الصعوبات واالضطرابات التعلمية والسلوكية لدى التلميذ تطرح من قبل المعلمات والمعلمين والعاملين في الحقل التربوي تساؤالت عدة َ ي الصعوبات التعلمية ( )learning disabilitiesواالضطرابات التعلمية حول موضوع ْ ( )learning disordersلدى التالميذ في الحلقتين األولى والثانية األساسيتين بشكل خاص وفي باقي الحلقات والمراحل بشكل عام ،ولإلجابة عن هذه التساؤالت نضع بين أيدي القارئ الكريم هذا المقال الذي استندنا في كتابته إلى أساسين :األول نظري والثاني عملي واقعي ينطلق من مشاهداتنا ومتابعتنا لهذا الموضوع من خالل التفتيش التربوي ومن معاناة المعلمين مع تالمذتهم ذوي الصعوبات واالضطرابات التعلمية والسلوكية وتجربتهم في هذا المجال. أوالً :في الصعوبات التعلمية)Learning Disabilities( : - 1التعريف إن مفهوم الصعوبات التعلّمية كما ورد في مقالة للسيدة ليلى عاقوري ديراني في كتاب "الصعوبات التعلمية" واسع جداً يطول كل إنسان في مشواره مع المعرفة، إذ إن كل فرد لديه صعوبات تعلّمية في مرحلة من المراحل(" .)١وعندما تكون هذه الصعوبات عابرة" ،تقول السيدة ريم نشابة معوض في كتابها "الولد المختلف"، فهي ال تحتاج إال إلى تدخل ظرفي ،أما إذا كانت ثابتة وعميقة فهي بحاجة إلى مساعدة مختصة (.)٢ وجاء في تعريف اللجنة الوطنية في الواليات المتحدة لمصطلح "الصعوبات التعلمية" أنها" :مجموعة متباينة من االضطرابات التي تظهر من خالل صعوبة في اكتساب القدرات السمعية والكالمية والقرائية والكتابية التحليلية والحسابية وفي استخدام هذه القدرات" (.)٣ "وكما اختلفت التعاريف اختلفت التسميات ،فقد بدأ األمر بتسمية الولد الذي يعاني من اضطرابات إدراكية أساسية بالولد "ذي الخلل الوظيفي الدماغي البسيط" ( ،)minimal brain dysfunctionثم اعتمدت تسمية "المتعلم البطيء"، ّ ّ تعسر كان المتعسر في القراءة" ( ،)dyslexaوهو ( ،)slow learnerو"المتعلم يشمل فئة معينة فقط .واعتمدت أيضاً تسمية "اإلعاقة في اإلدراك" قبل أن تُعتمد حالياً هذه التسمية" :ذو الصعوبات التعلمية" التسمية األساسية والشاملة" (.)٤ أفراد هذه الفئة هم أناس أسوياء ال يختلفون عن غيرهم من التالميذ سوى في االستيعاب والتعلّم واكتساب المهارات المدرسية. هي حالة ينتج عنها ٍّ تدن مستمر في التحصيل األكاديمي للتلميذ مقارنة مع زمالئه في الصف الدراسي ،وال يعود السبب في ذلك إلى وجود إعاقة بصرية ،أو حركية ،أو سمعية ،أو اإلصابة بالتخلف العقلي ،أو عدم االستقرار النفسي ،أو وجود الظروف األسرية واالجتماعية .يظهر التدني في مهارة أو أكثر من مهارات التعلم المختلفة كالمهارات األساسية للقراءة ،والكتابة أو المهارات الحسابية ،أو العمليٍّات الفكريٍّة (الذاكرة ،والتمييز ،والتركيز) ،أو القدرة على الكالم، أو االستماع ،أو اإلدراك والتفكير. -2أنواع الصعوبات التعلمية: تقسم الصعوبات التعلمية إلى قسمين: أ -الصعوبات التعلمية النمائية، ب -الصعوبات التعلمية األكاديمية. تنتج عن كال النوعين وترتبط بهما الصعوبات في المجال االجتماعي ونورد في ما يأتي ،ووفقاً للمصادر المعتمدة ،لوائح تفصيلية لكل من هذه