Telechargé par Ahmed Ilouafi

الاسماء في القرآن

publicité
1
2
‫املقدمــــة‬
‫إن الحمد هلل نحمده ونستعينه ونستغفره ‪ ,‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن‬
‫سيئات أعمالنا ‪ ,‬من يهده هللا فال مضل له ‪ ,‬ومن يضلل فال هادي له ‪,‬‬
‫وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ‪,‬‬
‫ُون )‬
‫هللا َح َّق ُت َقا ِت ِه َو َال َتمُو ُتنَّ ِإ َّال َوأَ ْن ُت ْم مُسْ لِم َ‬
‫قال تعالى ( الَّذ َ‬
‫ِين آ َم ُنوا ا َّتقُوا َّ َ‬
‫(آل عمران ‪ , )102‬وقال تعالى ( َيا أَ ُّي َها ال َّناسُ ا َّتقُوا َر َّب ُك ْم الَّذِي َخلَ َق ُك ْم ِمنْ‬
‫س َواحِدَ ٍة َو َخلَ َق ِم ْن َها َز ْو َج َها َو َب َّ‬
‫هللا‬
‫ث ِم ْن ُه َما ِر َج ًاال َك ِثيرً ا َو ِن َسا ًء َوا َّتقُوا َّ َ‬
‫َن ْف ٍ‬
‫ان َعلَ ْي ُك ْم َرقِيبًا ) (النساء ‪َ َ , )1‬ي ْغ ِفرْ لَ ُك ْم‬
‫هللا َك َ‬
‫الَّذِي َت َسا َءلُ َ‬
‫ون ِب ِه َو ْاْلَرْ َحا َم إِنَّ َّ َ‬
‫هللا َو َرسُولَ ُه َف َق ْد َف َ‬
‫از َف ْو ًزا عَظِ يمًا ) (اْلحزاب ‪) 01 , 00‬‬
‫ُذ ُنو َب ُك ْم َو َمنْ يُطِ عْ َّ َ‬
‫أما بعد‬
‫بفضل من هللا عز وجل فقد انتهيت من الجزء اْلول من سلسلة اْلسماء‬
‫وكان بعنوان ( اْلسماء البشرية في القرآن ) وقد تم طبعة في دار الشريف‬
‫ْلكثر من مرة وهذا فضل هللا ‪ ,‬ثم صدر الجزء الثاني وكان بعنوان ( أسماء‬
‫الحيوان في القرآن ) وقد تم طبعة في دار القاسم وهذا فضل هللا وكالهما‬
‫منشور باإلنترنت ‪ ,‬وكانت النية أن يكون الجزء الثالث بعنوان ( أسماء‬
‫النبات في القرآن ) وقد بدأت بجمع بعض الكتب والمراجع ووضعت خطة‬
‫مبدئية للبحث ولكن الهمة ضعفت والمشاغل كثرت وتراكمت فكانت سببا‬
‫في عدم البدء بالبحث ‪ ,‬ودام هذا لسنوات عدة حتى أنني نسيت الفكرة‬
‫وتالشت ‪ ,‬وبما أنني من محبي اإلنترنت والبحث والغوص فيه وقعت على‬
‫كتابات متفرقة هنا وهناك تتكلم بنظام اإلشارة إلى اْلسماء في القرآن‬
‫فحفظت تلك المتناثرات ونسيت كتابها ‪ ,‬ودام الحال لفترة من الزمن ‪ ,‬وها‬
‫أنا قد عدت والعود أحمد والحمد هلل أوال وآخرا ‪0‬‬
‫{ التوحيد واألحكام والقصص }‬
‫كتاب هللا ينقسم إلى ثالثة أقسام ‪:‬‬
‫فهو خير الكتب التي أنزلت ‪ ,‬وهو الباقي إلى أن تقوم الساعة ‪ ,‬قال تعالى‬
‫الذ ْك َر َو ِإ َّنا لَ ُه لَ َحاف ُ‬
‫( إِ َّنا َنحْ نُ َن َّز ْل َنا ِّ‬
‫ون )( سورة الحجر ‪ )9‬فهو محفوظ‬
‫ِظ َ‬
‫بحفظ هللا له ‪ ,‬وقد اخترت القسم الثالث ‪ ,‬وهو القصص في القرآن متتبعا ً‬
‫جميع اْلسماء الواردة فيه ‪ ,‬فصدر الجزء اْلول عن أسماء البشر والجزء‬
‫الثاني ‘ ن أسماء الحيوان ‪ ,‬واآلن بصدد الجزء الثالث وهو يحتوي على‬
‫أسماء (أس ماء المالئكة واْلصنام والمــالبس واْللــوان واْلوزان في القرآن‬
‫) ‪ ,‬أكتب حولها ما تيسر لي من معلومات ‪ ,‬وقد بذلت ما في وسعي ولم‬
‫‪3‬‬
‫آلو جهداً ما استطعت إلى ذلك سبيال في جمع المعلومات ‪ ,‬بل لقد تتبعت‬
‫جميع اْلسماء الواردة في القرآن وما كتب حولها مما تيسر لي من‬
‫معل ومات وليس بالضرورة شمولية هذه المعلومات لقصور علمي وقلة‬
‫حيلتي وهللا المستعان‪0‬‬
‫وها أنذا أضع بين يديك القسم الثالث من هذه السلسلة وهو ( أسماء‬
‫المالئكة واألصنام والمــالبس األلــوان واألوزان في القرآن ) ‪0‬‬
‫نــــــــــــداء‬
‫لكل مطلع على هذا الكتاب أن يبعث لي بأي مالحظة يالحظها من زيادة أو‬
‫نقص أو خلل يرد بين ثنايا هذا البحث وذلك من باب المناصحة في الدين ‪,‬‬
‫وتذكر قول الشافعي ‪:‬‬
‫تعمدني بنصحك بانفراد ‪ ,,,,,‬وجنبني النصيحة في الجماعة‬
‫فإن وجدت فيه خلالً فال تبخل علي بالنصيحة حتى أتداركه مستقبالً ‪ ,‬وال‬
‫تنس قول الشاعر ‪:‬‬
‫وإن تجد عيبا ً فسد الخلال ‪ ,,,,,‬قد جل من ال عيب فيه وعال‬
‫شاكراً ومقدراً لك إخالصك‪ ,,,,,, ,‬وصلى هللا وسلم على نبينا محمد ‪0‬‬
‫حممد بن فنخور العبديل‬
‫املعهد العلمي يف القريات‬
‫‪2141/21‬هـ‬
‫‪4‬‬
‫أوال ‪ :‬أمساء املالئكة يف القرآن الكريم‬
‫قال األستاذ الدكتور رفعت فوزي عبد المطلب ‪ :‬المالئكة أقسام كثيرة فمنهم‬
‫المالئكة السماويون ‪ ,‬ومنهم اْلرضيون ‪ ,‬ومنهم الصافون ‪ ,‬والمسبحون ‪,‬‬
‫كما أن منهم المدبرون الذين يدبرون اْلمر من السماء إلى اْلرض على ما‬
‫سبق به القضاء ‪ ,‬وجرى به القلم اإللهي ‪ ,‬وقد أشار هللا تعالى إليهم في‬
‫ُون )‬
‫ون َو ِإ َّنا َل َنحْ نُ ْالم َُس ِّبح َ‬
‫آيات كثيرة ‪ ,‬قال تعالى ( َو ِإ َّنا َل َنحْ نُ الصَّا ُّف َ‬
‫ت َن ْش ًطا‬
‫ت َغرْ ًقا‬
‫َوال َّناشِ َطا ِ‬
‫از َعا ِ‬
‫الصافات‪ , 166-165:‬وقال ( َوال َّن ِ‬
‫ت أَ ْمرً ا )النازعات ‪ , 5 -1‬وقد‬
‫ت َس ْب ًقا َف ْالمُدَ ب َِّرا ِ‬
‫َّاب َقا ِ‬
‫َّاب َحا ِ‬
‫ت َسبْحً ا َفالس ِ‬
‫َوالس ِ‬
‫روي في اْلثر ‪ :‬إن مالئكة هللا تعالى طوائف شتى ‪ :‬منهم الموكلون بتدبير‬
‫الكائنات ‪ ,‬ومنهم الموكل بقبض اْلرواح ‪ ,‬وفريق منهم يكتب الحسنات‬
‫والسيئات ‪ ,‬وآخر يقوم بتنمية النباتات ‪ ,‬وقد غصت بهم صفحات السماء ‪,‬‬
‫ويؤيد ذلك ما رواه اإلمام أحمد (‪ )20539‬والترمذي (‪ )2312‬وابن ماجة‬
‫(‪ )4190‬من حديث أبى ذر الغفاري رضى هللا عنه ‪ ,‬أن رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم قال ( إني أرى ما ال ترون ‪ ,‬وأسمع ما ال تسمعون ‪ّ ,‬‬
‫أطت‬
‫السماء وحق لها أن ّ‬
‫تئط ما فيها موضع أربع أصابع إال وملك واضع جبهته‬
‫ساجدا هلل ‪ ,‬وهللا لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليال ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم‬
‫بالنساء على الفراش ‪ ,‬ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى هللا تعالى ) ‪0‬‬
‫المالئكة جميعهم عباد مكرمون ‪ ,‬وهم ليسوا ذكوراً وال إناثا ً ‪ ,‬وال يأكلون ‪,‬‬
‫وال يشربون ‪ ,‬وال ينامون ‪ ,‬وال يتناسلون ‪ ,‬وال يكتب لهم عمل ‪ْ ,‬لنهم هم‬
‫الذين يكتبون أعمال العباد ‪ ,‬فهم ال يحاسبون ‪ ,‬إذ ليس لهم سيئات يسألون‬
‫عنها ‪ ,‬فلقد عصمهم هللا تعالى ‪0‬‬
‫ك ِإ َّال ه َُو ) المدثر‪, 31:‬‬
‫وال يعرف عدد المالئكة إال هللا ( َو َما َيعْ لَ ُم ُج ُنودَ َر ِّب َ‬
‫وهم من الكثرة الهائلة بقدر ما يقومون به من أعمال جليلة وكثيرة ال حصر‬
‫لها ‪ :‬من عبادة وتسبيح وتهليل وتحميد واستغفار وتمجيد ‪ ,‬فضال عما‬
‫يكلفون به من تنفيذ أوامر الخالق جل وعال في الحفاظ على مخلوقاته ‪,‬‬
‫ومعاونة اإلنسان في اْلرض ‪ ,‬وتسهيل قضاء هللا فيما أبدعه من أكوان ‪,‬‬
‫وتصريف شئون السماء واْلرض وفق حكمته وما قضت به مشيئته (‬
‫ُون ) ‪0‬‬
‫َو َي ْخلُ ُق َما َال َتعْ لَم َ‬
‫ولفظ المالئكة تكرر في القرآن الكريم أكثر من سبعين مرة ويتبين مما سبق‬
‫أن من وظائفهم ‪:‬‬
‫‪5‬‬
‫‪ -1‬التسبيح والتقديس والطاعة التامة لخالقهم عز وجل الدليل قال تعالى‬
‫ك ‪0‬‬
‫ك َو ُن َق ِّدسُ لَ َ‬
‫َو َنحْ نُ ُن َس ِّب ُح ِب َح ْم ِد َ‬
‫ون َعلَي ِْه ْم‬
‫‪ -2‬تحية المؤمنين وتعذيب الكافرين قال تعالى ( َو ْال َم َال ِئ َك ُة َي ْد ُخلُ َ‬
‫ِمنْ ُك ِّل َبا ٍ‬
‫ار )( ‪24-23‬‬
‫ب َس َال ٌم َعلَ ْي ُك ْم ِب َما َ‬
‫ص َبرْ ُت ْم َف ِنعْ َم ُع ْق َبى ال َّد ِ‬
‫ك َما َس َق ُر َال ُت ْبقِي َو َال‬
‫الرعد )‪ ,‬وقوله تعالى ( َسأُصْ لِي ِه َس َق َر َو َما أَ ْد َرا َ‬
‫ار إِ َّال‬
‫اح ٌة ل ِْل َب َش ِر َع َل ْي َها ِتسْ َع َة َع َش َر َو َما َج َع ْل َنا أَصْ َح َ‬
‫َت َذ ُر لَوَّ َ‬
‫اب ال َّن ِ‬
‫ِين أُو ُتوا‬
‫ِين َك َفرُوا لِ َيسْ َت ْيق َِن الَّذ َ‬
‫َم َال ِئ َك ًة َو َما َج َع ْل َنا عِ َّد َت ُه ْم إِ َّال ِف ْت َن ًة ِللَّذ َ‬
‫اب‬
‫ين أُو ُتوا ْال ِك َت َ‬
‫اب الَّ ِذ َ‬
‫ِين آَ َم ُنوا إِي َما ًنا َو َال َيرْ َت َ‬
‫اب َو َي ْزدَا َد الَّذ َ‬
‫ْال ِك َت َ‬
‫ُون َما َذا أَ َرا َد َّ‬
‫وب ِه ْم َم َرضٌ َو ْال َكا ِفر َ‬
‫ون َولِ َيقُو َل الَّذ َ‬
‫َو ْالم ُْؤ ِم ُن َ‬
‫هللاُ‬
‫ِين فِي قُلُ ِ‬
‫ك يُضِ ُّل َّ‬
‫هللاُ َمنْ َي َشا ُء َو َي ْهدِي َمنْ َي َشا ُء َو َما َيعْ َل ُم ُج ُنودَ‬
‫ِب َه َذا َم َث ًال َك َذلِ َ‬
‫ِي إِ َّال ِذ ْك َرى ل ِْل َب َش ِر ) ( المدثر ‪0 ) 31 -26‬‬
‫ك إِ َّال ه َُو َو َما ه َ‬
‫َر ِّب َ‬
‫‪ -3‬تبليغ ما يأمرهم هللا بتبليغه ‪0‬‬
‫ين ك َِرا ًما‬
‫‪ -4‬كتابتهم ْلعمال اإلنسان قال تعالى ( َوإِنَّ َعلَ ْي ُك ْم لَ َحافِظِ َ‬
‫ون َما‬
‫ين )( االنفطار ‪ , )11 -10‬وقال تعالى ( إِنَّ ُر ُسلَ َنا َي ْك ُت ُب َ‬
‫َكات ِِب َ‬
‫ُون )(‬
‫ُون )( يونس ‪ , )21‬وقال تعالى ( َو ُر ُسلُ َنا لَ َدي ِْه ْم َي ْك ُتب َ‬
‫َت ْم ُكر َ‬
‫الزخرف ‪0 ) 00‬‬
‫وقال الشيخ صالح بن عواد المغامسي ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬خصائص المالئكة ‪ :‬هللا جل وعال خلق الخلق أجمعين وهو غني‬
‫عنهم كل الغنى ال تنفعه طاعة طائع وال تضره معصية من عصى لحكم‬
‫كثيرة ظهر لنا بعضها وخفي عنا أكثرها وهللا جل وعال ال يسأل عما يفعل‬
‫وهم يسألون ‪ ,‬نزع هللا تعالى من المالئكة غوائل الشر قال هللا عنهم في‬
‫ُون ) ‪ ,‬وقال هللا‬
‫ون َما ي ُْؤ َمر َ‬
‫هللا َما أَ َم َر ُه ْم َو َي ْف َعلُ َ‬
‫سورة التحريم ( َال َيعْ ص َ‬
‫ُون َّ َ‬
‫تعالى في سورة اْلنبياء ( َو َقالُوا ا َّت َخ َذ الرَّ حْ َمنُ َولَداً ُسب َْحا َن ُه َب ْل عِ َبا ٌد‬
‫ُون ) فنعتهم ربهم جل وعال وهو خالقهم بأنهم عباد مكرمون ‪,‬‬
‫ُّم ْك َرم َ‬
‫وهؤالء المالئكة ال يأكلون ال يشربون ال يتناكحون ‪ ,‬ولذلك لما جاؤوا إلى‬
‫إبراهيم عليه السالم كما سيأتي تفصيال وقدم لهم اْلكل لم يستطيعوا أن‬
‫يأكلوا شيئا ً قال هللا تعالى عن إبراهيم في سورة هود ( َفلَمَّا َرأَى أَ ْي ِد َي ُه ْم الَ‬
‫س ِم ْن ُه ْم خِي َف ًة ) ‪ ,‬ذلك ْلنهم لم يفطروا أصالً ْلن‬
‫َتصِ ُل ِإلَ ْي ِه َنك َِر ُه ْم َوأَ ْو َج َ‬
‫يطعموا طعاما ً أو شرابا ً ‪ ,‬هؤالء المالئكة ُ‬
‫طبع في أذهان الناس وفطرهم‬
‫عبر التاريخ كله أنهم حسان الخلق ‪ ,‬وأنهم ذوو قدرة عظيمة وهيئة حسنة‬
‫وهذا ال جدال فيه ‪0‬‬
‫‪6‬‬
‫ثانيا ‪ :‬وظائفهم ‪ :‬جعل هللا تعالى لهم وظائف ومهام ‪ ,‬قال هللا تعالى حكاية‬
‫عنهم في سورة الصافات ( َو َما ِم َّنا ِإ َّال لَ ُه َم َقا ٌم مَّعْ لُو ٌم ) ‪ ,‬أي مهمة منزلة‬
‫مكانة أداء يؤديه ال يتأخر عنه وال يستقدم ‪ ,‬كل ذلك يجري بقدر من هللا‬
‫تعالى وعلم ‪ ,‬وهلل تبارك وتعالى اْلمر من قبل ومن بعد ‪0‬‬
‫ثالثا ‪ :‬عددهم ‪ :‬هؤالء المالئكة جم غفير ال يعلم عددهم إال هللا ‪ ,‬قال هللا‬
‫ك إِ َّال ه َُو ) ‪0‬‬
‫تعالى في سورة المدثر ( َو َما َيعْ لَ ُم جُ ُنودَ َر ِّب َ‬
‫رابعا ‪ :‬مكانهم ‪ :‬هؤالء المالئكة مواطنهم السماء ‪ ,‬يقول النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم ( أطت السماء وحق لها أن تئط ‪ ,‬وهللا ما من موضع أربعة‬
‫أصابع إال وملك واضع جبهته ساجدا هلل تعالى ) ‪ ,‬فهؤالء هم مالئكة‬
‫الرحمن صلوات هللا وسالمه عليهم أجمعين ‪0‬‬
‫عدد ذكر المالئكة في القرآن‬
‫ذكرت المالئكة في القران الكريم ( ‪ ) 60‬مرة‬
‫األول ‪ :‬جربيل عليه السالم‬
‫جبريل عليه السالم هو رئيس المالئكة الكرام ويجب اإليمان به وأنه أمين‬
‫الوحي الذي ينزل به على اْلنبياء ‪0‬‬
‫معنى االسم‬
‫يقال جبريل وجبرئيل وهي لغة تميم وقيس ‪ ,‬ويقال جبرائيل وجبراييل وقرأ‬
‫بهما ابن عباس وعكرمة ‪ ,‬ففي العقيدة المسيحية الكاثوليكية جبرائيل هي‬
‫تسمية جبريل اشتق اسمه من العبرية َغا ْف ِريأ َ ْل أو َغا ْف ِري آ ْل أي الرجل‬
‫القوي هلل ‪ ,‬وجبرائيل هي تسمية جبريل في المسيحية ‪ ,‬وهي من أسماء‬
‫جبريل عند المسلمين ‪ ,‬اشتق اسمه من العبرية َغاب ِْريأ َ ْل أو َغاب ِْري آ ْل أي‬
‫الرجل القوي هلل ‪ ,‬أما معنى كلمة جبريل فهي عبد هللا ‪0‬‬
‫وجب َْرئِي ُل ‪ُ ,‬كلُّه ‪ :‬اسم رُوح القُ ُدس‪,‬‬
‫برينُ َ‬
‫جاء في لسان العرب ‪ِ :‬جب ِْري ُل و ِج ِ‬
‫عليه الصالة والسالم ؛ قال ابن جني ‪ :‬وزن َجب َْرئِيل َفعْ لَئيل والهمزة فيه‬
‫زائدة لقولهم ِجبْريل ‪ ,‬وروي عن ابن عباس في جبريل وميكائيل ‪ :‬كقولك‬
‫عبدهللا وعبد الرحمن ؛ اْلَصمعي ‪ :‬معنى إِيل هو الربوبية فأُضيف جبر‬
‫وميكا إِليه ؛ قال أَبو عبيد ‪ :‬فكأَنَّ معناه عبد ِإيل ‪ ,‬رجل إِيل ‪ ,‬ويقال‪ :‬جبر‬
‫عبد ‪ ,‬وإِيل هو هللا ‪ ,‬الجوهري ‪َ :‬جب َْرئيل اسم ‪ ,‬يقال هو جبر أُضيف إِلى‬
‫‪0‬‬
‫وجب َْرئِل‬
‫إِيل ؛ وفيه لغات ‪َ :‬جب َْرئِي ُل مثال َجب َْرعِ يل ‪ ,‬يهمز وال يهمز ؛ َ‬
‫وجب ِْرين و ِجب ِْرين بالنون ‪0‬‬
‫مقصور ‪ :‬مثال َجب َْرعِ ٍل َ‬
‫والرُّ وح ‪ :‬ال َّن ْفسُ ‪ ,‬قال عز وجل ( ي ُْلقي الرُّ و َح من أَمره على من يشاء من‬
‫وح من أَمره ) ؛ قال أَبو العباس ‪ :‬هذا كله معناه‬
‫عباده و ُي َن ِّز ُل المالئك َة بالرُّ ِ‬
‫الوحْ يُ ‪ ,‬سمِّي رُوحا ً ْلَنه حياة من موت الكفر‪ ,‬فصار بحياته للناس كالرُّ وح‬
‫َ‬
‫اإلنسان ؛ قال ابن اْلَثير ‪ :‬وقد تكرر ذكر الرُّ وح في‬
‫الذي يحيا به جس ُد ِ‬
‫الحديث كما تكرَّ ر في القرآن ووردت فيه على معان ‪ ,‬والغالب منها أَن‬
‫المراد بالرُّ وح الذي يقوم به الجس ُد وتكون به الحياة ‪ ,‬وقد أُطلق على القرآن‬
‫والوحي والرحمة ‪ ,‬وعلى جبريل في قوله ‪ :‬الرُّ و ُح اْلَمين ؛ قال ‪ :‬ورُو ُح‬
‫صفّا ً ) ؛ قال‬
‫القُ ُدس يذ َّكر ويؤنث ‪ ,‬وقوله تعالى ( يوم َيقُو ُم الرُّ و ُح والمالئك ُة َ‬
‫باإلنس ‪ ,‬وقال ابن عباس ‪ :‬هو‬
‫الزجاج ‪ :‬الرُّ و ُح َخ ْل ٌق‬
‫كاإل ْن ِ‬
‫س وليس هو ِ‬
‫ِ‬
‫ملَك في السماء السابعة ‪ ,‬وجهه على صورة اإلنسان وجسده على صورة‬
‫المالئكة ؛ وجاء في التفسير ‪ :‬أَن الرُّ و َح ههنا جبريل ؛ ورُو ُح هللا ‪ :‬حكمُه‬
‫وأَمره ‪0‬‬
‫والرُّ و ُح ‪ :‬جبريل عليه السالم ‪ ,‬وروى اْلَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن‬
‫يحيى أَنه قال في قول هللا تعالى ( وكذلك أَوحينا إِليك رُوحا ً من أَمرنا ) ؛‬
‫قال‪ :‬هو ما نزل به جبريل من ال ِّدين فصار تحيى به الناس أَي يعيش به‬
‫الناس ؛ قال ‪ :‬وك ُّل ما كان في القرآن َف َع ْلنا ‪ ,‬فهو أَمره بأَعوانه ‪ ,‬أَمر‬
‫جبريل وميكائيل ومالئكته ‪ ,‬وما كان َف َع ْل ُ‬
‫ت ‪ ,‬فهو ما َت َفرَّ د به ؛ وأَما قوله (‬
‫وأَي َّْدناه برُوح القُ ُدس ) ‪ ,‬فهو جبريل عليه السالم ‪0‬‬
‫ورُو ُح القُ ُدس ‪ :‬جبريل عليه السالم ‪0‬‬
‫هللا ‪ ,‬فيه لُ ٌ‬
‫عيل ‪,‬‬
‫غات ‪َ :‬‬
‫وجبْرائِي ُل ‪ ,‬أي ‪ :‬عب ُد ّ ِ‬
‫وفي القاموس المحيط ‪َ :‬‬
‫كجب َْر ٍ‬
‫وجب َْرعِ ل ‪,‬‬
‫وجب‬
‫ْراعيل ‪َ ,‬‬
‫وج ْبراعِ ٍل ‪َ ,‬‬
‫ْويل ‪َ ,‬‬
‫قيل ‪َ ,‬‬
‫ٍ‬
‫وجب َْرعِ ٍل ‪ ,‬و َسم ٍ‬
‫وح ِْز ٍ‬
‫َ‬
‫الياء ِبال َه ْم ٍز ‪َ :‬جب َْر ْي ُل ‪ ,‬وبفتح اليا ِء ‪:‬‬
‫ُكون‬
‫ِ‬
‫عال ‪ ,‬وطِ رْ ٍ‬
‫وخ ْز ٍ‬
‫وبس ِ‬
‫بال ‪ِ ,‬‬
‫ون ويكس ُر ‪0‬‬
‫ْن ‪َ :‬جب َْر ِيي ُل ‪َ ,‬‬
‫وجب ِْرينُ بال ُّن ِ‬
‫َجب َْر َي ُل ‪ ,‬وبيا َءي ِ‬
‫األسماء األخرى لجبريل عليه السالم‬
‫إن لجبريل عليه السالم أسماء وأوصافا كثيرة مثل الرسول والكريم وذي‬
‫القوة والمطاع والمكين واْلمين والروح وروح القدس والروح اْلمين‬
‫الــــــروح‬
‫وقد يسمى جبريل عليه السالم بالروح قال تعالى { َفا َّت َخ َذ ْ‬
‫ت مِن ُدون ِِه ْم ح َِجابًا‬
‫ُوح َنا َف َت َم َّث َل لَ َها َب َشرً ا َس ِو ًّيا } سورة مريم ‪ , 10‬فالمقصود‬
‫َفأَرْ َس ْل َنا إِ َل ْي َها ر َ‬
‫‪0‬‬
‫بالروح سيدنا جبريل عليه السالم عندما جاء متشكال على غير هيئته‬
‫الحقيقية بسورة رجل إلى السيدة مريم عليها السالم يبشرها بعيسى ‪0‬‬
‫الروح األمين‬
‫ِ‬
‫ي}‬
‫وقد يسمى جبريل عليه السالم الروح اْلمين قال تعاىل { نََزَل بِِه ُّ‬
‫وح األَم ُ‬
‫الر ُ‬
‫سورة الشعراء ‪193‬‬
‫روح القدس‬
‫روح القدس هو جبريل عليه السالم قال النبي ‪ ‬لحسان بن ثابت ( اهجر‬
‫قريشا وروح القدس معك ) ‪ ,‬وقال له ( وجبريل معك ) ‪ ,‬وقيل سمي‬
‫جبريل بذلك الن الغالب على جسمه الروحانية وكذلك سائر المالئكة ‪ ,‬أو‬
‫ْلنه يحيا به الدين كما يحيا البدن بالروح ‪ ,‬فإنه هو المتولي إلنزال الوحي‬
‫عدد وروده في القرآن‬
‫ورد االسم بلفظ جبريل في ثالث آيات هي ‪:‬‬
‫قال تعاىل { قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا‬
‫بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِنيَ ‪ ،‬مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَالئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ‬
‫وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } سورة البقرة ‪ ، 79 -79‬وقال‬
‫تعاىل { إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ‬
‫َموْالهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِنيَ وَالْمَالئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ َظهِريٌ } سورة التحريم ‪4‬‬
‫ورد بلفظ الروح وهي ‪:‬‬
‫ت مِن دُونِهِ ْم حِجَابًا فَأَ ْر َسلْنَا ِإلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّ َل لَهَا َبشَرًا سَوِيًّا‬
‫قال تعاىل { فَاتَّخَذَ ْ‬
‫} سورة مريم ‪ ، 79‬وقال تعاىل { تَعْرُجُ الْمَالئِكَةُ وَالرُّوحُ ِإلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُ ُه‬
‫خَ ْمسِنيَ َأ ْلفَ سَنَةٍ } سورة املعارج ‪ ، 4‬وقال تعاىل { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَالئِكَ ُة‬
‫صَفًّا لّا يَتَ َكلَّمُونَ ِإالَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا } سورة النبأ ‪ ، 89‬وقال تعاىل‬
‫ُل أَمْرٍ } سورة القدر ‪0 4‬‬
‫{ تَنَزَّ ُل الْمَالئِكَةُ وَالرُّو ُح فِيهَا بِإِذْ ِن رَبِّهِم مِّن ك ِّ‬
‫‪9‬‬
‫ورد بلفظ روح القدس وهي ‪:‬‬
‫قال تعاىل { وَلَقَدْ آ َت ْينَا مُوسَى الْكِتَابَ َوقَ َّف ْينَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآ َت ْينَا عِيسَى‬
‫ابْنَ مَ ْر َيمَ ا ْلب َِّينَاتِ وَأَيَّ ْدنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَا َء ُكمْ رَسُولٌ بِمَا الَ تَ ْهوَى‬
‫أَنفُسُ ُكمُ ا ْستَ ْكبَ ْر ُتمْ فَفَرِيقاً ك ََّذ ْب ُتمْ َوفَرِيقًا تَ ْقتُلُونَ } سورة البقرة ‪ ، 99‬وقال‬
‫تعاىل { تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَ ُهمْ عَلَى َبعْضٍ ِّمنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَ َرفَعَ‬
‫بَ ْعضَ ُهمْ دَ َرجَاتٍ وَآ َت ْينَا عِيسَى ابْنَ مَ ْر َيمَ ا ْلب َِّينَاتِ وَأَيَّ ْدنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ‬
‫شَاء اللَّهُ مَا ا ْق َتتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَا َءتْ ُهمُ ا ْلب َِّينَاتُ وَلَكِنِ‬
‫ختَلَفُواْ فَ ِمنْهُم مَّ نْ آمَنَ وَ ِمنْهُم مَّن كَفَرَ وَ َلوْ شَاء اللَّهُ مَا ا ْق َتتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ‬
‫اْ‬
‫يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } سورة البقرة ‪ ، 358‬وقال تعاىل { إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى‬
‫ابْنَ مَ ْر َيمَ ا ْذكُرْ نِعْ َمتِي عَ َليْكَ وَعَلَى وَالِ َدتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَ ِّلمُ‬
‫َالتوْرَاةَ وَا ِإلجنِيلَ وَإِذْ‬
‫النَّاسَ فِي الْمَهْدِ َوكَهْالً وَإِذْ عَلَّ ْمتُكَ الْ ِكتَابَ وَا ْلحِكْمَةَ و َّ‬
‫َتخْلُقُ مِنَ الطِّنيِ كَ َه ْيئَةِ ال َّطيْرِ بِإِ ْذنِي فَتَنفُخُ فِيهَا َفتَكُونُ َطيْرًا بِإِ ْذنِي َو ُتبْرِئُ‬
‫ا َألكْمَهَ وَا َألبْرَصَ بِإِ ْذنِي وَإِذْ ُتخْرِجُ الْ َم ْوتَى بِإِ ْذنِي وَإِذْ كَفَفْتُ َبنِي إِسْرَائِيلَ‬
‫ج ْئتَ ُهمْ بِا ْلب َِّينَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ِمنْ ُهمْ إِنْ هَذَا إِالَّ ِسحْرٌ ُّمبِنيٌ }‬
‫عَنكَ إِذْ ِ‬
‫سورة املائدة ‪ ، 770‬وقال تعاىل { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِا ْلحَقِّ‬
‫ِل ُيثَبِّتَ الَّذِينَ آ َمنُو ْا وَهُدًى َوبُشْرَى لِلْمُسْلِمِنيَ } سورة النحل ‪0 703‬‬
‫ورد بلفظ الروح األمين وهي ‪:‬‬
‫قال تعاىل { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ األَ ِمنيُ } سورة الشعراء ‪778‬‬
‫‪10‬‬
‫األعمال المكلف بها‬
‫المهمة العظمى هي مهمة إبالغ الوحي ‪ ,‬وله مهام أخرى حيث قال الشيخ‬
‫صالح بن عواد المغامسي ‪ :‬وجبريل عليه الصالة والسالم لم تقتصر‬
‫مهمته مع النبي صلى هللا عليه وسلم بإنزال الوحي فقط ‪ ,‬بل تعداه إلى أمور‬
‫كثيرة ‪ ,‬فهو الذي كان يُرقي النبي صلى هللا عليه وسلم إذا مرض ‪ ,‬كما أن‬
‫جبريل عليه السالم كان يجيب على اإلشكاالت العلمية التي تأتي إلى نبينا‬
‫محمد صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬والمقصود من هذا أن جبريل كان له دور‬
‫المعلم ‪ ,‬وأحيانا يحرص جبريل على أن تكون واليته عامة ‪ ,‬والمالئكة‬
‫أولياء للمؤمنين قطعا ً وجبريل منهم ‪ ,‬وقال الدكتور عمر اْلشقر ‪ :‬لم‬
‫تقتصر مهمة جبريل على تبليغ الوحي من هللا ومنها ( تدارس القرآن مع‬
‫النبي ‪ , ‬وإمامته للنبي ‪ , ‬تعليمه للنبي ‪ ‬للوضوء ‪ ,‬ورقيته للنبي ‪, ‬‬
‫وحارب مع النبي ‪ ‬وغيرها ) ‪0‬‬
‫الثاني ‪ :‬ميكال أو ميكائيل‬
‫معنى االسم‬
‫جاء في لسان العرب ‪ :‬مِيكائي ُل ومِيكائين ‪ :‬من أَسماء المالئكة ‪ ,‬وفي‬
‫بكسرهما ‪ :‬اس ُم َملَكٍ ‪0‬‬
‫القاموس المحيط ‪ :‬ميكائي ُل وميكائينُ ‪,‬‬
‫ِ‬
‫عدد وردده في القرآن‬
‫جبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ‬
‫قال تعاىل { مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَالئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ َو ِ‬
‫عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } سورة البقرة ‪79‬‬
‫عملــــــــه ‪ :‬إنزال المطر وإنبات النبات‬
‫الثالث ‪ :‬مــــــالك‬
‫معنى االسم‬
‫جاء في الميزان في تفسير القرآن ‪ :‬مالك هو الملك الخازن للنار على ما‬
‫وردت به اْلخبار من طرق العامة و الخاصة ‪ ,‬وفي تفسير الجاللين ‪ :‬هو‬
‫‪11‬‬
‫خازن النار ‪ ,‬وفي تفسير ابن كثير ‪ :‬هو خازن النار ‪ ,‬وفي تفسير القرطبي‬
‫‪ :‬هو خازن جهنم ‪ ,‬خلقه لغضبه ؛ إذا زجر النار زجرة أكل بعضها بعضا‪0‬‬
‫عدد وردده في القرآن‬
‫قال تعاىل{ وَنَا َدوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ} الزخرف ‪99‬‬
‫عملــــــــــه ‪ :‬خازن جهنم‬
‫الرابع ‪ :‬ملك املوت ( عزرائيل )‬
‫معنى االسم‬
‫جاء في موقع ملتقى أهل الحديث ‪ :‬عزرائيل معناه ‪ :‬عبد هللا ‪ ,‬ذكر بعض‬
‫اللغويين ‪ :‬أن العزر يطلق على النصر والمنع والتوقيف على أمور الدين ‪,‬‬
‫قال عزرته أعزره عزراً أي نصرته وعظمته ‪ ,‬قالوا ‪ :‬والعزار الصلب من‬
‫كل شيء ‪ ,‬فإن كان عزرائيل في اْلصل عزر بالعربي أضيف إلى أيل ‪,‬‬
‫ف لعله مأخوذ من الصالبة ونحو ذلك مما يناسب حال ملك الموت عليه‬
‫السالم وهللا سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ‪0‬‬
‫جمهور المفسرين على أن هذه اْلسماء كجبريل وميكائيل واسرافيل‬
‫وعزرائيل باللغة السريانية ‪ ,‬وقال بعضهم ‪ :‬هي عبرانية ومنهم من يدل‬
‫كالمه على أن بعضها عربية كجبرائيل وعزرائيل ‪ ,‬واختلفوا في معنى إيل‬
‫فقيل هو من أسماء هللا واْلربعة بمعنى عبد ‪ ,‬وقيل بالعكس ‪ ,‬وفي تهذيب‬
‫األسماء للشيخ محيي الدين ‪ :‬قال جماعة من المفسرين وصاحب المحكم‬
‫والجوهري وغيرهما من أهل اللغة ‪ :‬إن جبر وميك اسمان أضيفا إلى إيل‬
‫وال وهما اسمان هلل تعالى ‪ ,‬ومعنى جبر وميك بالسريانية عبد ‪ ,‬فتقديره ‪:‬‬
‫عبد هللا ‪ ,‬قال ‪ :‬وقال أبو علي الفارسي هذا الذي قالوه خطأ من وجهين‬
‫أحدهما ‪ :‬أن أيل وال ال يعرفان في أسماء هللا تعالى‬
‫الثاني ‪ :‬أنه لو كان كذلك لم يضف آخر االسم في وجوه العربية ولكان‬
‫آخره مصروفا ً أبدا كعبد هللا ‪ ,‬قال النووي ‪ :‬وهذا الذي قاله أبو علي هو‬
‫الصواب فإن الذي زعموه باطل ال أصل له ‪ ,‬لكن في إطالقه البطالن نظر‬
‫‪ ,‬فإنه قول ترجمان القرآن عبد هللا بن عباس ومن تبعه بل جاء ذلك مرفوعا ً‬
‫قال البخاري في الصحيح في تفسير سورة البقرة وقال عكرمة جبر وميك‬
‫وسراف عبد إيل هللا وصله أبو جعفر الطبري من طريق حاتم بن سليمان‬
‫‪12‬‬
‫عن عكرمة قال جبريل ‪ :‬اسمه عبد هللا وميكائيل اسمه عبد هللا ومن طريق‬
‫حصين عن عكرمة قال جبر عبد أيل هللا وميك عبد أيل هللا ‪ ,‬ومن طريق‬
‫يزيد النجوى عن عكرمة عن ابن عباس قال ‪ :‬كل اسم فيه أيل فهو هللا ‪,‬‬
‫وأخرج أبو عبيد في الغريب مرفوعا ً وموقوفا ً عن ابن عباس قال ‪ :‬جبريل‬
‫وميكائيل مثل قولك عبد هللا وعبد الرحمن وأسند عن يحيى بن يعمر أنه‬
‫كان يقرؤها جبرال بتشديد الالم ويقول جبر عبد وال هللا وأخرج أبو نعيم‬
‫الحارثي من وجه آخر عن ابن عباس جبريل وميكائيل جبر عبد وميك عبد‬
‫مثل قولك عبد هللا وعبد الرحمن ‪ ,‬فقول النووي ال أصل له عجبت منه وأي‬
‫أصل أعظم من هذا ‪0‬‬
‫والجواب عن إشكال الفارسي واضح ‪:‬‬
‫أوالً ‪ :‬فإن أيل وميك ليسا باللغة العربية حتى يدعي عدم كونهما من أسماء هللا‬
‫ثانيا ً ‪ :‬فعدم الصرف للعجمة والعلمية وإليه وقد وقع في كالم أبي العالء‬
‫الم عري في رسالة الغفران قد علم الجبر الذي نسب إليه جبريل ونسب‬
‫لمعنى أضيف ‪ ,‬والحاصل أنه اسم مركب من جزأين وليس عربيا ً ‪0‬‬
‫هل ثبت اسم عزرائيل‬
‫قال الشيخ األلباني رحمه هللا في كتابه شرح العقيدة الطحاوية الصفحة‬
‫‪ 27‬عن تسمية ملك الموت بعزرائيل ‪ :‬قلت ‪ :‬هذا هو اسمه في القرآن‬
‫وأما تسميته بعزرائيل كما هو الشائع بين الناس فال أصل له وإنما هو من‬
‫اإلسرائيليات ‪ ,‬وقال الشيخ صالح بن عواد المغامسي ‪ :‬أما ملك الموت‬
‫فلم يرد نص صريح في اسمه ‪ ,‬لكن هللا أوكل إليه قبض اْلرواح ‪ ,‬ثمة ملك‬
‫ينفخ في أجسادنا ونحن أجنة في بطون أمهاتنا ‪ ,‬وملك آخر هو ملك الموت‬
‫ك‬
‫أرفع قدرا يقبضها ‪ ,‬قال هللا تعالى في سورة السجدة ( قُ ْل َي َت َو َّفا ُكم َّم َل ُ‬
‫ُون ) ‪ ,‬وجاء في موقع ملتقى أهل‬
‫ْال َم ْو ِ‬
‫ت الَّذِي وُ ِّك َل ِب ُك ْم ُث َّم إِلَى َر ِّب ُك ْم ُترْ َجع َ‬
‫الحديث ‪ :‬لكن هذه التسمية لملك الموت ليست مشهورة بين العوام فقط ‪ ,‬بل‬
‫مشهورة أيضا ً بين العلماء ‪ ,‬ولذلك قال شيخ اإلسالم لما سئل كما في‬
‫مجموع الفتاوى ‪ :‬هل كل الخلق يموتون ‪ ,‬قال ‪ :‬حتى ملك الموت عزرائيل‬
‫‪ ,‬وذكر جمع من المفسرين أن اسم ملك الموت ‪ :‬عزرائيل كما في فتح‬
‫القدير ومعالم التنزيل وروح المعاني وغيرها من كتب التفاسير ‪ ,‬والتسمية‬
‫بعزرائيل وردت في بعض اآلثار الضعيفة ‪ ,‬واشتهرت على ألسنة العلماء‬
‫ولم يرتبط بها عمل وال حكم شرعي ‪ ,‬فال بأس أن نأخذ بها وهللا أعلم ‪0‬‬
‫‪13‬‬
‫عدد وردده في القرآن‬
‫ملك الموت لم يذكر له اسم آخر في القرآن‬
‫جعُونَ ) السجدة ‪77‬‬
‫قال تعاىل ( قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّ َلكُ الْمَ ْوتِ الَّذِي وُكِّ َل بِكُ ْم ثُمَّ إِلَى رَبِّكُ ْم تُرْ َ‬
