــعدم ق ــدرة ق ــطاع م ــعني ع ــلى إش ــباع‬
‫الرغبات فإنها تلجأ إلى تخفيض هذه الرسوم‪.‬‬
‫وتجـدر اإلشـارة إلـى أن اسـتعمال الـضريـبة قـد يـؤدي فـي بـعض األحـيان إلـى تـوفـر عـنصر االخـتصاص لـقطاع مـعني‪ ،‬وهـذا مـا‬
‫تــحققه االتــفاقــيات الــضريــبية الــتي هــي عــبارة عــن مــزايــا ضــريــبية خــاصــة لــصالــح مــشاريــع مــعتمدة‪ ،‬كــما أن مــنح هــذه املــزايــا‬
‫مـرهـون بـاحـترام بـعض الشـروط الـعامـة‪ ،‬ال سـيما تـلك الـتي تـتعلق بـمطابـقة املشـروع لـألهـداف الـتي تـريـد الـدولـة تـحقيقها فـي‬
‫خططها للتنمية‪.‬‬
‫خـالصـة الـقول‪ ،‬ينحسـر الـدور االقـتصادي لـلضريـبة أو يـكبر طـبقا لـلفلسفة االقـتصاديـة والـسياسـية الـتي تـرعـاهـا وهـذا األمـر‬
‫يؤثر كذلك على الهدف االجتماعي لها‪.‬‬
‫‪ - ٣‬الهدف االجتماعي للضريبة ‪:‬‬
‫نادى بالهدف االجتماعي للضريبة عدد من املؤلفني االشتراكيني‪.‬‬
‫ف ــفي أمل ــان ــيا م ــثال ت ــوخ ــى ك ــوس ــتي ف ــي م ــؤل ــفة "ال ــثورة االج ــتماع ــية" أن تح ــل ال ــضري ــبة مح ــل ال ــعنف ل ــتتم س ــيطرة ال ــدول ــة ع ــلى‬
‫وسائل اإلنتاج وتسوية الشروط االجتماعية‪.‬‬
‫وفي بريطانيا استعمل القانون الضريبي بشكل واسع وفعال بعد الحرب العاملية األولى لتحقيق ما يسمى بالثورة الصامتة‬
‫• ففرضت الضرائب التصاعدية على الدخل وعلى الثروات‬
‫• وزيدت الرسوم على املواد الكمالية‬
‫• بينما رفعت أو خفضت الرسوم على املواد الضرورية‬
‫‪5‬‬
‫وفي البلدان اإلسكندنافية أيضا لم تكن الضريبة بعيدة عن تحسني الظروف االجتماعية واملعيشية لطبقات الشعب‪.‬‬
‫وإلى جانب هذا الهدف االجتماعي العام يمكن للضريبة املساهمة في تحقيق أهداف معينة أخرى ‪:‬‬
‫• فـفرض رسـوم جـمركـية عـلى املشـروبـات الـكحولـية مـصحوبـة بـرفـع أو بـتخفيف الـرسـوم عـلى عـصير الـفواكـه يـسهم‬
‫إلى حد بعيد في تخفيف خطر الكحولية‪،‬‬
‫• كــذلــك كــل مــحاولــة لــتخفيف الــضرائــب عــن األعــباء الــعائــلية أو عــن الــرســوم الــتركــة ال يــمكن إال أن تــؤدي إلــى زرع‬
‫بذور سياسة ضريبية عائلية مهمة‪.‬‬
‫خــالصــة الــقول‪ ،‬إلــى جــانــب الهــدف املــالــي الــذي هــو جــوهــر الــضريــبة وســبب وجــودهــا‪ ،‬يــمكن لــلضريــبة أن تــتعدى ذلــك لــتحقيق‬
‫أهــداف اقــتصاديــة واجــتماعــية مــعينة ولــكن يــنبغي لــفت الــنظر هــنا إلــى أن اســتعماال كــثيفا لــلضريــبة مــن أجــل الــعمل عــلى‬
‫ت ــطبيق ه ــذه امل ــبادئ ق ــد ي ــحجب ع ــنها ه ــدف ــها األول ــي ب ــنظرن ــا‪ ،‬خ ــصوص ــا وأن ــه ي ــمكن ل ــلدول ــة أن تح ــدث ت ــغییرات اق ــتصادي ــة‬
‫واجتماعية عن طريق آخر‪ ،‬بينما قد ال تجد هناك وسائل أخرى لتغذية الخزانة العامة في حال غياب الضريبة‪.‬‬
‫)بـالـطبع هـناك عـدة طـرق لـتغذيـة الخـزيـنة‪ ،‬كـالـقرض الـداخـلي أو الـخارجـي والتضخـم… لـكن هـذه الـعوامـل تـبقى خـطرة وتـؤدي‬
‫في بعض األحوال االقتصادية إلى تعرض اآلقتصاد الوطني إلى كثير من الهزات واالزمات(‪.‬‬
‫ل ــذل ــك ن ــرى أن ــه م ــن ال ــضروري أن ت ــحتفظ ال ــضري ــبة ب ــطبيعتها ك ــمورد م ــال ــي‪ ،‬ع ــلى أن تس ــتعمل ب ــقية األه ــداف بح ــذر وان ــتباه‬
‫شديدين وإال تخلت الضريبة عن تقنيتها الليبرالية‪.‬‬
‫‪ -٤‬الهدف السياسي ‪:‬‬
‫‪6‬‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬قواعد االقتطاع الضريبي‬
‫أشه ــر ال ــقواع ــد األس ــاس ــية ل ــلضري ــبة ه ــي ت ــلك ال ــتي أورده ــا آدم س ــميث ف ــي ك ــتاب ــه "ث ــروة األم ــم" ع ــلى ن ــحو ج ــعلها ل ــم ت ــفقد‬
‫أهميتها ومكانتها في الدراسات واملدارس الفكرية املعاصرة‪ ،‬وهذه القواعد هي التالية ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬قاعدة العدالة‬
‫وهي أن يسهم كل أعضاء الجماعة في تحمل أعباء الدولة تبعا ملقدرتها النسبية‪.‬‬
‫وقد حددت هذه املقدرة التكليفية التناسبية للمكلفني بما يتمتعون به من دخل في ظل حماية الدولة‪.‬‬
‫=< ويـعني ذلـك وجـوب تـوزيـع عـبء الـضريـبة تـوزیـعا ً عـادال بـني املـواطـنني‪ ،‬ويـتحقق ذلـك بـمراعـاة املـقدرة الـتكليفية لـكل مـنهم مـع‬
‫ضـرورة إعـفاء أصـحاب الـدخـول املـنخفضة مـن أداء الـضريـبة بـالنسـبة لحـد الـكفاف واألعـباء الـعائـلية بـما يـتناسـب مـع مسـتوى‬
‫املعيشة بني أفراد املجتمع‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬قاعدة اليقني‬
‫تنصرف هذه القاعدة كما حددها سمیٹ‪ ،‬إلى ضرورة أن تكون الضريبة محددة بوضوح و بال تحكم‪.‬‬
‫وذلك وجوب تنظيم جباية الضريبة وفقا لقواعد محددة وواضحة لكل من املكلف واإلدارة الجبائية سواء بالنسبة ‪:‬‬
‫• ألسس تحديد قيمتها‬
‫• أو مواعيد وأساليب تحصيلها‪.‬‬
‫وال شــك أن عــدم تحــديــد هــذه األمــور وعــدم وضــوحــها يــؤدي إلــى تــحكم الــقائــمني عــلى الــجبايــة الــضريــبية‪ ،‬كــما يــؤدي إلــى عــدم‬
‫العدالة والفساد‪.‬‬
‫ومـن هـنا نسـتمد قـاعـدة الـيقني أهـميتها حـتى أن آدم سـميث قـد رأى أن درجـة كـبيرة مـن عـدم الـعدالـة ال تـبلغ مـن الـسوء درجـة‬
‫محددة من عدم اليقني‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬قاعدة املالءمة‬
‫وي ــتلخص م ــضمون ه ــذه ال ــقاع ــدة ب ــوج ــوب ت ــنظيم أح ــكام ال ــضري ــبة ع ــلى ن ــحو ي ــتالءم م ــع ظ ــروف امل ــكلفني ال ــشخصية ب ــصورة‬
‫خاصة فيما يتعلق بموعد التحصيل وطرقه وإجراءاته‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬قاعدة االقتصاد‬
‫تنصرف هذه القاعدة كما حددها آدم سميث إلى ضرورة االقتصاد في نفقات جباية الضرائب‪.‬‬
‫ويــقصد بــذلــك ضــرورة اخــتيار إجــراءات الــربــط وأســالــيب الــتحصيل الــتي تــتطلب أقــل نــفقات مــمكنة ســواء بــالنســبة لــلمكلف أو‬
‫لــإلدارة‪ ،‬وحــتى ال تســتنفذ هــذه الــنفقات جــانــبا كــبيرة مــن حــصيلة الــضريــبة عــلى نــحو يــقلل مــن إمــكانــية الــدولــة مــن االســتفادة‬
‫منها‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫الفصل األول – مطرح الضريبة‬
‫نـعني بـمطرح الـضريـبة املـورد الـذي يـحصل عـليه املـكلف بـصور مـختلفة‪ ،‬فـقد تـتعدد مـوارد املـكلف وبـشكل مـتواز لـها املـطارح‬
‫الضريبية فيختار املشرع عندها مطرحا ً للضريبة لتأمني اقتطاع األموال‪.‬‬
‫وإذا كــان املشــرع الحــديــث قــد صــرف الــنظر عــن فــكرة املــطرح الــواحــد )أي الــضريــبة الــواحــدة( فــإنــه أعــتمد بــدال عــنها مــطارح‬
‫عديدة للضريبة )أي ضرائب متعددة(‪.‬‬
‫املبحث االول ‪ :‬املعطيات القانونية والضريبة‬
‫آخـر خـيارات املشـترع عـند إنـشاء وعـاء لـلضريـبة هـو الـخيار الـقانـونـي‪ ،‬أي الـخيار بـني مـختلف الـوسـائـل الـتقنية الـقانـونـية الـتي‬
‫تسمح بتكوين الضريبة‪.‬‬
‫ويتراوح هذا االختيار عادة بني الضريبة املباشرة وغير املباشرة ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫ف ــلو أردن ــا إظ ــهار م ــقدرة امل ــكلف ع ــلى دف ــع ال ــضري ــبة ب ــاالس ــتناد ل ــدخ ــله أو ث ــروت ــه ف ــما ع ــلينا إال ال ــلجوء ل ــتطبيق ال ــضري ــبة‬
‫املباشرة‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫أم ــا إذا أردن ــا اك ــتشاف ط ــاق ــته ال ــضري ــبة ب ــاالرت ــكاز ع ــلى ب ــعض ال ــعمليات أو ال ــعقود ال ــتي ي ــقوم ب ــها ف ــإن ال ــضري ــبة غ ــير‬
‫املباشرة هي التي تفي بغرضنا املقصود‪.‬‬
‫ي ــبدو ل ــلوه ــلة األول ــى أن م ــعيار ال ــفرق ب ــني ه ــات ــني ال ــضري ــبتني سه ــل ل ــلغاي ــة‪ ،‬ل ــكن ه ــذه ال ــسهول ــة ت ــنقلب ل ــصعوب ــة ع ــندم ــا ن ــري ــد‬
‫إيضاح هذا الفرق‪.‬‬
‫وهــذا نــاجــم عــن كــثرة املــفاهــيم الــتي طــرحــت حــول االخــتالف بــني هــاتــني املجــموعــتني‪ .‬عــادة تــقسم هــذه املــفاهــيم إلــى إداريــة‪،‬‬
‫اقتصادية ومالية‪.‬‬
‫‪ -١‬املفاهيم اإلدارية‬
‫هذه املفاهيم مستمدة من أسلوب اإلدارة في تحقيق الضريبة وجبايتها‪.‬‬
‫ف ــال ــضري ــبة ت ــعتبر م ــباش ــرة ع ــندم ــا ت ــجبى ب ــموج ــب ج ــدول ت ــحقق ي ــنظم ف ــيه اس ــم امل ــكلف وم ــقدار ال ــضري ــبة املس ــتحقة ع ــليه‬
‫كالضريبة على الدخل مثال‪.‬‬
‫أمـا الـضريـبة غـير املـباشـرة فـهي عـلى عـكس ذلـك تـمامـا إذ يـتم تـحقيقها وجـبايـتها دون تـنظيم هـذا الجـدول كـالـضرائـب الـتي‬
‫تتناول الثروة وطريقة تداولها‪.‬‬
‫وقد ذهب فريق آخر إلقامة التفريق على أساس أن الضريبة املباشرة تتطلب التدخل املتعاقب لوحدتني إداريتني مستقلتني‬
‫• األولى تنظم جدول التحقق‪،‬‬
‫• والثانية تؤمن الجباية‬
‫باملقابل وعاء‪ ،‬حساب‪ ،‬وجباية الضريبة غير املباشرة تتم بواسطة وحدة إدارية فقط‪.‬‬
‫وهذه املعايير غير صحيحة كما تؤدي إلى الخطأ كلما أردنا تطبيقها‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫فهي غير صحيحة ألن معظم الضرائب املسلم بأنها مباشرة تصبح غير مباشرة والعكس صحيح‪.‬‬
‫• ف ــال ــضري ــبة ع ــلى ال ــروات ــب واألج ــور ت ــحصل ع ــن ط ــري ــق الحج ــز م ــن امل ــنبع وال ي ــتطلب األم ــر إص ــدار أم ــر رس ــمي‬
‫للمكلف بها =< فهل من شأن هذا املعيار تغییر طبيعتها فتصبح ضريبة غير مباشرة ؟‬
‫• مـن نـاحـية أخـرى أن الـضريـبة عـلى األسـهم والـسندات تـجبى فـي فـرنـسا دون جـداول تـحقق لـكثرة تـبدل حـامـليها‬
‫فهل يمكن ألحد أن يشك في كونها ضريبة مباشرة ؟‬
‫إن إتــباع هــذه املــفاهــيم يــفضي إلــى الخــطأ حــتما ألن إتــباعــها يــؤدي ال مــحالــة لــتغيير نــوع الــضريــبة فــي كــل مــرة تــتغير فــيها‬
‫طريقة تحصيلها‪.‬‬
‫نخـلص مـن ذلـك الـقول بـأن املـفاهـيم اإلداريـة تـبقى غـير واضـحة وغـير أكـيدة وال تـسمح بـالـتالـي إجـراء أي تـفريـق بـني الـضرائـب‬
‫املباشرة وغير املباشرة‪ ،‬مما حمل البعض على التركيز على املفاهيم االقتصادية‪.‬‬
‫‪ ٢‬املفاهيم االقتصادية‬
‫هـذه املـفاهـيم تـركـز عـلى ظـاهـرة نـقل الـعبء لـلتفرقـة بـني الـضرائـب املـباشـرة وغـير املـباشـرة فـمن املـعروف أنـه فـي غـالـب األحـيان‬
‫يستطيع املكلف الذي دفع الضريبة إيجاد وسيلة لنقل عبئها على شخص ثالث‪.‬‬
‫لكن هذا املعيار يبقى في أكثر األحيان بعيدا عن الدقة العلمية‪.‬‬
‫• فـالـضريـبة عـلى األربـاح الـصناعـية والـتجاريـة مـثال‪ ) ،‬الـتي هـي ضـريـبة مـباشـرة ( تـغدو عـند تـطبيقنا لهـذا املـفهوم‬
‫ضـريـبة غـير مـباشـرة ‪ ،‬ألنـه يـتاح لـلصناعـي أو الـتاجـر أن يـنقال عـبئها عـلى الـعمالء عـن طـريـق زيـادة أسـعار السـلع‬
‫املباعة‪.‬‬
‫• بـاملـقابـل وعـلى الـرغـم مـن اسـتحالـة نـقل عـبء الـضريـبة عـلى الـسيارات عـلی مـکلف آخـر ‪ ،‬فـإن هـذا ال يـؤثـر بـشيء‬
‫في كونها ضريبة غير مباشرة‪.‬‬
‫من ناحية أخرى تلعب الظروف االقتصادية دورا مهما في جعل هذا املفهوم االقتصادي غامضا ومعقدا‪.‬‬
‫فقد ينجح مكلف في نقل عبء الضريبة إذا توافرت له ظروف مالئمة‪ ،‬وال ينجح مکلف آخر في ظل ظروف أخرى‪.‬‬
‫فـقد يسـتطيع املـالـك مـثال فـي ظـل أزمـة سـكن خـانـقة أن يـنقل عـبء الـضريـبة الـعقاريـة عـلى عـاتـق املسـتأجـر‪ ،‬بـينما ال يسـتطيع‬
‫ذلك في ظل أزمة سكن‪.‬‬
‫نخــلص لــلقول بــأن األســس االقــتصاديــة ال تــسمح لــنا بــإعــطاء صــورة واضــحة لــلتفريــق بــني الــضريــبة املــباشــرة وغــير املــباشــرة‪،‬‬
‫وهذا ما يحملنا على استعراض بعض املفاهيم املالية إلجراء مثل هذا التفريق‪.‬‬
‫‪ -٣‬املفاهيم املالية‬
‫تقوم هذه املفاهيم على التفريق بني الضرائب املباشرة والغير مباشرة باالستناد لطبيعة وعاء فالضريبة‪.‬‬
‫فالضريبة املباشرة هي ‪:‬‬
‫• ذات املطرح الثابت )كالضريبة على العقار(‬
‫• أو الذي يتجدد بصورة منتظمة )كالضريبة على األرباح والرواتب مثال(‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫باملقابل تصيب الضريبة غير املباشرة ‪:‬‬
‫• التصرفات املتقطعة‬
‫• والعمليات التي ال تتكرر بصورة عادية فتطرح عليها عند حدوثها‪.‬‬
‫لكن هذا األساس ال دقة علمية مطلقة له بل يقترب عند تحليله من املفاهيم اإلدارية وتوجه إليه نفس االنتقادات السابقة‪.‬‬
‫خـالصـة الـقول‪ ،‬بـالـرغـم مـن كـثرة املـعايـير الـتي طـرحـت لـلتفرقـة بـني الـضرائـب املـباشـرة وغـير املـباشـرة فـإنـها ال تـصل إلـى حـد‬
‫إقناع الباحث املدقق بها نظرا ملا ينتابها من تصور وما تحتويه من تضارب‪.‬‬
‫ومـع ذلـك فـإن تـطبيقات اإلدارة الـضريـبية قـد درجـت عـلى اإلبـقاء عـلى هـذا الـتفريـق لـتغذيـة مـوارد الخـزيـنة‪ ،‬وهـذا مـا أدى إلـى‬
‫نشوب خالف الفت حول املفاضلة بني الضرائب املباشرة والغير مباشرة‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬املفاضلة بني الضرائب املباشرة وغير املباشرة‬
‫بــالــرغــم مــن أن هــذه املــفاضــلة كــانــت مــوضــع دراســات كــثيرة لــعدد مــن الــعامــلني فــي الــحقل الــضريــبي واالقــتصادي فــإنــه لــم‬
‫ن ــصل إل ــى أي ج ــواب ش ــاف وواض ــح ف ــي ه ــذا امل ــجال‪ .‬وه ــذا ع ــائ ــد ب ــال ــطبع إل ــى ال ــتفاوت ف ــي م ــفاه ــيم اإلص ــالح ال ــضري ــبي‬
‫وانعكاسه على األوضاع االقتصادية واملالية واالجتماعية لذلك سوف نحاول استعراض مزايا كل منها ومحاذير ها‪.‬‬
‫‪ -١‬حسنات الضرائب املباشرة‬
‫يسوق أنصار الضرائب املباشرة خمسة حسنات لها هي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ثبات اإليرادات‬
‫هـذه املـيزة مـتأتـية مـن كـون مـطرح الـضريـبة املـباشـرة ثـابـتا وأكـيدا وال يـتأثـر كـالـضرائـب غـير املـباشـرة بـالـظروف االقـتصاديـة‪،‬‬
‫ففرض هذه الضريبة هنا على رؤوس األموال واملداخيل ال يمكن أن يعيقه إرادة األفراد ودرجة إنفاقهم صعودا أو هبوطا‪.‬‬
‫ب ‪ -‬مرونة الضريبة‬
‫هـذه املـيزة تـتيح رفـع مـعدل الـضريـبة دون أن يـؤدي ذلـك إلـى انـحسار وعـائـها‪ .‬فـثبات هـذا األخـير يـسمح فـي حـالـة رفـع املـعدل‬
‫بالحصول على زيادة مطابقة في نتاج هذه الضريبة‪.‬‬
‫ج‪ -‬االقتصاد في الجباية‬
‫وهـذا نـاجـم عـن ثـبوت وعـدم تـغير مـطرح هـذه الـضريـبة‪ ،‬لـذلـك تـقتصر املـهمات هـنا عـلى تحـديـد الـقدرة الـتكليفية وتـطبيقها عـلى‬
‫النصوص القانونية‪.‬‬
‫وهـذا األمـر ال يـتطلب إال عـدد قـليال مـن املـوظـفني أي بـعكس الـضرائـب غـير املـباشـرة )الجـمركـية الـتي تـتطلب مـوظـفني عـديـديـن‬
‫ملراقبة حركة املواد الخاضعة للضريبة ومنع تهريبها عند كل منفذ(‪.‬‬
‫د ‪ -‬العدالة في التكليف‬
‫بــما أن هــذه الــضرائــب تــتيح اإلحــصاء الــفردي لــلمكلفني فــهي تــؤدي إلــى تــشخيص الــضريــبة وهــكذا يــصبح بــاإلمــكان تــكييف‬
‫األعباء الضريبية وفقا ملقدرة املكلف الفردية وتفاوتها‪ ،‬مما يجعلها قريبة من العدالة‪.‬‬
‫ه ‪ -‬إنماء الوعي الضريبي‬
‫فــاملــكلف هــنا يــشعر بــعبء الــضريــبة املــباشــرة أكــثر مــن شــعوره بــعبء الــضريــبة غــير املــباشــرة وهــذا مــا يــدفــعه إلــى االهــتمام‬
‫بالشؤون العامة وسياسة اإلنفاق الحكومية املتبعة‪.‬‬
‫ولـكن إلـى جـانـب هـذه الـحسنات‪ ،‬هـناك سـيئات تظهـر مـن جـراء أسـتعمال الـضرائـب املـباشـرة‪ ،‬ويـمكن تـلخيص هـذه‬
‫السيئات بأربعة ‪:‬‬
‫‪ -٢‬سيئات الضرائب املباشرة‬
‫أ‪ -‬التأخر في التحصيل‬
‫وهذا ناجم عن كون هذه الضرائب تتطلب فترة طويلة من الوقت بني ظهور وعاء الضريبة وبني دفع املبلغ املتوجب‪.‬‬
‫فـاملـكلف الـذي يـتلقى دخـال فـي شهـر كـانـون الـثانـي ‪ ١٩٨١‬م ال يـتوجـب عـليه إعـالم اإلدارة الـضريـبية إال مـع سـائـر دخـله عـن‬
‫عام ‪ ١٩٨١‬أي في أواخر شباط ‪.١٩٨٢‬‬
‫‪11‬‬
‫وعـندمـا تـتلقى اإلدارة الـضريـبية هـذا اإلعـالم تـقوم بـربـط الـضريـبة بـعد الـتدقـيق بـها خـالل فـترة مـعينة‪ ،‬وفـي شهـرة تـموز ‪١٩٨٢‬‬
‫تقريبا ترسل اإلدارة الضريبية إنذارا ً للمكلف تطالبه بدفع املبلغ املتوجب عليه ‪.‬‬
‫ويعطي القانون للمكلف مهلة معينة ليتدبر أمره‪ .‬وهكذا فال يتم تحصيل الضريبة قبل عام ‪.١٩٨٣‬‬
‫ب ‪ -‬عالنية االقتطاع‬
‫الضريبة املباشرة تطال املكلف من دون مواربة‪.‬‬
‫فاملكلف يتلقى جدول التكليف ويجب عليه دفع املبلغ املتوجب دون أن يكون عنده وسيلة واحدة لعكس الضريبة على غيره‪.‬‬
‫وبما أن معدل الضريبية يكون عادة مرتفعاً‪ ،‬فإن املكلف ال بد من أن يشعر بثقلها ويدفعها مكرها‪.‬‬
‫ج ‪ -‬عدم عدالة االقتطاع‬