الصعوبات. * الصعوبات التعلمية النمائية صعوبات في صعوبات في اللغة التفكير صعوبات في التركيز ضعف القدرة تأخر في اللغة على تنظيم األفكار ،وبالتالي المحكية بالنسبة يحتاج إلى وقت لألقران. كبير للقيام بذلك. صعوبة في اإلدراك البصري: بعض التالميذ الذين صعوبة في تمييز اإلتجاهات، اضطراب في الذاكرة :ال يعانون صعوبات واإلنتقال من الشمال إلى يتذكر ما اكتسبه في تعلمية قد يعانون المدرسة ،ال يتذكر وظائفه ،اليمين ،وتمييز األشكال واألرقام إضافة إلى ذلك س َ والحروف وصعوبة َ لسلة اضطراب كثرة الحركة إلخ... األرقام بترتيبها الصحيح. وقلّة اإلنتباه (.)ADHD -----------------محدودية في عملية التفكير ------------------ -----------------ضعف التخطيط لح ّ ل المشكالت ضعف المعارف العامة صعوبات في التذكر ----------------------------------- ------------------------ ---------- ---------------------- ------------------ صعوبات في اإلدراك صعوبة في اإلدراك السمعي: يحتاج إلى وقت أطول الكتساب المعلومات السمعية ،صعوبة في تمييز الكلمات واألحرف المشابهة صوتياً. صعوبة في التناسق الجسدي ومشاكل في قدرات العضالت ينتج عنها صعوبة في االدراك الحسي الحركي. ------------------ ------------------------ ---------- ---------------------- ------------------ ------------------ ------------------------ ------------------------------ ------------------ ------------------ ---------------------- ------------------------------ ------------------ *الصعوبات التعلمية األكاديمية الته ّ جي القراءة ضعف القدرة على اكتساب قوانين التهجي. الخط :بطء في الكتابة وأخطاء في النسخ وخط سيىء غير واضح .قد يعكس كتابة الحروف صعوبة في ربط األحرف صعوبة في القدرات اإلدراكية: باألصوات بسبب عدم قدرته فتبدو كما في المرآة؛ قد تمييز األرقام وكتابتها ،عكس على التمييز السمعي بين يخلط بين االتجاهات األرقام. ً فيبدأ من اليسار بدال من هذه األصوات. اليمين؛ صعوبة في اإللتزام بالكتابة على خط واحد. صعوبة في ربط األحرف أو فصلها بسبب ضعفه في التمييز البصري. الكتابة الحساب صعوبة في إتقان مفاهيم اإلمالء :أخطاء إمالئية عديدة بسبب صعوبة في الجمع والطرح والضرب والقسمة الخاصة بالعمليات اإلدراك السمعي أو الحسابية األساسية ،وإتقان البصري لألصوات جدول الضرب. والحروف. صعوبة في إدراك الكلمات بسبب عدم قدرته على تحويل األحرف إلى كلمات ذات معنى. اإلنشاء :صعوبة في تأليف الجمل الجديدة وال سيما المفصلة منها, كل هذه الصعوبات تؤدي إلى وفي اإلتيان باألفكار المناسبة للموضوع وال ارتكاب التلميذ أخطاء في سيما المبتكرة منها القراءة وما يعرف بـ وباإلضافة إلى صعوبة ))Dyslexiaمنها: في تنظيم األفكار عدم تمييزالتلميذ للكلمات وسلسلتها. ويكون ذلك بادخاله أحرفاً أو حذفها أو قلبها. عدم فهم التلميذ الكلمات أو النص المعطى للقراءة ،ويكون ذلك بسبب عدم قدرته على ربط األحرف. قراءة الجمل بطريقة سريعة وغير واضحة. قراءة الجمل بطريقة بطيئة, كلمة فكلمة أخرى وهكذا. صعوبة لغوية :صعوبة في تسمية