املبحث األول :أسس فرض الضريبة كثرت النظريات في تفسير األسس التي تقوم عليها الضريبة ،وتمحورت حول فكرتني رئيستني: الفكرة األولى ذهبت إلى االعتقاد بأن الضريبة هي مقابل ثمن خدمات الدولة للمواطنني. ب ــينما اس ــتندت ال ــفكرة ال ــثان ــية ع ــلى م ــفهوم ال ــواج ــب االج ــتماع ــي =< ف ــما دام امل ــواط ــنون يس ــتفيدون م ــن ك ــل خ ــدم ــاتالـدولـة وجـب عـليهم إخـضاع مـصالـحهم الـفرديـة لـصالـح املجـموع ،وذلـك عـبر املـساهـمة فـي تـمويـل الـنفقات الـعامـة لـلدولـة دون األخذ بعني االعتبار مقدار النفع الذي يمكن أن تؤمنه الدولة لهم. هـذا الـصراع بـني هـاتـني الـفكرتـني الـذي اسـتمر طـيلة الـقرن الـتاسـع عشـر بـدأ يـخبو فـي نـهايـة هـذا الـقرن ملـصلحة مـفهوم جـديـد يقوم على ارتباط الضريبة بمجتمع معني وباألمال التي يعلقها هذا املجتمع على الواجب والعدالة. • فالضريبة تقترن بوجود السلطة وتنحسر بانحسارها ،انها أحد أهم مظاهرها ،بل رمز من رموز سيادتها. =< وقـد شـدد مـعظم الـباحـثني عـلى هـذه الـنقطة ،حـتى أن أحـدهـم ذهـب إلـى حـد اعـتبار أن الـضريـبة هـي مظهـر صارخ لوجود السلطة العامة. • ف ــال ــسيادة ال ــضري ــبية وال ــسيادة ال ــسياس ــية ي ــرت ــبطان أش ــد االرت ــباط س ــواء أك ــان ذل ــك ف ــي امل ــجال ــني ال ــداخ ــلي أم الخارجي. -١السيادة الضريبية في املجال الداخلي : م ــن ال ــطبيعي االس ــتنتاج ب ــتالق ــي الس ــلطة ال ــضري ــبية وال ــسياس ــية ،ف ــال ــتاري ــخ ق ــد أع ــطى ع ــدة أم ــثلة به ــذا ال ــخصوص ،وك ــلها أظهرت بأن توسع سلطة الدولة الضريبية واكبه دائمة توسع سياسي والعكس صحيح. +فالتوسع الجغرافي بقي املظهر املهم الذي يسمح للمنتصر بفرض الضريبة على املهزوم. • فـوجـود الـضريـبة وفـرضـها مـرتـبط أشـد االرتـباط بـوجـود دولـة قـويـة وقـادرة عـلى فـرض الـقانـون عـلى جـميع أراضـيها )وخير دليل على ذلك نسوق مثل لبنان :فعندما تفككت الدولة وضعفت ،وهنت الضريبة واختفت(. • لكن عنصر القوة والقدرة وإن كانا ضرورین فإنه يجب أن يرافقهم عنصر القبول. • فقبول الضريبة من املواطنني هو ضروري حتى تبلغ مداها الطبيعي. • هذا مع العلم أن هذا املدى لن يكتمل إال إذا كانت السلطة شرعية. • فــاالعــتراف لــها بهــذه الشــرعــية يــضمن لــها حــتما االســتعانــة بهــذه الــضريــبة الــتي هــي مــن أهــم دعــامــات وجــودهــا وضمانة الستمرارها. • ف ــال ــضري ــبة ليس ــت ول ــن ت ــكون ع ــملية اب ــتزاز أو اخ ــتيار ت ــعسفية م ــن ق ــبل الس ــلطة ال ــحاك ــمة وإن ــما ي ــجب أن ت ــظل ضمن حدود القانون. شرعية الضريبةفــي الــديــمقراطــيات الــدســتوريــة يــبقى الــقانــون هــو املــعبر الــوحــيد عــن اإلرادة الــعامــة ؛ فــهو الــذي يجســد ســيادة الــشعب ضــمن إطار مفهومني : 1 قـبول الـضريـبة مـن الـعامـة :إذا كـان هـناك ثـقة مـن قـبل املـكلفني فـي الـطبقة الـسياسـية الـحاكـمة يظهـر هـذا الـقبول .أمـاإذا زالت هذه الثقة ،أصبح من الصعب على املكلف دفع الضريبة. ووسيلة اإلكراه كنتيجة طبيعية لهذا القبول.ف ــقبول ال ــضري ــبة م ــن ال ــعام ــة ي ــرت ــكز ع ــلى امل ــادة ١٤م ــن ش ــرع ــة ح ــقوق اإلن ــسان ال ــتي ج ــاء ف ــيها أن :ال ــشعوب ل ــها ال ــحق ف ــي املـراقـبة شـخصية أو بـواسـطة مـمثليهم ملـعرفـة ضـرورة الـحاجـة لـلمساهـمة فـي دفـع الـنفقات وفـي املـوافـقة عـليها ،ومـراقـبة طـرق استعمالها وتحديد نصابها ووعائها وطرق جبايتها ومدتها. من هذه املادة نستنتج عاملني مهمني : • العامل األول :ويشدد على تحقق الضريبة وضرورة قبولها من املكلف. • العامل الثاني :يتخلص في أن القانون يبقى له الكلمة الفصل في تحديد النظام األساسي للضريبة. وهـذان الـعامـالن نجـدهـما تـقريـبا فـي دسـاتـير دول الـعالـم كـلها ومـنهم الـدسـتور الـلبنانـي ،مـع فـارق طـبعا فـي الـتطبيق بـني دولـة وأخرى. فــالــضريــبة هــي عــلى نــفس مســتوى الــقواعــد الــتي تــرعــى الــحقوق املــدنــية والحــريــات الــعامــة ونــظام الــعقاب واملــحاكــمة إلــخ...فـلكل هـذه الـقواعـد يـبقى الـقانـون وحـده -ولـيس املـبادئ الـعامـة -هـو الـذي يحـدد الـقاعـدة الـواجـب تـطبيقها فـي حـني تنحسـر صالحيات السلطة التنظيمية على أمور محددة. قــد يحــدث فــي بــعض األحــيان أن يــفوض الــبرملــان الــحكومــة ســلطة تــنظيم بــعض الــقواعــد الــضريــبية ،لــكن هــذه الــطريــقة تــبقى استثنائية وقليلة نسبية إال في لبنان ،إذ نجد أن أكثرية التشريعات الضريبية صدرت بمراسيم. أما عن وسيلة اإلكراه ،فإننا نالحظ بأن القانون الضريبي يفرض نفسه على اإلدارة واملكلف على حد سواء.* فــاإلدارة الــضريــبية ال تســتطيع أن تــجبي ضــريــبة إال ضــمن مــا ســمح بــه الــقانــون ،وبــاملــقابــل ال تســتطيع أن تــعفي مــن دفــع الضريبة دون إذن قانوني وصريح وأال تتعرض للعقوبة. * أمــا املــكلف فــعالقــته مــع اإلدارة الــضريــبية ليســت تــعاقــديــة وإنــما يــبقى لــه وبحســب الــنصوص الــضريــبية وجــودا ً عــامـا ً وغــير شخصياً ،وقد يتعرض للعقوبات في حال املخالفة ،فضال عن املالحقات أمام املحاكم. وتجــدر اإلشــارة إلــى أن احــترام الــقانــون الــضريــبي مــن قــبل اإلدارة واملــكلف يــبقى مــضمون ـا ً مــن الــقاضــي الــذي يــرتــكز فــي تطبيقه على الصفة الخاصة لهذا القانون. إذا أن بـالـرغـم مـن الـقول الـسائـد والـذي يـصف الـقانـون الـضريـبي بـأنـه فـرع مـن فـروع الـقانـون الـعام ،إال أنـنا نـعتقد بـأنـه وإن كان فعال يميل لذلك فإنه يبقى له خاصية مستقلة به. =< وهـذا مـا أكـده مجـلس شـورى الـدولـة عـندمـا اعـتبر أنـه ال تـأثـير لـلنظام الشـركـة أو ألي قـانـون آخـر عـلى الـقانـون الـضريـبي الذي ترعاه مبادئ خاصة به ويجب األخذ بها. - ٢السيادة الضريبية في املجال الخارجي : الــدولــة املســتقلة مــن الــناحــية الــسياســية تــبقى ســيدة نــفسها عــلى أراضــيها وقــانــونــها -بــما فــيه الــضرائــبي -هــو الــذي يــجب اعتماده في أرجائها. 2 وهذا يعني أن القوانني الضرائبية األجنبية ال تعرف التطبيق في أراضي هذه الدولة. لـكن لهـذه الـقاعـدة الـعامـة بـعض االسـتثناءات الـتي تـتمثل فـي اتـفاقـات تهـدف ملـنع وقـوع االزدواج الـضريـبي =< ومـعنى هـذه الحالة أن ال يكون املكلف من بلد معني والذي يعمل في بلد آخر خاضعا ً للضريبة في كال البلدين. ف ــمن أج ــل رف ــع ال ــحيف ع ــن ك ــاه ــل ه ــذا ال ــفرد ل ــجأت ب ــعض ال ــدول إل ــى ه ــذا ال ــنوع م ــن االت ــفاق ــيات ال ــضري ــبية ال ــتي ف ــرض ــتها الظروف االقتصادية املعاصرة .ومن البديهي أن يتعطل تطبيق القانون الضريبي الداخلي ملصلحة تطبيق هذه االتفاقيات. 3 املبحث الثاني :وظائف االقتطاع الضريبي حـصرت الـنظريـة الـكالسـيكية الـضريـبة فـي مـجال ضـيق هـو سـد الـنفقات الـعامـة ،لـكن الـتطور االجـتماعـي واالقـتصادي وسـع مجال الضريبة فجعلها أداة مهمة للتنمية في املجالني االقتصادي واالجتماعي. - ١الهدف املالي للضريبة : ال يمكن الفصل بني مفهوم الضريبة ومفاهيم : • امليزانية، • الخزانة، • والنفقات العامة فهذه النفقات هي السبب الرئيسي لوجود الضريبة ،فحيث توجد نفقات يجب تغطيتها. إن هذه الحاجة الحتمية للضريبة فرضتها عوامل كثيرة : - مــنها مــا يــتعلق بــعدم قــدرة أربــاح املــرافــق الــعامــة عــلى تــغطية العجــز الــناجــم عــن االزديــاد امل ـطّرد لــنفقات الــدولــة العامة. - وم ــنها م ــا ي ــعود إل ــى امل ــشاك ــل ال ــكثيرة ال ــتي ت ــحول دون ال ــلجوء ل ــلقرض ف ــلو ل ــجأت ال ــدول ــة ل ــلقرض ل ــتوف ــير ب ــعض األموال التي هي بحاجة لها ،فإن منفعته تبقى محددة بسبب ضرورة مجابهة استهالكه وفائدته، وهكذا ال يبقى أمام الدولة إال الضريبة التي تعقد عليها كل اآلمال. ولكي تؤدي الضريبة ما يؤمل منها وجب توفر شروط كثيرة منها : • أن تدفع من جميع الناس • وعلى جميع األرباح واملداخيل بدون تهرب أو خداع، • وأن يكون ثمن تحصيلها ضعيفا، • إضافة إلى قبولها من جميع املكلفني. وهــذه األمــور ال تــتحقق إال إذا كــانــت الــضريــبة وبــقدر اإلمــكان غــير مــزعــجة وثــابــتة )ال تــتغير وال تــنقص كــميتها بســبب تــغير الظروف االقتصادية( ومرنة )تزداد مع ازدياد القيمة(. هـذه األهـمية املـالـية لـلضريـبة دفـعت الـعديـد مـن االقـتصاديـني لـلتركـيز عـليها رافـضني تـدخـلها فـي مـیادیـن أخـرى اقـتصاديـة أو اجــتماعــية ،فــالــضريــبة حســب قــول Stournيــجب أال تــكون مــقويــة أو مــصلحة لــألخــالق وال راقــية ،بــل يــجب أن تــكون مــمولــة للخزينة فقط. مـن الـبديـهي الـقول بـانـحسار وهـج هـذه الـنظريـة فـي عـصرنـا الـحاضـر ألن مـن املسـتحيل أن نـقطع بـواسـطة اإلكـراه الـضريـبي ِريَع الدخل الوطني الشرائية لألفراد مما ينذر بمضاعفات اقتصادية كثيرة. لهــذه األســباب ضــعفت دعــوى املــطالــبني بــحياد الــضريــبة املــطلق ألن الــضريــبة بحســب قــولــهم يــجب أن تــكون حــياديــة بــالنســبة لوسائل اإلنتاج. 4 نسـتنتج إذا أن الـتدخـل الـضريـبي لـم يـعد مسـتبعدا بـالـكامـل لـكن تـطبيقه ربـط بـاسـتنفاد عـوامـل تـدخـلية أخـرى )نـفقات عـامـة، تنظيم ،الخ( .ألن هدف الضريبة ليس القيادة وإنما سحب املال من املكلف. ولـكن بـالـرغـم مـن هـذا الـتردد الـواضـح تـجاه الـتدخـل بـواسـطة الـضريـبة ،فـإنـه يـبدو واضـحا الـيوم بـأنـه وإن كـان الهـدف املـالـي مــا يــزال يــحتل مــركــز الــصدارة كهــدف مــن أهــداف الــضريــبة إال أنــه لــم يــعد بــاســتطاعــته أبــدا أن يــحجب أهــدافــا أخــرى بــدأت تخرج للوجود كالهدف االقتصادي واالجتماعي. - ٢الهدف االقتصادي للضريبة : للضريبة دور مهم في القطاع االقتصادي ،وهذا الدور يمكن أن يكون عاما أو خاصا. فــالــدور الــعام لــلضريــبة يتجــلى فــي عــملية امــتصاص الــقيمة الشــرائــية الــزائــدة كــوســيلة مــن وســائــل مــحاربــة التضخــم وهــذا مــا جرى تطبيقه في معظم الدول )كأميركا وبريطانيا وفرنسا(. أما عن الدور الخاص للضريبة فخير مثال عليه يتجلى في استعمال الرسوم الجمركية : • فـعندمـا تـريـد الـدولـة حـمايـة قـطاع صـناعـي تـلجأ إلـى رفـع الـرسـوم الجـمركـية عـلى الـواردات الـتي يـمكن أن تـنافـس تقدم هذا القطاع، • وال ــعكس ص ــحيح ،أي أن ــه ع ــندم ــا ت ــري ــد ت ــشجيع ال ــواردات لس ــد ال ــنقص أو ل ــعدم ق ــدرة ق ــطاع م ــعني ع ــلى إش ــباع الرغبات فإنها تلجأ إلى تخفيض هذه الرسوم. وتجـدر اإلشـارة إلـى أن اسـتعمال الـضريـبة قـد يـؤدي فـي بـعض األحـيان إلـى تـوفـر عـنصر االخـتصاص لـقطاع مـعني ،وهـذا مـا تــحققه االتــفاقــيات الــضريــبية الــتي هــي عــبارة عــن مــزايــا ضــريــبية خــاصــة لــصالــح مــشاريــع مــعتمدة ،كــما أن مــنح هــذه املــزايــا مـرهـون بـاحـترام بـعض الشـروط الـعامـة ،ال سـيما تـلك الـتي تـتعلق بـمطابـقة املشـروع لـألهـداف الـتي تـريـد الـدولـة تـحقيقها فـي خططها للتنمية. خـالصـة الـقول ،ينحسـر الـدور االقـتصادي لـلضريـبة أو يـكبر طـبقا لـلفلسفة االقـتصاديـة والـسياسـية الـتي تـرعـاهـا وهـذا األمـر يؤثر كذلك على الهدف االجتماعي لها. - ٣الهدف االجتماعي للضريبة : نادى بالهدف االجتماعي للضريبة عدد من املؤلفني االشتراكيني. ف ــفي أمل ــان ــيا م ــثال ت ــوخ ــى ك ــوس ــتي ف ــي م ــؤل ــفة "ال ــثورة االج ــتماع ــية" أن تح ــل ال ــضري ــبة مح ــل ال ــعنف ل ــتتم س ــيطرة ال ــدول ــة ع ــلى وسائل اإلنتاج وتسوية الشروط االجتماعية. وفي بريطانيا استعمل القانون الضريبي بشكل واسع وفعال بعد الحرب العاملية األولى لتحقيق ما يسمى بالثورة الصامتة • ففرضت الضرائب التصاعدية على الدخل وعلى الثروات • وزيدت الرسوم على املواد الكمالية • بينما رفعت أو خفضت الرسوم على املواد الضرورية 5 وفي البلدان اإلسكندنافية أيضا لم تكن الضريبة بعيدة عن تحسني الظروف االجتماعية واملعيشية لطبقات الشعب. وإلى جانب هذا الهدف االجتماعي العام يمكن للضريبة املساهمة في تحقيق أهداف معينة أخرى : • فـفرض رسـوم جـمركـية عـلى املشـروبـات الـكحولـية مـصحوبـة بـرفـع أو بـتخفيف الـرسـوم عـلى عـصير الـفواكـه يـسهم إلى حد بعيد في تخفيف خطر الكحولية، • كــذلــك كــل مــحاولــة لــتخفيف الــضرائــب عــن األعــباء الــعائــلية أو عــن الــرســوم الــتركــة ال يــمكن إال أن تــؤدي إلــى زرع بذور سياسة ضريبية عائلية مهمة. خــالصــة الــقول ،إلــى جــانــب الهــدف املــالــي الــذي هــو جــوهــر الــضريــبة وســبب وجــودهــا ،يــمكن لــلضريــبة أن تــتعدى ذلــك لــتحقيق أهــداف اقــتصاديــة واجــتماعــية مــعينة ولــكن يــنبغي لــفت الــنظر هــنا إلــى أن اســتعماال كــثيفا لــلضريــبة مــن أجــل الــعمل عــلى ت ــطبيق ه ــذه امل ــبادئ ق ــد ي ــحجب ع ــنها ه ــدف ــها األول ــي ب ــنظرن ــا ،خ ــصوص ــا وأن ــه ي ــمكن ل ــلدول ــة أن تح ــدث ت ــغییرات اق ــتصادي ــة واجتماعية عن طريق آخر ،بينما قد ال تجد هناك وسائل أخرى لتغذية الخزانة العامة في حال غياب الضريبة. )بـالـطبع هـناك عـدة طـرق لـتغذيـة الخـزيـنة ،كـالـقرض الـداخـلي أو الـخارجـي والتضخـم… لـكن هـذه الـعوامـل تـبقى خـطرة وتـؤدي في بعض األحوال االقتصادية إلى تعرض اآلقتصاد الوطني إلى كثير من الهزات واالزمات(. ل ــذل ــك ن ــرى أن ــه م ــن ال ــضروري أن ت ــحتفظ ال ــضري ــبة ب ــطبيعتها ك ــمورد م ــال ــي ،ع ــلى أن تس ــتعمل ب ــقية األه ــداف بح ــذر وان ــتباه شديدين وإال تخلت الضريبة عن تقنيتها الليبرالية. -٤الهدف السياسي : 6 املبحث الثالث :قواعد االقتطاع الضريبي أشه ــر ال ــقواع ــد األس ــاس ــية ل ــلضري ــبة ه ــي ت ــلك ال ــتي أورده ــا آدم س ــميث ف ــي ك ــتاب ــه "ث ــروة األم ــم" ع ــلى ن ــحو ج ــعلها ل ــم ت ــفقد أهميتها ومكانتها في الدراسات واملدارس الفكرية املعاصرة ،وهذه القواعد هي التالية : أوال :قاعدة العدالة وهي أن يسهم كل أعضاء الجماعة في تحمل أعباء الدولة تبعا ملقدرتها النسبية. وقد حددت هذه املقدرة التكليفية التناسبية للمكلفني بما يتمتعون به من دخل في ظل حماية الدولة. =< ويـعني ذلـك وجـوب تـوزيـع عـبء الـضريـبة تـوزیـعا ً عـادال بـني املـواطـنني ،ويـتحقق ذلـك بـمراعـاة املـقدرة الـتكليفية لـكل مـنهم مـع ضـرورة إعـفاء أصـحاب الـدخـول املـنخفضة مـن أداء الـضريـبة بـالنسـبة لحـد الـكفاف واألعـباء الـعائـلية بـما يـتناسـب مـع مسـتوى املعيشة بني أفراد املجتمع. ثانيا :قاعدة اليقني تنصرف هذه القاعدة كما حددها سمیٹ ،إلى ضرورة أن تكون الضريبة محددة بوضوح و بال تحكم. وذلك وجوب تنظيم جباية الضريبة وفقا لقواعد محددة وواضحة لكل من املكلف واإلدارة الجبائية سواء بالنسبة : • ألسس تحديد قيمتها • أو مواعيد وأساليب تحصيلها. وال شــك أن عــدم تحــديــد هــذه األمــور وعــدم وضــوحــها يــؤدي إلــى تــحكم الــقائــمني عــلى الــجبايــة الــضريــبية ،كــما يــؤدي إلــى عــدم العدالة والفساد. ومـن هـنا نسـتمد قـاعـدة الـيقني أهـميتها حـتى أن آدم سـميث قـد رأى أن درجـة كـبيرة مـن عـدم الـعدالـة ال تـبلغ مـن الـسوء درجـة محددة من عدم اليقني. ثالثا :قاعدة املالءمة وي ــتلخص م ــضمون ه ــذه ال ــقاع ــدة ب ــوج ــوب ت ــنظيم أح ــكام ال ــضري ــبة ع ــلى ن ــحو ي ــتالءم م ــع ظ ــروف امل ــكلفني ال ــشخصية ب ــصورة خاصة فيما يتعلق بموعد التحصيل وطرقه وإجراءاته. رابعا :قاعدة االقتصاد تنصرف هذه القاعدة كما حددها آدم سميث إلى ضرورة االقتصاد في نفقات جباية الضرائب. ويــقصد بــذلــك ضــرورة اخــتيار إجــراءات الــربــط وأســالــيب الــتحصيل الــتي تــتطلب أقــل نــفقات مــمكنة ســواء بــالنســبة لــلمكلف أو لــإلدارة ،وحــتى ال تســتنفذ هــذه الــنفقات جــانــبا كــبيرة مــن حــصيلة الــضريــبة عــلى نــحو يــقلل مــن إمــكانــية الــدولــة مــن االســتفادة منها. 7 الفصل األول – مطرح الضريبة نـعني بـمطرح الـضريـبة املـورد الـذي يـحصل عـليه املـكلف بـصور مـختلفة ،فـقد تـتعدد مـوارد املـكلف وبـشكل مـتواز لـها املـطارح الضريبية فيختار املشرع عندها مطرحا ً للضريبة لتأمني اقتطاع األموال. وإذا كــان املشــرع الحــديــث قــد صــرف الــنظر عــن فــكرة املــطرح الــواحــد )أي الــضريــبة الــواحــدة( فــإنــه أعــتمد بــدال عــنها مــطارح عديدة للضريبة )أي ضرائب متعددة(. املبحث االول :املعطيات القانونية والضريبة آخـر خـيارات املشـترع عـند إنـشاء وعـاء لـلضريـبة هـو الـخيار الـقانـونـي ،أي الـخيار بـني مـختلف الـوسـائـل الـتقنية الـقانـونـية الـتي تسمح بتكوين الضريبة. ويتراوح هذا االختيار عادة بني الضريبة املباشرة وغير املباشرة : - ف ــلو أردن ــا إظ ــهار م ــقدرة امل ــكلف ع ــلى دف ــع ال ــضري ــبة ب ــاالس ــتناد ل ــدخ ــله أو ث ــروت ــه ف ــما ع ــلينا إال ال ــلجوء ل ــتطبيق ال ــضري ــبة املباشرة. - أم ــا إذا أردن ــا اك ــتشاف ط ــاق ــته ال ــضري ــبة ب ــاالرت ــكاز ع ــلى ب ــعض ال ــعمليات أو ال ــعقود ال ــتي ي ــقوم ب ــها ف ــإن ال ــضري ــبة غ ــير املباشرة هي التي تفي بغرضنا املقصود. ي ــبدو ل ــلوه ــلة األول ــى أن م ــعيار ال ــفرق ب ــني ه ــات ــني ال ــضري ــبتني سه ــل ل ــلغاي ــة ،ل ــكن ه ــذه ال ــسهول ــة ت ــنقلب ل ــصعوب ــة ع ــندم ــا ن ــري ــد إيضاح هذا الفرق. وهــذا نــاجــم عــن كــثرة املــفاهــيم الــتي طــرحــت حــول االخــتالف بــني هــاتــني املجــموعــتني .