‫عملــــــــه ‪ :‬قبض اْلرواح‬
‫اخلامس ‪ :‬هاروت وماروت‬
‫معنى االسم‬
‫هاروت وماروت اسمان أعجميان لملكين من المالئكة ‪ ,‬وقيل لملكين من‬
‫ملوك بابل كا ًنا معاصرين لنبي هللا إدريس عليه السالم ‪ ,‬وقيل ‪ :‬كانا بعد‬
‫نبي هللا نوح عليه السالم ‪ ,‬وكلمة هاروت تعني الخصام ‪ ,‬وماروت معناها‬
‫‪ :‬السيادة والسلطة ‪0‬‬
‫هل هما من المالئكة‬
‫قال ابن كثير ‪ :‬وذهب كثير من السلف إلى أنهما كانا ملكين من السماء ‪,‬‬
‫وكان من أمرهما ما كان ‪ ,‬وقد ورد في ذلك حديث مرفوع رواه اإلمام‬
‫أحمد في مسنده ‪ ,‬وعلى هذا فيكون الجمع بين هذا وبين ما ورد من الدالئل‬
‫على عصمة المالئكة أن هذين سبق في علم هللا لهما هذا‪ ,‬فيكون تخصيصا ً‬
‫لهما ‪ ,‬فال تعارض حينئذ ‪ ,‬كما سبق في علمه من أمر إبليس ما سبق ‪ ,‬مع‬
‫أن شأن هاروت وماروت على ما ذكر أخف مما وقع من إبليس لعنه هللا ‪0‬‬
‫السحر‬
‫وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه هللا ‪ :‬وكذلك اتبع اليهو ُد‬
‫َ‬
‫الذي أُنزل على الملَكين ‪ ,‬الكائنين بأرض بابل ‪ ,‬من أرض العراق ‪ ,‬أنزل‬
‫عليهما السحر ؛ امتحانا ً وابتال ًء من هللا لعباده ‪ ,‬فيعلمانهم السحر ( َو َما‬
‫ان ِمنْ أَ َح ٍد َح َّتى ) ينصحاه ‪ ,‬و( َي ُقوال إِ َّن َما َنحْ نُ ِف ْت َن ٌة َفال َت ْكفُرْ ) أي ‪ :‬ال‬
‫ُي َعلِّ َم ِ‬
‫تتعلم السحر فإنه كفر ‪ ,‬فينهيانه عن السحر ‪ ,‬ويخبرانه عن مرتبته ‪ ,‬وجاء‬
‫في موقع اإلسالم ويب ‪ :‬فيقول هللا سبحانه ( َوا َّت َبعُوا َما َت ْتلُوا ال َّشيَاطِ ينُ َعلَى‬
‫اس السِّحْ َر‬
‫ُون ال َّن َ‬
‫ين َك َفرُوا ُي َعلِّم َ‬
‫ان َو َما َك َف َر ُسلَ ْي َمانُ َولَكِنَّ ال َّش َياطِ َ‬
‫م ُْلكِ ُسلَ ْي َم َ‬
‫ُ‬
‫ُوت َو َمار َ‬
‫ْن ِب َب ِاب َل َهار َ‬
‫ان ِمنْ أَ َح ٍد َح َّتى‬
‫ُوت َو َما ُي َعلِّ َم ِ‬
‫َو َما أ ْن ِز َل َعلَى ْال َملَ َكي ِ‬
‫ون ِب ِه َبي َْن ا ْل َمرْ ِء‬
‫ُون ِم ْن ُه َما َما ُي َفرِّ قُ َ‬
‫َيقُوال إِ َّن َما َنحْ نُ ِف ْت َن ٌة َفال َت ْكفُرْ َف َي َت َعلَّم َ‬
‫هللا ) البقرة ‪ ( 102‬فقد جاء‬
‫ين ِب ِه ِمنْ أَ َح ٍد ِإ َّال ِبإِ ْذ ِن َّ ِ‬
‫ضارِّ َ‬
‫َو َز ْو ِج ِه َو َما ُه ْم ِب َ‬
‫في تفسير أول اآلية أن السحر كان قد فشا في زمن سليمان عليه السالم ‪,‬‬
‫‪14‬‬
‫وزعم الكهنة أن الجن تعلم الغيب ‪ ,‬وأن السحر هو علم سليمان ‪ ,‬وادعت‬
‫ذلك اليهود ‪ ,‬وقالوا ‪ :‬ما تم ملكه إال بسحرة اإلنس والجن والطير والريح ‪,‬‬
‫فرد هللا سبحانه عليهم مبرئأ ً نبيه سليمان من ذلك ‪ ,‬وذلك بقوله ( َو َما َك َف َر‬
‫ين َك َفرُوا ) وأما هاروت وماروت ‪ ,‬فقد اختلفت أقوال‬
‫ُسلَ ْي َمانُ َولَكِنَّ ال َّشيَاطِ َ‬
‫المفسرين فيهما ‪ ,‬فذكروا في ذلك قصصا ً كثيرة معظمها إسرائيليات ال‬
‫تصح ‪ ,‬وأصح ما ذكر من اآلثار في ذلك ما أخرجه أحمد في مسنده وابن‬
‫حبان في صحيحه عن ابن عمر رضي هللا عنهما أنه سمع النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم يقول ( إن آدم عليه السالم لما أهبطه هللا إلى اْلرض قالت‬
‫المالئكة أي رب ‪ :‬أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ‪ ,‬ونحن نسبح‬
‫بحمدك ونقدس لك ؟ قال ‪ :‬إني أعلم ما ال تعلمون ‪ ,‬قالوا ‪ :‬ربنا نحن أطوع‬
‫لك من بني آدم ‪ ,‬قال هللا تعالى للمالئكة ‪ :‬هلموا ملكين من المالئكة حتى‬
‫نهبطهما إلى اْلرض ‪ ,‬فننظر كيف يعملون ‪ ,‬قالوا ‪ :‬ربنا هاروت وماروت‬
‫‪ ,‬فأهبطا إلى اْلرض ‪ ,‬ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر‪,‬‬
‫فجاءتهما فسأالها نفسها ‪ ,‬فقالت ‪ :‬ال وهللا حتى تتكلما بهذه الكلمة من‬
‫اإلشراك ‪ ,‬فقاال ‪ :‬وهللا ال نشرك باهلل شيئا ً أبداً‪ ,‬فذهبت عنهما ‪ ,‬ثم رجعت‬
‫بصبي تحمله ‪ ,‬فسأالها نفسها ‪ ,‬فقالت ‪ :‬ال وهللا حتى تقتال هذا الصبي ‪,‬‬
‫فقاال ‪ :‬ال وهللا ال نقتله أبداً‪ ,‬فذهبت ‪ ,‬ثم رجعت بقدح خمر تحمله ‪ ,‬فسأالها‬
‫نفسها ‪ ,‬فقالت ‪ :‬ال وهللا حتى تشربا هذا الخمر‪ ,‬فشربا فسكرا‪ ,‬فوقعا عليها‪,‬‬
‫وقتال الصبي‪ ,‬ولما أفاقا ‪ ,‬قالت المرأة ‪ :‬وهللا ما تركتما شيئا ً أبيتماه إال قد‬
‫فعلتماه حين سكرتما ‪ ,‬فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب اآلخرة ‪ ,‬فاختارا‬
‫عذاب الدنيا فالراجح من أقوال أهل التفسير أنها ملكان من المالئكة ‪,‬‬
‫ويجاب عما وقع منهما مع عصمة المالئكة من الوقوع في الذنوب بأجوبة ‪,‬‬
‫أفضل ما وقعنا عليه منها ما قال ابن كثير وإليك نصه ( وذهب كثير من‬
‫السلف إلى أنهما كانا ملكين من السماء ‪ ,‬وكان من أمرهما ما كان ‪ ,‬وقد‬
‫ورد في ذلك حديث مرفوع رواه اإلمام أحمد في مسنده ‪ ,‬وعلى هذا فيكون‬
‫الجمع بين هذا وبين ما ورد من الدالئل على عصمة المالئكة أن هذين سبق‬
‫في علم هللا لهما هذا‪ ,‬فيكون تخصيصا ً لهما ‪ ,‬فال تعارض حينئذ ‪ ,‬كما سبق‬
‫في علمه من أمر إبليس ما سبق ‪ ,‬مع أن شأن هاروت وماروت على ما‬
‫ذكر أخف مما وقع من إبليس لعنه هللا تعالى ) انتهى ‪ ,‬وقال ابن حجر‬
‫الهيتمي في الزواجر ‪ (:‬ويجاب أن عصمة المالئكة ما داموا بوصف‬
‫المالئكة ‪ ,‬أما إذا انتقلوا إلى وصف اإلنسان فال ) انتهى ‪ ,‬وأما تعليمهما‬
‫السحر‪ ,‬فإنه كان لغرض صحيح ‪ ,‬وهو بيان حقيقة السحر للناس ‪ ,‬وأنه من‬
‫‪15‬‬
‫فعل الشياطين ‪ ,‬وأنه كفر وحرام ‪ ,‬وقال بعض أهل العلم ‪ :‬إنما نزال لبيان‬
‫اجتناب السحر ال لبيان فعله وهللا أعلم ‪ ,‬وجاء في موقع إسالم ويب ‪:‬‬
‫فالراجح من أقوال أهل التفسير أنها ملكان من المالئكة ‪ ,‬ويجاب عما وقع‬
‫منهما مع عصمة المالئكة من الوقوع في الذنوب بأجوبة ‪ ,‬أفضل ما وقعنا‬
‫عليه منها ما قال ابن كثير وإليك نصه ( وذهب كثير من السلف إلى أنهما‬
‫كانا ملكين من السماء ‪ ,‬وكان من أمرهما ما كان ‪ ,‬وقد ورد في ذلك حديث‬
‫مرفوع رواه اإلمام أحمد في مسنده ‪ ,‬وعلى هذا فيكون الجمع بين هذا وبين‬
‫ما ورد من الدالئل على عصمة المالئكة أن هذين سبق في علم هللا لهما‬
‫هذا‪ ,‬فيكون تخصيصا ً لهما ‪ ,‬فال تعارض حينئذ ‪ ,‬كما سبق في علمه من‬
‫أمر إبليس ما سبق ‪ ,‬مع أن شأن هاروت وماروت على ما ذكر أخف مما‬
‫وقع من إبليس لعنه هللا تعالى ) انتهى ‪ ,‬وقال ابن حجر الهيتمي في‬
‫الزواجر ( ويجاب أن عصمة المالئكة ما داموا بوصف المالئكة ‪ ,‬أما إذا‬
‫انتقلوا إلى وصف اإلنسان فال )‪0‬‬
‫عدد وردده في القرآن‬
‫قال تعاىل ( وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِنيُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ‬
‫الشَّيَاطِنيَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُن ِزلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ‬
‫وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُوالَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَالَ تَكْ ُفرْ فَيَتَعَلَّمُونَ‬
‫مِ ْنهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَ َزوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِالَّ بِإِذْنِ‬
‫اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَالَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَِلمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي اآلخِرَةِ‬
‫مِ ْن خَالقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَ َروْا بِهِ أَنفُ َسهُمْ َلوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ) البقرة ‪703‬‬
‫عملــــــــــه‬
‫َ‬
‫الفرق بين‬
‫للناس‬
‫يعتقد المسلمون أن الملَكين هاروت وماروت نزال ليظهرا‬
‫ِ‬
‫السحر المطلوب تج ُّنبه ‪ ,‬وبين المعجز ِة التي هي دلي ُل نبوّ ة اْلنبياء عليه ُم‬
‫إنذار ال تعلي َم تشجيع له ‪ ,‬كأنهما يقوالن ‪ :‬ال‬
‫السالم ‪ ,‬فكانا يعلّمان تعلي َم‬
‫ٍ‬
‫السحر معتق ًدا أ ّنه ّ‬
‫حق فتكفُ َر‬
‫تفعل كذا ‪ ,‬أو يقوالن ‪ :‬فال تكفر ‪ ,‬أي فال تتعلم‬
‫َ‬
‫‪ ,‬ف اهلل تعالى إنما أنزلهما ليحصل بسبب إرشادهما الفرق بين الحق الذي‬
‫جاء به سليمان وأتم له هللا به ملكه ‪ ,‬وبين الباطل الذي جاءت الكهنة به من‬
‫‪16‬‬
‫السحر ‪ ,‬ليفرق بين المعجزة والسحر ‪ ,‬فقد كانا يحذران الذين يتعلمون‬
‫السحر على أيديهما أنه عمل يؤثر على عقيدة ممارسه ْلنه يؤدي إلى الكفر‬
‫‪ ،‬وجاء في موقع إسالم ويب ‪ :‬وأما تعليمهما السحر‪ ,‬فإنه كان لغرض‬
‫صحيح ‪ ,‬وهو بيان حقيقة السحر للناس ‪ ,‬وأنه من فعل الشياطين ‪ ,‬وأنه‬
‫كفر وحرام ‪ ,‬وقال بعض أهل العلم ‪ :‬إنما نزال لبيان اجتناب السحر ال لبيان‬
‫فعله‪0‬‬
‫السادس ‪ :‬رقيب و عتيد‬
‫معنى االسم‬
‫ُ‬
‫الحافظ ‪ ,‬والرقيبُ ال ُم ْن َتظِ ُر ‪ ,‬تقول ‪:‬‬
‫الص ّحاح في اللغة ‪ :‬الرقيبُ ‪:‬‬
‫في‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫َر َقب ُ‬
‫ص ْد َت ُه ‪,‬‬
‫ور ْقبانا ً بالكسر فيهما ‪ ,‬إذا َر َ‬
‫ور ْق َب ًة ِ‬
‫ْت الشي َء أرْ ُق ُب ُه رُقوبا ً ‪ِ ,‬‬
‫هللاُ ‪ ,‬والحاف ُ‬
‫وفي القاموس المحيط ‪ :‬الرَّ قيبُ ‪َّ :‬‬
‫ِظ ‪ ,‬وال ُم ْن َتظِ ُر ‪ ,‬وفي‬
‫مقاييس اللغة ‪ :‬الراء والقاف والباء أص ٌل واح ٌد ّ‬
‫مطرد ‪ ,‬يد ّل على انتصا ٍ‬
‫ب‬
‫لمراعا ِة شي ٍء ‪ ,‬من ذلك الرَّ قِيب ‪ ,‬وهو الحافِظ ‪ ,‬يقال منه َر َقب ُ‬
‫ْت أرْ َقب ِر ْقبة‬
‫ور ْقبانا ً ‪0‬‬
‫ِ‬
‫الرقيب والعتيد ملكان يكتبان ‪ ,‬يكتب أحدهما الحسنات واآلخر السيئات ‪,‬‬
‫الذي على اليمين يكتب الحسنات ‪ ,‬والذي على الشمال يكتب السيئات ‪0‬‬
‫قال القرطبي في تفسيره ‪ :‬أي ما يتكلم بشيء إال كتب عليه ؛ مأخوذ من‬
‫لفظ الطعام وهو إخراجه من الفم ‪0‬‬
‫وفي الرقيب ثالثة أوجه ‪:‬‬
‫أحدها ‪ :‬أنه المتبع لألمور ‪0‬‬
‫الثاني ‪ :‬أنه الحافظ ‪ ,‬قاله السدي ‪0‬‬
‫الثالث ‪ :‬أنه الشاهد ‪ ,‬قاله الضحاك ‪0‬‬
‫وفي العتيد وجهان ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أنه الحاضر الذي ال يغيب ‪0‬‬
‫الثاني ‪ :‬أنه الحافظ المعد إما للحفظ وإما للشهادة ‪ ,‬قال الجوهري ‪ :‬العتيد‬
‫الشيء الحا ضر المهيأ ؛ وقد عتده تعتيدا وأعتده إعتادا أي أعده ليوم ‪ ,‬ومنه‬
‫قوله تعالى ( وأعتدت لهن متكأ ) [ يوسف ‪ ] 31 :‬وفرس عتد وعتد بفتح‬
‫التاء وكسرها المعد للجري ‪ ,‬قلت وكله يرجع إلى معنى الحضور ‪ ,‬قال أبو‬
‫الجوزاء ومجاهد ‪ :‬يكتب على اإلنسان كل شيء حتى اْلنين في مرضه ‪,‬‬
‫‪10‬‬
‫وقال عكرمة ‪ :‬ال يكتب إال ما يؤجر به أو يؤزر عليه ‪ ,‬وقيل ‪ :‬يكتب عليه‬
‫كل ما يتكلم به ‪ ,‬فإذا كان آخر النهار محي عنه ما كان مباحا ‪ ,‬نحو انطلق‬
‫اقعد كل ‪ ,‬مما ال يتعلق به أجر وال وزر ‪ ,‬وهللا أعلم ‪ ,‬وفي تفسير الجاللين‬
‫( ما يلفظ من قول إال لديه رقيب) حافظ (عتيد) حاضر وكل منهما بمعنى‬
‫المثنى ‪0‬‬
‫عدد وردده في القرآن‬
‫قال تعاىل ( مَا َيلْفِ ُظ مِن قَ ْو ٍل إِالَّ لَدَيْ ِه رَقِيبٌ عَتِي ٌد ) ق ‪79‬‬
‫عملهما ‪ :‬كتابة أعمال بني آدم‬
‫السابع ‪ :‬إسرافيل ( النافخ يف الصور )‬
‫معنى االسم‬
‫في لسان العرب ‪ :‬إِسْ رافِي ُل وإِسْ رافِينُ وكان ال َقنانيُّ يقول َسرافِيل و َسرافِين‬
‫وإِسْ رائيل وإِسْ رائِينُ ‪ ,‬وزعم يعقوب أَنه بد ٌل اس ُم َملَكٍ ‪ ,‬قال‪ :‬وقد تكون‬
‫همزة إِسْ رافِيل أَصالً فهو على هذا ُخماسيَّ ‪ ,‬وإسرافي ُل ‪ :‬اسم أعْ جمي كأَنه‬
‫ين‬
‫مضاف إلى إيل ‪ ,‬قال اْلخفش ‪ :‬ويقال في لغة إسْ رافِينُ كما قالوا ِجب ِْر َ‬
‫ِين وإسْ رائين ‪ّ ,‬‬
‫بكسر‬
‫وهللا أَعلم ‪ ,‬وفي القاموس المحيط ‪ :‬اسْ رافي ُل ‪,‬‬
‫وإِسْ مع َ‬
‫ِ‬
‫الهمز ِة ‪ :‬اس ُم َملَكٍ ‪ ,‬وقيل ُخماسِ يٌّ َهمْ َزت ُه أصْ لِي ٌَّة ‪ ,‬وإسْ َرافِي ُل ‪ :‬لُ َغ ٌة في‬
‫إسْ‬
‫رافين ‪ ,‬أعْ َجمِيٌّ مُضافٌ إلى إي َل ‪ ,‬وفي العباب الزاخر ‪ :‬واسرافيل اسم‬
‫َ‬
‫أعجمي كأنه مضاف إلى إيل ‪ ,‬قال اْلخفش ‪ :‬ويقال في لغة ‪ :‬اسْ َرا ِفيْنُ ؛‬
‫كما قالوا جبرين واسماعين واسْ َرائينُ ‪0‬‬
‫عدد وردده في القرآن‬
‫قال الشيخ صالح بن عواد المغامسي ‪ :‬لم يذكر في القرآن الكريم باسم‬
‫إسرافيل ولكنه ذكر بصفته وهو النفخ بالصور ‪ ,‬قال أما إسرافيل فقد أوكل‬
‫هللا جل وعال إليه النفخ في الصور ‪ ,‬قال هللا في سورة الزمر ( َو ُنف َِخ فِي‬
‫ض إِ َّال َمن َشاء َّ‬
‫صع َ‬
‫هللاُ ) ‪ ,‬فالذي‬
‫ِق َمن فِي ال َّس َم َاوا ِ‬
‫ُّور َف َ‬
‫ت َو َمن فِي ْاْلَرْ ِ‬
‫الص ِ‬
‫ينفخ إسرافيل ‪ ,‬وأوكل هللا تعالى إليه أن يتقدم إسرافي ُل بعد النفخ ِة الثانية‬
‫الخلق أجمعين وهم يُحشرون إلى أرض المحشر يقول هللا تعالى في سورة‬
‫ُون ال َّداعِ َي َال عِ َو َج لَ ُه ) فالداعي‬
‫طه ( َي ْو َم ِئ ٍذ ( أي في يوم المحشر ) َي َّت ِبع َ‬
‫ُ‬
‫والخلق يتبعونه وال يحيدون ال ميمنة وال ميسرة عن مسيره ‪,‬‬
‫هو إسرافيل‬
‫‪10‬‬
‫ث )‬
‫اش ْال َمب ُْثو ِ‬
‫و هللا يقول في سورة القارعة ( َي ْو َم َي ُكونُ ال َّناسُ َك ْال َف َر ِ‬
‫والفراش من وصفه أنه يموج بعضه في بعض يتخبط ‪ ,‬في حين أن الجراد‬
‫يمشي على هيئة واحدة ليس كالفراش كما قال هللا في سورة القمر ( َكأ َ َّن ُه ْم‬
‫َج َرا ٌد مُّن َتشِ ٌر ) وذلك أن الناس أول ما يبعثون قبل أن يسمعوا إسرافيل ال‬
‫يدرون أين يذهبون ‪ ,‬ثم عندما يسمعون نداء إسرافيل يجتمعون كالجراد‬
‫المنتشر و يسيرون خلفه يتبعونه كما قال هللا إلى أرض المحشر وهي أرض‬
‫بيضاء نقية لم يُعص هللا تعالى فيها قط ‪0‬‬
‫عملـــــــــه ‪ :‬النفخ في الصور يوم القيامة‬
‫الثامن ‪ :‬محلـــة العرش‬
‫هل حملة العرش مالئكة‬
‫قال الشيخ تميم بن عبد العزيز القاضي ‪ :‬فإن كون عرش الرحمن له حملة‬
‫يحملونه هو أمر ثابت في الكتاب والسنة ‪ ,‬فقد جاء ذكر حملة العرش في‬
‫ش َو َمنْ َح ْو َل ُه‬
‫ون ْال َعرْ َ‬
‫ِين َيحْ ِملُ َ‬
‫موضعين من القرآن الكريم قال تعالى { الَّذ َ‬
‫ِين آ َم ُنوا َر َّب َنا َوسِ عْ َ‬
‫ت ُك َّل‬
‫ُون لِلَّذ َ‬
‫ون ِب ِه َو َيسْ َت ْغ ِفر َ‬
‫ُون ِب َح ْم ِد َرب ِِّه ْم َوي ُْؤ ِم ُن َ‬
‫ُي َس ِّبح َ‬
‫ك َوق ِِه ْم َع َذ َ ْ‬
‫َشيْ ٍء رَّ حْ َم ًة َوعِ ْلمًا َف ْ‬
‫ِيم } ‪,‬‬
‫ِين َتابُوا َوا َّت َبعُوا َس ِبيلَ َ‬
‫اغ ِفرْ لِلَّذ َ‬
‫اب ال َجح ِ‬
‫ك َف ْو َق ُه ْم َي ْو َم ِئ ٍذ َث َما ِن َي ٌة } ‪ ,‬فاآليتان تدالن على‬
‫ش َر ِّب َ‬
‫وقال تعالى { َو َيحْ ِم ُل َعرْ َ‬
‫أن لعرش هللا حملة يحملونه اليوم ويوم القيامة ‪ ,‬والقول بأن حملة العرش‬
‫هم من المالئكة هو قول السلف الذين يثبتون العرش على أنه جسم عظيم‬
‫خلقه هللا فوق العالم وأن هللا استوى عليه بعد أن خلق السموات واْلرض ‪,‬‬
‫وهذا ما جاء به القرآن والسنة وأجمع عليه السلف من الصحابة والتابعين‬
‫ومن تبعهم ‪0‬‬
‫عدد حملة العرش‬
‫قال الشيخ تميم بن عبد العزيز القاضي ‪ :‬مما تقدم تقرر أن لعرش هللا حملة‬
‫من المالئكة يحملونه بقدرة هللا ‪ ,‬وقد أخبرنا هللا تعالى أنهم يوم القيامة‬
‫ثمانية ‪ ,‬ولكن اختلف في هؤالء الثمانية هل هم ثمانية أمالك أم ثمانية‬
‫أصناف أم صفوف وهل هم اليوم ثمانية أم أقل على عدة أقوال ‪:‬‬
‫القول األول ‪ :‬إن المراد ثمانية صفوف من المالئكة ال يعلم عدتهم إال هللا ‪0‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬أنهم ثمانية أجزاء من تسعة أجزاء من المالئكة ‪0‬‬
‫القول الثالث ‪ :‬إن حملة العرش هم اليوم ويوم القيامة ثمانية من المالئكة ‪0‬‬
‫‪19‬‬
‫القول الرابع ‪ :‬إن حملة العرش اليوم أربعة من المالئكة ويوم القيامة ثمانية‬
‫‪ ,‬ولعل هذا القول هو اْلقرب إلى الصواب ‪ ,‬ولكن ليس هناك نص صريح‬
‫عن النبي صلى هللا عليه وسلم في المسألة وهللا أعلم ‪0‬‬
‫عدد ورده في القرآن‬
‫حوْلَهُ يُسَبِّحُونَ ِبحَمْدِ رَبِّهِمْ‬
‫قال تعاىل { الَّذِينَ َيحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ َ‬
‫َو ُيؤْ ِمنُونَ بِهِ َويَ ْستَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آ َمنُوا ر ََّبنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَ ْيءٍ َّرحْمَةً وَعِلْمًا‬
‫جحِيمِ } سورة غافر ‪، 9‬‬
‫َاتبَعُوا َسبِيلَكَ َوقِ ِهمْ عَذَابَ ا ْل َ‬
‫فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا و َّ‬
‫وقال تعاىل { َو َيحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ َف ْوقَهُمْ َيوْ َمئِذٍ ثَمَا ِنيَةٌ } سورة احلاقة ‪0 79‬‬
‫عمل حملة العرش ‪ :‬هو حمل عرش الرحمن‬
‫التاسع ‪ :‬كرام كاتبني‬
‫قال ابن كثير في تفسيره ‪َ :‬قا َل ِابْن أَ ِبي َحاتِم َح َّد َث َنا أَ ِبي َح َّد َث َنا َعلِيّ بْن م َُحمَّد‬
‫َّ‬
‫الط َنافِسِ يّ َح َّد َث َنا َوكِيع َح َّد َث َنا ُس ْف َيان َو ِمسْ َعر َعنْ َع ْل َق َمة بْن َمرْ َثد َعنْ م َُجاهِد‬
‫صلَّى َّ‬
‫َقا َل ‪َ :‬قا َل َرسُول َّ‬
‫ِين َال‬
‫ين الَّذ َ‬
‫هللا َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ( أَ ْك ِرمُوا ْالك َِرام ْال َكات ِِب َ‬
‫هللا َ‬
‫ْن ْال َج َنا َبة َو ْال َغائِط َفإِ َذا ا ِْغ َت َس َل أَ َحد ُك ْم َف ْل َيسْ َت ِترْ‬
‫ارقُو َن ُك ْم ِإ َّال عِ ْند إِحْ دَى َحالَ َتي ِ‬
‫ُي َف ِ‬
‫َ‬
‫ِير ِه أَ ْو ِل َيسْ ُتر ُه أَ ُخوهُ ) ‪َ ,‬و َق ْد َر َوا ُه ْال َحافِظ أَبُو َب ْكر ْال َب َّزار‬
‫ِب ِجرْ ِم َحائِط أ ْو ِب َبع ِ‬
‫آخر َف َقا َل َح َّد َث َنا م َُحمَّد بْن َع َّفان بْن َك َرا َمة َح َّد َث َنا ُع َبيْد َّ‬
‫صلَ ُه ِبلَ ْفظٍ َ‬
‫هللا بْن‬
‫َف َو َ‬
‫مُو َسى َعنْ َح ْفص بْن ُسلَ ْي َمان َعنْ َع ْل َق َمة بْن َمرْ َثد َعنْ م َُجاهِد َعنْ ِابْن َعبَّاس‬
‫هللا َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم ( إِنَّ َّ‬
‫صلَّى َّ‬
‫َقا َل ‪َ :‬قا َل َرسُول َّ‬
‫هللا َي ْن َها ُك ْم َعنْ ال َّت َعرِّ ي‬
‫هللا َ‬
‫َفاسْ َتحْ يُوا ِمنْ َم َال ِئ َكة َّ‬
‫ارقُو َن ُك ْم ِإ َّال‬
‫ين الَّذ َ‬
‫ِين َم َع ُك ْم ْالك َِرام ْال َكات ِِب َ‬
‫هللا الَّذ َ‬
‫ِين َال ُي َف ِ‬
‫اء‬
‫عِ ْند إِحْ دَى َث َالث َح َاالت ‪ْ :‬ال َغائِط َو ْال َج َنا َبة َو ْال ُغسْ ل َفإِ َذا ا ِْغ َت َس َل أَ َحد ُك ْم ِب ْال َع َر ِ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ِير ِه ) ‪ُ ,‬ث َّم َقا َل َح ْفص بْن ُسلَ ْي َمان َليِّن‬
‫َف ْل َيسْ َت ِترْ ِب َث ْو ِب ِه أ ْو ِب ِجرْ ِم َحائِط أ ْو ِب َبع ِ‬
‫ي َع ْن ُه َواحْ َت َم َل َحدِيثه ‪َ ,‬و َقا َل ْال َحافِظ أَبُو َب ْكر ْال َب َّزار َح َّد َث َنا‬
‫ْال َحدِيث َو َق ْد ر ُِو َ‬
‫ِز َياد بْن أَيُّوب َح َّد َث َنا َم ْي َس َرة بْن إِسْ مَاعِ يل ْال َحلَ ِبيّ َح َّد َث َنا َتمَّام بْن َن ِجيح َعنْ‬
‫صلَّى َّ‬
‫ْال َح َسن َيعْ نِي ْال َبصْ ِريّ َعنْ أَ َنس َقا َل ‪َ :‬قا َل َرسُول َّ‬
‫هللا َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم (‬
‫هللا َ‬
‫ان ِإلَى َّ‬
‫هللا َع َّز َو َج َّل َما َح ِف َظا فِي َي ْوم َف َي َرى فِي أَوَّ ل‬
‫ْن َيرْ َف َع ِ‬
‫َما ِمنْ َحا ِف َظي ِ‬
‫صحِي َفة َوفِي آخِر َها ِاسْ ت ِْغ َفارً ا إِ َّال َقا َل َّ‬
‫هللا َت َعالَى َق ْد َغ َفرْ ت لِ َع ْبدِي َما َب ْين‬
‫ال َّ‬
‫‪20‬‬
‫صالِح ْال َحدِيث قُ ْلت‬
‫َط َر َفيْ ال َّ‬
‫صحِي َفة ) ‪ُ ,‬ث َّم َقا َل َت َفرَّ َد ِب ِه َتمَّام بْن َن ِجيح َوه َُو َ‬
‫اريّ َوأَبُو ُزرْ َعة َوابْن أَ ِبي َحاتِم َوال َّن َسائِيّ َوابْن‬
‫َو َّث َق ُه ِابْن َمعِين َو َ‬
‫ض َّع َف ُه ْالب َُخ ِ‬
‫اإل َمام أَحْ َمد َال أَعْ ِرف َحقِي َقة أَ ْمره ‪,‬‬
‫َعدِيّ َو َر َماهُ ِا ْبن ِحبَّان ِب ْال َوضْ ِع َو َقا َل ْ ِ‬
‫ين ) رقباء من المالئكة‬
‫وقال البغوي في تفسيره ‪َ ( :‬وإِنَّ َعلَ ْي ُك ْم لَ َحافِظِ َ‬
‫يحفظون عليكم أعمالكم ( ك َِرامًا ) على هللا ( َكات ِِبين ) يكتبون أقوالكم‬
‫ون ) من خير أو شر ‪ ,‬وقال الشيخ صالح بن‬
‫ُون َما َت ْف َعلُ َ‬
‫وأعمالكم ( َيعْ لَم َ‬
‫الفوزان ‪ :‬ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد وكتابتها ؛ قال تعالى { َع ِن‬
‫ال َقعِ ي ٌد َما َي ْلف ُ‬
‫ِظ ِمنْ َق ْو ٍل إِ َّال لَدَ ْي ِه َر ِقيبٌ َعتِي ٌد } ‪ ,‬وقال‬
‫ِين َو َع ِن ال ِّش َم ِ‬
‫ْال َيم ِ‬
‫ين } ‪ ,‬وقال عليه الصالة والسالم‬
‫ين ك َِرامًا َكات ِِب َ‬
‫تعالى { َوإِنَّ َعلَ ْي ُك ْم لَ َحافِظِ َ‬
‫( يتعاقبون فيكم مالئكة بالليل والنهار) ؛ فمع اإلنسان مالئكة يحفظونه من‬
‫المؤذيات ‪ ,‬ومالئكة يحفظون عليه أعماله وما يصدر منه ‪0‬‬
‫الحكمة من إيجاد الكرام الكاتبين‬
‫وسئل الشيخ ابن عثيمين في مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين ‪ :‬عن‬
‫الحكمة من إيجاد الكرام الكاتبين ‪ ,‬فأجاب رحمه هللا ‪ :‬الحكمة من ذلك ‪:‬‬
‫بيان أن هللا سبحانه وتعالى َن َّظم اْلشياء و َق َّدرها ‪ ,‬وأحكمها إحكاما ً متقنا ً ‪,‬‬
‫حتى إنه سبحانه وتعالى جعل على أفعال بني آدم وأقوالهم كراما ً كاتبين ‪,‬‬
‫موكلين بهم ‪ ,‬يكتبون ما يفعلون ‪ ,‬مع أنه سبحانه وتعالى عالم بما يفعلون‬
‫قبل أن يفعلوه ‪ ,‬ولكن كل هذا من أجل بيان كمال عناية هللا عز وجل‬
‫باإلنسان ‪ ,‬وكمال حفظه تبارك وتعالى ‪ ,‬وأن هذا الكون منظم أحسن نظام‬
‫‪ ,‬ومحكم أحسن إحكام ‪ ,‬وهللا عليم حكيم ‪ ,‬ويقول سيد قطب رحمه هللا ‪:‬‬
‫تكذبون بيوم الدين وأنتم صائرون إليه ‪ ,‬وكل ما عملتم محسوب عليكم فيه ‪,‬‬
‫ال يضيع منه شيء ‪ ,‬وال ينسى منه شيء ‪ ,‬وهؤالء الحافظون هم اْلرواح‬
‫الموكلة باإلنسان من المالئكة التي ترافقه ‪ ,‬وتراقبه ‪ ,‬وتحصي عليه كل ما‬
‫يصدر عنه ‪ ,‬ونحن ال ندري كيف يقع هذا كله ‪ ,‬ولسنا بمكلفين أن نعرف‬
‫كيفيته ‪ ,‬فاهلل يعلم أننا لم نوهب االستعداد إلدراكها ‪ ,‬وأنه ال خير لنا في‬
‫إدراكها ‪ْ ,‬لنها غير داخلة في وظيفتنا وفي غاية وجودنا ‪ ,‬فال ضرورة‬
‫للخوض فيم ا وراء المدى الذي كشفه هللا لنا من هذا الغيب ‪ ,‬ويكفي أن‬
‫يشعر القلب البشري أنه غير متروك سدى ‪ ,‬وأن عليه حفظة كراما كاتبين‬
‫يعلمون ما يفعله ‪ ,‬ليرتعش ويستيقظ ‪ ,‬ويتأدب وهذا هو المقصود ‪ ,‬ولما‬
‫كان جو السورة جو كرم وكرامة ‪ ,‬فإنه يذكر من صفة الحافظين كونهم‬
‫كراما ليستجيش في القلوب إحساس الخجل والتجمل بحضرة هؤالء الكرام‬
‫‪ ,‬فإن اإلنسان ليحتشم ويستحيي وهو بمحضر الكرام من الناس أن يسف أو‬
‫‪21‬‬
‫يتبذل في لفظ أو حركة أو تصرف ‪ ,‬فكيف به حين يشعر ويتصور أنه في‬
‫كل لحظاته وفي كل حاالته في حضرة حفظة من المالئكة ( كرام ) ال يليق‬
‫أن يطلعوا منه إال على كل كريم من الخصال والفعال ‪0‬‬
‫عدد ورده في القرآن‬
‫قال تعاىل { كِرَامًا كَاتِبِنيَ } سورة االنفطار ‪77‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أمساء األصنام الواردة يف القرآن‬
‫قصة جلب األصنام من الشام إلى مكة‬
‫قال ابن هشام ‪ :‬حدثني بعض أهل العلم أن عمرو بن لحي خرج من مكة‬
‫إلى الشام في بعض أموره فلما قدم مآب من أرض البلقاء وبها يومئذ‬
‫العماليق ‪ -‬وهم ولد عمالق ‪ ,‬ويقال عمليق بن الوذ بن سام بن نوح رآهم‬
‫يعبدون اْلصنام فقال لهم ما هذه اْلصنام التي أراكم تعبدون ‪ ,‬قالوا له هذه‬
‫أصنام نعبدها ‪ ,‬فنستمطرها فتمطرنا ‪ ,‬و نستنصرها فتنصرنا ‪ ,‬فقال لهم‬
‫أفال تعطونني منها صنما ‪ ,‬فأسير به إلى أرض العرب فيعبدوه ؟ ‪ ,‬فأعطوه‬
‫صنما ً يقال له هبل فقدم به مكة ‪ ,‬فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه ‪0‬‬
‫األصـــــــــــنام‬
‫قال القرطبي في تفسيره ‪ :‬قوله تعالى { وقالوا ال تذرن آلهتكم وال تذرن‬
‫ودا وال سواعا وال يغوث ويعوق ونسرا } ‪ ,‬قال ابن عباس وغيره ‪ :‬هي‬
‫أصنام وصور كان قوم نوح يعبدونها ثم عبدتها العرب وهذا قول الجمهور‬
‫وقيل ‪ :‬إنها للعرب لم يعبدها غيرهم وكانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم‬
‫فلذلك خصوها بالذكر بعد قوله تعالى ‪ { :‬ال تذرن آلهتكم } قالت العرب‬
‫ْلوالدهم وقومهم ‪ :‬ال تذرن ودا وال سواعا وال يغوث ويعوق ونسرا ثم عاد‬
‫بالذكر بعد ذلك إلى قوم نوح عليه السالم وعلى القول اْلول الكالم كله‬
‫منسوق في قوم نوح وقال عروة بن الزبير وغيره ‪ :‬اشتكى آدم عليه السالم‬
‫وعنده بنوه ‪ :‬ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر وكان ود أكبرهم وأبرهم به‬
‫قال محمد بن كعب ‪ :‬كان آلدم عليه السالم خمس بنين ‪ :‬ود وسواع ويغوث‬
‫ويعوق ونسر وكانوا عبادا فما واحد منهم فحزنوا عليه فقال الشيطان ‪ :‬أنا‬
‫أصور لكم مثله إذا نظرتم إليه ذكرتموه قالوا ‪ :‬افعل فصروه في المسجد من‬
‫صفر ورصاص ثم مات آخر فصروه حتى ماتوا كلهم فصروهم وتنقصت‬
‫اْلشياء كما تنقص اليوم إلى أن تركوا عبادة هللا تعالى بعد حين فقال لهم‬
‫‪22‬‬
‫الشيطان ‪ :‬ما لكم ال تعبدون شيئا ؟ قالوا ‪ :‬وما نبعد ؟ قال ‪ :‬آلهتكم وآلهة‬
‫آباءكم أال ترون في مصالكم فعبدوها من دون هللا حتى بعث هللا نوحا فقالوا‬
‫{ ال تذرن آلهتكم وال تذرن ودا وال سواعا } اآلية وقال محمد بن كعب‬
‫أيضا ومحمد بن قيس ‪ :‬بل كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح وكان لهم تبع‬
‫بقتدون بهم فلما ماتوا زين لهم إبليس أن يصوروا صورهم ليتذكروا بها‬
‫اجتهادهم وليتسلوا بالنظر إليها فصورهم فلما ماتوا هم وجاء آخرون قالوا ‪:‬‬
‫ليت شعرنا هذه الصورة ما كان آباؤنا يصنعون بها ؟ فجاءهم الشيطان فقال‬
‫‪ :‬كان آباؤكم يعبدونها فترحمهم وتسقيهم المطر فعبدوها فابتدئ عبادة‬
‫اْلوثان من ذلك الوقت ‪ ,‬قلت ‪ :‬وبهذا المعنى فسر ما جاء في صحيح مسلم‬
‫من حديث عائشة ‪ :‬أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة تسمى‬
‫مارية فيها تصاوير لرسول هللا صلى هللا عليه و سلم فقال رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه و سلم ‪ :‬إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره‬
‫مسجدا وصوروا فهي تلك الصور أولئك شرار الخلق عند هللا يوم القيامة‬
‫وذكر الثعلبي عن ابن عباس قال ‪ :‬هذه اْلصنام أسماء رجال صالحين من‬
‫قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا في مجالسهم التي‬
‫كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم تذكروهم بها ففعلوا فلم تعبد‬
‫حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت من دون هللا وذكر أيضا عن ابن‬
‫عباس ‪ :‬أن نوحا عليه السالم كان يحرس جسد آدم عليه السالم على جبل‬
‫بالهند فيمنع الكافرين أن يطوفوا بقبره فقال لهم الشيطان ‪ :‬إن هؤالء‬
‫يفخرون عليكم ويزعمون أنهم بنو آدم دونكم وإنما هو جسد وأنا أصور لكم‬
‫مثله تطوفون به فصور لهم هذه اْلصنام الخمسة وحملهم على عبادتها فلما‬
‫كان أيام الطوفان دفنها الطين والتراب والماء فلم تزل مدفونة حتى أخرجها‬
‫الشيطان لمشركي العرب قال الماوردي ‪ :‬فأما ود فهو أول صنم معبود‬
‫سمي ودا لودهم له وكان بعد قوم نوح لكلب بدومة الجندل وفي قول ابن‬
‫عباس و عطاء و مقاتل وفيه يقول شاعرهم ‪:‬‬
‫( حياك ود فإنا ال يحل لنا ‪ ,,,,,‬لهو النساء وإن الدين قد عزما )‬