العمليات وتحويل الكمات إلى إشارات حسابية وفهم مسائل حسابية. صعوبة حسابية :التسلسل، التحليل. تكرار بعض الكلمات أكثر من مرة دون مبرر. صعوبة في تتبع مكان الوصول في القراءة. *صعوبات تعلمية متعلقة بقناة التعبير اللفظي وقناة التعبير الكتابي قناة التعبير اللفظي قناة التعبير الكتابي يتكلم بلهجة مترددة وخجولة. يضغط بشدة على القلم. يستمتع بالموضوعات غير اللفظية كالفن والتربية والرياضة. يخرج الحروف عن مسارها التتابعي. يجد صعوبة في اإلجابة على السؤال شفهياً. يضل في تسلسل حروف الكلمة. يواجه صعوبة في إعادة قصة سمعها أو قرأها .ال يميز بين الحروف الصغيرة والكبيرة. يبدو وكانه ال يجد الكلمات المناسبة للتعبير. يجد صعوبة في تسلسل أيام األسبوع وتتابع األشهر. يرتكب أخطاء متكررة في التهجئة. تكون أفكاره غير واضحة وغير مترابطة أثناء كتابة قصة. يعاني في معاني الكلمات والجمل. يفتقر إلى التنويع في بناء الجمل. نادراً ما يستخدم الجمل التي تعبر عن موضوع يجد صعوبة في اإلجابة على أسئلة اإلستنتاج. الفقرة أثناء الكتابة. قدرة منخفضة في الكتابة عندما يقع تحت ضغط يجد صعوبة في التواصل مع زمالئه في النقاش. تحديد الزمن. يفقد الرغبة في الدروس ذات النمط الحواري. ------------------ يستخدم اإلشارات بصورة متكررة لإلشارة إلى اإلجابات الصحيحة. ------------------ ّ التعسر في القراءة والكتابة ()Dyslexia مالحظة :تجدر اإلشارة إلى أن مشكلة هي مشكلة شائعة ال تعكس مستوى الذكاء الحقيقي لدى الطفل ويمكن تعريفها بأن العمر القرائي للطفل ( )reading ageيكون دون العمر الزمني ( )chronological ageبـ ١٨شهراً تقريباً ،وهي ليست مرضاً وليس لها دواء. نتيجة للصعوبات التعلمية النمائية واألكاديمية ،يعاني التلميذ صعوبات اجتماعية نفسية تؤثر في تطوره كشخص سوي فاعل في مجتمعه ،قادر على التواصل واإلنتاج .من هذه الصعوبات المفهوم المتدني للذات أي قلة الثقة بالنفس واالتكالية ،أي االعتماد على اآلخرين واالنسحاب االجتماعي ،إضافة إلى السلوك المضطرب بشكل عام. كما وتجدر اإلشارة إلى أن توافر واحدة أو أكثر من هذه الصفات عند تلميذ ما ،ال يعني ببساطة أنه من ذوي الصعوبات التعلمية ،بل يجب إجراء اختبارات عدة متخصصة للتأكد من ذلك. -3البرامج المعتمدة للمعالجة: هنالك مدرستان على هذا الصعيد :الفلسفة الذهنية ( )Cognitive Theoryتعتمد التدريب الذهني طريقاً للمعالجة ،نظراً ألن التالميذ ذوي الصعوبات التعلمية يحتاجون إلى تعلّم طرائق خاصة الكتساب المعلومات والوصول إلى استقاللية ذاتية ،ويعطى ذلك من خالل ثالث نقاط أساسية :تغيير طريقة تفكيرهم، اعطاؤهم خططاً للتعليم وتعليمهم المبادرة الذاتية. من جهة أخرى ،هنالك الفلسفة السلوكية ( )Behavioral Theoryالتي تقوم على تغيير سلوك ظاهر عند التلميذ ،ثم العمل على سلوك آخر ،وذلك حتى يتم تحقيق األهداف المتوخاة. استناداً إلى ذلك ،هنالك برامج متخصصة تعالج مختلف الحاالت ،وهي على الشكل اآلتي: أ -برامج التدريب الذاتي: تعالج صعوبات عدم القدرة على اكتساب المعلومات وعدم تنظيم الوقت والدرس وعدم التحليل. من هذه البرامج: برنامج التفكير بصوت عال :يعتمد على التفكير المتسلسل للوصول إلى النتيجةالصحيحة (عند إعطاء أي عمل للتلميذ ،يجب عليه التوصل إلى الهدف خالل المراحل اآلتية :ما المشكلة؟ كيف أحلّها؟ هل أستعمل خطتي؟ كيف كان أدائي؟). برنامج التنظيم الذاتي :ترتكز هذه الطريقة على المراحل اآلتية :أفكر ،أخطط،أقرأ ،أحلّل ،أكتب ،أكافىء نفسي. برنامج ح ّل المسائل :يعتمد طريقة تعليم التلميذ حل مسائل حسابية من خالل المراحل اآلتية :قراءة المسألة ،وضع دائرة حول كل رقم ،وضع خط تحت كل فعل، رسم المسألة بجمع االسم والرقم ،كتابة الجملة الحسابية ،ح ّ ل المسألة. ب -برنامج الخطط التنظيمية: هو عبارة عن مجموعة خطط تساعد التلميذ على تذكر الكلمات أو األحرف أو الجمل من خالل ربطها بصور حسية ملموسة أو رموز الفتة أو ربطها بعبارة معينة مثل كلمة "عمم صكبنرع" (األحرف األولى لسلسة جبال لبنان الغربية) أو "دفرونميا" (األحرف األولى ألسماء المتصرفين في لبنان). ج -برنامج التدريب المباشر: يعتمد على تغيير سلوك معين عند التلميذ .تبدأ العملية بخطوات عدة إلحداث التغيير المطلوب في سلوك بسيط ،وعند تحقق الهدف ومكأفاة التلميذ ،يبدأ العمل على سلوك آخر لديه ،وهكذا دواليك. د -بعض البرامج السلوكية األخرى: برنامج تعليم المفاهيم بشكل فردي ومختص بالحاسوب :تعليم مفهوم األرقامأو الرموز أو القياس أو األشكال، البرنامج اإلدراكي الحركي :يركّز على التمييز البصري من خالل التدريب علىاالتجاهات والرموز، البرنامج اللغوي الفونولوجي :يركّز على التمييز السمعي بين األحرف والكلماتُّ حث األطفال لالنتباه إلى األصوات في اللغة، واستيعاب معنى الكلمات والجمل، القراءة بصوت عال من كتب جيدة، ّ الحسي :يركّز على تحسس الولد األحرف واألرقام والرموز ليكشف البرنامجاتجاهها الصحيح. ثانياً :في االضطرابات التواصلية ( Communicative )Disorders -1التعريف: عرّفت الحكومة االتحادية في الواليات المتحدة هذه االضطرابات على أنها "اضطرابات في التعبير أو في اللفظ أو في قواعد اللغة أو في الصوت ...كلها تؤثر سلباً في واجبات الولد األكاديمية وقدرته على التعلّم" ( ..)٥أسباب هذه االضطرابات قد تكون عضوية (تأخر عقلي -شلل دماغي -توحد -صعوبة محددة في اللغة -خلل دماغي -ضعف في السمع) أو مكتسبة (إهمال بيئي -اضطرابات عاطفية أو سلوكية أو مرض معين).. -2أنواع االضطرابات التواصلية: هنالك ثالثة أنواع من االضطرابات التواصلية ،وهي اآلتية: أ -اضطراب في اللغة وهو اضطراب في القدرة على استيعاب المعلومات وتركيب الجمل. ب -اضطراب في النطق وهو اضطراب في القدرة على إرسال المعلومات بسبب صعوبة في اللفظ. ج -اضطراب في اللغة والنطق معاً. بالنسبة لذوي االضطرابات اللغوية ،فقد تتمثّل في واحد أو أكثر من االضطرابات اآلتية: أ -االضطرابات في األصوات )phonology(:حذف بعض األحرف من كلمة أو إدخال بعضها عليها أو تبديل األحرف. ب -االضطرابات في الصرف ( )morphology:تشمل قواعد اللغة مثل تصريف األفعال ،المثنى والجمع والمفرد ،المذكر والمؤنث. ج -االضطرابات في النحو ( )syntax:جمع الكلمات لتأليف جمل .