عــادة تــقسم هــذه املــفاهــيم إلــى إداريــة، اقتصادية ومالية. -١املفاهيم اإلدارية هذه املفاهيم مستمدة من أسلوب اإلدارة في تحقيق الضريبة وجبايتها. ف ــال ــضري ــبة ت ــعتبر م ــباش ــرة ع ــندم ــا ت ــجبى ب ــموج ــب ج ــدول ت ــحقق ي ــنظم ف ــيه اس ــم امل ــكلف وم ــقدار ال ــضري ــبة املس ــتحقة ع ــليه كالضريبة على الدخل مثال. أمـا الـضريـبة غـير املـباشـرة فـهي عـلى عـكس ذلـك تـمامـا إذ يـتم تـحقيقها وجـبايـتها دون تـنظيم هـذا الجـدول كـالـضرائـب الـتي تتناول الثروة وطريقة تداولها. وقد ذهب فريق آخر إلقامة التفريق على أساس أن الضريبة املباشرة تتطلب التدخل املتعاقب لوحدتني إداريتني مستقلتني • األولى تنظم جدول التحقق، • والثانية تؤمن الجباية باملقابل وعاء ،حساب ،وجباية الضريبة غير املباشرة تتم بواسطة وحدة إدارية فقط. وهذه املعايير غير صحيحة كما تؤدي إلى الخطأ كلما أردنا تطبيقها. 8 فهي غير صحيحة ألن معظم الضرائب املسلم بأنها مباشرة تصبح غير مباشرة والعكس صحيح. • ف ــال ــضري ــبة ع ــلى ال ــروات ــب واألج ــور ت ــحصل ع ــن ط ــري ــق الحج ــز م ــن امل ــنبع وال ي ــتطلب األم ــر إص ــدار أم ــر رس ــمي للمكلف بها =< فهل من شأن هذا املعيار تغییر طبيعتها فتصبح ضريبة غير مباشرة ؟ • مـن نـاحـية أخـرى أن الـضريـبة عـلى األسـهم والـسندات تـجبى فـي فـرنـسا دون جـداول تـحقق لـكثرة تـبدل حـامـليها فهل يمكن ألحد أن يشك في كونها ضريبة مباشرة ؟ إن إتــباع هــذه املــفاهــيم يــفضي إلــى الخــطأ حــتما ألن إتــباعــها يــؤدي ال مــحالــة لــتغيير نــوع الــضريــبة فــي كــل مــرة تــتغير فــيها طريقة تحصيلها. نخـلص مـن ذلـك الـقول بـأن املـفاهـيم اإلداريـة تـبقى غـير واضـحة وغـير أكـيدة وال تـسمح بـالـتالـي إجـراء أي تـفريـق بـني الـضرائـب املباشرة وغير املباشرة ،مما حمل البعض على التركيز على املفاهيم االقتصادية. ٢املفاهيم االقتصادية هـذه املـفاهـيم تـركـز عـلى ظـاهـرة نـقل الـعبء لـلتفرقـة بـني الـضرائـب املـباشـرة وغـير املـباشـرة فـمن املـعروف أنـه فـي غـالـب األحـيان يستطيع املكلف الذي دفع الضريبة إيجاد وسيلة لنقل عبئها على شخص ثالث. لكن هذا املعيار يبقى في أكثر األحيان بعيدا عن الدقة العلمية. • فـالـضريـبة عـلى األربـاح الـصناعـية والـتجاريـة مـثال ) ،الـتي هـي ضـريـبة مـباشـرة ( تـغدو عـند تـطبيقنا لهـذا املـفهوم ضـريـبة غـير مـباشـرة ،ألنـه يـتاح لـلصناعـي أو الـتاجـر أن يـنقال عـبئها عـلى الـعمالء عـن طـريـق زيـادة أسـعار السـلع املباعة. • بـاملـقابـل وعـلى الـرغـم مـن اسـتحالـة نـقل عـبء الـضريـبة عـلى الـسيارات عـلی مـکلف آخـر ،فـإن هـذا ال يـؤثـر بـشيء في كونها ضريبة غير مباشرة. من ناحية أخرى تلعب الظروف االقتصادية دورا مهما في جعل هذا املفهوم االقتصادي غامضا ومعقدا. فقد ينجح مكلف في نقل عبء الضريبة إذا توافرت له ظروف مالئمة ،وال ينجح مکلف آخر في ظل ظروف أخرى. فـقد يسـتطيع املـالـك مـثال فـي ظـل أزمـة سـكن خـانـقة أن يـنقل عـبء الـضريـبة الـعقاريـة عـلى عـاتـق املسـتأجـر ،بـينما ال يسـتطيع ذلك في ظل أزمة سكن. نخــلص لــلقول بــأن األســس االقــتصاديــة ال تــسمح لــنا بــإعــطاء صــورة واضــحة لــلتفريــق بــني الــضريــبة املــباشــرة وغــير املــباشــرة، وهذا ما يحملنا على استعراض بعض املفاهيم املالية إلجراء مثل هذا التفريق. -٣املفاهيم املالية تقوم هذه املفاهيم على التفريق بني الضرائب املباشرة والغير مباشرة باالستناد لطبيعة وعاء فالضريبة. فالضريبة املباشرة هي : • ذات املطرح الثابت )كالضريبة على العقار( • أو الذي يتجدد بصورة منتظمة )كالضريبة على األرباح والرواتب مثال(. 9 باملقابل تصيب الضريبة غير املباشرة : • التصرفات املتقطعة • والعمليات التي ال تتكرر بصورة عادية فتطرح عليها عند حدوثها. لكن هذا األساس ال دقة علمية مطلقة له بل يقترب عند تحليله من املفاهيم اإلدارية وتوجه إليه نفس االنتقادات السابقة. خـالصـة الـقول ،بـالـرغـم مـن كـثرة املـعايـير الـتي طـرحـت لـلتفرقـة بـني الـضرائـب املـباشـرة وغـير املـباشـرة فـإنـها ال تـصل إلـى حـد إقناع الباحث املدقق بها نظرا ملا ينتابها من تصور وما تحتويه من تضارب. ومـع ذلـك فـإن تـطبيقات اإلدارة الـضريـبية قـد درجـت عـلى اإلبـقاء عـلى هـذا الـتفريـق لـتغذيـة مـوارد الخـزيـنة ،وهـذا مـا أدى إلـى نشوب خالف الفت حول املفاضلة بني الضرائب املباشرة والغير مباشرة. 10 املبحث الثاني :املفاضلة بني الضرائب املباشرة وغير املباشرة بــالــرغــم مــن أن هــذه املــفاضــلة كــانــت مــوضــع دراســات كــثيرة لــعدد مــن الــعامــلني فــي الــحقل الــضريــبي واالقــتصادي فــإنــه لــم ن ــصل إل ــى أي ج ــواب ش ــاف وواض ــح ف ــي ه ــذا امل ــجال .وه ــذا ع ــائ ــد ب ــال ــطبع إل ــى ال ــتفاوت ف ــي م ــفاه ــيم اإلص ــالح ال ــضري ــبي وانعكاسه على األوضاع االقتصادية واملالية واالجتماعية لذلك سوف نحاول استعراض مزايا كل منها ومحاذير ها. -١حسنات الضرائب املباشرة يسوق أنصار الضرائب املباشرة خمسة حسنات لها هي : أ -ثبات اإليرادات هـذه املـيزة مـتأتـية مـن كـون مـطرح الـضريـبة املـباشـرة ثـابـتا وأكـيدا وال يـتأثـر كـالـضرائـب غـير املـباشـرة بـالـظروف االقـتصاديـة، ففرض هذه الضريبة هنا على رؤوس األموال واملداخيل ال يمكن أن يعيقه إرادة األفراد ودرجة إنفاقهم صعودا أو هبوطا. ب -مرونة الضريبة هـذه املـيزة تـتيح رفـع مـعدل الـضريـبة دون أن يـؤدي ذلـك إلـى انـحسار وعـائـها .فـثبات هـذا األخـير يـسمح فـي حـالـة رفـع املـعدل بالحصول على زيادة مطابقة في نتاج هذه الضريبة. ج -االقتصاد في الجباية وهـذا نـاجـم عـن ثـبوت وعـدم تـغير مـطرح هـذه الـضريـبة ،لـذلـك تـقتصر املـهمات هـنا عـلى تحـديـد الـقدرة الـتكليفية وتـطبيقها عـلى النصوص القانونية. وهـذا األمـر ال يـتطلب إال عـدد قـليال مـن املـوظـفني أي بـعكس الـضرائـب غـير املـباشـرة )الجـمركـية الـتي تـتطلب مـوظـفني عـديـديـن ملراقبة حركة املواد الخاضعة للضريبة ومنع تهريبها عند كل منفذ(. د -العدالة في التكليف بــما أن هــذه الــضرائــب تــتيح اإلحــصاء الــفردي لــلمكلفني فــهي تــؤدي إلــى تــشخيص الــضريــبة وهــكذا يــصبح بــاإلمــكان تــكييف األعباء الضريبية وفقا ملقدرة املكلف الفردية وتفاوتها ،مما يجعلها قريبة من العدالة. ه -إنماء الوعي الضريبي فــاملــكلف هــنا يــشعر بــعبء الــضريــبة املــباشــرة أكــثر مــن شــعوره بــعبء الــضريــبة غــير املــباشــرة وهــذا مــا يــدفــعه إلــى االهــتمام بالشؤون العامة وسياسة اإلنفاق الحكومية املتبعة. ولـكن إلـى جـانـب هـذه الـحسنات ،هـناك سـيئات تظهـر مـن جـراء أسـتعمال الـضرائـب املـباشـرة ،ويـمكن تـلخيص هـذه السيئات بأربعة : -٢سيئات الضرائب املباشرة أ -التأخر في التحصيل وهذا ناجم عن كون هذه الضرائب تتطلب فترة طويلة من الوقت بني ظهور وعاء الضريبة وبني دفع املبلغ املتوجب. فـاملـكلف الـذي يـتلقى دخـال فـي شهـر كـانـون الـثانـي ١٩٨١م ال يـتوجـب عـليه إعـالم اإلدارة الـضريـبية إال مـع سـائـر دخـله عـن عام ١٩٨١أي في أواخر شباط .١٩٨٢ 11 وعـندمـا تـتلقى اإلدارة الـضريـبية هـذا اإلعـالم تـقوم بـربـط الـضريـبة بـعد الـتدقـيق بـها خـالل فـترة مـعينة ،وفـي شهـرة تـموز ١٩٨٢ تقريبا ترسل اإلدارة الضريبية إنذارا ً للمكلف تطالبه بدفع املبلغ املتوجب عليه . ويعطي القانون للمكلف مهلة معينة ليتدبر أمره .وهكذا فال يتم تحصيل الضريبة قبل عام .١٩٨٣ ب -عالنية االقتطاع الضريبة املباشرة تطال املكلف من دون مواربة. فاملكلف يتلقى جدول التكليف ويجب عليه دفع املبلغ املتوجب دون أن يكون عنده وسيلة واحدة لعكس الضريبة على غيره. وبما أن معدل الضريبية يكون عادة مرتفعاً ،فإن املكلف ال بد من أن يشعر بثقلها ويدفعها مكرها. ج -عدم عدالة االقتطاع ذلــك ألن هــذه الــضرائــب قــد تــطال جــميع مــداخــيل املــكلف بــالــكامــل أو ال تــطالــها إال جــزئــيا ً ويــلعب الــغش الــضريــبي هــنا دورا كــبيرا فــي هــذا املــجال ،لــذلــك نــالحــظ بــأن الــضرائــب املــباشــرة وإن اســتطاعــت أن تــطال املســتخدمــني أو املســتفيديــن مــن دخــل القيم املنقولة فإنها تقصر عن بعض مداخيل املهن الحرة. د -تعقيد االقتطاع هذه العقبة متأتية من تطور الطرق التقنية التي تفرض على اإلدارة الضريبية ثقافة قانونية وتقنية صلبة. وهذا ما جعل تطبيق هذه الضريبة مقتصرا ً على الدول التي تملك خبرة في التنظيم واالختصاص. خــالصــة الــقول ،مــما ال شــك فــيه أن لــلضرائــب املــباشــرة دورا ً فــي تــغذيــة خــزيــنة الــدولــة وتــبرز أهــمية هــذا الــدور أكــثر فأكثر في ظروف مالية صعبة يتمحور عبر العمل على تنمية الجهد الضريبي إلتاحة الفرصة أمام توازن امليزانية. وهـذا الـدور الـذي يـمكن لـلضريـبة املـباشـرة أن تـلعبه يـجب أن ال يـغطي دور الـضريـبة غـير املـباشـرة ،ألن لهـذه األخـيرة بـدورهـا حسنات وسيئات. -٣حسنات الضرائب غير املباشرة تتصف الضرائب غير املباشرة بالحسنات التالية : أ -مردودها هـذه الـضريـبة ذات مـورد مـهم يـسمح لـها بـتغطية حـاجـات الخـزانـة الـعامـة املـضطردة .وهـذا مـا حـمل مـعظم األنـظمة الـضريـبية ملختلف الدول باستعمالها وإعطائها دورا مهما في تنمية مواردها. ب -التخدير الضريبي تــتمتع هــذه الــضريــبة بــسهولــة الــدفــع ،فــهي بــشكل عــام تــندمــج فــي ثــمن الســلعة أو الخــدمــة ويتحــملها املســتهلك مــن دون أن يشعر بها ،وبالتالي فهو يدفعها عن طيبة خاطر. وبـالـرغـم مـن االنـتقادات الـتي وجهـت لـطريـقة التخـديـر الـضريـبي فـإنـها ال تـزال املـيزة الـرئـيسية لـلضريـبة غـير املـباشـرة ،ال بـل إنها تعتبر مخرجا لزيادة الواردات نظرا لتزايد حجم االقتطاع الضريبي. ج -املرونة ترتبط هذه الضريبة أشد االرتباط باألحوال االقتصادية. 12 فهي تفرض على النشاط االقتصادي )عملیات مادية ،تصرفات قانونية ..إلخ (. ويـعتبر هـذا الـتالزم مـيزة فـي أوقـات االزدهـار والـتوسـع االقـتصادي وارتـفاع األسـعار والتضخـم وعـندمـا نـعرف مـقدار مـعانـاة اقتصاديات بعض الدول من التضخم ندرك حتما أهمية وجود الضرائب التي يرتفع مردودها بشكل متوا ٍز لهذا التضخم . د -السرعة في التحصيل ألن املـكلف يـؤديـها فـي اللحـظة الـتي تـتم فـيها الـعملية الـتي يـقوم بـها .فـعند شـراء كـيلو مـن الـسكر يـدفـع الـضريـبة فـي اللحـظة التي يتم فيها هذا الشراء. ولهــذا األمــر أهــمية خــاصــة فــي ظــل تــخفيض مــتزايــد لــقيمة الــعملة بــحيث أن كــل تــأخــير بــدفــع الــضريــبة مــن شــأنــه أن يــلحق ضررا بالخزانة العامة. إلى جانب هذه الحسنات ،هناك سيئات تظهر من جراء استعمال الضرائب غير املباشرة نلخصها كما يلي : -٤سيئات الضرائب غير املباشرة يمكننا أن نبرز هذه السيئات على الشكل التالي : أ -عدم املالءمة فهذه الضرائب تشكل إزعاجا كثيرا للمكلف نظرا ملا تفرضه من معامالت و مراقبة وتفتيش. باإلضافة لكونها تكلف الكثير من النفقات خصوصا ً نفقات املراقبة وقمع التهريب. ب -عدم عدالتها الصفة األساسية التي يبرزها معظم النقاد ضد الضريبة غير املباشرة هي عدم عدالتها. فهي تصيب الفقير أكثر من الغني عبر فرضها نفس معدل الضريبة على السلعة التي يتساويان في استهالكها. وبــالــرغــم مــن أن االتــجاه الــعام الــيوم يــميل إلعــفاء املــواد الــضروريــة مــن الــضريــبة فــإن تــصنيف هــذه املــواد يــختلف تــبعا لــلتقدم االقتصادي واالجتماعي. ه ــذا ب ــاإلض ــاف ــة إل ــى أن ه ــذا اإلع ــفاء ي ــبدأ ب ــاالن ــحسار ف ــي ك ــل م ــرة ت ــكون ال ــدول ــة ب ــحاج ــة إل ــى امل ــال ال ــالزم م ــن أج ــل ت ــنفيذ مشاريعها. ج -عقبتها االقتصادية من آخر السيئات لهذه الضريبة هي كونها تشكل عقبة أمام النشاط االقتصادي. فــارتــفاع األســعار الــناجــم عــن اســتعمال الــضرائــب غــير املــباشــرة يهــدد بــاإلســاءة لــلتجارة الــخارجــية ،وهــذا مــا يفســر عــداوة الدول الصناعية لتطبيقها. لــكننا نــرى أن األخــذ بهــذه الــنظريــة يخــدم مــصالــح الــدول الــكبرى الــنامــية خــصوصــا وإن هــذه الــدول الــكبرى قــد لــجأت إلــى األخذ بهذه الضرائب لفترة محددة ليتسنى لها حماية صناعتها الفتية. نخـلص لـلقول بـأن لـلضرائـب املـباشـرة والـغير مـباشـرة حـسنات وسـيئات تظهـر بـأجـل صـورهـا خـصوصـا عـندمـا نـطلب الــكثير مــن هــذه أو تــلك .لــذلــك يــجب أن نــوازن بــني الــحسنات والــسيئات لــكال الــطرفــني مــوفــقني بــني النســب املــثلى لــكل ضــريــبة آخذين بعني االعتبار وضع املؤسسات االقتصادية واالجتماعية للبلد املعني 13 الفصل الثاني -ربط الضريبة إذا كــانــت الــضريــبة تــصيب الــثروة أو الــدخــل أو اإلنــفاق عــبر وســائــل مــختلفة تــلجأ إلــيها الــدولــة لتحــديــد وعــاء الــضريــبة ،إال أن هـذا التحـديـد يـبقى غـير كـاف بحـد ذاتـه لـتنفيذ هـذه الـوسـائـل مـا لـم تـواكـبه أوجـه عـديـدة لـتقديـر قـيمة هـذا الـوعـاء وتحـديـد مـعدل االقتطاع املتوجب دفعه. هذه الجوانب الفنية يمكن تلخيصها بمبحثني : املبحث األول :تقدير وعاء الضريبة توجب هذه الفقرة مراعاة عاملني مهمني يبدوان متناقضني بعض الشيء : ف ــطري ــقة ال ــتقدي ــر ت ــعد ف ــضلى إذا ك ــان ــت ص ــائ ــبة ،وه ــذا م ــن ش ــأن ــه أن ي ــترك آث ــارا ً ح ــسنة م ــن ال ــناح ــية امل ــال ــية ،االج ــتماع ــية واالقتصادية. كما أنها تعد جيدة إذا لم تزعج املكلف -إال نادرا ً -من جراء تدخلها في أموره الشخصية. وأساليب التقدير كثيرة منها إثنان : - أسلوب التقويم اإلداري - أسلوب التقويم بواسطة األشخاص -١أسلوب التقويم اإلداري أمام اإلدارة الضريبية طريقتان لتقدير وعاء الضريبة : - إما أن تقدر هذا الوعاء بطريقة مباشرة - وإما أن تقدره بطريقة غير مباشرة أ -التقدير املباشر وهذا التقدير يمكن أن يتم بدوره ضمن شكلني :إما أن يكون حراً ،وإما مفيدا ً. التقدير الحرتـشكل هـذه الـطريـقة خـطرا ً عـلى املـكلف .ومـصدر هـذه الخـطورة يـكمن فـي أن اإلدارة الـضريـبية تجـد نـفسها حـرة فـي عـملية وعاء الضريبة دون أن يستطيع املكلف إثبات عكس ما ذهبت إليه اإلدارة. لـكن تـطبيق هـذا األسـلوب يـبقي اسـتثنائـياً ،فـهو ال يـطبق إال عـلى سـبيل الـعقوبـة وضـد كـل مـكلف وضـع نـفسه فـي حـالـة غـير شرعية .ولهذا فإن األسلوب املتعارف عليه في التطبيق هو التقدير املقيد. 14 التقدير املفيدوتـعني بـه أن السـلطة الـضريـبية هـنا هـي مـقيدة بـالـنص املـوضـوع مـن قـبل املشـرع .