‫وأما سواع فكان لهذيل بساحل البحر في قولهم ‪ ,‬وأما يغوث فكان لغطيف‬
‫من مراد بالجوف من سبأ في قول قتادة وقال المهدوي ‪ :‬لمراد ثم لغطفان‬
‫الثعلبي ‪ :‬وأخذت أعلى وأنعم وهما من طيء وأهل جرش من مذحج يغوث‬
‫فذهبوا به إلى مراد فعبدوه زمانا ثم إن بني ناجية أرادوا نزعه من أعلى‬
‫وأنعم ففروا به إلى الحصين أخي بني الحارث بن كعب من خزاعة وقال‬
‫أبو عثمان النهدي ‪ :‬رأيت يغوث وكان من رصاص وكانوا يحملونه على‬
‫‪23‬‬
‫جمل أحرد ويسيرون معه ال يهيجونه حتى يكون هو الذي يبرك فإذا برك‬
‫نزلوا وقالوا ‪ :‬لقد رضي لكم المنزل فيبصرون عليه بناء ينزلون حوله ‪,‬‬
‫وأما يعوق فكان لهمدان ببلخع في قول عكرمة وقتادة وعطاء ذكره‬
‫ا لماوردي وقال الثعلبي ‪ :‬وأما يعوق فكان لكهالن من سبأ ثم توارثه بنوه‬
‫اْلكبر فاْلكبر حتى صار إلى همذان وفيه يقول مالك بن نمط الهمذاني‬
‫( يريش هللا في الدنيا ويبرى ‪ ,,,,,‬وال يبرى يعوق وال يريش )‬
‫وأما نسر فكان لذي الكالع من حمير في قول قتادة ونحوه عن مقاتل وقال‬
‫الواقدي ‪ :‬كان ود على صورة رجل وسواع على صورة امرأة ويغوث على‬
‫صورة أسد ويعوق على صورة فرس ونسر على صورة نسر من الطير‬
‫فاهلل أعلم وقرأ نافع وال تذرن ودا بضم الواو وفتحها الباقون قال الليث ‪ :‬ود‬
‫بفتح الواو صنم كان لقوم نزح وود بالضم صنم لقريش وبه سمي عمرو بن‬
‫ود وفي الصحاح ‪ :‬الود بالفتح الويد في لغة أهل نجد كأنهم سكنوا التاء‬
‫وأدغموها في الدال والود في قول امرئ القيس ‪:‬‬
‫( تظهر الود إذا ما أشجدت ‪ ,,,,,‬وتواريه إذا ما تعتكر )‬
‫قال ابن دريد ‪ :‬هو اسم جبل ‪ :‬وود صنم كان لقوم نوح عليه السالم ثم صار‬
‫لكلب وكان بدومة الجندل ومنه سموه عبد ود وقال { ال تذرن آلهتكم } ثم‬
‫قال { وال تذرن ودا وال سواعا } اآلية خصها بالذكر لقوله تعالى { وإذ‬
‫أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح } ‪ { ,‬وقد أضلوا كثيرا } هذا من‬
‫قول نوح أي أضل كبراؤهم كثيرا من أبتاعهم فهو عطف على قوله {‬
‫ومكروا مكرا كبارا } وقيل ‪ :‬إن اْلصنام أضلوا كثيرا أي ضل بسببها كثير‬
‫نظيره قول إبراهيم { رب إنهن أضللن كثيرا من الناس } فأجرى عليهم‬
‫وصف ما يعقل العتقاد الكفار فيهم ذلك ‪0‬‬
‫الفرق بين الصنم والوثن‬
‫صوَّ ر‬
‫ص َن ٍم ‪ ,‬وال َّ‬
‫ص َن ُم في اللغة لفظ يطلق على ما ُي ْن َحت و ُي َ‬
‫اْلصنام جمع ‪َ :‬‬
‫من حجر أو خشب أو ذهب أو نحو ذلك ‪ ,‬على هيئة صورة ؛ كصورة‬
‫كوكب ‪ ,‬أو جني ‪ ,‬أو شجرة ‪ ,‬أو آدمي ‪ ,‬أو نبي ‪ ,‬أو عبد صالح أو طالح ‪,‬‬
‫أو حيوان ‪ .‬واشتقاقه من ( الصاد ‪ ,‬والنون ‪ ,‬والميم ) ‪ ,‬وهو كلمة واحدة ال‬
‫ص َن ُم أيضًا هو ال َع ْب ُد القوي ‪ ,‬وهو‬
‫فرع لها ‪ ,‬وقيل ‪ :‬إنه ُم َعرَّ ب ‪َ :‬ش َمنْ ‪ .‬وال َّ‬
‫َ‬
‫ص ْن ُم أي ً‬
‫ص َن َم الصُّور َة ‪,‬‬
‫الخبيث الرائحة ‪ ,‬وال َّ‬
‫ضا هو ُحسْ نُ التصوير ‪ ,‬يقال ‪َ :‬‬
‫ص َن ْيمًا ‪ ,‬وكانت تضرب ال َم َث َل‬
‫إذا أحسن تصويرها ‪ ,‬وقد سمَّت العرب ُ‬
‫ص َنم في الحُسْ ِن ‪ ,‬قال ابن منظور في لسان العرب ‪ :‬روى أبو العباس‬
‫بال َّ‬
‫صم ُة ‪ :‬الصُّور ُة التي ُتعْ َبد ‪0‬‬
‫عن ابن اْلعرابي ‪ :‬ال َّ‬
‫ص َنم ُة وال َّن َ‬
‫‪24‬‬
‫والو َثنُ في اللغة هو ما كان َّ‬
‫جثة على هيئة‬
‫اْلوثان فهي جمع ‪َ :‬و َث ٍن ‪,‬‬
‫َ‬
‫صورة ‪ ,‬أو غير ذلك ؛ سواء ُنحُ َ‬
‫الو َثنُ أيضً ا‬
‫ت ‪ ,‬أو لم ُي ْن َحت ‪ ,‬وقد يكون َ‬
‫ص َنم ؛ وقد يُطلَق لفظ ال َو َثن أيضًا على‬
‫على هيئة صورة بال جُ َّثة ‪ ,‬خال ًفا لل َّ‬
‫الو َثن لفظ‬
‫ما ُي َع َّظم ويُعْ َبد من الحيوان ؛ كالبقر ‪ ,‬ونحوه ‪ ,‬ويُطلَق على عابد َ‬
‫الو َثن‬
‫الو َثنِيِّ ‪ ,‬فيقال ‪ :‬رجل و َثنِيٌّ ‪ ,‬وامرأة َو َث ِنيَّة ‪ ,‬وقوم وثنيُّون ‪ ,‬واشتقاق َ‬
‫َ‬
‫ٌ‬
‫كلمة واحدة ‪ ,‬تدور بجميع تقاليبها‬
‫من ( الواو ‪ ,‬والثاء ‪ ,‬والنون ) ‪ ,‬وهو‬
‫على الزيادة والكثرة ‪ ,‬ويلزمها الفرقة من اختالف الكلمة ‪ ,‬فيلزمها حينئذ‬
‫الرخاوة ‪ ,‬فيأتي العجز ‪ ,‬وأصلها من قولهم ‪َ :‬و َث َن بالمكان ‪ ,‬أي ‪ :‬أقام به‬
‫وأو َث َن فالن الحمل ‪َّ :‬‬
‫كثره ‪ ,‬وأو َث ْن ُ‬
‫وثبت ‪ ,‬فهو َوا ِثنٌ ‪ ,‬أي ‪ :‬مقيم ثابت ‪ْ ,‬‬
‫ت‬
‫له العطاء ‪ :‬أعطيته عطاء جزيالً ‪ ,‬واسْ َت ْو َث َن المال ‪ُ :‬‬
‫كثر ‪ ,‬واسْ َتو َث َن من‬
‫المال ‪ :‬استك َثر منه ‪ ,‬واس َت ْو َث َن الشي ُء ‪ ,‬أي ‪ :‬قوي ‪ ,‬واسْ َت ْو َث َنت اإلبل ‪:‬‬
‫نشأت أوالدها معها ‪ ,‬واسْ َت ْو َث َن النخل ‪ :‬صار فرقتين كبارً ا ‪ ,‬وصغارً ا ‪,‬‬
‫الو َثنُ أيضًا على ‪ :‬وُ ُثنٌ ‪ ,‬ووُ ْثنٌ ‪ ,‬بسكون الثاء وضمها ‪ ,‬وكذلك‬
‫ويُجْ َمع َ‬
‫يُجْ َمع على ‪ :‬أ ُ ُثنٌ ‪ ,‬بإبدال الهمزة من الواو ‪0‬‬
‫وقد يقال لألصنام أوثا ًنا باعتبار أنها معبودة من دون هللا جل وعال ‪ ,‬وأنها‬
‫ص َنمًا ؛‬
‫الو َث َن‬
‫المنصوب َ‬
‫َ‬
‫أجسام ال تعقل وال تفهم ؛ ومن العرب من جعل َ‬
‫كالنصارى التي كانت تنصب الصليب ‪ ,‬تجعله كالتمثال ‪ ,‬فتعظمه وتعبده‬
‫ص َن َم ال يُطلَق إالَّ على ال ِّتمثال‬
‫ص َن ِم ؛ ْلن ال َّ‬
‫الو َث َن أع ُّم من ال َّ‬
‫‪ ,‬والحاصل أن َ‬
‫الو َثنُ فيُط َلق على ال ِّتمثال وغيره ‪ ,‬مما ع ُِبد من دون هللا تعالى ‪ ,‬على‬
‫‪ ,‬وأما َ‬
‫ص َن ٍم ‪,‬‬
‫ص َن ٍم َو َث ًنا ‪ ,‬وليس كل َو َث ٍن ب َ‬
‫أي شكل كان ح ًّيا ‪ ,‬أو مي ًتا ‪ ,‬فيكون كل َ‬
‫قال ابن سيدة ‪ :‬الصنم ينحت من خشب ويصاغ من فضة ونحاس ‪ ,‬والجمع‬
‫أصنام وقيل هو ما كان له جسم أو صورة فإن لم يكن له جسم أو صورة‬
‫فهو وثن ‪ ,‬قال ابن األثير ‪ :‬الفرق بين الوثن والصنم أن الوثن كل ماله جثة‬
‫معمولة من جواهر اْلرض أو من الخشب والحجارة كصورة اآلدمي تعمل‬
‫وتنصب فتعبد والصنم الصورة بال جثة ‪ ,‬ومنهم من لم يفرق بينهما‬
‫وأطلقهما على المعنيين قال وقد يطلق الوثن على غير الصورة ‪ ,‬وفي موقع‬
‫اإلسالم ويب ‪ :‬ل قد جرى الخالف بين أهل اللغة فيما إذا كان هنالك فرق بين‬
‫الصنم والوثن من حيث المعنى أم ال ‪ ,‬قال ابن منظور في اللسان ‪ :‬الصنم‬
‫معروف واحد اْلصنام ‪ ,‬يقال إنه معرب شمن وهو الوثن ‪ ,‬قال ابن سيده‬
‫وهو ينحت من خشب ويصاغ من فضة ونحاس والجمع أصنام وقد تكرر‬
‫في الحديث ذكر الصنم واْلصنام وهو ما اتخذ إلها من دون هللا ‪ ,‬وقيل هو‬
‫ما كان له جسم أو صورة فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن ‪ ,‬وروى‬
‫‪25‬‬
‫أبو العباس عن ابن اْلعرابي الصنمة والنصمة الصورة التي تعبد ‪ ,‬وفي‬
‫التنزيل العزيز ( َواجْ ُن ْبنِي َو َبنِيَّ أَنْ َنعْ ُب َد ْاْلَصْ َنا َم ) قال ابن عرفة ‪ :‬ما‬
‫تخذوه من آلهة فكان غير صورة فهو وثن فإذا كان له صورة فهو صنم‬
‫خشب أو حجر أو فضة ينحت ويعبد والصنم الصورة بال جثة ومن العرب‬
‫من جعل الوثن المنصوب صنما ‪ ,‬وأما من الناحية الشرعية فال فرق بينهما‬
‫فكل ما عبد من دون هللا تعالى فهو صنم ووثن ‪0‬‬
‫وَدًّا وسُوَاعًا وَيَغُوثَ وَ َيعُوقَ وَنَسْرًا‬
‫قال بن كثير في تفسيره ‪ :‬قال ابن جرير حدثنا ابن حميد حدثنا مهران عن‬
‫سفيان عن موسى عن محمد بن قيس ( ويغوث ويعوق ونسرا ) قال كانوا‬
‫قوما صالحين بين آدم ونوح وكان لهم أتباع يقتدون بهم فلما ماتوا قال‬
‫أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا‬
‫ذكرناهم فصوروهم فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال إنما كانوا‬
‫يعبدونهم وبهم يسقون المطر‪0‬‬
‫وقال البخاري حدثنا إبراهيم حدثنا هشام عن ابن جريج وقال عطاء عن ابن‬
‫عباس ‪ 0000‬وهي أسماء رجال صالحين من قوم نوح عليه السالم فلما‬
‫هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا‬
‫يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك‬
‫ونسخ العلم عبدت وكذا روي عن عكرمة والضحاك وقتادة وابن إسحاق‬
‫نحو هذا وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كانت هذه أصنام تعبد في‬
‫زمن نوح ‪0‬‬
‫وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة شيث عليه السالم من طريق إسحاق‬
‫بن بسر قال أخبرني جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال ‪:‬‬
‫ولد آلدم عليه السالم أربعون ولدا عشرون غالما وعشرون جارية فكان‬
‫ممن عاش منهم هابيل وقابيل وصالح وعبد الرحمن الذي سماه عبد الحارث‬
‫وود وكان ود يقال له شيث ويقال له هبة هللا وكان إخوته قد سودوه وولد له‬
‫سواع ويغوث ويعوق ونسر ‪0‬‬
‫َ‬
‫األول ‪ :‬ود‬
‫جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا ‪ :‬ود هو إله محبة لدى العرب وأحد‬
‫اآللهة الخمسة الذي وجد تماثيلهم عمرو بن لحيّ الخزاعي مدفونة في‬
‫‪26‬‬
‫ساحل البحر وأدخل عبادتها للجزيرة العربية ‪ ,‬كان من اآللهة المهمين عند‬
‫العرب عموما ويرجح أن عبادته ترجع لزمن النبي نوح ‪0‬‬
‫التسمية‬
‫أسام أخرى مثل أدد‬
‫يظهر من اسمه أنه يحمل معنى المودة والمحبة ‪ ,‬وله‬
‫ٍ‬
‫وأَ ّد ( أَ ّد الرجل أي حنّ إلى الشيء ) وسين التي تعني القمر والمقة ‪,‬‬
‫والكلمة مشتقة من الفعل َو َمق أي أَ َحبّ ‪ ,‬ومن أسمائه أيضا كهلن أي‬
‫الكهل أو القديم ‪ ,‬ويظن أن قبائل عرب الجنوب التي تنتسب لكهل إنما‬
‫تنتسب لإلله ود وتزعم أنها من نسله المظهر واالعتقاد ‪0‬‬
‫شكله‬
‫صور عابدو ود إلههم في التماثيل التي صنعت له كهيئة رجل كأعظم ما‬
‫يكون من الرجال عليه حلة من رداء وإزار ُم َن ْم َن َميْن ( أي ملمومين‬
‫مزمومين كمالبس الرومان ) متقلد سيفا ومتنكب قوسا وأمامه حربة فيها‬
‫لواء وجعبة أسهم ‪ ,‬في هيئة أشبه بالملوك نظرا إلى الحلة أو المحاربين‬
‫نظرا للسيف واللواء والقوس والسهام ‪ ,‬ويجوز القول هنا أن ودا كان أيضا‬
‫إلها للحرب ‪0‬‬
‫إله المحبة‬
‫و كان ود إلها للمحبة لدى الثموديين والسبئيين واإلسماعيليين والتدمريين ‪,‬‬
‫وكانت الساللة الحاكمة في مملكة معين تعتبر نفسها من ساللة ود إله‬
‫المحبة وكانت تقدمه رئيسا على جميع اآللهة ‪ ,‬وجعلوا القمر والهالل رمزا‬
‫لإلله ود ‪0‬‬
‫العبادة‬
‫لم يكن عرب الحجاز يعرفون وداً في بادئ اْلمر إال حينما أخرجه عمرو‬
‫بن لحي الخزاعي ‪ ,‬وقصة العثور على ود هي أن عمرو بن لحيّ كان له‬
‫رئيا من الجن فقال له ‪ :‬عجل بالمسير والظعن من تهامة بالسعد والسالمة ‪,‬‬
‫فقال عمرو ‪ :‬جير وال إقامة ‪ ,‬فقال له الرئي ‪ :‬إيت ضف جده ‪ ,‬تجد فيها‬
‫أصناما معدة ‪ ,‬فأوردها تهامة ‪ ,‬وال تهاب ‪ ,‬ثم ادع العرب إلى عبادتها‬
‫تجاب ‪ ,‬ففعل ذلك عمرو وأتى شط جدة فاستخرج التماثيل وحملها معه حتى‬
‫وصل تهامة ‪ ,‬ثم إنه خرج للحج في تلك السنة ودعا العرب إلى عبادتها ‪0‬‬
‫‪20‬‬
‫دومة الجندل‬
‫جاء رجل يقال له عوف بن عذرة بن زيد الالت إلى عمرو وطلب منه‬
‫تمثال ود ‪ ,‬فاحتمله وسار به إلى دومة الجندل ووضعه هناك وبنى له معبدا‬
‫وجعل ابنه عامراً الذي يقال له عامر اْلجدار سادنا لود ‪ ,‬وسمى عوف أحد‬
‫أبناءه بـعبد ود ‪ ,‬و قد كانوا يقدمون اللبن لود ‪ ,‬لقول رجل من ساللة عامر‬
‫اْلجدار اسمه مالك بن حارثة اْلجداري أن أباه حارثة كان يعطيه اللبن‬
‫واسق إلهك ‪ ,‬والظاهر أنهم كانوا يصبون اللبن على‬
‫ويقول له ‪ :‬اذهب‬
‫ِ‬
‫التمثال ‪ ,‬وكان ممن عبد ود من القبائل ‪ :‬بني تميم وطيء والخزرج وهذيل‬
‫ولخم ‪0‬‬
‫ما بعد اإلسالم‬
‫حارب اإلسالم كل العبادات الشركية التي كانت منتشرة في جزيرة العرب‬
‫آنذاك ودعا إلى التوحيد وعبادة هللا إلها واحدا ليس له شريك ‪ ,‬وقد ذم‬
‫القرآن عبدة ود ووصفهم بالضالين في سورة نوح { َو َقالُوا َال َت َذ ُرنَّ آ ِل َه َت ُك ْم‬
‫َو َال َت َذ ُرنَّ َو ّداً َو َال س َُواعا ً َو َال َي ُغ َ‬
‫وث َو َيع َ‬
‫ضلُّوا َكثِيراً ۖ َو َال‬
‫ُوق َو َنسْ راً َو َق ْد أَ َ‬
‫َتز ِد َّ‬
‫ض َالالً } ‪0‬‬
‫ِين إِ َّال َ‬
‫الظالِم َ‬
‫ِ‬
‫هدمه وكسره‬
‫لقد أرسل النبي خالداً بن الوليد لهدم معبد ود وكسر تمثاله بعد غزوة تبوك‬
‫سنة ‪ 9‬هـ ‪ ,‬فلما وصل إليه خالد ليهدمه تصدى له بنو عامر اْلجداري وبنو‬
‫عبد ود ‪ ,‬فقاتلهم خالد حتى هزمهم وقتلهم وكسر تمثاله وهدم معبده ‪,‬ويوجد‬
‫له معبد في مدينة الحجر الحجازية ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل { وَقَالُوا ال َت َذرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَال َت َذرُنَّ وَدًّا وَال ُسوَاعًا‬
‫ث وَ َيعُو َق وَ َن ْسرًا } نوح ‪38‬‬
‫وَال َيغُو َ‬
‫‪20‬‬
‫ُ‬
‫الثاني ‪ :‬سواع‬
‫إله الخصوبة والجنس‬
‫جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا ‪ :‬كان لسواع تمثاال على شكل امرأة‬
‫كأعظم ما تكون من النساء ‪ ,‬ولعلها كانت إلهة للخصوبة والجنس حيث أن‬
‫اسمها يعني المذي‪0‬‬
‫العبادة‬
‫كانت بداية عبادة العرب لسواع أن عمرو بن لحيّ نبش عن تمثالها في‬
‫ساحل جدة فوجد تمثالها مع اآللهة اْلخرى ود ويعوق ويغوث ونسر ‪ ,‬فلما‬
‫خرج عمرو بن لحي للحج أخذ معه التماثيل كما أمره رئيسه من الجن‬
‫ودعا العرب لعبادتها وأعطى التماثيل لقبائل مختلفة ليعبدوها ‪0‬‬
‫قبيلة هذيل‬
‫فكانت سواع من نصيب قبيلة هذيل التي خصتها بالعبادة وبنت لها معبدا‬
‫بموضع يقال له رهاط من أرض ينبع ‪ ,‬وكان رجل من هذيل يقال له‬
‫الحارث بن تميم هو الذي أخذ سوا ًعا وأتى بها إلى قومه ‪ ,‬وقيل أن بني‬
‫كنانة ومزينة وعمرو بن قيس بن عيالن عبدوها أيضا مع هذيل وكان‬
‫سدنتها بنو صاهلة من هذيل ‪ ,‬وفي رواية أن عبدة سواع هم آل ذي الكالع‬
‫أهميـــــته‬
‫الجدير بالذكر أن سواع لم تكن من اآللهة الكبيرة عند ظهور اإلسالم ْلن‬
‫اسمها لم يرد في اْلعالم المركبة كعبد سواع أو أمة سواع ‪ ,‬ولعل السبب‬
‫أن عبادة سواع انحسرت ْلن هذيل لم تكن من القبائل ذات الصولة والجولة‬
‫في تلك الفترة فلم يتبعها أحد في عبادة إلهتهم ‪ ,‬بعكس قريش التي بسطت‬
‫نفوذها على باقي القبائل حتى إن إلهتهم العزى صارت من أهم آلهة‬
‫الجاهلية ‪0‬‬
‫وزعم بعض المؤرخين أيضا أن المؤمنين بسواع كانوا يحجون إليها ‪ ,‬ولعل‬
‫أهم مظاهر عبادتها هو العكوف عندها ‪0‬‬
‫ما بعد اإلسالم‬
‫انتهت عبادة سواع بعد ظهور اإلسالم ودعوة النبي ‪ ‬إلى ترك الشرك‬
‫باهلل ‪ ,‬وكان الناس قد بدؤوا يرفضون عبادتها لسماعهم بدعوة التوحيد إال‬
‫‪29‬‬
‫أنهم لم يكونوا متأكدين بعد مما يدعو إليه النبي ‪ , ‬فحدث أن كان رجل‬
‫اسمه غاوي بن عبد العزى عند سواع ‪ ,‬فبينما هو عندها إذ أقبل ثعلبان‬
‫فصعدا على التمثال وباال عليه فتع جب الرجل ثم قال ‪ :‬يا معشر سليم ‪ ,‬ال‬
‫وهللا هذا الصنم ال يضر وال ينفع وال يعطي وال يمنع فهجر عبادته ولحق‬
‫بالنبي ‪ ‬في عام الفتح فسأله النبي عن اسمه فقال ‪ :‬غاوي بن عبد العزى‬
‫فقال ‪ :‬بل أنت راشد بن عبد ربه ‪0‬‬
‫هدمه وكسره‬
‫كانت حادثة هدم معبد سواع وكسر تمثالها في سنة ‪ 0‬للهجرة ‪ ,‬وقد كان‬
‫النبي محمد قد وجه عمرو بن العاص ليهدم بيتها ‪ ,‬فلما انتهى إلى معبدها‬
‫قال له السادن ‪ :‬ما تريد ؟ فقال عمرو بن العاص ‪ :‬هدم سواع ‪ ,‬قال ‪ :‬ال‬
‫تطيق تهدمه ‪ ,‬فقال له عمرو بن العاص ‪ :‬أنت على الباطل بعد فهدمه‬
‫عمرو‪ ,‬ولم يجد في خزانته شي ًء ‪ ,‬ثم قال للسادن ‪ :‬كيف رأيت ؟ فقال‬
‫السادن ‪ :‬أسلمت وهللا ‪0‬‬
‫( للفائدة راجع تاج العروس للزبيدي ‪ -‬تاريخ األمم والملوك للطبري –‬
‫القاموس ‪ -‬المحيط للفيروزآبادي ‪ -‬كتاب األصنام البن الكلبي ‪ -‬المحبر‬
‫لمحمد بن حبيب )‬
‫سرية عمرو بن العاص إلى سواع‬
‫بعث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم في شهر رمضان سنة ثمان من‬
‫الهجرة بعد فتح مكة عمرو بن العاص إلى سواع اسم صنم لهذيل على ثالثة‬
‫أميال من مكة وكان بأرض يقال لها رهاط من بطن نخلة وكانت سدنته من‬
‫بني لحيان ‪ ,‬قال عمرو فانتهيت إليه وعنده سادن فقال ما تريد ؟ قلت أمرني‬
‫رسول هللا أن أهدمه ‪ .‬قال ال تقدر على ذلك ‪ ,‬قلت لم ؟ قال تمنع ‪ ,‬قلت‬
‫حتى اآلن أنت في الباطل ويحك وهل يسمع أو يبصر ؟ قال فدنوت منه‬
‫فكسرته وأمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته فلم يجدوا فيه شيئا ثم قلت‬
‫للسادن كيف رأيت ؟ قال أسلمت هلل ؟ ولم نجد في كتب التاريخ عدد الذين‬
‫كانوا مع عمرو بن العاص رضي هللا عنه عندما ذهب إلى هدم سواع ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل { وَقَالُوا ال تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَال تَذَرُنَّ وَدًّا وَال سُوَاعًا وَال يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَ َنسْرًا } نوح ‪38‬‬
‫‪30‬‬
‫الثالث ‪ :‬يغوث‬
‫جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا ‪ :‬يغوث هو أحد اآللهة الخمسة الذين‬
‫وجدهم عمرو بن لحيّ مدفونين في ساحل جده فاستخرجهم ونشر عبادتهم‬
‫بين العرب ‪,‬‬
‫المظهر واالعتقاد‬
‫كان يغوث على صورة أسد مصنوعا من الرصاص كما في رواية عبد‬
‫مل البصري قال ‪ :‬أدركت في الجاهلية يغوث صنما ً من‬
‫الرحمن بن ِ‬
‫رصاص يحمل على جمل أجرد ( أي َسبَّاق ) ‪ ,‬فإذا بلغ واديا ً برك فيه ‪,‬‬
‫فيقولون ‪ :‬قد رضي ربكم لكم هذا الوادي فينزلون فيه ‪ ,‬ويظهر أنه كان إلها‬
‫خيرا مغيثا مساعدا معاونا ‪ ,‬ولعل تصويره على هيئة اْلسد يدل أيضا على‬
‫الشجاعة والقوة في الحروب ‪0‬‬
‫العبـــــــــــــــــادة‬
‫أصل عبادة هذا اإلله تعود إلى قوم النبي نوح ‪ ‬حين عبدوه ونزل القرآن‬
‫مخبرا عنهم وذاكرا اآللهة التي عبدها أولئك القوم في سورة نوح { َو َقالُوا‬
‫َال َت َذ ُرنَّ آلِ َه َت ُك ْم َو َال َت َذ ُرنَّ َو ّداً َو َال س َُواعا ً َو َال َي ُغ َ‬
‫وث َو َيع َ‬
‫ُوق َو َنسْ راً } ‪,‬‬
‫فلما حصل الطوفان اندفنت تلك التماثيل فاستخرجها عمرو بن لحيّ وخرج‬
‫للحج ودعا العرب لعبادتها ووزع التماثيل على القبائل ‪ ,‬فدفع تمثال يغوث‬
‫إلى رجل اسمه أنعم بن عمرو المرادي ‪ ,‬فعبدته مذحج ومن واالها وأهل‬
‫جرش ‪ ,‬وبقي يغوث عند بني أنعم وبني أعلى وهما بطنين من قبيلة طيء‬
‫كانوا يقومون بأمر سدانة يغوث ‪ ,‬وكان هذين البطنين مساكنين لقبيلة يقال‬
‫لها مراد وكان مسكن مراد بموضع مرتفع يقال له جرش ‪ ,‬فحدث أن اجتمع‬
‫أشراف مراد وتشاوروا بينهم في أمر يغوث فيمن هو أحق بإجالل اإلله‬
‫والقيام بسدانته ‪ ,‬فاستقر رأيهم أن يكون فيهم ‪ ,‬لما فيهم من العدد والشرف ‪,‬‬
‫فلما بلغ ذلك بني أعلى وبني أنعم ‪ ,‬حملوا يغوث وهربوا به حتى وضعوه‬
‫في بني الحارث بن كعب ‪ ,‬في وقت كان النزاع فيه قائما ً بين مراد وبني‬
‫الحارث بن كعب ‪ ,‬فخرج وجوه قبيلة مراد للمفاوضات في تسليم إلههم ‪,‬‬
‫فلما أبت بنو الحارث تسليم يغوث إلى مراد وتسوية أمر الديات ‪ ,‬أرسلت‬
‫مراد جيشا ً لمهاجمة بني الحارث بن كعب ‪ ,‬فاستنجدت بنو الحارث بهمدان‬
‫الساكنة في نجران ‪ ,‬فنشبت بينهما معركة عرفت بيوم الرزم حمل الجيش‬
‫‪31‬‬
‫المتكون من اتحاد القبائل الثالث ( بطني طيء أنعم وأعلى مع بني الحارث‬
‫بن كعب مع همدان ) حمل معه يغوث مستمدين منه الغوث والمدد وكانت‬
‫تلك الوقعة في سنة ‪ 623‬م ‪ ,‬انهزمت فيها مراد ومنيت بخسارة كبيرة‬
‫قبيحة ‪ ,‬وبقي يغوث في بني الحارث بن كعب ‪ ,‬وقد وافق يوم الرزم يوم‬
‫بدر ‪ ,‬وقد صار هذا اإلله طوطما ً لقبيلة مذحج ‪ ,‬يدافع عنها ويذب عن‬
‫القبيلة التي تستغيث به ‪ ,‬والطوطم هو العالمة التي تتخذها القبيلة ( أو أي‬
‫تشكيل قومي ) شعارا لها وكانوا يجعلون ألويتهم تحمل ذلك الطوطم أو‬
‫العالمة ‪ ,‬وقد ورد أن بعض الجاهليين تسموا بأسماء تعبدوا فيها ليغوث‬
‫كعبد يغوث ‪ ,‬منهم من كان فيِ مذحج ‪ ,‬ومنهم من كان في قريش ‪ ,‬ومنهم‬
‫من كان في هوازن ‪ ,‬وقد كان اسم قائد جيش بني الحارث بن كعب عبد‬
‫يغوث في معركة الكالب التي دارت بينهم وبين تميم ‪ ,‬كما كان لدريد بن‬
‫الصمة أخ اسمه عبد يغوث‬
‫ما بعد اإلسالم‬
‫من الغريب أنه لم يذكر أيا ً من الرواة عن مصير هذا اإلله وكيفية القضاء‬
‫على مظاهر عبادته وهدم بيته ‪ ,‬حتى إن ابن الكلبي قد أهمل ذكر ذلك في‬
‫كتابه ‪ ,‬فمصيره إلى اآلن يعتبر مجهوالً ‪0‬‬
‫( للفائدة راجع كتاب األصنام البن الكلبي ‪ -‬معجم البلدان لياقوت الحموي )‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل { وَقَالُوا ال تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَال تَذَرُنَّ وَدًّا وَال سُوَاعًا وَال يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَ َنسْرًا } نوح ‪38‬‬
‫الرابع ‪ :‬يعوق‬
‫جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا ‪ :‬يعوق من اآللهة الخمسة التي ذكرها‬
‫القرآن عند قوم نوح ‪ ,‬وهو أحد أهم اآللهة التي عبدها العرب في الجاهلية‪0‬‬
‫المظهر واالعتقاد‬
‫كان يعوق على صورة فرس مصنوعا من الصفر والرصاص ‪ ,‬واسمه‬
‫مشتق من الفعل عاق أي ثبطه ‪ ,‬مما يوحي بأنه كان إلها معيقا ‪0‬‬
‫العبــــــــــادة‬
‫اْلصل في عبادة يعوق أن عمرو بن لحي الخزاعي استخرج تمثاله من شط‬
‫جده مع تماثيل أربعة آلهة أخرى هم ‪ :‬ود وسواع ويغوث ونسر ووزع تلك‬
‫‪32‬‬
‫التماثيل على القبائل العربية في موسم الحج ‪ ,‬فجاء مالك بن مرثد الهمداني‬
‫فأعطاه عمرو تمثال يعوق فنصبه في موضع خيوان بالقرب من صنعاء ‪,‬‬
‫فعبدته قبيلة همدان ومن واالها من أهل اليمن ‪ ,‬وتقول رواية أخرى أوردها‬
‫الطبري أن عبادة يعوق كانت في كهالن توارثتها اْلجيال إلى أن استقرت‬
‫عبادته في قبيلة همدان ‪0‬‬
‫يذكر أن عبادة يعوق لم تكن منتشرة بين العرب عامة ويظهر أنها كانت‬
‫محصورة على قبيلة همدان ‪ -‬التي عبدت يغوث بشكل رئيسي ‪ -‬ولم يذكر‬
‫اإلخباريون أن العرب تسمت بأسماء تتعبد فيها ليعوق مثل عبد يعوق أو‬
‫أمة يعوق ‪ ,‬بل أن ورد بيت شعر ينسب إلى مالك بن نبط الهمداني الملقب‬
‫بذي المعشار يذم عبادة يعوق ويدعو إلى عبادة هللا ‪:‬‬
‫يريش هللا في الدنيا ويبري ‪ ,,,‬و ال يبرى يعوق وال يريش‬
‫و يعلل المؤرخون ذلك بأن همدان قد اختلطت بحمير ‪ -‬التي كانت يهودية ‪-‬‬
‫فتركوا الوثنية واعتنقوا اليهودية ‪ ,‬وبذلك يستنتجون أن عبادته قد ماتت قبل‬
‫اإلسالم ‪0‬‬
‫بــعد اإلسالم‬
‫بعد انتشار الدعوة اإلسالمية في الجزيرة العربية ترك العرب الوثنية‬
‫وأسلموا‪ ,‬ولم تذكر كتب التاريخ كيفية القضاء التام على عبادة يعوق وال‬
‫عن هدم معبده أو كسر تمثاله ‪0‬‬
‫( للفائدة راجع كتاب األصنام البن الكلبي ‪ -‬تاريخ الطبري ‪ -‬معجم البلدان‬
‫لياقوت الحموي ‪ -‬القاموس المحيط للفيروزآبادي )‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫َ‬
‫اخلامس ‪ :‬نسر‬
‫قال تعاىل { وَقَالُوا ال تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَال تَذَرُنَّ وَدًّا وَال سُوَاعًا وَال يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَ َنسْرًا } نوح ‪38‬‬
‫نسر كان ل ِح ْم َير ولذي الكالع على صورة النسر من الطير‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل { وَقَالُوا ال تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَال تَذَرُنَّ وَدًّا وَال سُوَاعًا وَال يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَ َنسْرًا } نوح ‪38‬‬
‫‪33‬‬
‫السادس ‪ :‬البعل‬
‫المعنى‬
‫ورد في قاموس الكتاب المقدس ‪ :‬البعل بعليم ‪ :‬اسم سامي معناه رب أو‬
‫سيد أو زوج ‪ ,‬وهو إله كنعاني وكان ابن اإلله أيل وزوج اآللهة بعلة أو‬
‫عشيرة أو عنات أو عشتاروت ويعرف كاإلله هدد ‪ ,‬وكان غلة المزارع‬
‫ورب الخصب في الحقول وفي الحيوانات والمواشي ‪ ,‬وقد أولع أهل‬
‫المشرق ج ّداّ بعبادة البعل ‪0‬‬
‫وكانوا يختارون اْلماكن المرتفعة كالجبال والتالل ذات المناظر الجميلة‬
‫فيبنون عليها اْلبنية الفاخرة المزخرفة وي ّكرسونها لهذا اإلله العظيم عندهم‬
‫‪ ,‬وقد صار البعل بعد ذلك عثرة لإلسرائيليين الذين كسروا شريعة هللا‬
‫بإدخالهم عبادة هذا اإلله إلى بالدهم ‪0‬‬
‫وباالختصار نقول أن عبادة البعل كانت عمومية بين أهالي المشرق في‬
‫الزمان القديم ولذلك ترى له أسماء عديدة ‪ ,‬وما ذلك إال ْلن كل أمة كانت‬
‫تسميه باسم يعرف به عنده باسم يعرف به عند قومها ‪ ,‬وكان االسم من‬
‫أسمائه يبتدي غالبا ً ببعل وينتهي باسم تلك البالد أو المدينة الموجود هو فيها‬
‫‪ ,‬أو بشيء ينسب إليه نحو بعل فغور‪ ,‬وبعل زبوب ‪ -‬أي إله الذبان وهو إله‬
‫عقرون ‪ ,‬وكان للبعل كهنة كثيرون يخدعون الناس بسحرهم وشعوذتهم‬
‫وأعمال أخرى ينسبونها إللههم ‪ ,‬كما نرى من قصة إيليا وأنبياء البعل ‪,‬‬
‫فإنه قتل منهم نحو ‪ 450‬نفسا ً فاظهر بذلك للناس كذبهم وعدم قدرة آلهتهم‬
‫على عمل العجائب ‪0‬‬
‫قال الراغب األصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن ‪ :‬البعل هو الذكر من‬
‫الزوجين ‪ ,‬وجمعه بعولة ‪ ,‬نحو ‪ :‬فحل وفحولة ‪ ,‬سمى العرب معبودهم‬
‫الذين يتقربون به إلى هللا بعال ‪0‬‬
‫قال ابن كثير ‪ :‬قال ابن عباس رضي هللا عنهما ومجاهد وعكرمة وقتادة‬
‫والسدي بعال يعني ربا ‪ ,‬قال عكرمة وقتادة وهي لغة أهل اليمن ‪ ,‬وفي‬
‫رواية عن قتادة والسدي بعال يعني ربا ‪ ,‬قال عكرمة وقتادة وهي لغة أهل‬
‫اليمن ‪ ,‬وفي رواية عن قتادة قال ‪ :‬وهي لغة أزد شنوءة ‪ ,‬وقال ابن إسحاق‬
‫أخبرني بعض أهل العلم أنهم كانوا يعبدون امرأة اسمها بعل ‪ :‬وقال عبد‬
‫الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه هو اسم صنم كان يعبده أهل مدينة يقال‬
‫‪34‬‬
‫لها بعلبك غربي دمشق ‪ ,‬وقال الضحاك هو صنم كانوا يعبدونه ‪ ,‬وقوله‬
‫تعالى‪ { :‬أتدعون بعال } أي أتعبدون صنما ‪ ,‬وقال الفخر الرازي في‬
‫المفاتيح الغيب فيه أبحاث ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬في بعل قوالن أحدهما ‪ :‬أنه اسم علم لصنم كان لهم كمناة وهبل ‪,‬‬
‫وقيل كان من ذهب ‪ ,‬وكان طوله عشرين ذراعا وله أربعة أوجه ‪ ,‬وفتنوا‬
‫به وعظموه ‪ ,‬حتى عينوا له أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياء ‪ ,‬وكان‬
‫الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلم بشريعة الضاللة ‪ ,‬والسدنة يحفظونها‬
‫ويعلمونها الناس وهم أهل بعلبك من بالد الشام ‪ ,‬وبه سميت مدينتهم بعلبك‬
‫‪ ,‬واعلم أن قولهم بعل اسم لصنم من أصنامهم ال بأس به ‪0‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن البعل هو الرب بلغة اليمن ‪ ,‬يقال من بعل هذه الدار ‪ ,‬أي من‬
‫ربها ‪ ,‬وسمي الزوج بعال لهذا المعنى ‪0‬‬
‫ويقول ابن عاشور في التحرير والتنوير ‪ :‬وأصل البعل في كالمهم ‪ ,‬السيد‬
‫‪ ,‬وهو كلمة سامية قديمة ‪ ,‬فقد سمى الكنعانيون الفينيقيون معبودهم بعال‬
‫وقيل ‪ :‬البعل ‪ :‬الذكر ‪ ,‬وتسمية المعبود بعال ْلنه رمز إلى قوة الذكورة ‪,‬‬
‫ولذلك سمي الشجر الذي ال يسقى بعال ‪ ,‬وجاء جمعه على وزن فعولة ‪,‬‬
‫وأصله فعول المطرد في جمع فعل ‪ ,‬لكنه زيدت فيه الهاء لتوهم معنى‬
‫الجماعة فيه ‪ ,‬ونظير قولهم ‪ :‬فحولة وذكورة وكعوبة وسهولة ‪ ,‬جمع‬
‫السهل‪ ,‬ضد الجيل ‪ ,‬وزيادة الهاء في مثله سماعي ؛ ْلنها ال تؤذن بمعنى ‪,‬‬