تعتبر هذه من أعقد العمليات في التطور اللغوي. د -االضطرابات في داللة األلفاظ ( )semantics:إيجاد معنى للكلمات والعبارات المستعملة/معرفة طريقة استعمال االستفهام والنفي وكلمات الربط وتسلسل األفكار خالل التعبير. هـ -االضطرابات البرغماتية :اضطرابات في النواحي العملية واالجتماعية والحياتية عند استعمال اللغة (مواجهة صعوبة في التعبير عن ظروف حياته).. أما على صعيد االضطرابات النطقية ،فهي تتمثل في واحد أو اكثر من االضطرابات اآلتية: أ -االضطرابات في اللفظ )articulation disorders(:وهذه شائعة في المدارس تتراوح بين اضطراب خفيف بحرف أو حرفين إلى اضطراب شديد ،بحيث يكون لفظ معظم األحرف في الكلمات غير واضح ،ويؤدي ذلك إلى انزعاج الولد ويؤثر على ثقته بنفسه. ب -االضطرابات في الصوت )voice disorders(:تشمل درجة الصوت ورنينه ونوعيته. ج -االضطرابات في الطالقة )fluency disorders(:التأتأة إحدى أهم أنواع هذه االضطرابات. -3البرامج المعتمدة للمعالجة: البرامج المعتمدة للمعالجة هي اآلتية: أ -البرنامج الطبيعي :التدريب في البيت أو المطعم أو أي مكان عام، ب -برنامج التواصل البديلي :استخدام صور أو إشارات للتعبير أو لوحات تواصل، ج -البرنامج الحاسوبي :استخدام الحاسوب للتدريب على النطق واللغة، د -البرنامج االجتماعي التواصلي :يتعلم التلميذ من خالله مهارات تواصلية مثل المبادرة والمحادثة، هـ -البرنامج الفردي غير المباشر :استخدام اللعب ،البطاقات وغيرها من الوسائل والتحدث عنها.. ثالثاً :هل البرامج وحدها كافية للمعالجة ،وما هو دور المربي واألهل؟ إرشادات لمعالجة الصعوبات التعلمية واالضطرابات التواصلية. مما ال شك فيه أن البرامج كافة التي أدرجت أعاله لمعالجة الصعوبات التعلمية دة وتق ّ واالضطرابات التواصلية مهمة ويتحقق للتلميذ بفضلها مهارات ع ّ دم ملموس، إنما يكون ذلك كله من خالل العمل التكاملي بين المربي واألهل والمختص ،وهذا ما تؤكده األبحاث والنظريات كافة .ومن المهم تشخيص حالة التالميذ في السنوات المبكرة (من الوالدة حتى ٥سنوات) ومحاولة التخفيف من صعوباتهم. واألهم من ذلك إعطاؤهم الثقة بقدراتهم وتشجيعهم على المثابرة بشتى الوسائل اإليجابية ،ألن الكثير من ذوي الصعوبات التعلّمية يعانون حالة اكتئاب وخمول إذا فقدوا دوافعهم للتقدم"(.)٦ يلعب المعلم ،قبل االخصائيين ،دوراً مهماً في معالجة الصعوبات التعلمية واالضطرابات التواصلية ،ومن المهم على هذا الصعيد أن يشترك المعلم واألخصائي في المعالجة ،ومن المهم أيضاً أن يعي المعلم بعض المبادىء األساسية في عمله على صعيد اللغة والحساب .في مقالتها بعنوان "صعوبات النطق واللغة :المؤشرات التحذيرية والوسائل المبكرة" تورد السيدة سلمى جبر مولوي المبادىء اآلتية: "إعطاء نموذج لغوي سليم لألطفال .لذلك عليهن (أي المعلمات) أن يستعملنفي أحاديثهن إلى األطفال جمال ً قصيرة وسليمة .وعليهن أيضاً أن يعدن ما قاله األطفال بصيغة أفضل من دون أن يغيرن المعاني الموجودة .يمكنهن إضافة معلومة واحدة لجملة الطفل (كلمة جديدة ،صفة)... إيجاد سبل إلثارة اهتمام األطفال باللغة عبر ألعاب وقصص طريفة مأخوذة منعالمهم. تقديم اللغة بجو ترفيهي مس ّل وليس بأسلوب "أعد" .