وهـذا األخـير يـحيل فـي أغـلب األحـيان إلـى إبراز عدة ضمانات للمكلف في مثل هذه األمور. والجـديـر بـالـذكـر أن األسـلوب املـباشـر فـي الـتقديـر يـثير بـعض الـحساسـية ،وقـد يـكون مـصدرا ً إلزعـاج املـكلف ،لـذلـك يفضل بشكل عام أسلوب التقدير اإلداري غير املباشر. ب -التقدير غير املباشر يرتكز هذا التقدير على وضعني اثنني :األسلوب املرتكز على املظاهر الخارجية ،واألسلوب املرتكز على التقدير الجزافي. أسلوب املظاهر الخارجيةبموجب هذا األسلوب يتم تقدير وعاء الضريبة عن طريق االستناد إلى بعض املظاهر الخارجية : • كأن يؤخذ بعني االعتبار أساس القيمة التأجيرية ملنزل املكلف • أو عدد النوافذ واألبواب بمنزله • أو عدد كالب الحراسة إلخ. فكلما ارتفع هذا العدد كلما اعتبر ذلك قرينة على ارتفاع دخل املكلف. ولهذا األسلوب حسنات وسيئات : فمن حسناته : • اتصافه بالسهولة والبساطة وعدم التدخل في شؤون املكلف أو مضايقته باالطالع على دفاتر سجالته. • بـاإلضـافـة لـكونـه يـؤدي النـخفاض مـعدالت التهـرب مـن الـضريـبة خـاصـة إذا مـا أحـسن اخـتيار املـظاهـر الـخارجـية التي يعتمد عليها في التقدير. أما سيئاته : • فــتمثل فــي أن درجــة الــتقديــر تــبقى مــنخفضة ،إذ لــيس هــناك مــطابــقة مــطلقة بــني املــظاهــر الــخارجــية وقــيمة وعــاء الـضريـبة .فـالـشخص الـذي يـسكن إحـدى الـعقارات الـقديـمة ذات اإليـجار املـنخفض يـدفـع ضـريـبة أقـل نسـبيا مـع أن دخله يفوق دخل شخص آخر يسكن في إحدى العقارات الجديدة ذات اإليجار املرتفع. • مـن نـاحـية أخـرى ،ال تـولـي هـذه الـطريـقة اهـتمامـا كـبيرا ألوضـاع وظـروف املـكلف الـعائـلية والـصحية واالجـتماعـية مما يبعدها تماما عن طريق العدالة. • فــقد يــصاب املــكلف بــخسارة فــي ســنة مــن الــسنوات لــكنه يــظل مــلتزم ـا ً بــأداء الــضريــبة وفــقا لــلمظاهــر الــخارجــية وهــذا مــا يظهــر كــذلــك عــدم قــدرة هــذه الــضريــبة بــالــتكيف مــع الــتقلبات االقــتصاديــة ،فــحصيلتها تــبقى غــير مــتميزة باملرونة التلقائية. 15 هـذه األسـباب مـجتمعة لـم تـشجع مـعظم الـدول عـلى اسـتخدامـها إال عـند تهـرب املـكلف مـن دفـع الـضريـبية وتـضمین تـصريـحه مغالطات ومفارقات ال تتفق مع مظاهر عيشه وسكنه ونفقاته. أسلوب التقدير الجزافيي ــقوم ه ــذا األس ــلوب ع ــلى ت ــقدي ــر وع ــاء ال ــضري ــبة ب ــناء ع ــلى ب ــعض ال ــقرائ ــن واألدل ــة ال ــتي ي ــفترض ارت ــباط ــها ب ــامل ــادة ال ــخاض ــعة للضريبة. فتلجأ اإلدارة الضريبية مثال : • إلى تقدير الربح التجاري للمكلف عن طريق رقم مبيعاته، • أو قد تستدل على دخل الطبيب عن طريق عدد الساعات التي يعمل بها ...إلخ قـد تـثار لـلوهـلة األولـى مـسألـة تـشابـه هـذا األسـلوب مـع أسـلوب املـظاهـر الـخارجـية خـصوصـا فـي االعـتماد عـلى الـقرائـن دون الحقائق في تقدير الوعاء الضريبي. بيد أن االختالف يتمثل في طبيعة نفسها : فـفي حـني أن الـعالقـة فـي طـريـقة املـظاهـر الـخارجـية تـبقي مـعدومـة بـني املـادة الـخاضـعة الـضريـبة والـقريـنة املتخـذة أسـاسـا لــلتقديــر ،فــإن هــذا االرتــباط فــي أســلوب الــتقديــر الجــزافــي يــكون عــلى أشــده .إذ يــقوم هــذا األخــير عــلى قــرائــن ذات صــلة وثيقة باملادة التي تخضع للضريبه .فهو أكثر صدقا وأدق تعبيرا من طريقة املظاهر الخارجية. ويتخذ أسلوب التقدير الجزافي صورتني رئيستني :قانوني واتفاقي. • الـتقديـر الجـزافـي الـقانـونـي والـتقديـر الجـزافـي االتـفاقـي فـي الـصورة األولـى :يسـتند الـتقديـر عـلى بـعض الـقرائـن الــتي يــرتــكز عــليها الــقانــون الــضريــبي الن ظــهورهــا يــؤدي حــتما لــوجــود الــوعــاء الــضريــبي .مــع اإلشــارة إلــى أنــه ال يمكن االعتراض على القرائن باعتبارها نصوص قانونية. • أمــا الــصورة الــثانــية :فــيرتــكز الــتقديــر عــلى االتــفاق الــذي يــتم مــن جــراء االجــتماعــات واملــناقــشات الــتي تــدور بــني مــندوبــي اإلدارة الــضريــبية واملــكلف .وال شــك أن مــثل هــذا األمــر يــتطلب مــن الــفريــق األول الــخبرة واألمــانــة ،ومــن الـفريـق الـثانـي الـنزاهـة والـوعـي الـضريـبي .وقـد بـقي هـذا األسـلوب قـليل الـشيوع بـالـنظر ألسـلوب الـتقديـر الجـزافـي الـقانـونـي ،هـذا ،وال زالـت مـعظم الـدول ومـنها لـبنان تسـتخدم أسـلوب الـتقديـر الجـزافـي نـظرا ً لـسهولـته وقـلة تـكالـيف جبايته وصعوبة قيام املكلف بإمساك دفاتر محاسبية منظمة لبعض النشاطات. -٢أسلوب التقدير بواسطة األشخاص وتتم هذه الطريقة إما من قبل املكلف وإما من قبل شخص ثالث. أ -اإلقرار املقدم من قبل املكلف قـد يـكون لهـذا األسـلوب بـعض الـنتائـج الـحسنة ،إذ يـسمح لـنا بـالـوقـوف بـصورة صـحيحة عـلى جـميع املـعلومـات املـتعلقة بـوعـاء الضريبة ألن املكلف نفسه هو الذي يقدم املعلومات. 16 فــاملــكلف يــبقى فــي نــهايــة املــطاف أقــدر مــن اإلدارة عــلى إعــطاء بــعض الــتفاصــيل عــن حــالــته الــشخصية ،والــتي يــصعب عــلى اإلدارة اكتشافها ،وهكذا يقترب هذا التقدير كثيرا ً من العدالة الضريبية. إضافة إلى أنه يخفف من عمل اإلدارة التي تنصرف بمراقبة التصاريح املقدمة من قبل املكلفني. لـكن حـسنات هـذه الـطريـقة قـد تـنقلب إلـى سـيئات فـي غـياب الـحس الـضريـبي والـوطـني إذ تـشوب املـعلومـات املـقدمـة مـغالـطات وإقــرارات غــير صــحيحة ،وهــذا مــا دفــع بــعض الــعامــلني فــي الــقطاع الــضريــبي إلــى اعــتماد اإلقــرار املــقدم مــن قــبل شــخص ثالث. ب -اإلقرار املقدم من قبل شخص ثالث وخير مثال على هذا اإلقرار : • ما يقدمه صاحب العمل عن األجور واملرتبات التي يدفعها لكافة العاملني لديه. • أو كالشركات التي تقدم إقرارا ً عن قيمة األرباح والفوائد املوزعة. من ميزات هذه الطريقة : - الحـد مـن وسـيلة التهـرب الـضريـبي ،ألن الـشخص املـطالـب بـالـتصريـح لـيس لـه أيـة مـصلحة شـخصية فـي إخـفاء املطرح الحقيقي للضريبة ما دام الغير هو املكلف بها، - هذا باإلضافة للعقوبات التي يمكن أن يتعرضون لها في حالة تواطئهم مع املكلف. إال أنــنا نــرى أن هــذه الــطريــقة ،وإن كــانــت صــالــحة لــإلبــالغ عــن بــعض أنــواع اإليــرادات ،فــإنــها تــبقى عــاجــزة عــن اإلبــالغ عــن إيرادات أخرى. - فأرباح املشروعات الفردية - واملهن الحرة - واالستغالل الزراعي - والشركات أمثلة صارخة عن بعض األوعية الضريبية التي ال يمكن تقديرها باالستناد إلقرارات الغير. وبـالـرغـم مـن هـذه الـصعوبـات فـإن هـذه الـطريـقة تسهـل فـي كـثير مـن األحـيان بـالـحصول عـلى قـرائـن صـادقـة تـساهـم فـي زيـادة دقــة الــتقديــر الــضريــبي .وهــذا مــا حــمل لــينان عــلى األخــذ بــها وتــطبيقها بــالنســبة لــلضريــبة عــلى الــرواتــب واألجــور ومــعاشــات التقاعد. 17 الفصل الثالث -تحصيل الضريبة هـو عـبارة عـن مجـموع الـعمليات الـتي تـقوم بـها اإلدارة املـالـية فـي سـبيل وضـع الـقوانـني واألنـظمة الـضريـبية مـوضـع الـتنفيذ ومـا ينجم عن ذلك من إيصال حاصالت الضرائب لخزانة الدولة. وكـانـت عـمليات الـتحصيل تـتم مـنذ فـترة بـعيدة عـن طـريـق الـتلزيـم ،أي أن الـدولـة كـانـت تـعقد اتـفاقـا مـع أحـد األشـخاص عـلى أن يتولى التحصيل لحسابه الخاص وبمساعدة اإلدارة لقاء مبلغ مقطوع للخزينة. لـكن سـيئات هـذه الـطريـقة الـتي تـؤدي فـي أكـثر األحـيان إلـى إسـاءة اسـتعمال السـلطة ومـا ينجـم عـنها مـن ضـياع أمـوال كـثيرة ع ــلى الخ ــزي ــنة ،ح ــمل م ــعظم ال ــدول ع ــلى اإلق ــالع ع ــن ت ــطبيق ه ــذه ال ــطري ــقة مل ــصلحة ط ــرق أخ ــرى م ــصحوب ــة ب ــضمان ــات أك ــيدة للتحصيل. املبحث األول :طرق التحصيل ت ــتعدد ه ــذه ال ــطرق وت ــتنوع .ف ــإذا ب ــقي ه ــذا ال ــتحصيل ف ــي غ ــال ــب األح ــيان ع ــفوي ـاً ،ف ــإن ال ي ــمكن أن ي ــتم إال ب ــعد س ــلسلة م ــن العمليات التي تقوم بها اإلدارات الضريبية املختصة والتي يجبر بها املكلف على دفع الضريبة. هــدف هــذه الــعمليات جــميعها إتــاحــة الــفرصــة لــإلدارة الــضريــبية الســتيفاء ديــنها الــضريــبي .ويــمكننا تــقسيم الــتحصيل إلــى ثالثة أقسام : -١أسلوب الوفاء املباشر بعد تحديد دين الضريبة ،تخطر اإلدارة الضربية املكلف : • بمقدار الضريبة املستحقة عليه • وميعاد الدفع • واإلجراءات التي يجب اتباعها. وعلى املكلف القيام بهذا الدفع للجهة املختصة وفي املواعيد املذكورة. وقـد يـتم الـوفـاء املـباشـر كـذلـك عـندمـا يـقوم املـكلف بـلصق طـوابـع الـدمـغة عـلى الـعقود والـشهادات واملحـررات الـتي يـريـد الـقيام بها. وهذه الطريقة تريح املكلف والخزينة معا ،خصوصا وأن الدفع يكون هنا مسبقا. وتجـدر اإلشـارة إلـى أنـه ال يـمكن لـلمكلف أن يـطلب إجـراء املـقاصـة بـین مـا يـترتـب عـليه مـن ضـرائـب ورسـوم وبـني مـا يسـتحق لـه على الخزينة من دين وعلى العكس. و تــفسیر ذلــك يــعود إلــى مــبادئ الــقانــون الــعام الــذي يــمنع كــل طــرق الــتنفيذ الــجبري بــوجــه الــدولــة .فــلها وحــدهــا حــق احــتكار القوة العامة ،وال يجوز بالتالي أن نستعمل اإلكراه بوجهها. 18 -٢أسلوب األقساط املقدمة ل ــتفادي ك ــل ت ــأخ ــير ف ــي دف ــع ال ــضري ــبة ت ــلجأ م ــعظم تش ــري ــعات ال ــدول إل ــى ال ــطلب امل ــكلف ل ــيقوم ب ــدف ــع مس ــبق ال ــذي يحس ــب بــاالســتناد لــرقــم الــتكليف الــذي دفــعه فــي الــسنة الــسابــقة وتــتولــى اإلدارة الــضريــبية فــي نــهايــة الــعام اتــخاذ إجــراءات الــربــط وتحديد دین الضريبة. ثم تقوم بعدها بعملية التسوية على أساس ما دفعه من أقساط أثناء السنة : • فتطالبه بدفع ما تبقى عليه • أو ترد ما زاد عن قيمة الضريبة • أو ترحل هذا املبلغ كقسط مقدم تحت حساب الضريبة. وق ــد يتخ ــذ ه ــذا األس ــلوب ف ــي ب ــعض ال ــدول ش ــكل إص ــدار س ــندات ش ــهادات ض ــري ــبية ب ــقيم ن ــقدي ــة م ــختلفة ت ــباع ع ــلى م ــدار السنة. واملكلفون يقدمون اختياريا ً على شرائها في األوقات التي يرغبون بها. وعــند تحــديــد ديــن الــضريــبة املســتحقة فــي نــهايــة الــعام يــقوم املــكلف بــتقديــم هــذه الــشهادات املشــتراة لــإلدارة الــضريــبية وفــاء لدين الضريبة وتسوية لحسابه على هذا األساس. وتـشجيعا لهـذه الـطريـقة تـلجأ بـعض الـدول إلصـدار هـذه الـشهادات بـقيمة أقـل مـن قـيمتها االسـمية عـلى أن يـتم تـسويـتها فـي حسابات الضريبة بهذه القيمة )االسمية(. خـالصـة الـقول ،إن الـعمل بهـذه الـطريـقة يـتيح لـلدولـة سـداد احـتياجـاتـها بـدال مـن انـتظار نـهايـة الـسنة املـالـية ،كـما أنـها قد تسهل من أمر تأدية الضرائب التي تصبح بمنأى عن كل وسائل التحايل والتهرب. -٣أسلوب الحجز عند املنبع بـمجب هـذا األسـلوب يـتم دفـع الـضريـبة مـن قـبل شـخص آخـر غـير املـكلف ،وعـادة يـكون هـذا الـشخص هـو املـديـن ،فـهو يـدفـع مقدار التكليف لإلدارة الضريبية على أن يحجزه من املبلغ املدفوع للمستفيد من الدخل الذي هو املكلف. ولــكي يــتم تــطبيق هــذا األســلوب يــجب أن يــكون هــناك عــالقــة تــبعية بــني الــشخص املــولــج بــتحصيل الــضريــبة واملــكلف ،كــحالــة املـوظـف أو املسـتخدم الـلذيـن يـصبحان عـندمـا يـحني مـوعـد دفـع مـرتـباتـهما دائـنني بـراتـبيهما للشـركـة أو لـلمؤسـسة الـتي يـعمالن بها. وعليه ،فتقوم هذه األخيرة بتسليم املوظف مرتبه الصافي بعد حسم الضريبة وتوريد حصيلتها الدولة. ويـتميز هـذا األسـلوب بـسهولـة وسـرعـة الـتحصيل وعـدم إمـكانـية التهـرب مـنه ،وذلـك عـائـد بـالـطبع إلـى أن تـحصيل الـضريـبة يـتم قبل أن يحصل املكلف نفسه على املادة الخاضعة للضريبة. مـن نـاحـية ثـانـية ،تـتميز هـذه الـطريـقة بـاالقـتصاد بـالـنفقات الـذي تـوفـره هـذه الـضريـبة ،خـصوصـا وأن الـشخص الـذي يـحصلها ويوردها للخزينة ال يتقاضى في غالب األحيان أي أجر لقاء قيامه بذلك. لـكن الـعيب الـرئـيسي لهـذه الـطريـقة يـتلخص فـي أن املـكلف ال يـشعر بـوقـع هـذه الـضريـبة وبـالـتالـي ال يـكترث بـمراقـبة الـنشاط الحكومي يضعف الحس الوطني عنده. 19 كـما أن عـيب هـذا األسـلوب قـد يـكمن فـي اعـتماده عـلى شـخص مـن غـير مـوظـفي اإلدارة الـضريـبية ،مـن الـذيـن ال تـتوافـر فـيهم اإلملام الكافي بأحكام القانون الضريبي والكفاءة الالزمة. =< هذا األمر قد يفضي إلى خطأ في تفسير وتطبيق بعض البنود مما يفوت على الخزانة مبالغ معينة. لـكن حـسنات هـذا األسـلوب هـي أكـثر مـن سـيئاتـه ،مـما حـمل مـعظم الـدول عـلى إعـتماده ،وإلـى الـتوسـع فـي تـطبيقه .وقـد أخـذ بهـذه الـطريـقة الـنظام الـضريـبي الـلبنانـي فـي تـحصيل ضـرائـب الـقيم املـنقولـة وكسـب الـعمل .مـن نـاحـية أخـرى ،إن إتـباع مـثل هذه األساليب قد يزيد من ضمانات التحصيل ،فكيف تتجلى هذه الضمانات ؟ املبحث الثاني :ضمانات تحصيل الضريبة مــن املــتعارف عــليه أن قــوانــني الــضرائــب تــتضمن عــادة ضــمانــات عــديــدة لــضمان عــدم ضــياع حــق الخــزيــنة واســتيفائــه بســرعــة وبدون مشقة. وتجنبا لعدم ضياع هذا الحق سمح املشرع باللجوء إلى التحصيل الجبري وإلى إعطاء ضمانات للخزينة. فــاإلدارة الــضريــبية تــتمتع بــمزايــا الســلطة الــعامــة ،وهــذا مــا يــسمح لــها بــمالحــقة كــل مــكلف عــاص عــن الــدفــع .وهــذه املــالحــقة معفاة من الشكليات التي يخضع لها الدائنون العاديون . كـما أن هـذه اإلدارة تسـتفيد مـن االمـتياز الـذي يـعطي لـديـن الـدولـة الـناشئ عـن الـضرائـب بـالنسـبة لـلديـون األخـرى .وهـذا مـا يعفيها من طلب تدخل املحاكم لتتمم تحصيل ديونها. إن طرق التحصيل الجبري تبرز على شكل وجهني :وجه إداري وآخر قضائي. -١الوجه اإلداري ويبدأ من تاريخ تقديم اإلنذار للمكلف ويكون متضمنا ً املبلغ الذي يتوجب عليه دفعه وتاريخ هذا الدفع. وإذا لـم يـذعـن املـكلف لهـذا اإلنـذار يـحق لـإلدارة الـضريـبية نـفسها الـلجوء إلـى املـالحـقات مـن دون حـاجـة لـلمرور عـبر املـحاكـم. وهذا ما يعجل في تطبيق الوجه القضائي. -٢الوجه القضائي ويـبدأ هـذا الـوجـه عـندمـا تتخـذ اإلدارة الـضريـبية املـبادرة فـي املـالحـقات بـواسـطة مـحضري الخـزيـنة الـذيـن يـقومـون بـنفس دور محضري العدلية فيما يتعلق بالضرائب املباشرة. وقـد حـرص املشـترع عـلى إعـطاء ديـن الخـزيـنة حـق امـتياز مـن الـدرجـة األولـى عـلى جـميع أمـوال املـكلف املـنقولـة أم غـير املـنقولـة حتى استيفاء الدين. ويعفی هذا االمتياز من القيد في السجل العقاري فيما يتعلق بالعقارات. إضافة إلى ذلك يمكن أن يلغي التأمني الجبري على العقارات التابعة للمكلف وفقا لقانون امللكية العقارية. كــما أنــه يحــظر عــلى كــافــة الــدوائــر الــعقاريــة إجــراء أيــة مــعامــلة انــتقال أو إفــراز أو تــأمــني عــلى عــقار قــبل أن يــثبت صــاحــبه أنــه سدد کامل الضرائب املتوجبة على هذا العقار. 20 ومن البديهي أن هذا الحظر يقتصر فقط على العقارات التي يترتب عليها ضرائب دون غيرها من عقارات املكلف األخرى. إلى جانب هذه الضمانات اتبع املشرع سياسة تهدف لتخفيض مهل الدفع وذلك لسببني : • األول ناجم عن حاجة الخزينة للمال والتي ال تسمح لها باالنتظار طويال لتحصيل ديونها. • والثاني يهدف إلى درء كل ضرر مادي قد يلحق بها من جراء تخفيض لقيمة العملة. هذا وقد أوجب القانون اللبناني على املمول )املكلف( أن يدفع الضريبة في خالل مدة شهرين : • من تاريخ نشر اإلعالن العام في الجريدة الرسمية، • أو من تاريخ التبليغ الفردي تحت طائلة غرامة قدرها واحد باملائة عن كل شهر تأخير ،على أن يعتبر كسر الشهر شهرا كامال. أمـا فـيما يـتعلق بـشكل الـدفـع بـاملـقاصـة ،فـإنـه ال يـحق لـلمكلف الـلجوء إلـيها .وهـذا املـبدأ مـكرس فـي الـقانـون الـعام والـذي يـمنع كل تنفيذ جبري ضد الدولة باعتبارها مصدر السلطات العامة ،وبالتالي من غير املعقول اللجوء الستعمال اإلكراه ضدها. مــن نــاحــية أخــرى قــد يــكون للمحتســب املــختص الــحق فــي الــطلب مــن اآلمــر بــالــصرف بــأن يــقتطع مــا يــترتــب عــلى املــكلف مــن ضرائب ورسوم من أصل ما قد يستحق له على الخزينة من ديون. ك ــما أن االع ــتراض ع ــلى ال ــتكليف أو ع ــلى إج ــراءات ال ــتنفيذ ال ي ــوق ــف ال ــتحصيل س ــواء ك ــان امل ــرج ــع امل ــقدم إل ــيه االع ــتراض قضائيا ً أم إداريا ً. 