‫غير تأكيد معنى الجمعية بالداللة على الجماعة ‪ ,‬وبعل اسم صنم الكنعانيين‬
‫وهو أعظم أصنامهم ْلن كلمة بعل في لغتهم تدل على معنى الذكورة ‪ ,‬ثم‬
‫دلت على معنى السيادة فلفظ البعل يطلق على الذكر‪ ,‬وهو عندهم رمز على‬
‫الشمس ويقابله كلمة تانيت بمثناتين ‪ ,‬أي اْلنثى وكانت لهم صنعة تسمى‬
‫عند الفينيقيين بقرطاجنة تانيت وهي عندهم رمز القمر وعند فينيقيي أرض‬
‫فينيقية الوطن اْلصلي للكنعانيين تسمى هذه الصنمة العشتاروث ‪ ,‬وقد‬
‫أطلق على بعل في زمن موسى عليه السالم اسم مولك أيضا ‪ ,‬وقد مثلوه‬
‫بصورة إنسان له رأس عجل وله قرنان وعليه إكليل وهو جالس على‬
‫كرسي مادا يديه كمن يتناول شيئا وكانت صورته من نحاس وداخلها‬
‫مجوف وقد وضعوها على قاعدة من بناء كالتنور فكانوا يوقدون النار في‬
‫ذلك التنور حتى يحمى النحاس ويأتون بالقرابين فيضعونها على ذراعيه‬
‫فتحترق بالحرارة فيحسبون لجهلهم الصنم تقبلها وأكلها من يديه ‪ ,‬وكانوا‬
‫يقربون له أطفاال من أطفال ملوكهم وعظماء ملتهم ‪ ,‬وقد عبده بنو إسرائيل‬
‫غير مرة تبعا للكنعانيين ‪ ,‬والعمونيين ‪ ,‬والمؤبيين وكان لبعل من السدنة في‬
‫‪35‬‬
‫بالد السامرة ‪ ,‬أو مدينة صرفة أربعمائة وخمسون سادنا ‪ ,‬وتوجد صورة‬
‫بعل في دار اآلثار بقصر اللوفر في باريس منقوشة على وجه حجارة‬
‫صوروه بصورة إنسان على رأسه خوذة بها قرنان وبيده مقرعة ‪ ,‬ولعلها‬
‫صورته عند بعض اْلمم التي عبدته وال توجد له صورة في آثار قرطاجنة‬
‫الفينيقية بتونس ‪ ,‬وقال النحاس في معاني القرآن ‪ :‬وحكى ابن إسحاق أن‬
‫بعال امرأة كانوا يعبدونها ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل { وَإِنَّ ِإلْيَاسَ لَمِنَ الْمُ ْر َسلِنيَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ َألَا تَتَّقُونَ أَتَدْعُونَ َب ْعالً وَتَذَرُو َن‬
‫حسَنَ الْخَالِقِنيَ وَاللَّ َه رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُ ُم الْأ ََّولِنيَ } الصافات ‪731 –738‬‬
‫أَ ْ‬
‫السابع ‪ :‬العجل‬
‫جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا ‪ :‬عجل الذهب صنم صنع لإلسرائيليين‬
‫خالل غياب موسى عندما ذهب ليصعد جبل سيناء ‪ ,‬وحسب الكتاب العبري‬
‫المقدس صنعه هارون إلرضاء اإلسرائيليين بينما يقول القرآن إن صانعه‬
‫السامري ‪0‬‬
‫خطيئة العجل‬
‫تعرف الحادثة بالعبرية بخطيئة العجل ‪ ,‬وهي مذكورة في سفر الخروج‬
‫وسورة طه ‪ ,‬وكان العبرانيون قد أتوا من مصر حيث كان يعبد شيء مشابه‬
‫هو عجل أبيس والذي أحيا العبرانيون ذكراه في الصحراء ‪ ,‬وقد انتشرت‬
‫عبادة عجل بري هو اْلرخص في الشرق القريب ومنطقة بحر إيجة ‪,‬‬
‫واعتبر عجل القمر ومخلوق اإلله إيل ‪ ,‬وفي الحضارة المينوية كان هناك‬
‫عجل كريت في الميثولوجيا اإلغريقية ‪0‬‬
‫في اإلسالم‬
‫لقد ذكرت هذه الحادثة في القرآن ‪ ,‬حيث ذهب موسى إلى جبل الطور‬
‫ليناجي ربه ‪ ,‬فصنع رجل يدعى السامري عجالً ‪ ,‬ولما رجع موسى إليهم ‪,‬‬
‫ورأى ما هم عليه من عبادة العجل ‪ ,‬ومعه اْللواح المتضمنة التوراة ثم‬
‫ضلُّوا أَالَّ‬
‫ك إِ ْذ َرأَ ْي َت ُه ْم َ‬
‫أقبل على أخيه هارون قائالً له ﴿ َيا َهارُونُ َما َم َن َع َ‬
‫َت َّت ِب َعنِي ﴾ أي لما رأيت ما صنعوا اتبعتني فأعلمتني بما فعلوا‪ ,‬فقال ﴿ إِ ِّني‬
‫‪36‬‬
‫َخشِ ُ‬
‫يت أَنْ َتقُو َل َفرَّ ْق َ‬
‫ت َبي َْن َبنِي إسرائِي َل ﴾ أي تركتهم وجئتني وأنت قد‬
‫استخلفتني فيهم ‪ ,‬وقد قال القران في سورة اْلعراف اآليات ‪﴿ 154 -140‬‬
‫َوا َّت َخ َذ َق ْو ُم مُو َسى ِمنْ َبعْ ِد ِه ِمنْ ُحلِي ِِّه ْم عِ جْ الً َج َسداً لَ ُه ُخ َوا ٌر أَلَ ْم َي َر ْوا أَ َّن ُه ال‬
‫ِيه ْم َو َرأَ ْوا‬
‫ِيه ْم َس ِبيالً ا َّت َخ ُذوهُ َو َكا ُنوا َظالِم َ‬
‫ِين َولَمَّا ُس ِق َط فِي أَ ْيد ِ‬
‫ُي َكلِّ ُم ُه ْم َوال َي ْهد ِ‬
‫ين َولَمَّا‬
‫ضلُّوا َقالُوا لَ ِئنْ لَ ْم َيرْ َح ْم َنا َر ُّب َنا َو َي ْغ ِفرْ لَ َنا لَ َن ُكو َننَّ ِمنْ ْال َخاسِ ِر َ‬
‫أَ َّن ُه ْم َق ْد َ‬
‫ان أَسِ فا ً َقا َل ِب ْئ َس َما َخلَ ْف ُتمُونِي ِمنْ َبعْ دِي أَ َع ِج ْل ُت ْم‬
‫َر َج َع مُو َسى إِلَى َق ْو ِم ِه َغضْ َب َ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫س أَخِي ِه َي ُجرُّ هُ إِ َل ْي ِه َقا َل ابن أ ُ َّم إِنَّ ْال َق ْو َم‬
‫أَ ْم َر َر ِّب ُك ْم َوأَ ْل َقى اْل ْل َوا َح َوأَ َخ َذ ِب َرأ ِ‬
‫اسْ َتضْ َعفُونِي َو َكا ُدوا َي ْق ُتلُو َننِي َفال ُت ْشم ْ‬
‫ِت ِبي اْلَعْ دَ ا َء َوال َتجْ َع ْلنِي َم َع ْال َق ْو ِم‬
‫َّ‬
‫ِين َقا َل َربِّ ْ‬
‫ك َوأَ ْن َ‬
‫ت أَرْ َح ُم‬
‫اغ ِفرْ لِي َوْلَخِي َوأَ ْدخ ِْل َنا فِي َرحْ َم ِت َ‬
‫الظالِم َ‬
‫ضبٌ ِمنْ َرب ِِّه ْم َو ِذلَّ ٌة فِي ْال َح َيا ِة‬
‫ِين ا َّت َخ ُذوا ْال ِعجْ َل َس َي َنالُ ُه ْم َغ َ‬
‫ِين إِنَّ الَّذ َ‬
‫الرَّ ا ِحم َ‬
‫ت ُث َّم َتابُوا ِمنْ َبعْ ِد َها‬
‫ِين َع ِملُوا ال َّس ِّي َئا ِ‬
‫ين َوالَّذ َ‬
‫ك َنجْ ِزي ْال ُم ْف َت ِر َ‬
‫ال ُّد ْن َيا َو َك َذ ِل َ‬
‫َّك ِمنْ َبعْ ِد َها لَ َغفُو ٌر َرحِي ٌم َولَمَّا َس َك َ‬
‫ضبُ أَ َخ َذ‬
‫ت َعنْ مُو َسى ْال َغ َ‬
‫َوآ َم ُنوا إِنَّ َرب َ‬
‫ُون ﴾ ‪0‬‬
‫ِين ُه ْم ل َِرب ِِّه ْم َيرْ َهب َ‬
‫اْلَ ْل َوا َح َوفِي ُنسْ َخ ِت َها ه ًُدى َو َرحْ َم ٌة لِلَّذ َ‬
‫السامري‬
‫السامري شخصية يهودية ‪ ,‬هو الذي ذكر في القرآن الكريم في سورة طه ‪,‬‬
‫وهو الذي أغوى بني إسرائيل بعد أن ذهب موسى إلى هللا فأخرج السامري‬
‫عجال جسدا له خوار ‪ ,‬فأضل كثيرا من بني إسرائيل ‪ ,‬ودعا سيدنا موسى‬
‫مساس وإن لك موعداً‬
‫عليه دعاء ( قال فاذهب فإن لك في الحيا ِة أن تقول ال‬
‫َ‬
‫لن تخلفه ) ‪0‬‬
‫قصته مع موسى عليه السالم كما في القرآن والسنة‬
‫في زمن موسى عندما نجاهم هللا من فرعون وأغرقه وقومه ‪ ,‬وانطلقوا إلى‬
‫تلك الصحراء متوجهين إلى جهة فلسطين ‪ ,‬في طريقهم رأوا عجال يعبد من‬
‫دون هللا قالوا يا موسى اجعل لنا ال ًه مثله ‪ ,‬قال ‪ :‬إنكم قوم تجهلون ‪ ,‬للتو‬
‫أنجاكم هللا عز وجل من فرعون واآلن يطالبون بإله غيره ‪ ,‬فقد أنذرهم‬
‫ونبههم عليه السالم من عبادة غير هللا جل وعال ‪ ,‬فانطلق حتى جاء يوم‬
‫الميعاد الذي وعد هللا فيه موسى بأن يكلمه ‪ ,‬وأن يعلمه ‪ ,‬وموسى عليه‬
‫السالم كليم هللا ‪ ,‬موسى قبل أن يترك بني إسرائيل في تلك اْلرض ليكلم‬
‫ربه عز وجل أمر عليهم النبي هارون عليه السالم ( أخاه ) نبي من أنبياء‬
‫هللا أمره على قومه ثم ذهب ليكلم هللا جل وعال ‪ ,‬ثالثين ثم صارت أربعين‬
‫يوما ‪ ,‬هارون جالس مع قومه وبجانبه بنو إسرائيل وكان فيهم رجل اسمه‬
‫السامري ‪ ,‬كان فيه خبث ونفاق وتظاهر باإليمان ولكن قلبه لم يكن مؤمنا‬
‫‪30‬‬
‫باهلل جل وعال ‪ ,‬لما رأى جبريل عليه السالم عندما اغرق فرعون ‪ ,‬رأى‬
‫فرس جبريل عليه السالم فأخذ أثره من على اْلرض أخذه واحتفظ به ‪,‬‬
‫ولما خرجوا من مصر استعاروا ذهبا من فرعون وقومه [ أوزار القوم ] ‪,‬‬
‫فجاءهم السامري فقال ‪ :‬أين الذهب ‪ ,‬قال أريد أن أخلصكم منه ‪ ,‬فصهره‬
‫فصار على شكل عجل ثم رمى عليه التراب التي كان عليها اثر المالك‬
‫قيل( وهللا اعلم ) أن العجل بدأ يصدر خوار ‪ ,‬قال ‪ :‬أتعلمون ما هذا ؟ قالوا‬
‫‪ :‬ال ‪ ,‬قال { إ َن ُه إِلَ ُه ُك ْم وإلَ ُه مُو َسى َف َنسِ ي } قال ‪ :‬ألم يذهب ليكلم ربه ؟ قال ‪:‬‬
‫نسي نسي أن اإلله موجود هنا ‪ ,‬قال هارون ‪ :‬اتقوا هللا ‪ ,‬ماذا تفعلون ‪,‬‬
‫أخذوا يطوفون حول هذا العجل ‪ ,‬ويعبدونه من دون هللا جل وعال ‪ ,‬قال ‪:‬‬
‫إن ربكم الرحمن فاتبعوني واطيعو أمري ‪ ,‬فهددوه ‪ ,‬وكادوا أن يقتلوه ‪,‬‬
‫قالوا ‪ :‬اذهب ‪ ,‬فانا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ‪ ,‬فننتظر‬
‫أخاه حتى يرجع ‪ ,‬فقال هللا عز وجل لموسى ‪ :‬إنا فتنا قومك من بعدك‬
‫والسامري أضلهم ‪ ,‬فغضبه هلل جعله يسرع ‪ ,‬وكان بيده ألواح ‪ ,‬كان فيها‬
‫هدى ورحمة ‪ ,‬لقوم يؤمنون ‪ ,‬فرمى اْللواح غضبا له جل وعال ‪ ,‬فرجع‬
‫إلى قومه غضبان أسفا‪ ,‬قال { َيا َق ْو ِم أَلَ ْم َيع ِْد ُك ْم َر ُّب ُك ْم َوعْ ًدا َح َس ًنا أَ َف َطا َل‬
‫ضبٌ ِمنْ َر ُّب ُك ْم َفأ َ ْخلَ ْف ُت ْم َم ْوعِ دِي }(‬
‫َعلَ ْي ُك ُم ْال َع ْه ُد أَ ْم أَر ّْد ُت ْم اَنْ َي ِح َّل َعلَ ْي ُك ْم َغ َ‬
‫سورة طه ) قالوا ‪ :‬لم نخلف موعدك بملكنا فأوتينا أوزارا من القوم فأخذها‬
‫السامري فجعل لنا العجل‪ ,‬وكذلك ألقى ‪ ,‬فعرف موسى أن الذي أضلهم هو‬
‫السامري ‪ ,‬فذهب موسى وهو غضبان إلى أخيه هارون فقال ‪ :‬يا هارون‬
‫ألم أُأَمرك عليهم ‪ ,‬ألم أقل لك أن تهديهم ‪ ,‬قال ‪ :‬يا ابن أم ال تأخذ بلحيتي‬
‫وال برأسي ‪ ,‬إنهم هددوني ‪ ,‬وكادوا أن يقتلوني ‪ ,‬وإني خشيت أن تقول قد‬
‫فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ‪ ,‬فال تشمت بي اْلعداء ‪ ,‬ثم تركه‬
‫ك َيا َسام ِِري َقا َل َبصُرْ ُ‬
‫ت ِب َما‬
‫موسى ‪ ,‬وذهب إلى السامري ‪ ,‬فقال { َما َخ ْط ُب َ‬
‫ك َسوَّ لَ ْ‬
‫صرُو ِب ِه َو َق َبضْ ُ‬
‫ت لِي‬
‫لَ ْم َي ْب ُ‬
‫ُول َف َن َب ْذ ُت َها َو َك َذلِ َ‬
‫ت َق ْب َ‬
‫ض ًة ِمنْ أَ َث ِر الرَّ س ِ‬
‫َن ْفسِ ي } ‪ ,‬فاعترف ‪ ,‬فحكم عليه ‪ :‬اذهب ‪ ,‬ال نريدك ‪ ,‬إن لك في الحياة أن‬
‫ال تمس وال ُتمس ‪ ,‬وان جزائك عند ربك ‪ ,‬ونظر إلى إلهك الذي عبدت‬
‫الناس إياه ‪ ,‬فصهره موسى عليه السالم ‪ ,‬ثم نفره في البحر‪ ,‬فكان عقوبة‬
‫اآلالف من بني إسرائيل الموت ‪ ,‬حكم هللا عليه أن يتوبوا إليه ويقتل بعضهم‬
‫بعضا ‪ ,‬ثم أخرجوا السيوف وقتلوا بعضهم بعضا ‪ ,‬فأخذ عليه السالم يبحث‬
‫عن اْللواح التي رماها ‪ ,‬فردها إليه ‪ ,‬ففيها هدى للناس ‪0‬‬
‫‪30‬‬
‫السامري في تفسير القرطبي‬
‫السامري اسمه موسى بن ظفر ‪ ,‬ينسب إلى قرية تدعى سامرة ‪ ,‬ولد عام‬
‫قتل اْلبناء ‪ ,‬وأخفته أمه في كهف جبل فغذاه جبريل فعرفه لذلك ؛ فأخذ‬
‫حين عبر البحر على فرس وديق ليتقدم فرعون في البحر ‪ -‬قبضة من أثر‬
‫حافر الفرس ‪ ,‬وهو معنى قوله { فقبضت قبضة من أثر الرسول } [طه‬
‫‪ , ] 96‬وكان موسى وعد قومه ثالثين يوما ‪ ,‬فلما أبطأ في العشر الزائدة‬
‫ومضت ثالثون ليلة قال لبني إسرائيل وكان مطاعا فيهم ‪ :‬إن معكم حليا من‬
‫حلي آل فرعون ‪ ,‬وكان لهم عيد يتزينون فيه ويستعيرون من القبط الحلي‬
‫فاستعاروا لذلك اليوم ؛ فلما أخرجهم هللا من مصر وغرق القبط بقي ذلك‬
‫الحلي في أيديهم ‪ ,‬فقال لهم السامري ‪ :‬إنه حرام عليكم ‪ ,‬فهاتوا ما عندكم‬
‫فنحرقه ‪ ,‬وقيل ‪ :‬هذا الحلي ما أخذه بنو إسرائيل من قوم فرعون بعد الغرق‬
‫‪ ,‬وأن هارون قال لهم ‪ :‬إن الحلي غنيمة ‪ ,‬وهي ال تحل لكم ؛ فجمعها في‬
‫حفرة حفرها فأخذها السامري ‪ ,‬وقيل ‪ :‬استعاروا الحلي ليلة أرادوا الخروج‬
‫من مصر‪ ,‬وأوهموا القبط أن لهم عرسا أو مجتمعا ‪ ,‬وكان السامري سمع‬
‫قولهم { اجعل لنا إلها كما لهم آلهة } [ اْلعراف ‪ , [ 130‬وكانت تلك‬
‫اآللهة على مثال البقر؛ فصاغ لهم عجال جسدا ‪ ,‬أي مصمتا ؛ غير أنهم‬
‫كانوا يسمعون منه خوارا ‪ ,‬وقيل ‪ :‬قلبه هللا لحما ودما ‪ ,‬وقيل ‪ :‬إنه لما ألقى‬
‫تلك القبضة من التراب في النار على الحلي صار عجال له خوار؛ فخار‬
‫خورة واحدة ولم يثن ثم قال للقوم { هذا إلهكم وإله موسى فنسي }[طه ‪]00‬‬
‫‪ ,‬يقول ‪ :‬نسيه ههنا وذهب يطلبه فضل عنه ‪ -‬فتعالوا نعبد هذا العجل ‪ ,‬فقال‬
‫هللا لموسى وهو يناجيه { فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري }‬
‫[طه ‪ , ] 05‬فقال موسى ‪ :‬يا رب ‪ ,‬هذا السامري أخرج لهم عجال من‬
‫حليهم ‪ ,‬فمن جعل له جسدا ؟ يريد اللحم والدم ومن جعل له خوارا ؟ فقال‬
‫هللا سبحانه ‪ :‬أنا فقال ‪ :‬وعزتك وجاللك ما أضلهم غيرك ‪ ,‬قال صدقت يا‬
‫حكيم الحكماء ‪ ,‬وهو معنى قوله { إن هي إال فتنتك } [اْلعراف ‪, ]155‬‬
‫وقال القفال ‪ :‬كان السامري احتال بأن جوف العجل ‪ ,‬وكان قابل به الريح ‪,‬‬
‫حتى جاء من ذلك ما يحاكي الخوار‪ ,‬وأوهمهم أن ذلك إنما صار كذلك لما‬
‫طرح في الجسد من التراب الذي كان أخذه من تراب قوائم فرس جبريل ‪,‬‬
‫وهذا كالم فيه تهافت ؛ قاله القشيري ‪ ,‬قوله تعالى { ألم يروا أنه ال يكلمهم }‬
‫بين أن المعبود يجب أن يتصف بالكالم { وال يهديهم سبيال } أي طريقا إلى‬
‫حجة { اتخذوه } أي إلها { وكانوا ظالمين } أي ْلنفسهم فيما فعلوا من‬
‫اتخاذه ‪ ,‬وقيل ‪ :‬وصاروا ظالمين أي مشركين لجعلهم العجل إلها ‪0‬‬
‫‪39‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫ورد لفظ العجل يف القرآن عشر مرات وهي اآلتي ‪:‬‬
‫قال تعاىل{ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِنيَ لَ ْيلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ‬
‫ظَالِمُونَ } البقرة ‪ ، 57‬وقال تعاىل { وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ َظلَمْتُمْ‬
‫خيْرٌ لَّكُمْ عِن َد‬
‫أَن ُفسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ ِإلَى بَارِئِكُمْ فَاقْ ُتلُواْ أَنفُسَكُمْ َذلِكُمْ َ‬
‫بَارِئِكُمْ فَتَابَ َعلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } البقرة ‪ ، 54‬وقال تعاىل { َولَقَدْ‬
‫جَاءَكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ } البقرة ‪، 73‬‬
‫وقال تعاىل { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِق َُّوةٍ‬
‫وَاسْمَعُو ْا قَالُوْا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَُأشْرِبُو ْا فِي ُقلُوبِهِ ُم الْعِجْ َل بِكُفْرِهِ ْم قُ ْل بِ ْئسَمَا يَأْمُرُكُمْ‬
‫بِهِ إِميَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِنيَ } البقرة ‪ ، 78‬وقال تعاىل { َيسْ َألُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن‬
‫تُنَزِّلَ َعلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَ َألُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن َذِلكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللَّهِ جَهْرَةً‬
‫فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِ ُظلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا‬
‫عَن َذِلكَ وَآتَيْنَا مُوسَى ُسلْطَانًا مُّبِينًا } النساء ‪ ، 758‬وقال تعاىل { وَاتَّخَذَ قَوْمُ‬
‫جالً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ َألَمْ يَرَوْا أَنَّهُ الَ يُ َكلِّمُهُمْ َوالَ‬
‫حلِيِّهِمْ عِ ْ‬
‫مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ ُ‬
‫يَهْدِيهِمْ سَبِيالً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِنيَ} األعراف ‪ ، 749‬وقال تعاىل { إِنَّ الَّذِي َن‬
‫اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَ ِذلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَ َذِلكَ نَجْزِي‬
‫جسَدًا لَهُ خُوَا ٌر‬
‫الْمُفْتَرِينَ } األعراف ‪ ، 753‬وقال تعاىل { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْال َ‬
‫فَقَالُوا هَذَا ِإلَهُكُمْ وَ ِإلَهُ مُوسَى فَ َن ِسيَ } طه ‪ ، 99‬وقال تعاىل { َولَقَدْ جَاءَتْ ُر ُسلُنَا‬
‫ث أَن جَا َء بِعِجْ ٍل حَنِي ٍذ } هود ‪، 17‬‬
‫إِبْرَاهِي َم بِالْ ُبشْرَى قَالُوْا سَالمًا قَا َل سَال ٌم فَمَا لَبِ َ‬
‫ني } الذاريات ‪31‬‬
‫وقال تعاىل { فَرَا َغ ِإلَى أَ ْهلِ ِه فَجَا َء بِعِجْ ٍل سَمِ ٍ‬
‫‪40‬‬
‫ُّ‬
‫الثامن ‪ :‬العزى‬
‫مقدمة‬
‫جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا ‪ :‬العزى هي من أعظم اإللهات التي‬
‫عبدها أهل مكة في الجزيرة العربية قبل اإلسالم ‪ ,‬وقد كانت طرفا في‬
‫الثالوث اإللهي الذي يجمعها مع الالت ومناة ‪ ,‬إال أنهم كانوا يفضلونها هي‬
‫وتأتي بعدها في المرتبة الثانية الالت ثم مناة ‪ ,‬وكانوا يعتقدون أيضا أنها‬
‫من بنات هللا ‪ ,‬كانت قريش تخصها بالعبادة ويعبدها أيضا كل من واالهم ‪,‬‬
‫وحسب رواية ابن الكلبي فإن أول من اتخذ العزى آلهة يعبدها هو ظالم بن‬
‫أسعد ‪0‬‬
‫المظهر واالعتقاد‬
‫أورد الطبري روايات تفيد بأن العرب كانوا يقدسون أجمة شجيرات على‬
‫أنها تمثلها ‪ ,‬وفي روايات أخرى ورد أنها حجر ‪ ,‬والغالب أنه كان للعزى‬
‫تمثاال على شكل امرأة ‪ ,‬ويظهر من اسمها الذي هو مشتق من العزة أنها‬
‫كانت إلهة قوية عزيزة تعز من عبدها ‪ ,‬وقد كانت قريش تحملها معها في‬
‫حروبها ‪ ,‬وكانوا يسمونها ملكة السماء ‪ ,‬وكانوا يرونها أيضً ا شديدة العقاب‬
‫واالنتقام ممن يعاديها ‪ ,‬وذلك أن امرأة رومية أسلمت فذهب بصرها بعد‬
‫إسالمها بقليل فقالت قريش ‪ :‬ما أذهب بصرها إال الالت والعزى فلما بلغ‬
‫المرأة الرومية كالمهم قالت ‪ :‬كذبوا وبيت هللا ما تضران الالت والعزى ‪0‬‬
‫العبادة‬
‫اْلصل في عبادة العزى كما ذكر ابن الكلبي أن ظالمًا بن أسعد لما رأى‬
‫القرشيون يطوفون بالكعبة ويسعون بين الصفا والمروة ذرع البيت ( أي‬
‫قاسه بالذراع ) وأخذ حجرا من الصفا وحجرا من المروة ورجع إلى قومه‬
‫وقال ‪ :‬يا معشر غطفان ‪ ,‬لقريش بيت يطوفون حوله والصفا والمروة وليس‬
‫لكم شيء ‪ ,‬فلنبني بيتا على قدر البيت ثم وضع الحجرين وقال ‪ :‬هذان‬
‫الصفا والمروة ‪ ,‬فاجتزءوا به عن الحج فأطاعوه ‪ ,‬ثم قال بنو صداء ‪ :‬أما‬
‫وهللا لنتخذن حرمًا مثل حرم مكة ‪ ,‬ال يقتل صيده ‪ ,‬وال يعضد شجره ‪ ,‬وال‬
‫يهاج عائذه ‪ ,‬فقام بنو مرة بن عوف وتولوا فعل ذلك وعينوا رباح بن ظالم‬
‫قائما على أمر الحرم وبناء حائطه وتعاونوا على إنجازه واختاروا إللهتهم‬
‫شعبًا اسمه سقام في وادي حراض شرق مكة ‪ ,‬وكانوا مقيمين عند ينبوع‬
‫‪41‬‬
‫ماء لهم يقال له بُسّ ‪ ,‬فسموا بيت العزى باسم ذلك المكان ‪ ,‬وعكفوا‬
‫يعبدونها ويقيمون شعائرها ‪ ,‬فلما تناهى الخبر إلى مسمع زهير بن جناب‬
‫الكلبي قال ‪ :‬وهللا ال يكون ذلك وأنا حي ‪ ,‬وال أخلي غطفان تتخذ حرمًا أبدا‬
‫‪ ,‬ثم سار في قومه حتى غزا غطفان وتمكن منها ‪ ,‬واستولى على الحرم ‪,‬‬
‫وقطع رقبة أسير من غطفان به ليخفر ذمة الحرم ويريق به الدم فال يعود‬
‫طاهرا ‪ ,‬ثم إنه هدم البُسّ ‪ ,‬وكان هذا هو الهدم اْلول لبيت العزى ‪ ,‬ثم‬
‫أقاموا لها بناءا آخرا غير الذي هدم ‪ ,‬وكانت قريش تعظم العزى وتخصها‬
‫بالزي ارة والهدية دون غيرها من اآللهة ‪ ,‬وكانوا يضعون الهدايا في حفرة‬
‫يسمونها الغبغب أمام تمثال العزى في معبدها ‪ ,‬وكان للعزى أيضا منحرا‬
‫داخل البُسّ تنحر عليه القرابين ‪ ,‬وكانت قريش إذا فرغت من حجها ال‬
‫يحلون حتى يأتون العزى ويطوفون بها ويعكفون عندها يوما كامال ‪ ,‬وقد‬
‫عرف عبادة العزى أيضا بعض الشعوب من اليمانيين وكانوا يسمونها‬
‫عزيان ‪ ,‬وكان اْلنباط وآل لخم ملوك الحيرة يعبدونها أيضا ‪ ,‬إال أن عبادة‬
‫آل لخم للعزى كانت مختلفة ومتطرفة بعض الشيء ‪ ,‬فقد كانوا يتقربون‬
‫إليها بالذبائح البشرية ‪ ,‬فيقال أن المنذر ملك الحيرة قد تقرب للعزى بذبح‬
‫ابن الملك الغساني الحارث ‪ ,‬وقد ورد في تواريخ السريان أن المنذر بن‬
‫ماء السماء قد ضحى بأربعمائة راهبة مسيحية للعزى ‪ ,‬وذكر إسحاق‬
‫اْلنطاكي أن العرب كانوا يقدمون اْلوالد والبنات قرابينً للعزى فينحرونهم‬
‫لها ‪ُ ,‬‬
‫وذك َِر أيضا أن في معركة أحد التي قامت بين قريش والمسلمين ‪,‬‬
‫حملت قريش آلهتها معهم لحمايتهم ونصرهم وكان ممن حملوا من آلهتهم‬
‫الالت والعزى ‪ ,‬فلما انتصر القرشيون في المعركة صاح أبو سفيان قائال ‪:‬‬
‫أُعْ ُل ُه َبل ( أي عال دينك ) فقال المسلمون ‪ :‬هللا أعلى وأَ َج ّل ‪ ,‬فقال أبو‬
‫سفيان ‪ :‬لنا العزى وال عزى لكم ‪ ,‬فقال الرسول ‪ :‬أال تجيبونه ؟ فقال‬
‫المسلمون ‪ :‬يا رسول هللا وما نقول ؟ قال ‪ :‬قولوا ‪ :‬هللا موالنا وال مولى لكم‬
‫‪ ,‬وقد كانوا يحلفون بالعزى أيضا وغالبا ما تكون معطوفة على الالت‬
‫فتراهم يقولون ‪ :‬والالت والعزى ‪ ,‬وكانوا أيضا إذا أرادوا القيام بأمر‬
‫والتبس عليهم قاموا إلى العزى ليستشيرونها في ذلك اْلمر وكانوا يذهبون‬
‫إلى السادن بالهدايا والقرابين ثم يخبرونه باْلمر الذي جاؤوا من أجله‬
‫فيدخل السادن ويسأل العزى ثم يعود السادن ويدخل الرجل معه أمامها‬
‫فتجيبه بصوت يسمعه السائل ‪ ,‬وكان بعض العرب يتسمون بأسماء يتعبدون‬
‫فيها للعزى كـأمة العزى وعبد العزى ‪0‬‬
‫‪42‬‬
‫ما بعد اإلسالم‬
‫لما ظهرت الدعوة اإلسالمية في مكة قاتل الناس دفاعا عن آلهتهم وذكر‬
‫القرآن رأيهم في تلك الدعوة في سورة ص { َو َع ِجبُوا أَن َجا َءهُم مُّن ِذ ٌر ِّم ْن ُه ْم ۖ‬
‫ُون َه َذا َسا ِح ٌر َك َّذأبٌ أَ َج َع َل ْاآللِ َه َة إِلَهًا َوا ِح ًدا إِنَّ َه َذا َل َشيْ ٌء‬
‫َو َقا َل ْال َكا ِفر َ‬
‫ع َُجأبٌ } وقد كان سادن العزى في بداية اإلسالم رجل من بني سليم يقال له‬
‫أفلح بن نضر الشيباني ‪ ,‬فلما حضرته الوفاة دخل عليه أبو لهب وهو حزين‬
‫‪ ,‬فقال له أبو لهب ‪ :‬ما لي أراك حزينا ؟ فقال أفلح ‪ :‬أخاف أن تضيع العزى‬
‫من بعدي ‪ ,‬فقال له أبو لهب ‪ :‬فال تحزن ‪ ,‬فأنا أقوم عليها بعدك ‪ ,‬فصار أبو‬
‫لهب يقول لكل من لقيه ‪ :‬إن تظهر العزى ( أي إذا ظهرت عبادتها وأفل‬
‫نجم اإلسالم ) كنت قد اتخذت يدا عندها بقيامي عليها ( أي أني قد أرضيتها‬
‫بأن عرضت أن أكون سادنا لها ) ‪ ,‬وإن يظهر محمد على العزى ‪ -‬وال أراه‬
‫يظهر ‪ -‬فابن أخي ( أي أنه ابن أخي وال أراه يغضب علي ) ‪0‬‬
‫نهاية عبادة العزى‬
‫كانت نهاية عبادة العزى في السنة الثامنة للهجرة في الخامس والعشرين من‬
‫شهر رمضان عندما بعث النبي محمد ‪ ‬خالد بن الوليد في ثالثين فارسا‬
‫من أصحابه ليهدم البُسّ ويدمر العزى ويقضي على عبادتها ‪ ,‬وقد اختلف‬
‫الرواة في سرد قصة الهدم على ثالث روايات ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬بعث النبي ‪ ‬خالد بن الوليد ليهدم بيت العزى ‪ ,‬فلما وصل إليها‬
‫أخذ خالد فأسا ودخل البيت فلقيه سادنها ُد َبيَّة بن حرمي السلمي فقال لخالد ‪:‬‬
‫يا خالد أنا أحذركها إن لها شدة ال يقوم إليها شيء ‪ ,‬فلم يلتفت خالد إليه‬
‫فمشى إليها بالفأس فهشم أنفها ‪ ,‬فلما رأى السادن ذلك صاح يقول ‪ :‬أَ ُع ّزى‬
‫اغضبي بعض غضباتك فخرجت عليه امرأة حبشية عريانة مولولة ‪ ,‬فقتلها‬
‫خالد وأخذ ما في البيت من حلية ‪ ,‬ثم أتى النبي فأخبره بذلك ‪ ,‬فقال النبي ‪‬‬
‫‪ :‬تلك العزى ‪ ,‬وال تعبد العزى أب ًدا ‪0‬‬
‫الثانية ‪ :‬بعث النبي ‪ ‬خالد بن الوليد وقال له ‪ :‬إيت بطن نخلة ( اسم‬
‫موضع ) فإنك تجد ثالث سمرات فاعضد اْلولى ‪ ,‬فأتاها خالد فعضدها‬
‫وجاء إلى النبي فسأله النبي قال ‪ :‬هل رأيت شيئا ؟ قال ‪ :‬ال ‪ ,‬قال ‪ :‬فاعضد‬
‫الثانية ‪ ,‬فأتاها خالد فعضدها ورجع إلى النبي ‪ ‬فسأله‪ :‬هل رأيت شيئا ؟‬
‫قال خالد ‪ :‬ال ‪ ,‬قال ‪ :‬فاعضد الثالثة ‪ ,‬فعاد خالد ليعضد الثالثة فإذا هو‬
‫بحبشية نافشة شعرها واضعة يدها على عاتقها تصرف بأنيابها ( أي تصدر‬
‫صوتا بأنيابها ) ومن خلفها دبية بن حرمي السلمي ‪ ,‬فلما نظر إلى خالد قال‬
‫‪43‬‬
‫‪ :‬أَع َُّزى ُ‬
‫ش ِّدي َش َّد ًة ال ُت َك ّذبي على خالد ألقي ال ِخ َمار و َشمِّري فإنك إال تقتلي‬
‫صري ‪ ,‬فقال خالد ‪ :‬يا عز كفرانك ال‬
‫اليوم خالدا تبوئي بذل عاجل و َت َن َّ‬
‫سبحانك إني رأيت هللا قد أهانك ‪ ,‬ثم ضربها ففلق رأسها فإذا هي حممة (‬
‫رماد ) ‪ ,‬ثم عضد الشجرة الثالثة وقتل دبية السادن وأتى النبي فأخبره فقال‬
‫النبي ‪ :‬تلك العزى ‪ ,‬وال عزى بعدها للعرب ‪ ,‬أما أنها لن تعبد بعد اليوم ‪0‬‬
‫الثالثة ‪ :‬بعث النبي ‪ ‬خالد بن الوليد في ثالثين فارسا إلى نخلة ( اسم‬
‫موضع ) ‪ ,‬وكانت بها العزى ‪ ,‬فأتاها خالد بن الوليد ‪ ,‬وكانت على ثالث‬
‫سمرات ‪ ,‬فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها ‪ ,‬ثم أتى النبي فسأله‬
‫وقال ‪ :‬هدمت ؟ فقال خالد ‪ :‬نعم يا رسول هللا ‪ ,‬فقال النبي ‪ : ‬هل رأيت‬
‫شيئا ما ؟ قال ‪ :‬ال ‪ ,‬قال ‪ :‬فإنك لم تصنع شيئا ‪ ,‬فارجع إليها فاهدمها ‪,‬‬
‫فرجع خالد وهو متغيظ ‪ ,‬فلما رآه السدنة أمعنوا ( هربوا ) في الجبل وهم‬
‫يقولون ‪ :‬يا عزى خبليه ‪ ,‬يا عزى عوريه ‪ ,‬وإال فموتي ِب ُر ْغم ‪ ,‬فأتاها خالد‬
‫‪ ,‬فإذا امرأة عريانة ‪ ,‬ناشرة شعرها ‪ ,‬تحثو التراب على رأسها ‪ ,‬والسدنة‬
‫يصيحون بها حتى أخذ خالد اقشعرار في ظهره ‪ ,‬وصار دبية السادن يصيح‬
‫ويقول ‪ :‬أَع َُّزى ُ‬
‫ش ِّدي َش َّد ًة ال ُت َك ّذبي على خالد ألقي ال ِخ َمار و َشمِّري فإنك إال‬
‫تقتلي اليوم خالدا تبوئي بذل عاجل و َت َنصَّري ‪ ,‬فقال خالد ‪ :‬يا عز كفرانك ال‬
‫سبحانك إني رأيت هللا قد أهانك فجزلها بالسيف حتى قتلها وقطعها قطعتين‬
‫‪ ,‬ثم رجع إلى النبي ‪ ‬فأخبره فقال ‪ :‬نعم تلك العزى وقد يئست أن تعبد‬
‫ببالدكم أبدا ‪ -‬راجع تاج العروس للزبيدي وجامع البيان للطبري والسيرة‬
‫النبوية البن هشام وكتاب األصنام البن الكلبي ومعجم البلدان لياقوت الحموي‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل { َأفَرََأ ْيتُمُ الالَّتَ وَالْعُزَّى } النجم ‪77‬‬
‫التاسع ‪ :‬الالت‬
‫مقدمة‬
‫جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا ‪ :‬الالت هي إحدى اإللهات التي عبدها‬
‫العرب قبل اإلسالم ‪ ,‬وكانت هي واإللهتين مناة والعزى يشكلن ثالوثا أنثويا‬
‫عبده العرب وبالخصوص ممن سكن مكة وما جاورها من المدن والقرى‬
‫‪44‬‬
‫وكذلك اْلنباط وأهل مملكة الحضر ‪ ,‬وكانوا يعتقدون أن الثالثة بنات هللا ‪,‬‬
‫وقسم من العرب اعتقد أن الالت ومناة بنتا العزى ‪0‬‬
‫أصل الكلمة‬
‫ُ‬
‫الالت ‪ :‬يجوز أن يكون من ال َته َيلِي ُته إذا صرفه عن الشيء كأنهم‬
‫قيل‬
‫يريدون أنه يصرف عنهم الش ّر ‪ ,‬وقيل هي مشتقة من لويت الشيء إذا‬
‫أقمت عليه ‪ ,‬وقيل أصلها لَ ْوهة فعلة من ال َه السرابُ يلوهُ إذا لمع و َبرق‬
‫وقُلبت الواو أل ًفا لسكونها وانفتاح ما قبلها وحذفوا الهاء لكثرة االستعمال‬
‫واستثقال الجمع بين هاءين ‪ ,‬وقيل الالت هي مؤنث اسم ( هللا) ‪ ,‬وقد كانت‬
‫تعرف في عهد هيرودوت باسم ‪ :‬أليتا ‪ ,‬ويذكر هيرودوت بأنها كانت‬
‫الزهرة السماوية ‪0‬‬
‫تعريف‬
‫الالت إلهة من الميثولوجيا الكنعانية والعربية ‪ ,‬وهي أحد أشهر الربات‬
‫العربيات التي كان يعبدها العرب في ما اصطلح عليه باسم عصر الجاهلية‬
‫‪ ,‬وقد كانت ترد حسب المصادر القديمة لصيقة بالربة العزى ‪ ,‬وقد كانت‬
‫طرفا في الثالوث الجاهلي مع الربتين اْلخرى تين العزى ومناة ‪ ,‬والالت‬
‫هو وثن كانت تعبده ثقيف فورد أنها صخرة كان يجلس عليها رجل كان‬
‫يبيع السمن واللبن للحجاج في الزمن اْلول ‪ ,‬وقيل إن الالت كان َي ّ‬
‫لت له‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫الالت رجال‬
‫الالت وكان‬
‫السويق للحج على صخرة معروفة تسمى صخرة‬
‫من ثقيف ‪ ,‬فلما مات قال لهم عمرو بن لحيّ ‪ :‬لم يمت ولكن دخل في‬
‫الصخرة ‪ ,‬ويعتقد البعض أنها إلهة أنثى ( كما يتضح من اسمها ) وأنها‬
‫كانت ربة السماء ‪ ,‬التي عبدتها الشعوب السورية نتيجة ترحل العرب‬
‫اْلنباط الذي أخذوا معهم أربابهم إلى المواطن التي حلوا فيها ‪0‬‬