فاللغة هدفها التواصل ال اإلعادة. مكافأة كل محاولة تعبير شفهية ولو لم تكن سليمة .في هذه الحالة إعادةالجملة باألسلوب الموصوف أعاله من دون طلب اإلعادة. االستماع إلى مضمون الكالم بحاالت التأتأة وليس إلى الشكل. إعطاء الطفل الوقت الكافي للتعبير عن فكرته من دون مقاطعته أو استعجاله.كما يطلب من التالمذة اإللتزام بهذه القواعد وآداب الحديث. -عدم السماح لآلخرين بالسخرية. عدم نطق الكلمة بطريقة خاطئة (بتصرف). عدم إظهار االنزعاج عند تلعثم الولد في الصف بل قبول الكالم كما هو.. عدم معاقبة الطفل إذا تلعثم. عدم مكافأة الطفل باعطائه أهمية زائدة إذا تلعثم. عدم إعفاء الطفل من التسميع إذا تلعثم بل التسميع له أوال ً قبل أن يبدأ بالتوتر. عدم إعطاء نصائح مثل "تكلم ببطء" أو"خذ نفس"(.)٧ إعطاء مادة الرياضيات بشكل ممتع ومس ّل (عدم العمل على الكتاب صفحة صفحة وترك المجال لإلبداع والربط بين الرياضيات والحياة اليومية ،تجنّب الروتين واإلكثار من البطاقات واأللعاب والوسائل والتشويق). عدم إحباط التلميذ باعطائه عالمات منخفضة بل العمل على إعطائه فرصاًللنجاح. التنبه إلى أنواع الذكاء المختلفة :وفقاً للنظرة الحديثة في الذكاء ،هنالك أنواععدة منه أوردها الكاتب جون غراي على الشكل اآلتي :الذكاء األكاديمي، العاطفي ،الجسدي ،الفني ،اإلبداعي ،العملي ،الحدسي والمتفوق. أهم هذه األنواع الذكاء العاطفي الذي ي ّعرف بأنه "القدرة على خلق عالقات سليمة مع اآلخرين والمحافظة عليها ،فاإلنسان الذي يتحلّى بنسبة عالية من الذكاء العاطفي يدرك كيف يفكر اآلخرون .كيف يشعرون ،ويستطيع أن يضع نفسه مكانهم وأن يتفهم وجهة نظرهم .إنها قدرة لالتصال والتواصل وللعطف على اآلخرين ،وهذه القدرة تفيدهم كثيراً ليس فقط في عالقاتهم الشخصية بل أيضاً في مجال عملهم" (.)٨ تقول السيدة ريتا مرهج في دراستها عن "النظرة الجديدة في الذكاء والتعليم" المنشورة في كتاب "الصعوبات التعلمية" أنه مؤخراً بدأت مدارس عدة في الواليات المتحدة األميركية إدخال مادة تنمية الذكاء العاطفي ضمن المناهج الدراسية من خالل "حصص يومية أطلق عليها أسماء مختلفة مثل ( )Self Scienceأو ( Social )Developmentأو ( )Social and Emotional Learningتهدف إلى شيء واحد، وهو تطوير الكفاءة االجتماعية والعاطفية عند الطفل كجزء ال يتجزأ من التربية االعتيادية"(.)٩ إشراك األهل :يجب مساعدة الوالدين على تقب ّل وتف ّهم طبيعة صعوبات التعلّم وتأثيرها على الطفل ،كما يجب إشراكهم في البرامج المعتمدة مع التلميذ لمعالجة وضعه وتدريبه وتعليمه .في هذا المجال ،يترتب على األهل تشجيع ولدهم لتحقيق هدف ولو بسيط وقراءة القصص معه وتشجيعه على االختالط باآلخرين والتركيز على نقاط قوته وإعطاؤه فرصاً إلكتشاف مواهبه. التنّبه إلى التنمية النفس حركية للطفل ( )Psychomotor developmentوهذهعبارة عن "مجموعة نشاطات تساعد على تنمية الجسد من خالل الحركة. هدفها معرفة حسية ودقيقة للجسم وتنظيم عالقته مع التوجه الزماني والمكاني"(.)