‫ذلــك ألن هــذه الــضرائــب قــد تــطال جــميع مــداخــيل املــكلف بــالــكامــل أو ال تــطالــها إال جــزئــيا ً ويــلعب الــغش الــضريــبي هــنا دورا‬
‫كــبيرا فــي هــذا املــجال‪ ،‬لــذلــك نــالحــظ بــأن الــضرائــب املــباشــرة وإن اســتطاعــت أن تــطال املســتخدمــني أو املســتفيديــن مــن دخــل‬
‫القيم املنقولة فإنها تقصر عن بعض مداخيل املهن الحرة‪.‬‬
‫د ‪ -‬تعقيد االقتطاع‬
‫هذه العقبة متأتية من تطور الطرق التقنية التي تفرض على اإلدارة الضريبية ثقافة قانونية وتقنية صلبة‪.‬‬
‫وهذا ما جعل تطبيق هذه الضريبة مقتصرا ً على الدول التي تملك خبرة في التنظيم واالختصاص‪.‬‬
‫خــالصــة الــقول‪ ،‬مــما ال شــك فــيه أن لــلضرائــب املــباشــرة دورا ً فــي تــغذيــة خــزيــنة الــدولــة وتــبرز أهــمية هــذا الــدور أكــثر‬
‫فأكثر في ظروف مالية صعبة يتمحور عبر العمل على تنمية الجهد الضريبي إلتاحة الفرصة أمام توازن امليزانية‪.‬‬
‫وهـذا الـدور الـذي يـمكن لـلضريـبة املـباشـرة أن تـلعبه يـجب أن ال يـغطي دور الـضريـبة غـير املـباشـرة‪ ،‬ألن لهـذه األخـيرة بـدورهـا‬
‫حسنات وسيئات‪.‬‬
‫‪ -٣‬حسنات الضرائب غير املباشرة‬
‫تتصف الضرائب غير املباشرة بالحسنات التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬مردودها‬
‫هـذه الـضريـبة ذات مـورد مـهم يـسمح لـها بـتغطية حـاجـات الخـزانـة الـعامـة املـضطردة ‪ .‬وهـذا مـا حـمل مـعظم األنـظمة الـضريـبية‬
‫ملختلف الدول باستعمالها وإعطائها دورا مهما في تنمية مواردها‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التخدير الضريبي‬
‫تــتمتع هــذه الــضريــبة بــسهولــة الــدفــع‪ ،‬فــهي بــشكل عــام تــندمــج فــي ثــمن الســلعة أو الخــدمــة ويتحــملها املســتهلك مــن دون أن‬
‫يشعر بها‪ ،‬وبالتالي فهو يدفعها عن طيبة خاطر‪.‬‬
‫وبـالـرغـم مـن االنـتقادات الـتي وجهـت لـطريـقة التخـديـر الـضريـبي فـإنـها ال تـزال املـيزة الـرئـيسية لـلضريـبة غـير املـباشـرة‪ ،‬ال بـل‬
‫إنها تعتبر مخرجا لزيادة الواردات نظرا لتزايد حجم االقتطاع الضريبي‪.‬‬
‫ج ‪ -‬املرونة‬
‫ترتبط هذه الضريبة أشد االرتباط باألحوال االقتصادية‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫فهي تفرض على النشاط االقتصادي )عملیات مادية‪ ،‬تصرفات قانونية ‪ ..‬إلخ (‪.‬‬
‫ويـعتبر هـذا الـتالزم مـيزة فـي أوقـات االزدهـار والـتوسـع االقـتصادي وارتـفاع األسـعار والتضخـم وعـندمـا نـعرف مـقدار مـعانـاة‬
‫اقتصاديات بعض الدول من التضخم ندرك حتما أهمية وجود الضرائب التي يرتفع مردودها بشكل متوا ٍز لهذا التضخم ‪.‬‬
‫د ‪ -‬السرعة في التحصيل‬
‫ألن املـكلف يـؤديـها فـي اللحـظة الـتي تـتم فـيها الـعملية الـتي يـقوم بـها‪ .‬فـعند شـراء كـيلو مـن الـسكر يـدفـع الـضريـبة فـي اللحـظة‬
‫التي يتم فيها هذا الشراء‪.‬‬
‫ولهــذا األمــر أهــمية خــاصــة فــي ظــل تــخفيض مــتزايــد لــقيمة الــعملة بــحيث أن كــل تــأخــير بــدفــع الــضريــبة مــن شــأنــه أن يــلحق‬
‫ضررا بالخزانة العامة‪.‬‬
‫إلى جانب هذه الحسنات‪ ،‬هناك سيئات تظهر من جراء استعمال الضرائب غير املباشرة نلخصها كما يلي ‪:‬‬
‫‪ -٤‬سيئات الضرائب غير املباشرة‬
‫يمكننا أن نبرز هذه السيئات على الشكل التالي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬عدم املالءمة‬
‫فهذه الضرائب تشكل إزعاجا كثيرا للمكلف نظرا ملا تفرضه من معامالت و مراقبة وتفتيش‪.‬‬
‫باإلضافة لكونها تكلف الكثير من النفقات خصوصا ً نفقات املراقبة وقمع التهريب‪.‬‬
‫ب‪ -‬عدم عدالتها‬
‫الصفة األساسية التي يبرزها معظم النقاد ضد الضريبة غير املباشرة هي عدم عدالتها‪.‬‬
‫فهي تصيب الفقير أكثر من الغني عبر فرضها نفس معدل الضريبة على السلعة التي يتساويان في استهالكها‪.‬‬
‫وبــالــرغــم مــن أن االتــجاه الــعام الــيوم يــميل إلعــفاء املــواد الــضروريــة مــن الــضريــبة فــإن تــصنيف هــذه املــواد يــختلف تــبعا لــلتقدم‬
‫االقتصادي واالجتماعي‪.‬‬
‫ه ــذا ب ــاإلض ــاف ــة إل ــى أن ه ــذا اإلع ــفاء ي ــبدأ ب ــاالن ــحسار ف ــي ك ــل م ــرة ت ــكون ال ــدول ــة ب ــحاج ــة إل ــى امل ــال ال ــالزم م ــن أج ــل ت ــنفيذ‬
‫مشاريعها‪.‬‬
‫ج ‪ -‬عقبتها االقتصادية‬
‫من آخر السيئات لهذه الضريبة هي كونها تشكل عقبة أمام النشاط االقتصادي‪.‬‬
‫فــارتــفاع األســعار الــناجــم عــن اســتعمال الــضرائــب غــير املــباشــرة يهــدد بــاإلســاءة لــلتجارة الــخارجــية ‪ ،‬وهــذا مــا يفســر عــداوة‬
‫الدول الصناعية لتطبيقها‪.‬‬
‫لــكننا نــرى أن األخــذ بهــذه الــنظريــة يخــدم مــصالــح الــدول الــكبرى الــنامــية خــصوصــا وإن هــذه الــدول الــكبرى قــد لــجأت إلــى‬
‫األخذ بهذه الضرائب لفترة محددة ليتسنى لها حماية صناعتها الفتية‪.‬‬
‫نخـلص لـلقول بـأن لـلضرائـب املـباشـرة والـغير مـباشـرة حـسنات وسـيئات تظهـر بـأجـل صـورهـا خـصوصـا عـندمـا نـطلب‬
‫الــكثير مــن هــذه أو تــلك‪ .‬لــذلــك يــجب أن نــوازن بــني الــحسنات والــسيئات لــكال الــطرفــني مــوفــقني بــني النســب املــثلى لــكل ضــريــبة‬
‫آخذين بعني االعتبار وضع املؤسسات االقتصادية واالجتماعية للبلد املعني‬
‫‪13‬‬
‫الفصل الثاني ‪ -‬ربط الضريبة‬
‫إذا كــانــت الــضريــبة تــصيب الــثروة أو الــدخــل أو اإلنــفاق عــبر وســائــل مــختلفة تــلجأ إلــيها الــدولــة لتحــديــد وعــاء الــضريــبة‪ ،‬إال أن‬
‫هـذا التحـديـد يـبقى غـير كـاف بحـد ذاتـه لـتنفيذ هـذه الـوسـائـل مـا لـم تـواكـبه أوجـه عـديـدة لـتقديـر قـيمة هـذا الـوعـاء وتحـديـد مـعدل‬
‫االقتطاع املتوجب دفعه‪.‬‬
‫هذه الجوانب الفنية يمكن تلخيصها بمبحثني ‪:‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬تقدير وعاء الضريبة‬
‫توجب هذه الفقرة مراعاة عاملني مهمني يبدوان متناقضني بعض الشيء ‪:‬‬
‫ف ــطري ــقة ال ــتقدي ــر ت ــعد ف ــضلى إذا ك ــان ــت ص ــائ ــبة‪ ،‬وه ــذا م ــن ش ــأن ــه أن ي ــترك آث ــارا ً ح ــسنة م ــن ال ــناح ــية امل ــال ــية‪ ،‬االج ــتماع ــية‬
‫واالقتصادية‪.‬‬
‫كما أنها تعد جيدة إذا لم تزعج املكلف ‪ -‬إال نادرا ً ‪ -‬من جراء تدخلها في أموره الشخصية‪.‬‬
‫وأساليب التقدير كثيرة منها إثنان ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫أسلوب التقويم اإلداري‬
‫‪-‬‬
‫أسلوب التقويم بواسطة األشخاص‬
‫‪ -١‬أسلوب التقويم اإلداري‬
‫أمام اإلدارة الضريبية طريقتان لتقدير وعاء الضريبة ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫إما أن تقدر هذا الوعاء بطريقة مباشرة‬
‫‪-‬‬
‫وإما أن تقدره بطريقة غير مباشرة‬
‫أ‪ -‬التقدير املباشر‬
‫وهذا التقدير يمكن أن يتم بدوره ضمن شكلني ‪ :‬إما أن يكون حراً‪ ،‬وإما مفيدا ً‪.‬‬
‫ التقدير الحر‬‫تـشكل هـذه الـطريـقة خـطرا ً عـلى املـكلف‪ .‬ومـصدر هـذه الخـطورة يـكمن فـي أن اإلدارة الـضريـبية تجـد نـفسها حـرة فـي عـملية‬
‫وعاء الضريبة دون أن يستطيع املكلف إثبات عكس ما ذهبت إليه اإلدارة‪.‬‬
‫لـكن تـطبيق هـذا األسـلوب يـبقي اسـتثنائـياً‪ ،‬فـهو ال يـطبق إال عـلى سـبيل الـعقوبـة وضـد كـل مـكلف وضـع نـفسه فـي حـالـة غـير‬
‫شرعية‪ .‬ولهذا فإن األسلوب املتعارف عليه في التطبيق هو التقدير املقيد‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫ التقدير املفيد‬‫وتـعني بـه أن السـلطة الـضريـبية هـنا هـي مـقيدة بـالـنص املـوضـوع مـن قـبل املشـرع‪ .‬وهـذا األخـير يـحيل فـي أغـلب األحـيان إلـى‬
‫إبراز عدة ضمانات للمكلف في مثل هذه األمور‪.‬‬
‫والجـديـر بـالـذكـر أن األسـلوب املـباشـر فـي الـتقديـر يـثير بـعض الـحساسـية‪ ،‬وقـد يـكون مـصدرا ً إلزعـاج املـكلف‪ ،‬لـذلـك‬
‫يفضل بشكل عام أسلوب التقدير اإلداري غير املباشر‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التقدير غير املباشر‬
‫يرتكز هذا التقدير على وضعني اثنني ‪ :‬األسلوب املرتكز على املظاهر الخارجية‪ ،‬واألسلوب املرتكز على التقدير الجزافي‪.‬‬
‫ أسلوب املظاهر الخارجية‬‫بموجب هذا األسلوب يتم تقدير وعاء الضريبة عن طريق االستناد إلى بعض املظاهر الخارجية ‪:‬‬
‫• كأن يؤخذ بعني االعتبار أساس القيمة التأجيرية ملنزل املكلف‬
‫• أو عدد النوافذ واألبواب بمنزله‬
‫• أو عدد كالب الحراسة إلخ‪.‬‬
‫فكلما ارتفع هذا العدد كلما اعتبر ذلك قرينة على ارتفاع دخل املكلف‪.‬‬
‫ولهذا األسلوب حسنات وسيئات ‪:‬‬
‫فمن حسناته ‪:‬‬
‫• اتصافه بالسهولة والبساطة وعدم التدخل في شؤون املكلف أو مضايقته باالطالع على دفاتر سجالته‪.‬‬
‫• بـاإلضـافـة لـكونـه يـؤدي النـخفاض مـعدالت التهـرب مـن الـضريـبة خـاصـة إذا مـا أحـسن اخـتيار املـظاهـر الـخارجـية‬
‫التي يعتمد عليها في التقدير‪.‬‬
‫أما سيئاته ‪:‬‬
‫• فــتمثل فــي أن درجــة الــتقديــر تــبقى مــنخفضة‪ ،‬إذ لــيس هــناك مــطابــقة مــطلقة بــني املــظاهــر الــخارجــية وقــيمة وعــاء‬
‫الـضريـبة‪ .‬فـالـشخص الـذي يـسكن إحـدى الـعقارات الـقديـمة ذات اإليـجار املـنخفض يـدفـع ضـريـبة أقـل نسـبيا مـع‬
‫أن دخله يفوق دخل شخص آخر يسكن في إحدى العقارات الجديدة ذات اإليجار املرتفع‪.‬‬
‫• مـن نـاحـية أخـرى‪ ،‬ال تـولـي هـذه الـطريـقة اهـتمامـا كـبيرا ألوضـاع وظـروف املـكلف الـعائـلية والـصحية واالجـتماعـية‬
‫مما يبعدها تماما عن طريق العدالة‪.‬‬
‫• فــقد يــصاب املــكلف بــخسارة فــي ســنة مــن الــسنوات لــكنه يــظل مــلتزم ـا ً بــأداء الــضريــبة وفــقا لــلمظاهــر الــخارجــية‬
‫وهــذا مــا يظهــر كــذلــك عــدم قــدرة هــذه الــضريــبة بــالــتكيف مــع الــتقلبات االقــتصاديــة‪ ،‬فــحصيلتها تــبقى غــير مــتميزة‬
‫باملرونة التلقائية‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫هـذه األسـباب مـجتمعة لـم تـشجع مـعظم الـدول عـلى اسـتخدامـها إال عـند تهـرب املـكلف مـن دفـع الـضريـبية وتـضمین تـصريـحه‬
‫مغالطات ومفارقات ال تتفق مع مظاهر عيشه وسكنه ونفقاته‪.‬‬
‫ أسلوب التقدير الجزافي‬‫ي ــقوم ه ــذا األس ــلوب ع ــلى ت ــقدي ــر وع ــاء ال ــضري ــبة ب ــناء ع ــلى ب ــعض ال ــقرائ ــن واألدل ــة ال ــتي ي ــفترض ارت ــباط ــها ب ــامل ــادة ال ــخاض ــعة‬
‫للضريبة‪.‬‬
‫فتلجأ اإلدارة الضريبية مثال ‪:‬‬
‫• إلى تقدير الربح التجاري للمكلف عن طريق رقم مبيعاته‪،‬‬
‫• أو قد تستدل على دخل الطبيب عن طريق عدد الساعات التي يعمل بها ‪ ...‬إلخ‬
‫قـد تـثار لـلوهـلة األولـى مـسألـة تـشابـه هـذا األسـلوب مـع أسـلوب املـظاهـر الـخارجـية خـصوصـا فـي االعـتماد عـلى الـقرائـن دون‬
‫الحقائق في تقدير الوعاء الضريبي‪.‬‬
‫بيد أن االختالف يتمثل في طبيعة نفسها ‪:‬‬
‫فـفي حـني أن الـعالقـة فـي طـريـقة املـظاهـر الـخارجـية تـبقي مـعدومـة بـني املـادة الـخاضـعة الـضريـبة والـقريـنة املتخـذة أسـاسـا‬
‫لــلتقديــر‪ ،‬فــإن هــذا االرتــباط فــي أســلوب الــتقديــر الجــزافــي يــكون عــلى أشــده‪ .‬إذ يــقوم هــذا األخــير عــلى قــرائــن ذات صــلة‬
‫وثيقة باملادة التي تخضع للضريبه‪ .‬فهو أكثر صدقا وأدق تعبيرا من طريقة املظاهر الخارجية‪.‬‬
‫ويتخذ أسلوب التقدير الجزافي صورتني رئيستني ‪ :‬قانوني واتفاقي‪.‬‬
‫• الـتقديـر الجـزافـي الـقانـونـي والـتقديـر الجـزافـي االتـفاقـي فـي الـصورة األولـى ‪ :‬يسـتند الـتقديـر عـلى بـعض الـقرائـن‬
‫الــتي يــرتــكز عــليها الــقانــون الــضريــبي الن ظــهورهــا يــؤدي حــتما لــوجــود الــوعــاء الــضريــبي‪ .‬مــع اإلشــارة إلــى أنــه ال‬
‫يمكن االعتراض على القرائن باعتبارها نصوص قانونية‪.‬‬
‫• أمــا الــصورة الــثانــية ‪ :‬فــيرتــكز الــتقديــر عــلى االتــفاق الــذي يــتم مــن جــراء االجــتماعــات واملــناقــشات الــتي تــدور بــني‬
‫مــندوبــي اإلدارة الــضريــبية واملــكلف‪ .‬وال شــك أن مــثل هــذا األمــر يــتطلب مــن الــفريــق األول الــخبرة واألمــانــة‪ ،‬ومــن‬
‫الـفريـق الـثانـي الـنزاهـة والـوعـي الـضريـبي‪ .‬وقـد بـقي هـذا األسـلوب قـليل الـشيوع بـالـنظر ألسـلوب الـتقديـر الجـزافـي‬
‫الـقانـونـي‪ ،‬هـذا‪ ،‬وال زالـت مـعظم الـدول ومـنها لـبنان تسـتخدم أسـلوب الـتقديـر الجـزافـي نـظرا ً لـسهولـته وقـلة تـكالـيف‬
‫جبايته وصعوبة قيام املكلف بإمساك دفاتر محاسبية منظمة لبعض النشاطات‪.‬‬
‫‪ -٢‬أسلوب التقدير بواسطة األشخاص‬
‫وتتم هذه الطريقة إما من قبل املكلف وإما من قبل شخص ثالث‪.‬‬
‫أ‪ -‬اإلقرار املقدم من قبل املكلف‬
‫قـد يـكون لهـذا األسـلوب بـعض الـنتائـج الـحسنة‪ ،‬إذ يـسمح لـنا بـالـوقـوف بـصورة صـحيحة عـلى جـميع املـعلومـات املـتعلقة بـوعـاء‬
‫الضريبة ألن املكلف نفسه هو الذي يقدم املعلومات‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫فــاملــكلف يــبقى فــي نــهايــة املــطاف أقــدر مــن اإلدارة عــلى إعــطاء بــعض الــتفاصــيل عــن حــالــته الــشخصية‪ ،‬والــتي يــصعب عــلى‬
‫اإلدارة اكتشافها‪ ،‬وهكذا يقترب هذا التقدير كثيرا ً من العدالة الضريبية‪.‬‬
‫إضافة إلى أنه يخفف من عمل اإلدارة التي تنصرف بمراقبة التصاريح املقدمة من قبل املكلفني‪.‬‬
‫لـكن حـسنات هـذه الـطريـقة قـد تـنقلب إلـى سـيئات فـي غـياب الـحس الـضريـبي والـوطـني إذ تـشوب املـعلومـات املـقدمـة مـغالـطات‬
‫وإقــرارات غــير صــحيحة‪ ،‬وهــذا مــا دفــع بــعض الــعامــلني فــي الــقطاع الــضريــبي إلــى اعــتماد اإلقــرار املــقدم مــن قــبل شــخص‬
‫ثالث‪.‬‬
‫ب ‪ -‬اإلقرار املقدم من قبل شخص ثالث‬
‫وخير مثال على هذا اإلقرار ‪:‬‬
‫• ما يقدمه صاحب العمل عن األجور واملرتبات التي يدفعها لكافة العاملني لديه‪.‬‬
‫• أو كالشركات التي تقدم إقرارا ً عن قيمة األرباح والفوائد املوزعة‪.‬‬
‫من ميزات هذه الطريقة ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫الحـد مـن وسـيلة التهـرب الـضريـبي‪ ،‬ألن الـشخص املـطالـب بـالـتصريـح لـيس لـه أيـة مـصلحة شـخصية فـي إخـفاء‬
‫املطرح الحقيقي للضريبة ما دام الغير هو املكلف بها‪،‬‬
‫‪-‬‬
‫هذا باإلضافة للعقوبات التي يمكن أن يتعرضون لها في حالة تواطئهم مع املكلف‪.‬‬
‫إال أنــنا نــرى أن هــذه الــطريــقة‪ ،‬وإن كــانــت صــالــحة لــإلبــالغ عــن بــعض أنــواع اإليــرادات‪ ،‬فــإنــها تــبقى عــاجــزة عــن اإلبــالغ عــن‬
‫إيرادات أخرى‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫فأرباح املشروعات الفردية‬
‫‪-‬‬
‫واملهن الحرة‬
‫‪-‬‬
‫واالستغالل الزراعي‬
‫‪-‬‬
‫والشركات‬
‫أمثلة صارخة عن بعض األوعية الضريبية التي ال يمكن تقديرها باالستناد إلقرارات الغير‪.‬‬
‫وبـالـرغـم مـن هـذه الـصعوبـات فـإن هـذه الـطريـقة تسهـل فـي كـثير مـن األحـيان بـالـحصول عـلى قـرائـن صـادقـة تـساهـم فـي زيـادة‬
‫دقــة الــتقديــر الــضريــبي‪ .‬وهــذا مــا حــمل لــينان عــلى األخــذ بــها وتــطبيقها بــالنســبة لــلضريــبة عــلى الــرواتــب واألجــور ومــعاشــات‬
‫التقاعد‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫الفصل الثالث ‪ -‬تحصيل الضريبة‬
‫هـو عـبارة عـن مجـموع الـعمليات الـتي تـقوم بـها اإلدارة املـالـية فـي سـبيل وضـع الـقوانـني واألنـظمة الـضريـبية مـوضـع الـتنفيذ ومـا‬
‫ينجم عن ذلك من إيصال حاصالت الضرائب لخزانة الدولة‪.‬‬
‫وكـانـت عـمليات الـتحصيل تـتم مـنذ فـترة بـعيدة عـن طـريـق الـتلزيـم‪ ،‬أي أن الـدولـة كـانـت تـعقد اتـفاقـا مـع أحـد األشـخاص عـلى‬
‫أن يتولى التحصيل لحسابه الخاص وبمساعدة اإلدارة لقاء مبلغ مقطوع للخزينة‪.‬‬
‫لـكن سـيئات هـذه الـطريـقة الـتي تـؤدي فـي أكـثر األحـيان إلـى إسـاءة اسـتعمال السـلطة ومـا ينجـم عـنها مـن ضـياع أمـوال كـثيرة‬
‫ع ــلى الخ ــزي ــنة‪ ،‬ح ــمل م ــعظم ال ــدول ع ــلى اإلق ــالع ع ــن ت ــطبيق ه ــذه ال ــطري ــقة مل ــصلحة ط ــرق أخ ــرى م ــصحوب ــة ب ــضمان ــات أك ــيدة‬
‫للتحصيل‪.‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬طرق التحصيل‬
‫ت ــتعدد ه ــذه ال ــطرق وت ــتنوع‪ .‬ف ــإذا ب ــقي ه ــذا ال ــتحصيل ف ــي غ ــال ــب األح ــيان ع ــفوي ـاً‪ ،‬ف ــإن ال ي ــمكن أن ي ــتم إال ب ــعد س ــلسلة م ــن‬
‫العمليات التي تقوم بها اإلدارات الضريبية املختصة والتي يجبر بها املكلف على دفع الضريبة‪.‬‬