‫ولكن أصح ما روي عن الالت هو ما رواه البخاري في صحيحه ‪ :‬عن ابن‬
‫عباس رضي هللا عنهما ‪ ,‬في قوله { الالت والعزى } كان الالت رجال يلت‬
‫سويق الحاج ‪ ,‬يعني يعجن العجين للحجاج وهي كلمة عربية يستخدمها أهل‬
‫البادية فـالسويق هو العجين ‪ ,‬ولت السويق هو خلطه بالسمن وعجنه ‪,‬‬
‫ً‬
‫رجال محسنا يعجن العجين للحجاج ويطعمهم إكراما‬
‫فالظاهر أن الالت كان‬
‫لهم ‪ ,‬فلما مات عظموه وعكفوا على قبره ثم جعلوه إلهًا ‪ ,‬وقد قيل إن اسم‬
‫هذا الرجل صرمة بن غنم ‪ ,‬وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس ( كان يلت‬
‫السويق على الحجر فال يشرب منه أحد إال سمن فعبدوه ) ‪ ,‬وروى سعيد‬
‫بن منصور والفاكهي عن مجاهد ( كان الالت رجال في الجاهلية وكان له‬
‫‪45‬‬
‫غنم فكان يسلو من رسلها ويأخذ من زبيب الطائف واإلقط فيجعل منه حيسا‬
‫ويطعم من يمر من الناس فلما مات عبدوه وقالوا هو الالت وكان يقرأ‬
‫الالت مشددة ) ‪0‬‬
‫المظهر واالعتقاد‬
‫كانت الالت معروفة عند معظم الشعوب التي سكنت شمال جزيرة العرب‬
‫وانتقلت عبادتها إلى عرب مكة بسبب رحالت التجارة ( رحلة الشتاء‬
‫والصيف ) التي كان يقوم بها تجار مكة ‪ ,‬وعبادتها أحدث من عبادة اإللهة‬
‫مناة ‪ ,‬وفي الحجاز ‪ :‬كانت الالت عند العرب على شكل صخرة بيضاء‬
‫مربعة منقوشة ‪ ,‬ويقال أن تلك الصخرة كانت نيزكا هوى إلى اْلرض أو‬
‫حجرا بركانيا ‪ ,‬وكانت مرتبطة بالسماء والشمس والصيف وكان العرب‬
‫يقولون أن الالت والعزى بنات هللا ‪ ,‬وأن هللا يتصيف بالالت لبرد الطائف‬
‫ويشتو بالعزى لحر تهامة ‪ ,‬وعند اْلنباط ‪ :‬كانوا يسمونها اللت كما ورد‬
‫في النصوص النبطية التي وجدت في تدمر وصلخد والحجر وكانت ربة‬
‫البيت ‪ ,‬وقد ورد أن ابن الملكة الزباء من زوجها أذينة كان اسمه وهب‬
‫الالت ‪ ,‬ويظن أنهم رمزوا لها بالزهرة السماوية ‪ ,‬وعند اآلشوريين ‪ :‬عندما‬
‫دخلت عبادة الالت إلى سوريا قرنوها بحدد إله المطر‪0‬‬
‫طقوس العبادة‬
‫كان لالت بيت مشيد في الطائف تسير العرب إليه ويضاهي أهل الطائف به‬
‫وح َج َبة ‪ ,‬وكانت السدانة‬
‫الكعبة ‪ ,‬وكانوا يسمونه بيت الربة ‪ ,‬وكان له كسوة َ‬
‫آلل أبي العاص بن أبي يسار بن مالك ولبني ع ّتاب بن مالك ‪ ,‬وكالهما‬
‫أسرتان ثريتان من ثقيف ‪ ,‬وكان لالت أيضا واديا يدعونه َح َرم الربة ال‬
‫يُقطع شجره وال يصاد حيوانه ومن دخله فهو آمن ‪ ,‬وكانت العرب تعظم‬
‫الالت ويتقربون إليها وكان الثقفيون إذا قدموا من سفر ساروا إلى الالت‬
‫ليقدموا شكرهم لها ‪ ,‬وكان تحت صخرة الالت حفرة حفظت فيها القرابين‬
‫والهدايا واْلموال التي قُدمت لها وكان العرب يسمون كل حفرة لوضع‬
‫الهدايا والقرابين الغبغب ‪ ,‬وكانت الهدايا تختلف من حلي وثياب ونفائس‬
‫أخرى ‪ ,‬وكانت طريقة التقديم أن يعلقوا ما قدروا على تعليقه عليها ‪,‬‬
‫والباقي يعطونه للسدنة ‪ ,‬وأبرز ما كان يعلق عليها القالئد والسيوف ‪ ,‬وهي‬
‫عادة عند العرب عامة مع جميع آلهتهم وليست عبادة مختصة بالالت ‪,‬‬
‫وكانوا يحلفون بالالت أيضا وغالبا ما يعطفون على العزى أثناء القسم‬
‫فيقولون والالت والعزى ‪ ,‬والموضع الذي كانت الالت تعبد فيه هو اآلن‬
‫‪46‬‬
‫داخل مسجد ‪ ,‬وكان نصبها موجودا في موضع المنارة اليسرى من مسجد‬
‫الطائف ‪ ,‬وكانوا يعبدونها أيضا بمواضع أخرى مثل نخلة عند سوق عكاظ‬
‫‪ ,‬وعبدوها عند الكعبة ‪ ,‬وكان لها معابد أخرى في الحجاز وغير الحجاز‬
‫ولها معبد أيضا يقع في الحي الغربي من مدينة تدمر‪ ,‬ويعود تواجده فيها‬
‫إلى القرن الثاني الميالدي ‪0‬‬
‫ما بعد اإلسالم‬
‫حينما جاء محمد بن عبد هللا ‪ ‬بدعوة التوحيد دعا إلى نبذ عبادة اْلصنام‬
‫إلي أن توفاه هللا عز وجل ‪ ,‬وقد ساعد أتباع النبي محمد صلوات هللا عليه‬
‫وسالمه في نشر تلك الدعوة كما ورد من خالل حوار طلحة مع أبي بكر‬
‫بحيث دعا طلحة أبا بكر إلى عبادة الالت والعزى ‪ ,‬فسأله أبو بكر ‪ :‬ومن‬
‫هن ؟" فأجاب طلحة بأنهن بنات هللا ‪ ,‬ثم سأله أبو بكر ‪ :‬ومن أمهن ؟ فلم‬
‫يجد طلحة جوابا وال أصحابه ‪ ,‬فأعلن إسالمه ‪ ,‬وقد هاجم القرآن هذه الحالة‬
‫الثا ِل َث َة اْلَ ْخ َرى أَلَ ُك ُم َّ‬
‫الالت َو ْالع َُّزى َو َم َنا َة َّ‬
‫َ‬
‫الذ َك ُر ولَ ُه ْاْلُن َثى } (‬
‫قائال { أَ َف َرأَ ْي ُت ُم‬
‫النجم ‪ , )21 -19‬بحيث اعتبر القرآن هذه القسمة غير عادلة كون قريش قد‬
‫جعلت لنفسها ذكورا في حين جعلوا هلل بنا ًتا ‪ ,‬وقد دعا الرسول محمد صلي‬
‫هللا عليه وسلم إلى توحيد هللا وتعظيمه ‪ ,‬وهجر غيره من اآللهة كما يتبين‬
‫من النص القرآني التالي { َوال َتجْ َعلُوا َم َع هللا إِلَهًا َ‬
‫آخ َر إِ ِّني لَ ُكم ِّم ْن ُه َنذِيرٌ‬
‫م ُِّبينٌ } ( الذاريات ‪ , ) 51‬وكان أهل قريش من غير المسلمين يرفضون‬
‫تهميش آلهتهم ‪ ,‬فجافوه وخالفوه في دعواه ‪ ,‬ولقد قرأ النبي محمد صلي هللا‬
‫عليه وسلم القرآن على قريش ‪ ,‬فقرأ { أفرأيتم الالت والعزى ومناة الثالثة‬
‫اْلخرى } حتى قوله تعالى في آخر السورة { فاسجدوا هلل واعبدوا } فسجد‬
‫النبي ‪ ‬وسجد القرشيون معه تعظيمًا هلل ‪ ,‬فلما انتشر الخبر عند العرب ‪,‬‬
‫وادعى بعضهم أن قري ًشا تركت دين اآلباء واتبعت محم ًدا ‪ , ‬أنكر‬
‫القرشيون ذلك ‪ ,‬ثم ادعوا كذبًا أنهم سجدوا لما سمعوه من ذكر آلهتهم وزاد‬
‫بعضهم من الكذب أن محم ًدا ‪ ‬زاد قائال { تلك الغرانيق العُلى وإن‬
‫شفاعتهن ل ُترتجى } ولكن هذا لم يثبت أو يصح عن النبي محمد صلي هللا‬
‫عليه وسلم بأي حال ‪0‬‬
‫هــــدمها‬
‫لما فتح النبي محمد صلي هللا عليه وسلم مكة ‪ ,‬أرسل المغيرة بن شعبة‬
‫وأبي سفيان إلى بيت الالت في الطائف ‪ ,‬فلما وصلوا أراد المغيرة بن شعبة‬
‫أن يقدم أبا سفيان ‪ ,‬فأبى ذلك أبو سفيان عليه ‪ ,‬وقال ‪ :‬ادخل أنت على‬
‫‪40‬‬
‫قومك وأقام أبو سفيان بماله بذي الهدم ‪ ,‬فلما دخل المغيرة بن شعبة عالها‬
‫يضربها بالمعول ‪ ,‬وفي رواية أن أبا سفيان لم يقم بذي الهدم إنما دخل مع‬
‫المغيرة وشهد هدم الالت وكان ينظر للمغيرة وهو يضربها بالمعول ويقول‪:‬‬
‫واها لك آها لك ‪ ,‬وقام قوم المغيرة دونه بنو معتب خشية أن يرمي أو‬
‫يصاب كما أصيب عروة ؛ فأحرق بيت الالت وقوض حجارته والناس‬
‫ينظرون في فزع خائفين أن تنتقم ربتهم ‪ ,‬فلما انتهى الهدم ولم يحدث شيء‬
‫أخذ المغيرة المال والحلي من ذهب وجزع وأعطاه ْلبي سفيان ‪,‬‬
‫)راجع تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد ‪ -‬أخبار مكة لألزرقي‬
‫ تاريخ الطبري ‪ -‬تفسير ابن كثير‪ -‬القاموس المحيط للفيروزآبادي ‪ -‬كتاب‬‫األصنام البن الكلبي ‪ -‬معجم البلدان لياقوت الحموي )‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل { َأفَرََأ ْيتُمُ الالَّتَ وَالْعُزَّى } النجم ‪77‬‬
‫العاشر ‪ :‬مناة‬
‫مقدمة‬
‫جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا ‪ :‬مناة إلهة من أقدم اإللهات العربيات‬
‫التي عبدها العرب القدماء ممن سكن مكة والحجاز ‪0‬‬
‫تعريف‬
‫مناة هي واحدة من الثالوث من أشهر أوثان الجاهلية ‪ ,‬وقد اعتقد قسم من‬
‫الجاهليين أنها ابنة العزى وأخت الالت ‪ ,‬وقد كانت في نظر الجاهليين إلهة‬
‫خيرة معطاءة مغيثة ‪ ,‬إال أن المفارقة العجيبة هي كونها إلهة المنايا والموت‬
‫في نفس الوقت ْلن اسمها مشتق من كلمة َم ِنيَّة ‪ ,‬وقد عرف مناة شعوب‬
‫أخرى غير العرب ‪ :‬البابليين ‪ :‬عرفوها باسم ما مناتو وبلهجة أخرى‬
‫مناتا ‪ ,‬والعبرانيين ‪ :‬منا التي جمعها مانوت ‪0‬‬
‫المظهر واالعتقاد‬
‫لم يذكر المؤرخون شيئا عن صفة مناة وشكلها بل ذكروا أنها كانت‬
‫منصوبة على ساحل البحر بقرب موضع اسمه وادي قديد ‪ ,‬ويستنتجون‬
‫من ذلك أن لها صلة بالبحر والماء والريح والسحب ‪ ,‬وقد كانوا يذبحون لها‬
‫‪40‬‬
‫في أوقات القحط والجدب يستمطرون بذلك ويقدمون لها الشكر إذا هبت‬
‫عليهم الرياح الرطبة ‪ ,‬وكانوا أيضا يرونها إلهة خيّرة كريمة تنشر السعادة‬
‫بإرسال السحائب الممطرة ‪0‬‬
‫العبادة‬
‫كان لمناة بيتا في موضع يقال له المشلل ‪ ,‬وكان العرب يحجون إليه ويلبون‬
‫ك الناس ويهجرونك ‪,‬‬
‫بقولهم ‪ :‬لبيك اللهم لبيك ‪ ,‬لوال أن بكراً دونك ‪َ ,‬يبُرُّ َ‬
‫وما زال حج عثج يأتونك ‪ ,‬إنا على عدوائهم من دونك ‪ ,‬وكانوا يديمون‬
‫الذبح عندها حتى إن بعضهم قال إنها ما ُسمّيت بمناة إال ْلن الدماء ُتمنى‬
‫عندها ‪0‬‬
‫األوس والخزرج‬
‫كانت مناة معظمة عند اْلوس والخزرج بصفة خاصة وكل من كان مواليا‬
‫لهاتين القبيلتين من اْلزد وبني غسان مثل قريش وهذيل وخزاعة‪ ,‬فكانوا (‬
‫أي اْلوس والخزرج ) إذا قضوا حجهم وأتموا جميع المناسك ال يحلقون‬
‫رؤوسهم حتى يصلون عندها ‪ ,‬فيحلقون رؤوسهم ويقيمون عندها وبذلك‬
‫يرون أن حجهم قد تم ‪ ,‬وقد تسمى بعض عرب الجاهلية بأسماء تعبدوا فيها‬
‫لمناة مثل ‪ :‬سعد مناة وعبد مناة وأوس مناة ‪ ,‬وكانت سدانة مناة في‬
‫الغطاريف من اْلزد ‪ ,‬وكانوا في غناء وثراء فاحش ‪ ,‬وذلك بسبب الكم‬
‫الكبير من الهدايا والنذور والقرابين التي كانت تهدى لمناة ‪0‬‬
‫ما بعد اإلسالم‬
‫لما فتح النبي محمد ‪ ‬مكة ‪ ,‬أرسل عليا ً بن أبي طالب إلى بيت مناة ‪,‬‬
‫فهدمه وأخذ ما فيه من الحلي والهدايا وكان من جملة ما أخذ سيفين كان‬
‫الملك الغساني الحارث بن أبي شمر قد أهداهما لإللهة مناة ‪ ,‬والسيفين هما‬
‫مخذم ورسوب ‪ ,‬فلما رجع إلى النبي ‪ ‬وأخبره بما وجده عندها وهبه النبي‬
‫‪ ‬أحد السيفين ويقال إن ذو الفقار هو ذلك السيف ‪ ,‬وهناك قول آخر هو أن‬
‫علي بن أبي طالب وجد هذين السيفين عند اإلله ال َف ْلس ‪ ,‬إله طيء ‪ ,‬وقد‬
‫ورد ذكر مناة مع الالت والعزى في القرآن الكريم مهاجما إياها بالخرافات‬
‫الثا ِل َث َة ْاْل ُ ْخ َرى أَلَ ُك ُم َّ‬
‫ت َو ْالع َُّزى َو َم َنا َة َّ‬
‫في سورة النجم ﴿ أَ َف َرأَ ْي ُت ُم َّ‬
‫الال َ‬
‫الذ َكرُ‬
‫ك إِذاً ِقسْ َم ٌة ضِ َ‬
‫ِي إِ َّال أَسْ َما ٌء َس َّم ْي ُتمُو َها أَن ُت ْم َوآ َباؤُ ُكم‬
‫يزى إِنْ ه َ‬
‫َولَ ُه ْاْلُن َثى ت ِْل َ‬
‫ُون إِ َّال َّ‬
‫نز َل َّ‬
‫مَّا أَ َ‬
‫الظنَّ َو َما َته َْوى ْاْلَن ُفسُ ۖ َولَ َق ْد‬
‫ان ۚ إِن َي َّت ِبع َ‬
‫هللاُ ِب َها ِمن س ُْل َط ٍ‬
‫َجا َءهُم مِّن رَّ ب ِِّه ُم ْال ُهدَى ﴾(راجع البداية والنهاية البن كثير وأخبار مكة‬
‫‪49‬‬
‫لألزرقي والسيرة النبوية البن هشام والمحبر لمحمد بن حبيب وجامع‬
‫البيان للطبري وكتاب األصنام البن الكلبي ومعجم البلدان لياقوت الحموي)‬
‫هدمه وتكسيره‬
‫سرية سعد بن زيد اْلشهلى إلى مناة ‪ :‬مناة ضم لألوس والخزرج وغسان‬
‫وكانت بالمشلل ومناة من أقدم اْلصنام وكانت العرب تسمي عبد مناة‬
‫وكانوا يحجون إليه ولم يكن أحد أشد إعظاما له من اْلوس والخزرج ‪,‬‬
‫بعث رسول هللا ‪ ‬سعد بن زيد اْلنصاري اْلشهلي إلى مناة ليهدمها وذلك‬
‫لست بقين من شهر رمضان فخرج في عشرين فارسا حتى انتهى إليها‬
‫فخرجت إليه امرأة سوداء عريانة ثائرة الرأس تدعو وتضرب صدرها ‪,‬‬
‫فقال السادن مناة دونك بعض غضباتك فضربها سعد فقتلها وأقبل إلى‬
‫الصنم ومعه أصحابه فهدموه ولم يجدوا في خزانتها شيئا ‪ ,‬وما ذك أن الذي‬
‫ذهب لهدمها سعد بن زيد اْلشهلي هو ما مشى عليه في المواهب تبعا‬
‫لطبقات ابن سعد ‪ ,‬وفي سيرة ابن هش ام أنه علي بن أبي طالب رضي هللا‬
‫عنه وسعد بن زيد اْلشهلي هو الذي كان بعثه النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫سبايا قريظة إلى نجد ليبتاع بهم خيال وسالحا ‪ ,‬وقال بعضهم أن الذي ذهب‬
‫إلى نجد هو سعد بن زيد بن مالك اْلشهل ‪ ,‬وفي رواية أخرى ‪ :‬ثم بعث‬
‫سعد بن زيد بن مالك بن عبد بن كعب بن عبد اْلشهل اْلشهلي اْلنصاري‬
‫في شهر رمضان إلى مناة ‪ ,‬وكانت عند قديد بالمشلل لألوس والخزرج‬
‫وغسان وغيرهم ‪ ,‬فخرج في عشرين فارسا ‪ ,‬حتى انتهى إليها ‪ ,‬وعندها‬
‫سادنها ‪ ,‬فقال ما تريد ؟ قال هدمها ‪ ,‬قال أنت وذاك ‪ ,‬فأقبل سعد يمشي إليها‬
‫‪ ,‬وتخرج إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب‬
‫صدرها ‪ ,‬فقال لها السادن مناة دونك بعض عصاتك ‪ ,‬فضربها سعد فقتلها ‪,‬‬
‫وأقبل إلى الصنم فهدمه ‪ ,‬ولم يجدوا في خزانتها شيئا ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن قال تعالى { َوَمنَا َة الثَّالِثَةَ األُ ْخ َرى } النجم ‪02‬‬
‫‪50‬‬
‫ثالثا ‪ :‬املالبس يف القرآن الكريم‬
‫تعريف اللباس‬
‫اللـباس ‪ :‬اسم عام جامع لكل ما يلبس على البدن أو بعضه ‪ ,‬كالثوب ‪,‬‬
‫والقميص ‪ ,‬والسراويل ‪ ,‬والقفاز ‪ ,‬والجورب ‪ ,‬وغيرها ‪ ,‬ويُعرَّ ف الَّلباس‬
‫بأنه كل ما يلبسه اإلنسان من الثياب الساترة للبدن ‪ ,‬من صوف وقطن‬
‫وك َّتان ‪ ,‬وما إلى ذلك مما يلبسه الناس ‪0‬‬
‫فوائد اللباس‬
‫‪ -1‬ستر العورة ‪ :‬قال تعالى ( يا بنى أدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى‬
‫سوءاتكم وريشا ) سورة اْلعراف ‪0‬‬
‫‪ -2‬الحماية من الحر والبرد ‪ :‬قال تعالى ( وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر‬
‫وسرابيل تقيكم بأسكم ) سورة النحل ‪0‬‬
‫‪ -3‬الحماية من ضربات العدو ( الدروع ) ‪ :‬قال تعالى ( وجعل لكم‬
‫سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم ) سورة النحل ‪0‬‬
‫‪ -4‬لباس الزينة والجمال ‪ :‬قال تعالى ( وتستخرجوا منه حلية تلبسونها )‬
‫سورة النحل ‪0‬‬
‫املواد التي يصنع منها اللباس‬
‫يصنع اللباس من أصواف اْلغنام وأوبار اإلبل وأشعار الماعز ‪ ,‬قال تعالى‬
‫(ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين )( النحل ) ‪,‬‬
‫واْلثاث هو المالبس ‪ ,‬ويتم تصنيع اللباس عن طريق الغزل والنسج ‪ ,‬أو‬
‫من المعادن كالدروع قال تعالى (وألنا له الحديد أن اعمل سابغات )( سبأ )‬
‫استعماالت اللباس‬
‫‪ -1‬غطاء الرأس واجب على النساء ‪ ,‬مباح للرجال ‪0‬‬
‫‪ -2‬الثوب وهو الذي يغطي البدن ‪0‬‬
‫‪ -3‬النعال وهو لباس القدمين ‪0‬‬
‫‪ -4‬لباس التجمل من الثياب والمجوهرات ونحوها من لباس الزينة ‪0‬‬
‫‪51‬‬
‫األول ‪ :‬احلــــريــر‬
‫المعنى‬
‫الحرير وهو ما تنتجه دودة القز من خيوط ‪ ,‬فهو من القماش الذي يصنع‬
‫من خيوط شرنقة دودة القز ‪ ,‬قال ابن حجر في فتح الباري كتاب اللباس ‪:‬‬
‫والحرير معروف ‪ ,‬وهو عربي سمي بذلك لخلوصه يقال لكل خالص‬
‫محرر‪ ,‬وحررت الشيء خلصته من االختالط بغيره ‪ ,‬وقيل ‪ :‬هو فارسي‬
‫معرب ‪0‬‬
‫حكم لبس الحرير‬
‫اْلحاديث التي تحرم لبس الحرير على الرجال ومنها ‪:‬‬
‫‪ -1‬عن البراء بن عازب أنه قال ( أمرنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫بسبع ونهانا عن سبع ‪ :‬أمرنا بعيادة المريض ‪ ,‬وإتباع الجنازة ‪ ,‬وتشميت‬
‫العاطس ‪ ,‬وإبرار القسم أو المقسم ‪ ,‬ونصر المظلوم ‪ ,‬وإجابة الداعي ‪,‬‬
‫وإفشاء السالم ‪ ,‬ونهانا عن خواتيم أو عن تختم بالذهب ‪ ,‬وعن شرب‬
‫بالفضة ‪ ,‬وعن المياثر ‪ ,‬وعن القسي ‪ ,‬وعن لبس الحرير ‪ ,‬واإلستبرق ‪,‬‬
‫والديباج ) متفق عليه‬
‫‪ -2‬أمرنا النبي صلى هللا عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بإتباع‬
‫الجنائز وعيادة المريض وإجابة الداعي ونصر المظلوم وإبرار القسم ورد‬
‫السالم وتشميت العاطس ‪ ,‬ونهانا عن آنية الفضة وخاتم الذهب والحرير‬
‫والديباج والقسي واإلستبرق ‪0‬‬
‫‪ -3‬حديث البخاري قال هشام بن عمار سيأتي علي أمتي زمان يستحلون فيه‬
‫الحر والحرير والخمر والمعازف ‪0‬‬
‫‪ -4‬لبس النبي صلى هللا عليه وسلم يوما قباء من ديباج أهدى له ثم أوشك أن‬
‫نزعه فأرسل به إلى عمر بن الخطاب فقيل له قد أوشك ما نزعته يا رسول‬
‫هللا فقال ‪ ,‬نهاني عنه جبريل ‪ ,‬فجاءه عمر يبكي فقال يا رسول هللا كرهت‬
‫أمرا وأعطيتنيه فما لي ؟ قال إني لم أعطكه لتلبسه إنما أعطيتكه تبيعه ‪,‬‬
‫فباعه بألفي درهم ( صحيح مسلم ‪0‬‬
‫‪ -5‬حديث ‪ :‬ال تلبسوا الحرير وال الديباج وال تشربوا في آنية الذهب‬
‫والفضة وال تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولنا في اآلخر ( صحيح‬
‫البخاري )‪0‬‬
‫‪52‬‬
‫‪ -6‬أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق فأخذها فأتى رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم فقال يا رسول هللا اتبع هذه تجمل بها للعيد والوفود فقال له‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إنما هذه لباس من ال خالق له ‪ ,‬فلبث عمر‬
‫ما شاء هللا أن يلبث ثم أرسل إليه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بجبة ديباج‬
‫فأقبل بها عمر فأتى بها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال يا رسول هللا‬
‫إنك قلت إنما هذه لباس من ال خالق له ‪ ,‬وأرسلت إلي بهذه الجبة فقال له‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم تبيعها أو تصيب بها حاجتك)متفق عليه (‪0‬‬
‫‪ -0‬أن عبد الرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫يعني القمل فأرخص لهما في الحرير فرأيته عليهما في غزاة (البخاري ) ‪0‬‬
‫‪ -0‬قول النبي صلي هللا عليه وسلم ( أحل إلناث أمتي الحرير والذهب‬
‫وحرم على ذكورها ) ‪0‬‬
‫حكم لبس الرجل للحرير‬
‫قال ابن كثير في تفسيره ‪ ( :‬ولباسهم فيها حرير( ولهذا كان محظورا‬
‫عليهم في الدنيا فأباحه هللا تعالى لهم في اآلخرة وثبت في الصحيح أن‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في‬
‫اآلخرة ‪ ,‬وقال القرطبي في تفسيره ‪ :‬امتن هللا سبحانه على الرجال‬
‫والنساء امتنانا عاما بما يخرج من البحر فال يحرم عليهم شيء منه وإنما‬
‫حرم هللا تعالى على الرجال الذهب والحرير ‪ ,‬وقال الطبري في تفسيره ‪:‬‬
‫حدثنا محمد بن بشار قال ‪ :‬ثنا عبد الرحمن قال ‪ :‬ثنا سفيان عن علقمة عن‬
‫مرثد عن مجاهد قال ‪ :‬رخص للنساء في الحرير والذهب وقرأ { أو من‬
‫ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين } قال ‪ :‬يعني المرأة ‪ ,‬وقال‬
‫الشوكاني في تفسيره فتح القدير ‪ :‬وفي الصحيحين وغيرهما عن عمر قال‬
‫‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ( من ليس الحرير في الدنيا لم يلبسه‬
‫في اآلخرة ) ‪ ,‬وقال ( جنة وحريرا ) أي أدخلهم الجنة وألبسهم الحرير وهو‬
‫لباس أهل الجنة عوضا عن تركه في الدنيا امتثاال لما ورد في الشرع من‬
‫تحريمه ‪ ,‬وقال البغوي في تفسيره ‪ ( :‬ولباسهم فيها حرير ) أي ‪ :‬يلبسون‬
‫في الجنة ثياب اإلبريسم وهو الذي حرم لبسه في الدنيا على الرجال ‪0‬‬
‫جاء في تحفة الملوك للحنفية ‪ :‬ويحل لبس الحرير والقز للنساء ال للرجال‬
‫ولو كانوا مقاتلين إال العلم الحرير أو المنسوج بالذهب قدر أربعة أصابع‬
‫عرضا ‪ ,‬وفي األم للشافعي ‪ :‬وأنهى الرجل عن ثياب الحرير وإن النساء‬
‫يلبسنها ويصلين فيه ‪ ,‬وفي في المغني للحنبلي ‪ :‬ويحرم اتخاذ آنية الذهب‬
‫والفضة كما لو اتخذ الرجل ثياب الحرير ‪ ,‬وأيضا والحرير ْلن لبسه‬
‫‪53‬‬
‫معصية فال تستباح به الرخصة كسفر المعصية ‪ ,‬وعند المالكية ‪ :‬ما يحرم‬
‫على الذكر المكلف لبسه أو استعماله الحرير ‪ :‬يحرم على الذكر البالغ‬
‫العاقل استعمال الحرير الخالص لبسا أو فراشا أو غطاء‪0‬‬
‫قال فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب عن حكم لبس الحرير ‪ :‬وتحريم‬
‫الحرير على الرجال من المعلوم من الدين بالضرورة ‪ ,‬وسأسوق لك اْلدلة‬
‫الواضحة على ذلك ‪:‬‬
‫(‪ ) 1‬عن البراء بن عازب أنه قال ( أمرنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫بسبع ونهانا عن سبع ‪ :‬أمرنا بعيادة المريض ‪ ,‬وإتباع الجنازة ‪ ,‬وتشميت‬
‫العاطس ‪ ,‬وإبرار القسم أو المقسم ‪ ,‬ونصر المظلوم ‪ ,‬وإجابة الداعي ‪,‬‬
‫وإفشاء السالم ‪ ,‬ونهانا عن خواتيم أو عن تختم بالذهب ‪ ,‬وعن شرب‬
‫بالفضة ‪ ,‬وعن المياثر ‪ ,‬وعن القسي ‪ ,‬وعن لبس الحرير ‪ ,‬واإلستبرق ‪,‬‬
‫والديباج ) متفق عليه ‪ ,‬والقسي هي ثياب مضلعة بالحرير ‪0‬‬
‫(‪ )2‬عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء عند باب المسجد‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول هللا ؛ لو اشتريت هذه فلبستها للناس يوم الجمعة وللوفد إذا‬
‫قدموا عليك ‪ ,‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ( إنما يلبس هذه من ال‬
‫خالق له في اآلخرة ) ‪ ,‬ثم جاءت رسول هللا صلى هللا عليه وسلم منها حلل‬
‫‪ ,‬فأعطى عمر منها حلة فقال عمر ‪ :‬يا رسول هللا كسوتنيها وقد قلت في‬
‫حلة عطارد ما قلت ؟ فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ( إني لم أكسُكها‬
‫لتلبسها ) صحيح مسلم ‪ ,‬والحلة السيراء هي برود يخالطها حرير وهي‬
‫مضلعة بالحرير ‪0‬‬
‫(‪ ) 3‬عن عمران بن حصين أن نبي هللا صلى هللا عليه وسلم قال ( ال أركب‬
‫اْلرجوان ‪ ,‬وال ألبس المعصفر ‪ ,‬وال ألبس القميص المكفف بالحرير )‬
‫صحيح الجامع ‪0‬‬
‫(‪ )4‬عن علي رضي هللا عنه قال ( أهدى إليّ النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫حلة سيراء ‪ ,‬فلبستها فرأيت الغضب في وجهه ‪ ,‬فشققتها بين نسائي )‬
‫صحيح البخاري ‪ ,‬سيراء ذات خطوط يخالطها شيء من الحرير ‪0‬‬
‫(‪ )5‬عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ( ال تشربوا في آنية الذهب والفضة‬
‫‪ ,‬وال تلبسوا الحرير والديباج ‪ ,‬فإنها لهم في الدنيا ولكم في اآلخرة )‬
‫صحيح البخاري ‪0‬‬
‫فبان لك أيها الحبيب بما ال يدع مجاال للشك ْلن النصوص صريحة في أن‬
‫الثوب سواء كان كله من حرير أو مضلعا بالحرير حرام قوال واحدا بال‬
‫‪54‬‬
‫تردد ‪ ,‬ولكننا ابتلينا في هذا العصر بأناس يزعمون أنهم دعاة يتبنون منطق‬
‫إرضاء أهواء الناس ‪ ,‬كفانا هللا وإياك والمسلمين شرهم ‪0‬‬
‫حكم لبس الحرير للرجل لعذر‬
‫قال النووي في صحيح مسلم كتاب اللباس والزينة باب إباحة لبس‬
‫الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا‬
‫كان به حكة أو نحوها ‪َ :‬ح َّد َث َنا أَبُو ُك َر ْي ٍ‬
‫ب م َُح َّم ُد بْنُ ْال َع َال ِء َح َّد َث َنا أَبُو أ ُ َسا َم َة‬
‫هللا‬
‫س ب َْن َمالِكٍ أَ ْن َبأ َ ُه ْم أَنَّ َرسُو َل َّ ِ‬
‫ْن أَ ِبي َعرُو َب َة َح َّد َث َنا َق َتادَ ُة أَنَّ أَ َن َ‬
‫َعنْ َسعِي ِد ب ِ‬
‫صلَّى َّ‬
‫ْن َع ْوفٍ َو ُّ‬
‫ْن ْال َعوَّ ِام فِي‬
‫هللاُ َع َل ْي ِه َو َسلَّ َم َر َّخ َ‬
‫َ‬
‫الز َبي ِْر ب ِ‬
‫ص لِ َع ْب ِد الرَّ حْ َم ِن ب ِ‬
‫ير فِي ال َّس َف ِر ِمنْ ِح َّك ٍة َكا َن ْ‬
‫ان ِب ِه َما َو َح َّد َث َناه أَبُو‬
‫ت ِب ِه َما أَ ْو َو َج ٍع َك َ‬
‫ْالقُم ِ‬
‫ُص ْال َح ِر ِ‬
‫َ‬
‫اإلسْ َنا ِد َولَ ْم َي ْذ ُكرْ فِي‬
‫َب ْك ِر بْنُ أ ِبي َش ْي َب َة َح َّد َث َنا م َُح َّم ُد بْنُ ِب ْش ٍر َح َّد َث َنا َسعِي ٌد ِب َه َذا ْ ِ‬
‫ال َّس َف ِر ‪ ,,,,‬إن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن‬
‫عوف والزبير بن العوام في قمص الحرير في السفر من حكة كانت بهما )‬
‫وفي رواية ( أنهما شكوا إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم القمل ‪,‬‬
‫فرخص لهما في قمص الحرير في غزاة لهما ‪ ,‬هذا الحديث صريح في‬
‫الداللة لمذهب الشافعي وموافقيه أنه يجوز لبس الحرير للرجل إذا كانت به‬
‫حكة لما فيه من البرودة ‪ ,‬وكذلك للقمل ‪ ,‬وما في معنى ذلك ‪ ,‬وفي هذا‬
‫الحديث دليل لجواز لبس الحرير عند الضرورة كمن فاجأته الحرب ولم يجد‬
‫غيره ‪ ,‬وقال أيضا ‪ :‬الصحيح عند أصحابنا والذي قطع به جماهيرهم أنه‬
‫يجوز لبس الحرير للحكة ونحوها في السفر والحضر جميعا ‪ ,‬وقال بعض‬
‫أصحابنا يختص بالسفر ‪ ,‬وهو ضعيف ‪0‬‬
‫حكم لبس المرأة للحرير‬
‫قال ابن حجر في فتح الباري ‪ :‬وقد أخرج أحمد وأصحاب السنن وصححه‬
‫ابن حبان والحاكم من حديث علي أن النبي صلى هللا عليه وسلم أخذ حريرا‬
‫وذهبا فقال ‪ :‬هذان حرامان على ذكور أمتي حل إلناثهم وأخرج أبو داود‬
‫والنسائي وصححه الترمذي والحاكم من حديث موسى وأعله ابن حبان‬
‫وغيره باالنقطاع وأن رواية سعيد بن أبي هند لم تسمع من أبي موسى ‪,‬‬
‫وأخرج أحمد والطحاوي وصححه من حديث مسلمة بن مخلد أنه قال لعقبة‬
‫بن عامر ‪ :‬قم فحدث بما سمعت من رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬فقال ‪:‬‬
‫سمعته يقول ‪ :‬الذهب والحرير حرام على ذكور أمتي حل إلناثهم قال‬
‫الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة ‪ :‬إن قلنا إن تخصيص النهي للرجال لحكمة‬
‫فالذي يظهر أنه سبحانه وتعالى علم قلة صبرهن عن التزين فلطف بهن في‬
‫‪55‬‬
‫إباحته ‪ ,‬وْلن تزيينهن غالبا إنما هو لألزواج ‪ ,‬وقد ورد أن حسن التبعل‬
‫من اإليمان قال ‪ ,‬ويستنبط من هذا أن الفحل ال يصلح له أن يبالغ في‬
‫استعمال الملذوذات لكون ذلك من صفات اإلناث ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل { إِنَّ اللَّهَ يُ ْدخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّاِلحَاتِ جَنَّاتٍ َتجْرِي مِن َتحْتِهَا األَنْهَارُ‬
‫ُيحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِ رَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُ ُهمْ فِيهَا حَرِيرٌ } احلج ‪ ، 38‬وقال تعاىل {‬
‫ب وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُ ُهمْ فِيهَا حَرِيرٌ } فاطر‬
‫جَنَّاتُ عَدْنٍ يَ ْدخُلُونَهَا ُيحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَ َه ٍ‬
‫‪ ، 88‬وقال تعاىل { َوجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً َوحَرِيرًا } اإلنسان ‪73‬‬
‫الثاني ‪ :‬اإلستربق‬
‫المعنى‬
‫اإلستبرق هو الديباج الغليظ وهى كلمة فارسية معربة وتصغيره أبيرق‬
‫ُون ِث َيابًا ُخضْ رً ا ِمنْ‬
‫واْلرجح أنه نوع من الحرير وفي القرآن { َو َي ْل َبس َ‬
‫س َوإِسْ َتب َْر ٍق }[ الكهف ‪ , ] 31‬ومن مادة اللباس يتضح أن اإلستبرق‬
‫ُس ْن ُد ٍ‬
‫حرير يلبس وذلك ْلنه ْلهل الجنة ‪ ,‬وهى مثل اإلبريق وفي اْلصل أنهما‬
‫فارسيتان وأصلها برق أي الضوء واللمعان وهكذا االستبراق أو الحرير‬
‫يلمع عند رؤيته وشئ راق ‪ :‬ذو بريق ‪ ,‬وقيل اإلستبرق هو الديباج الغليظ‬
‫أو الديباج المشغول بالذهب أو ثياب حرير غليظة ‪ ,‬فالحرير الغليظ السميك‬
‫و هو موجود في الجنة يلبسه أهل الجنة ‪ ,‬فهو قماش حريري غليظ سميك‬
‫من أثمن أنواع القماش ‪0‬‬
‫ورد في تفسير الجاللين ‪ :‬وإستبرق بالجر ما غلظ من الديباج فهو البطائن‬
‫‪ ,‬وفي تفسير ابن كثير ‪ :‬لباس أهل الجنة فيها الحرير ومنه سندس وهو‬
‫رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم واإلستبرق منه ما فيه‬
‫بريق ولمعان وهو مما يلي الظاهر كما هو المعهود في اللباس ‪ ,‬وفي‬
‫تفسير القرطبي ‪ :‬والسندس ‪ :‬ما رق من الديباج ‪ ,‬واإلستبرق ‪ :‬ما غلظ‬
‫منه ‪ ,‬وقال الدكتور العالمة محمد تقي الدين الهاللي ‪ :‬قال السيوطي في‬
‫اإلتقان أخرج ابن أبي حاتم أنه الديباج بلغة العجم ‪ ,‬وقال البيضاوي ‪:‬‬
‫السندس مارق من الحرير واإلستبرق ما غلظ منه معرب استبره ‪ ,‬قال‬
‫‪56‬‬
‫جفري وهذا من اْللفاظ القليلة التي اعترف المسلمون أنها مأخوذة من‬
‫الفارسية وعزاه إلى السيوطي في اإلتقان وفي المزهر حكاه فيه عن‬
‫اْلصمعي وإلى السجستاني في غريب القرآن وإلى الجوهري في الصحاح‬