21 الفصل الرابع -التهرب من الضريبة مـن الـطبيعي أن تـتمثل ردة فـعل املـكلف عـلى الـوسـائـل الـتي تسـتعملها اإلدارة الـضريـبية الـتحصيل الـواردات بـمحاوالت كـثيرة لتفادي عملية اقتطاع وارداته أو اإلنقاص من حجمه ،وهذا ما اصطلح على تسميته بالتهرب من الضريبة. ودرجت العادة على تقسيم التهرب إلى نوعني : النوع األول :تهرب مشروع يمكن تسميته بتجنب الضريبة. وب ــموج ــبه ي ــتمكن ب ــعض امل ــكلفني م ــن اس ــتغالل ب ــعض ال ــثغرات ال ــتي ال يخ ــلو م ــنها التش ــري ــع ال ــضري ــبي للتخ ــلص م ــن دف ــع الضريبة املستحقة أو جانب منها. النوع الثاني :هو تهرب غير مشروع ويسمى عادة بالغش الضريبي. • ويـبرز حـني يـعمد بـعض املـكلفني إلتـباع بـعض أسـالـيب الـغش والخـداع ،مـخالـفني بـذلـك أحـكام التشـريـع الـضريـبي بقصد تخفيض القيمة الحقيقية لبعض عناصر أوعية الضرائب • أو زيادة األعباء الواجبة الحسم عند تقديم إقرارات الضرائب قبل ربطها، • أو إخفاء أموالهم بشكل ال يسمح بعدها لإلدارة الضريبية بجباية قيمة الضرائب التي سبق ربطها عليهم. إن ظاهرة التهرب تؤدي إلى إحداث نتائج خطيرة على جميع األصعدة ؛ ف ــمن ن ــاح ــية ال ــعدال ــة ،ق ــد ت ــؤدي ه ــذه ال ــظاه ــرة إل ــى ان ــعدام اع ــتدال ال ــنظام ال ــضري ــبي ب ــحيث ي ــسمح ل ــبعض امل ــكلفني ب ــتجنب األعباء الضريبية في حني يرزح تحت ثقلها مكلفون آخرون. وهــذا ال بــد مــن أن يــترك أثــرا ً ســلبيا ً عــلى املــداخــيل الــضريــبية بــحيث تــخف هــذه املــداخــيل وتــشح ،فتخســر الخــزيــنة أمــواال قــد تكون بحاجة ماسة إليها. وأخـيرا قـد يـؤدي التهـرب مـن الـضريـبة إلـى إحـداث خـلل فـي كـل مـنافـسة اقـتصاديـة .إذ أن تـزاحـم مشـروعـني يـفضي حـتما إلـى ان ــتصار املش ــروع ال ــذي ي ــنجح ف ــي الته ــرب م ــن ال ــضري ــبة ب ــدال م ــن أن ي ــكون ه ــذا االن ــتصار م ــرت ــكزا ً ع ــلى االن ــتاج ــية وال ــتي ال تتكرس إال باملنافسة الحرة. أمـام هـذه الـظاهـرة الخـطرة ،يـنبغي عـلينا أن نـفتش عـن االسـباب الـتي تـدفـع إلـى التهـرب ،ثـم الـتوسـع فـي تحـليل هـذه الظاهرة ،وأخيراً ،املساهمة في محاولة وضع عالج لها. املبحث األول :أسباب التهرب من الضريبة التهــرب مــن الــضريــبة هــو مــن الــظواهــر الــعامــة الــتي يــصعب قــياســها ،إذ يــكاد ال يخــلو أي نــظام ضــريــبي مــن هــذه الــظاهــرة سواء كان ذلك في بلد متخلف أم متقدم. فـفي لـبنان مـثال تـشير مـعظم الـدراسـات والـتقاريـر املـختصة بـالـنظام الـضريـبي ،إلـى أن التهـرب مـن الـضريـبة يـتعدى عـتبة ال ، ٪٩٠أما في فرنسا فيصل إلى حدود ال . ٪٢٥ ومهما يكن من أمر هذا االتساع الكبير للتهرب الضريبي فإنه ينبغي علينا التفتيش عن أسبابه ضمن أربع اتجاهات : 22 -١أسباب أخالقية ونــعني بــها ضــعف الــحس املــالــي كــواجــب اجــتماعــي عــند بــعض املــكلفني ،إذ يــعتقدون فــي قــرارة أنــفسهم بــأن ســرقــة اإلدارة الضريبية ليست بسرقة ،وإنما رياضة وطنية تدل على فطنة وذكاء. وهـذا الـتقصير بـاملـساهـمة بـأمـانـة فـي األعـباء الـعامـة يـمكن أن نـعزوه إلـى املـيل الـعام عـند أغـلبية الـشعوب -ال سـيما الـشعب اللبناني -إلى عدم الخضوع للقانون ،ال بل السعي الدائم إلى وضع العراقيل أمامه حتى يتعذر تنفيذه. من ناحية ثانية ،يمكن أن نرجع أسباب عدم احترام القانون املالي إلى طبيعته التي تختلف كثيرة عن القوانني األخرى. - ف ــال ــقان ــون ب ــوج ــه ع ــام ب ــتصف ع ــادة ب ــال ــشمول ــية ،ب ــاالس ــتمراري ــة و ب ــال ــنزاه ــة .وه ــذا م ــا ي ــتيح ل ــه ت ــدارك األس ــال ــيب ال ــتعسفية م ــؤم ــنا ً ال ــعدال ــة ب ــواس ــطة ق ــواع ــد مج ــردة ودائ ــمة .ف ــال ــذي ي ــحاول ت ــعكير ص ــفو ال ــنظام ال ــقائ ــم ي ــصبح أوتوماتيكيا ً مواطنا غير صالح ويخضع بالتالي للعقوبة. - أما القانون املالي فهو يفتقر لهذه الصفات الثالث. • فـهو لـيس شـامـالً ،ألنـه يـحاول دائـما الـتوفـيق بـني األعـباء الـضريـبية والـوضـعية الـفرديـة لـكل مـكلف ؛ أضـف إلــى ذلــك ســياســة تــشجيع االســتثمارات ومــا تجــده فــي تــخفيف الــوقــع الــضريــبة مــما يــضعف كــثيرا مــن نطاق شمولية القانون. • أمــا مــن نــاحــية االســتمراريــة ،فــإن الــقانــون املــالــي يــفتقر إلــيها فــي الــكثير مــن األحــيان نــظرا لــكثرة تــبدلــه وتصحيحه تبعا للمتغيرات االقتصادية واالجتماعية مما يحد كثيرا من اعتباره وتأثيره. • وأخـيرا ،فـإن هـذا الـقانـون يـفتقر أيـضا لـلنزاهـة ،وهـذا راجـع إلـى أن تـطبيقه يـتم لـحساب الـدولـة ”الـقويـة“ مـما يـعمق الـهوة بـينها وبـني املـكلف ”الـضعيف“ .وعـليه ،فـإن هـذا األخـير ال يـعترف لـها بـدورهـا كمشـرع، وإنــما كــدائــن قــوي يــحاول اســتقطاع الــضرائــب بــالــقوة .وقــد يتخــذ هــذا االقــتناع بــعدا ً مــهماً ،خــصوصــا إذا ك ــان ال ــفساد مس ــتشري ـا ً ف ــي ارج ــاء ه ــذه ال ــدول ــة م ــما يح ــمل امل ــكلف ع ــلى م ــحاول ــة التخ ــلص م ــن ه ــذا الـطغيان الـذي يهـدد مـوارده بـطرق غـير شـرعـية ،وهـذا مـا يحـملنا عـلى إثـارة األسـباب الـسياسـية للتهـرب من الضريبة. - ٢األسباب السياسية إن تــطور الــضريــبة وتخــطيها لــلدور املــالــي ملــياديــن جــديــدة اقــتصاديــة واجــتماعــية قــد تــدفــع جــميع املــتضرريــن مــن هــذا الــدور الجديد للوقوف أمامها أو محاولة التهرب منها. فـعندمـا تتخـد الـضريـبة كـأداة لـتطبيق سـياسـة اجـتماعـية واقـتصاديـة مـعينة يـظن مـن يتحـملها بـأنـه مضطهـد مـن قـبل أصـحاب هـذه الـسياسـة ،فيتخـذ مـن التهـرب مـن الـضريـبة وسـيلة ملـقاومـة هـذه الـسياسـة .وتـبلغ هـذه املـقاومـة أشـدهـا عـندمـا تـنعدم الـثقة بالحاكم. وال ــتاري ــخ امل ــال ــي أث ــبت ب ــأن ال ــطبقات ال ــتي تتس ــلم زم ــام الس ــلطة ل ــم تس ــتطع ال ــصمود أم ــام م ــحاوالت دف ــع األع ــباء ال ــضري ــبية باتجاه الطبقات االجتماعية األخرى ،فالضريبة والحالة هذه لم تعد مقبولة من قبل الجميع ،بل مصادرة من قبل القوي. وه ــكذا ي ــصبح الته ــرب م ــن ال ــضري ــبة ح ــاج ــة م ــلحة مل ــكاف ــحة ط ــغيان ال ــحاك ــم ووق ــف ه ــذه االي ــدي ــول ــوج ــية ال ــضري ــبية ال ــغير ق ــاب ــلة للمناقشة أو الجائرة. واملشرع ال يستطيع بعد اآلن االعتماد على استقامة املكلف بعد أن تجاوزها هو بنفسه. 23 أمــام هــذه الــحالــة ال يــبقى أمــام املــكلف ”املســتغل“ و "املــغبون" إال اســتعمال جــميع الــطرق للتهــرب مــن الــضريــبة ،وتــغدو هــذه األساليب ال مفر منها إذا توفرت لديه كذلك أسباب اقتصادية معينة. -٣األسباب االقتصادية تتأرجح األسباب االقتصادية للتهرب من الضريبية حول نقطتني : األولى وتركز على وضعية املكلف االقتصادية وتأثيرها على عملية دفع الضريبة. الثانية وتقوم على دور األحوال االقتصادية التي تحيط باملكلف.فـفي الـوضـعية األولـى ،ال بـد لـلمكلف مـن الـلجوء إلـى الـضريـبة عـندمـا يـتأكـد مـن أن األربـاح الـتي سـيجنيها مـن التهـرب سـوف ت ــعوض ل ــه ال ــعوائ ــق ال ــتي س ــتلحق ب ــه .وف ــي أك ــثر األح ــيان ت ــكون ه ــذه األرب ــاح ك ــبيرة خ ــصوص ــا ع ــندم ــا ي ــكون س ــعر ال ــضري ــبة مرتفعا ً بعض الشيء. وفي الوضعية الثانية ،تلعب األحوال االقتصادية العامة دورا ً كبيرا ً في دفع أو عدم دفع الضريبة. فـاملـكلف الـذي يجـد نـفسه وسـط وضـعية اقـتصاديـة مـزدهـرة يـدفـع الـضريـبة عـن طـيبة خـاطـر .ألن هـذا االزدهـار يـوفـر لـه الـكثير من األرباح والتي تفوق بكثير ما قد يدفعه إلى اإلدارة الضريبية. لـكنه إذا ملـس بـأن الـحالـة االقـتصاديـة الـعامـة تـمر بـمرحـلة صـعبة ،فـهو سـيحاول بـالـطبع التهـرب مـن الـضريـبة تـجنبا لـتعريـض مشروعه لالندثار خصوصا إذا دفع كل ما يتوجب عليه. فالتهرب من الضريبة يعتبر هنا وحسب اعتقاده ،خير منقذ وأهون سبيل املحافظة على ممتلكاته. فــفي أوقــات الــنمو االقــتصادي ،ال يــمكن لــلمكلف مجــرد الــتفكير فــي التهــرب مــن الــضريــبية ،وهــذا عــائــد بــالــطبع إلــى ســهولــة تحميل الضريبة اآلخرين. لـكن عـندمـا تحـل األزمـات االقـتصاديـة وتـلجأ الـحكومـة إلـى الـتدخـل وإقـامـة نـظام الـحصص للسـلع يـزدهـر الـغش الـضريـبي ؛ وتـفسير ذلـك عـائـد إلـى أن إخـضاع الـسوق لـنظام مـعني يـؤدي حـتما إلـى إقـامـة سـوق مـوازي لـألول غـير شـرعـي ،وسـري .وهـذا يعني أن كل عمليات هذا السوق تبقى بعيدة كل البعد عن دائرة االقتطاع الضريبي. وتجـدر اإلشـارة إلـى أن الـغش الـضريـبي بـدأ يـتطور ويـأخـذ أشـكاال عـديـدة ،السـيما مـع ظـهور الشـركـات املـتعددة الـجنسيات، خـصوصـا وأن مـراقـبي الـضرائـب يجـدون أنـفسهم فـي أغـلب األحـيان مـن غـير سـلطة إلجـراء مـراقـبة أربـاح هـذه الشـركـات الـتي تتعدى أراضي دولتهم. وبـالـرغـم مـن أن االتـفاقـيات الـضريـبية تـعمل عـلى مـحاربـة هـذه اآلفـة إال أنـها مـا زالـت غـير كـافـية للحـد مـن هـذا التهـرب الـعاملـي. وهذا ما يحملنا على إثارة األسباب التقنية للتهرب من الضريبة. -٤األسباب التقنية يمكن حصر هذه األسباب التقنية بسبب واحد يتلخص في التعقيدات التي تغلف النظام الضريبي. فـتطور الـنظام الـضريـبي وتـداخـله فـي جـميع املـياديـن أحـاطـه بسـلسلة مـن الـتعقيدات الـتي يـصعب حـلها حـتى عـلى مـوظـفي الضرائب. 24 فبالرغم من ازدياد تقنية النظام الضريبي بقي املكلف يتهرب من الضريبة دون أن يخالف القانون في بعض األحيان. • فـعندمـا كـنا نـعتمد عـلى املـظاهـر الـخارجـية لـلثروة لـتقديـر الـوعـاء الـضريـبي كـان التهـرب يـضيق نـظرا ً لـقدرة رجـال الضرائب على رؤية ومراقبة هذه املظاهر الخارجية. • ولـكن عـندمـا بـدأنـا تـحت تـأثـير عـوامـل مـختلفة نعهـد إلـى املـكلف نـفسه بـضرورة إجـراء الـتصريـح عـن دخـله لـدائـرة الـضريـبة ،بـدأت أسـهم التهـرب بـاالرتـفاع ،فـضال عـلى أن مـراقـبة تـصاريـح بـعض املـكلفني تـغدو صـعبة خـصوصـا إذا كان ذلك يتعلق بمداخيل مهن غير تجارية التي تطلب في بعض األحيان حق االنتفاع من السرية املهنية. كــذلــك إن الــتفاوت فــي الــتعرفــة الــضريــبية بــني فــئة مــن الســلع وأخــرى قــد قــلل مــن مــهمة اإلدارة الــضريــبية ،مــما ســمح لــلمكلف بتمرير رعاءه الضريبي في فئة من الفئات ذات التعرفة البسيطة. وأخــيراً ،نشهــد حــالــيا ً اإلكــثار مــن املــصروفــات الــضريــبية والــتي تــتمثل عــادة فــي اســتعمال وســائــل اســتثنائــية لــتنمية قــطاعــات اقتصادية واجتماعية معينة. إن اإلك ــثار واإلس ــراف م ــن اس ــتعمال ه ــذه ال ــوس ــائ ــل ج ــعلها م ــصدر ته ــرب ض ــري ــبي ع ــلى ن ــطاق واس ــع ،وت ــحاي ــال ع ــلى إرادة املشرع الذي لم يتناول قط مسألة توسيعها. وهــكذا أدت تــعقيدات الــنظام الــضريــبي إلــى تــجنب الــضريــبة مــن دون الــوقــوع تــحت طــائــلة الــعقوبــة ،وهــذا عــائــد بــالــطبع إلــى املظاهر التي اتخذتها حالة التهرب من الضريبة. 25 املبحث الثاني :مظاهر التهرب من الضريبة يتخذ التهرب الضريبة عادة شكلني رئيسني : -١الغش الضريبي الغش الضريبي هو انتهاك مباشر وقصدي للقانون الضريبي وله أشكال كثيرة منها : • إغفال متعمد للتصريح عن الضريبية • إخفاء متعمد للوعاء الضريبي • الظهور بمظهر املعثر وعدم القدرة على الدفع • إبراز مستندات وهمية للمحاسبة… الخ هذه األشكال تحملنا على تقسيم الغش الضريبي إلى أربعة نماذج : أ -االخفاء املادي االخــفاء املــادي لــلشيء الــخاضــع لــلضريــبة هــو الــشكل الــصارخ لهــذا الــغش ،كــمثل الــتاجــر الــذي يــخفي قــسما ً مــن بــضائــعه التي استوردها لكي يتفادى الضرائب الجمركية. ب -اإلخفاء املحاسبي نـظرا ألن بـعض الـضرائـب تـفرض بـموجـب إعـالن صـادر عـن املـكلف ،فـإن هـذا األخـير يـلجأ فـي بـعض األحـيان لهـذا الـنوع مـن الغش إلخفاء القسم األكبر من أرباحه. إذ غالبا ما يكون للتاجر حسابان : • حساب يرسله لإلدارة الضريبية ويحوي الشيء موضوع الضريبة • وحساب آخر تجاري يوضح حقيقة عملياته التجارية فـي الـحساب األول يـمكن لـلمكلف الـتاجـر أن يـثقله بـمختلف الـنفقات الـشخصية الـتي يـنرلـها عـادة تـحت عـنوان نـفقات عـامـة، أو قد تلجأ بعض الشركات إلى إخفاء أرباحها تحت شكل االستهالك ،أو بصورة رصيد تحت شكل احتياطي. ج -التكييف الخاطئ وهذا النوع من الغش يهدف إلى تمويه واقعة فعلية وراء وضعية قانونية ظاهرة : • كــمثل املســتثمر الــفعلي لــلمؤســسة الــذي يســتتر وراء رجــل ال وجــود فــعلي لــه Homme de pailleيظهــر وكــأنــه هو الذي يستثمر هذه املؤسسة. • أو كاللجوء إلى تمويه مشاركة دون أن يدفع الثمن أبدا ً. 26 ص ــحيح أن ب ــاس ــتطاع ــة اإلدارة ال ــضري ــبية ال ــوق ــوف ع ــلى ح ــقيقة اإلل ــتزام ،ول ــكن إذا ت ــجاوزت ه ــذه األم ــور الح ــد امل ــعقول ،ه ــل باستطاعتها وضع حد لها أو أن الزمام سيفلت من يدها في كثير من القضايا ؟ د -قرينة الغش وتتلخص هذه الحالة في معرفة عما إذا كان إخفاء الشيء موضوع الضريبة تم عن قصاد أو عن غير قصد. واإلدارة الضريبية ستقمع ذلك في كال الحالتني : • فاملكلف الذي نسي أن يقدم تصريحه سيعاقب حتى ولو لم يكن يقصد ذلك. • وم ــال ــك ال ــبضاع ــة امل ــوج ــودة ف ــي امل ــناط ــق الح ــرة وال ــتي ل ــم تس ــدد ع ــنها ال ــرس ــوم الج ــمرك ــية ب ــعد ،ت ــعتبر أن ــها دخ ــلت األراضي الوطنية بغير وجه شرعي ويعاقب صاحبها كذلك. وعليه ،فاملكلف معرض للعقوبات ،وإن خرق عن غير قصد القانون الضريبي. م ــن ن ــاح ــية أخ ــرى ،ه ــناك ع ــدة اف ــتراض ــات ت ــمكن امل ــكلف م ــن ت ــفادي ال ــضري ــبة دون أن ي ــكون ع ــرض ــة ل ــلمالح ــقات ،وه ــذا م ــا يسمى بالتهرب من الضريبة. -٢التهرب الضريبي م ــهما ك ــان ــت دق ــة ال ــنظام ال ــضري ــبي ،ف ــإن امل ــكلف ي ــنجح دائ ــما ف ــي إخ ــفاء ق ــسم م ــن ال ــوع ــاء ال ــضري ــبي ع ــن س ــلطة اإلدارة الضريبية من دون مخالفة القانون .وهذا ما يسمى بالتهرب الضريبي ،وله عدة أشكال : أ – التهرب الضريبي الداخلي مـن أولـى أشـكال التهـرب الـضريـبي الـتي تجـري داخـل أراضـي املـكلف الـوطـنية هـي مـحاولـة االسـتفادة مـن الـثغرات املـوجـودة في النظام الضريبي. وقـد يـكون صـحيحا ً أن االمـتناع عـن شـراء الـشيء مـوضـوع الـضريـبة هـو وسـيلة للتهـرب مـنها لـكن تـنفيذ ذلـك يـتطلب قـوة إرادة وتضحية. وهذا األمر قد ال يستطيع أن يقوم به املكلف مهما كثر تأففه وسخطه من ثقل الضريبة. فهل يمتنع املدخن املدمن مثال عن شراء علبة سجائر لكي ال يدفع الرسم الذي يثقلها ؟ لذلك ال يبقى أمام املكلف إال طريقة واحدة هي التفتيش عن ثغرات في النظام الضريبي للنفاذ منها. وهـكذا يـلجأ املـكلف الـذي يـريـد التخـلص مـن الـضريـبة املـفروضـة عـلى نـقل املـلكية إلـى اكـتساب الـبنايـة الـتي تـشكل املـوجـودات الوحيدة للشركة ،وذلك بالشراء املتعاقب ملجموع أسهم هذه الشركة. وفـي بـعض األحـيان قـد يـتنازل املشـرع عـن تـطبيق الـقانـون ملـصلحة املـكلف ،ويتجسـد ذلـك فـي قـبول االعـتماد عـلى الـتقديـرات الجزئية لتخمني الوعاء الضريبي ،هذا مع العلم بأن التقديرات الجزئية تبقى بعيدة كل البعد عن التقديرات الحقيقية. 27 فــاملشــرع هــنا يــمتنع عــن ضــبط الــوعــاء الــضريــبي بــشكل كــامــل مــما يــترك املــجال لــلمكلف لــعدم دفــع الــضريــبة ،وقــد ال يــكتفي املـكلف بـالـوسـائـل الـتي يـعطيها لـه التشـريـع الـداخـلي ،بـل يـحاول االسـتفادة أيـضا مـن التشـريـع الـخارجـي .وهـذا مـا أضـفى على التهرب الصبغة الدولية. ب -التهرب الضريبي الدولي يستفيد املكلف هنا من الصفة اإلقليمية للسيادة الضريبية ليتسنى له التهرب من الضريبة. ويتم هذا األمر عبر تمريره لألشياء التي يمتلكها إلى أراضي دولة أخرى. وإذا كـان صـحيحا أن االتـفاقـيات الـدولـية ملـكافـحة التهـرب قـد بـدأت تحـد مـنه ،إال أن عـدم كـثرتـها مـن نـاحـية وصـعوبـة تـفسيرهـا فــي بــعض األحــيان مــن نــاحــية ثــانــية قــد أفــقدهــا الــكثير مــن الــفعالــية .