‫هــدف هــذه الــعمليات جــميعها إتــاحــة الــفرصــة لــإلدارة الــضريــبية الســتيفاء ديــنها الــضريــبي‪ .‬ويــمكننا تــقسيم الــتحصيل إلــى‬
‫ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫‪ -١‬أسلوب الوفاء املباشر‬
‫بعد تحديد دين الضريبة‪ ،‬تخطر اإلدارة الضربية املكلف ‪:‬‬
‫• بمقدار الضريبة املستحقة عليه‬
‫• وميعاد الدفع‬
‫• واإلجراءات التي يجب اتباعها‪.‬‬
‫وعلى املكلف القيام بهذا الدفع للجهة املختصة وفي املواعيد املذكورة‪.‬‬
‫وقـد يـتم الـوفـاء املـباشـر كـذلـك عـندمـا يـقوم املـكلف بـلصق طـوابـع الـدمـغة عـلى الـعقود والـشهادات واملحـررات الـتي يـريـد الـقيام‬
‫بها‪.‬‬
‫وهذه الطريقة تريح املكلف والخزينة معا‪ ،‬خصوصا وأن الدفع يكون هنا مسبقا‪.‬‬
‫وتجـدر اإلشـارة إلـى أنـه ال يـمكن لـلمكلف أن يـطلب إجـراء املـقاصـة بـین مـا يـترتـب عـليه مـن ضـرائـب ورسـوم وبـني مـا يسـتحق لـه‬
‫على الخزينة من دين وعلى العكس‪.‬‬
‫و تــفسیر ذلــك يــعود إلــى مــبادئ الــقانــون الــعام الــذي يــمنع كــل طــرق الــتنفيذ الــجبري بــوجــه الــدولــة‪ .‬فــلها وحــدهــا حــق احــتكار‬
‫القوة العامة‪ ،‬وال يجوز بالتالي أن نستعمل اإلكراه بوجهها‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪ -٢‬أسلوب األقساط املقدمة‬
‫ل ــتفادي ك ــل ت ــأخ ــير ف ــي دف ــع ال ــضري ــبة ت ــلجأ م ــعظم تش ــري ــعات ال ــدول إل ــى ال ــطلب امل ــكلف ل ــيقوم ب ــدف ــع مس ــبق ال ــذي يحس ــب‬
‫بــاالســتناد لــرقــم الــتكليف الــذي دفــعه فــي الــسنة الــسابــقة وتــتولــى اإلدارة الــضريــبية فــي نــهايــة الــعام اتــخاذ إجــراءات الــربــط‬
‫وتحديد دین الضريبة‪.‬‬
‫ثم تقوم بعدها بعملية التسوية على أساس ما دفعه من أقساط أثناء السنة ‪:‬‬
‫• فتطالبه بدفع ما تبقى عليه‬
‫• أو ترد ما زاد عن قيمة الضريبة‬
‫• أو ترحل هذا املبلغ كقسط مقدم تحت حساب الضريبة‪.‬‬
‫وق ــد يتخ ــذ ه ــذا األس ــلوب ف ــي ب ــعض ال ــدول ش ــكل إص ــدار س ــندات ش ــهادات ض ــري ــبية ب ــقيم ن ــقدي ــة م ــختلفة ت ــباع ع ــلى م ــدار‬
‫السنة‪.‬‬
‫واملكلفون يقدمون اختياريا ً على شرائها في األوقات التي يرغبون بها‪.‬‬
‫وعــند تحــديــد ديــن الــضريــبة املســتحقة فــي نــهايــة الــعام يــقوم املــكلف بــتقديــم هــذه الــشهادات املشــتراة لــإلدارة الــضريــبية وفــاء‬
‫لدين الضريبة وتسوية لحسابه على هذا األساس‪.‬‬
‫وتـشجيعا لهـذه الـطريـقة تـلجأ بـعض الـدول إلصـدار هـذه الـشهادات بـقيمة أقـل مـن قـيمتها االسـمية عـلى أن يـتم تـسويـتها فـي‬
‫حسابات الضريبة بهذه القيمة )االسمية(‪.‬‬
‫خـالصـة الـقول‪ ،‬إن الـعمل بهـذه الـطريـقة يـتيح لـلدولـة سـداد احـتياجـاتـها بـدال مـن انـتظار نـهايـة الـسنة املـالـية‪ ،‬كـما أنـها‬
‫قد تسهل من أمر تأدية الضرائب التي تصبح بمنأى عن كل وسائل التحايل والتهرب‪.‬‬
‫‪ -٣‬أسلوب الحجز عند املنبع‬
‫بـمجب هـذا األسـلوب يـتم دفـع الـضريـبة مـن قـبل شـخص آخـر غـير املـكلف‪ ،‬وعـادة يـكون هـذا الـشخص هـو املـديـن‪ ،‬فـهو يـدفـع‬
‫مقدار التكليف لإلدارة الضريبية على أن يحجزه من املبلغ املدفوع للمستفيد من الدخل الذي هو املكلف‪.‬‬
‫ولــكي يــتم تــطبيق هــذا األســلوب يــجب أن يــكون هــناك عــالقــة تــبعية بــني الــشخص املــولــج بــتحصيل الــضريــبة واملــكلف‪ ،‬كــحالــة‬
‫املـوظـف أو املسـتخدم الـلذيـن يـصبحان عـندمـا يـحني مـوعـد دفـع مـرتـباتـهما دائـنني بـراتـبيهما للشـركـة أو لـلمؤسـسة الـتي يـعمالن‬
‫بها‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فتقوم هذه األخيرة بتسليم املوظف مرتبه الصافي بعد حسم الضريبة وتوريد حصيلتها الدولة‪.‬‬
‫ويـتميز هـذا األسـلوب بـسهولـة وسـرعـة الـتحصيل وعـدم إمـكانـية التهـرب مـنه‪ ،‬وذلـك عـائـد بـالـطبع إلـى أن تـحصيل الـضريـبة يـتم‬
‫قبل أن يحصل املكلف نفسه على املادة الخاضعة للضريبة‪.‬‬
‫مـن نـاحـية ثـانـية‪ ،‬تـتميز هـذه الـطريـقة بـاالقـتصاد بـالـنفقات الـذي تـوفـره هـذه الـضريـبة‪ ،‬خـصوصـا وأن الـشخص الـذي يـحصلها‬
‫ويوردها للخزينة ال يتقاضى في غالب األحيان أي أجر لقاء قيامه بذلك‪.‬‬
‫لـكن الـعيب الـرئـيسي لهـذه الـطريـقة يـتلخص فـي أن املـكلف ال يـشعر بـوقـع هـذه الـضريـبة وبـالـتالـي ال يـكترث بـمراقـبة الـنشاط‬
‫الحكومي يضعف الحس الوطني عنده‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫كـما أن عـيب هـذا األسـلوب قـد يـكمن فـي اعـتماده عـلى شـخص مـن غـير مـوظـفي اإلدارة الـضريـبية‪ ،‬مـن الـذيـن ال تـتوافـر فـيهم‬
‫اإلملام الكافي بأحكام القانون الضريبي والكفاءة الالزمة‪.‬‬
‫=< هذا األمر قد يفضي إلى خطأ في تفسير وتطبيق بعض البنود مما يفوت على الخزانة مبالغ معينة‪.‬‬
‫لـكن حـسنات هـذا األسـلوب هـي أكـثر مـن سـيئاتـه‪ ،‬مـما حـمل مـعظم الـدول عـلى إعـتماده‪ ،‬وإلـى الـتوسـع فـي تـطبيقه‪ .‬وقـد أخـذ‬
‫بهـذه الـطريـقة الـنظام الـضريـبي الـلبنانـي فـي تـحصيل ضـرائـب الـقيم املـنقولـة وكسـب الـعمل‪ .‬مـن نـاحـية أخـرى‪ ،‬إن إتـباع مـثل‬
‫هذه األساليب قد يزيد من ضمانات التحصيل‪ ،‬فكيف تتجلى هذه الضمانات ؟‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬ضمانات تحصيل الضريبة‬
‫مــن املــتعارف عــليه أن قــوانــني الــضرائــب تــتضمن عــادة ضــمانــات عــديــدة لــضمان عــدم ضــياع حــق الخــزيــنة واســتيفائــه بســرعــة‬
‫وبدون مشقة‪.‬‬
‫وتجنبا لعدم ضياع هذا الحق سمح املشرع باللجوء إلى التحصيل الجبري وإلى إعطاء ضمانات للخزينة‪.‬‬
‫فــاإلدارة الــضريــبية تــتمتع بــمزايــا الســلطة الــعامــة‪ ،‬وهــذا مــا يــسمح لــها بــمالحــقة كــل مــكلف عــاص عــن الــدفــع‪ .‬وهــذه املــالحــقة‬
‫معفاة من الشكليات التي يخضع لها الدائنون العاديون ‪.‬‬
‫كـما أن هـذه اإلدارة تسـتفيد مـن االمـتياز الـذي يـعطي لـديـن الـدولـة الـناشئ عـن الـضرائـب بـالنسـبة لـلديـون األخـرى‪ .‬وهـذا مـا‬
‫يعفيها من طلب تدخل املحاكم لتتمم تحصيل ديونها‪.‬‬
‫إن طرق التحصيل الجبري تبرز على شكل وجهني ‪ :‬وجه إداري وآخر قضائي‪.‬‬
‫‪ -١‬الوجه اإلداري‬
‫ويبدأ من تاريخ تقديم اإلنذار للمكلف ويكون متضمنا ً املبلغ الذي يتوجب عليه دفعه وتاريخ هذا الدفع‪.‬‬
‫وإذا لـم يـذعـن املـكلف لهـذا اإلنـذار يـحق لـإلدارة الـضريـبية نـفسها الـلجوء إلـى املـالحـقات مـن دون حـاجـة لـلمرور عـبر املـحاكـم‪.‬‬
‫وهذا ما يعجل في تطبيق الوجه القضائي‪.‬‬
‫‪ -٢‬الوجه القضائي‬
‫ويـبدأ هـذا الـوجـه عـندمـا تتخـذ اإلدارة الـضريـبية املـبادرة فـي املـالحـقات بـواسـطة مـحضري الخـزيـنة الـذيـن يـقومـون بـنفس دور‬
‫محضري العدلية فيما يتعلق بالضرائب املباشرة‪.‬‬
‫وقـد حـرص املشـترع عـلى إعـطاء ديـن الخـزيـنة حـق امـتياز مـن الـدرجـة األولـى عـلى جـميع أمـوال املـكلف املـنقولـة أم غـير املـنقولـة‬
‫حتى استيفاء الدين‪.‬‬
‫ويعفی هذا االمتياز من القيد في السجل العقاري فيما يتعلق بالعقارات‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك يمكن أن يلغي التأمني الجبري على العقارات التابعة للمكلف وفقا لقانون امللكية العقارية‪.‬‬
‫كــما أنــه يحــظر عــلى كــافــة الــدوائــر الــعقاريــة إجــراء أيــة مــعامــلة انــتقال أو إفــراز أو تــأمــني عــلى عــقار قــبل أن يــثبت صــاحــبه أنــه‬
‫سدد کامل الضرائب املتوجبة على هذا العقار‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫ومن البديهي أن هذا الحظر يقتصر فقط على العقارات التي يترتب عليها ضرائب دون غيرها من عقارات املكلف األخرى‪.‬‬
‫إلى جانب هذه الضمانات اتبع املشرع سياسة تهدف لتخفيض مهل الدفع وذلك لسببني ‪:‬‬
‫• األول ناجم عن حاجة الخزينة للمال والتي ال تسمح لها باالنتظار طويال لتحصيل ديونها‪.‬‬
‫• والثاني يهدف إلى درء كل ضرر مادي قد يلحق بها من جراء تخفيض لقيمة العملة‪.‬‬
‫هذا وقد أوجب القانون اللبناني على املمول )املكلف( أن يدفع الضريبة في خالل مدة شهرين ‪:‬‬
‫• من تاريخ نشر اإلعالن العام في الجريدة الرسمية‪،‬‬
‫• أو من تاريخ التبليغ الفردي‬
‫تحت طائلة غرامة قدرها واحد باملائة عن كل شهر تأخير‪ ،‬على أن يعتبر كسر الشهر شهرا كامال‪.‬‬
‫أمـا فـيما يـتعلق بـشكل الـدفـع بـاملـقاصـة‪ ،‬فـإنـه ال يـحق لـلمكلف الـلجوء إلـيها‪ .‬وهـذا املـبدأ مـكرس فـي الـقانـون الـعام والـذي يـمنع‬
‫كل تنفيذ جبري ضد الدولة باعتبارها مصدر السلطات العامة‪ ،‬وبالتالي من غير املعقول اللجوء الستعمال اإلكراه ضدها‪.‬‬
‫مــن نــاحــية أخــرى قــد يــكون للمحتســب املــختص الــحق فــي الــطلب مــن اآلمــر بــالــصرف بــأن يــقتطع مــا يــترتــب عــلى املــكلف مــن‬
‫ضرائب ورسوم من أصل ما قد يستحق له على الخزينة من ديون‪.‬‬
‫ك ــما أن االع ــتراض ع ــلى ال ــتكليف أو ع ــلى إج ــراءات ال ــتنفيذ ال ي ــوق ــف ال ــتحصيل س ــواء ك ــان امل ــرج ــع امل ــقدم إل ــيه االع ــتراض‬
‫قضائيا ً أم إداريا ً‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫الفصل الرابع ‪ -‬التهرب من الضريبة‬
‫مـن الـطبيعي أن تـتمثل ردة فـعل املـكلف عـلى الـوسـائـل الـتي تسـتعملها اإلدارة الـضريـبية الـتحصيل الـواردات بـمحاوالت كـثيرة‬
‫لتفادي عملية اقتطاع وارداته أو اإلنقاص من حجمه‪ ،‬وهذا ما اصطلح على تسميته بالتهرب من الضريبة‪.‬‬
‫ودرجت العادة على تقسيم التهرب إلى نوعني ‪:‬‬
‫النوع األول ‪ :‬تهرب مشروع يمكن تسميته بتجنب الضريبة‪.‬‬
‫وب ــموج ــبه ي ــتمكن ب ــعض امل ــكلفني م ــن اس ــتغالل ب ــعض ال ــثغرات ال ــتي ال يخ ــلو م ــنها التش ــري ــع ال ــضري ــبي للتخ ــلص م ــن دف ــع‬
‫الضريبة املستحقة أو جانب منها‪.‬‬
‫النوع الثاني ‪ :‬هو تهرب غير مشروع ويسمى عادة بالغش الضريبي‪.‬‬
‫• ويـبرز حـني يـعمد بـعض املـكلفني إلتـباع بـعض أسـالـيب الـغش والخـداع‪ ،‬مـخالـفني بـذلـك أحـكام التشـريـع الـضريـبي‬
‫بقصد تخفيض القيمة الحقيقية لبعض عناصر أوعية الضرائب‬
‫• أو زيادة األعباء الواجبة الحسم عند تقديم إقرارات الضرائب قبل ربطها‪،‬‬
‫• أو إخفاء أموالهم بشكل ال يسمح بعدها لإلدارة الضريبية بجباية قيمة الضرائب التي سبق ربطها عليهم‪.‬‬
‫إن ظاهرة التهرب تؤدي إلى إحداث نتائج خطيرة على جميع األصعدة ؛‬
‫ف ــمن ن ــاح ــية ال ــعدال ــة‪ ،‬ق ــد ت ــؤدي ه ــذه ال ــظاه ــرة إل ــى ان ــعدام اع ــتدال ال ــنظام ال ــضري ــبي ب ــحيث ي ــسمح ل ــبعض امل ــكلفني ب ــتجنب‬
‫األعباء الضريبية في حني يرزح تحت ثقلها مكلفون آخرون‪.‬‬
‫وهــذا ال بــد مــن أن يــترك أثــرا ً ســلبيا ً عــلى املــداخــيل الــضريــبية بــحيث تــخف هــذه املــداخــيل وتــشح‪ ،‬فتخســر الخــزيــنة أمــواال قــد‬
‫تكون بحاجة ماسة إليها‪.‬‬
‫وأخـيرا قـد يـؤدي التهـرب مـن الـضريـبة إلـى إحـداث خـلل فـي كـل مـنافـسة اقـتصاديـة‪ .‬إذ أن تـزاحـم مشـروعـني يـفضي حـتما إلـى‬
‫ان ــتصار املش ــروع ال ــذي ي ــنجح ف ــي الته ــرب م ــن ال ــضري ــبة ب ــدال م ــن أن ي ــكون ه ــذا االن ــتصار م ــرت ــكزا ً ع ــلى االن ــتاج ــية وال ــتي ال‬
‫تتكرس إال باملنافسة الحرة‪.‬‬
‫أمـام هـذه الـظاهـرة الخـطرة‪ ،‬يـنبغي عـلينا أن نـفتش عـن االسـباب الـتي تـدفـع إلـى التهـرب‪ ،‬ثـم الـتوسـع فـي تحـليل هـذه‬
‫الظاهرة‪ ،‬وأخيراً‪ ،‬املساهمة في محاولة وضع عالج لها‪.‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬أسباب التهرب من الضريبة‬
‫التهــرب مــن الــضريــبة هــو مــن الــظواهــر الــعامــة الــتي يــصعب قــياســها‪ ،‬إذ يــكاد ال يخــلو أي نــظام ضــريــبي مــن هــذه الــظاهــرة‬
‫سواء كان ذلك في بلد متخلف أم متقدم‪.‬‬
‫فـفي لـبنان مـثال تـشير مـعظم الـدراسـات والـتقاريـر املـختصة بـالـنظام الـضريـبي‪ ،‬إلـى أن التهـرب مـن الـضريـبة يـتعدى عـتبة ال‬
‫‪ ، ٪٩٠‬أما في فرنسا فيصل إلى حدود ال ‪. ٪٢٥‬‬
‫ومهما يكن من أمر هذا االتساع الكبير للتهرب الضريبي فإنه ينبغي علينا التفتيش عن أسبابه ضمن أربع اتجاهات ‪:‬‬
‫‪22‬‬
‫‪ -١‬أسباب أخالقية‬
‫ونــعني بــها ضــعف الــحس املــالــي كــواجــب اجــتماعــي عــند بــعض املــكلفني‪ ،‬إذ يــعتقدون فــي قــرارة أنــفسهم بــأن ســرقــة اإلدارة‬
‫الضريبية ليست بسرقة‪ ،‬وإنما رياضة وطنية تدل على فطنة وذكاء‪.‬‬
‫وهـذا الـتقصير بـاملـساهـمة بـأمـانـة فـي األعـباء الـعامـة يـمكن أن نـعزوه إلـى املـيل الـعام عـند أغـلبية الـشعوب ‪ -‬ال سـيما الـشعب‬
‫اللبناني ‪ -‬إلى عدم الخضوع للقانون‪ ،‬ال بل السعي الدائم إلى وضع العراقيل أمامه حتى يتعذر تنفيذه‪.‬‬
‫من ناحية ثانية ‪ ،‬يمكن أن نرجع أسباب عدم احترام القانون املالي إلى طبيعته التي تختلف كثيرة عن القوانني األخرى‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫ف ــال ــقان ــون ب ــوج ــه ع ــام ب ــتصف ع ــادة ب ــال ــشمول ــية‪ ،‬ب ــاالس ــتمراري ــة و ب ــال ــنزاه ــة‪ .‬وه ــذا م ــا ي ــتيح ل ــه ت ــدارك األس ــال ــيب‬
‫ال ــتعسفية م ــؤم ــنا ً ال ــعدال ــة ب ــواس ــطة ق ــواع ــد مج ــردة ودائ ــمة‪ .‬ف ــال ــذي ي ــحاول ت ــعكير ص ــفو ال ــنظام ال ــقائ ــم ي ــصبح‬
‫أوتوماتيكيا ً مواطنا غير صالح ويخضع بالتالي للعقوبة‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫أما القانون املالي فهو يفتقر لهذه الصفات الثالث‪.‬‬
‫• فـهو لـيس شـامـالً‪ ،‬ألنـه يـحاول دائـما الـتوفـيق بـني األعـباء الـضريـبية والـوضـعية الـفرديـة لـكل مـكلف ؛ أضـف‬
‫إلــى ذلــك ســياســة تــشجيع االســتثمارات ومــا تجــده فــي تــخفيف الــوقــع الــضريــبة مــما يــضعف كــثيرا مــن‬
‫نطاق شمولية القانون‪.‬‬
‫• أمــا مــن نــاحــية االســتمراريــة‪ ،‬فــإن الــقانــون املــالــي يــفتقر إلــيها فــي الــكثير مــن األحــيان نــظرا لــكثرة تــبدلــه‬
‫وتصحيحه تبعا للمتغيرات االقتصادية واالجتماعية مما يحد كثيرا من اعتباره وتأثيره‪.‬‬
‫• وأخـيرا‪ ،‬فـإن هـذا الـقانـون يـفتقر أيـضا لـلنزاهـة‪ ،‬وهـذا راجـع إلـى أن تـطبيقه يـتم لـحساب الـدولـة ”الـقويـة“‬
‫مـما يـعمق الـهوة بـينها وبـني املـكلف ”الـضعيف“‪ .‬وعـليه ‪ ،‬فـإن هـذا األخـير ال يـعترف لـها بـدورهـا كمشـرع‪،‬‬
‫وإنــما كــدائــن قــوي يــحاول اســتقطاع الــضرائــب بــالــقوة‪ .‬وقــد يتخــذ هــذا االقــتناع بــعدا ً مــهماً‪ ،‬خــصوصــا‬
‫إذا ك ــان ال ــفساد مس ــتشري ـا ً ف ــي ارج ــاء ه ــذه ال ــدول ــة م ــما يح ــمل امل ــكلف ع ــلى م ــحاول ــة التخ ــلص م ــن ه ــذا‬
‫الـطغيان الـذي يهـدد مـوارده بـطرق غـير شـرعـية‪ ،‬وهـذا مـا يحـملنا عـلى إثـارة األسـباب الـسياسـية للتهـرب‬
‫من الضريبة‪.‬‬
‫‪ - ٢‬األسباب السياسية‬
‫إن تــطور الــضريــبة وتخــطيها لــلدور املــالــي ملــياديــن جــديــدة اقــتصاديــة واجــتماعــية قــد تــدفــع جــميع املــتضرريــن مــن هــذا الــدور‬
‫الجديد للوقوف أمامها أو محاولة التهرب منها‪.‬‬
‫فـعندمـا تتخـد الـضريـبة كـأداة لـتطبيق سـياسـة اجـتماعـية واقـتصاديـة مـعينة يـظن مـن يتحـملها بـأنـه مضطهـد مـن قـبل أصـحاب‬
‫هـذه الـسياسـة‪ ،‬فيتخـذ مـن التهـرب مـن الـضريـبة وسـيلة ملـقاومـة هـذه الـسياسـة‪ .‬وتـبلغ هـذه املـقاومـة أشـدهـا عـندمـا تـنعدم الـثقة‬
‫بالحاكم‪.‬‬
‫وال ــتاري ــخ امل ــال ــي أث ــبت ب ــأن ال ــطبقات ال ــتي تتس ــلم زم ــام الس ــلطة ل ــم تس ــتطع ال ــصمود أم ــام م ــحاوالت دف ــع األع ــباء ال ــضري ــبية‬
‫باتجاه الطبقات االجتماعية األخرى‪ ،‬فالضريبة والحالة هذه لم تعد مقبولة من قبل الجميع‪ ،‬بل مصادرة من قبل القوي‪.‬‬
‫وه ــكذا ي ــصبح الته ــرب م ــن ال ــضري ــبة ح ــاج ــة م ــلحة مل ــكاف ــحة ط ــغيان ال ــحاك ــم ووق ــف ه ــذه االي ــدي ــول ــوج ــية ال ــضري ــبية ال ــغير ق ــاب ــلة‬
‫للمناقشة أو الجائرة‪.‬‬
‫واملشرع ال يستطيع بعد اآلن االعتماد على استقامة املكلف بعد أن تجاوزها هو بنفسه‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫أمــام هــذه الــحالــة ال يــبقى أمــام املــكلف ”املســتغل“ و "املــغبون" إال اســتعمال جــميع الــطرق للتهــرب مــن الــضريــبة‪ ،‬وتــغدو هــذه‬
‫األساليب ال مفر منها إذا توفرت لديه كذلك أسباب اقتصادية معينة‪.‬‬
‫‪ -٣‬األسباب االقتصادية‬