‫وإلى كتاب الرسالة للكندي وإلى ابن اْلثير في النهاية قال وبعضهم يقول‬
‫انه لفظ عربي مأخوذ من البرق ‪0‬‬
‫حكم لبس اإلستبرق‬
‫اْلحاديث التي تحرم لبس اإلستبرق ومنها ‪:‬‬
‫‪ -1‬عن البراء بن عازب أنه قال ( أمرنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬
‫بسبع ونهانا عن سبع ‪ :‬أمرنا بعيادة المريض ‪ ,‬وإتباع الجنازة ‪ ,‬وتشميت‬
‫العاطس ‪ ,‬وإبرار القسم أو المقسم ‪ ,‬ونصر المظلوم ‪ ,‬وإجابة الداعي ‪,‬‬
‫وإفشاء السالم ‪ ,‬ونهانا عن خواتيم أو عن تختم بالذهب ‪ ,‬وعن شرب‬
‫بالفضة ‪ ,‬وعن المياثر ‪ ,‬وعن القسي ‪ ,‬وعن لبس الحرير ‪ ,‬واإلستبرق ‪,‬‬
‫والديباج ) متفق عليه‬
‫‪ -2‬أمرنا النبي صلى هللا عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بإتباع‬
‫الجنائز وعيادة المريض وإجابة الداعي ونصر المظلوم وإبرار القسم ورد‬
‫السالم وتشميت العاطس ‪ ,‬ونهانا عن آنية الفضة وخاتم الذهب والحرير‬
‫والديباج والقسي واإلستبرق ‪0‬‬
‫‪ -3‬أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق فأخذها فأتى رسول هللا صلى‬
‫هللا عليه وسلم فقال يا رسول هللا اتبع هذه تجمل بها للعيد والوفود فقال له‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إنما هذه لباس من ال خالق له ‪ ,‬فلبث عمر‬
‫ما شاء هللا أن يلبث ثم أرسل إليه رسول هللا ‪ ‬بجبة ديباج فأقبل بها عمر‬
‫فأتى بها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال يا رسول هللا إنك قلت إنما هذه‬
‫لباس من ال خالق له ‪ ,‬وأرسلت إلي بهذه الجبة فقال له رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم تبيعها أو تصيب بها حاجتك ) متفق عليه ( ‪0‬‬
‫حكم لبس الرجل لإلستبرق‬
‫حكمه حكم الحرير وهللا أعلم‬
‫حكم لبس المرأة لإلستبرق‬
‫باب ذِكْرِ الرُّخْصَةِ لِلنِّسَاءِ فِي لُبْسِ السِّيَرَا ِء‬
‫السيراء هو الحرير أو ما خالطه الحرير ‪ ,‬قال السيوطي في شرحه لسنن‬
‫النسائي ‪ :‬حلة سيراء قال في النهاية ‪ :‬بكسر السين ‪ ,‬وفتح الياء ‪ ,‬والمد ‪,‬‬
‫‪50‬‬
‫نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور ‪ ,‬وشرح السيراء بالحرير الصافي‬
‫‪ ,‬ومعناه ‪ :‬حلة حرير ‪ ,‬وقال الشوكاني في منتقى اْلخبار ‪ :‬سيراء بكسر‬
‫السين المهملة بعدها مثناة تحتية ثم راء مهملة ثم ألف ممدودة نوع من‬
‫البرود فيه خطوط صفر أو يخالطه حرير والذهب الخالص ‪0‬‬
‫أَ ْخ َب َر َنا ْالحُ َسيْنُ بْنُ ُح َر ْي ٍ‬
‫س‪َ ,‬عنْ َمعْ َم ٍر‪َ ,‬ع ِن‬
‫ث ‪َ ,‬قا َل َح َّد َث َنا عِ ي َسى بْنُ يُو ُن َ‬
‫ُّ‬
‫س‪َ ,‬قا َل َرأَي ُ‬
‫ت ال َّن ِبيِّ صلى هللا عليه وسلم‬
‫ب ِب ْن ِ‬
‫ْت َعلَى َز ْي َن َ‬
‫الزهْ ِريِّ ‪َ ,‬عنْ أَ َن ٍ‬
‫ان‪َ ,‬عنْ َب ِق َّي َة‪َ ,‬ح َّد َثنِي‬
‫ير سِ َي َرا َء ‪ ,‬و أَ ْخ َب َر َنا َع ْمرُو بْنُ ع ُْث َم َ‬
‫َق ِم َ‬
‫يص َح ِر ٍ‬
‫الز َب ْيدِيُّ ‪َ ,‬ع ِن ُّ‬
‫ُّ‬
‫ْن َمالِكٍ ‪ ,‬أَ َّن ُه َح َّد َثنِي أَ َّنهُ‪َ ,‬رأَى َعلَى أ ُ ِّم‬
‫س ب ِ‬
‫الزهْ ِريِّ ‪َ ,‬عنْ أَ َن ِ‬
‫ُ‬
‫ضلَّعُ‬
‫وم ِب ْن ِ‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم بُرْ َد سِ َي َرا َء َوال ِّس َي َرا ُء ْال ُم َ‬
‫ُول َّ ِ‬
‫ت َرس ِ‬
‫ُك ْلث ٍ‬
‫ِب ْال َق ِّز ‪ ,‬و أَ ْخ َب َر َنا إِسْ َح ُ‬
‫اق بْنُ إِب َْراهِي َم‪َ ,‬قا َل أَ ْن َبأ َ َنا ال َّنضْ رُ ‪َ ,‬وأَبُو َعام ٍِر َقاالَ َح َّد َث َنا‬
‫شعْ َب ُة‪َ ,‬عنْ أَ ِبي َع ْو ٍن َّ‬
‫ُ‬
‫صال ٍِح ْال َح َنفِيَّ ‪َ ,‬يقُو ُل َس ِمعْ ُ‬
‫الث َقفِيِّ ‪َ ,‬قا َل َس ِمعْ ُ‬
‫ت‬
‫ت أَ َبا َ‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم ُحلَّ ُة سِ َي َرا َء َف َب َع َ‬
‫َعلِ ًّيا‪َ ,‬يقُو ُل أُهْ ِد َي ْ‬
‫ث ِب َها ِإلَىَّ‬
‫ُول َّ ِ‬
‫ت ل َِرس ِ‬
‫َفلَ ِبسْ ُت َها َف َع َر ْف ُ‬
‫ب فِي َوجْ ِه ِه َف َقا َل " أَ َما إِ ِّني لَ ْم أُعْ طِ َك َها لِ َت ْل َب َس َها " ‪.‬‬
‫ض َ‬
‫ت ْال َغ َ‬
‫َفأ َ َم َرنِي َفأ َ َطرْ ُت َها َبي َْن ِن َسائِي ‪ ,‬وأَ ْخ َب َر َنا ِإسْ َح ُ‬
‫هللا‬
‫اق بْنُ إِب َْراهِي َم‪َ ,‬قا َل أَ ْن َبأ َ َنا َع ْب ُد َّ ِ‬
‫هللا‪,‬‬
‫ار ِ‬
‫ْن َع ْب ِد َّ ِ‬
‫ْن أَ ِبي ُس ْف َي َ‬
‫ان‪َ ,‬عنْ َسال ِِم ب ِ‬
‫ث ْال َم ْخ ُزومِيُّ ‪َ ,‬عنْ َح ْن َظ َل َة ب ِ‬
‫بْنُ ْال َح ِ‬
‫ت اب َْن ُع َم َر‪ ,‬ي َُح ِّد ُ‬
‫َقا َل َس ِمعْ ُ‬
‫ث أَنَّ ُع َم َر‪َ ,‬خ َر َج َف َرأَى ُحلَّ َة إِسْ َتب َْر ٍق ُت َباعُ فِي‬
‫هللا ا ْش َت ِر َها‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم َف َقا َل َيا َرسُو َل َّ ِ‬
‫ُّوق َفأ َ َتى َرسُو َل َّ ِ‬
‫الس ِ‬
‫هللا صلى هللا عليه‬
‫ْك ْال َو ْف ُد ‪َ .‬ف َقا َل َرسُو ُل َّ ِ‬
‫ِين َي ْق َد ُم َعلَي َ‬
‫َف ْال َبسْ َها َي ْو َم ْال ُج ُم َع ِة َوح َ‬
‫هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم " ِإ َّن َما َي ْل َبسُ َه َذا َمنْ الَ َخالَ َق لَ ُه " ‪ُ .‬ث َّم أُت َِي َرسُو ُل َّ ِ‬
‫ث ُحلَ ٍل ِم ْن َها َف َك َسا ُع َم َر ُحلَّ ًة َو َك َسا َعلِ ًّيا ُحلَّ ًة َو َك َسا أ ُ َسا َم َة ُحلَّ ًة َفأ َ َتا ُه‬
‫وسلم ِب َثالَ ِ‬
‫ت ُث َّم َب َع ْث َ‬
‫ت فِي َها َما قُ ْل َ‬
‫هللا قُ ْل َ‬
‫ض ِب َها‬
‫َف َقا َل َيا َرسُو َل َّ ِ‬
‫ت إِلَىَّ ‪َ .‬ف َقا َل " ِبعْ َها َوا ْق ِ‬
‫ك ( راجع سنن النسائي كتاب الزينة )‬
‫ك أَ ْو َش ِّق ْق َها ُخمُرً ا َبي َْن ِن َسا ِئ َ‬
‫اج َت َ‬
‫َح َ‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫جرِي مِن تَحْتِهِمُ األَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَا ِورَ‬
‫قال تعاىل { أُوْلَ ِئكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَ ْ‬
‫مِن ذَ َهبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُ ْضرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَ ْبرَقٍ مُّتَّكِئِنيَ فِيهَا عَلَى ا َألرَا ِئكِ ِنعْمَ‬
‫الثَّوَابُ وَحَسُ َنتْ ُمرْتَفَقًا } الكهف ‪ ، 87‬وقال تعاىل { يَلْبَسُونَ مِن سُن ُدسٍ وَإِسْتَ ْبرَقٍ‬
‫مُّتَقَابِلِنيَ } الدخان ‪ ، 58‬وقال تعاىل { مُتَّكِئِنيَ َعلَى ُفرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَ ْبرَقٍ وَجَنَى‬
‫‪50‬‬
‫الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } الرمحن ‪ ، 54‬وقال تعاىل { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُ ْضرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ‬
‫ِضةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ َشرَابًا طَهُورًا } اإلنسان ‪37‬‬
‫وَحُلُّوا أَسَا ِورَ مِن ف َّ‬
‫الثالث ‪ :‬السندس‬
‫المعنى‬
‫السندس ‪ :‬معرب عن اللغة الهندية وأصله ( سندون ) بنون في آخره ومعناه‬
‫الديباج الرقيق ‪ ,‬وواحدها سندسة وهي ما رق من الديباج ‪0‬‬
‫ورد تفسير الجاللين ‪ ( :‬ثياب سندس ) حرير (خضر) بالرفع ( وإستبرق )‬
‫بالجر ما غلظ من الديباج فهو البطائن والسندس الظهائر ‪ ,‬وفي تفسير ابن‬
‫كثير ‪ :‬عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق أي لباس أهل الجنة فيها‬
‫الحرير ومنه سندس وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم ‪,‬‬
‫وفي تفسير القرطبي ‪ :‬السندس اسم جنس وهو ما رق من الديباج ‪0‬‬
‫قال الدكتور العالمة محمد تقي الدين الهاللي ‪ :‬قال البيضاوي ‪ :‬السندس‬
‫مارق من الحرير واإلستبرق ما غلظ منه معرب استبره ‪ ,‬قال جفري وهذا‬
‫من اْللفاظ القليلة التي اعترف المسلمون أنها مأخوذة من الفارسية وعزاه‬
‫إلى ال سيوطي في اإلتقان وفي المزهر حكاه فيه عن اْلصمعي وإلى‬
‫السجستاني في غريب القرآن وإلى الجوهري في الصحاح وإلى كتاب‬
‫الرسالة للكندي وإلى ابن اْلثير في النهاية قال وبعضهم يقول انه لفظ عربي‬
‫مأخوذ من البرق ‪ ,‬قال في القاموس ‪ :‬ضرب من رقيق الديباج معرب بال‬
‫خالف ‪ ,‬وقال في لسان العرب السندس البزيون ‪ ,‬قال المفسرون في‬
‫السندس أنه رقيق الديباج ورفيعه وفي تفسير اإلستبرق أنه غليظ الديباج ولم‬
‫يختلفوا فيه ‪ ,‬الليث ‪ ,‬السندس ضرب من البزيون يتخذ من المر عزى ولم‬
‫يختلف أهل اللغة فيهما أنهما معربان‪0‬‬
‫حكم لبس السندس‬
‫حكم لبس الرجل والمرأة للسندس‬
‫السندس ‪ :‬رقيق الديباج أو الحرير فيكون حكمه حكم الحرير للجنسين ‪0‬‬
‫‪59‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫حلَّوْنَ فِيهَا مِنْ‬
‫قال تعاىل { أُ ْولَ ِئكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ األَنْهَارُ يُ َ‬
‫َأسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَ َيلْ َبسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُن ُدسٍ وَ ِإسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِنيَ فِيهَا َعلَى‬
‫حسُنَتْ مُرْتَفَقًا} الكهف ‪ ، 87‬وقال تعاىل { َيلْ َبسُونَ مِن‬
‫األَرَا ِئكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَ َ‬
‫س‬
‫سُن ُدسٍ وَ ِإسْتَبْرَقٍ مُّتَقَا ِبلِنيَ } الدخان ‪ ، 58‬وقال تعاىل { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُ ٍ‬
‫حلُّوا َأسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُ ْم رَبُّهُ ْم شَرَابًا طَهُورًا } اإلنسان ‪37‬‬
‫خُضْرٌ وَ ِإسْتَبْرَقٌ وَ ُ‬
‫الرابع ‪ :‬الثيـــــــاب‬
‫المعنى‬
‫قال ابن منظور في لسان العرب ‪ :‬والثوب اللباس ‪ ,‬واحد اْلثواب ‪ ,‬والثياب‬
‫‪ ,‬الجمع أَ ْثوُ ب ‪ ,‬وبعض العرب يهمزه فيقول ‪ :‬أثؤب ‪0‬‬
‫حكم لبس الثياب‬
‫ورد في موقع اإلسالم سؤال وجواب ‪:‬‬
‫‪ -1‬اْلصل في كل ما يلبس أنه حالل جائز ‪ ,‬إال ما ورد نصٌّ بتحريمه‬
‫صلَّى َّ‬
‫ْن َح َرا ٌم‬
‫كالحرير للذكور لقول النبي َ‬
‫هللاُ َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم ( إِنَّ َه َذي ِ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫إل َناث ِِه ْم ) صححه اْللباني ‪ ,‬وكذلك ال يجوز‬
‫ور أ َّمتِي ِح ٌّل ِ‬
‫َعلَى ذ ُك ِ‬
‫لبس جلود الميتة إال أن تدبغ ‪ ,‬أمـا المالبس المصنوعة من الصوف‬
‫أو الشعر أو الوبر فهي طاهرةٌ حال ٌل ‪0‬‬
‫‪ -2‬ال يجوز لبس الشفاف الذي ال يستر العورة ‪0‬‬
‫‪ -3‬يحرم التشبه بأهل ال ِّشرك والكفر في لباسهم ‪ ,‬فال يجوز لبس اْللبسة‬
‫التي يختص بها الكفار ‪ ,‬عن عبد هللا بن عمرو بن العاص قال (‬
‫رأى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين ‪ ,‬فقال ‪:‬‬
‫إن هذه من ثياب الكفار فال تلبسها ) رواه مسلم ‪0‬‬
‫‪ -4‬يحرم َت َش ُّب ُه النساء بالرجال والرجال بالنساء في اللباس ؛ ْلن النبي‬
‫لعن المتشبهين من الرجال بالنساء ‪,‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم (‬
‫َ‬
‫والمتشبهات من النساء بالرجال ) رواه البخاري ‪0‬‬
‫‪60‬‬
‫‪ -5‬استحباب لبس اْلبيض من الثياب ‪ ,‬عن ابن عباس قال ‪ :‬قال رسول‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم ( البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير‬
‫ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم ) ‪ .‬رواه الترمذي حسن صحيح وهو الذي‬
‫يستحبه أهل العلم ‪ ,‬وأبو داود وابن ماجه ‪0‬‬
‫‪ -6‬يحرم لباس الشهرة ‪ ,‬وهو ما يتميز به الالبس عن اآلخرين ليُنظر إليه‬
‫ويُعرف به ويُشتهر ‪ ,‬عن ابن عمر قال ‪ :‬قال النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫( َمن لبس ثوب شهرة ألبسه هللا يوم القيامة ثوبا ً مثله ) وفي رواية بزيادة‬
‫( ثم تلهب فيه النار ) ‪ ,‬وفي رواية أخرى ( ثوب مذلة ) رواه أبو داود‬
‫وابن ماجه والحديث ‪ :‬حسنه الشيخ اْللباني في صحيح الترغيب‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل { أُوْلَئِكَ لَ ُهمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ َتجْرِي مِن َتحْتِ ِهمُ األَنْهَارُ ُيحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ َأسَاوِرَ مِن َذهَبٍ‬
‫الثوَابُ َوحَسُنَتْ‬
‫وَيَلْ َبسُونَ ثِيَا بًا خُضْرًا مِّن سُن ُدسٍ وَ ِإسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِنيَ فِيهَا عَلَى األَرَائِكِ نِعْمَ َّ‬
‫مُرْتَفَقًا } الكهف ‪ ، 87‬وقال تعاىل { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ‬
‫ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِ ِهمُ ا ْلحَمِيمُ } احلج ‪ ، 77‬وقال تعاىل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا‬
‫جرِ‬
‫لِيَسْتَأْذِن ُكمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا ا ْلحُلُمَ مِنكُمْ ثَالثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَالةِ الْ َف ْ‬
‫َوحِنيَ تَضَعُونَ ثِيَابَ كُم مِّنَ الظَّهِريَةِ وَمِن بَعْدِ صَالةِ الْ ِعشَاء ثَالثُ عَوْرَاتٍ لَّ ُكمْ لَيْسَ عَلَيْ ُكمْ وَال‬
‫ض كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَ ُكمُ اآليَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ‬
‫عَلَيْ ِهمْ جُنَاحٌ بَعْ َدهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُ ُكمْ عَلَى بَ ْع ٍ‬
‫النسَاء الَّالتِي ال يَ ْرجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ‬
‫حَكِيمٌ } النور ‪ ، 59‬وقال تعاىل { وَالْقَوَاعِدُ مِنَ ِّ‬
‫َرجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن َيسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } النور‬
‫جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَب ِّ‬
‫‪ ، 10‬و قال تعاىل { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } املدثر ‪ ،4‬وقال تعاىل { عَالِيَ ُهمْ ثِيَابُ سُن ُدسٍ خُ ْضرٌ‬
‫وَ ِإسْتَبْرَقٌ َوحُلُّوا َأسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ َوسَقَا ُهمْ رَبُّ ُهمْ شَرَابًا طَهُورًا } اإلنسان ‪37‬‬
‫اخلامس ‪ :‬القميص‬
‫المعنى والحكم‬
‫ورد في لسان العرب ‪ :‬القميص الذي يلبس معروف مذكر ‪ ,‬وقد يُعْ نى به‬
‫هوازن‬
‫الدرع فيؤنث ؛ وأَنثه جرير حين أَراد به الدرع فقال ‪َ :‬ت ْدعُو‬
‫َ‬
‫‪61‬‬
‫ٌ‬
‫ُفاضة ‪َ ,‬تحْ َ‬
‫طاق ‪ُ ,‬ت َش ُّد باْلَزرار والجمع أَ ْقمِص َة وقُمُصٌ‬
‫والقميصُ م‬
‫ت ال ّن ِ‬
‫وقُمْصانٌ ‪ ,‬وفي مقاييس اللغة ‪ :‬القاف والميم والصاد أصالن ‪ :‬أحدهما يدل‬
‫ُ‬
‫يام فيه ‪ ,‬وقال عبد هللا الجبرين رحمه هللا ‪ :‬القميص‬
‫على لبس شيء واالنشِ ِ‬
‫في اْلصل هو من الثياب ما له جيب وأكمام ويستر البدن إلى الساق ‪,‬‬
‫ويسمى دراعة ْلنه شبيه بالدرع الذي يلبس في القتال فال مانع من لبسه ‪,‬‬
‫وهو أفضل من البنطال ‪ ,‬وأما السراويل فيجوز االقتصار عليه إذا كان‬
‫عري ً‬
‫ضا ولبس فوقه جبة أو نحوها مما يستر أعلى جسده ‪ ,‬وورد في موقع‬
‫اإلسالم ويب ‪ :‬بعض الفقهاء نص على استحباب لبس القميص ؛ كما قال‬
‫في كشاف القناع ‪ :‬ويسن لبس القميص ‪ ,‬فلبس القميص ليس داخال في لباس‬
‫الشهرة ْلن ضابط لباس الشهرة عند العلماء هو مخالفة لباس أهل بلده بال‬
‫عذر ‪ ,‬كما قال ابن مفلح الحنبلي في اآلداب الشرعية ‪ :‬وخالف زي بلده‬
‫بال عذر وبعض العلماء أضاف قيد القصد في لبس ثوب الشهرة ؛ كما قال‬
‫شيخ اإلسالم ‪ :‬يحرم شهرة ‪ ,‬وهو ما قصد به االرتفاع وإظهار التواضع ‪,‬‬
‫ومن لبس القميص تأسيا بالنبي صلى هللا عليه وسلم فهو مأجور إن شاء هللا‬
‫حتى وإن كان الناس ال يكثرون من لبسه ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل ( وجاؤوا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصرب مجيل واهلل املستعان‬
‫على ما تصفون ) يوسف ‪21‬‬
‫وقال تعاىل ( واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد‬
‫بأهلك سوءا اال أن يسجن أو عذاب اليم ) يوسف ‪12‬‬
‫وقال تعاىل ( قال هي راودتين عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت‬
‫وهو من الكاذبني ) يوسف ‪12‬‬
‫وقال تعاىل ( وان كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقني ) يوسف ‪12‬‬
‫وقال تعاىل ( فلما رأى قميصه قد من دبر قال انه من كيدكن إن كيدكن عظيم ) يوسف ‪11‬‬
‫وقال تعاىل ( اذهبوا بقميصي هذا فالقوه على وجه أبي يأت بصريا واتوني بأهلكم أمجعني ) يوسف ‪34‬‬
‫‪62‬‬
‫السادس ‪ :‬اجلالبيب‬
‫معنى الجلباب‬
‫صر َوأَعْ َرض ِمنْ ْال ِخ َمار ‪ ,‬قال الزمشخري في الكشاف ‪ :‬ثوب‬
‫هو َث ْوب أَ ْق َ‬
‫واسع أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتبقى منه ما‬
‫ترسله على صدرها ‪ ,‬وقيل ْال ِم ْق َن َعة ُت َغ ِّطي ِب ِه ْال َمرْ أَة َر ْأس َها ‪ ,‬وقيل ه َُو َث ْوب‬
‫ص ْدر َها ‪َ ,‬و َظهْر َها ‪ ,‬قال السندي ‪َ ( :‬ث ْوب‬
‫َواسِ ع ُدون الرِّ دَاء ُت َغ ِّطي ِب ِه َ‬
‫ص ْدر َها َو َظهْر َها إِ َذا َخ َر َج ْ‬
‫ت ) ‪ ,‬وقال العيني في‬
‫ُت َغ ِّطي ِب ِه ْال َمرْ أَة َر ْأس َها َو َ‬
‫شرح البخاري ‪ :‬جلباب وهو خمار واسع كالملحفة تغطي به المرأة رأسها‬
‫وصدرها ‪ ,‬وقيل ه َُو َك ْال َم َال َء ِة ‪ :‬قال ابن رجب ‪ :‬الجلباب هي المالءة‬
‫المغطية للبدن كله ‪ ,‬تلبس فوق الثياب ‪ ,‬وتسميها العامة ‪ :‬اإلزار ‪ ,‬وقيل‬
‫ْالم ِْل َح َفة ‪ ,‬وقيل ْال ِخ َمار ‪ ,‬وقيل الرداء فوق الخمار‪ ,‬وقيل الجلباب ‪ :‬كل ثوب‬
‫تلبسه المرأة فوق ثيابها ‪ ,‬وقيل كل ما تستتر به من كساء أو غيره ‪ ,‬قال‬
‫الخليل ‪ :‬كل ما تستتر به من دثار وشعار وكساء فهو جلباب ‪ ,‬وقيل‬
‫القميص ‪0‬‬
‫ثمرة الخالف حول معنى الجلباب‬
‫قال البقاعي حول ثمرة الخالف في معاني الجلباب ‪ :‬فإن كان المراد‬
‫القميص فإدناؤه إسباغه حتى يغطي يديها ورجليها ‪ ,‬وإن كان ما يغطي‬
‫الرأس فإدناؤه ستر وجهها وعنقها ‪ ,‬وإن كان المراد ما يغطي الثياب‬
‫فإدناؤه تطويله وتوسيعه بحيث يستر جميع بدنها وثيابها ‪ ,‬وإن كان المراد‬
‫ما دون الملحفة فالمراد ستر الوجه واليدين ‪ ,‬وقال المال علي القاري أن‬
‫بعض هذه المعاني متقاربة ‪0‬‬
‫راجع ملتقى أهل الحديث‬
‫=‪http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t‬‬
‫‪162200‬‬
‫صفة الجلباب‬
‫قال الشيخ عبد هللا بن عبد الرحمن الجبرين رحمه هللا ‪ :‬اللباس الشرعي‬
‫للمرأة هو ما يستر جميع بدنها بما في ذلك الوجه والشعر واليدان والرجالن‬
‫إذا كانت عند أجانب من الرجال ‪ ,‬والحجاب هو ستر الرأس والوجه سواء‬
‫بالخمار الذي يوضع على الرأس ثم يتدلى حتى يستر الجيب لقول هللا تعالى‬
‫‪63‬‬
‫ُوب ِهنَّ ) أو الجلباب الذي هو ردا ٌء تلتف به‬
‫( َو ْل َيضْ ِرب َْن ِب ُخم ُِرهِنَّ َعلَى جُ ي ِ‬
‫المرأة ‪ ,‬تضعه على رأسها ويستر وجهها ومنكبيها وظهرها وبطنها ويديها‬
‫ِين َع َلي ِْهنَّ ِمنْ َج َال ِب ِيب ِهنَّ ) فهو كرداء المُحرم‬
‫ورجليها لقول هللا تعالى ( ي ُْدن َ‬
‫بالنسبة للرجال إال أن المرأة تضعه على رأسها وتلفه على جميع جسدها ‪,‬‬
‫ولما سألت إحدى النساء عن المرأة التي ال تجد جلبابًا كيف تخرج إلى العيد‬
‫قال النبي صلى هللا عليه وسلم ( ُتلبسها صاحبتها من جلبابها ) فهو يدل‬
‫على أن الجلباب رداء واسع قد يستر المرأتين جمي ًعا ‪ ,‬وأما الحجاب في‬
‫قوله تعالى ( َوإِ َذا َسأ َ ْل ُتمُوهُنَّ َم َتاعًا َفاسْ أَلُوهُنَّ ِمنْ َو َرا ِء ح َِجا ٍ‬
‫ب ) فهو خطاب‬
‫للمؤمنين اْلجانب إذا أرادوا سؤال المرأة شي ًئا فال بد أن تكون متحجبة أو‬
‫من وراء جدار لتستر نفسها وزينتها عن الرجال اْلجانب ‪0‬‬
‫وقال الشيخ صالح بن عبد هللا بن حميد ‪ :‬الجلباب ‪ :‬كل ساتر من أعلى‬
‫الرأس إلى أسفل القدم ‪ ,‬من مالءة وعباءة ‪ ,‬وكل ما تلتحف به المرأة فوق‬
‫درعها وخمارها ‪0‬‬
‫تفسير آية الجلباب‬
‫قال ابن جرير الطبري في تفسيره ‪ :‬يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى هللا‬
‫عليه وعلى آله وسلم ‪ :‬يا أيها النبي قل ْلزواجك وبناتك ونساء المؤمنين ال‬
‫تتشبهن باإلماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن‬
‫شعوره ن ووجوههن ‪ ,‬ولكن ليدنين عليهن من جالبيبهن ؛ لئال يعرض لهن‬
‫فاسق إذا علم أنهن حرائر بأذى من قول ‪0‬‬
‫قال القرطبي في تفسيره ‪ :‬المسألة الثانية ‪ :‬لما كانت عادة العربيات التبذل‬
‫‪ ,‬وكن يكشفن وجوههن كما يفعل اإلماء ‪ ,‬وكان ذلك داعية إلى نظر‬
‫الرجال إليهن ‪ ,‬وتشعب الفكرة فيهن ‪ ,‬أمر هللا رسوله صلى هللا عليه وعلى‬
‫آله وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجالبيب عليهن إذا أردن الخروج إلى‬
‫حوائجهن ‪ ,‬وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف فيقع الفرق‬
‫بينهن وبين اإلماء فتعرف الحرائر بسترهن فيكف عن معارضتهن من كان‬
‫عزبًا أو شابًا‪ .‬انتهي محل الغرض منه ‪0‬‬
‫صلَّى َّ‬
‫هللا َعلَ ْي ِه َو َسلَّ َم‬
‫قال ابن كثير في تفسيره ‪َ :‬يقُول َت َعا َلى آ ِمرً ا َرسُوله َ‬
‫َتسْ لِيمًا أَنْ َيأْمُر ال ِّن َساء ْالم ُْؤ ِم َنات ْالمُسْ لِ َمات ‪َ -‬خاصَّة أَ ْز َواجه َو َب َناته لِ َش َرف ِِهنَّ‬
‫ِين َعلَي ِْهنَّ ِمنْ َج َال ِبيبهنَّ لِ َي َت َمي َّْز َن َعنْ سِ َمات ِن َساء ْال َجا ِهلِيَّة َوسِ َمات‬
‫ ِبأَنْ ي ُْدن َ‬‫اإل َماء َو ْال ِج ْل َباب ه َُو الرِّ َداء َف ْوق ْال ِخ َمار ‪َ ,‬قالَ ُه ِابْن َمسْ عُود َو َع ِبي َدة َو َق َتادَ ة‬
‫ِْ‬
‫َو ْال َح َسن ْال َبصْ ِريّ َو َسعِيد بْن ُج َبيْر َوإِب َْراهِيم ال َّن َخعِيّ َو َع َطاء ْال ُخ َرا َسانِيّ‬
‫اإل َزار ْال َي ْوم َقا َل ْال َج ْو َه ِريّ ْال ِج ْل َباب ْالم ِْل َح َفة َقالَ ْ‬
‫ت‬
‫َو َغيْر َواحِد َوه َُو ِب َم ْن ِزلَ ِة ْ ِ‬
‫‪64‬‬
‫ِا ْم َرأَة ِمنْ ُه َذيْل َترْ ثِي َقت ً‬
‫ِيال لَ َها ‪َ :‬تمْ شِ ي ال ُّنسُور إِ َل ْي ِه َوهْ َي َال ِه َية َم ْش َي‬
‫ارى َعلَي ِْهنَّ ْال َج َال ِبيب َقا َل َعلِيّ بْن أَ ِبي َط ْل َحة َعنْ ِابْن َعبَّاس أَ َم َر َّ‬
‫هللا‬
‫ْال َع َذ َ‬
‫ين وُ جُوههنَّ ِمنْ‬
‫اجة أَنْ ُي َغ ِّط َ‬
‫ِين إِ َذا َخ َرجْ َن ِمنْ ُبيُوتهنَّ فِي َح َ‬
‫ِن َساء ْالمُو ِمن َ‬
‫ين َسأ َ ْلت‬
‫َف ْوق ُرءُوسهنَّ ِب ْال َج َال ِبي ِ‬
‫ير َ‬
‫ب َو ُي ْبد َ‬
‫ِين َع ْي ًنا َوا ِحدَة ‪َ ,‬و َقا َل م َُحمَّد بْن سِ ِ‬
‫ُع َب ْيدَة الس َّْل َمانِيّ َعنْ َق ْول َّ‬
‫ِين َع َلي ِْهنَّ ِمنْ َج َال ِبيبهنَّ ) َف َغ َّطى‬
‫هللا َع َّز َو َج َّل ( ي ُْدن َ‬
‫َوجْ هه َو َر ْأسه َوأَب َْر َز َعيْنه ْاليُسْ َرى َو َقا َل عِ ْك ِر َمة ُت َغ ِّطي ُث ْغ َرة َنحْ ر َها ِب ِج ْل َب ِاب َها‬
‫هللا َّ‬
‫ُت ْدنِيه َعلَ ْي َها ‪َ ,‬و َقا َل ِابْن أَ ِبي َحاتِم َح َّد َث َنا أَبُو َعبْد َّ‬
‫ب إِ َليَّ‬
‫الط َب َرانِيّ فِي َما َك َت َ‬
‫ص ِفيَّة ِب ْنت َش ْي َبة َعنْ أُ ّم‬
‫َح َّد َث َنا َعبْد الرَّ َّزاق أَ ْخ َب َر َنا َمعْ َمر َعنْ ِابْن َخ ْي َث َمة َعنْ َ‬
‫ت لَمَّا َن َزلَ ْ‬
‫َسلَ َمة َقالَ ْ‬
‫ِين َعلَي ِْهنَّ ِمنْ َج َال ِبيبهنَّ " َخ َر َج ِن َساء‬
‫ت َه ِذ ِه ْاآل َية " ي ُْدن َ‬
‫صار َكأَنَّ َعلَى ُرءُوسهنَّ ْال ِغرْ َبان ِمنْ ال َّسكِي َنة َو َعلَي ِْهنَّ أَ ْكسِ َية سُود‬
‫ْاْلَ ْن َ‬
‫صالِح َح َّد َثنِي اللَّيْث َح َّد َث َنا‬
‫َي ْل َبسْ َن َها ‪َ ,‬و َقا َل ِابْن أَ ِبي َحاتِم َح َّد َث َنا أَ ِبي َح َّد َث َنا أَبُو َ‬
‫يُو ُنس بْن َي ِزيد َقا َل َو َسأ َ ْل َنا ُه َيعْ نِي ُّ‬
‫الزهْ ِريّ َه ْل َعلَى ْال َولِيدَ ة ِخ َمار ُم َت َزوِّ َجة أَ ْو‬
‫َغيْر ُم َت َزوِّ َجة ؟ َقا َل َعلَ ْي َها ْال ِخ َمار إِنْ َكا َن ْ‬
‫ت ُم َت َزوِّ َجة َو ُت ْن َهى َعنْ ْال ِج ْل َباب ِْلَ َّن ُه‬
‫ص َنات َو َق ْد َقا َل َّ‬
‫هللا َت َعالَى ( َيا أَ ّي َها ال َّن ِبيّ‬
‫ُي ْك َره لَهُنَّ أَنْ َي َت َش َّبه َْن ِب ْال َح َرائ ِِر ْالمُحْ َ‬
‫ِين َع َلي ِْهنَّ ِمنْ َج َال ِبيبهنَّ ) ‪ ,‬وقال‬
‫ِين ي ُْدن َ‬
‫اء ْالم ُْؤ ِمن َ‬
‫قُ ْل ِْلَ ْز َوا ِجك َو َب َناتِك َو ِن َس ِ‬
‫الشوكاني في فتح القدير ‪ :‬والجالبيب جمع جلباب ‪ ,‬وهو ثوب أكبر من‬
‫الخمار ‪ ,‬قال الجوهري ‪ :‬الجلباب الملحفة وقيل ‪ :‬القناع ‪ ,‬وقيل ‪ :‬هو ثوب‬
‫يستر جميع بدن المرأة كما ثبت في الصحيح من حديث أم عطية أنها قالت ‪:‬‬
‫يا رسول هللا ‪ ,‬إحدانا ال يكون لها جلباب ‪ ,‬فقال ( لتلبسها أختها من جلبابها‬
‫) ‪ ,‬قال الواحدي ‪ :‬قال ‪ :‬المفسرون يغطين وجوههن ورءوسهن إال عي ًنا‬
‫واحدة فيعلم أنهن حرائر فال يعرض لهن بأذى ‪ ,‬وقال الحسن ‪ :‬تغطي‬
‫نصف وجهها ‪ ,‬وقال قتادة ‪ :‬تلويه فوق الجبين وتشده ثم تعطفه على اْلنف‬
‫وإن ظهرت عيناها لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه ‪ ,‬واإلشارة بقوله ( ذلك‬
‫) إلى إدناء الجالبيب ‪ ,‬وهو مبتدأ وخبره ( أدنى أن يعرفن ) أي ‪ :‬أقرب أن‬
‫يعرفن فال يتميز ن عن اإلماء ويظهر للناس أنهن حرائر ( فال يؤذين ) من‬
‫جهة أهل الريبة بالتعرض لهن مراقبة لهن وْلهلهن ‪ ,‬وليس المراد بقوله (‬
‫ذلك أدنى أن يعرفن ) أن تعرف الواحدة منهن من هي ‪ ,‬بل المراد ‪ :‬أن‬
‫يعرفن أنهن حرائر ال إماء ؛ ْلنهن قد لبسن لبسة تختص بالحرائر‪ { ,‬وكان‬
‫هللا غفورً ا } لما سلف منهن من ترك إدناء الجالبيب ‪ { ,‬رحيمًا } بهن أو‬
‫غفورً ا لذنوب المذنبين رحيمًا بهن فيدخلن في ذلك دخوالً أوليًا ‪ ,‬وقال‬
‫الشنقيطي في أضواء البيان ‪ :‬ومن اْلدلة القرآنية على احتجاب المرأة‬
‫وسترها جميع بدنها حتى وجهها قوله تعالى { يا أيها النبي قل ْلزواجك‬
‫‪65‬‬
‫وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جالبيبهن } ‪ ,‬فقد قال ‪ :‬غير واحد‬
‫من أهل العلم إن معنى ‪ :‬يدنين عليهن من جالبيبهن ‪ :‬أنهن يسترن بها جميع‬
‫وجوههن وال يظهر منهن شيء إال عين واحدة تبصر بها ‪ ,‬وممن قال به‬
‫ابن مسعود وابن عباس وعبيدة السلماني وغيرهم ‪ ,‬وقال الشيخ أبو األعلى‬
‫المودودي رحمه هللا ‪ :‬والجلباب في اللغة العربية ‪ :‬الملحفة والمالءة‬
‫واللباس الواسع ‪ ,‬واإلدناء يعني التقريب واللف ‪ ,‬فإن أضيف إليه حرف‬
‫الجر { على } ُقصد به اإلرخاء واإلسدال من فوق ‪ ,‬وقال الشيخ محمد علي‬
‫الصابوني في تفسير آيات اْلحكام ‪ :‬والجلباب ‪ :‬هو الرداء الذي يستر جميع‬
‫البدن والثوب السابغ الفضفاض ‪ ,‬وهذه اآلية ترد على السفهاء ‪ ,‬الذين‬
‫يزعمون أن الحجاب إنما فرض على نساء النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫خاصة ‪ ,‬حرمة لهن ‪ ,‬وال يقرءون هذه اآلية العامة لجميع النساء ‪ ,‬وقال‬
‫الشيخ محمد سيد طنطاوي في التفسير الوسيط ‪ :‬والجالبيب جمع جلباب ‪,‬‬
‫وهو ثوب يستر جميع البدن ‪ ,‬تلبسه المرأة فوق ثيابها ‪ ,‬والمعنى ‪ :‬يا أيها‬
‫النبي قل ْلزواجك الالئي في عصمتك ‪ ,‬وقل لبناتك الالئي هن من َنسْ لك ‪,‬‬
‫وقل لنساء المؤمنين كافة ‪ ,‬قل لهن ‪ :‬إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن ‪ ,‬فعليهن‬
‫أن َيسدلن الجالليب عليهن ‪ ,‬حتى يسترن أجسامهن سترً ا تا ًّما من رؤوسهن‬