وبــقي التهــرب هــنا هــو ســيد املــوقــف وذلــك عــبر وجهــني رئيسيني : - التهرب على مستوى وعاء الضريبة - التهرب على مستوى تحصيل الضريبة وتـبرز هـذه الـحالـة عـندمـا يـكون الـوعـاء الـضريـبي مسـتترا ً عـن أعـني السـلطة الـضريـبية الـوطـنية فـي حـني يـبقى مـكشوفـة أمـام أعني السلطة الضريبية الغريبة. • كـمثل الـسفن الـتي تـرفـع فـي بـعض االحـيان رايـات غـير جـديـة لـتتمكن مـن أن تـتفادى مـتطلبات الـقانـون الـضريـبي واالجتماعي للبلد التي تعود إليه أصال. • أمــا الشــركــات املــتعددة الــجنسيات ،فــهي تــلجأ أيــضا إلــى هــذا الــنوع مــن التهــرب الــضريــبي عــبر تــمريــر أربــاحــها إلى بالد تكون الضريبة فيه معدومة أو خفيفة. مـن نـاحـية أخـرى قـد تـلجأ بـعض الشـركـات إلـى إظـهار أربـاحـها فـي حـسابـات شـركـات أخـرى ال تـلفت نـظر اإلدارة الـضريـبية، وهذا ما يسمى بالتهرب على مستوى تحصيل الضريبة. التهرب على مستوى تحصيل الضريبة ويظه ــر ذل ــك ف ــي م ــحاول ــة امل ــكلف وض ــع ن ــفسه خ ــارج ال ــدول ــة ال ــتي ي ــجب أن ي ــدف ــع ف ــيها ال ــضري ــبة ،وه ــذا م ــا ي ــسمى ب ــالته ــرب الضريبي الشخصي. ويـصبح هـذا التهـرب مـاديـا ً عـندمـا ال يـترك املـكلف أيـة أمـوال مـنقولـة كـانـت أم غـير مـنقولـة تـصلح لـيتم تـحصيل الـضريـبة مـنها. والتاريخ قد أعطانا أمثلة كثيرة في هذا املجال : • كمثل البريطانيني الذين تركوا بالدهم وأقاموا في بالد بعيدة تجنبا لدفع الضريبة. • وكــذلــك بــعض الشــركــات الــعاملــية الــتي تــقيم مــراكــزهــا الــرئــيسية فــي بــالد بــعيدة تــتيح لــها الــتمتع بــنظام ضــريــبي مريح. خ ــالص ــة ال ــقول ،إن م ــحاول ــة ت ــفادي دف ــع ال ــضري ــبة تخ ــلق م ــشاك ــل ع ــدي ــدة ينج ــم ع ــنها م ــشاك ــل خ ــطيرة ع ــلى ص ــعيد ال ــواردات والـعدالـة االجـتماعـية ،كـما أنـها قـد تـكون السـبب فـي حـصول أزمـات و تـوتـرات اقـتصاديـة مـهمة .وهـذا مـا يـدفـعنا إلـى مـحاولـة معالجة هذا الوضع الشاذ الناجم عن تفادي الضريبة. 28 املبحث الثالث :عالج تفادي عدم دفع الضريبة م ــشكلة ع ــدم دف ــع ال ــضري ــبة ليس ــت ع ــقبة يس ــتعصي ح ــلها ،ف ــقد ح ــاول ال ــكثيرون ال ــتخفيف م ــن ع ــبئها ع ــبر وص ــف الح ــلول الناجعة لها. • أولى هذه الحلول اتخذت طابعا ً أخالقيا ً يتلخص في تنمية روح املدنية للمكلف بواسطة الدعايات واإلعالنات. • وث ــان ــي ه ــذه الح ــلول ات ــصفت ب ــصفة س ــياس ــية ت ــمحورت ح ــول ض ــرورة ع ــدم تس ــليط األض ــواء ع ــلى دور ال ــضري ــبة املالي فقط ،وإنما إبراز أدوارها األخرى ال سيما دورها االجتماعي. • وثـالـث هـذه الحـلول كـانـت اقـتصاديـة أوصـت بـعدم تـطبيق ضـغط ضـريـبي مـبالـغ فـيه فـي ظـل ظـروف اقـتصاديـة غـير مؤاتية. إن معالجة هذه الحلول جميعها تتطلب منا شرحا ً كثيرة ومستفيضا ً تخرج في بعض األحيان عن أطر دراستنا. لذلك فإننا نكتفي هنا بإثارة املعالجات التقنية التي تساهم إلى حد بعيد في وضع حد لتفادي دفع الضريبة. هـذه املـعالـجة قـد تـختلف بـاخـتالف الـتملص مـن الـضريـبة ،فـهناك مـعالـجات ضـد الـغش الـضريـبي مـن جـهة ،وهـناك مـعالـجات ضد التهرب من جهة ثانية. ا -عالج الغش الضريبي يمكننا التمييز بني وسيلتني من أجل الحد من اتساع هذا الغش : أ -الوقاية خير وسيلة الستدراك الغش يكمن في إتقان الرقابة الضريبية. فبقدر ما تكون هذه الرقابة متقدمة ،بقدر ما يتالشى عزم املكلف وقدرته على الغش. وهكذا تعتمد معظم األنظمة الضريبية ملختلف الدول على إتباع ما يسمى بجدول الضرائب. مهمة هذا األخير تتلخص في حصر املعلومات عن كل مكلف مستقاة من مختلف اإلدارات الرسمية. وعـليه ،فـبعد أن ظـلت األتـعاب الـصحية عـاصـية عـن كـل تـحقيقات اإلدارة الـضريـبية فـي فـرنـسا أصـبحت اآلن تـراقـب وبـشكل جيد نظرا ً للمساهمة الكبيرة التي قام بها الضمان الصحي في هذا املجال. فـقد أخـذ هـذا األخـير يـطلع اإلدارة الـضريـبية عـلى نـشاط كـل طـبيب وعـن عـدد الـزيـارات واالسـتشارات الـتي قـام بـها كـل مـنهم والتي ضمن سدادها ،وهذا ما أفضى إلى تقدير تقريبي للمداخيل الصحية. مـن نـاحـية ثـانـية بـدأت بـعض الـدول ومـنها فـرنـسا تسـتعمل فـي الـفترة األخـيرة الـناظـمات اآللـية لـلمساهـمة فـي ربـط الـضريـبة ويـتلخص هـذا األمـر فـي تـلقني هـذه اآللـة جـميع املـعلومـات الـتي تـتناول املـكلف مـن جـميع الـنواحـي :طـريـقة عـيشه ،مـهنته ، وض ــعه ال ــعائ ــلي ...ال ــخ .م ــما يسه ــل اك ــتشاف اإلق ــرارات ال ــتي ي ــشوب ــها الخ ــداع ،ف ــإذا ك ــان الخ ــداع م ــوج ــودا ً وج ــب ع ــنده ــا الردع. 29 ب – الردع قــد يــكون لــردع الــغش بــعض املــزايــا الــتي تــسمح بــالحــد مــن هــذه املــظاهــر الــتي تهــدد األمــوال الــعامــة ،لــكن بشــرط أن يــكون للقضاة القدرة على إنزال أقصى العقوبات بالفاعل : • فرض غرامات ، • عقوبة حبس ملدة تزيد عن ستة أشهر ، • مصادرة املال أو الشيء موضوع الغش ، • منع عن ممارسة املهنة التي نجم عنها الغش … إلخ. هـذه الـعقوبـات قـد تـساهـم إلـى حـد بـعيد فـي الحـد مـن الـغش بـشكل واسـع .وهـذا مـا يـدفـعنا لـلمطالـبة بـالتشـديـد عـلى اسـتقاللـية القاضي من ناحية ،وإعطائه الوسيلة الكفيلة التي تضمن له تنفيذ ما يقرره من ناحية ثانية. -٢عالجات التهرب الضريبي التهــرب مــن الــضريــبة يــكون ضــمن إطــاریــن :داخــلي وخــارجــي .لــذلــك يــنبغي عــلينا مــحاولــة عــالج هــذه اآلفــة عــلى املســتويــن الداخلي والخارجي. أ -عالج التهرب الضريبي الداخلي التعقيدات التي ترافق النظام الضريبي تساهم إلى حد بعيد في هذا التهرب. فاملكلف يستفيد من كل ثغرة في الشبكة الضريبية لكي يخرق القانون. وعــليه ،فــإن نــظام إمــتيازات مــبالــغ فــيه ،مــثال قــد يــلعب دورا كــبيرا فــي إتــاحــة الــفرصــة لــلمكلف بــاســتغالل بــنود هــذا الــنظام ليتفادى الضريبة دون أن يخرق القانون. فـكل مـحاولـة للحـد مـن هـذا التهـرب ال بـد مـن أن يـتمثل فـي إزالـة كـل الـتعقيدات والـغموض الـذي يـحيط مـن قـريـب أو مـن بـعيد بالنظام الضريبي. وهذا ال يتحقق إال : • بتوحيد املعدالت ، • بتخفيض اإلعفاءات ووضوحها ، • بإلغاء االمتيازات غير املجدية واملبالغ فيها ، • وأخيرا ً بالتقليل من النفقات الضريبية. وهـكذا نخـلص لـلقول بـأن كـل مـحاولـة للحـد مـن التهـرب عـلى املسـتوى الـداخـلي ال بـد مـن أن تـمر عـبر إصـالحـات تـقنية لـلنظام الضريبي. 30 ب – عالج التهرب الضريبي الدولي سبب التهرب الضريبي الخارجي يكمن في القيد الدولي الذي يفرض على كل مراقبة مالية. وال يمكن كسر هذا القيد إال باتفاقيات دولية تسمح لإلدارة الضريبية بتوسيع مراقبتها فيما وراء حدودها الوطنية. وقد أولت مجموعة من الدول هذا األمر أهمية بالغة : • فأوصت بمعونة إدارية دولية في مجال الضريبة ، • ثم قامت بإنشاء مشاريع نماذج التفاقات دولية على املستويني اإلداري والقضائي. وبـعد الحـرب الـعاملـية الـثانـية أنـشأت إتـفاقـيات للحـد مـن فـرض الـضريـبة املـضاعـف )أي االزدواج الـضريـبي( تـحت کـشف هـيئة التعاون للتنمية االقتصادية O.C.D.Eلكن هذه االتفاقيات يحد منها عامالن اثنان : الــعامــل األول :ويــتمثل فــي أن فــاعــلية هــذه االتــفاقــيات يــكمن فــي إتــفاق جــميع الــدول عــلى مــحاربــة الــغش الــضريــبي .وهــذااألمــر هــو غــير مــتوفــر حــالــيا ً نــظرا ً لــعدم دخــول بــعض الــدول فــي عــقد مــثل هــذه االتــفاقــيات مــن جــهة ،وإلــى وجــود الــكثير مــما اصــطلح عــلى تــسميته فــردوس الــضرائــب مــن جــهة ثــانــية .وأكــثر مــن ذلــك فــإن بــعض الــدول املســتفيدة مــن وجــود األمــوال عــلى أراضيها تتمهل في القيام بالخطوات الالزمة مع باقي الدول للحد من سبل التهرب الضريبي. ال ــعام ــل ال ــثان ــي ال ــذي ي ــخفف م ــن وه ــج ت ــطبيق ه ــذه االت ــفاق ــيات بتجس ــد ف ــي الش ــرط األم ــني ال ــذي ت ــحوي ــه وال ــذي ي ــتلخصبـالـسماح لـلدولـة املـوقـعة عـلى اإلتـفاق بـالـتمسك بـه وإظـهار رفـضها بـوجـه كـل طـلب تـتقدم بـه الـدولـة املـتعاقـدة األخـرى والـهادف ملساعدتها في إجراء الرقابة املالية. وغـالـبا مـا يـكون هـذا الـرفـض بـوجـه الـرقـابـة الـتي مـن شـأنـها أن تجـر نـتائـج خـطرة عـلى الـصعيد االقـتصادي والـسياسـي لـلدولـة املتعاقدة ،وهذا ما يفسر مع كل أسف بقاء بعض االتفاقيات حبرا ً على ورق في أكثر األحيان. ويــتعقد األمــر أكــثر فــأكــثر مــن الــناحــية اإلداريــة ،فــطلب املــعلومــات يــجب أن يــتبع طــريــقا ً إداريـا ً روتــينيا ً ،مــن وزارة املــال إلــى وزارة الــخارجــية لــلبلديــن املــعنيني ،مــما يــعطي الــفرصــة الــذهــبية لــلمكلف لــالســتفادة مــن هــذا الــبطء فــي الــتطبيق لــيضع نــفسه بمأمن عن كل مالحقة في هذا املجال. لـكن بـالـرغـم مـن هـذه الـعوامـل السـلبية الـتي ال تـسمح بـالـقضاء عـلى حـالـة التهـرب الـضريـبي حـتى مـع وجـود اتـفاقـيات ضـريـبية دولية فإننا بدأنا نالحظ ظهور بعض النقاط اإليجابية في عالقة الدول بعضها مع بعض. • وقد تجلى ذلك في الحد من انتقال األموال من دولة ألخرى ، • إض ــاف ــة إل ــى ارت ــفاع ف ــي ال ــضغط ال ــضري ــبي ف ــي ال ــكثير م ــن ال ــدول ق ــاب ــله ن ــقص ع ــلى مس ــتوى وج ــود ال ــفردوس الضريبي ،مما أسهم كثيرا في التخفيف من أهمية التهرب الضريبي على املستوى الدولي. خــالصــة الــقول ،إن كــل الــتدابــير الــتي عــالــجناهــا أعــاله يــمكن أن تــسهم فــي الــتخفيف مــن التهــرب والــغش الــضريــبي ،وتــبلغ هذه التدابير مداها إذا ما رافقها تحسني للعالقة بني اإلدارة الضريبية واملكلف. • فكما أنه ال يجوز أن تقوم هذه اإلدارة ”بسلخ“ أموال املكلف بكافة الطرق. • كذالك ال يجوز باملقابل للمكلف أن يستنبط كافة الطرق التي تعرقل سداده للضريبة. وقد تنبهت معظم الدول في قوانينها الضريبية الحديثة لهذا األمر فجعلت من املكلف مساعدا ً لها ال عدوا ً. • فهو وحده الذي يحصي الوعاء الضريبي )في نظام اإلعالن املراقب( ، 31 • وهو الذي يشترك في ربط الضريبة في اإلجراءات الجزافية االتفاقية ، • وهو وحده الذي ينقذ تحصيل الضريبة في التقنية التي تسمى بالحجز عند املنبع. لـكن بـالـرغـم مـن هـذا الجهـد الـذي يـحاول تـنقية هـذه الـعالقـة ،فـإن خـطر املـواجـهة مـا زال حـيا ً مـما يـحتم الـسير بخـطى سـريـعة في هذا املجال. 32 الضرائب اللبنانية القسم األول :الضرائب املباشرة الفصل ألول :الضرائب على الدخل خصائص نظام ضرائب الدخل في لبنان : تقدمة عامة : بموجب املرسوم االشتراعي رقم ، ٥٩ /١٤٤,قسم املشرع اللبناني ضريبة الدخل إلى ثالثة أبواب : ضريبة الباب األول وتفرض على أرباح املهن الصناعية والتجارية وغير التجارية.ضريبة الباب الثاني وتفرض على الرواتب واألجور ومعاشات التقاعد وما في حكمها جميعا. -ضريبة الباب الثالث وتفرض على إيرادات رؤوس األموال املنقولة أي اإليرادات الناتجة عن دخل رأس املال وحده. تتميز هذه الضرائب جميعها باملبادئ التالية : -١مبدأ االستقالل التام : وهـذا املـبدأ مـتأتـي مـن أن لـكل ضـريـبه أحـكام ومـعدل خـاص بـها .فـال مـجال إذا ً لجـمع هـذه الـضرائـب الـنوعـية فـي وعـاء واحـد لفرض ضريبة عليها مجتمعة. فالطبيب املوظف في وزارة الصحة مثال والذي يعمل خارج دوام عمله في عيادته مثال : • يخضع راتبه لضريبة الباب الثاني )الرواتب واألجور( • بينما تخضع إيراداته من عيادته الضريبة الباب األول )املهن غير التجارية(. وم ــبدأ االس ــتقالل ه ــذا ل ــه ب ــعض االس ــتثناءات تتج ــلى ف ــي ع ــدم اس ــتفادة ال ــطبيب إال م ــن ت ــنزي ــل ع ــائ ــلي واح ــد ع ــند ح ــساب الضريبة بالرغم من تعدد مصادر دخله. إذ أن األع ــباء ال ــعائ ــلية امل ــنصوص ع ــليها ق ــان ــون ت ــخصم م ــن ض ــري ــبة ال ــباب األول .أي م ــن إي ــراد ع ــيادت ــه وت ــفرض ال ــضري ــبة الـتصاعـديـة عـلى مـا يـبقى مـن إيـرادات ،بـينما يـخضع کـامـل مـرتـبه مـن وزارة الـصحة لـضريـبة الـباب الـثانـي دون أي تـنزيـل ، وفي ذلك مخالفة ملبدأ االستقالل. - ٢مبدأ التمييز في معدالت الضريبة : و يظهــر هــذا املــبدأ فــي الــرعــايــة الــخاصــة الــتي أوالهــا املشــرع لــألربــاح الــناتــجة عــن الــعمل ،اذ جــعل مــعدل الــضريــبة عــليها أدنى من املعدالت التي تخضع لها األرباح الناتجة عن رأس املال وحده أو الناتجة عن تضامن رأس املال والعمل معا. • وهـكذا تـخضع اإليـرادات الـتي يـحصل عـليها األشـخاص الـطبيعيون والشـركـاء فـي شـركـات األشـخاص لـلضريـبة التصاعدية ،حيث يتراوح معدل الضريبة بني ٪٤و .٪٢٠ 33 • أم ــا أرب ــاح ش ــرك ــات األم ــوال ف ــأخ ــضعت ل ــضري ــبة ذات م ــعدل نس ــبي واح ــد ق ــدره ، ٪١٢ك ــما أخ ــضعت ت ــوزي ــعات الشركات املذكورة لضريبة إضافية قدرها ٪٥من الربح املوزع. • أمـا الـرواتـب واألجـور ومـعاشـات الـتقاعـد ،وهـي املـداخـيل الـناتـجة عـن الـعمل ،فـبالـرغـم مـن أنـها أخـضعت لـلضريـبة التصاعدية ،لكنها بقيت وفقا ً ملعدالت متهاودة تتراوح بني ٪٢و .٪٢٠ • وأخضعت األجور املقطوعة ألدنى معدالت الضريبة وذلك مهما كانت قيمتها وبدون إجراء أي تنزيل عائلي. - ٣مبدأ عدم جواز ازدواجية الضريبة على الدخل الواحد : تــطبيقا ً لهــذا املــبدأ ال يــمكن فــرض ضــريــبتني نــوعــيتني أو أكــثر عــلى نــفس الــدخــل ،وإنــما يــعفى الــدخــل الــذي ســبق خــضوعــه لضريبة نوعية. وعـليه ،فـال يـمكن إخـضاع الـفوائـد لـدى املـصارف لـضريـبة الـباب الـثالـث )دخـل رؤوس األمـوال املـنقولـة( إذا كـانـت قـد خـضعت لضريبة الباب األول )ضريبة األرباح على املهن الصناعية ،التجارية وغير التجارية( والعكس صحيح. وي ــصح ه ــذا امل ــبدأ ع ــلى دخ ــل أي م ــكلف ف ــي ل ــبنان إذا ك ــان ه ــذا ال ــدخ ــل ق ــد خ ــضع ف ــي ب ــلد أج ــنبي ل ــلضري ــبة ول ــكن بش ــرط املعاملة باملثل. - ٤مبدأ محاربة التهرب : ألن عدم خضوع املكلف لضريبة معينة ال يحول دون خضوعه لضريبة أخرى. - ٥مبدأ مالءمتها للمكلف : ألن ن ــظام ال ــضرائ ــب ال ــنوع ــية ي ــتيح ل ــلمكلف ع ــدم م ــطال ــبته ب ــال ــضرائ ــب اإلج ــمال ــية امل ــحققة ع ــليه دف ــعة واح ــدة ،وذل ــك ن ــتيجة الختالف طرق التحصيل ومواعيدها. خـالصـة الـقول ،بـالـرغـم مـن أن نـظام الـضرائـب الـنوعـية تـشوبـه عـيوب عـديـدة ،إال أن املشـرع الـلبنانـي مـا زال يـأخـذ به ويطبقه على خالف ما هو األمر في بعض الدول األخرى. • ففي وفرنسا والواليات املتحدة األمريكية وأملانيا طبقت أنظمة الضريبة املوحدة على الدخل. • أمـا التشـريـع املـصري فـلقد جـمع بـني الـنظامـني ،فـهو يـأخـذ بـنظام الـضرائـب الـنوعـية ،كـما يـأخـذ بـنظام الـضرائـب التكميلية على الدخل العام )اإليراد العام(. • أم ــا املش ــرع ال ــضري ــبي ال ــسوري ف ــقد ح ــاول ت ــطبيق ض ــري ــبة ع ــام ــة ع ــلى اإلي ــراد .وق ــد ص ــدرت ب ــال ــفعل ع ــام ١٩٦١ ولكنها بقيت مع كل أسف حبرا على ورق ،ولم تطبق بصورة فعلية حتى اآلن. وحـده التشـريـع الـضريـبي الـلبنانـي يـأخـذ بـنظام الـضرائـب الـنوعـية فـقط ،بـالـرغـم مـن االنـعكاسـات الـسيئة الـتي يـتركـها تـطبيق هذا النظام على العدالة االجتماعية. 34 املبحث األول :الضريبة على أرباح املهن التجارية وغير التجارية والصناعية والحرفية واملهن الحرة املطلب األول :خصائص هذه الضريبة لم تتطرق القوانني املالية إلى تحديد التاجر أو الصناعي من الناحية الضريبية ولم تعرف كذلك املهن التجارية والصناعية. وبـما أن الـقانـون الـضريـبي فـي لـبنان قـد فـرق فـي مـعدالت الـضريـبة بـني أربـاح املـهن الـتجاريـة والـصناعـية مـن جـهة ،واملـهن غ ــير ال ــتجاري ــة م ــن ج ــهة أخ ــرى .ل ــذل ــك ي ــقتضي ف ــي ك ــل م ــرة ت ــعيني م ــا إذا ك ــان ال ــنشاط م ــوض ــوع ال ــتكليف ي ــدخ ــل ف ــي ن ــطاق الـنشاطـات الـصناعـية والـتجاريـة أم فـي نـطاق املـهن غـير الـتجاريـة الـتطبيق مـعدل الـضريـبة أم فـي نـطاق املـهن غـير الـتجاريـة للتطبيق معدل الضريبة املناسب. أمـا مجـلس شـورى الـدولـة الـلبنانـي فـقد نـوه فـي قـرار رقـم ٧٤تـاريـخ ١٩٧٩ /٣ /١٣أنـه يـجب األخـذ الـقضايـا الـضريـبية بـنوع خ ــاص ب ــتشاب ــه األع ــمال املنج ــزة ال ــتي تس ــتلزم ــها م ــمارس ــة امل ــهنة ،وال ــتي ال ن ــص ف ــي ق ــان ــون ال ــتجارة ع ــليها وال ــتي ال ي ــمكن قــياســها عــلى غــيرهــا مــن املــهن الــخاضــعة الــضريــبة الــباب األول )ضــريــبة األربــاح الــتجاريــة والــصناعــية وغــير الــتجاريــة( عــمال ب ــال ــفقرة ال ــثان ــية م ــن امل ــادة ال ــثان ــية م ــن امل ــرس ــوم االش ــتراع ــي 59/144ال ــتي ت ــنص "ورب ــح ك ــل ع ــمل ي ــدر رب ــحا ً غ ــير خ ــاض ــع لضريبة أخرى على الدخل". باعتبار أن هذه الضريبة هي ضريبة القانون العام متى اتصف العمل املنتج للربح باملهنة. وت ــبقى ض ــري ــبة امل ــهن ال ــصناع ــية وال ــتجاري ــة وغ ــير ال ــتجاري ــة م ــن أه ــم ال ــضرائ ــب امل ــباش ــرة ال ــتي ت ــفرض ع ــلى ال ــدخ ــل امل ــتميز باالنتظام واالستقرار النسبي .