١٠ رابعاً :االضطرابات العاطفية أو السلوكية -1التعريف: األشخاص الذين يعانون اضطرابات عاطفية أو سلوكية هم أولئك الذين "يعانون حالة االضطراب العاطفي أو السلوكي غير المالئم لعمر الشخص الزمني ومجتمعه وساللته .هذا االضطراب يؤثر سلباً في تطوره التربوي ،وتتضمن مهاراته التربوية مهارات أكاديمية ومهنية واجتماعية وشخصية"(.)١١ -٢أنواع االضطرابات العاطفية أو السلوكية: أ -االضطرابات الخارجية disorders(: *)external االضطراب في التصرف )conduct disorder(:يرفض التلميذ ما يطلب منه ويزعج اآلخرين بالضرب أو الصراخ أو الغضب. العدوانية االجتماعية (االنحراف) *)socialized aggression (.النشاط المفرط وقلة االنتباه ( ،)ADHDوتقسم إلى فئتين: -١النشاط المفرط وقلة االنتباه :يعاني التلميذ في هذه الحالة جملة من السلوكيات مثل كثرة الحركة والكالم وقلة التركيز وعدم إنهاء العمل في الوقت المطلوب ،إضافة إلى الغضب السريع ،مقاطعة اآلخرين وحب المغامرات ،مزاجي وعشوائي في تصرفاته ،قد يكون اتكالياً. -٢قلة االنتباه )ADHD(:يعاني التلميذ حالة من الشرود وعدم التركيز في العمل، وينسى ويضيّع األشياء .هو دائماً بحاجة للمتابعة إلنهاء عمله في الوقت المحدد. ب -االضطرابات الداخلية ( disorders *:)internal القلق )anxiety(:يكون التلميذ خائفاً قلقاً ،قليل الثقة بالنفس ،يبكي بسرعة وبال مبرر .قد يشعر برفض أهله له فيحزن ويكتئب ألنه ال يشعر باالستقرار. االنعزال ( )withdrawalيكون الولد غير اجتماعي ،وال يحب االختالط باآلخرين. السلوك الذهاني )psychotic behavior(:وهو من الحاالت الشديدة، ويشمل حالة انفصام الشخصية ( )schizophreniaوحالة التو ّ حد ()autism "اضطراب شامل تطوّري يؤثر في التواصل الشفهي وغير الشفهي وفي العالقات االجتماعية" .غالباً ما يظهر قبل عمر الثالث سنوات ويؤثر في التطور التربوي للتلميذ(.)١٢ -2البرامج المعتمدة للمعالجة: أ -برامج السيطرة الذاتية: عال :للتوصل إلى سيطرة ذاتية (الع ّ د). ٍ برنامج التفكير بصوتٍ برنامج المراقبة الذاتية :يراقب التلميذ سلوكه السيء ويكتشف نسبته ويحاول السيطرة عليه. ب -برامج المهارات االجتماعية :برامج تعلّم مهارات اجتماعية عديدة مثل التواصل والمشاركة والحوار وأخذ أدوار. ج -برامج االسترخاء. د -البرامج السلوكية. هـ -برنامج ح ّ ل الصراعات. خامساً :إرشادات للمربين بالنسبة لذوي قلة االنتباه والنشاط الدائم: -1التدريب على تركيز االنتباه :أي توجيه انتباه التلميذ نحو المثيرات المهمة ذات الصلة بموضوع الدرس وترك باقي المثيرات ،ويتضمن ذلك: لفت انتباه التلميذ إلى المثيرات المهمة حتى يركز عليها ،وذلك من طريقتلوينها أو وضع خطوط تحتها. اختيار المثيرات غير المألوفة مع تقليل عددها وإزالة تعقيداتها حتى ينتبه التلميذإليها ويستوعبها، توظيف أكثر من حاسة ونشاط في االنتباه ،مثل االستعانة بالعين والسمع فيتعلم القراءة والكتابة وإضافة اللمس في الدروس العملية والفنية، عرض المواد العلمية على شكل مجموعات متجانسة، االستعانة بالخبرات السابقة للتلميذ واالنطالق منها لتقديم خبرات تربويةجديدة. -2زيادة مدة اإلنتباه :وذلك بطريقة تدريجية