‫إلى أقدامهن ؛ زيادة في التستر واالحتشام ‪ ,‬وبع ًدا عن مكان التهمة والريبة‬
‫‪ ,‬قالت أم سلمة رضي هللا عنها ‪ :‬لما نزلت هذه اآلية خرج نساء اْلنصار‬
‫كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سُود يلبسنها ‪0‬‬
‫وقال الشيخ أبو بكر جابر الجزائري في تفسيره ‪ :‬والجلباب هو المالءة أو‬
‫العباءة تكون فوق الدرع السابغ الطويل ‪ ,‬أي ‪ :‬مُرهن بأن يدنين من طرف‬
‫المالءة على الوجه حتى ال يبق إال عين واحدة ترى بها الطريق ‪ ,‬وبذلك‬
‫يعرفن أنهن حرائر عفيفات فال يؤذيهن بالتعرض لهن أولئك المنافقون‬
‫السفهاء ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫جكَ وَبَنَا ِت َك وَ ِنسَاء الْمُؤْمِنِنيَ يُدْنِنيَ َعلَيْهِنَّ مِن‬
‫قال تعاىل { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَا ِ‬
‫ِن َذِل َك أَدْنَى أَن يُعْرَفْ َن فَال يُؤْذَيْ َن وَكَا َن اللَّ ُه غَفُورًا رَّحِيمًا } االحزاب ‪57‬‬
‫جَالبِيبِه َّ‬
‫‪66‬‬
‫السابع ‪ :‬العبــــقري‬
‫معنى عبقري‬
‫قال ابن القيم حادي األرواح ‪ :‬هو اسم و نعت لكل ما بولغ في وصفه ‪,‬‬
‫وقال الفراء ‪ :‬العبقري هو السيد من الرجال ‪0‬‬
‫عبقر ‪ :‬هو موضع للجن ينسب إليه كل نادر من إنسان ‪ ,‬وحيوان ‪ ,‬وثوب ‪,‬‬
‫ولهذا قيل في عمر ( لم أر عبقريا مثله ) ‪ ,‬لحديث أبي هريرة قال ‪ :‬سمعت‬
‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم يقول ‪ :‬بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها‬
‫دلوا ‪ ,‬فنزعت منها ما شاء هللا ‪ ,‬ثم أخذها ابن أبي قحافة ‪ ,‬فنزع بها ذنوبا‬
‫أو ذنوبين ‪ ,‬وفي نزعه ضعف ‪ ,‬وهللا يغفر له ‪ ,‬ثم استحالت عزبا ‪ ,‬فأخذها‬
‫ابن الخطاب ‪ ,‬فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر حتى ضرب الناس‬
‫بعطن )( متفق عليه ) ‪0‬‬
‫قال تعالى ( وعبقري حسان ) ‪ ,‬وهو ضرب من الفرش فيما قيل ‪ ,‬جعله هللا‬
‫مثال لفرش الجنة ‪0‬‬
‫قوم ‪ ,‬كقولك هذا سي ُد قوم وكبيرهم وشديدهم وقويُّهم ونحو‬
‫يقال هذا َع ْب َق ِريُّ ٍ‬
‫ذلك ‪ ,‬قال أَبو عبيد ‪ :‬وإِنما أَصل هذا فيما يقال أَنه نسب إِلى َع ْب َقر‪ ,‬وهي‬
‫أَرض يسكنها الجنُّ ‪ ,‬فصارت مثالً لكل منسوب إِلى شيء رفيع ؛ وقال‬
‫زهير ‪ِ :‬ب َخي ٍْل عليها ِج َّن ٌة َع ْب َق ٌ‬
‫رية ‪َ ,‬جديرون يوما ً أَن َينالوا ف َيسْ َتعْ لُوا ‪ ,‬وقال ‪:‬‬
‫ٌ‬
‫صفة لكل ما بولغ في وصفه ‪ ,‬وأَصله أَن َع ْب َق َر بلد يُو َّشى فيه‬
‫أَصل ال َع ْب َق ِريّ‬
‫البسُط وغيرُها ‪ ,‬ف ُنسب كل شيء جيّد ِإلى َع ْب َقر ‪0‬‬
‫عبقري أصلها عربي مأخوذة من واد في الجزيرة العربية أسمه واد عبقر‬
‫كان يعتقد انه كثير الجان ‪0‬‬
‫تفسيرها‬
‫قال القرطبي في تفسيره ‪ :‬وعبقري حسان فالعبقري ثياب منقوشة تبسط ‪,‬‬
‫فإذا قال خالق النقوش ‪ :‬إنها حسان فما ظنك بتلك العباقر ‪ ,‬وقرأ عثمان‬
‫رضي هللا عنه والجحدري والحسن وغيرهم متكئين على رفارف بالجمع‬
‫غير مصروف كذلك وعباقري حسان جمع رفرف وعبقري ‪ ,‬و رفرف‬
‫اسم للجمع وعبقري واحد يدل على الجمع المنسوب إلى عبقر ‪ ,‬وقد قيل ‪:‬‬
‫إن واحد رفرف وعبقري رفرفة وعبقرية ‪ ,‬والرفارف والعباقر جمع الجمع‬
‫‪ ,‬والعبقري الطنافس الثخان منها ؛ قاله الفراء ‪ ,‬وقيل ‪ :‬الزرابي ‪ ,‬عن ابن‬
‫‪60‬‬
‫عباس وغيره ‪ ,‬الحسن ‪ :‬هي البسط ‪ ,‬مجاهد ‪ :‬الديباج ‪ ,‬القتبي ‪ :‬كل ثوب‬
‫وشي عند العرب عبقري ‪ ,‬قال أبو عبيد ‪ :‬هو منسوب إلى أرض يعمل فيها‬
‫الوشي فينسب إليها كل وشي حبك ‪ ,‬ويقال ‪ :‬عبقر قرية بناحية اليمن تنسج‬
‫فيها بسط منقوشة ‪ ,‬وقال ابن اْلنباري ‪ :‬إن اْلصل فيه أن عبقر قرية‬
‫يسكنها الجن ينسب إليها كل فائق جليل ‪ ,‬وقال الخليل ‪ :‬كل جليل نافس‬
‫فاضل وفاخر من الرجال والنساء وغيرهم عند العرب عبقري ‪ ,‬وقال‬
‫الجوهري ‪ :‬العبقري موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن ثم نسبوا إليه‬
‫كل شيء يعجبون من حذقه وجودة صنعته وقوته فقالوا ‪ :‬عبقري وهو واحد‬
‫وجمع ‪ ,‬وفي الحديث ‪ :‬إنه كان يسجد على عبقري وهو هذه البسط التي‬
‫فيها اْلصباغ والنقوش حتى قالوا ‪ :‬ظلم عبقري وهذا عبقري قوم للرجل‬
‫القوي ‪0‬‬
‫وقال ابن كثير في تفسيره ‪ :‬وقوله تعالى وعبقري حسان قال ابن عباس‬
‫وقتادة والضحاك والسدي ‪ :‬العبقري الزرابي ‪ :‬وقال سعيد بن جبير هي‬
‫عتاق الزرابي يعني جيادها وقال مجاهد العبقري الديباج وسئل الحسن‬
‫البصري عن قوله تعالى وعبقري حسان فقال هي بسط أهل الجنة ال أبا‬
‫لكم فاطلبوها وعن الحسن رواية أنها المرافق وقال زيد بن أسلم العبقري‬
‫أحمر وأصفر وأخضر وسئل العالء بن زيد عن العبقري فقال البسط أسفل‬
‫من ذلك ‪ ,‬وق ال أبو حرزة يعقوب بن مجاهد ‪ :‬العبقري من ثياب أهل الجنة‬
‫ال يعرفه أحد وقال أبو العالية العبقري الطنافس المحملة إلى الرقة ما هي‬
‫وقال القيسي كل ثوب موشى عند العرب عبقري وقال أبو عبيدة هو‬
‫منسوب إلى أرض يعمل بها الوشي وقال الخليل بن أحمد كل شيء نفيس‬
‫من الرجال وغير ذلك يسمى عند العرب عبقريا ‪0‬‬
‫وقال الشوكاني في فتح القدير ‪ :‬العبقري الزرابي ‪ ,‬والطنافس الموشية ‪,‬‬
‫قال أبو عبيدة ‪ :‬كل وش من البسط عبقري ‪ ,‬وهو منسوب إلى أرض يعمل‬
‫فيها الوشي ‪ ,‬قال الفراء ‪ :‬العبقري الطنافس الثمان ‪ ,‬وقيل الزرابي ‪ ,‬وقيل‬
‫البسط ‪ ,‬وقيل الديباج ‪ ,‬قال ابن اْلنباري ‪ :‬اْلصل فيه أن عبقر قرية تسكنها‬
‫الجن ينسب إليها كل فائق ‪ ,‬قال الخليل ‪ :‬العبقري عند العرب كل جليل‬
‫فاضل فاخر من الرجال والنساء ‪ ,‬قال الجوهري‪ :‬العبقري موضع تزعم‬
‫العرب أنه من أرض الجن ‪ ,‬قال لبيد‪ :‬كهرل وشبان كجنة عبقري ثم نسبوا‬
‫إليه كل شيء تعجبوا من حذقه وجودة صنعته وقوته فقالوا عبقري ‪ ,‬وهو‬
‫واحد وجمع ‪ ,‬قرأ الجمهور عبقري وقرأ عثمان بن عفان والحسن‬
‫‪60‬‬
‫والجحدري عباقري وقرئ عباقر وهما نسبة إلى عباقر اسم بلد ‪ ,‬وقال‬
‫قطرب ‪ :‬ليس بمنسوب ‪0‬‬
‫وجه تسمية الشيء النفيس عبقرياً‬
‫قال الشيخ محمد إسماعيل المقدم في محضرة له ‪ :‬نالحظ هنا أن هللا‬
‫سبحانه وتعالى خاطب العرب بما يعرفونه ‪ ,‬ومما تعارفه العرب أن‬
‫العبقري هي من أنفس اْلشياء ‪ ,‬مثل‪ :‬الزرابي أو البسط أو السجاجيد أو كذا‬
‫‪ ,‬فالعرب لهم كالم في أصل و صف الشيء بأنه عبقري ‪ ,‬وتزعم العرب أن‬
‫عبقر بلد يسكنها الجن فينسبون إليه كل شيء فائق جليل ‪ ,‬وقال الخليل ‪ :‬كل‬
‫شيء نفيس من الرجال والنساء وغيرهم عند العرب عبقري ‪ ,‬إذاً ‪ :‬كلمة‬
‫عبقري لوحدها تدل على أنها كل جيد ونفيس وفاخر وجليل إلى آخره ‪,‬‬
‫يعني ‪ :‬ال يفهم من قوله ( وعبقري حسان ) أنه يمكن أن يكون هناك عبقري‬
‫ليس حسنا ً ‪ ,‬وإنما كل عبقري ال بد أن يكون حسناً‪ ,‬فلذلك قال ( َ َع ْب َق ِري‬
‫ان ) ‪ ,‬إذاً ‪ :‬العرب ينسبون إلى عبقر كل شيء يعجبون به من صنعه‬
‫ِح َس ٍ‬
‫وجودته وقوته ‪ ,‬وأيضا ً ‪ :‬يوصف به كل جليل ونفيس وفاضل وفاخر من‬
‫الرجال والنساء وغيرهم ‪ ,‬فالعرب تسميه عبقريا ً ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل { مُتَّ ِك ِئنيَ عَلَى َرفْرَفٍ خُضْرٍ وَ َع ْبقَرِيٍّ حِسَانٍ} الرمحن ‪67‬‬
‫الثامن ‪ :‬كســــوة‬
‫المعنى‬
‫ورد في لسان العرب ‪ :‬ال ِكسْ وةُ وال ُكسْ و ُة ‪ :‬اللباس ‪ ,‬واحدة ال ُكسا ؛ قال الليث‬
‫معان مختلفة ‪ ,‬يقال ‪َ :‬ك َس ْوت فالنا ً أَ ْكسُوه ِكسْ و ًة إِذا أَلبسته ثوبا ً أَو‬
‫‪ :‬ولها‬
‫ٍ‬
‫ثيابا ً فا ْك َتسى ‪ ,‬واك َتسى فالن ِإذا ل َبس ال ِكس ُْوة ‪0‬‬
‫كسوة الكعبة المشرفة‬
‫ورد في موقع موسوعة ويكيديا ‪ :‬كسوة الكعبة المشرفة هي قطعة من‬
‫الحرير المنقوش عليه آيات من القرآن الكريم تكسا بها الكعبة المشرفة‬
‫‪69‬‬
‫أول من كسا الكعبة‬
‫من الثابت تاريخيا أن أول من كسا الكعبة كسوة كاملة هو تبع أبى كرب‬
‫أسعد ملك حمير في العام ‪ 220‬قبل الهجرة ‪ ,‬بينما أول من كسا الكعبة‬
‫جزئيا فهو إسماعيل ‪ ,‬بينما تشير مصادر أخرى إلى أنه عدنان بن أد وهو‬
‫حفيد النبي إسماعيل ويليه بخمسة أجيال كاملة ‪0‬‬
‫كسوة الكعبة قبل اإلسالم‬
‫في عهد قصي بن كالب فرض على قبائل قريش رفادة كسوة الكعبة سنويا‬
‫بجمع المال من كل قبيلة كل حسب مقدرتها ‪ ,‬حتى جاء أبو ربيعة بن‬
‫المغيرة المخزومي وكان من أثرياء قريش فقال ‪ :‬أنا أكسو الكعبة وحدي‬
‫سنة ‪ ,‬وجميع قريش سنة ‪ ,‬وظل يكسو الكعبة إلى أن مات ‪ ,‬وكانت الكعبة‬
‫ُتكسى قبل اإلسالم في يوم عاشوراء ‪ ,‬ثم صارت ُتكسى في يوم النحر ‪,‬‬
‫وأول امرأة كست الكعبة هي نبيلة بنت حباب أم العباس بن عبد المطلب‬
‫إيفاء لنذر نذرته ‪0‬‬
‫كسوة الكعبة بعد اإلسالم‬
‫بعد فتح مكة في العام التاسع الهجري كسا الرسول صلى هللا عليه وسلم في‬
‫حجة الوداع الكعبة بالثياب اليمانية وكانت نفقاتها من بيت مال المسلمين ‪,‬‬
‫وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب أصبحت الكعبة تكسى بالقماش المصري‬
‫المعروف بالقباطي وهي أثواب بيضاء رقيقة كانت تصنع في مصر بمدينة‬
‫الفيوم ‪ ,‬وفي عهد معاوية بن أبي سفيان كسيت الكعبة كسوتين في العام‬
‫كسوة في يوم عاشوراء واْلخرى في آخر شهر رمضان استعدادا لعيد‬
‫الفطر‪ ,‬كما أن معاوية هو أيضا أول من طيب الكعبة في موسم الحج وفي‬
‫شهر رجب ‪0‬‬
‫كسوة الكعبة في عهد الدولة األموية‬
‫اهتم الخلفاء اْلمويون في عصر الدولة اْلموية بكسوة الكعبة وفي عهد‬
‫معاوية بن أبي سفيان كسيت الكعبة كسوتين في العام كسوة في يوم‬
‫عاشوراء واْلخرى في آخر شهر رمضان استعدادا لعيد الفطر وكانت‬
‫ترسل كسوة الكعبة من دمشق وكانت تجهز بأحسن اْلقمشة وأفضلها‬
‫وترسل إلى مكة في منطقة على أطراف دمشق سميت الكسوة نسبة لذلك‬
‫حيث اشتهر محمل الحج الشام الذي ينطلق من دمشق بجموع الحجيج‬
‫‪00‬‬
‫المجتمعين من كافة البقاع ومن دول كثيرة في الشرق ووسط آسيا‪ ,‬كما أن‬
‫معاوية هو أيضا أول من طيب الكعبة في موسم الحج وفي شهر رجب ‪0‬‬
‫كسوة الكعبة في عهد الدولة العباسية‬
‫في الدولة العباسية كانت تكسى في بعض السنوات ثالث مرات في السنة ‪,‬‬
‫وكانت الكسوة تصنع من أجود أنواع الحرير والديباج اْلحمر واْلبيض ‪,‬‬
‫وفي عهد الخليفة المأمون كانت الكعبة تكسى ثالث مرات في السنة ففي يوم‬
‫التروية كانت تكسى بالديباج اْلحمر ‪ ,‬وفى أول شهر رجب كانت تكسى‬
‫بالقباطي ‪ ,‬وفي عيد الفطر تكسى بالديباج اْلبيض وأستمر اهتمام‬
‫العباسيون بكسوة الكعبة إلى أن بدأت الدولة العباسية في الضعف فكانت‬
‫الكسوة تأتى من بعض ملوك الهند وفارس واليمن ومصر ‪0‬‬
‫مصر وكسوة الكعبة‬
‫مع بداية الدولة الفاطمية أهتم الحكام الفاطميين بإرسال كسوة الكعبة كل عام‬
‫من مصر ‪ ,‬وكانت الكسوة بيضاء اللون ‪ ,‬وفى الدولة المملوكية وفي عهد‬
‫السلطان الظاهر بيبرس أصبحت الكسوة ترسل من مصر ‪ ,‬حيث كان‬
‫المماليك يرون أن هذا شرف ال يجب أن ينازعهم فيه أحد حتى ولو وصل‬
‫اْلمر إلى القتال ‪ ,‬فقد أراد ملك اليمن المجاهد في عام ‪051‬هـ أن ينزع‬
‫كسوة الكعبة المصرية ليكسوها كسوة من اليمن ‪ ,‬فلما علم بذلك أمير مكة‬
‫أخبر المصريين فقبضوا عليه ‪ ,‬وأرسل مصفدا في اْلغالل إلى القاهرة ‪,‬‬
‫كما كانت هناك أيضا محاوالت لنيل شرف كسوة الكعبة من قبل الفرس‬
‫والعراق ولكن سالطين المماليك لم يسمحوا ْلي أحد أن ينازعهم في هذا‬
‫الشرف ‪ ,‬وللمحافظة على هذا الشرف أوقف الملك الصالح إسماعيل بن‬
‫عبد الملك الناصر محمد بن قالوون ملك مصر في عام ‪051‬هـ وقفا خاصا‬
‫لكسوة الكعبة الخارجية السوداء مرة كل سنة ‪ ,‬وهذا الوقف كان عبارة عن‬
‫قريتين من قرى القليوبية هما بيسوس وأبو الغيث ‪ ,‬وكان يتحصل من هذا‬
‫الوقف على ‪ 0900‬درهم سنويا ‪ ,‬وظل هذا هو النظام القائم إلى عهد‬
‫السلطان العثماني سليمان القانوني ‪ ,‬وأستمرت مصر في نيل شرف كسوة‬
‫الكعبة بعد سقوط دولة المماليك وخضوعها للدولة العثمانية ‪ ,‬فقد أهتم‬
‫السلطان سليم اْلول بتصنيع كسوة الكعبة وزركشتها وكذلك كسوة الحجرة‬
‫النبوية الشريفة ‪ ,‬وكسوة مقام إبراهيم الخليل ‪ ,‬وفي عهد السلطان سليمان‬
‫القانونى أضاف إلى الوقف المخصص لكسوة الكعبة سبع قري أخرى‬
‫لتصبح عدد القرى الموقوفة لكسوة الكعبة تسعة قرى وذلك للوفاء بإلتزامات‬
‫‪01‬‬
‫الكسوة ‪ ,‬وظلت كسوة الكعبة ترسل بانتظام من مصر بصورة سنوية‬
‫يحملها أمير الحج معه في قافلة الحج المصري ‪ ,‬وفى عهد محمد علي باشا‬
‫توقفت مصر عن إرسال الكسوة بعد الصدام الذي حدث في اْلراضي‬
‫الحجازية وقافلة الحج المصرية في عام ‪1222‬هـ الموافق عام ‪1000‬م ‪,‬‬
‫ولكن أعادت مصر إرسال الكسوة في العام ‪1220‬هـ ‪ ,‬وقد تأسست دار‬
‫لصناعة كسوة الكعبة بحي "الخرنفش" في القاهرة عام ‪1233‬هـ ‪ ,‬وهو حي‬
‫عريق يقع عند التقاء شارع بين السورين وميدان باب الشعرية ‪ ,‬وما زالت‬
‫هذه الدار قائمة حتى اآلن وتحتفظ بآخر كسوة صنعت للكعبة المشرفة‬
‫داخلها ‪ ,‬واستمر العمل في دار الخرنفش حتى عام ‪1962‬م ‪ ,‬إذ توقفت‬
‫مصر عن إرسال كسوة الكعبة لما تولت المملكة العربية السعودية شرف‬
‫صناعتها ‪0‬‬
‫كسوة الكعبة في عهد الدولة العثمانية‬
‫كان الخليفة العثماني يأمر بأن ترسل أفواج الحجاج مترأسها باشا الحج ‪,‬‬
‫وينطلقون من دمشق أفواج محمل الحج الشامي فيمرون بمدينة الكسوة‬
‫قادمين من دمشق في طريقهم إلى المدينة المنورة فكان أهالي الكسوة مع‬
‫أهالي دمشق يقومون باستقبال باشا الحج مع المحمل الشريف الذي يحوي‬
‫صرة فيها كسوة الكعبة التي كانت تصنع في دمشق ويتم إرسالها وتكسى‬
‫بها الكعبة قبل موسم الحج ‪ ,‬وصرة ذهب للصرف على خدمة الحجاج من‬
‫السلطان العثماني ‪0‬‬
‫كسوة الكعبة في العصر الحديث‬
‫في العام ‪1920‬م أصدر الملك عبد العزيز آل السعود أمرا ملكيا بتشييد‬
‫مصنع أم القرى لصناعة الكسوة الشريفة وكان أول مدير للمصنع الشيخ‬
‫عبد الرحمن مظهر حسين مظهر اْلنصاري وهو الذي قام باقتراح إنشاء‬
‫المصنع في مكة المكرمة ‪ ,‬وفي العام ‪1900‬م أنشأت السعودية مصنعا‬
‫جديدا لكسوة الكعبة في أم الجود ما زال مستمرا إلى اآلن في تصنيع الكسوة‬
‫الشريفة ‪ ,‬و يتم تغيير كسوة الكعبة مرة في السنة وذلك خالل موسم الحج ‪,‬‬
‫والكسوة التي يتم إزالتها من الكعبة تقطع إلى قطع صغيرة ويتم إهدائها إلى‬
‫شخصيات إسالمية ‪ ,‬في سنة ‪1902‬م قامت المملكة بإهداء قطعة إلى اْلمم‬
‫المتحدة التي تقوم بعرضها في قاعة االستقباالت ‪0‬‬
‫‪02‬‬
‫وصف كسوة الكعبة‬
‫تصنع كسوة الكعبة من الحرير الطبيعي الخالص المصبوغ باللون اْلسود‬
‫المنقوش عليه عبارة ( ال إله إال هللا محمد رسول هللا ) ‪ ( ,‬هللا جل جالله )‬
‫‪ ( ,‬سبحان هللا وبحمده سبحان هللا العظيم ) ‪ ( ,‬يا حنان يا منان ) ‪ ,‬كما‬
‫يوجد تحت الحزام على اْلركان سورة اإلخالص مكتوبة داخل دائرة‬
‫محاطة بشكل مربع من الزخارف اإلسالمية ‪ ,‬ويبلغ ارتفاع الثوب ‪ 14‬متراً‬
‫‪ ,‬ويوجد في الثلث اْلعلى من هذا االرتفاع حزام الكسوة بعرض ‪95‬‬
‫سنتمتراً‪ ,‬وهو مكتوب عليه بعض اآليات القرآنية ومحاط بإطارين من‬
‫الزخارف اإلسالمية ومطرز بتطريز بارز مغطى بسلك فضي مطلي‬
‫بالذهب ‪ ,‬ويبلغ طول الحزام ‪ 40‬متراً ‪ ,‬ويتكون من ستة عشره قطعة ‪ ,‬كما‬
‫تشتمل الكسوة على ستارة باب الكعبة المصنوعة من الحرير الطبيعي‬
‫الخالص‪ ,‬ويبلغ ارتفاعها سبعة أمتار ونصفا ً وبعرض أربعة أمتار مكتوب‬
‫عليها آيات قرآنية وزخارف إسالمية ومطرزة تطريزاً بارزاً مغطى بأسالك‬
‫الفضة المطلية بالذهب ‪ ,‬وتبطن الكسوة بقماش خام ‪ ,‬كما يوجد ست قطع‬
‫آيات تحت الحزام ‪ ,‬وقطعة اإلهداء و‪ 11‬قنديالً موضوعة بين أضالع‬
‫الكعبة ‪ ,‬ويبلغ طول ستارة باب الكعبة ‪ 0.5‬أمتار بعرض أربعة أمتار‬
‫مشغولة باآليات القرآنية من السلك الذهبي والفضي ‪ ,‬وعلى الرغم من‬
‫مكننة اإلنتاج ‪ ,‬فإن العمل اليدوي ما زال يحظى باالهتمام ‪0‬‬
‫يستهلك الثوب الواحد ‪ 600‬كجم من الحرير الطبيعي ‪ ,‬ويبلغ مسطح الثوب‬
‫‪ 650‬متراً مربعا ً ‪ ,‬ويتكون من ‪ 40‬طاقة قماش طول الواحدة ‪ 14‬متراً‬
‫بعرض ‪ 95‬سم ‪ ,‬وتبلغ تكاليف الثوب الواحد للكعبة حوالي ‪ 10‬مليون لاير‬
‫سعودي ؛ هي تكلفة الخامات وأجور العاملين واإلداريين وكل ما يلزم‬
‫الثوب ‪ ,‬ويبلغ عدد العاملين في إنتاج الكسوة ‪ 240‬عامالً وموظفا ً وفنيا ً‬
‫وإدار ًّيا ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْالدَهُنَّ حَ ْولَيْنِ كَا ِملَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ‬
‫وَ َعلَى الْمَ ْولُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَ ِكسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ الَ تُ َك َّلفُ نَ ْفسٌ ِإالَّ وُسْعَهَا الَ تُضَارَّ‬
‫وَاِلدَةٌ بِ َولَدِهَا َوالَ مَ ْولُودٌ لَّهُ بِ َولَدِهِ وَ َعلَى الْوَارِثِ مِثْلُ َذِلكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَاالً عَن تَرَاضٍ‬
‫مِّنْهُمَا وَ َتشَاوُرٍ َفالَ جُنَاحَ َعلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن َتسْتَرْضِعُواْ أَوْالدَكُمْ َفالَ جُنَاحَ َعلَيْكُمْ‬
‫‪03‬‬
‫إِذَا َسلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَا ْعلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِريٌ }‬
‫سورة البقرة ‪388‬‬
‫قال تعاىل { َوالَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا‬
‫وَا ْكسُوهُمْ وَقُولُوْا لَهُ ْم قَ ْو ًال مَّعْرُوفًا } النساء ‪5‬‬
‫قال تعاىل { الَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ األَيْمَا َن‬
‫فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ َمسَاكِنيَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَ ْهلِيكُمْ أَوْ ِكسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِي ُر‬
‫حلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ‬
‫رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَالثَةِ أَيَّامٍ َذِلكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا َ‬
‫كَ َذِل َك يُبَيِّ ُن اللَّ ُه لَكُمْ آيَاتِ ِه لَعَلَّكُ ْم تَشْكُرُونَ } املائدة ‪97‬‬
‫التاسع ‪ :‬الـــــريــش‬
‫الريش في أصل اللغة يدل على حسن الحال وما يكتسب اإلنسان من خير‬
‫وفي لسان العرب الريش ‪ :‬كسوة الطائر ‪ ,‬والجمع أرياش ورياش ؛‬
‫وواحدته ريشة ‪ ,‬والريش والرياش ‪ :‬الخصب والمال واْلثاث واللباس‬
‫الحسن الفاخر ‪ ,‬قال ابن كثير رحمه هللا عند تفسير قوله تعالى ( يا بني آدم‬
‫قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير )‬
‫اْلعراف ‪ ,‬قال رحمه هللا ‪ :‬يمنن هللا تعالى على عباده بما جعل لهم من‬
‫اللباس والريش ‪ ,‬ستر للعورات وهي السوءات والرياش أو الريش ما‬
‫يتحمل به ظاهرا ‪0‬‬
‫فاْلول من الضروريات ‪0‬‬
‫والريش من التكمالت والزيادات‪0‬‬
‫قال ابن جرير ‪ :‬الرياش في كالم العرب اْلثاث وما ظهر من الثياب ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل ( يا بنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم وريشا‬
‫) سورة األعراف ‪31‬‬
‫‪04‬‬
‫العاشر ‪ :‬اخلـــــــمار‬
‫ففي لسان العرب ‪ :‬وال ِخ َما ُر للمرأَة ‪ ,‬وهو ال َّنصِ يفُ ‪ ,‬وقيل ‪ :‬الخمار ما‬
‫تغطي به المرأَة رأَسها‪ ,‬وجمعه أَ ْخم َِرةٌ و ُخ ْم ٌر و ُخ ُم ٌر ‪ ,‬وجاء في الموسوعة‬
‫الفقهية ‪ :‬الخمار من الخمر ‪ ,‬وأصله الستر‪ ,‬يقال ‪ :‬خمر الشيء يخمره‬
‫خمرا ‪ ,‬وأخمره أي ستره ‪ ,‬وكل مغطى مخمر يقال ‪ :‬خمرت اإلناء أي‬
‫غطيته ‪ ,‬وروي عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال { خمروا آنيتكم }‬
‫وفي رواية { خمروا اآلنية وأوكئوا اْلسقية } وكل ما يستر شيئا فهو خماره‬
‫‪ ,‬لكن الخمار غلب في التعارف اسما لما تغطي به المرأة رأسها ‪ ,‬يقال ‪:‬‬
‫اختمرت المرأة وتخمرت ‪ :‬أي لبست الخمار ‪ ,‬وجمع الخمار خمر ‪ ,‬قال هللا‬
‫تعالى { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } ‪ ,‬وال يخرج المعنى‬
‫االصطالحي للخمار في الجملة عن المعنى اللغوي السابق ‪ْ ,‬لن بعض‬
‫الفقهاء يعرفونه بأنه ‪ :‬ما يستر الرأس والصدغين أو العنق ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل ( وليضربن خبمرهن على جيوبهن ) سورة النور ‪87‬‬
‫احلادي عشر ‪ :‬النــــعال‬
‫في لسان العرب ‪ :‬ال َّنعْ ل وال َّنعْ ل ُة ‪ :‬ما َو َقيْت به القدَم من اْلَرض ‪ ,‬مؤنثة ‪,‬‬
‫ال َّنعْ ُل ‪ ,‬وفي القاموس المحيط ال َّنعْ ُل ‪ :‬ما َو َقي َ‬
‫اْلرض ‪,‬‬
‫ْت به ال َق َد َم من‬
‫ِ‬
‫كال َّنعْ لَ ِة ‪ ,‬م َُؤ َّن َث ًة جمعه ‪ :‬نِعا ٌل‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل ( إني أنا ربك فاخلع نعليك انك بالواد املقدس طوى ) طه ‪73‬‬
‫‪05‬‬
‫الثاني عشر ‪ :‬السابغات‬
‫المعنى‬
‫ساب ٌغ ‪ ,‬أي كام ٌل وا ٍ‬
‫ت النعم ُة َتسْ ب ُُغ‬
‫ف ‪ ,‬و َس َب َغ ِ‬
‫جاء في الصحاح ‪ :‬شي ٌء ِ‬
‫اتسعت ‪ ,‬وأَسْ َب َغ هللا عليه النعمة ‪ ,‬أي أتمَّها ‪ ,‬وإسْ ُ‬
‫ْ‬
‫باغ‬
‫بالضم سُبوغا ً ‪:‬‬
‫ت الناق ُة َتسْ بيغا ً ‪ :‬ألقت ولدها وقد أش َع َر ‪ ,‬و َذ َنبٌ‬
‫الوضو ِء ‪ :‬إتمامُه ‪ ,‬و َسب ََّغ ِ‬
‫والساب َغ ُة ‪ :‬الدر ُع الواسع ُة ‪ ,‬ورج ٌل مُسْ ِب ٌغ ‪ :‬عليه درعٌ‬
‫سابغ ‪ ,‬أي وا ٍ‬
‫ف‪,‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ساب َغ ٌة ‪0‬‬
‫ِ‬
‫نوعها‬
‫قال ابن كثير ‪ :‬هي الدروع ‪ ,‬وقال القرطبي ‪ :‬أي دروعا سابغات ‪ ,‬أي‬
‫كوامل تامات واسعات ؛ يقال ‪ :‬سبغ الدرع والثوب وغيرهما إذا غطى كل‬
‫ما هو عليه وفضل منه ‪ ,‬وقال الشيخ ابن باز رحمه هللا ‪ :‬هذا توجيه من هللا‬
‫سبحانه إلى داود عليه الصالة والسالم أن يعمل السابغات وهي الدروع التي‬
‫تلبس في الحرب ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل ( أَنِ اعْ َملْ سَابِغَات َوقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَاِلحًا إِنِّي بِمَا‬
‫تَعْمَلُونَ بَصِري ) سبأ ‪77‬‬
‫الثالث عشر ‪ :‬اللبـــــوس‬
‫المعنى‬
‫لسان العرب ‪ :‬اللُّبْسُ ‪ ,‬بالضم ‪ :‬مصدر قولك َل ِبسْ ُ‬
‫الثوب أَ ْل َبس ‪ ,‬واللِّباسُ ‪:‬‬
‫ت‬
‫َ‬
‫س الثوب‬
‫ما ي ُْل َبس ‪ ,‬وكذلك ال َم ْل َبس واللِّبْسُ ‪ ,‬بالكسر ‪ ,‬مثلُه ‪ ,‬ابن سيده ‪ :‬لَ ِب َ‬
‫َي ْل َبسُه لُبْسا ً وأَ ْل َب َسه إِياه ‪ ,‬وأَ ْل َبس عليك ثو َبك ‪ ,‬واللَّبُوس ما يُلبس ؛ وفي‬
‫ص ّحاح في اللغة ‪ :‬اللُبْسُ بالضم ‪ :‬مصدر قولك لَ ِبسْ ُ‬
‫الثوب ْأل َبسُ ‪,‬‬
‫ت‬
‫َ‬
‫ال ّ‬
‫واللِباسُ ‪ :‬ما ي ُْل َبسُ ‪ ,‬وكذلك ال َم ْل َبسُ ‪ ,‬وال ِلبْسُ بالكسر مثله ‪ ,‬وفي تفسير‬
‫الجاللين ‪ ( :‬وعلمناه صنعة لبوس ) وهي الدرع ْلنها تلبس ‪ ,‬وقال ابن‬
‫كثير ‪ :‬وقوله ( وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم ) يعني صنعة‬
‫‪06‬‬
‫الدروع ‪ ,‬وقال القرطبي ‪ :‬يعني اتخاذ الدروع بإالنة الحديد له ‪ ,‬واللبوس‬
‫عند العرب السالح كله ؛ درعا كان أو جوشنا أو سيفا أو رمحا ‪ ,‬واللبوس‬
‫كل ما يلبس ‪0‬‬
‫عدد وردود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل ( وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من باسكم فهل‬
‫انتم شاكرون ) األنبياء ‪90‬‬
‫الرابع عشر ‪ :‬احللــــــية‬
‫قال ابن كثير ‪ ( :‬أومن ينشأ في الحلية )أي المرأة ناقصة يكمل نقصها بلبس‬
‫الحلي ‪ ,‬منذ تكون طفلة ‪ ,‬فاْلنثى ناقصة الظاهر والباطن في الصورة‬
‫والمعنى ‪ ,‬فيكمل نقص مظاهرها وصورتها بلبس الحلي ‪ ,‬ليجبر ما فيها‬
‫من نقص ‪0‬‬
‫عدد ورود االسم في القرآن‬
‫قال تعاىل ( أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا‬
‫ومما يوقدون عليه يف النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب اهلل احلق‬
‫والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث يف األرض كذلك‬
‫يضرب اهلل األمثال ) الرعد ‪ ، 79‬وقال تعاىل ( وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه‬
‫حلما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من‬
‫فضله ولعلكم تشكرون ) النحل ‪ ، 74‬وقال تعاىل ( وما يستوي البحران هذا‬
‫عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون حلما طريا وتستخرجون‬
‫حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ) فاطر‬
‫‪ ،73‬وقال تعاىل ( أومن ينشا يف احللية وهو يف اخلصام غري مبني ) الزخرف ‪79‬‬
‫‪00‬‬
‫اخلامس عشر ‪ :‬األثـــــــاث‬
‫معىن األثاث بالقرآن‬
‫أث أي ُ‬
‫أثاث البيت ‪ ,‬وهو متاع البيت الكبير وأصله من ّ‬
‫كثر وتكاثف ويقال‬
‫للمال إذا ُ‬
‫كثر أثاث ‪ ,‬وليس لكلمة اْلثاث مفرد ‪ ,‬وإنما يقال أثاث للمفرد‬
‫والجمع ‪ ,‬قال ابن عبـاس ‪ :‬اْلثاث ‪ :‬الـمتاع ‪ ,‬وقال الـحسن ‪ :‬اْلثاث ‪ :‬أحسن‬
‫الـمتاع ‪ ,‬وقال مجاهد الـمتاع ‪ ,‬وقال فيه ابن زيد اْلثاث ‪:‬الـمتاع ‪ ,‬أحسن‬
‫متاعا ‪ ,‬تفسير ابن كثير ‪ :‬أي ‪ :‬كانوا أحسن من هؤالء أمواال وأمتعة‬
‫ومناظر وأشكاال ‪ ,‬ومنهم من قال في اْلثاث ‪ :‬هو المال ‪ ,‬ومنهم من قال ‪:‬‬
‫المتاع ‪ ,‬ومنهم من قال ‪ :‬الثياب ‪0‬‬
‫عدد وروده بالقرآن‬
‫أثاث ورد ذكرها مرتان وعدد السور اليت ذكرت فيها سورتان ‪ ،‬قال تعاىل ( وَال ّلهُ‬
‫جعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ األَ ْنعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ‬
‫جعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَ َ‬
‫َ‬
‫وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِنيٍ ) النحل ‪، 90‬‬
‫وقال تعاىل ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِِّن َقرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً ) مريم ‪94‬‬
‫السادس عشر ‪ :‬املتـــــــاع‬
‫أدوات تجعل من الحياة في البيت مر ّفهة ‪ ,‬وليس لكلمة المتاع مفرد ‪,‬‬
‫ويطلق المتاع على ما يُستخرج من اْلرض كالحديد والنحاس والقصدير ‪,‬‬
‫نز َل م َِن ال َّس َماء َماء َف َسا َل ْ‬
‫وتطلق على ما ينتفع به في البيت من متاع ( أَ َ‬
‫ت‬
‫ار ا ْب ِت َغاء‬
‫أَ ْو ِد َي ٌة ِب َق َد ِر َها َفاحْ َت َم َل ال َّس ْي ُل َز َب ًدا رَّ ِابيًا َو ِممَّا ُيو ِق ُد َ‬
‫ون َعلَ ْي ِه فِي ال َّن ِ‬
‫ْ َ‬
‫ك َيضْ ِربُ ّ‬
‫هللاُ ْال َح َّق َو ْالبَاطِ َل َفأَمَّا َّ‬
‫الز َب ُد َف َي ْذ َهبُ‬
‫اع َز َب ٌد م ِّْثلُ ُه َك َذلِ َ‬
‫حِل َي ٍة أ ْو َم َت ٍ‬
‫ك َيضْ ِربُ ّ‬
‫اس َف َي ْم ُك ُ‬
‫هللاُ اْلَ ْم َثا َل ) (‬
‫ض َك َذلِ َ‬
‫ُج َفاء َوأَمَّا َما َين َف ُع ال َّن َ‬
‫ث فِي اْلَرْ ِ‬
‫الرعد ‪ , ) 10‬وتطلق على كل ما ينتفع به من طعام وغيره ‪ ,‬قال تعالى (‬
‫َو ّ‬
‫هللاُ َج َع َل لَ ُكم مِّن ُبيُو ِت ُك ْم َس َك ًنا َو َج َع َل َل ُكم مِّن ُجلُو ِد اْلَ ْن َع ِام ُبيُو ًتا َتسْ َت ِخ ُّفو َن َها‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ار َها أَ َث ًاثا َو َم َتا ًعا إِ َلى‬
‫ار َها َوأ ْش َع ِ‬
‫َي ْو َم َظعْ ِن ُك ْم َو َي ْو َم إِ َقا َم ِت ُك ْم َو ِمنْ أصْ َوا ِف َها َوأ ْو َب ِ‬