وتتصف هذ بخصائص كثيرة هي : - ١إنها ضريبة القانون العام أي إنها تسري على ربح كل نشاط ال يخضع لضريبة أخرى على الدخل. وقـد أكـد مجـلس شـورى الـدولـة عـلى طـبيعة هـذه الـضريـبة بـاعـتبارهـا ضـريـبة الـقانـون الـعام عـندمـا رفـض تـصديـق االسـتئناف املـقدم مـن دیـر حـراش ضـد الـدولـة ووزارة املـالـية والـذي يـطلب فـيه فـسخ قـرار لـجنة االعـتراضـات بـاعـتبار أن الـديـر املـذكـور ال يســتثمر أيــة مــؤســسة وبــالــتالــي ال يــجب إخــضاعــه لــلضريــبة عــلى الــدخــل ،فــاعــتبر مجــلس شــورى الــدولــة أن الــتعويــض الــذي حصل عليه الدير هو نتيجة عمل يدر ريعا ً ودخالً ويخضع بالتالي للضريبة لعدم وجود نص يستثنيه من تلك الضريبة. - ٢إنها ضريبة تجمع بني الصفة الشخصية والعينية م ــن امل ــتعارف ع ــليه أن ال ــضري ــبة ال ــتي ت ــتسم ب ــصفة ال ــشخصية ه ــي ال ــضري ــبة ال ــتي ت ــراع ــي أوض ــاع امل ــكلف ع ــلى ج ــميع األصعدة. فـهي تـتسامـح فـي خـصم الـتكالـيف والـنفقات الـالزمـة لـلحصول عـلى الـربـح واإليـراد ،وهـي تـقر حـسم جـزء مـن الـربـح أو اإليـراد الخاضع للضريبة كاإلعفاء الشخصي أو األعباء العائلية. أمــا الــضريــبة الــعينية فــهي عــلى الــعكس مــن ذلــك ال تــقر وال تــجيز إعــفاء بــعض أو جــزء مــن الــضريــبة العــتبارات اجــتماعــية أو عائلية أو شخصية. وقـد جـمع املشـرع الـلبنانـي بـني الـصفات الـعينية والـشخصية عـند تـقريـر الـضريـبة عـلى أربـاح املـهن الـصناعـية والـتجاريـة وغـير التجارية. 35 • ف ــهي ض ــرب ــة ش ــخصية ع ــندم ــا ت ــقرر إع ــفاء خ ــاص ـا ً ل ــألع ــباء ال ــعائ ــلية ل ــلمكلف ،أو ع ــندم ــا ت ــسمح م ــن ن ــاح ــية أخ ــرى ب ــتنزي ــل ك ــاف ــة األع ــباء وال ــنفقات ال ــتي ت ــقتضيها ال ــصناع ــة أو امل ــهنة أو ال ــتجارة )امل ــادة ٦و ٧م ــن ق ــان ــون ض ــري ــبة الدخل(. • وهــي ضــريــبة عــينية ألنــها تســري عــلى الــربــح ذاتــه ال عــلى الــشخص صــاحــب الــربــح .ومــثال ذلــك مــا قــرره املشــرع الــلبنانــي بــالنســبة لــلضريــبة عــلى إيــرادات رؤوس األمــوال املــنقولــة حــيث لــم يــقرر أيــة إعــفاءات مــتعلقة بــاعــتبارات شخصية املكلف. - ٣إنـها ضـريـبة تسـري عـلى الـربـح الـناتـج عـن تـضافـر رأس املـال والـعمل فـي املـهن الـصناعـية والـتجاريـة وعن العمل املستقل جزء يسير من رأس املال في املهن الحرفية والحرة تفرض هذه الضريبة على اإليرادات الناشئة عن تضافر رأس املال والعمل معا. وهذا األمر ناتج عن إخضاع الربح الناتج عن رأس املال لضريبة دخل األموال املنقولة. أما الربح الناتج عن العمل فيخضع للضريبة على الرواتب واألجور ومعاشات التقاعد. وقد ذهب البعض للقول بأن الربح الناتج عن العمل يمكن أن يخضع لنوعني من الضرائب : • تخضع لضريبة املرتبات واألجور من جهة أرباح العمل لحساب الغير املتسم بالتبعية للغير ، • وتخضع لضريبة األرباح غير التجارية أرباح العمل املستقل ولحساب املكلف نفسه. لــكن الــبعض اآلخــر يــرد بــحق هــذا الــقول مــعتبرا ً أن مــن يــخضع لــضريــبة املــهن غــير الــتجاريــة يــعمل حــقيقة لــحسابــه الــخاص )االستقاللية في العمل( ولكن يستعني بالضرورة برأس املال ،وإن كان دور رأس املال ليس بارزا ً. والــدلــيل عــلى ذلــك الــنصوص الــواردة ،بــعد ذلــك والــخاصــة بــحسابــات الــتكالــيف واألربــاح والــتي تــفترض أيــضا تــنزيــل بــعض األعباء والنسب واالستهالكات ،وترد على رأس املال واألدوات التي يستخدمها من يمارس املهنة الحرة. - ٤إنها ضريبة مباشرة ونوعية إن ــها ض ــري ــبة م ــباش ــرة ألن ــها ت ــفرض ع ــلى واق ــعة اك ــتساب ال ــدخ ــل ال ع ــلى واق ــعة اس ــتخدام ــه .وت ــعني ب ــال ــدخ ــل ه ــنا ذل ــك ال ــذي يستلزم عنصري الدورية واالنتظام ويمكن تقويمه بالنقود. وهـي نـوعـية ألنـها تسـري عـلى نـوع مـعني مـن الـدخـل ،وهـو اإليـراد الـذي يشـترك فـي إنـتاجـه الجهـد البشـري وطـاقـة رأس املـال، بـحيث يـتميز مـن جـهة عـن اإليـراد الـخاضـع لـلضريـبة عـلى إيـرادات رؤوس األمـوال املـنقولـة الـناتـجة عـن رأس املـال وحـده ،كـما أنه يتميز من جهة ثانية عن اإليراد الخاضع لضريبة الرواتب واألجور الناتج عن العمل اإلنساني وحده. 36 املطلب الثاني :شروط سريان الضريبة لـكي تسـري هـذه الـضريـبة وتـصبح صـالـحة لـلتطبيق ال بـد مـن أن تـتوفـر فـيها أربـعة شـروط إال فـي االسـتثناءات الـتي يـعينها القانون ويرى فيها فرض الضريبة بالرغم من انعدام شرط من هذه الشروط. فاألرباح إذا تخضع للضريبة بمجرد تحققها ،إنما يجب أن تتوفر فيها الشروط التالية : -١الشروط الزمنية أو مبدأ سنوية الضريبة -٢الشروط املكانية أو مبدأ إقليمية الضريبة -٣الشروط املتممة أو املكملة -٤الشروط األساسية - ١الشروط الزمنية :مبدأ سنوية الضريبة اعــتمد املشــرع الــضريــبي الــلبنانــي مــبدأ ســنويــة األربــاح ،كــما أخــذ بــمبدأ ســنويــة الــتكليف بــالــضريــبة عــلى األربــاح الــتجاريــة والصناعية. فـاملـادة الـسادسـة مـن املـرسـوم االشـتراعـي 59/144تـنص عـلى مـا يـلي " :تـفرض الـضريـبة عـلى الـربـح الـصافـي الـحاصـل فــي الــسنة الــتي ســبقت ســنة الــتكليف وإن انــقطع مــصدر الــربــح خــالل ســنة الــتكليف أو قــبلها" .والــسنة املــعتمدة هــي الــسنة امليالدية وتبدأ من أول كانون الثاني وتنتهي في آخر كانون األول من العام نفسه. وتجدر اإلشارة إلى أنه العتبارات عملية أجاز املشرع في حاالت معينة فرض الضريبة على فترة تقل عن السنة. فـفي حـالـة مـباشـرة عـمل جـديـد أثـناء الـسنة املـالـية الـضريـبية ولـيس فـي بـدايـتها ،هـنا تحـدد املـدة الـواجـب الـتصريـح عـن األربـاح ال ــحاص ــلة خ ــالل ــها ب ــني ت ــاري ــخ م ــباش ــرة ال ــعمل وآخ ــر ك ــان ــون األول م ــن ال ــسنة ال ــساب ــقة ل ــسنة ال ــتكليف )امل ــادة 14م ــن ق ــان ــون ضريبة الدخل(. وفـي حـال الـتوقـف عـن الـعمل أو الـتنازل عـن املـؤسـسة خـالل الـسنة ،فـعلى املـكلف أن يـقدم تـصريـحا ً عـن أربـاحـه خـالل الـفترة التي تبدأ من أول السنة املالية ،وتنتهي في أخر يوم قبل توقفه عن العمل أو تنازله عن املؤسسة. فـفي حـالـة وفـاة املـكلف أو مـغادرتـه لـلبالد بـشكل نـهائـي عـلى سـبيل املـثال ،وقـبل انـتهاء الـسنة املـالـية ،يتحـدد ديـن الـضريـبة عـن الــفترة الــتي تــقل عــن ســنة حــمايــة ملــصلحة الخــزانــة الــعامــة .وبــالــفعل فــإن ديــن الــضريــبة يتحــدد بــمقدار صــافــي الــدخــل الــذي يتحقق في أول السنة امليالدية حتى تاريخ الوفاة. أمـا فـي حـالـة انـقطاع اإلقـامـة الـذي يـتحقق إذا هـاجـر الـلبنانـي إلـى الـخارج هجـرة أو مـغادرتـه لـلبنان مـغادرة نـهائـية ،فـإنـه تـتم محاسبته على صافي اإليرادات التي حصل عليها املكلف قبل انقطاع إقامته في لبنان. ويــتفرع عــن املــبدأ ســنويــة الــضريــبة كــذلــك مــبدأ اســتقالل الــسنوات الــضريــبية ،إذ أن كــل ســنة مــالــية ضــريــبية تــبقى مســتقلة بذاتها عن أعمال السنوات األخرى الالحقة أو السابقة. 37 - ٢الشروط املكانية :مبدأ إقليمية الضريبة من املتعارف عليه أن تأدية أي ضريبة يرتكز على أحد املعايير الثالث التالية : أ -معيار التبعية السياسية : الـذي يـقوم عـلى فـرض الـضريـبة عـلى أربـاح كـل شـخص يـنتمي إلـى دولـة مـعينة ويـتمتع بـجنسيتها أيـا ً كـان مـوطـنه أو إقـامـته أو مكان استثمار أمواله. ب -معيار اإلقامة : الــذي يــقضي بــفرض الــضريــبة عــلى أربــاح املــقيم ســواء كــان املــكلف لــبنانــيا ً أم أجــنبياً ،وســواء كــانــت األربــاح قــد تــحققت مــن داخل البالد أم في خارجها. ج -معيار التبعية االقتصادية وهــو يــعني أن املــكلف الــذي يــعيش فــي إقــليم الــدولــة ويــنتفع بخــدمــات املــرافــق والحــمايــة الــتي تــؤديــها هــذه الــدولــة فــي ســبيل مــمارســة نــشاطــه االقــتصادي داخــل حــدودهــا ،أن يــشارك فــي تحــمل جــزء مــن األعــباء املــالــية لهــذه الــدولــة وذلــك بــدفــع قــسم مــن أرباحه لقاء هذه الخدمات حتى ولو كان ال يحمل جنسيتها. - 3الشروط املتممة أو املكملة ت ــفرض ال ــضري ــبة ع ــلى األش ــخاص امل ــعنوي ــني امل ــقيمني ف ــي األراض ــي ال ــلبنان ــية أو ف ــي ال ــخارج ع ــلى أس ــاس األرب ــاح ال ــتي يحصلون عليها في لبنان .وال يستثنى من هذه القاعدة أي دخل إال بنص صريح في القانون. فتفسير هذا النص بشكل يتفق مع نية املشرع أدى إلى ظهور بعض الشروط املكملة وذلك على الشكل التالي : أ -مزاولة املهنة واالحتراف • يشترط لسريان ضريبة األرباح التجارية والصناعية مزاولة املهنة عن طريق االحتراف. • فاالحتراف يقصد به التكرار واالستمرار واالنتظام في العمل بقصد الكسب. • وهو يطلق على األشخاص الطبيعيني واملعنويني على حد سواء. فـإذا كـان شـخص مـا قـد اعـتاد شـراء الـعقارات وهـدمـها ،ثـم إعـادة بـنائـها وبـيعها خـالل فـترات مـتقاربـة تـخضع أربـاحـه الـتي يجنيها للضريبة ،وسبب ذلك يعود إلى أن القرائن واألفعال قد دلت على نشاط حرفي في مجال شراء وبيع العقارات. كـذلـك يـخضع لـضريـبة الـدخـل كـل مـن قـام تـأجـير الـغرف والـوحـدات الـسكنية املـفروشـة إذا كـان قـد اتخـذ مـن ذلـك مـهنة وظـف فيها أمواله بهدف الكسب .وشرط االعتياد واالستمرار أخذت به مصلحة الضرائب. ب -نية الكسب بحسـب الـفقه واالجـتهاد ،إن نـية الكسـب يـجب أن تـتوافـر لـدى املـكلف ،أي أن يـكون الـقصد مـن مـمارسـته ملـهنته تـحقيق الـربـح. حتى إذا تحقق هذا الشرط سرت الضريبة على األرباح. 38 ج -االستقالل في مزاولة املهنة ون ــعني ب ــذل ــك أن ي ــمارس امل ــكلف م ــهنته ع ــلى وج ــه االس ــتقالل ،أي أن ي ــعمل ل ــحساب ــه م ــنفردا ً ومتح ــمالً م ــخاط ــر ع ــمله رب ــحا ً أو خسارة. وه ــكذا ي ــتميز ع ــن ال ــذي ي ــتقاض ــى رات ــبا أو أج ــرا ً م ــن ص ــاح ــب امل ــؤس ــسة م ــن خ ــالل ع ــالق ــة ت ــبعية )ع ــقد ال ــعمل( ،إذ ي ــعتبر م ــا يحصل عليه هنا دخالً خاضعا ً لضريبة الرواتب واألجور واملرتبات واملكافآت. - ٤الشروط األساسية )الواجبة( يمكن استخالص األعمال واملهن والنشاطات التي تخضع أرباحها للضريبة على الوجه التالي : أ -املهن واملؤسسات التجارية والصناعية والحرفية. ب -األشخاص الذين يزاولون املهن الحرة. ج -الهيئات واملؤسسات واألشخاص الذين يحصلون على ارباح ال تخضع لضريبة أخرى. د -الشركات أيا كان نوعها أو غایاتھا. ه -الذين يؤجرون مؤسسة صناعية أو تجارية مجهزة باملفروشات أو األدوات. و -الذين يستفيدون من عائدات استثمارات املواد املوجودة في باطن األرض. ز -السماسرة والعمالء والوسطاء أ -املهن واملؤسسات التجارية والصناعية والحرفية : حـددت اإلدارة الـضريـبية الـفرنـسية مـعنى صـاحـب الحـرفـة بـأنـه "كـل مـن يـزاول لـحسابـه وبـمعرفـته صـنعة يـدويـة يـقوم بـها فـي مـسكنه أو فـي مـصنع صـغير ،ولـه أن يسـتعني فـي أداء عـمله بـبعض الـقوى املحـركـة عـلى أن ال تـبلغ مـبلغ اآلالت الـكبيرة ذات القوة الضخمة". فاملشرع اللبناني أخضع أصحاب الحرف للضريبة على األرباح غير التجارية وغير الصناعية بمعدالتها التصاعدية. ويـعتبر فـي جـملة املـكلفني الـخاضـعني لـلتكليف بـضريـبة الـدخـل وفـقا لـلمعدالت املـوضـوعـة ألربـاح املـهن الـتجاريـة والـصناعـية كـل شخص يمارس بقصد الربح: • أحد األعمال املنصوص عليها في املواد ٦و ٧و ٨من قانون التجارة أو تحويل املواد. • أية وساطة بني املنتج واملستهلك من شراء أو بيع أو تأجير… ويدخل عداد هذه النشاطات واملهن : -١شــراء الــبضائــع وغــيرهــا مــن املــنقوالت املــاديــة وغــير املــاديــة ألجــل بــيعها بــربــح ســواء بــیعت عــلى حــالــتها أم بــعد شــغلها أو تحويلها. -٢شراء تلك األشياء املنقولة نفسها ألجل تأجيرها ،أو استئجارها ألجل تأجيرها ثانية. 39 -٣أعمال الصرافة والبنك. -٤مشروع النقل برا ً أو جوا ً على سطح املاء. -٥مشروع املناجم والبترول -٦مشروع األشغال العقارية ب -األشخاص الذين يزاولون املهن الحرة كل شخص يمارس مهنة أو عمال أو نشاطا يبرز فيه إنتاجه الشخصي من علم أو معرفة أو فن أو خبرة. وي ــدخ ــل ف ــي ع ــداد ه ــذه ال ــنشاط ــات وامل ــهن ال ــخاض ــعة ل ــلتكليف ل ــضري ــبة ال ــدخ ــل وف ــقا مل ــعدالت األرب ــاح غ ــير ال ــتجاري ــة وغ ــير الصناعية : -١التأليف والترجمة والنشر لغير غایات تحقيق الربح. -٢الرسم والنحت والتصوير الفني والخط والنقش. -٣الخياطة باألجرة وكذلك التخريم والتطريز. -٤مزاولة فنون الرياضة لقاء بدل. -٥التدريس والتعليم والتدريب. ج -الهيئات واملؤسسات واألشخاص الذين يحصلون على أرباح ال تخضع لضريبة أخرى خـشية مـن أن تخـرج مـن نـطاق الـضريـبة أربـاح مـهن أو نـشاطـات لـم يسـبق إخـضاعـها أليـة ضـريـبة نـوعـية عـلى الـدخـل ،نـصت املادة الثانية من املرسوم االشتراعي …” ٥٩ /١٤٤وربح كل عمل يدر ريعا ً غير خاضع لضريبة أخرى على الدخل“. فــالشــرط هــنا ال يــتعلق بــاملــهنة بحــد ذاتــها بــل يــكفي أن تــكون األربــاح قــد نــتجت عــن نــشاط ال يــرقــى إلــى مــرتــبة املــهنة بــقصد الحصول على ربح منتظم يعتمد عليه املكلف في معيشته. د -الشركات أيا كان نوعها أو غاياتها ع ــرف ــت امل ــادة ٨٤٤م ــن ق ــان ــون امل ــوج ــبات وال ــعقود الش ــرك ــة ب ــأن ــها "ع ــقد م ــتبادل ب ــمقتضاه يش ــترك ش ــخصان أو أك ــثر ب ــقصد اقتسام ما ينتج عنه من ربح". وب ــموج ــب امل ــادة ال ــراب ــعة م ــن امل ــرس ــوم االش ــتراع ــي ٥٩ /١٤٤ت ــخضع ج ــميع الش ــرك ــات م ــهما ك ــان ن ــوع ــها أو غ ــاي ــتها ل ــضري ــبة األرباح التجارية والصناعية إال ما أعفي منها بنص خاص. وبـذلـك يـكون املشـرع قـد وسـع مـن نـطاق إخـضاع الشـركـات بـحيث شـمل شـركـات األشـخاص )سـواء كـانـت شـركـات تـضامـن أم توصية بسيطة أم محاصة( وشركات األموال )سواء كانت مساهمة أم توصية باألسهم أم غير ذلك من شركات األموال(. 40 ه -الوسطاء في شراء العقارات أو املؤسسات التجارية أو بيعها تعالج في هذه حالتني مهمتني : الـحالـة األولـى :وتــتعلق بــاألشــخاص الــحقيقيني أو املــعنويــني الــذيــن يــقومــون بــأعــمال الــوســاطــة لشــراء الــعقارات واملــحالت التجارية. الـحالـة الـثانـية :وتــتعلق بــتجار الــعقارات واملــحال الــتجاريــة أي األشــخاص الــحقيقيون أو املــعنويــون الــذيــن يــتولــون شــراء العقارات ،واملحالت التجارية بأسهمهم ولحسابهم الخاص بقصد بيعها. فــفيما يــتعلق بــالــحالــة األولــى ،تســري الــضريــبة عــلى الــعمولــة الــتي يــتقاضــاهــا الــوســطاء ومــهما كــان االســم الــذي يــطلق عــلى نشاطهم متى كان بطبيعته من أعمال الوساطة. ويشترط لسريان الضريبة على الوساطة أن : -١تكون هناك عملية وساطة أي تقريب بني البائع واملشتري وأن تتوفر في الوسيط شروط االحتراف. -٢تكون عملية الوساطة متعلقة بالشراء والبيع الذي يكون موضوعه متعلقا ً بعقارات أو بمؤسسات تجارية. -٣يكون الوسيط مستقال في عمله وغير تابع ألحد وإال طبقت عليه ضريبة الرواتب واالجور. أما فيما يختص بالحالة الثانية فلکي تسري الضريبة يجب أن : -١يتعلق عمل الوسيط بشراء أو بيع عقار أو مؤسسة تجارية ،كما يمكن أن يكون موضوعه حق ارتفاق أو انتفاع…الخ. -٢أن يـتم الشـراء بـغرض املـتاجـرة ،واملـتاجـرة تـعني االعـتياد واالحـتراف بـقصد تـحقيق الـربـح .ومـسألـة االعـتياد واالحـتراف، وتوفر نية البيع وقت الشراء هي مسألة واقعية يعود أمر تقديرها لقاضي الضرائب. و -األشخاص الحقيقيون واملعنويون الذين يؤجرون مؤسسة صناعية أو تجارية مجهزة باملفروشات أو اآلالت ولكي تسري الضريبة ينبغي توفر الشروط التالية : -١أن يـكون مـوضـوع اإليـجار عـقارا ،ويـتفرع عـن ذلـك أن الـضريـبة ال تسـتحق فـي حـالـة تـأجـير كـوخ خشـبي أقـيم عـلى قـطعة أرض مستأجرة أو في حالة تأجير محل في معرض. -٢إذا كــان الــعقار دون أثــاث فــهو يــخضع لــضريــبة األمــالك املــبنية ،وفــي حــال وجــود األثــاث واألدوات الــالزمــة لــتشغيله فــإن اإلي ــجار يخ ــرج ع ــن ن ــطاق االس ــتغالل ال ــعادي إل ــى ن ــطاق امل ــضارب ــة وال ــرب ــح وي ــخضع ب ــال ــتال ــي ل ــضري ــبة األرب ــاح ال ــتجاري ــة والصناعية. -٣وفـي حـالـة تـأجـير الـشخص مـركـز عـمله الـتجاري الـذي يـقتصر عـلى تـأجـير املـبانـي دون الـتجهيزات واملـعدات إلـى شـخص آخــر ،فــإن هــذا الــتأجــير الــذي تــمارس فــيه املــؤســسة عــملها ال يــخضع لــضريــبة املــهن الــتجاريــة والــصناعــية ،وإنــما الــضريــبة األمالك املبنية. 