‫تتأرجح األسباب االقتصادية للتهرب من الضريبية حول نقطتني ‪:‬‬
‫ األولى وتركز على وضعية املكلف االقتصادية وتأثيرها على عملية دفع الضريبة‪.‬‬‫ الثانية وتقوم على دور األحوال االقتصادية التي تحيط باملكلف‪.‬‬‫فـفي الـوضـعية األولـى‪ ،‬ال بـد لـلمكلف مـن الـلجوء إلـى الـضريـبة عـندمـا يـتأكـد مـن أن األربـاح الـتي سـيجنيها مـن التهـرب سـوف‬
‫ت ــعوض ل ــه ال ــعوائ ــق ال ــتي س ــتلحق ب ــه‪ .‬وف ــي أك ــثر األح ــيان ت ــكون ه ــذه األرب ــاح ك ــبيرة خ ــصوص ــا ع ــندم ــا ي ــكون س ــعر ال ــضري ــبة‬
‫مرتفعا ً بعض الشيء‪.‬‬
‫وفي الوضعية الثانية ‪ ،‬تلعب األحوال االقتصادية العامة دورا ً كبيرا ً في دفع أو عدم دفع الضريبة‪.‬‬
‫فـاملـكلف الـذي يجـد نـفسه وسـط وضـعية اقـتصاديـة مـزدهـرة يـدفـع الـضريـبة عـن طـيبة خـاطـر‪ .‬ألن هـذا االزدهـار يـوفـر لـه الـكثير‬
‫من األرباح والتي تفوق بكثير ما قد يدفعه إلى اإلدارة الضريبية‪.‬‬
‫لـكنه إذا ملـس بـأن الـحالـة االقـتصاديـة الـعامـة تـمر بـمرحـلة صـعبة‪ ،‬فـهو سـيحاول بـالـطبع التهـرب مـن الـضريـبة تـجنبا لـتعريـض‬
‫مشروعه لالندثار خصوصا إذا دفع كل ما يتوجب عليه‪.‬‬
‫فالتهرب من الضريبة يعتبر هنا وحسب اعتقاده‪ ،‬خير منقذ وأهون سبيل املحافظة على ممتلكاته‪.‬‬
‫فــفي أوقــات الــنمو االقــتصادي‪ ،‬ال يــمكن لــلمكلف مجــرد الــتفكير فــي التهــرب مــن الــضريــبية‪ ،‬وهــذا عــائــد بــالــطبع إلــى ســهولــة‬
‫تحميل الضريبة اآلخرين‪.‬‬
‫لـكن عـندمـا تحـل األزمـات االقـتصاديـة وتـلجأ الـحكومـة إلـى الـتدخـل وإقـامـة نـظام الـحصص للسـلع يـزدهـر الـغش الـضريـبي ؛‬
‫وتـفسير ذلـك عـائـد إلـى أن إخـضاع الـسوق لـنظام مـعني يـؤدي حـتما إلـى إقـامـة سـوق مـوازي لـألول غـير شـرعـي‪ ،‬وسـري‪ .‬وهـذا‬
‫يعني أن كل عمليات هذا السوق تبقى بعيدة كل البعد عن دائرة االقتطاع الضريبي‪.‬‬
‫وتجـدر اإلشـارة إلـى أن الـغش الـضريـبي بـدأ يـتطور ويـأخـذ أشـكاال عـديـدة‪ ،‬السـيما مـع ظـهور الشـركـات املـتعددة الـجنسيات‪،‬‬
‫خـصوصـا وأن مـراقـبي الـضرائـب يجـدون أنـفسهم فـي أغـلب األحـيان مـن غـير سـلطة إلجـراء مـراقـبة أربـاح هـذه الشـركـات الـتي‬
‫تتعدى أراضي دولتهم‪.‬‬
‫وبـالـرغـم مـن أن االتـفاقـيات الـضريـبية تـعمل عـلى مـحاربـة هـذه اآلفـة إال أنـها مـا زالـت غـير كـافـية للحـد مـن هـذا التهـرب الـعاملـي‪.‬‬
‫وهذا ما يحملنا على إثارة األسباب التقنية للتهرب من الضريبة‪.‬‬
‫‪ -٤‬األسباب التقنية‬
‫يمكن حصر هذه األسباب التقنية بسبب واحد يتلخص في التعقيدات التي تغلف النظام الضريبي‪.‬‬
‫فـتطور الـنظام الـضريـبي وتـداخـله فـي جـميع املـياديـن أحـاطـه بسـلسلة مـن الـتعقيدات الـتي يـصعب حـلها حـتى عـلى مـوظـفي‬
‫الضرائب‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫فبالرغم من ازدياد تقنية النظام الضريبي بقي املكلف يتهرب من الضريبة دون أن يخالف القانون في بعض األحيان‪.‬‬
‫• فـعندمـا كـنا نـعتمد عـلى املـظاهـر الـخارجـية لـلثروة لـتقديـر الـوعـاء الـضريـبي كـان التهـرب يـضيق نـظرا ً لـقدرة رجـال‬
‫الضرائب على رؤية ومراقبة هذه املظاهر الخارجية‪.‬‬
‫• ولـكن عـندمـا بـدأنـا تـحت تـأثـير عـوامـل مـختلفة نعهـد إلـى املـكلف نـفسه بـضرورة إجـراء الـتصريـح عـن دخـله لـدائـرة‬
‫الـضريـبة‪ ،‬بـدأت أسـهم التهـرب بـاالرتـفاع‪ ،‬فـضال عـلى أن مـراقـبة تـصاريـح بـعض املـكلفني تـغدو صـعبة خـصوصـا‬
‫إذا كان ذلك يتعلق بمداخيل مهن غير تجارية التي تطلب في بعض األحيان حق االنتفاع من السرية املهنية‪.‬‬
‫كــذلــك إن الــتفاوت فــي الــتعرفــة الــضريــبية بــني فــئة مــن الســلع وأخــرى قــد قــلل مــن مــهمة اإلدارة الــضريــبية‪ ،‬مــما ســمح لــلمكلف‬
‫بتمرير رعاءه الضريبي في فئة من الفئات ذات التعرفة البسيطة‪.‬‬
‫وأخــيراً‪ ،‬نشهــد حــالــيا ً اإلكــثار مــن املــصروفــات الــضريــبية والــتي تــتمثل عــادة فــي اســتعمال وســائــل اســتثنائــية لــتنمية قــطاعــات‬
‫اقتصادية واجتماعية معينة‪.‬‬
‫إن اإلك ــثار واإلس ــراف م ــن اس ــتعمال ه ــذه ال ــوس ــائ ــل ج ــعلها م ــصدر ته ــرب ض ــري ــبي ع ــلى ن ــطاق واس ــع‪ ،‬وت ــحاي ــال ع ــلى إرادة‬
‫املشرع الذي لم يتناول قط مسألة توسيعها‪.‬‬
‫وهــكذا أدت تــعقيدات الــنظام الــضريــبي إلــى تــجنب الــضريــبة مــن دون الــوقــوع تــحت طــائــلة الــعقوبــة‪ ،‬وهــذا عــائــد بــالــطبع إلــى‬
‫املظاهر التي اتخذتها حالة التهرب من الضريبة‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫املبحث الثاني ‪ :‬مظاهر التهرب من الضريبة‬
‫يتخذ التهرب الضريبة عادة شكلني رئيسني ‪:‬‬
‫‪ -١‬الغش الضريبي‬
‫الغش الضريبي هو انتهاك مباشر وقصدي للقانون الضريبي وله أشكال كثيرة منها ‪:‬‬
‫• إغفال متعمد للتصريح عن الضريبية‬
‫• إخفاء متعمد للوعاء الضريبي‬
‫• الظهور بمظهر املعثر وعدم القدرة على الدفع‬
‫• إبراز مستندات وهمية للمحاسبة… الخ‬
‫هذه األشكال تحملنا على تقسيم الغش الضريبي إلى أربعة نماذج ‪:‬‬
‫أ‪ -‬االخفاء املادي‬
‫االخــفاء املــادي لــلشيء الــخاضــع لــلضريــبة هــو الــشكل الــصارخ لهــذا الــغش‪ ،‬كــمثل الــتاجــر الــذي يــخفي قــسما ً مــن بــضائــعه‬
‫التي استوردها لكي يتفادى الضرائب الجمركية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬اإلخفاء املحاسبي‬
‫نـظرا ألن بـعض الـضرائـب تـفرض بـموجـب إعـالن صـادر عـن املـكلف‪ ،‬فـإن هـذا األخـير يـلجأ فـي بـعض األحـيان لهـذا الـنوع مـن‬
‫الغش إلخفاء القسم األكبر من أرباحه‪.‬‬
‫إذ غالبا ما يكون للتاجر حسابان ‪:‬‬
‫• حساب يرسله لإلدارة الضريبية ويحوي الشيء موضوع الضريبة‬
‫• وحساب آخر تجاري يوضح حقيقة عملياته التجارية‬
‫فـي الـحساب األول يـمكن لـلمكلف الـتاجـر أن يـثقله بـمختلف الـنفقات الـشخصية الـتي يـنرلـها عـادة تـحت عـنوان نـفقات عـامـة‪،‬‬
‫أو قد تلجأ بعض الشركات إلى إخفاء أرباحها تحت شكل االستهالك‪ ،‬أو بصورة رصيد تحت شكل احتياطي‪.‬‬
‫ج ‪ -‬التكييف الخاطئ‬
‫وهذا النوع من الغش يهدف إلى تمويه واقعة فعلية وراء وضعية قانونية ظاهرة ‪:‬‬
‫• كــمثل املســتثمر الــفعلي لــلمؤســسة الــذي يســتتر وراء رجــل ال وجــود فــعلي لــه ‪ Homme de paille‬يظهــر وكــأنــه‬
‫هو الذي يستثمر هذه املؤسسة‪.‬‬
‫• أو كاللجوء إلى تمويه مشاركة دون أن يدفع الثمن أبدا ً‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫ص ــحيح أن ب ــاس ــتطاع ــة اإلدارة ال ــضري ــبية ال ــوق ــوف ع ــلى ح ــقيقة اإلل ــتزام‪ ،‬ول ــكن إذا ت ــجاوزت ه ــذه األم ــور الح ــد امل ــعقول‪ ،‬ه ــل‬
‫باستطاعتها وضع حد لها أو أن الزمام سيفلت من يدها في كثير من القضايا ؟‬
‫د ‪ -‬قرينة الغش‬
‫وتتلخص هذه الحالة في معرفة عما إذا كان إخفاء الشيء موضوع الضريبة تم عن قصاد أو عن غير قصد‪.‬‬
‫واإلدارة الضريبية ستقمع ذلك في كال الحالتني ‪:‬‬
‫• فاملكلف الذي نسي أن يقدم تصريحه سيعاقب حتى ولو لم يكن يقصد ذلك‪.‬‬
‫• وم ــال ــك ال ــبضاع ــة امل ــوج ــودة ف ــي امل ــناط ــق الح ــرة وال ــتي ل ــم تس ــدد ع ــنها ال ــرس ــوم الج ــمرك ــية ب ــعد‪ ،‬ت ــعتبر أن ــها دخ ــلت‬
‫األراضي الوطنية بغير وجه شرعي ويعاقب صاحبها كذلك‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فاملكلف معرض للعقوبات‪ ،‬وإن خرق عن غير قصد القانون الضريبي‪.‬‬
‫م ــن ن ــاح ــية أخ ــرى ‪ ،‬ه ــناك ع ــدة اف ــتراض ــات ت ــمكن امل ــكلف م ــن ت ــفادي ال ــضري ــبة دون أن ي ــكون ع ــرض ــة ل ــلمالح ــقات‪ ،‬وه ــذا م ــا‬
‫يسمى بالتهرب من الضريبة‪.‬‬
‫‪ -٢‬التهرب الضريبي‬
‫م ــهما ك ــان ــت دق ــة ال ــنظام ال ــضري ــبي‪ ،‬ف ــإن امل ــكلف ي ــنجح دائ ــما ف ــي إخ ــفاء ق ــسم م ــن ال ــوع ــاء ال ــضري ــبي ع ــن س ــلطة اإلدارة‬
‫الضريبية من دون مخالفة القانون‪ .‬وهذا ما يسمى بالتهرب الضريبي‪ ،‬وله عدة أشكال ‪:‬‬
‫أ – التهرب الضريبي الداخلي‬
‫مـن أولـى أشـكال التهـرب الـضريـبي الـتي تجـري داخـل أراضـي املـكلف الـوطـنية هـي مـحاولـة االسـتفادة مـن الـثغرات املـوجـودة‬
‫في النظام الضريبي‪.‬‬
‫وقـد يـكون صـحيحا ً أن االمـتناع عـن شـراء الـشيء مـوضـوع الـضريـبة هـو وسـيلة للتهـرب مـنها لـكن تـنفيذ ذلـك يـتطلب قـوة إرادة‬
‫وتضحية‪.‬‬
‫وهذا األمر قد ال يستطيع أن يقوم به املكلف مهما كثر تأففه وسخطه من ثقل الضريبة‪.‬‬
‫فهل يمتنع املدخن املدمن مثال عن شراء علبة سجائر لكي ال يدفع الرسم الذي يثقلها ؟‬
‫لذلك ال يبقى أمام املكلف إال طريقة واحدة هي التفتيش عن ثغرات في النظام الضريبي للنفاذ منها‪.‬‬
‫وهـكذا يـلجأ املـكلف الـذي يـريـد التخـلص مـن الـضريـبة املـفروضـة عـلى نـقل املـلكية إلـى اكـتساب الـبنايـة الـتي تـشكل املـوجـودات‬
‫الوحيدة للشركة‪ ،‬وذلك بالشراء املتعاقب ملجموع أسهم هذه الشركة‪.‬‬
‫وفـي بـعض األحـيان قـد يـتنازل املشـرع عـن تـطبيق الـقانـون ملـصلحة املـكلف‪ ،‬ويتجسـد ذلـك فـي قـبول االعـتماد عـلى الـتقديـرات‬
‫الجزئية لتخمني الوعاء الضريبي‪ ،‬هذا مع العلم بأن التقديرات الجزئية تبقى بعيدة كل البعد عن التقديرات الحقيقية‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫فــاملشــرع هــنا يــمتنع عــن ضــبط الــوعــاء الــضريــبي بــشكل كــامــل مــما يــترك املــجال لــلمكلف لــعدم دفــع الــضريــبة‪ ،‬وقــد ال يــكتفي‬
‫املـكلف بـالـوسـائـل الـتي يـعطيها لـه التشـريـع الـداخـلي‪ ،‬بـل يـحاول االسـتفادة أيـضا مـن التشـريـع الـخارجـي‪ .‬وهـذا مـا أضـفى‬
‫على التهرب الصبغة الدولية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التهرب الضريبي الدولي‬
‫يستفيد املكلف هنا من الصفة اإلقليمية للسيادة الضريبية ليتسنى له التهرب من الضريبة‪.‬‬
‫ويتم هذا األمر عبر تمريره لألشياء التي يمتلكها إلى أراضي دولة أخرى‪.‬‬
‫وإذا كـان صـحيحا أن االتـفاقـيات الـدولـية ملـكافـحة التهـرب قـد بـدأت تحـد مـنه‪ ،‬إال أن عـدم كـثرتـها مـن نـاحـية وصـعوبـة تـفسيرهـا‬
‫فــي بــعض األحــيان مــن نــاحــية ثــانــية قــد أفــقدهــا الــكثير مــن الــفعالــية‪ .‬وبــقي التهــرب هــنا هــو ســيد املــوقــف وذلــك عــبر وجهــني‬
‫رئيسيني ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫التهرب على مستوى وعاء الضريبة‬
‫‪-‬‬
‫التهرب على مستوى تحصيل الضريبة‬
‫وتـبرز هـذه الـحالـة عـندمـا يـكون الـوعـاء الـضريـبي مسـتترا ً عـن أعـني السـلطة الـضريـبية الـوطـنية فـي حـني يـبقى مـكشوفـة أمـام‬
‫أعني السلطة الضريبية الغريبة‪.‬‬
‫• كـمثل الـسفن الـتي تـرفـع فـي بـعض االحـيان رايـات غـير جـديـة لـتتمكن مـن أن تـتفادى مـتطلبات الـقانـون الـضريـبي‬
‫واالجتماعي للبلد التي تعود إليه أصال‪.‬‬
‫• أمــا الشــركــات املــتعددة الــجنسيات‪ ،‬فــهي تــلجأ أيــضا إلــى هــذا الــنوع مــن التهــرب الــضريــبي عــبر تــمريــر أربــاحــها‬
‫إلى بالد تكون الضريبة فيه معدومة أو خفيفة‪.‬‬
‫مـن نـاحـية أخـرى قـد تـلجأ بـعض الشـركـات إلـى إظـهار أربـاحـها فـي حـسابـات شـركـات أخـرى ال تـلفت نـظر اإلدارة الـضريـبية‪،‬‬
‫وهذا ما يسمى بالتهرب على مستوى تحصيل الضريبة‪.‬‬
‫التهرب على مستوى تحصيل الضريبة‬
‫ويظه ــر ذل ــك ف ــي م ــحاول ــة امل ــكلف وض ــع ن ــفسه خ ــارج ال ــدول ــة ال ــتي ي ــجب أن ي ــدف ــع ف ــيها ال ــضري ــبة‪ ،‬وه ــذا م ــا ي ــسمى ب ــالته ــرب‬
‫الضريبي الشخصي‪.‬‬
‫ويـصبح هـذا التهـرب مـاديـا ً عـندمـا ال يـترك املـكلف أيـة أمـوال مـنقولـة كـانـت أم غـير مـنقولـة تـصلح لـيتم تـحصيل الـضريـبة مـنها‪.‬‬
‫والتاريخ قد أعطانا أمثلة كثيرة في هذا املجال ‪:‬‬
‫• كمثل البريطانيني الذين تركوا بالدهم وأقاموا في بالد بعيدة تجنبا لدفع الضريبة‪.‬‬
‫• وكــذلــك بــعض الشــركــات الــعاملــية الــتي تــقيم مــراكــزهــا الــرئــيسية فــي بــالد بــعيدة تــتيح لــها الــتمتع بــنظام ضــريــبي‬
‫مريح‪.‬‬
‫خ ــالص ــة ال ــقول‪ ،‬إن م ــحاول ــة ت ــفادي دف ــع ال ــضري ــبة تخ ــلق م ــشاك ــل ع ــدي ــدة ينج ــم ع ــنها م ــشاك ــل خ ــطيرة ع ــلى ص ــعيد ال ــواردات‬
‫والـعدالـة االجـتماعـية‪ ،‬كـما أنـها قـد تـكون السـبب فـي حـصول أزمـات و تـوتـرات اقـتصاديـة مـهمة‪ .‬وهـذا مـا يـدفـعنا إلـى مـحاولـة‬
‫معالجة هذا الوضع الشاذ الناجم عن تفادي الضريبة‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫املبحث الثالث ‪ :‬عالج تفادي عدم دفع الضريبة‬
‫م ــشكلة ع ــدم دف ــع ال ــضري ــبة ليس ــت ع ــقبة يس ــتعصي ح ــلها ‪ ،‬ف ــقد ح ــاول ال ــكثيرون ال ــتخفيف م ــن ع ــبئها ع ــبر وص ــف الح ــلول‬
‫الناجعة لها‪.‬‬
‫• أولى هذه الحلول اتخذت طابعا ً أخالقيا ً يتلخص في تنمية روح املدنية للمكلف بواسطة الدعايات واإلعالنات‪.‬‬
‫• وث ــان ــي ه ــذه الح ــلول ات ــصفت ب ــصفة س ــياس ــية ت ــمحورت ح ــول ض ــرورة ع ــدم تس ــليط األض ــواء ع ــلى دور ال ــضري ــبة‬
‫املالي فقط ‪ ،‬وإنما إبراز أدوارها األخرى ال سيما دورها االجتماعي‪.‬‬
‫• وثـالـث هـذه الحـلول كـانـت اقـتصاديـة أوصـت بـعدم تـطبيق ضـغط ضـريـبي مـبالـغ فـيه فـي ظـل ظـروف اقـتصاديـة غـير‬
‫مؤاتية‪.‬‬
‫إن معالجة هذه الحلول جميعها تتطلب منا شرحا ً كثيرة ومستفيضا ً تخرج في بعض األحيان عن أطر دراستنا‪.‬‬
‫لذلك فإننا نكتفي هنا بإثارة املعالجات التقنية التي تساهم إلى حد بعيد في وضع حد لتفادي دفع الضريبة‪.‬‬
‫هـذه املـعالـجة قـد تـختلف بـاخـتالف الـتملص مـن الـضريـبة ‪ ،‬فـهناك مـعالـجات ضـد الـغش الـضريـبي مـن جـهة‪ ،‬وهـناك مـعالـجات‬
‫ضد التهرب من جهة ثانية‪.‬‬
‫ا‪ -‬عالج الغش الضريبي‬
‫يمكننا التمييز بني وسيلتني من أجل الحد من اتساع هذا الغش ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الوقاية‬
‫خير وسيلة الستدراك الغش يكمن في إتقان الرقابة الضريبية‪.‬‬
‫فبقدر ما تكون هذه الرقابة متقدمة ‪ ،‬بقدر ما يتالشى عزم املكلف وقدرته على الغش‪.‬‬
‫وهكذا تعتمد معظم األنظمة الضريبية ملختلف الدول على إتباع ما يسمى بجدول الضرائب‪.‬‬
‫مهمة هذا األخير تتلخص في حصر املعلومات عن كل مكلف مستقاة من مختلف اإلدارات الرسمية‪.‬‬
‫وعـليه ‪ ،‬فـبعد أن ظـلت األتـعاب الـصحية عـاصـية عـن كـل تـحقيقات اإلدارة الـضريـبية فـي فـرنـسا أصـبحت اآلن تـراقـب وبـشكل‬
‫جيد نظرا ً للمساهمة الكبيرة التي قام بها الضمان الصحي في هذا املجال‪.‬‬
‫فـقد أخـذ هـذا األخـير يـطلع اإلدارة الـضريـبية عـلى نـشاط كـل طـبيب وعـن عـدد الـزيـارات واالسـتشارات الـتي قـام بـها كـل مـنهم‬
‫والتي ضمن سدادها ‪ ،‬وهذا ما أفضى إلى تقدير تقريبي للمداخيل الصحية‪.‬‬
‫مـن نـاحـية ثـانـية بـدأت بـعض الـدول ومـنها فـرنـسا تسـتعمل فـي الـفترة األخـيرة الـناظـمات اآللـية لـلمساهـمة فـي ربـط الـضريـبة‬
‫ويـتلخص هـذا األمـر فـي تـلقني هـذه اآللـة جـميع املـعلومـات الـتي تـتناول املـكلف مـن جـميع الـنواحـي ‪ :‬طـريـقة عـيشه ‪ ،‬مـهنته ‪،‬‬
‫وض ــعه ال ــعائ ــلي ‪ ...‬ال ــخ‪ .‬م ــما يسه ــل اك ــتشاف اإلق ــرارات ال ــتي ي ــشوب ــها الخ ــداع ‪ ،‬ف ــإذا ك ــان الخ ــداع م ــوج ــودا ً وج ــب ع ــنده ــا‬
‫الردع‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫ب – الردع‬
‫قــد يــكون لــردع الــغش بــعض املــزايــا الــتي تــسمح بــالحــد مــن هــذه املــظاهــر الــتي تهــدد األمــوال الــعامــة ‪ ،‬لــكن بشــرط أن يــكون‬
‫للقضاة القدرة على إنزال أقصى العقوبات بالفاعل ‪:‬‬
‫• فرض غرامات ‪،‬‬
‫• عقوبة حبس ملدة تزيد عن ستة أشهر ‪،‬‬
‫• مصادرة املال أو الشيء موضوع الغش ‪،‬‬
‫• منع عن ممارسة املهنة التي نجم عنها الغش … إلخ‪.‬‬
‫هـذه الـعقوبـات قـد تـساهـم إلـى حـد بـعيد فـي الحـد مـن الـغش بـشكل واسـع‪ .‬وهـذا مـا يـدفـعنا لـلمطالـبة بـالتشـديـد عـلى اسـتقاللـية‬
‫القاضي من ناحية ‪ ،‬وإعطائه الوسيلة الكفيلة التي تضمن له تنفيذ ما يقرره من ناحية ثانية‪.‬‬
‫‪ -٢‬عالجات التهرب الضريبي‬
‫التهــرب مــن الــضريــبة يــكون ضــمن إطــاریــن ‪ :‬داخــلي وخــارجــي‪ .‬لــذلــك يــنبغي عــلينا مــحاولــة عــالج هــذه اآلفــة عــلى املســتويــن‬
‫الداخلي والخارجي‪.‬‬
‫أ ‪ -‬عالج التهرب الضريبي الداخلي‬