باإلجراءات اآلتية: تحديد هدف إجرائي يسهل تنفيذه وتقويمه وقياسه (شرح درس لمدة نصفساعة)، استخدام ساعة توقيت لقياس مدة االنتباه لدى التلميذ، -توفير فترات راحة بين مهام التدريب على تركيز االنتباه (المذكور أعاله)، تعزيز ومكافأة الزيادة في مدة االنتباه بالتشجيع. -3زيادة المرونة في نقل االنتباه :يتضمن ذلك اتخاذ اإلجراءات اآلتية: إعطاء وقت كاف النتقال التلميذ من مثير إلى آخر بعد أن يستوعب األول، التقليل التدريجي من مدة انتقال االنتباه من مثير إلى آخر. -4تحسين تسلسل عملية االنتباه: زيادة عدد الفقرات التعليمية التي ينتبه إليها التلميذ تدريجياً، وضع عناصر المهمة العالجية (الفقرات التعليمية المطلوب زيادة مدة االنتباهإليها) في شكل وحدات يسهل تعلمها مثل الحروف المتجانسة مع بعضها (ب،ت،ث) إلخ ،أي إخضاعها لمبادىء تداعي المعاني الخمسة التي وضعها أرسطو وهي :التشابه /التضاد /التجاور في الزمان والمكان ،/فيسهل الربط السريع بينها واالنتباه إليها كمجموعة. التكرار والتدريب حتى يسيطر التلميذ على المهمة التعليمية.-5استراتيجيات عالج النشاط الزائد: تعديل السلوك غير المرغوب فيه من طريق استخدام مبدأ الثواب والعقاب، تقديم النموذج السلوكي المتزن، الهدوء والثبات االنفعالي مع التلميذ وعدم الثورة في وجهه، اللجوء إلى التوجيه البسيط، إفساح المجال أمام التلميذ لتفريغ انفعاالته في لعب مفيد وهادىء، تجزئة المهام التربوية والدراسية، استشارة الطبيب في نوعية الغذاء للتلميذ.إضافة إلى ذلك ،يتم التاكيد على التعامل مع التلميذ كفرد له خصائصه الجسدية وقدراته العقلية وسماته الخاصة واحترام إمكانياته واعتماد مبدأ التشجيع المستمر وتدريبه على مراقبة سلوكه وأدائه ذاتياً. الخاتمة: أوالدنا أكبادنا تمشي على األرض ،من المهم أن نؤمن لهم حاجتهم من الرعاية واأللفة والمحبة كي نضمن إيصالهم إلى شط األمان نفسياً واجتماعياً وتربوياً .إن األدوار التي يلعبها األهلون كما المربون في حياة التالميذ هي على قدر بالغ من األهمية وتصل بالمجتمع إما إلى اإلنحدار واإلنهيار وإما إلى تكوين الذات الفردية واالجتماعية فيكون بذلك انتصار لألوطان والشعوب. المراجع: .١ريم نشابة معوض ،الولد المختلف ،دار العلم للماليين ،بيروت ،الطبعة األولى٢٠٠٤ ، .٢د .ليلى عاقوري ديراني ،الصعوبات التعلمية ،مؤسسة الحريري ،بيروت ،٢٠٠٢ .٣د .محمود ،أمان .د .صابر ،سامية .بعض الخصائص النفسية والسلوكية للتالميذ ذوي صعوبات التعلم. مجلة الطفولة العربية ،العدد ،١٩حزيران .٢٠٠٤ الهوامش: -١د .ليلي عاقوري ديراني ،الصعوبات التعلمية ،مؤسسة الحريري ،بيروت ،٢٠٠٢ص ،٢٠ -٢ريم نشابة معوض ،الولد المختلف ،دار العلم للماليين ،بيروت ،الطبعة األولى ،٢٠٠٤ص ،٤٥ -٣المرجع السابق ص٤٦ . -٤المرجع السابق ص٤٦ . -٥المرجع السابق ص - ٦١١٠١ .المرجع السابق ص٦٣ . -٧الصعوبات التعلمية ،ص٨٩ . -٨المرجع السابق ص١٤٢ . -٩المرجع السابق ص١٤٣ . ١٠المرجع السابق ص١٩٨ . -١١الولد المختلف ،ص٧٢ . -١٢المرجع السابق ص١٧٥ . -١٣هذه االرشادات وردت في مقالة للكاتب قيس ابراهيم المقدادي قي كتاب "الصعوبات التعلمية"