41 ز -األشخاص الحقيقيون واملعنويون الذين يستفيدون من عائدات استثمار املواد املوجودة في باطن األرض ع ــلى غ ــرار املش ــترع ال ــفرن ــسي أخ ــضع املش ــترع ال ــضري ــبي ال ــلبنان ــي ع ــائ ــدات اس ــتغالل امل ــناج ــم وال ــبترول وامل ــياه وامل ــحاج ــر لـضريـبة أربـاح املـهن الـتجاريـة والـصناعـية سـواء قـام بـها شـخص طـبيعي أم مـعنوي .والسـبب فـي ذلـك يـعود إلـى كـون الـنشاط صناعيا ً من جهة وتجاريا ً من ناحية أخرى لجمعه عناصر مادية ومعنوية في آن معا ً. ح -السماسرة والعمالء والوسطاء : لـم يـفرق املشـترع الـضريـبي الـلبنانـي بـني األنـواع املـختلفة ألعـمال الـوسـاطـة ،بـل أخـضعها جـميعا لـضريـبة األربـاح الـتجاريـة وال ــصناع ــية دون ال ــنظر إل ــى ك ــيفية دف ــع ال ــعمول ــة ل ــلوس ــيط ،س ــواء اتخ ــذت ص ــورة األج ــر ال ــثاب ــت أو نس ــبة م ــئوي ــة م ــن م ــقدار الصفقة. ولــتنوع أعــمال الــوســاطــة وتــغایــرهــا حــدد املشــرع بــعض املــهن عــلى ســبيل املــثال خــاصــة بــالــذكــر السمســرة والــعمالء أو الــوكــالء بالعمولة. • ف ــالسمس ــرة ،ه ــي الج ــمع ب ــني ط ــرف ــي ال ــعقد ل ــقاء أج ــر م ــعني .وي ــتفرع ع ــن ذل ــك أن ال ــسمسار ال ي ــعتبر ط ــرف ـا ً ف ــي العقد ،ويبقى غير مسؤول عن االلتزامات املتولدة عنه بل تنحصر مهمته في التقريب بني طرفي العقد. • أمــا الــوكــالــة بــالــعمولــة فــهي كــل عــملية يــقوم بــها الــوكــيل بــالــعمولــة بــإبــرام الــعقد بــاســم ولــحساب املــوكــل لــقاء عــمولــة. ويــعامــل الــقانــون الــضريــبي الــلبنانــي الــوكــالء بــالــعمولــة مــعامــلة الــتجار ويــخضع أربــاحــهم لــلضريــبة عــلى األربــاح التجارية والصناعية سواء كانوا أشخاصا طبيعيني أم معنويني. • ويـلحق بـالـوكـيل بـالـعمولـة املـمثل الـتجاري ،وهـو الـوكـيل الـذي يـقوم بـحكم مـهنته االعـتياديـة املسـتقلة ودون أن يـكون م ــرت ــبطا ً ب ــإج ــارة خ ــدم ــة ب ــامل ــفاوض ــية إلت ــمام ع ــملیات ال ــبيع والش ــراء أو ال ــتأج ــير أو ت ــقدي ــم الخ ــدم ــات ،وي ــقوم ع ــند االقتضاء بهذه األعمال باسم املنتخبني أو التجار أو لحسابهم. • ويــعتبر بــحكم املــمثل الــتجاري الــتاجــر الــذي يــقوم لــحسابــه الــخاص بــبيع مــا يشــتريــه بــناء لــعقد يــتضمن إعــطاءه صفة املمثل أو املوزع الوحيد بوجه الحصر. ولــكي يــخضع املــمثل الــتجاري لــضريــبة األربــاح الــتجاريــة يــجب عــليه مــمارســة املــهنة عــلى وجــه االســتقالل دون تــحقق رابــطة التبعية بينه وبني املوكل ،وإال اعتبر أجيرا تخضع أرباحه لضريبة الرواتب واألجور. ع ــلى ك ــل ح ــال إن ال ــعقد ال ــقائ ــم ب ــني ال ــوك ــيل أو امل ــمثل ال ــتجاري وامل ــؤس ــسة ه ــو ال ــذي يح ــدد ط ــبيعة ال ــعالق ــة ب ــينهما وال ــوض ــع الضريبي الجاري عليه. لــكن دراســة الــحاالت املــختلفة ملــكاتــب الــتمثيل تظهــر نــوعــا مــن التهــرب الــضريــبي خــاصــة عــندمــا تــحاول بــعض املــؤســسات نــزع الــصفة الـتجاريـة عـن هـذه املـكاتـب وإلـصاق الـصفة الـفنية فـيها )مـكتب تـمثيل فـني أو مـکتب ارتـباط (...بـينما هـي فـي الـحقيقة تـقوم بـواسـطة هــذه املــكاتــب بــعمليات تــجاريــة واســعة .وتــجنبا لهــذه املــحاذيــر رأى املشــرع الــضريــبي الــلبنانــي ضــرورة إخــضاع هــذه املــكاتــب لــضريــبة األرباح التجارية والصناعية بصرف النظر عن الصفة التي تطلق عليه. وب ــموج ــب امل ــرس ــوم اإلش ــتراع ــي رق ــم 46ت ــاري ــخ 1983 / 6 / 24امل ــعدل ب ــال ــقان ــون رق ــم 19ت ــاری ــخ 2008/9/5ص ــدر ن ــظام الشــركــات املــحصور نــشاطــها خــارج لــبنان ) أوف شــور ( ،وقــد أخــضعت ألحــكام الــقانــون املــذكــور الشــركــات املــغفلة الــلبنانــية التي تتعاطى على سبيل املثال النشاطات التالية : 42 املــادة األولــى مــن املــرســوم اإلشــتراعــي رقــم 46تــاریــخ : 1983/6/24تــخضع لهــذا الــقانــون الشــركــات املــغفلة الــلبنانــية الــتي تتقاضی حساباتها : -1الــتفاوض وتــوقــيع الــعقود واالتــفاقــات بــشأن عــمليات وصــفقات يجــري تــنفيذهــا خــارج االراضــي الــلبنانــية ،وتــعود ألمــوال موجودة في الخارج أو في املناطق الجمركية الحرة. -2إدارة ش ــرك ــات وم ــؤس ــسات م ــحصور ن ــشاط ــها خ ــارج ل ــبنان إن ــطالق ــا م ــن ل ــبنان وت ــصدي ــر الخ ــدم ــات امل ــهنية واإلداري ــة والتنظيمية وخدمات وبرامج املعلوماتية بكل أنواعها إلى مؤسسات مقيمة خارج لبنان وبناء لطلب تلك املؤسسات. -3عــمليات الــتجارة الــخارجــية املــثلثة أو املــتعددة األطــراف الــجاريــة خــارج لــبنان ،وألجــل ذلــك لشــركــات األوف شــور إجــراء ال ــتفاوض ،وت ــوق ــيع ال ــعقود ،وش ــحن ال ــبضائ ــع ،وإع ــادة إص ــدار ال ــفوات ــير األع ــمال وع ــمليات خ ــارج ل ــبنان ،أو م ــن امل ــناط ــق الجـمركـية الحـرة فـي لـبنان وإلـيها ويـشمل ذلـك اسـتعمال الـتسهيالت املـتوافـرة فـي املـناطـق الجـمركـية الحـرة فـي لـبنان لتخـزيـن البضائع املستوردة بغاية إعادة تصديرها. -4القيام بأعمال ونشاطات النقل البحري. -5تـملك أسـهم وحـصص وسـندات ومـشاركـات فـي مـؤسـسات وشـركـات أجـنبية غـير مـقيمة و إقـراض املـؤسـسات غـير املـقيمة التي تملك شركة األوف شور أكثر من % 20من رأسمالها . -6تملك ،و /أو االنتفاع من حقوق عائدة لوكاالت مواد وبضائع وتمثيل الشركات أجنبية في أسواق خارجة. -7فتح فروع ومکاتب في الخارج. -8ب ــناء واس ــتثمار وإدارة وت ــملك امل ــشاري ــع االق ــتصادي ــة ك ــاف ــة ب ــاس ــتثناء املح ــظورات ال ــواردة ف ــي امل ــادة ال ــثان ــية م ــن ه ــذا القانون . -9فـتح االعـتمادات واالقـتراض لـتمويـل الـعمليات والـنشاطـات املـشار إلـيها أعـاله مـن مـصارف و مـؤسـسات مـالـية مـقيمة فـي لبنان أو في الخارج. -10اسـتئجار املـكاتـب فـي لـبنان وتـملك الـعقارات الـالزمـة لـنشاطـها ،مـع مـراعـاة قـانـون تـملك األجـانـب لـحقوق عـينية عـقاريـة في لبنان ". ويحظر على الشركات املنصوص عليها في هذا املرسوم اإلشتراعي : - تعاطي عمليات التأمني بمختلف أنواعها - والعمليات واألعمال التي تزاولها املصارف واملؤسسات املالية كافة الخاضعة لرقابة مصرف لبنان ، - كما يحظر عليها القيام في لبنان باألعمال غير تلك املشار إليها في املادة األولى من هذا القانون. - كـذلـك يحـظر عـليها جـني اي ربـح أو ريـع أو إيـراد مـن أمـوال مـنقولـة أو غـير مـنقولـة مـوجـودة فـي لـبنان ،أو مـن جـراء تـقديـم خ ــدم ــة مل ــؤس ــسات م ــقيمة ف ــي ل ــبنان ،م ــا ع ــدا إي ــراد ح ــساب ــات ــها امل ــصرف ــية واإلي ــرادات ال ــنات ــجة ع ــن االك ــتتاب ف ــي س ــندات الخزينة اللبنانية والتداول لها. وأخ ــضع امل ــرس ــوم اإلش ــتراع ــي امل ــذك ــور الش ــرك ــات امل ــحصور ن ــشاط ــها خ ــارج ل ــبنان ) أوف ش ــور ( األح ــكام خ ــاص ــة ت ــتعلق بـنظامـها وحـسابـاتـها املـصرفـية وطـريـقة مـسكها ،كـما أوجـب عـليها ضـرورة تـسجيلها ونشـر مـيزانـيتها ومـوجـب مـسك الـسجالت 43 املـحاسـبية ووضـع الـبيانـات املـالـية الـسنويـة وتـقديـم الـتصاريـح وتسـديـد الـضرائـب وفـرض عـليها غـرامـة مـقدارهـا خـمسني ألـف ليرة لبنانية شهريا عند تأخرها عن تقديم التصريح القانوني باإلضافة للضريبة املتوجبة. وإذا كانت هذه الشركات قد أعفيت من ضريبة الدخل على األرباح فإنها أخضعت : • لضريبة سنوية مقطوعة قدرها 1000,000ليرة لبنانية • كما أعفيت العقود التي توقعها الشركة في لبنان واملتعلقة بأعمالها خارج لبنان من رسم الطابع املالي • وأعفيت أنصبة األرباح التي توزعها من الضريبة على إيرادات رؤوس األموال املنقولة. أمـا ربـح التحسـني الـناتـج عـن تـفرغ الشـركـة عـن مـوجـوداتـها الـثابـتة فـي لـبنان فـيبقى خـاضـعا لـلضريـبة املـنصوص عـليها فـي امل ــادة ) ( 45م ــن ق ــان ــون ض ــري ــبة ال ــدخ ــل ،ك ــما ت ــخضع روات ــب وأج ــور املس ــتخدم ــني ال ــعام ــلني ف ــي الش ــرك ــة ل ــضري ــبة ال ــباب الــثانــي ،ويــعتبر ٪ 30مــن الــراتــب األســاســي للمســتخدم األجــنبي الــعامــل فــي الشــركــه بــمثابــة تــعویــض تــمثيل غــير خــاضــع للضريبة على الرواتب واألجور. وفـرض عـلى الشـركـة تـأديـة الـضرائـب املـتوجـبة عـليها دفـعة واحـدة عـند الـتصريـح عـن األعـمال وخـالل املـدة املحـددة لـه ،تـضاف إلى الضريبة غرامة قدرها نصف باأللف عن كل يوم تأخير. وأخــضعت الشــركــة أخــيرا لــضريــبة الــدخــل املــطبقة عــلى شــركــات األمــوال حــال مــخالــفتها لــألعــمال املحــظور عــليها الــقيام بــها . بالنسبة للسنة التي تمت فيها املخالفة ،على أن يضاف إلى الضريبة غرامة قدرها ) (% 50من قيمتها. 44 املطلب الرابع :تحديد األرباح الخاضعة للضريبة املرحلة الثانية :النفقات واالعباء القابلة للتنزيل فــي ســبيل الــوصــول لــلربــح الــصافــي الــخاضــع لــلضريــبة ،أجــاز الــقانــون الــضريــبي الــلبنانــي بــأن تــخصم مــن الــواردات غــير الـصافـية جـميع الـنفقات واالعـباء الـتي تـقتضيها مـمارسـة الـتجارة أو الـصناعـة أو املـهنة ،فـإذا خـرجـت عـن حـدود هـذه املـمارسـة يرفض قبولها. ول ــم يش ــذ ال ــقان ــون ــان ال ــضري ــبيان امل ــصري وال ــفرن ــسي ع ــن ه ــذه ال ــقاع ــدة ،ح ــيث ع ــرف ال ــرب ــح ال ــخاض ــع ل ــلضري ــبة ب ــأن ــه ال ــرب ــح الحاصل بنتيجة مجموع العمليات التي يحققها املشروع بعد استبعاد النفقات الخاصة بهذه العمليات. أم ــا املش ــرع االم ــيرك ــي ،ف ــقد اع ــتبر ان ال ــرب ــح ال ــصاف ــي ي ــتكون ب ــعد خ ــصم ج ــميع ال ــتكال ــيف ال ــواج ــبة ش ــرط ان ت ــكون ع ــادي ــة وضرورية. و قـد حـددت املـادة الـسابـعة بـعض الـنفقات واألعـباء تـقتضيها مـمارسـة الـنشاط الـتي يـجب تـنزيـلها مـن األربـاح اإلجـمالـية بـغية التوصل لتحديد الربح الضريبي الصافي .وهذه النفقات هي : أوال :بدل شراء البضائع والسلع املباعة وبدل الخدمات املسداة أثناء الستة ي ــجب أن ت ــعادل ال ــنفقات ال ــواج ــب خ ــصمها ه ــنا ث ــمن ال ــبضاع ــة وامل ــواد امل ــباع ــة ف ــقط ،أم ــا ق ــيمة ال ــبضاع ــة أو الس ــلع أو امل ــواد املخزونة فينبغي أن ال تضاف إلى مجموع اإليرادات. وكذلك ينبغي خصم ما دفع مقابل الخدمات التي دفعتها املؤسسة لقاء حصولها على مستلزمات اإلنتاج. ويمكن تقسيم هذه املستلزمات إلى نوعني : النوع األول :ويتمثل بشراء املواد األولية والسلع الوسيطة واملنتجات الجاهزة. إن املـؤسـسات الـتجاريـة تـتكبد عـدة مـصاريـف لـكي يـتم هـذا الشـراء .مـن هـذه املـصاريـف :الـرسـوم الجـمركـية ،مـصاريـف الـنقل والشحن والتفريغ وغيرها… الـنوع الـثانـي :وتــختص بــمصاريــف مــتنوعــة كــمصاريــف الكهــربــاء واملــاء ومــصاريــف الــهاتــف والــبرق والــبريــد ومــصاريــف الصيانة ..الخ. ثانيا :بدل إيجار املحل الذي تمارس فيه املهنة أو قيمته التأجيرية إذا كان يخص املكلف وقد نصت على ذلك الفقرة الثانية من املادة السابعة من املرسوم اإلشتراعي : ٥٩ /١٤٤ • إذ أتاحت ملستأجر العقار خصم بدل اإليجار الذي يدفعه فعال، • وأجازت للمالك خصم القيمة التأجيرية للعقار الذي يملكه تحقيقا ملبدأ املساواة بني اإلثنني. غـير أن املشـرع نـص فـي املـادة الـسابـعة مـن قـانـون األمـالك املـبنية عـلى إعـفاء الـعقارات مـن ضـريـبة األمـالك املـبنية إذا كـانـت املــؤســسة الــتجاريــة أو الــصناعــية تــشغل هــذه الــعقارات وتــملكها ” :يخــرج مــن نــطاق الــضريــبة -أي ضــريــبة األمــالك املــبنية - وي ــعتبر ع ــنصرا م ــن ع ــناص ــر االس ــتثمار ال ــصناع ــي أو ال ــتجاري أب ــنية امل ــؤس ــسات ال ــصناع ــية أو ال ــتجاري ــة ال ــتي يس ــتعملها م ــال ــكوه ــا أو مس ــتثمروه ــا ،ع ــندم ــا ت ــكون ه ــذه امل ــؤس ــسات خ ــاض ــعة ل ــضري ــبة ال ــدخ ــل ع ــلى أس ــاس ال ــرب ــح ال ــحقيقي .وال ي ــجوز 45 ل ــلمؤس ــسة ال ــتي ت ــنطبق ع ــليها أح ــكام ال ــفقرة ال ــساب ــقة أن ــه ت ــنزل م ــن أرب ــاح ــها أي م ــبلغ ل ــقاء ال ــقيمة ال ــتأج ــيري ــة ل ــألب ــنية ال ــتي تستعملها. =< يستنتج مما تقدم : -١بـالنسـبة لـلمكلف الـذي يسـتأجـر مـحاالت أو بـنایـات لـغرض نـشاطـاتـه الـتجاريـة أو الـصناعـية فـإن بـدل اإليـجار الـذي يـدفـعه يعتبر من تكاليف الربح وينزل من وعاء الضريبة. -٢بـالنسـبة لـلمكلف الـذي يسـتعمل األبـنية الـتي يـملكها فـي نـشاطـاتـه الـتجاريـة أو الـصناعـية أربـاحـها الـحقيقية لـلضريـبة ،ال يجوز لهذا املكلف أن ينزل من أرباحه تلك أي مبلغ لقاء القيمة التأجيرية لهذه األبنية اململوكة له واملستعملة من قبله. ثالثا :فوائد القروض املعقودة مع الغير في سبيل العمل فــي ســبيل اســتمرار أعــمالــها ونــشاطــها تــحتاج املــؤســسات الــفرديــة والشــركــات فــي أحــيان كــثيرة االقــتراض مــبالــغ مــن املــال تدفع عنها فوائد. وقـد أجـاز الـقانـون الـضريـبي الـلبنانـي لهـذه املـؤسـسات أن تـنزل قـيمة هـذه الـفوائـد مـن أربـاحـها الـخاضـعة لـلضريـبة ،عـلى أن تتوفر فيها الشروط التالية : -١أن تكون الفائدة نتاج قرض حقيقي ثابت بمستندات رسمية مقبولة تلزم املكلف بدفع الفوائد بعيدا عن الصورية. -٢ح ــتى ت ــعتبر ال ــفائ ــدة ع ــبئا ع ــلى ال ــرب ــح ي ــجب أن ي ــكون ال ــقرض مس ــتخدم ـا ً ف ــي اس ــتثمارات ت ــخضع أرب ــاح ــها إل ــى ض ــري ــبة األرباح التجارية والصناعية واملهنية. -٣حـتى تـعتبر فـائـدة قـرض مـا عـبئا عـلى الـربـح يـجب أن يجـري هـذا الـقرض بـني شـخصني مـنفصلني بـمعنى أن يـكون هـناك مقرض ومستقرض ،أي أن يكون هنالك شخصية حقوقية منفصلة عن األخرى وذمة مالية مستقلة. رابــعا :الــرواتــب واألجــور و كــل مــا يــدفــع للمســتخدمــني والــعمال بــدال عــن خــدمــاتــهم أو تــعويــضا ً عــن صــرفــهم مــن الخــدمــة وفــقا للتشريع الخاص باملستخدمني والعمال تعتبر الرواتب واألجور من ضمن النفقات الواجب استبعادها من وعاء الضريبة على األرباح. وتــخضع هــذه الــرواتــب واألجــور لــضريــبة نــوعــية مــختلفة هــي ضــريــبة الــباب الــثانــي )أو ضــريــبة عــلى الــرواتــب واألجــور( .وهــي تــشمل رواتــب وأجــور الــعمال واملســتخدمــني فــي املــؤســسة لــقاء عــملهم ســواء كــانــت شهــريــة أو أســبوعــية أو يــومــية وســواء دفــعت ك ــلها ن ــقدا أو ج ــزء م ــنها ن ــقدا واآلخ ــر ع ــيناً ،وس ــواء ص ــرف ــت ك ــلها أم ب ــعضها ف ــي ش ــكل نس ــبة م ــن رق ــم األع ــمال وم ــن ص ــاف ــي األرباح. فهـذه الـتكالـيف هـي نـوع مـن االلـتزام عـلى صـاحـب املـؤسـسة نـحو عـمالـه ومسـتخدمـيه مـقابـل مـا يـؤدونـه مـن أعـمال وفـقا لـلعالقـة التبعية بني رب العمل والعامل كما ينص على ذلك عقد العمل. وعــليه فــال يــجوز لــصاحــب الــعمل أو املــؤســسة احــتساب أجــر أو مــرتــب لــهم لــقاء قــيامــه بــإدارة أعــمال املــؤســسة ،ألن الــضريــبة على األرباح التجارية والصناعية هي ضريبة مفروضة على نتاج العمل ورأس املال. 46 وخــصم راتــب صــاحــب املــؤســسة الــفرديــة مــن األربــاح يــجعل الــضريــبة مــقتصرة عــلى نــتاج رأس املــال وحــده .