‫التعقيدات التي ترافق النظام الضريبي تساهم إلى حد بعيد في هذا التهرب‪.‬‬
‫فاملكلف يستفيد من كل ثغرة في الشبكة الضريبية لكي يخرق القانون‪.‬‬
‫وعــليه ‪ ،‬فــإن نــظام إمــتيازات مــبالــغ فــيه ‪ ،‬مــثال قــد يــلعب دورا كــبيرا فــي إتــاحــة الــفرصــة لــلمكلف بــاســتغالل بــنود هــذا الــنظام‬
‫ليتفادى الضريبة دون أن يخرق القانون‪.‬‬
‫فـكل مـحاولـة للحـد مـن هـذا التهـرب ال بـد مـن أن يـتمثل فـي إزالـة كـل الـتعقيدات والـغموض الـذي يـحيط مـن قـريـب أو مـن بـعيد‬
‫بالنظام الضريبي‪.‬‬
‫وهذا ال يتحقق إال ‪:‬‬
‫• بتوحيد املعدالت ‪،‬‬
‫• بتخفيض اإلعفاءات ووضوحها ‪،‬‬
‫• بإلغاء االمتيازات غير املجدية واملبالغ فيها ‪،‬‬
‫• وأخيرا ً بالتقليل من النفقات الضريبية‪.‬‬
‫وهـكذا نخـلص لـلقول بـأن كـل مـحاولـة للحـد مـن التهـرب عـلى املسـتوى الـداخـلي ال بـد مـن أن تـمر عـبر إصـالحـات تـقنية لـلنظام‬
‫الضريبي‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫ب – عالج التهرب الضريبي الدولي‬
‫سبب التهرب الضريبي الخارجي يكمن في القيد الدولي الذي يفرض على كل مراقبة مالية‪.‬‬
‫وال يمكن كسر هذا القيد إال باتفاقيات دولية تسمح لإلدارة الضريبية بتوسيع مراقبتها فيما وراء حدودها الوطنية‪.‬‬
‫وقد أولت مجموعة من الدول هذا األمر أهمية بالغة ‪:‬‬
‫• فأوصت بمعونة إدارية دولية في مجال الضريبة ‪،‬‬
‫• ثم قامت بإنشاء مشاريع نماذج التفاقات دولية على املستويني اإلداري والقضائي‪.‬‬
‫وبـعد الحـرب الـعاملـية الـثانـية أنـشأت إتـفاقـيات للحـد مـن فـرض الـضريـبة املـضاعـف )أي االزدواج الـضريـبي( تـحت کـشف هـيئة‬
‫التعاون للتنمية االقتصادية ‪ O.C.D.E‬لكن هذه االتفاقيات يحد منها عامالن اثنان ‪:‬‬
‫ الــعامــل األول ‪ :‬ويــتمثل فــي أن فــاعــلية هــذه االتــفاقــيات يــكمن فــي إتــفاق جــميع الــدول عــلى مــحاربــة الــغش الــضريــبي‪ .‬وهــذا‬‫األمــر هــو غــير مــتوفــر حــالــيا ً نــظرا ً لــعدم دخــول بــعض الــدول فــي عــقد مــثل هــذه االتــفاقــيات مــن جــهة ‪ ،‬وإلــى وجــود الــكثير مــما‬
‫اصــطلح عــلى تــسميته فــردوس الــضرائــب مــن جــهة ثــانــية‪ .‬وأكــثر مــن ذلــك فــإن بــعض الــدول املســتفيدة مــن وجــود األمــوال عــلى‬
‫أراضيها تتمهل في القيام بالخطوات الالزمة مع باقي الدول للحد من سبل التهرب الضريبي‪.‬‬
‫ ال ــعام ــل ال ــثان ــي ال ــذي ي ــخفف م ــن وه ــج ت ــطبيق ه ــذه االت ــفاق ــيات بتجس ــد ف ــي الش ــرط األم ــني ال ــذي ت ــحوي ــه وال ــذي ي ــتلخص‬‫بـالـسماح لـلدولـة املـوقـعة عـلى اإلتـفاق بـالـتمسك بـه وإظـهار رفـضها بـوجـه كـل طـلب تـتقدم بـه الـدولـة املـتعاقـدة األخـرى والـهادف‬
‫ملساعدتها في إجراء الرقابة املالية‪.‬‬
‫وغـالـبا مـا يـكون هـذا الـرفـض بـوجـه الـرقـابـة الـتي مـن شـأنـها أن تجـر نـتائـج خـطرة عـلى الـصعيد االقـتصادي والـسياسـي لـلدولـة‬
‫املتعاقدة ‪ ،‬وهذا ما يفسر مع كل أسف بقاء بعض االتفاقيات حبرا ً على ورق في أكثر األحيان‪.‬‬
‫ويــتعقد األمــر أكــثر فــأكــثر مــن الــناحــية اإلداريــة ‪ ،‬فــطلب املــعلومــات يــجب أن يــتبع طــريــقا ً إداريـا ً روتــينيا ً ‪ ،‬مــن وزارة املــال إلــى‬
‫وزارة الــخارجــية لــلبلديــن املــعنيني ‪ ،‬مــما يــعطي الــفرصــة الــذهــبية لــلمكلف لــالســتفادة مــن هــذا الــبطء فــي الــتطبيق لــيضع نــفسه‬
‫بمأمن عن كل مالحقة في هذا املجال‪.‬‬
‫لـكن بـالـرغـم مـن هـذه الـعوامـل السـلبية الـتي ال تـسمح بـالـقضاء عـلى حـالـة التهـرب الـضريـبي حـتى مـع وجـود اتـفاقـيات ضـريـبية‬
‫دولية فإننا بدأنا نالحظ ظهور بعض النقاط اإليجابية في عالقة الدول بعضها مع بعض‪.‬‬
‫• وقد تجلى ذلك في الحد من انتقال األموال من دولة ألخرى ‪،‬‬
‫• إض ــاف ــة إل ــى ارت ــفاع ف ــي ال ــضغط ال ــضري ــبي ف ــي ال ــكثير م ــن ال ــدول ق ــاب ــله ن ــقص ع ــلى مس ــتوى وج ــود ال ــفردوس‬
‫الضريبي ‪ ،‬مما أسهم كثيرا في التخفيف من أهمية التهرب الضريبي على املستوى الدولي‪.‬‬
‫خــالصــة الــقول ‪ ،‬إن كــل الــتدابــير الــتي عــالــجناهــا أعــاله يــمكن أن تــسهم فــي الــتخفيف مــن التهــرب والــغش الــضريــبي ‪ ،‬وتــبلغ‬
‫هذه التدابير مداها إذا ما رافقها تحسني للعالقة بني اإلدارة الضريبية واملكلف‪.‬‬
‫• فكما أنه ال يجوز أن تقوم هذه اإلدارة ”بسلخ“ أموال املكلف بكافة الطرق‪.‬‬
‫• كذالك ال يجوز باملقابل للمكلف أن يستنبط كافة الطرق التي تعرقل سداده للضريبة‪.‬‬
‫وقد تنبهت معظم الدول في قوانينها الضريبية الحديثة لهذا األمر فجعلت من املكلف مساعدا ً لها ال عدوا ً‪.‬‬
‫• فهو وحده الذي يحصي الوعاء الضريبي )في نظام اإلعالن املراقب( ‪،‬‬
‫‪31‬‬
‫• وهو الذي يشترك في ربط الضريبة في اإلجراءات الجزافية االتفاقية ‪،‬‬
‫• وهو وحده الذي ينقذ تحصيل الضريبة في التقنية التي تسمى بالحجز عند املنبع‪.‬‬
‫لـكن بـالـرغـم مـن هـذا الجهـد الـذي يـحاول تـنقية هـذه الـعالقـة ‪ ،‬فـإن خـطر املـواجـهة مـا زال حـيا ً مـما يـحتم الـسير بخـطى سـريـعة‬
‫في هذا املجال‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫الضرائب اللبنانية‬
‫القسم األول ‪ :‬الضرائب املباشرة‬
‫الفصل ألول ‪ :‬الضرائب على الدخل‬
‫خصائص نظام ضرائب الدخل في لبنان ‪:‬‬
‫تقدمة عامة ‪:‬‬
‫بموجب املرسوم االشتراعي رقم ‪ ، ٥٩ /١٤٤,‬قسم املشرع اللبناني ضريبة الدخل إلى ثالثة أبواب ‪:‬‬
‫ضريبة الباب األول وتفرض على أرباح املهن الصناعية والتجارية وغير التجارية‪.‬‬‫ضريبة الباب الثاني وتفرض على الرواتب واألجور ومعاشات التقاعد وما في حكمها جميعا‪.‬‬‫‪ -‬ضريبة الباب الثالث وتفرض على إيرادات رؤوس األموال املنقولة أي اإليرادات الناتجة عن دخل رأس املال وحده‪.‬‬
‫تتميز هذه الضرائب جميعها باملبادئ التالية ‪:‬‬
‫‪ -١‬مبدأ االستقالل التام ‪:‬‬
‫وهـذا املـبدأ مـتأتـي مـن أن لـكل ضـريـبه أحـكام ومـعدل خـاص بـها‪ .‬فـال مـجال إذا ً لجـمع هـذه الـضرائـب الـنوعـية فـي وعـاء واحـد‬
‫لفرض ضريبة عليها مجتمعة‪.‬‬
‫فالطبيب املوظف في وزارة الصحة مثال والذي يعمل خارج دوام عمله في عيادته مثال ‪:‬‬
‫• يخضع راتبه لضريبة الباب الثاني )الرواتب واألجور(‬
‫• بينما تخضع إيراداته من عيادته الضريبة الباب األول )املهن غير التجارية(‪.‬‬
‫وم ــبدأ االس ــتقالل ه ــذا ل ــه ب ــعض االس ــتثناءات تتج ــلى ف ــي ع ــدم اس ــتفادة ال ــطبيب إال م ــن ت ــنزي ــل ع ــائ ــلي واح ــد ع ــند ح ــساب‬
‫الضريبة بالرغم من تعدد مصادر دخله‪.‬‬
‫إذ أن األع ــباء ال ــعائ ــلية امل ــنصوص ع ــليها ق ــان ــون ت ــخصم م ــن ض ــري ــبة ال ــباب األول‪ .‬أي م ــن إي ــراد ع ــيادت ــه وت ــفرض ال ــضري ــبة‬
‫الـتصاعـديـة عـلى مـا يـبقى مـن إيـرادات ‪ ،‬بـينما يـخضع کـامـل مـرتـبه مـن وزارة الـصحة لـضريـبة الـباب الـثانـي دون أي تـنزيـل ‪،‬‬
‫وفي ذلك مخالفة ملبدأ االستقالل‪.‬‬
‫‪ - ٢‬مبدأ التمييز في معدالت الضريبة ‪:‬‬
‫و يظهــر هــذا املــبدأ فــي الــرعــايــة الــخاصــة الــتي أوالهــا املشــرع لــألربــاح الــناتــجة عــن الــعمل ‪ ،‬اذ جــعل مــعدل الــضريــبة عــليها‬
‫أدنى من املعدالت التي تخضع لها األرباح الناتجة عن رأس املال وحده أو الناتجة عن تضامن رأس املال والعمل معا‪.‬‬
‫• وهـكذا تـخضع اإليـرادات الـتي يـحصل عـليها األشـخاص الـطبيعيون والشـركـاء فـي شـركـات األشـخاص لـلضريـبة‬
‫التصاعدية ‪ ،‬حيث يتراوح معدل الضريبة بني ‪ ٪٤‬و ‪.٪٢٠‬‬
‫‪33‬‬
‫• أم ــا أرب ــاح ش ــرك ــات األم ــوال ف ــأخ ــضعت ل ــضري ــبة ذات م ــعدل نس ــبي واح ــد ق ــدره ‪ ، ٪١٢‬ك ــما أخ ــضعت ت ــوزي ــعات‬
‫الشركات املذكورة لضريبة إضافية قدرها ‪ ٪٥‬من الربح املوزع‪.‬‬
‫• أمـا الـرواتـب واألجـور ومـعاشـات الـتقاعـد‪ ،‬وهـي املـداخـيل الـناتـجة عـن الـعمل‪ ،‬فـبالـرغـم مـن أنـها أخـضعت لـلضريـبة‬
‫التصاعدية‪ ،‬لكنها بقيت وفقا ً ملعدالت متهاودة تتراوح بني ‪ ٪٢‬و ‪.٪٢٠‬‬
‫• وأخضعت األجور املقطوعة ألدنى معدالت الضريبة وذلك مهما كانت قيمتها وبدون إجراء أي تنزيل عائلي‪.‬‬
‫‪ - ٣‬مبدأ عدم جواز ازدواجية الضريبة على الدخل الواحد ‪:‬‬
‫تــطبيقا ً لهــذا املــبدأ ال يــمكن فــرض ضــريــبتني نــوعــيتني أو أكــثر عــلى نــفس الــدخــل‪ ،‬وإنــما يــعفى الــدخــل الــذي ســبق خــضوعــه‬
‫لضريبة نوعية‪.‬‬
‫وعـليه ‪ ،‬فـال يـمكن إخـضاع الـفوائـد لـدى املـصارف لـضريـبة الـباب الـثالـث )دخـل رؤوس األمـوال املـنقولـة( إذا كـانـت قـد خـضعت‬
‫لضريبة الباب األول )ضريبة األرباح على املهن الصناعية ‪ ،‬التجارية وغير التجارية( والعكس صحيح‪.‬‬
‫وي ــصح ه ــذا امل ــبدأ ع ــلى دخ ــل أي م ــكلف ف ــي ل ــبنان إذا ك ــان ه ــذا ال ــدخ ــل ق ــد خ ــضع ف ــي ب ــلد أج ــنبي ل ــلضري ــبة ول ــكن بش ــرط‬
‫املعاملة باملثل‪.‬‬
‫‪ - ٤‬مبدأ محاربة التهرب ‪:‬‬
‫ألن عدم خضوع املكلف لضريبة معينة ال يحول دون خضوعه لضريبة أخرى‪.‬‬
‫‪ - ٥‬مبدأ مالءمتها للمكلف ‪:‬‬
‫ألن ن ــظام ال ــضرائ ــب ال ــنوع ــية ي ــتيح ل ــلمكلف ع ــدم م ــطال ــبته ب ــال ــضرائ ــب اإلج ــمال ــية امل ــحققة ع ــليه دف ــعة واح ــدة ‪ ،‬وذل ــك ن ــتيجة‬
‫الختالف طرق التحصيل ومواعيدها‪.‬‬
‫خـالصـة الـقول ‪ ،‬بـالـرغـم مـن أن نـظام الـضرائـب الـنوعـية تـشوبـه عـيوب عـديـدة ‪ ،‬إال أن املشـرع الـلبنانـي مـا زال يـأخـذ‬
‫به ويطبقه على خالف ما هو األمر في بعض الدول األخرى‪.‬‬
‫• ففي وفرنسا والواليات املتحدة األمريكية وأملانيا طبقت أنظمة الضريبة املوحدة على الدخل‪.‬‬
‫• أمـا التشـريـع املـصري فـلقد جـمع بـني الـنظامـني ‪ ،‬فـهو يـأخـذ بـنظام الـضرائـب الـنوعـية ‪ ،‬كـما يـأخـذ بـنظام الـضرائـب‬
‫التكميلية على الدخل العام )اإليراد العام(‪.‬‬
‫• أم ــا املش ــرع ال ــضري ــبي ال ــسوري ف ــقد ح ــاول ت ــطبيق ض ــري ــبة ع ــام ــة ع ــلى اإلي ــراد‪ .‬وق ــد ص ــدرت ب ــال ــفعل ع ــام ‪١٩٦١‬‬
‫ولكنها بقيت مع كل أسف حبرا على ورق ‪ ،‬ولم تطبق بصورة فعلية حتى اآلن‪.‬‬
‫وحـده التشـريـع الـضريـبي الـلبنانـي يـأخـذ بـنظام الـضرائـب الـنوعـية فـقط ‪ ،‬بـالـرغـم مـن االنـعكاسـات الـسيئة الـتي يـتركـها تـطبيق‬
‫هذا النظام على العدالة االجتماعية‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫املبحث األول ‪ :‬الضريبة على أرباح املهن التجارية وغير التجارية والصناعية والحرفية واملهن الحرة‬
‫املطلب األول ‪ :‬خصائص هذه الضريبة‬
‫لم تتطرق القوانني املالية إلى تحديد التاجر أو الصناعي من الناحية الضريبية ولم تعرف كذلك املهن التجارية والصناعية‪.‬‬
‫وبـما أن الـقانـون الـضريـبي فـي لـبنان قـد فـرق فـي مـعدالت الـضريـبة بـني أربـاح املـهن الـتجاريـة والـصناعـية مـن جـهة‪ ،‬واملـهن‬
‫غ ــير ال ــتجاري ــة م ــن ج ــهة أخ ــرى‪ .‬ل ــذل ــك ي ــقتضي ف ــي ك ــل م ــرة ت ــعيني م ــا إذا ك ــان ال ــنشاط م ــوض ــوع ال ــتكليف ي ــدخ ــل ف ــي ن ــطاق‬
‫الـنشاطـات الـصناعـية والـتجاريـة أم فـي نـطاق املـهن غـير الـتجاريـة الـتطبيق مـعدل الـضريـبة أم فـي نـطاق املـهن غـير الـتجاريـة‬
‫للتطبيق معدل الضريبة املناسب‪.‬‬
‫أمـا مجـلس شـورى الـدولـة الـلبنانـي فـقد نـوه فـي قـرار رقـم ‪ ٧٤‬تـاريـخ ‪ ١٩٧٩ /٣ /١٣‬أنـه يـجب األخـذ الـقضايـا الـضريـبية بـنوع‬
‫خ ــاص ب ــتشاب ــه األع ــمال املنج ــزة ال ــتي تس ــتلزم ــها م ــمارس ــة امل ــهنة‪ ،‬وال ــتي ال ن ــص ف ــي ق ــان ــون ال ــتجارة ع ــليها وال ــتي ال ي ــمكن‬
‫قــياســها عــلى غــيرهــا مــن املــهن الــخاضــعة الــضريــبة الــباب األول )ضــريــبة األربــاح الــتجاريــة والــصناعــية وغــير الــتجاريــة( عــمال‬
‫ب ــال ــفقرة ال ــثان ــية م ــن امل ــادة ال ــثان ــية م ــن امل ــرس ــوم االش ــتراع ــي ‪ 59/144‬ال ــتي ت ــنص "ورب ــح ك ــل ع ــمل ي ــدر رب ــحا ً غ ــير خ ــاض ــع‬
‫لضريبة أخرى على الدخل"‪.‬‬
‫باعتبار أن هذه الضريبة هي ضريبة القانون العام متى اتصف العمل املنتج للربح باملهنة‪.‬‬
‫وت ــبقى ض ــري ــبة امل ــهن ال ــصناع ــية وال ــتجاري ــة وغ ــير ال ــتجاري ــة م ــن أه ــم ال ــضرائ ــب امل ــباش ــرة ال ــتي ت ــفرض ع ــلى ال ــدخ ــل امل ــتميز‬
‫باالنتظام واالستقرار النسبي‪ .‬وتتصف هذ بخصائص كثيرة هي ‪:‬‬
‫‪ - ١‬إنها ضريبة القانون العام‬
‫أي إنها تسري على ربح كل نشاط ال يخضع لضريبة أخرى على الدخل‪.‬‬
‫وقـد أكـد مجـلس شـورى الـدولـة عـلى طـبيعة هـذه الـضريـبة بـاعـتبارهـا ضـريـبة الـقانـون الـعام عـندمـا رفـض تـصديـق االسـتئناف‬
‫املـقدم مـن دیـر حـراش ضـد الـدولـة ووزارة املـالـية والـذي يـطلب فـيه فـسخ قـرار لـجنة االعـتراضـات بـاعـتبار أن الـديـر املـذكـور ال‬
‫يســتثمر أيــة مــؤســسة وبــالــتالــي ال يــجب إخــضاعــه لــلضريــبة عــلى الــدخــل‪ ،‬فــاعــتبر مجــلس شــورى الــدولــة أن الــتعويــض الــذي‬
‫حصل عليه الدير هو نتيجة عمل يدر ريعا ً ودخالً ويخضع بالتالي للضريبة لعدم وجود نص يستثنيه من تلك الضريبة‪.‬‬
‫‪ - ٢‬إنها ضريبة تجمع بني الصفة الشخصية والعينية‬
‫م ــن امل ــتعارف ع ــليه أن ال ــضري ــبة ال ــتي ت ــتسم ب ــصفة ال ــشخصية ه ــي ال ــضري ــبة ال ــتي ت ــراع ــي أوض ــاع امل ــكلف ع ــلى ج ــميع‬
‫األصعدة‪.‬‬
‫فـهي تـتسامـح فـي خـصم الـتكالـيف والـنفقات الـالزمـة لـلحصول عـلى الـربـح واإليـراد‪ ،‬وهـي تـقر حـسم جـزء مـن الـربـح أو اإليـراد‬
‫الخاضع للضريبة كاإلعفاء الشخصي أو األعباء العائلية‪.‬‬
‫أمــا الــضريــبة الــعينية فــهي عــلى الــعكس مــن ذلــك ال تــقر وال تــجيز إعــفاء بــعض أو جــزء مــن الــضريــبة العــتبارات اجــتماعــية أو‬
‫عائلية أو شخصية‪.‬‬
‫وقـد جـمع املشـرع الـلبنانـي بـني الـصفات الـعينية والـشخصية عـند تـقريـر الـضريـبة عـلى أربـاح املـهن الـصناعـية والـتجاريـة وغـير‬
‫التجارية‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫• ف ــهي ض ــرب ــة ش ــخصية ع ــندم ــا ت ــقرر إع ــفاء خ ــاص ـا ً ل ــألع ــباء ال ــعائ ــلية ل ــلمكلف‪ ،‬أو ع ــندم ــا ت ــسمح م ــن ن ــاح ــية أخ ــرى‬
‫ب ــتنزي ــل ك ــاف ــة األع ــباء وال ــنفقات ال ــتي ت ــقتضيها ال ــصناع ــة أو امل ــهنة أو ال ــتجارة )امل ــادة ‪ ٦‬و ‪ ٧‬م ــن ق ــان ــون ض ــري ــبة‬
‫الدخل(‪.‬‬
‫• وهــي ضــريــبة عــينية ألنــها تســري عــلى الــربــح ذاتــه ال عــلى الــشخص صــاحــب الــربــح‪ .‬ومــثال ذلــك مــا قــرره املشــرع‬
‫الــلبنانــي بــالنســبة لــلضريــبة عــلى إيــرادات رؤوس األمــوال املــنقولــة حــيث لــم يــقرر أيــة إعــفاءات مــتعلقة بــاعــتبارات‬
‫شخصية املكلف‪.‬‬
‫‪ - ٣‬إنـها ضـريـبة تسـري عـلى الـربـح الـناتـج عـن تـضافـر رأس املـال والـعمل فـي املـهن الـصناعـية والـتجاريـة‬
‫وعن العمل املستقل جزء يسير من رأس املال في املهن الحرفية والحرة‬
‫تفرض هذه الضريبة على اإليرادات الناشئة عن تضافر رأس املال والعمل معا‪.‬‬
‫وهذا األمر ناتج عن إخضاع الربح الناتج عن رأس املال لضريبة دخل األموال املنقولة‪.‬‬
‫أما الربح الناتج عن العمل فيخضع للضريبة على الرواتب واألجور ومعاشات التقاعد‪.‬‬
‫وقد ذهب البعض للقول بأن الربح الناتج عن العمل يمكن أن يخضع لنوعني من الضرائب ‪:‬‬
‫• تخضع لضريبة املرتبات واألجور من جهة أرباح العمل لحساب الغير املتسم بالتبعية للغير ‪،‬‬
‫• وتخضع لضريبة األرباح غير التجارية أرباح العمل املستقل ولحساب املكلف نفسه‪.‬‬
‫لــكن الــبعض اآلخــر يــرد بــحق هــذا الــقول مــعتبرا ً أن مــن يــخضع لــضريــبة املــهن غــير الــتجاريــة يــعمل حــقيقة لــحسابــه الــخاص‬
‫)االستقاللية في العمل( ولكن يستعني بالضرورة برأس املال‪ ،‬وإن كان دور رأس املال ليس بارزا ً‪.‬‬
‫والــدلــيل عــلى ذلــك الــنصوص الــواردة‪ ،‬بــعد ذلــك والــخاصــة بــحسابــات الــتكالــيف واألربــاح والــتي تــفترض أيــضا تــنزيــل بــعض‬
‫األعباء والنسب واالستهالكات‪ ،‬وترد على رأس املال واألدوات التي يستخدمها من يمارس املهنة الحرة‪.‬‬
‫‪ - ٤‬إنها ضريبة مباشرة ونوعية‬