يــضاف إلــى ذلــك أن األجــر يــكون نــتيجة عــالقــة بــني األجــير ورب الــعمل وهــذه الــعالقــة مــعدومــة بــني رب الــعمل ومــؤسســته ،إذ ال يــعقل أن يــكون الفرد أجيرا عند نفسه ،لذلك استبعاد احتساب راتب أو أجر لصاحب املؤسسة الفردية. خامسا :النفقات العامة املألوفة األخرى ،ومنها تأمني العمال واملستخدمني جـاء تـعداد الـنفقات فـي هـذه الـفقرة بـشكل عـام ولـيس بـشكل حـصري ،وهـذا يـعني أن املـجال قـد بـقي مـفتوحـا أمـام الـدوائـر املـالـية لـالسـترشـاد بـالـقواعـد املـحاسـبية وبـالـعرف واالجـتهاد املـعرفـة مـا إذا كـان تـنزيـل هـذه الـنفقات مـن األربـاح واجـبا أم ال . وهــكذا اعــتبرت نــفقات الــسفر وبــدالت االنــتقال وتــكالــيف الــسيارة ومــركــبات الــنقل الــخاصــة مــن الــنفقات الــواجــبة الــتنزيــل مــن األرباح اإلجمالية بشرط أن ترتبط بنشاط املؤسسة وبأغراضها. كـذلـك اعـتبرت أيـضا مـن الـتكالـيف الـواجـبة الـخصم مـن الـربـح اإلجـمالـي )الـغير خـاضـعة لـلضريـبة( أقـساط الـتأمـني الـخاصـة باملؤسسة )التأمني ضد الحريق( وبالعاملني بها )حوادث العمل(. وي ــدخ ــل ف ــي ه ــذا اإلط ــار أي ــضا أق ــساط ال ــتأم ــينات ال ــتي ت ــؤدي ــها امل ــؤس ــسة وف ــقا ل ــقان ــون ال ــتأم ــينات االج ــتماع ــية )اش ــتراك ــات التأمينات االجتماعية(. وتــشمل املــصاريــف الــعامــة جــميع الــرســوم الــقضائــية ودعــاوى الــتعويــضات الــتي يــحكم بــها عــلى املــكلف أو عــلى مســتخدمــيه بشرط تعلقها بنشاط املؤسسة أو بحقوقها وبالتزاماتها تجاه الغير. ســادســا :مــا وضــع قــيد الــتحصيل فــي خــالل الــسنة مــن ضــرائــب ،ورســوم مــترتــبة عــلى املــؤســسة أو املــهنة مــا خــال الــضرائــب املنصوص عليها في هذا املرسوم االشتراعي اعتبرت ضريبة الدخل املتوجبة على املؤسسة وبعض الضرائب األخرى : • كالضريبة على الرواتب واألجور • والضريبة على غير املقيمني • والضريبة على فوائد القروض املستحقة على املؤسسة للغير بأنها ليست من األعباء القابلة للتنزيل. سابعا :االستهالكات املحسوبة على أساس سعر الكلفة األصلي لعناصر األصول بناء على اقتراح مدير املالية العام من املتعارف عليه أن قيمة األصول الثابتة ملؤسسة ما تتناقص تدريجيا بنتيجة االستعمال أو انقضاء الزمن أو القدم. فــاآللــة املســتخدمــة فــي املــؤســسة ال تــحتفظ عــلى الــدوام بــمنفعتها االقــتصاديــة ألن قــيمتها تــنخفض بســبب اخــتراع آلــة أفــضل منها. ومـن هـنا يـأخـذ صـاحـب املـؤسـسة الـحيطة والحـذر فـيلجأ إلـى اقـتطاع مـبالـغ سـنويـة مـن أربـاحـه اإلجـمالـية حـتى يـتمكن بـعدهـا من شراء اآلالت الجديدة. 47 وهـذه املـبالـغ املـقتطعة لهـذا الـغرض تـنزل مـن وعـاء الـضريـبة عـلى األربـاح الـتجاريـة والـصناعـية ،ألنـها تـشمل أجـزاء مـن رأس املـال تسـربـت أثـناء عـملية اإلنـتاج إلـى الـداخـل واسـتقرت فـيه ،فـالـضريـبة تـفرض عـلى الـربـح ال عـلى رأس املـال ،فـيقتضي إذا إعادة تلك املبالغ إلى رأس املال حتى ال تطاله الضريبة. وكــما فــعلت مــعظم التشــريــعات الــعاملــية :كــالــفرنــسية واألمــيركــية واإلنــكليزيــة ..الــخ ،فــإن املشــرع الــلبنانــي نــص عــلى وجــوب اعتبار االستهالك من االعباء الواجبة الخصم من األرباح قبل فرض الضريبة عليها )الفقرة السابعة من املادة السابعة(. ث ــام ــنا :م ــال االح ــتياط امل ــدخ ــر مل ــواج ــهة خ ــسائ ــر ال ــدي ــون ع ــند إع ــالن اإلف ــالس أو ل ــدف ــع ت ــعوي ــضات ال ــصرف م ــن الخ ــدم ــة أو معاشات التقاعد أو تعويضات الطوارئ وفقا للقوانني املرعية اإلجراء ن ــصت ال ــفقرة ال ــثام ــنة م ــن امل ــادة ال ــساب ــعة ع ــلى ت ــكوي ــن ب ــعض االح ــتياط ــات وت ــنزي ــلها م ــن ال ــواردات لتح ــدي ــد ال ــرب ــح ال ــصاف ــي الخاضع للضريبة .وهذه االحتياطات هي التالية : -١احتياطات ملواجهة خسائر الديون عند إعالن اإلفالس -٢احتياطي بدفع تعويضات الصرف من الخدمة -٣احتياطي لدفع معاشات التقاعد -٤احتياطي لتعويضات الطوارئ تــاســعا :املــبالــغ الــتي يــثبت أنــها دفــعت عــلى ســبيل اإلســعاف أو الــتبرع أو اإلحــسان إلــى مــؤســسات خــيريــة أو اجــتماعــية أو ثقافية أو رياضية معترف بها رسميا وذلك ضمن الحدود العامة التي تعني بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء أجـاز املشـرع الـلبنانـي فـي هـذه الـفقرة لـلمؤسـسات تـنزيـل املـبالـغ املـدفـوعـة عـلى سـبيل اإلسـعاف والـتبرع ،أو اإلحـسان بشـرط أن توجه إلى مؤسسات خيرية أو اجتماعية أو ثقافية معترف بها رسميا ً. واالع ــتراف ال ــرس ــمي ي ــتم ع ــادة ب ــموج ــب ع ــلم وخ ــبر ص ــادر ع ــن وزارة ال ــداخ ــلية أو ت ــرخ ــيص ص ــادر ع ــن س ــلطة رس ــمية أخ ــرى مختصة. هـذا وقـد اشـترط الـقانـون أن تحـدد قـواعـد و حـدود هـذا الـخصم بـقرار مـن مجـلس الـوزراء ،فـصدر املـرسـوم رقـم ١٤٩١٣تـاريـخ ١٧تـموز ١٩٧٠والـذي حـدد الحـد األقـصى لـلمبالـغ الـتي يـمكن تـنزيـلها مـن األربـاح الـخاضـعة لـضريـبة الـدخـل بـواحـد بـاأللـف مــن مجــموع قــيمة واردات املــؤســسة الــسنويــة الــدافــعة غــير الــصافــية ،شــرط أن ال يــتجاوز خــمسة عشــر ألــف لــيرة لــبنانــية فــي السنة. عاشرا :الديون املستحقة التي ثبت هالكها بالفعل بعد استنفاذ جميع الوسائل القانونية لتحصيلها بــموجــب هــذه الــفقرة يــسمح بــتنزيــل قــيمة الــديــن أو الــقسم الــهالــك مــنه مــن أربــاح املــؤســسة وذلــك بــعد اســتنفاذ جــميع وســائــل التنفيذ بشأنها فال يسمح القانون بتنزيل قيمتها من األرباح. لكن باملقابل يمكن تكوين احتياطي لها عند إعالن إفالس املدين وذلك ملواجهة الخسارة التي قد تحصل عند تنفيذ الدين. والجـديـر بـالـذكـر أنـه بـالـرغـم مـن التشـدد الـذي يظهـره الـنص إال أنـه يـفسح املـجال أمـام الـدائـن لتخـليص بـعض ديـنه الـهالـك عـبر إجراء املصالحة عليه والقبول ببعضه والتنازل عن الباقي. 48 غــير أن هــذا الــتفسير الــواســع كــان يــعاكــس الــتفسير الــقانــونــي الــقاضــي بــاســتنفاذ وســائــل الــتنفيذ الــقانــونــية بــالــلجوء لــلقضاء إث ــبات ــا له ــالك ال ــدي ــن .وك ــان ه ــذا األم ــر م ــبعثا ل ــعدم االس ــتقرار ف ــي امل ــعام ــالت إذ وج ــب األخ ــذ ب ــكل ق ــضية ع ــلى ح ــده ل ــدرس ــها ومحاولة معرفة ما إذا كان اللجوء إلى االتفاقيات أفضل من الوسائل القانونية الالزمة لتحصيل الدين. ولـوضـع حـد لهـذا الجـدل الـقائـم صـدر الـقانـون رقـم 80/27الـذي قـضى بـإجـازة تـنزيـل " الـديـون املسـتحقة الـتي يـثبت هـالكـها ب ــال ــفعل ب ــعد ات ــخاذه ــا ال ــتداب ــير ال ــالزم ــة ل ــتحصيلها " .وه ــذا ي ــعني أن ش ــرط امل ــنازع ــة ال ــقضائ ــية ك ــطري ــق وح ــيد إلث ــبات ه ــالك الدين قد أزيل. بيد أن الدائن يبقي ملزما بإثبات هالك الدين على ضوء كافة الظروف والوقائع املحيطة به. وأخـيرا يـجوز لـلمكلف تـنزيـل قـيمة الـديـن الـهالـك عـلى حـساب الـسنة املـالـية الـتي يـصبح فـيها الـديـن هـالـكا ،كـما يـتوجـب عـليه أن يضيف ألرباح السنة ما يحصله من ديون سبق اعتبارها هالكة في سنوات سابقة وجرى تنزيلها من األرباح في حينه. إحــدى عشــر :نــفقات اإلعــالن والــدعــايــة الــتجاريــة املــثبتة بــموجــب مســتندات نــظامــية وذلــك ضــمن حــدود تــعني بــمرســوم يتخــذ بمجلس الوزراء نـظرا لـتنوع نـفقات اإلعـالن والـدعـايـة الـتجاريـة عـمد املشـرع الـضريـبي الـلبنانـي إلـى فـصلها عـن الـنفقات الـعامـة مـوفـرة لـها فـقرة خاصة. وقـد سـاعـد تـطور وسـائـل اإلعـالم وتـنوعـها عـلى زيـادة فـعالـية هـذه املـواضـيع مـما جـعل مـن عـلم الـدعـايـة واإلعـالن عـلما ً خـاصـاً قائما ً بذاته. هذا وقد اعتبرت نفقات الدعاية واإلعالن من النفقات املهنية القابلة للتنزيل من األرباح الخاضعة للضريبة. • وق ــد أی ــد مج ــلس ش ــورى ال ــدول ــة ه ــذا االت ــجاه ف ــاع ــتبر أن ال ــنفقات ال ــحاص ــلة م ــن اله ــداي ــا ال ــتي ت ــوزع ــها إح ــدى الشركات على املستهلكني للدعاية تقع ضمن األعباء القابلة للتنزيل من األرباح. • وف ــي ق ــرار آخ ــر اع ــتبر ه ــذا املج ــلس أن ال ــتبرع ــات ال ــتي ي ــقصد ب ــها ال ــدع ــاي ــة ت ــعتبر م ــن ال ــنفقات ال ــتي ت ــنزل م ــن األرباح وال تخضع بالتالي للضريبة. مـع اإلشـارة إلـى أن هـذه املـصاريـف ال تـنزل مـن واردات الـسنة الـواحـدة وإنـما تسـتهلك عـلى عـدة سـنوات بـاعـتبار أن مـردودهـا يتجاوز سنة اإلنفاق إلى السنوات الالحقة. 49 املرحلة الثالثة :النفقات واألعباء غير القابلة للتنزيل بـمقابـل الـنفقات واألعـباء الـتي يـجوز تـنزيـلها والـتي وردت فـي الـقانـون عـلى سـبيل املـثال نـص املشـرع صـراحـة فـي ذات املـادة الــسابــعة عــلى بــعض الــنفقات واألعــباء الــتي ال يــجوز تــنزيــلها أو خــصمها مــن اإليــرادات واألربــاح الــخاضــعة لــلضريــبة .وقــد حددت هذه النفقات على الشكل التالي : أوال :فـوائـد رؤوس األمـوال والـنفقات الـتي تـزيـد فـي قـيمته ،ومـنها الـنفقات عـلى تحسـني املـوجـودات مـا لـم تـكن نـفقات صـيانـة معتبرة عادة من النفقات العامة ك ــان م ــن ال ــطبيعي ع ــدم ال ــسماح ب ــتنزي ــل ال ــفوائ ــد م ــن األرب ــاح ألن ــها ال ت ــعتبر ت ــکليفا ً ع ــليها وإن ــما اس ــتعماال ل ــرأس امل ــال. فاألرباح هي بمثابة فوائد على توظيف أموال املكلف استعماال لرأس املال وبذال لجهوده. • وعليه فتكون الفوائد التي يحتسبها صاحب املؤسسية على رأسماله املوظف في مؤسسته غير قابلة للتنزيل. • ولـم يـسمح الـقانـون للشـريـك املـتضامـن أو الشـريـك املـفوض بـاحـتساب فـوائـد عـلى رأس املـال الـذي يـقدمـانـه للشـركـة على اعتبار أن األرباح التي يحصالن عليها هي ناتجة عن تضافر رأس املال والعمل في نشوئها. • أمـا فـي حـالـة الشـريـك املـوصـي الـذي يـقدم أمـوالـه للشـركـة مـن دون أن يـحق لـه االشـتراك فـي إدارتـها ،فـإن حـصته فـي الـربـح تـتكون مـن نـتاج رأس املـال وحـده .فـإذا نـص عـقد الشـركـة عـلى دفـع فـائـدة عـلى رأسـمالـه املسـتثمر فـي الشركة فإن هذه الفائدة تنزل من األرباح وتسري عليها بالتالي ضريبة رؤوس األموال املنقولة. أمـا بـالنسـبة لـلنفقات الـتي تـزيـد فـي قـيمة رأس املـال ال سـيما تـلك الـتي تـساهـم فـي تحسـني املـوجـودات فـإن الـقانـون نـص عـلى عـدم إمـكانـية تـنزيـلها مـن واردات املـؤسـسة عـند حـساب الـربـح الـصافـي الـخاضـع لـلضريـبة ،وقـد اعـتبرت هـذه املـصاريـف مـن الــنفقات الــرأســمالــية الــتي يــمكن لــلمؤســسة إضــافــتها عــلى كــلفة األصــل حــيث يــتم اســتهالك قــيمتها عــلى أقــساط ســنويــة وفــقا ملعدل استهالك األصل املضافة إليه. أمـا نـفقات الـصيانـة الـعاديـة الـتي ال تـلحق تـحسينا فـي املـوجـودات فـيمكن تـنزيـلها مـن الـواردات بـاعـتبارهـا مـن الـنفقات الـعامـة املألوفة. ثانيا :الضرائب والرسوم املدفوعة أو املستحقة لدولة أجنبية عن دخل حاصل في لبنان أو ألي سبب آخر وه ــذا ال ــنص يجس ــد ت ــنازع ال ــقوان ــني ال ــضري ــبية م ــن ال ــناح ــية امل ــكان ــية ،إذ ت ــصبح ب ــعض األرب ــاح امل ــحققة ف ــي ل ــبنان خ ــاض ــعة لـلقانـون الـضريـبي الـلبنانـي )مـبدأ الـتبعية االقـتصاديـة( واألجـنبي مـعا ،خـصوصـا إذا كـانـت هـذه الـدولـة األجـنبية تـأخـذ مـبدأ التبعية السياسية للمستفيد من هذه األرباح. ومعالجة االزدواج الضريبي ال تتم إال باتفاقيات دولية. أمـا فـي ظـل غـياب هـذه االتـفاقـيات فـقد قـضى الـقانـون الـضريـبي الـلبنانـي بـان ال تـعتبر الـضريـبة األجـنبية عـلى دخـل حـصل في لبنان من األعباء التي يمكن تنزيلها من األرباح الخاضعة للضريبة. 50 ث ــال ــثا :ال ــخسائ ــر ال ــتي ت ــصيب امل ــكلف م ــن ج ــراء أع ــمال م ــؤس ــسات أو ف ــروع أو وك ــاالت أو م ــكات ــب أو س ــواه ــا واق ــعة خ ــارج األراضي اللبنانية سواء كانت تابعة له أو كان تابعة لها وإن اقتصرت التبعية على اإلشراف أن ذل ــك ه ــو ال ــنتيجة امل ــنطقية مل ــبدأ إق ــليمية ال ــضري ــبة امل ــطبق ف ــي ل ــبنان ،ف ــكما أن ــه ال ي ــجوز إخ ــضاع األرب ــاح ال ــتي ي ــحققها املـكلف فـي الـخارح لـلضريـبة الـلبنانـية ،فـمن بـاب أولـى أنـه ال يـسمح تحـميل املـؤسـسة الـقائـمة فـي لـبنان الـخسائـر الـتي تـلحق بها من جراء أعمالها خارج األراضي اللبنانية. رابـعا :الـنفقات واألعـباء الـتي ال يـثبت املـكلف أنـه تحـملها لـلمساهـمة فـي أعـمال مـؤسـسات أو فـروع أو وكـاالت أو مـكاتـب أو سواها في الخارج سواء كان تابعة لها أو كانت تابعة له سـمح الـقانـون بـموجـب هـذه الـفقرة بـتنزيـل الـنفقات الـتي يـثبت املـكلف أنـه تحـملها لـلمساهـمة فـي أعـمال املـؤسـسات الـتابـعة لـه أو التابع لها في الخارج من الواردات عند حساب الربح الخاضع للضريبة. وتعتبر إجازة تنزيل هذه النفقات بمثابة تشجيع من املشرع للمؤسسات على التوسع واالنتشار. وتـطبيقا لـلنص املـذكـور يـجوز لـلفروع أو لـلمكاتـب الـعامـلة فـي لـبنان والـتابـعة ملـراكـز رئـيسية قـائـمة فـي الـخارج أن تـساهـم فـي نفقات املراكز املذكورة لقاء الخدمات التي يقدمها املركز األم لفرعه في لبنان. غــير أنــه فــي كــل حــال ،إذا كــان مــن املــقبول أن تتحــمل املــؤســسة فــي لــبنان نــفقات تــأســيس الــفروع واملــكاتــب فــي الــخارج فــإن الــنفقات الــالحــقة الــعائــدة لــتسيير أعــمال الــفروع واملــكاتــب املــذكــورة تــبقى عــلى عــاتــق تــلك املــكاتــب والــفروع ،طــاملــا أن نــشاطــها في الخارج ال يخضع للضريبة في لبنان وذلك عمال بقاعدة الغرم بالغنم. ويــمكن تــنزيــل الــنفقات الــتي تــتكبدهــا املــؤســسة عــلى فــروعــها أو مــكاتــبها فــي الــخارج إذا كــانــت تــلك الــنفقات لــقاء خــدمــة أو منافع تقدمها الفروع أو املكاتب في الخارج للمؤسسة القائمة في لبنان. خـامـسا :الـنفقات الـشخصية ومـنها املـبالـغ الـتي يـقتطعها صـاحـب الـعمل أو الشـريـك أجـرة لـه عـن إدارة املـؤسـسة أو لـنفقاتـه الخاصة ال يــجيز الــقانــون لــصاحــب املــؤســسة أو الشــريــك بــأن يــنزل مــن األربــاح نــفقاتــه الــشخصية ألن هــذه الــنفقات ال تــرتــبط بــنشاط املـؤسـسة مـن جـهة ،ولـكونـها ال تـساعـد فـي تـحقيق األربـاح مـن جـهة ثـانـية .فـضال عـن أنـها تـعتبر بـمثابـة اسـتعمال لـلربـح ولـيس تكليفا عليه من جهة ثالثة. ب ــيد أن ال ــصعوب ــات ال ــتي ق ــد ت ــثار ت ــتعلق ب ــكيفية اع ــتبار ال ــنفقة ش ــخصية أم غ ــير ش ــخصية ،إذ أن ب ــعض ن ــفقات ال ــتمثيل م ــن ضيافة وهدايا وتفقات سفر واإلقامة في الخارج قد تكون أنفقت في سبيل العمل أم ال. وعليه فيعود لإلدارة الضريبية والقاضي التثبت من األمر وإعطاء الصفة املناسبة للنفقة. أمــا بــالنســبة لــلرواتــب الــتي يــتقاضــاهــا رب الــعمل أو الشــريــك ،فــقد حــظر الــقانــون تــنزيــلها مــن الــواردات عــند حــساب الــربــح الصافي الذي يخضع للضريبة. 51 س ــادس ــا :ت ــعوي ــضات ال ــتمثيل ال ــتي ت ــتجاوز ) ( 10 %عش ــرة ب ــامل ــئة م ــن روات ــب املس ــتخدم األس ــاس ــية ،وك ــذل ــك ك ــل م ــبال ــغة أو زيادة عن الحدود املألوفة في الرواتب واألجور وسائر النفقات التي تقتضيها ممارسة التجارة أو الصناعة أو املهنة ت ــعتبر ن ــفقات ال ــتمثيل ال ــتي ت ــدف ــعها الش ــرك ــات ل ــبعض م ــوظ ــفيها ج ــزءا ً م ـ ً ـكمال ل ــلرات ــب م ــقاب ــل م ــا ي ــقوم ــون ب ــه ف ــي س ــبيل ت ــمثيل الشركة أو املؤسسة. وال تخضع هذه النفقات للضريبة على الرواتب واالجور باعتبارها نفقة يتكبدها املوظف في سبيل الشركة. وت ــفادي ــا م ــن أن تس ــتغل ه ــذه ال ــتعوي ــضات ف ــي س ــبيل الته ــرب م ــن ال ــضري ــبة ،ح ــدد املش ــرع ت ــعوي ــض ال ــتمثيل األق ــصى ال ــقاب ــل للتنزيل من واردات املؤسسة بعشرة باملئة ) (٪١٠من أصل راتب املستخدم ،على أن يعاد لألرباح كل تجاوز لهذه النسبة. سابعا :الضرائب االستثنائية والغرامات الشخصية وهذه الضرائب تفرض ملواجهة ظروف استثنائية معينة. • وهـذا مـا حـصل فـعال بـالنسـبة لـضريـبة الـتعمير الـتي فـرضـت بـموجـب املـادة ١٢مـن قـانـون ٩نـيسان ١٩٥٦عـلى أثر الزلزال الذي ضرب لبنان في سنة ،١٩٥٦ • وكــذلــك الــعالوة االســتثنائــية الــتي فــرضــها املــرســوم االشــتراعــي رقــم ٦٠تــاریــخ ١٩٦٧عــلى أثــر الحــرب الــعربــية - اإلسرائيلية. وعدم تنزيلها من األرباح منطقي ألن الغاية من فرضها تنتفي في حال تنزيلها من األرباح. أمـا الـغرامـات الـشخصية فـهي جـزاءات تـفرض عـلى املـكلف أو أحـد مسـتخدمـيه بـصفتهم الـشخصية كـالـغرامـة الـصادرة فـي أثناء قيادة إحدى سيارات الشركة .فلو أجزنا تنزيل هذه الغرامة لكان ذلك نوعا من معاقبة اإلدارة الضريبية. 52