‫إن ــها ض ــري ــبة م ــباش ــرة ألن ــها ت ــفرض ع ــلى واق ــعة اك ــتساب ال ــدخ ــل ال ع ــلى واق ــعة اس ــتخدام ــه‪ .‬وت ــعني ب ــال ــدخ ــل ه ــنا ذل ــك ال ــذي‬
‫يستلزم عنصري الدورية واالنتظام ويمكن تقويمه بالنقود‪.‬‬
‫وهـي نـوعـية ألنـها تسـري عـلى نـوع مـعني مـن الـدخـل‪ ،‬وهـو اإليـراد الـذي يشـترك فـي إنـتاجـه الجهـد البشـري وطـاقـة رأس املـال‪،‬‬
‫بـحيث يـتميز مـن جـهة عـن اإليـراد الـخاضـع لـلضريـبة عـلى إيـرادات رؤوس األمـوال املـنقولـة الـناتـجة عـن رأس املـال وحـده‪ ،‬كـما‬
‫أنه يتميز من جهة ثانية عن اإليراد الخاضع لضريبة الرواتب واألجور الناتج عن العمل اإلنساني وحده‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫املطلب الثاني ‪ :‬شروط سريان الضريبة‬
‫لـكي تسـري هـذه الـضريـبة وتـصبح صـالـحة لـلتطبيق ال بـد مـن أن تـتوفـر فـيها أربـعة شـروط إال فـي االسـتثناءات الـتي يـعينها‬
‫القانون ويرى فيها فرض الضريبة بالرغم من انعدام شرط من هذه الشروط‪.‬‬
‫فاألرباح إذا تخضع للضريبة بمجرد تحققها‪ ،‬إنما يجب أن تتوفر فيها الشروط التالية ‪:‬‬
‫‪ -١‬الشروط الزمنية أو مبدأ سنوية الضريبة‬
‫‪ -٢‬الشروط املكانية أو مبدأ إقليمية الضريبة‬
‫‪ -٣‬الشروط املتممة أو املكملة‬
‫‪ -٤‬الشروط األساسية‬
‫‪ - ١‬الشروط الزمنية ‪ :‬مبدأ سنوية الضريبة‬
‫اعــتمد املشــرع الــضريــبي الــلبنانــي مــبدأ ســنويــة األربــاح‪ ،‬كــما أخــذ بــمبدأ ســنويــة الــتكليف بــالــضريــبة عــلى األربــاح الــتجاريــة‬
‫والصناعية‪.‬‬
‫فـاملـادة الـسادسـة مـن املـرسـوم االشـتراعـي ‪ 59/144‬تـنص عـلى مـا يـلي ‪ " :‬تـفرض الـضريـبة عـلى الـربـح الـصافـي الـحاصـل‬
‫فــي الــسنة الــتي ســبقت ســنة الــتكليف وإن انــقطع مــصدر الــربــح خــالل ســنة الــتكليف أو قــبلها"‪ .‬والــسنة املــعتمدة هــي الــسنة‬
‫امليالدية وتبدأ من أول كانون الثاني وتنتهي في آخر كانون األول من العام نفسه‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه العتبارات عملية أجاز املشرع في حاالت معينة فرض الضريبة على فترة تقل عن السنة‪.‬‬
‫فـفي حـالـة مـباشـرة عـمل جـديـد أثـناء الـسنة املـالـية الـضريـبية ولـيس فـي بـدايـتها‪ ،‬هـنا تحـدد املـدة الـواجـب الـتصريـح عـن األربـاح‬
‫ال ــحاص ــلة خ ــالل ــها ب ــني ت ــاري ــخ م ــباش ــرة ال ــعمل وآخ ــر ك ــان ــون األول م ــن ال ــسنة ال ــساب ــقة ل ــسنة ال ــتكليف )امل ــادة ‪ 14‬م ــن ق ــان ــون‬
‫ضريبة الدخل(‪.‬‬
‫وفـي حـال الـتوقـف عـن الـعمل أو الـتنازل عـن املـؤسـسة خـالل الـسنة‪ ،‬فـعلى املـكلف أن يـقدم تـصريـحا ً عـن أربـاحـه خـالل الـفترة‬
‫التي تبدأ من أول السنة املالية‪ ،‬وتنتهي في أخر يوم قبل توقفه عن العمل أو تنازله عن املؤسسة‪.‬‬
‫فـفي حـالـة وفـاة املـكلف أو مـغادرتـه لـلبالد بـشكل نـهائـي عـلى سـبيل املـثال‪ ،‬وقـبل انـتهاء الـسنة املـالـية‪ ،‬يتحـدد ديـن الـضريـبة عـن‬
‫الــفترة الــتي تــقل عــن ســنة حــمايــة ملــصلحة الخــزانــة الــعامــة‪ .‬وبــالــفعل فــإن ديــن الــضريــبة يتحــدد بــمقدار صــافــي الــدخــل الــذي‬
‫يتحقق في أول السنة امليالدية حتى تاريخ الوفاة‪.‬‬
‫أمـا فـي حـالـة انـقطاع اإلقـامـة الـذي يـتحقق إذا هـاجـر الـلبنانـي إلـى الـخارج هجـرة أو مـغادرتـه لـلبنان مـغادرة نـهائـية‪ ،‬فـإنـه تـتم‬
‫محاسبته على صافي اإليرادات التي حصل عليها املكلف قبل انقطاع إقامته في لبنان‪.‬‬
‫ويــتفرع عــن املــبدأ ســنويــة الــضريــبة كــذلــك مــبدأ اســتقالل الــسنوات الــضريــبية‪ ،‬إذ أن كــل ســنة مــالــية ضــريــبية تــبقى مســتقلة‬
‫بذاتها عن أعمال السنوات األخرى الالحقة أو السابقة‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫‪ - ٢‬الشروط املكانية ‪ :‬مبدأ إقليمية الضريبة‬
‫من املتعارف عليه أن تأدية أي ضريبة يرتكز على أحد املعايير الثالث التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬معيار التبعية السياسية ‪:‬‬
‫الـذي يـقوم عـلى فـرض الـضريـبة عـلى أربـاح كـل شـخص يـنتمي إلـى دولـة مـعينة ويـتمتع بـجنسيتها أيـا ً كـان مـوطـنه أو إقـامـته‬
‫أو مكان استثمار أمواله‪.‬‬
‫ب ‪ -‬معيار اإلقامة ‪:‬‬
‫الــذي يــقضي بــفرض الــضريــبة عــلى أربــاح املــقيم ســواء كــان املــكلف لــبنانــيا ً أم أجــنبياً‪ ،‬وســواء كــانــت األربــاح قــد تــحققت مــن‬
‫داخل البالد أم في خارجها‪.‬‬
‫ج ‪ -‬معيار التبعية االقتصادية‬
‫وهــو يــعني أن املــكلف الــذي يــعيش فــي إقــليم الــدولــة ويــنتفع بخــدمــات املــرافــق والحــمايــة الــتي تــؤديــها هــذه الــدولــة فــي ســبيل‬
‫مــمارســة نــشاطــه االقــتصادي داخــل حــدودهــا‪ ،‬أن يــشارك فــي تحــمل جــزء مــن األعــباء املــالــية لهــذه الــدولــة وذلــك بــدفــع قــسم مــن‬
‫أرباحه لقاء هذه الخدمات حتى ولو كان ال يحمل جنسيتها‪.‬‬
‫‪ - 3‬الشروط املتممة أو املكملة‬
‫ت ــفرض ال ــضري ــبة ع ــلى األش ــخاص امل ــعنوي ــني امل ــقيمني ف ــي األراض ــي ال ــلبنان ــية أو ف ــي ال ــخارج ع ــلى أس ــاس األرب ــاح ال ــتي‬
‫يحصلون عليها في لبنان‪ .‬وال يستثنى من هذه القاعدة أي دخل إال بنص صريح في القانون‪.‬‬
‫فتفسير هذا النص بشكل يتفق مع نية املشرع أدى إلى ظهور بعض الشروط املكملة وذلك على الشكل التالي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬مزاولة املهنة واالحتراف‬
‫• يشترط لسريان ضريبة األرباح التجارية والصناعية مزاولة املهنة عن طريق االحتراف‪.‬‬
‫• فاالحتراف يقصد به التكرار واالستمرار واالنتظام في العمل بقصد الكسب‪.‬‬
‫• وهو يطلق على األشخاص الطبيعيني واملعنويني على حد سواء‪.‬‬
‫فـإذا كـان شـخص مـا قـد اعـتاد شـراء الـعقارات وهـدمـها‪ ،‬ثـم إعـادة بـنائـها وبـيعها خـالل فـترات مـتقاربـة تـخضع أربـاحـه الـتي‬
‫يجنيها للضريبة‪ ،‬وسبب ذلك يعود إلى أن القرائن واألفعال قد دلت على نشاط حرفي في مجال شراء وبيع العقارات‪.‬‬
‫كـذلـك يـخضع لـضريـبة الـدخـل كـل مـن قـام تـأجـير الـغرف والـوحـدات الـسكنية املـفروشـة إذا كـان قـد اتخـذ مـن ذلـك مـهنة وظـف‬
‫فيها أمواله بهدف الكسب‪ .‬وشرط االعتياد واالستمرار أخذت به مصلحة الضرائب‪.‬‬
‫ب‪ -‬نية الكسب‬
‫بحسـب الـفقه واالجـتهاد‪ ،‬إن نـية الكسـب يـجب أن تـتوافـر لـدى املـكلف‪ ،‬أي أن يـكون الـقصد مـن مـمارسـته ملـهنته تـحقيق الـربـح‪.‬‬
‫حتى إذا تحقق هذا الشرط سرت الضريبة على األرباح‪.‬‬
‫‪38‬‬
‫ج ‪ -‬االستقالل في مزاولة املهنة‬
‫ون ــعني ب ــذل ــك أن ي ــمارس امل ــكلف م ــهنته ع ــلى وج ــه االس ــتقالل‪ ،‬أي أن ي ــعمل ل ــحساب ــه م ــنفردا ً ومتح ــمالً م ــخاط ــر ع ــمله رب ــحا ً أو‬
‫خسارة‪.‬‬
‫وه ــكذا ي ــتميز ع ــن ال ــذي ي ــتقاض ــى رات ــبا أو أج ــرا ً م ــن ص ــاح ــب امل ــؤس ــسة م ــن خ ــالل ع ــالق ــة ت ــبعية )ع ــقد ال ــعمل(‪ ،‬إذ ي ــعتبر م ــا‬
‫يحصل عليه هنا دخالً خاضعا ً لضريبة الرواتب واألجور واملرتبات واملكافآت‪.‬‬
‫‪ - ٤‬الشروط األساسية )الواجبة(‬
‫يمكن استخالص األعمال واملهن والنشاطات التي تخضع أرباحها للضريبة على الوجه التالي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬املهن واملؤسسات التجارية والصناعية والحرفية‪.‬‬
‫ب‪ -‬األشخاص الذين يزاولون املهن الحرة‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الهيئات واملؤسسات واألشخاص الذين يحصلون على ارباح ال تخضع لضريبة أخرى‪.‬‬
‫د ‪ -‬الشركات أيا كان نوعها أو غایاتھا‪.‬‬
‫ه ‪ -‬الذين يؤجرون مؤسسة صناعية أو تجارية مجهزة باملفروشات أو األدوات‪.‬‬
‫و ‪ -‬الذين يستفيدون من عائدات استثمارات املواد املوجودة في باطن األرض‪.‬‬
‫ز ‪ -‬السماسرة والعمالء والوسطاء‬
‫أ ‪ -‬املهن واملؤسسات التجارية والصناعية والحرفية ‪:‬‬
‫حـددت اإلدارة الـضريـبية الـفرنـسية مـعنى صـاحـب الحـرفـة بـأنـه "كـل مـن يـزاول لـحسابـه وبـمعرفـته صـنعة يـدويـة يـقوم بـها فـي‬
‫مـسكنه أو فـي مـصنع صـغير‪ ،‬ولـه أن يسـتعني فـي أداء عـمله بـبعض الـقوى املحـركـة عـلى أن ال تـبلغ مـبلغ اآلالت الـكبيرة ذات‬
‫القوة الضخمة"‪.‬‬
‫فاملشرع اللبناني أخضع أصحاب الحرف للضريبة على األرباح غير التجارية وغير الصناعية بمعدالتها التصاعدية‪.‬‬
‫ويـعتبر فـي جـملة املـكلفني الـخاضـعني لـلتكليف بـضريـبة الـدخـل وفـقا لـلمعدالت املـوضـوعـة ألربـاح املـهن الـتجاريـة والـصناعـية كـل‬
‫شخص يمارس بقصد الربح‪:‬‬
‫• أحد األعمال املنصوص عليها في املواد ‪ ٦‬و ‪ ٧‬و ‪ ٨‬من قانون التجارة أو تحويل املواد‪.‬‬
‫• أية وساطة بني املنتج واملستهلك من شراء أو بيع أو تأجير…‬
‫ويدخل عداد هذه النشاطات واملهن ‪:‬‬
‫‪ -١‬شــراء الــبضائــع وغــيرهــا مــن املــنقوالت املــاديــة وغــير املــاديــة ألجــل بــيعها بــربــح ســواء بــیعت عــلى حــالــتها أم بــعد شــغلها أو‬
‫تحويلها‪.‬‬
‫‪ -٢‬شراء تلك األشياء املنقولة نفسها ألجل تأجيرها‪ ،‬أو استئجارها ألجل تأجيرها ثانية‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ -٣‬أعمال الصرافة والبنك‪.‬‬
‫‪ -٤‬مشروع النقل برا ً أو جوا ً على سطح املاء‪.‬‬
‫‪ -٥‬مشروع املناجم والبترول‬
‫‪ -٦‬مشروع األشغال العقارية‬
‫ب ‪ -‬األشخاص الذين يزاولون املهن الحرة‬
‫كل شخص يمارس مهنة أو عمال أو نشاطا يبرز فيه إنتاجه الشخصي من علم أو معرفة أو فن أو خبرة‪.‬‬
‫وي ــدخ ــل ف ــي ع ــداد ه ــذه ال ــنشاط ــات وامل ــهن ال ــخاض ــعة ل ــلتكليف ل ــضري ــبة ال ــدخ ــل وف ــقا مل ــعدالت األرب ــاح غ ــير ال ــتجاري ــة وغ ــير‬
‫الصناعية ‪:‬‬
‫‪ -١‬التأليف والترجمة والنشر لغير غایات تحقيق الربح‪.‬‬
‫‪ -٢‬الرسم والنحت والتصوير الفني والخط والنقش‪.‬‬
‫‪ -٣‬الخياطة باألجرة وكذلك التخريم والتطريز‪.‬‬
‫‪ -٤‬مزاولة فنون الرياضة لقاء بدل‪.‬‬
‫‪ -٥‬التدريس والتعليم والتدريب‪.‬‬
‫ج ‪ -‬الهيئات واملؤسسات واألشخاص الذين يحصلون على أرباح ال تخضع لضريبة أخرى‬
‫خـشية مـن أن تخـرج مـن نـطاق الـضريـبة أربـاح مـهن أو نـشاطـات لـم يسـبق إخـضاعـها أليـة ضـريـبة نـوعـية عـلى الـدخـل‪ ،‬نـصت‬
‫املادة الثانية من املرسوم االشتراعي ‪…” ٥٩ /١٤٤‬وربح كل عمل يدر ريعا ً غير خاضع لضريبة أخرى على الدخل“‪.‬‬
‫فــالشــرط هــنا ال يــتعلق بــاملــهنة بحــد ذاتــها بــل يــكفي أن تــكون األربــاح قــد نــتجت عــن نــشاط ال يــرقــى إلــى مــرتــبة املــهنة بــقصد‬
‫الحصول على ربح منتظم يعتمد عليه املكلف في معيشته‪.‬‬
‫د ‪ -‬الشركات أيا كان نوعها أو غاياتها‬
‫ع ــرف ــت امل ــادة ‪ ٨٤٤‬م ــن ق ــان ــون امل ــوج ــبات وال ــعقود الش ــرك ــة ب ــأن ــها "ع ــقد م ــتبادل ب ــمقتضاه يش ــترك ش ــخصان أو أك ــثر ب ــقصد‬
‫اقتسام ما ينتج عنه من ربح"‪.‬‬
‫وب ــموج ــب امل ــادة ال ــراب ــعة م ــن امل ــرس ــوم االش ــتراع ــي ‪ ٥٩ /١٤٤‬ت ــخضع ج ــميع الش ــرك ــات م ــهما ك ــان ن ــوع ــها أو غ ــاي ــتها ل ــضري ــبة‬
‫األرباح التجارية والصناعية إال ما أعفي منها بنص خاص‪.‬‬
‫وبـذلـك يـكون املشـرع قـد وسـع مـن نـطاق إخـضاع الشـركـات بـحيث شـمل شـركـات األشـخاص )سـواء كـانـت شـركـات تـضامـن‬
‫أم توصية بسيطة أم محاصة( وشركات األموال )سواء كانت مساهمة أم توصية باألسهم أم غير ذلك من شركات األموال(‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫ه ‪ -‬الوسطاء في شراء العقارات أو املؤسسات التجارية أو بيعها‬
‫تعالج في هذه حالتني مهمتني ‪:‬‬
‫الـحالـة األولـى ‪ :‬وتــتعلق بــاألشــخاص الــحقيقيني أو املــعنويــني الــذيــن يــقومــون بــأعــمال الــوســاطــة لشــراء الــعقارات واملــحالت‬
‫التجارية‪.‬‬
‫الـحالـة الـثانـية ‪ :‬وتــتعلق بــتجار الــعقارات واملــحال الــتجاريــة أي األشــخاص الــحقيقيون أو املــعنويــون الــذيــن يــتولــون شــراء‬
‫العقارات‪ ،‬واملحالت التجارية بأسهمهم ولحسابهم الخاص بقصد بيعها‪.‬‬
‫فــفيما يــتعلق بــالــحالــة األولــى‪ ،‬تســري الــضريــبة عــلى الــعمولــة الــتي يــتقاضــاهــا الــوســطاء ومــهما كــان االســم الــذي يــطلق عــلى‬
‫نشاطهم متى كان بطبيعته من أعمال الوساطة‪.‬‬
‫ويشترط لسريان الضريبة على الوساطة أن ‪:‬‬
‫‪ -١‬تكون هناك عملية وساطة أي تقريب بني البائع واملشتري وأن تتوفر في الوسيط شروط االحتراف‪.‬‬
‫‪ -٢‬تكون عملية الوساطة متعلقة بالشراء والبيع الذي يكون موضوعه متعلقا ً بعقارات أو بمؤسسات تجارية‪.‬‬
‫‪ -٣‬يكون الوسيط مستقال في عمله وغير تابع ألحد وإال طبقت عليه ضريبة الرواتب واالجور‪.‬‬
‫أما فيما يختص بالحالة الثانية فلکي تسري الضريبة يجب أن ‪:‬‬
‫‪ -١‬يتعلق عمل الوسيط بشراء أو بيع عقار أو مؤسسة تجارية‪ ،‬كما يمكن أن يكون موضوعه حق ارتفاق أو انتفاع…الخ‪.‬‬
‫‪ -٢‬أن يـتم الشـراء بـغرض املـتاجـرة‪ ،‬واملـتاجـرة تـعني االعـتياد واالحـتراف بـقصد تـحقيق الـربـح‪ .‬ومـسألـة االعـتياد واالحـتراف‪،‬‬
‫وتوفر نية البيع وقت الشراء هي مسألة واقعية يعود أمر تقديرها لقاضي الضرائب‪.‬‬
‫و ‪ -‬األشخاص الحقيقيون واملعنويون الذين يؤجرون مؤسسة صناعية أو تجارية مجهزة باملفروشات أو اآلالت‬
‫ولكي تسري الضريبة ينبغي توفر الشروط التالية ‪:‬‬
‫‪ -١‬أن يـكون مـوضـوع اإليـجار عـقارا‪ ،‬ويـتفرع عـن ذلـك أن الـضريـبة ال تسـتحق فـي حـالـة تـأجـير كـوخ خشـبي أقـيم عـلى قـطعة‬
‫أرض مستأجرة أو في حالة تأجير محل في معرض‪.‬‬
‫‪ -٢‬إذا كــان الــعقار دون أثــاث فــهو يــخضع لــضريــبة األمــالك املــبنية‪ ،‬وفــي حــال وجــود األثــاث واألدوات الــالزمــة لــتشغيله فــإن‬
‫اإلي ــجار يخ ــرج ع ــن ن ــطاق االس ــتغالل ال ــعادي إل ــى ن ــطاق امل ــضارب ــة وال ــرب ــح وي ــخضع ب ــال ــتال ــي ل ــضري ــبة األرب ــاح ال ــتجاري ــة‬
‫والصناعية‪.‬‬
‫‪ -٣‬وفـي حـالـة تـأجـير الـشخص مـركـز عـمله الـتجاري الـذي يـقتصر عـلى تـأجـير املـبانـي دون الـتجهيزات واملـعدات إلـى شـخص‬
‫آخــر‪ ،‬فــإن هــذا الــتأجــير الــذي تــمارس فــيه املــؤســسة عــملها ال يــخضع لــضريــبة املــهن الــتجاريــة والــصناعــية‪ ،‬وإنــما الــضريــبة‬
‫األمالك املبنية‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫ز ‪ -‬األشخاص الحقيقيون واملعنويون الذين يستفيدون من عائدات استثمار املواد املوجودة في باطن األرض‬
‫ع ــلى غ ــرار املش ــترع ال ــفرن ــسي أخ ــضع املش ــترع ال ــضري ــبي ال ــلبنان ــي ع ــائ ــدات اس ــتغالل امل ــناج ــم وال ــبترول وامل ــياه وامل ــحاج ــر‬
‫لـضريـبة أربـاح املـهن الـتجاريـة والـصناعـية سـواء قـام بـها شـخص طـبيعي أم مـعنوي‪ .‬والسـبب فـي ذلـك يـعود إلـى كـون الـنشاط‬
‫صناعيا ً من جهة وتجاريا ً من ناحية أخرى لجمعه عناصر مادية ومعنوية في آن معا ً‪.‬‬
‫ح ‪ -‬السماسرة والعمالء والوسطاء ‪:‬‬
‫لـم يـفرق املشـترع الـضريـبي الـلبنانـي بـني األنـواع املـختلفة ألعـمال الـوسـاطـة‪ ،‬بـل أخـضعها جـميعا لـضريـبة األربـاح الـتجاريـة‬
‫وال ــصناع ــية دون ال ــنظر إل ــى ك ــيفية دف ــع ال ــعمول ــة ل ــلوس ــيط‪ ،‬س ــواء اتخ ــذت ص ــورة األج ــر ال ــثاب ــت أو نس ــبة م ــئوي ــة م ــن م ــقدار‬
‫الصفقة‪.‬‬
‫ولــتنوع أعــمال الــوســاطــة وتــغایــرهــا حــدد املشــرع بــعض املــهن عــلى ســبيل املــثال خــاصــة بــالــذكــر السمســرة والــعمالء أو الــوكــالء‬
‫بالعمولة‪.‬‬
‫• ف ــالسمس ــرة‪ ،‬ه ــي الج ــمع ب ــني ط ــرف ــي ال ــعقد ل ــقاء أج ــر م ــعني ‪ .‬وي ــتفرع ع ــن ذل ــك أن ال ــسمسار ال ي ــعتبر ط ــرف ـا ً ف ــي‬
‫العقد‪ ،‬ويبقى غير مسؤول عن االلتزامات املتولدة عنه بل تنحصر مهمته في التقريب بني طرفي العقد‪.‬‬
‫• أمــا الــوكــالــة بــالــعمولــة فــهي كــل عــملية يــقوم بــها الــوكــيل بــالــعمولــة بــإبــرام الــعقد بــاســم ولــحساب املــوكــل لــقاء عــمولــة‪.‬‬
‫ويــعامــل الــقانــون الــضريــبي الــلبنانــي الــوكــالء بــالــعمولــة مــعامــلة الــتجار ويــخضع أربــاحــهم لــلضريــبة عــلى األربــاح‬
‫التجارية والصناعية سواء كانوا أشخاصا طبيعيني أم معنويني‪.‬‬
‫• ويـلحق بـالـوكـيل بـالـعمولـة املـمثل الـتجاري‪ ،‬وهـو الـوكـيل الـذي يـقوم بـحكم مـهنته االعـتياديـة املسـتقلة ودون أن يـكون‬
‫م ــرت ــبطا ً ب ــإج ــارة خ ــدم ــة ب ــامل ــفاوض ــية إلت ــمام ع ــملیات ال ــبيع والش ــراء أو ال ــتأج ــير أو ت ــقدي ــم الخ ــدم ــات‪ ،‬وي ــقوم ع ــند‬
‫االقتضاء بهذه األعمال باسم املنتخبني أو التجار أو لحسابهم‪.‬‬
‫• ويــعتبر بــحكم املــمثل الــتجاري الــتاجــر الــذي يــقوم لــحسابــه الــخاص بــبيع مــا يشــتريــه بــناء لــعقد يــتضمن إعــطاءه‬
‫صفة املمثل أو املوزع الوحيد بوجه الحصر‪.‬‬
‫ولــكي يــخضع املــمثل الــتجاري لــضريــبة األربــاح الــتجاريــة يــجب عــليه مــمارســة املــهنة عــلى وجــه االســتقالل دون تــحقق رابــطة‬
‫التبعية بينه وبني املوكل‪ ،‬وإال اعتبر أجيرا تخضع أرباحه لضريبة الرواتب واألجور‪.‬‬
‫ع ــلى ك ــل ح ــال إن ال ــعقد ال ــقائ ــم ب ــني ال ــوك ــيل أو امل ــمثل ال ــتجاري وامل ــؤس ــسة ه ــو ال ــذي يح ــدد ط ــبيعة ال ــعالق ــة ب ــينهما وال ــوض ــع‬
‫الضريبي الجاري عليه‪.‬‬
‫لــكن دراســة الــحاالت املــختلفة ملــكاتــب الــتمثيل تظهــر نــوعــا مــن التهــرب الــضريــبي خــاصــة عــندمــا تــحاول بــعض املــؤســسات نــزع الــصفة‬
‫الـتجاريـة عـن هـذه املـكاتـب وإلـصاق الـصفة الـفنية فـيها )مـكتب تـمثيل فـني أو مـکتب ارتـباط ‪ (...‬بـينما هـي فـي الـحقيقة تـقوم بـواسـطة‬
‫هــذه املــكاتــب بــعمليات تــجاريــة واســعة‪ .‬وتــجنبا لهــذه املــحاذيــر رأى املشــرع الــضريــبي الــلبنانــي ضــرورة إخــضاع هــذه املــكاتــب لــضريــبة‬
‫األرباح التجارية والصناعية بصرف النظر عن الصفة التي تطلق عليه‪.‬‬
‫وب ــموج ــب امل ــرس ــوم اإلش ــتراع ــي رق ــم ‪ 46‬ت ــاري ــخ ‪ 1983 / 6 / 24‬امل ــعدل ب ــال ــقان ــون رق ــم ‪ 19‬ت ــاری ــخ ‪ 2008/9/5‬ص ــدر ن ــظام‬
‫الشــركــات املــحصور نــشاطــها خــارج لــبنان ) أوف شــور ( ‪ ،‬وقــد أخــضعت ألحــكام الــقانــون املــذكــور الشــركــات املــغفلة الــلبنانــية‬
‫التي تتعاطى على سبيل املثال النشاطات التالية ‪:‬‬
‫‪42‬‬
‫املــادة األولــى مــن املــرســوم اإلشــتراعــي رقــم ‪ 46‬تــاریــخ ‪ : 1983/6/24‬تــخضع لهــذا الــقانــون الشــركــات املــغفلة الــلبنانــية الــتي‬
‫تتقاضی حساباتها ‪:‬‬
‫‪ -1‬الــتفاوض وتــوقــيع الــعقود واالتــفاقــات بــشأن عــمليات وصــفقات يجــري تــنفيذهــا خــارج االراضــي الــلبنانــية ‪ ،‬وتــعود ألمــوال‬
‫موجودة في الخارج أو في املناطق الجمركية الحرة‪.‬‬
‫‪ -2‬إدارة ش ــرك ــات وم ــؤس ــسات م ــحصور ن ــشاط ــها خ ــارج ل ــبنان إن ــطالق ــا م ــن ل ــبنان وت ــصدي ــر الخ ــدم ــات امل ــهنية واإلداري ــة‬
‫والتنظيمية وخدمات وبرامج املعلوماتية بكل أنواعها إلى مؤسسات مقيمة خارج لبنان وبناء لطلب تلك املؤسسات‪.‬‬
‫‪ -3‬عــمليات الــتجارة الــخارجــية املــثلثة أو املــتعددة األطــراف الــجاريــة خــارج لــبنان ‪ ،‬وألجــل ذلــك لشــركــات األوف شــور إجــراء‬
‫ال ــتفاوض ‪ ،‬وت ــوق ــيع ال ــعقود ‪ ،‬وش ــحن ال ــبضائ ــع ‪ ،‬وإع ــادة إص ــدار ال ــفوات ــير األع ــمال وع ــمليات خ ــارج ل ــبنان ‪ ،‬أو م ــن امل ــناط ــق‬
‫الجـمركـية الحـرة فـي لـبنان وإلـيها ويـشمل ذلـك اسـتعمال الـتسهيالت املـتوافـرة فـي املـناطـق الجـمركـية الحـرة فـي لـبنان لتخـزيـن‬
‫البضائع املستوردة بغاية إعادة تصديرها‪.‬‬
‫‪ -4‬القيام بأعمال ونشاطات النقل البحري‪.‬‬
‫‪ -5‬تـملك أسـهم وحـصص وسـندات ومـشاركـات فـي مـؤسـسات وشـركـات أجـنبية غـير مـقيمة و إقـراض املـؤسـسات غـير املـقيمة‬
‫التي تملك شركة األوف شور أكثر من ‪ % 20‬من رأسمالها ‪.‬‬
‫‪ -6‬تملك ‪ ،‬و ‪ /‬أو االنتفاع من حقوق عائدة لوكاالت مواد وبضائع وتمثيل الشركات أجنبية في أسواق خارجة‪.‬‬
‫‪ -7‬فتح فروع ومکاتب في الخارج‪.‬‬
‫‪ -8‬ب ــناء واس ــتثمار وإدارة وت ــملك امل ــشاري ــع االق ــتصادي ــة ك ــاف ــة ب ــاس ــتثناء املح ــظورات ال ــواردة ف ــي امل ــادة ال ــثان ــية م ــن ه ــذا‬
‫القانون ‪.‬‬
‫‪ -9‬فـتح االعـتمادات واالقـتراض لـتمويـل الـعمليات والـنشاطـات املـشار إلـيها أعـاله مـن مـصارف و مـؤسـسات مـالـية مـقيمة فـي‬
‫لبنان أو في الخارج‪.‬‬
‫‪ -10‬اسـتئجار املـكاتـب فـي لـبنان وتـملك الـعقارات الـالزمـة لـنشاطـها ‪ ،‬مـع مـراعـاة قـانـون تـملك األجـانـب لـحقوق عـينية عـقاريـة‬
‫في لبنان "‪.‬‬
‫ويحظر على الشركات املنصوص عليها في هذا املرسوم اإلشتراعي ‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫تعاطي عمليات التأمني بمختلف أنواعها‬
‫‪-‬‬
‫والعمليات واألعمال التي تزاولها املصارف واملؤسسات املالية كافة الخاضعة لرقابة مصرف لبنان ‪،‬‬
‫‪-‬‬
‫كما يحظر عليها القيام في لبنان باألعمال غير تلك املشار إليها في املادة األولى من هذا القانون‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫كـذلـك يحـظر عـليها جـني اي ربـح أو ريـع أو إيـراد مـن أمـوال مـنقولـة أو غـير مـنقولـة مـوجـودة فـي لـبنان ‪ ،‬أو مـن جـراء تـقديـم‬
‫خ ــدم ــة مل ــؤس ــسات م ــقيمة ف ــي ل ــبنان ‪ ،‬م ــا ع ــدا إي ــراد ح ــساب ــات ــها امل ــصرف ــية واإلي ــرادات ال ــنات ــجة ع ــن االك ــتتاب ف ــي س ــندات‬
‫الخزينة اللبنانية والتداول لها‪.‬‬
‫وأخ ــضع امل ــرس ــوم اإلش ــتراع ــي امل ــذك ــور الش ــرك ــات امل ــحصور ن ــشاط ــها خ ــارج ل ــبنان ) أوف ش ــور ( األح ــكام خ ــاص ــة ت ــتعلق‬
‫بـنظامـها وحـسابـاتـها املـصرفـية وطـريـقة مـسكها ‪ ،‬كـما أوجـب عـليها ضـرورة تـسجيلها ونشـر مـيزانـيتها ومـوجـب مـسك الـسجالت‬
‫‪43‬‬
‫املـحاسـبية ووضـع الـبيانـات املـالـية الـسنويـة وتـقديـم الـتصاريـح وتسـديـد الـضرائـب وفـرض عـليها غـرامـة مـقدارهـا خـمسني ألـف‬
‫ليرة لبنانية شهريا عند تأخرها عن تقديم التصريح القانوني باإلضافة للضريبة املتوجبة‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه الشركات قد أعفيت من ضريبة الدخل على األرباح فإنها أخضعت ‪:‬‬
‫• لضريبة سنوية مقطوعة قدرها ‪ 1000,000‬ليرة لبنانية‬
‫• كما أعفيت العقود التي توقعها الشركة في لبنان واملتعلقة بأعمالها خارج لبنان من رسم الطابع املالي‬
‫• وأعفيت أنصبة األرباح التي توزعها من الضريبة على إيرادات رؤوس األموال املنقولة‪.‬‬
‫أمـا ربـح التحسـني الـناتـج عـن تـفرغ الشـركـة عـن مـوجـوداتـها الـثابـتة فـي لـبنان فـيبقى خـاضـعا لـلضريـبة املـنصوص عـليها فـي‬
‫امل ــادة ) ‪ ( 45‬م ــن ق ــان ــون ض ــري ــبة ال ــدخ ــل ‪ ،‬ك ــما ت ــخضع روات ــب وأج ــور املس ــتخدم ــني ال ــعام ــلني ف ــي الش ــرك ــة ل ــضري ــبة ال ــباب‬
‫الــثانــي ‪ ،‬ويــعتبر ‪ ٪ 30‬مــن الــراتــب األســاســي للمســتخدم األجــنبي الــعامــل فــي الشــركــه بــمثابــة تــعویــض تــمثيل غــير خــاضــع‬
‫للضريبة على الرواتب واألجور‪.‬‬
‫وفـرض عـلى الشـركـة تـأديـة الـضرائـب املـتوجـبة عـليها دفـعة واحـدة عـند الـتصريـح عـن األعـمال وخـالل املـدة املحـددة لـه ‪ ،‬تـضاف‬
‫إلى الضريبة غرامة قدرها نصف باأللف عن كل يوم تأخير‪.‬‬
‫وأخــضعت الشــركــة أخــيرا لــضريــبة الــدخــل املــطبقة عــلى شــركــات األمــوال حــال مــخالــفتها لــألعــمال املحــظور عــليها الــقيام بــها ‪.‬‬
‫بالنسبة للسنة التي تمت فيها املخالفة ‪ ،‬على أن يضاف إلى الضريبة غرامة قدرها ) ‪ (% 50‬من قيمتها‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫املطلب الرابع ‪ :‬تحديد األرباح الخاضعة للضريبة‬
‫املرحلة الثانية ‪ :‬النفقات واالعباء القابلة للتنزيل‬
‫فــي ســبيل الــوصــول لــلربــح الــصافــي الــخاضــع لــلضريــبة‪ ،‬أجــاز الــقانــون الــضريــبي الــلبنانــي بــأن تــخصم مــن الــواردات غــير‬
‫الـصافـية جـميع الـنفقات واالعـباء الـتي تـقتضيها مـمارسـة الـتجارة أو الـصناعـة أو املـهنة‪ ،‬فـإذا خـرجـت عـن حـدود هـذه املـمارسـة‬
‫يرفض قبولها‪.‬‬
‫ول ــم يش ــذ ال ــقان ــون ــان ال ــضري ــبيان امل ــصري وال ــفرن ــسي ع ــن ه ــذه ال ــقاع ــدة‪ ،‬ح ــيث ع ــرف ال ــرب ــح ال ــخاض ــع ل ــلضري ــبة ب ــأن ــه ال ــرب ــح‬
‫الحاصل بنتيجة مجموع العمليات التي يحققها املشروع بعد استبعاد النفقات الخاصة بهذه العمليات‪.‬‬
‫أم ــا املش ــرع االم ــيرك ــي‪ ،‬ف ــقد اع ــتبر ان ال ــرب ــح ال ــصاف ــي ي ــتكون ب ــعد خ ــصم ج ــميع ال ــتكال ــيف ال ــواج ــبة ش ــرط ان ت ــكون ع ــادي ــة‬
‫وضرورية‪.‬‬
‫و قـد حـددت املـادة الـسابـعة بـعض الـنفقات واألعـباء تـقتضيها مـمارسـة الـنشاط الـتي يـجب تـنزيـلها مـن األربـاح اإلجـمالـية بـغية‬
‫التوصل لتحديد الربح الضريبي الصافي‪ .‬وهذه النفقات هي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬بدل شراء البضائع والسلع املباعة وبدل الخدمات املسداة أثناء الستة‬
‫ي ــجب أن ت ــعادل ال ــنفقات ال ــواج ــب خ ــصمها ه ــنا ث ــمن ال ــبضاع ــة وامل ــواد امل ــباع ــة ف ــقط‪ ،‬أم ــا ق ــيمة ال ــبضاع ــة أو الس ــلع أو امل ــواد‬
‫املخزونة فينبغي أن ال تضاف إلى مجموع اإليرادات‪.‬‬
‫وكذلك ينبغي خصم ما دفع مقابل الخدمات التي دفعتها املؤسسة لقاء حصولها على مستلزمات اإلنتاج‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم هذه املستلزمات إلى نوعني ‪:‬‬
‫النوع األول ‪ :‬ويتمثل بشراء املواد األولية والسلع الوسيطة واملنتجات الجاهزة‪.‬‬
‫إن املـؤسـسات الـتجاريـة تـتكبد عـدة مـصاريـف لـكي يـتم هـذا الشـراء‪ .‬مـن هـذه املـصاريـف ‪ :‬الـرسـوم الجـمركـية‪ ،‬مـصاريـف الـنقل‬
‫والشحن والتفريغ وغيرها…‬
‫الـنوع الـثانـي ‪ :‬وتــختص بــمصاريــف مــتنوعــة كــمصاريــف الكهــربــاء واملــاء ومــصاريــف الــهاتــف والــبرق والــبريــد ومــصاريــف‬
‫الصيانة ‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬بدل إيجار املحل الذي تمارس فيه املهنة أو قيمته التأجيرية إذا كان يخص املكلف‬
‫وقد نصت على ذلك الفقرة الثانية من املادة السابعة من املرسوم اإلشتراعي ‪: ٥٩ /١٤٤‬‬
‫• إذ أتاحت ملستأجر العقار خصم بدل اإليجار الذي يدفعه فعال‪،‬‬
‫• وأجازت للمالك خصم القيمة التأجيرية للعقار الذي يملكه تحقيقا ملبدأ املساواة بني اإلثنني‪.‬‬
‫غـير أن املشـرع نـص فـي املـادة الـسابـعة مـن قـانـون األمـالك املـبنية عـلى إعـفاء الـعقارات مـن ضـريـبة األمـالك املـبنية إذا كـانـت‬
‫املــؤســسة الــتجاريــة أو الــصناعــية تــشغل هــذه الــعقارات وتــملكها ‪” :‬يخــرج مــن نــطاق الــضريــبة ‪ -‬أي ضــريــبة األمــالك املــبنية ‪-‬‬
‫وي ــعتبر ع ــنصرا م ــن ع ــناص ــر االس ــتثمار ال ــصناع ــي أو ال ــتجاري أب ــنية امل ــؤس ــسات ال ــصناع ــية أو ال ــتجاري ــة ال ــتي يس ــتعملها‬
‫م ــال ــكوه ــا أو مس ــتثمروه ــا‪ ،‬ع ــندم ــا ت ــكون ه ــذه امل ــؤس ــسات خ ــاض ــعة ل ــضري ــبة ال ــدخ ــل ع ــلى أس ــاس ال ــرب ــح ال ــحقيقي‪ .‬وال ي ــجوز‬
‫‪45‬‬
‫ل ــلمؤس ــسة ال ــتي ت ــنطبق ع ــليها أح ــكام ال ــفقرة ال ــساب ــقة أن ــه ت ــنزل م ــن أرب ــاح ــها أي م ــبلغ ل ــقاء ال ــقيمة ال ــتأج ــيري ــة ل ــألب ــنية ال ــتي‬
‫تستعملها‪.‬‬
‫=< يستنتج مما تقدم ‪:‬‬
‫‪ -١‬بـالنسـبة لـلمكلف الـذي يسـتأجـر مـحاالت أو بـنایـات لـغرض نـشاطـاتـه الـتجاريـة أو الـصناعـية فـإن بـدل اإليـجار الـذي يـدفـعه‬
‫يعتبر من تكاليف الربح وينزل من وعاء الضريبة‪.‬‬
‫‪ -٢‬بـالنسـبة لـلمكلف الـذي يسـتعمل األبـنية الـتي يـملكها فـي نـشاطـاتـه الـتجاريـة أو الـصناعـية أربـاحـها الـحقيقية لـلضريـبة‪ ،‬ال‬
‫يجوز لهذا املكلف أن ينزل من أرباحه تلك أي مبلغ لقاء القيمة التأجيرية لهذه األبنية اململوكة له واملستعملة من قبله‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬فوائد القروض املعقودة مع الغير في سبيل العمل‬
‫فــي ســبيل اســتمرار أعــمالــها ونــشاطــها تــحتاج املــؤســسات الــفرديــة والشــركــات فــي أحــيان كــثيرة االقــتراض مــبالــغ مــن املــال‬
‫تدفع عنها فوائد‪.‬‬
‫وقـد أجـاز الـقانـون الـضريـبي الـلبنانـي لهـذه املـؤسـسات أن تـنزل قـيمة هـذه الـفوائـد مـن أربـاحـها الـخاضـعة لـلضريـبة‪ ،‬عـلى أن‬
‫تتوفر فيها الشروط التالية ‪:‬‬
‫‪ -١‬أن تكون الفائدة نتاج قرض حقيقي ثابت بمستندات رسمية مقبولة تلزم املكلف بدفع الفوائد بعيدا عن الصورية‪.‬‬
‫‪ -٢‬ح ــتى ت ــعتبر ال ــفائ ــدة ع ــبئا ع ــلى ال ــرب ــح ي ــجب أن ي ــكون ال ــقرض مس ــتخدم ـا ً ف ــي اس ــتثمارات ت ــخضع أرب ــاح ــها إل ــى ض ــري ــبة‬
‫األرباح التجارية والصناعية واملهنية‪.‬‬
‫‪ -٣‬حـتى تـعتبر فـائـدة قـرض مـا عـبئا عـلى الـربـح يـجب أن يجـري هـذا الـقرض بـني شـخصني مـنفصلني بـمعنى أن يـكون هـناك‬
‫مقرض ومستقرض‪ ،‬أي أن يكون هنالك شخصية حقوقية منفصلة عن األخرى وذمة مالية مستقلة‪.‬‬
‫رابــعا ‪ :‬الــرواتــب واألجــور و كــل مــا يــدفــع للمســتخدمــني والــعمال بــدال عــن خــدمــاتــهم أو تــعويــضا ً عــن صــرفــهم مــن الخــدمــة وفــقا‬
‫للتشريع الخاص باملستخدمني والعمال‬
‫تعتبر الرواتب واألجور من ضمن النفقات الواجب استبعادها من وعاء الضريبة على األرباح‪.‬‬
‫وتــخضع هــذه الــرواتــب واألجــور لــضريــبة نــوعــية مــختلفة هــي ضــريــبة الــباب الــثانــي )أو ضــريــبة عــلى الــرواتــب واألجــور(‪ .‬وهــي‬
‫تــشمل رواتــب وأجــور الــعمال واملســتخدمــني فــي املــؤســسة لــقاء عــملهم ســواء كــانــت شهــريــة أو أســبوعــية أو يــومــية وســواء دفــعت‬
‫ك ــلها ن ــقدا أو ج ــزء م ــنها ن ــقدا واآلخ ــر ع ــيناً‪ ،‬وس ــواء ص ــرف ــت ك ــلها أم ب ــعضها ف ــي ش ــكل نس ــبة م ــن رق ــم األع ــمال وم ــن ص ــاف ــي‬
‫األرباح‪.‬‬
‫فهـذه الـتكالـيف هـي نـوع مـن االلـتزام عـلى صـاحـب املـؤسـسة نـحو عـمالـه ومسـتخدمـيه مـقابـل مـا يـؤدونـه مـن أعـمال وفـقا لـلعالقـة‬
‫التبعية بني رب العمل والعامل كما ينص على ذلك عقد العمل‪.‬‬
‫وعــليه فــال يــجوز لــصاحــب الــعمل أو املــؤســسة احــتساب أجــر أو مــرتــب لــهم لــقاء قــيامــه بــإدارة أعــمال املــؤســسة‪ ،‬ألن الــضريــبة‬
‫على األرباح التجارية والصناعية هي ضريبة مفروضة على نتاج العمل ورأس املال‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫وخــصم راتــب صــاحــب املــؤســسة الــفرديــة مــن األربــاح يــجعل الــضريــبة مــقتصرة عــلى نــتاج رأس املــال وحــده‪ .‬يــضاف إلــى ذلــك‬
‫أن األجــر يــكون نــتيجة عــالقــة بــني األجــير ورب الــعمل وهــذه الــعالقــة مــعدومــة بــني رب الــعمل ومــؤسســته‪ ،‬إذ ال يــعقل أن يــكون‬
‫الفرد أجيرا عند نفسه‪ ،‬لذلك استبعاد احتساب راتب أو أجر لصاحب املؤسسة الفردية‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬النفقات العامة املألوفة األخرى‪ ،‬ومنها تأمني العمال واملستخدمني‬
‫جـاء تـعداد الـنفقات فـي هـذه الـفقرة بـشكل عـام ولـيس بـشكل حـصري ‪ ،‬وهـذا يـعني أن املـجال قـد بـقي مـفتوحـا أمـام الـدوائـر‬
‫املـالـية لـالسـترشـاد بـالـقواعـد املـحاسـبية وبـالـعرف واالجـتهاد املـعرفـة مـا إذا كـان تـنزيـل هـذه الـنفقات مـن األربـاح واجـبا أم ال ‪.‬‬
‫وهــكذا اعــتبرت نــفقات الــسفر وبــدالت االنــتقال وتــكالــيف الــسيارة ومــركــبات الــنقل الــخاصــة مــن الــنفقات الــواجــبة الــتنزيــل مــن‬
‫األرباح اإلجمالية بشرط أن ترتبط بنشاط املؤسسة وبأغراضها‪.‬‬
‫كـذلـك اعـتبرت أيـضا مـن الـتكالـيف الـواجـبة الـخصم مـن الـربـح اإلجـمالـي )الـغير خـاضـعة لـلضريـبة( أقـساط الـتأمـني الـخاصـة‬
‫باملؤسسة )التأمني ضد الحريق( وبالعاملني بها )حوادث العمل(‪.‬‬
‫وي ــدخ ــل ف ــي ه ــذا اإلط ــار أي ــضا أق ــساط ال ــتأم ــينات ال ــتي ت ــؤدي ــها امل ــؤس ــسة وف ــقا ل ــقان ــون ال ــتأم ــينات االج ــتماع ــية )اش ــتراك ــات‬
‫التأمينات االجتماعية(‪.‬‬
‫وتــشمل املــصاريــف الــعامــة جــميع الــرســوم الــقضائــية ودعــاوى الــتعويــضات الــتي يــحكم بــها عــلى املــكلف أو عــلى مســتخدمــيه‬
‫بشرط تعلقها بنشاط املؤسسة أو بحقوقها وبالتزاماتها تجاه الغير‪.‬‬
‫ســادســا ‪ :‬مــا وضــع قــيد الــتحصيل فــي خــالل الــسنة مــن ضــرائــب‪ ،‬ورســوم مــترتــبة عــلى املــؤســسة أو املــهنة مــا خــال الــضرائــب‬
‫املنصوص عليها في هذا املرسوم االشتراعي‬
‫اعتبرت ضريبة الدخل املتوجبة على املؤسسة وبعض الضرائب األخرى ‪:‬‬
‫• كالضريبة على الرواتب واألجور‬
‫• والضريبة على غير املقيمني‬
‫• والضريبة على فوائد القروض املستحقة على املؤسسة للغير‬
‫بأنها ليست من األعباء القابلة للتنزيل‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬االستهالكات املحسوبة على أساس سعر الكلفة األصلي لعناصر األصول بناء على اقتراح مدير املالية العام‬
‫من املتعارف عليه أن قيمة األصول الثابتة ملؤسسة ما تتناقص تدريجيا بنتيجة االستعمال أو انقضاء الزمن أو القدم‪.‬‬
‫فــاآللــة املســتخدمــة فــي املــؤســسة ال تــحتفظ عــلى الــدوام بــمنفعتها االقــتصاديــة ألن قــيمتها تــنخفض بســبب اخــتراع آلــة أفــضل‬
‫منها‪.‬‬
‫ومـن هـنا يـأخـذ صـاحـب املـؤسـسة الـحيطة والحـذر فـيلجأ إلـى اقـتطاع مـبالـغ سـنويـة مـن أربـاحـه اإلجـمالـية حـتى يـتمكن بـعدهـا‬
‫من شراء اآلالت الجديدة‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫وهـذه املـبالـغ املـقتطعة لهـذا الـغرض تـنزل مـن وعـاء الـضريـبة عـلى األربـاح الـتجاريـة والـصناعـية‪ ،‬ألنـها تـشمل أجـزاء مـن رأس‬
‫املـال تسـربـت أثـناء عـملية اإلنـتاج إلـى الـداخـل واسـتقرت فـيه‪ ،‬فـالـضريـبة تـفرض عـلى الـربـح ال عـلى رأس املـال‪ ،‬فـيقتضي إذا‬
‫إعادة تلك املبالغ إلى رأس املال حتى ال تطاله الضريبة‪.‬‬
‫وكــما فــعلت مــعظم التشــريــعات الــعاملــية ‪ :‬كــالــفرنــسية واألمــيركــية واإلنــكليزيــة ‪ ..‬الــخ ‪ ،‬فــإن املشــرع الــلبنانــي نــص عــلى وجــوب‬
‫اعتبار االستهالك من االعباء الواجبة الخصم من األرباح قبل فرض الضريبة عليها )الفقرة السابعة من املادة السابعة(‪.‬‬
‫ث ــام ــنا ‪ :‬م ــال االح ــتياط امل ــدخ ــر مل ــواج ــهة خ ــسائ ــر ال ــدي ــون ع ــند إع ــالن اإلف ــالس أو ل ــدف ــع ت ــعوي ــضات ال ــصرف م ــن الخ ــدم ــة أو‬
‫معاشات التقاعد أو تعويضات الطوارئ وفقا للقوانني املرعية اإلجراء‬
‫ن ــصت ال ــفقرة ال ــثام ــنة م ــن امل ــادة ال ــساب ــعة ع ــلى ت ــكوي ــن ب ــعض االح ــتياط ــات وت ــنزي ــلها م ــن ال ــواردات لتح ــدي ــد ال ــرب ــح ال ــصاف ــي‬
‫الخاضع للضريبة‪ .‬وهذه االحتياطات هي التالية ‪:‬‬
‫‪ -١‬احتياطات ملواجهة خسائر الديون عند إعالن اإلفالس‬
‫‪ -٢‬احتياطي بدفع تعويضات الصرف من الخدمة‬
‫‪ -٣‬احتياطي لدفع معاشات التقاعد‬
‫‪ -٤‬احتياطي لتعويضات الطوارئ‬
‫تــاســعا ‪ :‬املــبالــغ الــتي يــثبت أنــها دفــعت عــلى ســبيل اإلســعاف أو الــتبرع أو اإلحــسان إلــى مــؤســسات خــيريــة أو اجــتماعــية أو‬
‫ثقافية أو رياضية معترف بها رسميا وذلك ضمن الحدود العامة التي تعني بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء‬
‫أجـاز املشـرع الـلبنانـي فـي هـذه الـفقرة لـلمؤسـسات تـنزيـل املـبالـغ املـدفـوعـة عـلى سـبيل اإلسـعاف والـتبرع‪ ،‬أو اإلحـسان بشـرط‬
‫أن توجه إلى مؤسسات خيرية أو اجتماعية أو ثقافية معترف بها رسميا ً‪.‬‬
‫واالع ــتراف ال ــرس ــمي ي ــتم ع ــادة ب ــموج ــب ع ــلم وخ ــبر ص ــادر ع ــن وزارة ال ــداخ ــلية أو ت ــرخ ــيص ص ــادر ع ــن س ــلطة رس ــمية أخ ــرى‬
‫مختصة‪.‬‬
‫هـذا وقـد اشـترط الـقانـون أن تحـدد قـواعـد و حـدود هـذا الـخصم بـقرار مـن مجـلس الـوزراء‪ ،‬فـصدر املـرسـوم رقـم ‪ ١٤٩١٣‬تـاريـخ‬
‫‪ ١٧‬تـموز ‪ ١٩٧٠‬والـذي حـدد الحـد األقـصى لـلمبالـغ الـتي يـمكن تـنزيـلها مـن األربـاح الـخاضـعة لـضريـبة الـدخـل بـواحـد بـاأللـف‬
‫مــن مجــموع قــيمة واردات املــؤســسة الــسنويــة الــدافــعة غــير الــصافــية‪ ،‬شــرط أن ال يــتجاوز خــمسة عشــر ألــف لــيرة لــبنانــية فــي‬
‫السنة‪.‬‬
‫عاشرا ‪ :‬الديون املستحقة التي ثبت هالكها بالفعل بعد استنفاذ جميع الوسائل القانونية لتحصيلها‬
‫بــموجــب هــذه الــفقرة يــسمح بــتنزيــل قــيمة الــديــن أو الــقسم الــهالــك مــنه مــن أربــاح املــؤســسة وذلــك بــعد اســتنفاذ جــميع وســائــل‬
‫التنفيذ بشأنها فال يسمح القانون بتنزيل قيمتها من األرباح‪.‬‬
‫لكن باملقابل يمكن تكوين احتياطي لها عند إعالن إفالس املدين وذلك ملواجهة الخسارة التي قد تحصل عند تنفيذ الدين‪.‬‬
‫والجـديـر بـالـذكـر أنـه بـالـرغـم مـن التشـدد الـذي يظهـره الـنص إال أنـه يـفسح املـجال أمـام الـدائـن لتخـليص بـعض ديـنه الـهالـك عـبر‬
‫إجراء املصالحة عليه والقبول ببعضه والتنازل عن الباقي‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫غــير أن هــذا الــتفسير الــواســع كــان يــعاكــس الــتفسير الــقانــونــي الــقاضــي بــاســتنفاذ وســائــل الــتنفيذ الــقانــونــية بــالــلجوء لــلقضاء‬
‫إث ــبات ــا له ــالك ال ــدي ــن‪ .‬وك ــان ه ــذا األم ــر م ــبعثا ل ــعدم االس ــتقرار ف ــي امل ــعام ــالت إذ وج ــب األخ ــذ ب ــكل ق ــضية ع ــلى ح ــده ل ــدرس ــها‬
‫ومحاولة معرفة ما إذا كان اللجوء إلى االتفاقيات أفضل من الوسائل القانونية الالزمة لتحصيل الدين‪.‬‬
‫ولـوضـع حـد لهـذا الجـدل الـقائـم صـدر الـقانـون رقـم ‪ 80/27‬الـذي قـضى بـإجـازة تـنزيـل " الـديـون املسـتحقة الـتي يـثبت هـالكـها‬
‫ب ــال ــفعل ب ــعد ات ــخاذه ــا ال ــتداب ــير ال ــالزم ــة ل ــتحصيلها " ‪ .‬وه ــذا ي ــعني أن ش ــرط امل ــنازع ــة ال ــقضائ ــية ك ــطري ــق وح ــيد إلث ــبات ه ــالك‬
‫الدين قد أزيل‪.‬‬
‫بيد أن الدائن يبقي ملزما بإثبات هالك الدين على ضوء كافة الظروف والوقائع املحيطة به‪.‬‬
‫وأخـيرا يـجوز لـلمكلف تـنزيـل قـيمة الـديـن الـهالـك عـلى حـساب الـسنة املـالـية الـتي يـصبح فـيها الـديـن هـالـكا‪ ،‬كـما يـتوجـب عـليه أن‬
‫يضيف ألرباح السنة ما يحصله من ديون سبق اعتبارها هالكة في سنوات سابقة وجرى تنزيلها من األرباح في حينه‪.‬‬
‫إحــدى عشــر ‪ :‬نــفقات اإلعــالن والــدعــايــة الــتجاريــة املــثبتة بــموجــب مســتندات نــظامــية وذلــك ضــمن حــدود تــعني بــمرســوم يتخــذ‬
‫بمجلس الوزراء‬
‫نـظرا لـتنوع نـفقات اإلعـالن والـدعـايـة الـتجاريـة عـمد املشـرع الـضريـبي الـلبنانـي إلـى فـصلها عـن الـنفقات الـعامـة مـوفـرة لـها فـقرة‬
‫خاصة‪.‬‬
‫وقـد سـاعـد تـطور وسـائـل اإلعـالم وتـنوعـها عـلى زيـادة فـعالـية هـذه املـواضـيع مـما جـعل مـن عـلم الـدعـايـة واإلعـالن عـلما ً خـاصـاً‬
‫قائما ً بذاته‪.‬‬
‫هذا وقد اعتبرت نفقات الدعاية واإلعالن من النفقات املهنية القابلة للتنزيل من األرباح الخاضعة للضريبة‪.‬‬
‫• وق ــد أی ــد مج ــلس ش ــورى ال ــدول ــة ه ــذا االت ــجاه ف ــاع ــتبر أن ال ــنفقات ال ــحاص ــلة م ــن اله ــداي ــا ال ــتي ت ــوزع ــها إح ــدى‬
‫الشركات على املستهلكني للدعاية تقع ضمن األعباء القابلة للتنزيل من األرباح‪.‬‬
‫• وف ــي ق ــرار آخ ــر اع ــتبر ه ــذا املج ــلس أن ال ــتبرع ــات ال ــتي ي ــقصد ب ــها ال ــدع ــاي ــة ت ــعتبر م ــن ال ــنفقات ال ــتي ت ــنزل م ــن‬
‫األرباح وال تخضع بالتالي للضريبة‪.‬‬
‫مـع اإلشـارة إلـى أن هـذه املـصاريـف ال تـنزل مـن واردات الـسنة الـواحـدة وإنـما تسـتهلك عـلى عـدة سـنوات بـاعـتبار أن مـردودهـا‬
‫يتجاوز سنة اإلنفاق إلى السنوات الالحقة‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫املرحلة الثالثة ‪ :‬النفقات واألعباء غير القابلة للتنزيل‬
‫بـمقابـل الـنفقات واألعـباء الـتي يـجوز تـنزيـلها والـتي وردت فـي الـقانـون عـلى سـبيل املـثال نـص املشـرع صـراحـة فـي ذات املـادة‬
‫الــسابــعة عــلى بــعض الــنفقات واألعــباء الــتي ال يــجوز تــنزيــلها أو خــصمها مــن اإليــرادات واألربــاح الــخاضــعة لــلضريــبة‪ .‬وقــد‬
‫حددت هذه النفقات على الشكل التالي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬فـوائـد رؤوس األمـوال والـنفقات الـتي تـزيـد فـي قـيمته‪ ،‬ومـنها الـنفقات عـلى تحسـني املـوجـودات مـا لـم تـكن نـفقات صـيانـة‬
‫معتبرة عادة من النفقات العامة‬
‫ك ــان م ــن ال ــطبيعي ع ــدم ال ــسماح ب ــتنزي ــل ال ــفوائ ــد م ــن األرب ــاح ألن ــها ال ت ــعتبر ت ــکليفا ً ع ــليها وإن ــما اس ــتعماال ل ــرأس امل ــال‪.‬‬
‫فاألرباح هي بمثابة فوائد على توظيف أموال املكلف استعماال لرأس املال وبذال لجهوده‪.‬‬
‫• وعليه فتكون الفوائد التي يحتسبها صاحب املؤسسية على رأسماله املوظف في مؤسسته غير قابلة للتنزيل‪.‬‬
‫• ولـم يـسمح الـقانـون للشـريـك املـتضامـن أو الشـريـك املـفوض بـاحـتساب فـوائـد عـلى رأس املـال الـذي يـقدمـانـه للشـركـة‬
‫على اعتبار أن األرباح التي يحصالن عليها هي ناتجة عن تضافر رأس املال والعمل في نشوئها‪.‬‬
‫• أمـا فـي حـالـة الشـريـك املـوصـي الـذي يـقدم أمـوالـه للشـركـة مـن دون أن يـحق لـه االشـتراك فـي إدارتـها‪ ،‬فـإن حـصته‬
‫فـي الـربـح تـتكون مـن نـتاج رأس املـال وحـده‪ .‬فـإذا نـص عـقد الشـركـة عـلى دفـع فـائـدة عـلى رأسـمالـه املسـتثمر فـي‬
‫الشركة فإن هذه الفائدة تنزل من األرباح وتسري عليها بالتالي ضريبة رؤوس األموال املنقولة‪.‬‬
‫أمـا بـالنسـبة لـلنفقات الـتي تـزيـد فـي قـيمة رأس املـال ال سـيما تـلك الـتي تـساهـم فـي تحسـني املـوجـودات فـإن الـقانـون نـص عـلى‬
‫عـدم إمـكانـية تـنزيـلها مـن واردات املـؤسـسة عـند حـساب الـربـح الـصافـي الـخاضـع لـلضريـبة‪ ،‬وقـد اعـتبرت هـذه املـصاريـف مـن‬
‫الــنفقات الــرأســمالــية الــتي يــمكن لــلمؤســسة إضــافــتها عــلى كــلفة األصــل حــيث يــتم اســتهالك قــيمتها عــلى أقــساط ســنويــة وفــقا‬
‫ملعدل استهالك األصل املضافة إليه‪.‬‬
‫أمـا نـفقات الـصيانـة الـعاديـة الـتي ال تـلحق تـحسينا فـي املـوجـودات فـيمكن تـنزيـلها مـن الـواردات بـاعـتبارهـا مـن الـنفقات الـعامـة‬
‫املألوفة‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬الضرائب والرسوم املدفوعة أو املستحقة لدولة أجنبية عن دخل حاصل في لبنان أو ألي سبب آخر‬
‫وه ــذا ال ــنص يجس ــد ت ــنازع ال ــقوان ــني ال ــضري ــبية م ــن ال ــناح ــية امل ــكان ــية‪ ،‬إذ ت ــصبح ب ــعض األرب ــاح امل ــحققة ف ــي ل ــبنان خ ــاض ــعة‬
‫لـلقانـون الـضريـبي الـلبنانـي )مـبدأ الـتبعية االقـتصاديـة( واألجـنبي مـعا‪ ،‬خـصوصـا إذا كـانـت هـذه الـدولـة األجـنبية تـأخـذ مـبدأ‬
‫التبعية السياسية للمستفيد من هذه األرباح‪.‬‬
‫ومعالجة االزدواج الضريبي ال تتم إال باتفاقيات دولية‪.‬‬
‫أمـا فـي ظـل غـياب هـذه االتـفاقـيات فـقد قـضى الـقانـون الـضريـبي الـلبنانـي بـان ال تـعتبر الـضريـبة األجـنبية عـلى دخـل حـصل‬
‫في لبنان من األعباء التي يمكن تنزيلها من األرباح الخاضعة للضريبة‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫ث ــال ــثا ‪ :‬ال ــخسائ ــر ال ــتي ت ــصيب امل ــكلف م ــن ج ــراء أع ــمال م ــؤس ــسات أو ف ــروع أو وك ــاالت أو م ــكات ــب أو س ــواه ــا واق ــعة خ ــارج‬
‫األراضي اللبنانية سواء كانت تابعة له أو كان تابعة لها وإن اقتصرت التبعية على اإلشراف‬
‫أن ذل ــك ه ــو ال ــنتيجة امل ــنطقية مل ــبدأ إق ــليمية ال ــضري ــبة امل ــطبق ف ــي ل ــبنان‪ ،‬ف ــكما أن ــه ال ي ــجوز إخ ــضاع األرب ــاح ال ــتي ي ــحققها‬
‫املـكلف فـي الـخارح لـلضريـبة الـلبنانـية‪ ،‬فـمن بـاب أولـى أنـه ال يـسمح تحـميل املـؤسـسة الـقائـمة فـي لـبنان الـخسائـر الـتي تـلحق‬
‫بها من جراء أعمالها خارج األراضي اللبنانية‪.‬‬
‫رابـعا ‪ :‬الـنفقات واألعـباء الـتي ال يـثبت املـكلف أنـه تحـملها لـلمساهـمة فـي أعـمال مـؤسـسات أو فـروع أو وكـاالت أو مـكاتـب أو‬
‫سواها في الخارج سواء كان تابعة لها أو كانت تابعة له‬
‫سـمح الـقانـون بـموجـب هـذه الـفقرة بـتنزيـل الـنفقات الـتي يـثبت املـكلف أنـه تحـملها لـلمساهـمة فـي أعـمال املـؤسـسات الـتابـعة لـه‬
‫أو التابع لها في الخارج من الواردات عند حساب الربح الخاضع للضريبة‪.‬‬
‫وتعتبر إجازة تنزيل هذه النفقات بمثابة تشجيع من املشرع للمؤسسات على التوسع واالنتشار‪.‬‬
‫وتـطبيقا لـلنص املـذكـور يـجوز لـلفروع أو لـلمكاتـب الـعامـلة فـي لـبنان والـتابـعة ملـراكـز رئـيسية قـائـمة فـي الـخارج أن تـساهـم فـي‬
‫نفقات املراكز املذكورة لقاء الخدمات التي يقدمها املركز األم لفرعه في لبنان‪.‬‬
‫غــير أنــه فــي كــل حــال‪ ،‬إذا كــان مــن املــقبول أن تتحــمل املــؤســسة فــي لــبنان نــفقات تــأســيس الــفروع واملــكاتــب فــي الــخارج فــإن‬
‫الــنفقات الــالحــقة الــعائــدة لــتسيير أعــمال الــفروع واملــكاتــب املــذكــورة تــبقى عــلى عــاتــق تــلك املــكاتــب والــفروع‪ ،‬طــاملــا أن نــشاطــها‬
‫في الخارج ال يخضع للضريبة في لبنان وذلك عمال بقاعدة الغرم بالغنم‪.‬‬
‫ويــمكن تــنزيــل الــنفقات الــتي تــتكبدهــا املــؤســسة عــلى فــروعــها أو مــكاتــبها فــي الــخارج إذا كــانــت تــلك الــنفقات لــقاء خــدمــة أو‬
‫منافع تقدمها الفروع أو املكاتب في الخارج للمؤسسة القائمة في لبنان‪.‬‬
‫خـامـسا ‪ :‬الـنفقات الـشخصية ومـنها املـبالـغ الـتي يـقتطعها صـاحـب الـعمل أو الشـريـك أجـرة لـه عـن إدارة املـؤسـسة أو لـنفقاتـه‬
‫الخاصة‬
‫ال يــجيز الــقانــون لــصاحــب املــؤســسة أو الشــريــك بــأن يــنزل مــن األربــاح نــفقاتــه الــشخصية ألن هــذه الــنفقات ال تــرتــبط بــنشاط‬
‫املـؤسـسة مـن جـهة‪ ،‬ولـكونـها ال تـساعـد فـي تـحقيق األربـاح مـن جـهة ثـانـية‪ .‬فـضال عـن أنـها تـعتبر بـمثابـة اسـتعمال لـلربـح ولـيس‬
‫تكليفا عليه من جهة ثالثة‪.‬‬
‫ب ــيد أن ال ــصعوب ــات ال ــتي ق ــد ت ــثار ت ــتعلق ب ــكيفية اع ــتبار ال ــنفقة ش ــخصية أم غ ــير ش ــخصية‪ ،‬إذ أن ب ــعض ن ــفقات ال ــتمثيل م ــن‬
‫ضيافة وهدايا وتفقات سفر واإلقامة في الخارج قد تكون أنفقت في سبيل العمل أم ال‪.‬‬
‫وعليه فيعود لإلدارة الضريبية والقاضي التثبت من األمر وإعطاء الصفة املناسبة للنفقة‪.‬‬
‫أمــا بــالنســبة لــلرواتــب الــتي يــتقاضــاهــا رب الــعمل أو الشــريــك‪ ،‬فــقد حــظر الــقانــون تــنزيــلها مــن الــواردات عــند حــساب الــربــح‬
‫الصافي الذي يخضع للضريبة‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫س ــادس ــا ‪ :‬ت ــعوي ــضات ال ــتمثيل ال ــتي ت ــتجاوز )‪ ( 10 %‬عش ــرة ب ــامل ــئة م ــن روات ــب املس ــتخدم األس ــاس ــية‪ ،‬وك ــذل ــك ك ــل م ــبال ــغة أو‬
‫زيادة عن الحدود املألوفة في الرواتب واألجور وسائر النفقات التي تقتضيها ممارسة التجارة أو الصناعة أو املهنة‬
‫ت ــعتبر ن ــفقات ال ــتمثيل ال ــتي ت ــدف ــعها الش ــرك ــات ل ــبعض م ــوظ ــفيها ج ــزءا ً م ـ ً‬
‫ـكمال ل ــلرات ــب م ــقاب ــل م ــا ي ــقوم ــون ب ــه ف ــي س ــبيل ت ــمثيل‬
‫الشركة أو املؤسسة‪.‬‬
‫وال تخضع هذه النفقات للضريبة على الرواتب واالجور باعتبارها نفقة يتكبدها املوظف في سبيل الشركة‪.‬‬
‫وت ــفادي ــا م ــن أن تس ــتغل ه ــذه ال ــتعوي ــضات ف ــي س ــبيل الته ــرب م ــن ال ــضري ــبة‪ ،‬ح ــدد املش ــرع ت ــعوي ــض ال ــتمثيل األق ــصى ال ــقاب ــل‬
‫للتنزيل من واردات املؤسسة بعشرة باملئة )‪ (٪١٠‬من أصل راتب املستخدم‪ ،‬على أن يعاد لألرباح كل تجاوز لهذه النسبة‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬الضرائب االستثنائية والغرامات الشخصية‬
‫وهذه الضرائب تفرض ملواجهة ظروف استثنائية معينة‪.‬‬
‫• وهـذا مـا حـصل فـعال بـالنسـبة لـضريـبة الـتعمير الـتي فـرضـت بـموجـب املـادة ‪ ١٢‬مـن قـانـون ‪ ٩‬نـيسان ‪ ١٩٥٦‬عـلى‬
‫أثر الزلزال الذي ضرب لبنان في سنة ‪،١٩٥٦‬‬
‫• وكــذلــك الــعالوة االســتثنائــية الــتي فــرضــها املــرســوم االشــتراعــي رقــم ‪ ٦٠‬تــاریــخ ‪ ١٩٦٧‬عــلى أثــر الحــرب الــعربــية ‪-‬‬
‫اإلسرائيلية‪.‬‬
‫وعدم تنزيلها من األرباح منطقي ألن الغاية من فرضها تنتفي في حال تنزيلها من األرباح‪.‬‬
‫أمـا الـغرامـات الـشخصية فـهي جـزاءات تـفرض عـلى املـكلف أو أحـد مسـتخدمـيه بـصفتهم الـشخصية كـالـغرامـة الـصادرة فـي‬
‫أثناء قيادة إحدى سيارات الشركة‪ .‬فلو أجزنا تنزيل هذه الغرامة لكان ذلك نوعا من معاقبة اإلدارة الضريبية‪.‬‬
‫‪52‬‬
Téléchargement