‫ْس َعلَ ْي ُك ْم ُج َنا ٌح أَن َت ْد ُخلُوا ُبيُو ًتا َغي َْر‬
‫ِين ) ( النحل ‪ , ) 00‬وقال تعالى ( لَّي َ‬
‫ح ٍ‬
‫‪00‬‬
‫َمسْ ُكو َن ٍة فِي َها َم َتا ٌع لَّ ُك ْم َو َّ‬
‫ُون ) ( النور ‪, ) 29‬‬
‫ون َو َما َت ْك ُتم َ‬
‫هللاُ َيعْ َل ُم َما ُت ْب ُد َ‬
‫ين ( ( الواقعة ‪ , ) 03‬وقال‬
‫وقال تعالى ( َنحْ نُ َج َع ْل َنا َها َت ْذك َِر ًة َو َم َتاعًا لِّ ْل ُم ْق ِو َ‬
‫تعالى ( َم َتاعًا لَّ ُك ْم َو ِْلَ ْن َعا ِم ُك ْم ) النازعات ‪33‬‬
‫السابع عشر ‪ :‬سرابيـــــل‬
‫المعنى‬
‫قال المفسرون أن كلمة سرابيل كلمة أعجمية وقال اكثرهم انها كلمة فارسية‬
‫‪ ,‬وإن كان هناك رأي يقول أن جميع مافي القرآن عربي أصيل ‪0‬‬
‫السرابيل هي القمصان والثياب المتخذة من الصوف والكتان والقطن ‪ ,‬ورد‬
‫في قاموس المعاني قاموس عربي عربي ‪ :‬سرابيل ‪ :‬ما يُلبس من ثياب أو‬
‫دروع ‪ ,‬سرابيلهم ‪ :‬قمصانهم أو ثيابهم ‪0‬‬
‫َ‬
‫المتخذة من الصوف وال ِك ّتان والقُطن ‪,‬‬
‫السّرابيل ‪ :‬هي القُمصان والثياب‬
‫أجلي ‪ ,,,‬حتى اكت َسي ُ‬
‫ْت من‬
‫ومنه قول الشاعر لَ ِبيد ‪ :‬الحمد هلل ْإذ لم يأتِني َ‬
‫اإلسالم سِ رْ باال ‪ ,‬سربل جمع ‪ :‬سِ ْلاير والسِّرْ با ُل كما في لسان العرب‬
‫س فهو سِ رْ با ٌل ‪ ,‬وقد َت َسرْ َب َل به ‪,‬‬
‫القميص ‪ ,‬وال ِّدرْ ع ‪ ,‬وقيل ‪ُ :‬ك ُّل ما لُ ِب َ‬
‫و َسرْ َبلَه إِياه ‪ ,‬و َسرْ َب ْل ُته َف َت َسرْ َبل أَي ‪ :‬أَلبسته السِّرْ با َل ‪ ,‬و َت َسرْ َب َل هو ‪ :‬لبس‬
‫السِّرْ بال ‪ ,‬وقال الراغب اْلصفهاني ‪ :‬السربال ‪ :‬القميص من أي جنس كان‬
‫‪ ,‬وتطلق السَّرابي ُل على الدروع ‪ ,‬ومنه قول كعب بن زهير ‪ُ :‬‬
‫ِين‬
‫ش ُّم ال َعران ِ‬
‫رابي ُل‬
‫أَبْطا ٌل ل َبو ُس ُه ُم ‪ ,,,‬من َنسْ ِج دَاوُ َد في ال َهيْجا َس ِ‬
‫ُ‬
‫قمت قط أي ما‬
‫علي بن أبي طالب رضي هللا عنه ‪ :‬ما تسربل‬
‫وورد عن‬
‫ّ‬
‫لبست السروال قائما قط ‪0‬‬
‫التفسير‬
‫ص ُه ْم الَّتِي َي ْل َبسُو َن َها ‪َ ,‬واحِد َها ‪:‬‬
‫قال الطبري في تفسيره ‪َ :‬س َر ِابيله ْم قُ ُم ُ‬
‫سِ رْ َبال ‪َ ,‬ك َما َقا َل ِا ْمرُؤُ ْال َقيْس ‪ :‬لَعُوب ُت َنسِّينِي إِ َذا قُمْت سِ رْ َبالِي ‪َ ,‬ح َّد َثنِي‬
‫يُو ُنس ‪َ ,‬قا َل ‪ :‬أَ ْخ َب َر َنا ِابْن َوهْ ب ‪َ ,‬قا َل ‪َ :‬قا َل ِابْن َزيْد ‪ ,‬فِي َق ْوله ( َس َر ِابيله ْم‬
‫ِمنْ َقطِ َران ) َقا َل ‪ :‬الس ََّر ِابيل ‪ْ :‬القُمُص ‪ ,‬وقال القرطبي في تفسيره ‪:‬‬
‫سرابيلهم أي قميصهم ‪ ,‬عن ابن دريد وغيره ‪ ,‬واحدها سربال ‪ ,‬والفعل‬
‫تسربلت وسربلت غيري ؛ قال كعب بن مالك ‪ :‬تلقاكم عصب حول النبي‬
‫لهم ‪ ,,,,‬من نسج داود في الهيجا سرابيل ‪ ,‬وقال ابن كثير في تفسيره ‪:‬‬
‫‪09‬‬
‫سرابيلهم أي ثيابهم التي يلبسونها من قطران ‪ ,‬وهو الذي تهنأ به اإلبل ‪ ,‬أي‬
‫تطلى ‪ ,‬قال قتادة ‪ :‬وهو ألصق شيء بالنار ‪ ,‬وكان ابن عباس يقول ‪:‬‬
‫القطران هو النحاس المذاب وهو مروي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن‬
‫جبير وقتادة ‪ ,‬أي من نحاس حار قد انتهى حره ‪ ,‬وقال الشنقيطي في‬
‫تفسيره أضواء البيان ‪ ( :‬وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم‬
‫بأسكم ) والمراد بهذ ه السرابيل ‪ :‬القمصان ونحوها من ثياب القطن والكتان‬
‫والصوف ‪ ,‬وقوله هنا ‪ ( :‬وسرابيل تقيكم بأسكم ) المراد بها الدروع‬
‫ونحوها ‪ ,‬مما يقي البسه وقع السالح ‪ ,‬وقال محمد متولي الشعراوي في‬
‫تفسيره خواطر ‪ :‬والسرابيل جمع سِ رْ بال وهو ما يلي الجسد ‪ ,‬وهو ما‬
‫نسميه في عصرنا قميص ‪ ,‬وإذا كان السِّرْ بال من قطران ؛ فهو أسود‬
‫الذع نتن الرائحة سريع االشتعال ؛ وتلك صفات القطران ‪ ,‬وهو شيء‬
‫يسيل من بعض أشجار البادية وتلك صفاته ‪ ,‬وهم يستخدمونه لعالج الجمال‬
‫من الجرب ‪0‬‬
‫عدد وردوده بالقرآن‬
‫وردت اللفظة مرتان هما ‪:‬‬
‫‪-7‬‬
‫قال تعاىل ( سَرَابِيلُ ُه ْم مِنْ قَطِرَا ٍن وَتَغْشَى ُوجُوهَ ُهمُ النَّارُ ) ( سورة إبراهيم ‪) 50‬‬
‫‪-3‬‬
‫قال تعاىل ( وَاللَِّهُ جَعَلَ َلكُم مِِّمَِّا خَلَقَ ظِالالً َوجَعَلَ لَكُم مِِّنَ اجلِبَالِ أَكْنَاناً َوجَعَلَ َلكُمْ‬
‫سَرَابِيلَ تَقِي ُكمُ احلَرَِّ ) سورة النحل ‪97‬‬
‫رابعا ‪ :‬امساء األلوان يف القرآن‬
‫مقدمة حول اللون‬
‫قال خالد المرضي في بحث له ‪ :‬اللون في القرآن الكريم ‪ ,‬المتغلغل في ثنايا‬
‫ً‬
‫وحلية‬
‫اآليات ‪ ,‬يع ّد ظاهر ًة فريد ًة من مظاهر التعبير الفني ‪ ,‬والجمالي ‪,‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫متناسقة في النصّ لتؤدي‬
‫لفظية يتميز بها اْلسلوب القرآني المعجز ‪ ,‬جاءت‬
‫ً‬
‫وظيفة هامة إلى جانب الوظائف التعبيرية التي حفل بها كتاب هللا العزيز‬
‫الحكيم ‪0‬‬
‫‪00‬‬
‫األلوان األساسية‬
‫قال عبدالرحيم الميرابي في مقاله األلوان الخمسة األساسية في القرآن‬
‫الكريم ‪ :‬كل اْللوان التي نتمتع برؤيتها على وجه اْلرض تتكون من خمسة‬
‫ألوان رئيسة ‪ ,‬وليست ثالثة كما يزعم علما ُء الفنون ‪ ,‬وال سبعة كما يرى‬
‫اْللوان الخمسة اْلساسية بأسما ٍء محدد ٍة‬
‫علماء الطبيعة ‪ ,‬ذكر هللا تعالى‬
‫َ‬
‫خاص ٍة بها‪ ,‬وليس اشتقاقا ً ‪ ,‬وهي ‪:‬‬
‫( األبيض ‪ ،‬األسود ‪ ،‬األصفر ‪ ،‬األزرق ‪ ،‬األمحر )‬
‫ال جُ َد ٌد ِبيضٌ َو ُح ْم ٌر م ُْخ َتلِفٌ أَ ْل َوا ُن َها َو َغ َر ِابيبُ سُو ٌد )‬
‫قال تعالى ( َوم َِن ْال ِج َب ِ‬
‫‪ ,‬وقال جل شأنه ( َو َنحْ ُ‬
‫ِين َي ْو َم ِئ ٍذ ُزرْ ًقا ) وقال عز من قائل ( ِإ ّن َها‬
‫ش ُر ْالمُجْ ِرم َ‬
‫ص ْف َراء ) تلك خمسة ألوان ينتج عنها كل ما نراه من اْللوان المختلفة ‪,‬‬
‫َب َق َرةٌ َ‬
‫اْلنعام م ُْخ َت ِلفٌ‬
‫اس َوال َّد َوابِّ َو‬
‫التي أشار إليها هللا تعالى ‪ ,‬بقوله ( َوم َِن ال َّن ِ‬
‫ِ‬
‫اء َما ًء َفأ َ ْخ َرجْ َنا ِب ِه‬
‫هللا أَ ْن َز َل م َِن ال َّس َم ِ‬
‫أَ ْل َوا ُن ُه ) ‪ ,‬وقوله تعالى ( أَلَ ْم َت َر أَنَّ َّ َ‬
‫َث َم َرا ٍ‬
‫أي منها اسما ً قط ؛ ْلنها ليست‬
‫ت م ُْخ َتلِ ًفا أَ ْل َوا ُن َها ) دون أن يطلق على ًّ‬
‫أساسية ذات أسماء ‪ ,‬بل ثانوية ناتجة عن مزج لونين أو أكثر من اْللوان‬
‫الخمسة ‪ ,‬وبهذا ترك لنا تسميتها كيفما نشاء ‪ ,‬ف َسمّينا مثالً اللون الناتج عن‬
‫ٌ‬
‫مشتق من اسم الرماد ‪ ,‬وليس اس َم‬
‫مزج اْلبيض مع اْلسود ( رمادي ) وهو‬
‫لون بذاته كالتي جاءت في القرآن العظيم ‪ ,‬تماما ً كما نسمي اللون الناتج عن‬
‫ٍ‬
‫مزج اْلصفر مع اْلحمر ( برتقالي ) وهو مشتق من اسم البرتقال ‪ ,‬وقِس‬
‫على ذلك بقية اْلسماء التي ابتدعناها نحن ‪ ,‬مثل ‪ ( :‬البني ) من لون البن ‪,‬‬
‫و( الرصاصي ) من لون الرصاص ‪ ,‬وكذا ( الذهبي والفضي والليموني‬
‫والفستقي والعنابي والخربزي والعودي والسكري ) ‪ ,‬وما سواها من‬
‫اْللوان غير المذكورة في القرآن العظيم ‪0‬‬
‫عدد ورود لفظ اللون في القرآن‬
‫إن لفظ اللون ورد يف القرآن الكريم تسع مراتٍ هي ‪:‬‬
‫قال تعاىل ( قالوا ادعُ لنا ربك يبنيْ لنا ما لونُها ‪ ،‬قال إنه يقول إنها بقرةٌ صفراءُ‬
‫فاقعٌ لونها تسرِّ الناظرين )( البقرة ‪ ، )17‬وقال تعاىل ( ومن آياته خلقُ السموات‬
‫واألرض واختالفُ ألسنتكم وألوانكم )(الروم ‪ ، ) 33‬وقال تعاىل ( وما ذرأ لكم‬
‫‪01‬‬
‫يف األرض خمتلفاً ألوانُه” النحل ‪ ، )78‬وقال تعاىل ( خيرج من بطونها شرابٌ‬
‫خمتلفٌ ألوانُه فيه شفاءٌ للناس )( النحل ‪ ، )17‬وقال تعاىل ( ومن الناس‬
‫والدوابِّ واألنعام خمتلفٌ ألوانُه كذلك )( فاطر ‪ ، )85‬وقال تعاىل ( ثم خيرج به‬
‫زرعاً خمتلفاً ألوانُه ثم يهيج فرتاه مصفراً )( الزمر ‪ ، )37‬وقال تعاىل ( فأخرجنا‬
‫ض‬
‫به مثراتٍ خمتلفاً ألواُنها )( فاطر ‪ ، )39‬وقال تعاىل ( ومن اجلبالِ جددٌ بي ٌ‬
‫ف ألوانها وغرابيب سود )( فاطر ‪0 ) 39‬‬
‫ومح ٌر خمتل ٌ‬
‫وظائف األلوان في القرآن الكريم‪:‬‬
‫ً‬
‫الفتة للنظر ‪,‬‬
‫إن ورود ألفاظ اْللوان بهذا العدد في كتاب هللا ‪ ,‬يشكل ظاهر ًة‬
‫ويضع اإلنسان المتبصر أمام واجه ِة الطبيع ِة الواسع ِة في اْلرض والسماء ‪,‬‬
‫والكائنات التي تتحرك ما بينهما ‪ ,‬ليصور الكون والحياة واإلنسان من‬
‫ار بالحركة غنيٍ بالجمال ‪ ,‬حيث تغدو‬
‫خالل‬
‫ٍ‬
‫مهرجان زاخر بالحيوية ‪ ,‬موّ ٍ‬
‫مظهر تزييني احتفالي ‪ ,‬تعكس في جوانبها أسرار‬
‫ألوانُ الطبيع ِة بمثاب ِة‬
‫ٍ‬
‫ً‬
‫وراحة للنفس‬
‫الوجود والبقاء والنماء والخصب ‪ ,‬وهي تكون بذلك لذ ًة للعين‬
‫‪ ,‬ومدعا ًة إلعمال الفكر ‪ ,‬لتحقق بجانبيها المادي والمعنوي وظائف متعددة‬
‫لم يفطن إليها الشعر العربي القديم على الرغم مما ورد فيه من التدبيج في‬
‫ألفاظٍ لم تكن أكثر من حلي ٍة لفظية في الغالب ‪ ,‬ولم يدخل اللون على حد‬
‫تعبير الدكتور نعيم الياقي في الصورة الفنية كعالق ٍة تن ّم عن رؤية تعبير‬
‫مرتبط ٍة بوظيف ٍة معين ٍة ووعيٍ ذي دالال ٍ‬
‫ت موحية ‪ ,‬ولعلنا نستطيع تمييز عدة‬
‫وظائف للون القرآني أهمها ‪:‬‬
‫الوظيفة التعبيرية‬
‫ً‬
‫مشحونة بطاقا ٍ‬
‫ت هائل ٍة‬
‫وقوامُها اللفظ الصريح ‪ ,‬الذي يحمل معاني كبير ًة‬
‫من التعبير ‪ ,‬تثير المشاعر‪ ,‬كالبهجة والفرح والمتع ِة والحزن والخوف‬
‫والرهبة ‪0‬‬
‫الوظيفة الرمزية‪:‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫بشعور ما‬
‫نفسية‬
‫استجابة‬
‫وقوامُها اللفظ الموحي ‪ ,‬الذي يمكن أن يُحدث‬
‫ٍ‬
‫عواطف اإلنسان ويدعوه إلى التأمل والتفكير والتدبر ‪ ,‬كما في قوله‬
‫يحرك‬
‫َ‬
‫تعالى ( الذي جعل لكم من الشجر اْلخضر ناراً‪ ,‬فإذا أنتم منه توقدون )‬
‫‪02‬‬
‫فاللون اْلخضر الذي يرمز للخصب أوالً وللحياة واستمرارها ثانيا ً جعل‬
‫منه وقوداً لالحتراق والموت ‪ ,‬وجعله متناسقا ً متناغما ً مع سياق اآليات قبله‬
‫‪ ,‬والتي يستنكر فيها الكافرون قدر َة هللا على البعث وإعادة الحياة إلى‬
‫اْلموات ( وضرب لنا مثالً‬
‫ونسي خلق ُه قال من يحيي العظام وهي رميم )‬
‫َ‬
‫الوظيفة الحسية‬
‫وقوامها ّ‬
‫العين ‪ ,‬والعينُ وسيل ُة االتصال المباشرةُ مع الكون والكائنات ‪,‬‬
‫تأثر‬
‫ِ‬
‫يجذبها اللون في الطبيعة بجماله وكماله وتناسقه وتنوعه ‪ ,‬مما يجعل‬
‫ً‬
‫وسيلة لمتعته ‪,‬‬
‫اإلنسان يتعاطف مع ما يريح ناظريه ويسعد نفسه ‪ ,‬ويتخذه‬
‫وتوازن في اْلشكال والمرئيات التي يأنس إليها‬
‫تواؤم‬
‫ويساعده على تحقيق‬
‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫‪ ,‬وقد عملت اْللوان في النبات وأزهاره ‪ ,‬على جذب الحشرات للوقوف‬
‫على ألوانها المتصاص الرحيق ومن ثم لنقل أعضاء التذكير إلى المؤنثات‬
‫النباتية ‪ ,‬وصنع العسل الذي فيه شفاء للناس ‪0‬‬
‫الوظيفة الجمالية التزيينية‬
‫إن الجمال واح ٌد من القيم الخالدة الثالث ‪ ,‬الحق والخير والجمال والتي‬
‫شغلت الفكر اإلنساني منذ فجر الخليقة ‪ ,‬وجاءت الرساالت السماوية‬
‫لتؤكدها وتل ّح عليها ‪ ,‬وقد ور َد ُ‬
‫لفظ الجمال والجميل في ثماني آيا ٍ‬
‫ت ‪ ,‬بينها‬
‫ٌ‬
‫لفظ حسيٌّ واحد ( ولكم فيها جما ٌل حين تريحون وحين تسرحون ) ‪,‬‬
‫واْللفاظ السبعة اْلخرى تتحدث عن الجمال المعنوي والخلقي ‪ ,‬مقروناً‬
‫بأنماطٍ شتى من السلوك البشري ‪ ,‬كالصبر الجميل ‪ ,‬والصفح الجميل ‪,‬‬
‫والسراح الجميل ‪ ,‬والهجر الجميل ‪ ,‬ولقد رأى بعض الباحثين أن ثمة‬
‫تعارضا ً بين الفن الذي يتحرى الجما َل في كل شي ٍء من دون أن يتقيد بشي ٍء‬
‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫وسباحة في عالم الخيال ‪ ,‬وبين اْلديان‬
‫تحليق وهيا ٌم طليق ‪,‬‬
‫‪ْ ,‬لن الفن‬
‫التي ال تعترف بغير الحقيقة المقيدة بضوابط المنطق والفكر ‪ ,‬لكن هذا‬
‫الرأي لم يثبت أمام معطيات الدين التي تلتقي في حقيقة النفس بالفن ‪,‬‬
‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫شوق مج ّن ٌح لعالم الكمال ‪,‬‬
‫انطالق من عالم الضرورة ‪ ,‬وكالهما‬
‫فكالهما‬
‫وهما يتآلفان ويلتقيان معا ً في أعماق النفس البشرية ‪ ,‬والحديث عن الجمال‬
‫يقود الذهن إلى الزينة التي وردت في مواضع عدة في الكتاب الكريم ( قل‬
‫من حرّم زينة هللا التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) اْلعراف ‪, 32‬‬
‫وقوله تعالى ( حتى إذا أخذت اْلرض زخرفها وا ّزينت ) والزينة جما ٌل ‪,‬‬
‫والجما ُل عنص ٌر جوهريٌ في بناء الكون ‪ ,‬وقد ور َد في اْلثر ( إن هللا جمي ٌل‬
‫يحب الجمال ) ‪ ,‬والنفسُ اإلنساني ُة التي تسعى إلى اإليمان الكامل ‪ ,‬تعيش‬
‫‪03‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫جوهرية ‪ ,‬تنطلق منها إلى آفاق السمو‬
‫صفة‬
‫الجمال وتتمالّه ‪ ,‬وترى فيه‬
‫والكمال البشري ‪ ,‬وفي قوله تعالى ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ) ‪,‬‬
‫ٌ‬
‫زينة ونو ٌر ‪ ,‬والنو ُر أيضا ً ضربٌ من‬
‫والمصابيح هي النجوم ‪ ,‬والنجوم‬
‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫ولفظية ‪ ,‬فيها جما ٌل متجد ٌد ‪ ,‬تتعدد‬
‫مادية‬
‫حلية‬
‫اللون ‪ ,‬والزين ُة‬
‫ضروب‬
‫ِ‬
‫فجر إلى مساء ‪ ,‬من‬
‫ألوانه وأوقاته ويختلف من ليل إلى ليل ‪ ,‬ومن‬
‫ٍ‬
‫أغراضها أن تجذب اإلنسان إلى إمعان الفكر ‪ ,‬والنظر في دقيق صنع هللا‬
‫وعجيب خلقه وروعة إبداعه في ألوان الجمال ‪ ,‬وكذلك اْلمر بالنسبة‬
‫لآليات التي وصفت وجوه الكفار بالسواد ‪ ,‬وعيونهم بالزرقة ‪ ,‬فإننا نجد‬
‫ً‬
‫وسيلة مؤثر ًة تأثيراً معنويا ً نفسيا ً ‪ ,‬لتقدم صور ًة عن فئ ٍة لم‬
‫اللون قد أضحى‬
‫ً‬
‫مساوية‬
‫تكن تبصر جمال هللا في الكون والخلق ‪ ,‬فكانت الصورة الحزين ُة‬
‫في التأثير لتلك الصورة المفرحة المتألقة التي وصف هللا بها في اآلية نفسها‬
‫وجوه المؤمنين بالبياض ‪ ,‬إن وظيفة اللون الجمالية والتزيينية ‪ ,‬عملت على‬
‫توضيح الصورة وإبراز الفكرة ‪ ,‬وتعميق المعنى وبالغة التعبير ‪ ,‬والتأثير‬
‫في التشويق أو التنفير ‪ ,‬وفي الترغيب والترهيب ‪ ,‬وهي بذلك توقظ القلب ‪,‬‬
‫وتنسيق‬
‫تنميق‬
‫وتنبه الحواس ‪ ,‬وتثير الشهية للتذوق ‪ ,‬بما ترسمه من‬
‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫وتدريج في الظالل واإليحاءات ‪ ,‬حيث تحقق عوالم فريد ًة‬
‫وتصوير‬
‫ٍ‬
‫ٍ‬
‫ً‬
‫ومتكاملة فيها البالغة واإلعجاز ‪ ,‬ومنها تؤخذ العبر ‪0‬‬
‫أوال ‪ :‬األصـــــــفر‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪ :‬اللون اْلصفر‬
‫هو أول اْللوان ذكراً في القرآن الكريم ‪ ,‬وقال خالد المرضي في مقال له ‪:‬‬
‫اْلصفر لونُ الذهب اإلبريز ‪ ,‬ونور الشمس ‪ ,‬يتجلى واضحا ً عند الغروب في‬
‫السماء واآلفاق ‪ ,‬وهو لون النار والزرع اليابس والناضج ‪ ,‬يتميز بخصائصه‬
‫الجمالية ‪ ,‬التي تسيطر على اْلحاسيس البشرية والمشاعر العاطفية ‪ ,‬استعاره‬
‫اإلنسان منذ القديم للقداسة والتعبير عن المشاعر السامية والغامضة ‪0‬‬
‫مدلوالت اللون األصفر‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪:‬‬
‫‪ -1‬إدخال السرور على من ينظر إلى هذا اللون إذا كان في الحيوان‬
‫‪ -2‬اإلفساد والدمار إذا كان في الريح ‪0‬‬
‫‪ -3‬الفناء واليبوسة والتهشم إذا كان في الزروع ‪0‬‬
‫‪04‬‬
‫وورد في مقال بعنوان جماليات األلوان في القران الكريم ‪ :‬يعتبر اللون‬
‫اْلصفر من أشد اْللوان فرحا ْلنه منير للغاية ومبهج ‪ ,‬هذا اللون يمثل قمة‬
‫التوهج واْلشراق ويعد أكثر اْللوان اضاءة ونورانية ‪ْ ,‬لنه لون الشمس‬
‫ومصدر الضوء واهبة الحرارة والحياة والنشاط والسرور ‪ ,‬واستخدمه‬
‫المصريون القدماء رمزا آللهة الشمس وللوقاية من المرض ‪ ,‬للون اْلصفر‬
‫داللة اخرى تناقض اْلولى وهي داللته على الحزن والهم والذبول والكسل‬
‫والموت والفناء ربما الداللة هذه ترتبط بالخريف وموت الطبيعة‬
‫والصحارى الجافة وصفرة وجوه المرضى ‪0‬‬
‫عدد ورود اللون األصفر في القرآن الكريم‬
‫لقد ذكر مخس مرات يف مخس آيات هي ‪:‬‬
‫قال اهلل تعاىل ( قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ‬
‫لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ ) البقرة‪ ، 23‬وقال اهلل تعاىل (ولَئِنْ أَرْسَلْنَا رِحياً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّوا‬
‫مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ ) الروم‪ ، 22‬وقال اهلل تعاىل ( ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً‬
‫فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُ خْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ‬
‫يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ ) الزمر‪ ، 12‬وقال اهلل تعاىل ( اعْلَمُوا‬
‫أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ ولَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ‬
‫غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ‬
‫شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) حلديد‪ ، 12‬وقال‬
‫اهلل تعاىل ( كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ) املرسالت‪2 44‬‬
‫‪05‬‬
‫ثانيا ‪ :‬األبيــــــــض‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪ :‬هو ثاني‬
‫اْللوان ذكراً في القرآن الكريم ‪ ,‬وقال خالد المرضي في مقال له ‪ :‬اللون‬
‫اْلبيض ‪ ,‬لونُ الصفاء والنقاء ‪ ,‬والهداية والحب ‪ ,‬والخير والحق والعدل‬
‫والجالء ‪ ,‬وإثارة المشاعر اإلنسانية النبيلة ‪ ,‬وهو لونٌ تعبيريٌ في الدرجة‬
‫اْلولى ‪ ,‬كما هو لونٌ رمزيٌ‬
‫مدلوالت اللون األبيض‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪:‬‬
‫‪ -1‬الضياء والصباح وإشراق الشمس إذا كان في وقت الفجر ‪0‬‬
‫‪ -2‬لون وجوه أهل السعادة يوم القيامة ‪0‬‬
‫‪ -3‬بعض اْلمراض مثل ذهاب سواد العين عند الحزن الشديد ‪0‬‬
‫‪ -4‬معجزة موسى عليه السالم بابيضاض يده بدون برص ‪0‬‬
‫‪ -5‬لون بعض الجبال ‪0‬‬
‫‪ -6‬لون مشروبات أهل الجنة ‪0‬‬
‫وورد في مقال بعنوان جماليات األلوان في القران الكريم ‪ :‬اللون اْلبيض‬
‫من وجهة نظر فيزيائية ‪ ,‬اللون اْلبيض يحتوي على موجات اْللوان كلها‬
‫بمعنى أن الشيء الذي يعكس الموجات كلها الى العين ‪ ,‬يرى أسود ‪ ,‬ومن‬
‫وجهة نظر سيكولوجية واجتماعية لون الطهارة والخلوص والصفاء والنقاء‬
‫والمحبة والخير والحق والعدالة ‪ ,‬هذا اللون يقابل السواد في كل دالالته ‪,‬‬
‫اذن يمثل ويصور اْلوصاف اإليجابية والحاالت المطلوبة والخصائص‬
‫والمحمودة ‪0‬‬
‫أفضل األلوان األبيض‬
‫يتميز اللون اْلبيض عن سائر اْللوان في و وظيفته و طبيعته ‪ ,‬و رمزه و‬
‫داللته ‪ ,‬فهناك شبكة من العالقات التي تربط بين هذا اللون و سلوك اإلنسان‬
‫‪ ,‬و كثيراً ما نستخدم في حياتنا اليومية مثل اْليادي البيضاء و الوجه‬
‫اْلبيض و الراية البيضاء ‪ ,‬اللون اْلبيض يرمز للصفاء والنقاء والعفة‬
‫والنظافة والوضوح ‪ ,‬وهو اللون السائد أو المنتشر في كل ما له عالقة‬
‫بحياة اإلنسان من منازل وأثاث ولباس ‪ ,‬فاللون اْلبيض أكثر اْللوان راحة‬
‫للنفس ‪ ,‬وليس أدل على ذلك من اعتماده كلون أساسي فيما يتعلق بالمرضى‬
‫‪06‬‬
‫مثل ألوان جدران المستشفيات ومالبس اْلطباء والممرضين والممرضات‬
‫وأغطية اْلسرة ومالبس المرضى وستائر الغرف واْلجهزة الطبية ‪,‬‬
‫فاللون اْلبيض يجلب الراحة والهدوء ‪0‬‬
‫جاء في موقع إسالم ويب ‪ :‬اللون اْلبيض المعتدل أفضل من غيره ‪ ,‬ويدل‬
‫على ذلك وصف هللا تبارك وتعالى للحور العين بذلك ‪ ,‬قال تعالى ( َكأ َ َّنهُنَّ‬
‫َبيْضٌ َم ْك ُنونٌ ) ( الصافات ‪ , ) 49‬وكذا وصف غلمان أهل الجنة بذلك ‪,‬‬
‫فقال تعالى ( َو َي ُ‬
‫طوفُ َعلَي ِْه ْم غِ ْل َمانٌ لَ ُه ْم َكأ َ َّن ُه ْم لُ ْؤلُؤٌ َم ْك ُنونٌ )(الطور ‪, ) 24‬‬
‫أي كأنهم لؤلؤ في بياضه وصفائه ‪ ,‬مكنون يعني مصون في كنّ ‪ ,‬فهو أنقى‬
‫له وأصفى لبياضه ‪ ,‬وال شك أن أهل الجنة يدخلونها على أكمل صورة‬
‫وأتمها ‪ ,‬فهو دليل على فضل اللون اْلبيض على غيره ‪ ,‬ووصف هللا وجوه‬
‫المؤمنين بالبياض ووجوه الكافرين بالسواد يوم القيامة ؛ فقال سبحانه‬
‫وتعالى ( َي ْو َم َت ْب َيضُّ وُ ُجوهٌ َو َتسْ َو ُّد وُ ُجوهٌ )( آل عمران ‪ , ) 106‬وننبه هنا‬
‫إلى أن هذا البياض يكون للمؤمن ‪ ,‬ولو كان لونه في الدنيا أسود ‪,‬‬
‫والخالصة أن البياض المعتدل من الجمال والحسن الذي يهبه هللا لمن يشاء‬
‫من عباده ‪ ,‬وال يجوز لمن رزق ذلك أن يحتقر اآلخرين ويزدريهم ؛ لئال‬
‫يفوزوا يوم القيامة بالبياض الدائم وينقلب هو إلى السواد الدائم ‪ ,‬وقد جاء‬
‫في السنة تفضيل اللون اْلبيض في اللباس ‪ ,‬فقد روى الترمذي وأبو داود‬
‫وغيرهما ‪ ,‬عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ :‬البسوا من ثيابكم البياض ‪ ,‬فإنها خير ثيابكم ‪ ,‬وكفنوا فيها‬
‫موتاكم ‪0‬‬
‫عدد ورود اللون األبيض في القرآن الكريم‬
‫لقد ذكر اللون األبيض ثنتا عشرة مرة يف ثنتا عشرة آية هي ‪:‬‬
‫قال اهلل تعاىل ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ‬
‫اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَاآلنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ‬
‫اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ األَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ األَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ‬
‫الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَالَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَالَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ‬
‫يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) البقرة‪ ، 212‬وقال تعاىل ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا‬
‫‪00‬‬
‫الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِميَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ) آل عمران‪222‬‬
‫‪ ،‬وقال تعاىل ( وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) آل عمران‪222‬‬
‫‪ ،‬وقال تعاىل ( ونَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ ) األعراف‪ ، 221‬وقال تعاىل ( وَتَوَلَّى عَنْهُمْ‬
‫وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ) يوسف‪ ، 11‬وقال تعاىل (‬
‫وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى ) طه‪ ، 11‬وقال تعاىل ( ونَزَعَ‬
‫يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ ) الشعراء‪ ، 44‬وقال تعاىل ( وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ‬
‫بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِنيَ ) النمل‪، 21‬‬
‫وقال تعاىل ( اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ‬
‫الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِنيَ ) القصص‪ ، 41‬وقال‬
‫تعاىل ( ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ‬
‫بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ) فاطر‪ ، 12‬وقال تعاىل ( بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِنيَ )‬
‫الصافات‪ ، 12‬وقال تعاىل ( كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } الصافات‪13‬‬
‫ثالثا ‪ :‬األســــــــــود‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪ :‬هو ثالث‬
‫اْللوان ذكراً في القرآن الكريم ‪ ,‬وقال خالد المرضي في مقال له ‪ :‬اللونُ‬
‫اْلسود كثيراً ما يعبر عن الظلم والظالم والضاللة واإلثم والحقد والغضب‬
‫والكذب ‪ ,‬وقد ورد في الكتاب العزيز سبع مرات كما ورد لفظا اْلبيض‬
‫واْلسود في أكثر من آية جنبا ً إلى جنب إلظهار مفارق ٍة بين ضدين كالحق‬
‫والباطل أو اإليمان والكفر أو لبيان مقدرة هللا تعالى في الخلق ‪0‬‬
‫‪00‬‬
‫مدلوالت اللون األسود‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪:‬‬
‫‪ -1‬ظلمة الليل ‪0‬‬
‫‪ -2‬لون وجوه أهل النار من العصاة والكفار والكذابين على هللا ‪0‬‬
‫‪ -3‬الكرب والحزن والهم ‪0‬‬
‫‪ -4‬اليبوسة والفناء ‪0‬‬
‫وورد في مقال بعنوان جماليات األلوان في القران الكريم ‪ :‬السواد في‬
‫الفيزياء بمعنى فقد اللون ‪ ,‬أي كل شيء ال تبلغ منه موجات الى العين يرى‬
‫أسود ‪ ,‬هذا اللون هو لون الظالم ‪ ,‬الصمت ‪ ,‬اليأس والخيبة والفناء ورمز‬
‫الحزن والهم والموت واإلخفاق ‪ ,‬اللون الذي يمثل الظلم ‪ ,‬الظاللة ‪,‬‬
‫الغضب ‪ ,‬اإلثم ‪ ,‬الكفر ‪ ,‬الشرك ‪0‬‬
‫عدد ورود اللون األسود في القرآن الكريم‬
‫لقد ذكر اللون األسود مثان مرات يف سبع آيات هي ‪:‬‬
‫قال اهلل تعاىل ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَ ثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ‬
‫تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَاآلنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ‬
‫لَكُمُ الْخَيْطُ األَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ األَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَالَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي‬
‫الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَالَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) البقرة‪ ، 212‬وقال تعاىل ( يَوْمَ‬
‫تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِميَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ )‬
‫آل عمران‪ ، 222‬وقال تعاىل ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِاألُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ ) النحل‪ ، 21‬وقال تعاىل‬
‫( ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ‬
‫أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ) فاطر‪ ، 12‬وقال تعاىل ( ويَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ألَيْسَ‬
‫فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ) الزمر‪ ، 22‬وقال تعاىل ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَالً ظَلَّ وَجْهُهُ‬
‫مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ ) الزخرف‪ ، 22‬وقال تعاىل ( فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى ) األعلى‪2 2‬‬
‫‪09‬‬
‫رابعا ‪ :‬األخــــــــضر‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪ :‬هو رابع‬
‫اْللوان ذكراً في القرآن الكريم ‪ ,‬وقال خالد المرضي في مقال له ‪ :‬اللون‬
‫اْلخضر من اْللوان المريحة المحببة للنظر ‪ ,‬ومنها ثيابُ أهل الجنة ‪ ,‬وهو‬
‫رم ٌز دائ ٌم للحب واْلمل والخصب والخير والنماء والسالم واْلمان ‪0‬‬
‫مدلوالت اللون األخضر‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪:‬‬
‫‪ -1‬لون الشجر و الزروع واْلرض بعد نزول المطر‪0‬‬
‫‪ -2‬لباس أهل الجنة ولباس الولدان المخلدون في الجنة والنعيم فيها‬
‫‪ -3‬لون أغطية وسائد أهل الجنة ‪0‬‬
‫وقال عبدالرحيم الميرابي في مقاله األلوان الخمسة األساسية في القرآن‬
‫الكريم ‪ :‬اللون اْلخضر وهو لونٌ ( ثانوي غير أساسي ) ناتج عن مزج‬
‫اللونين اْلزرق واْلصفر ‪ ,‬ونالحظ أن كلمة ( أخضر ) وردت في القرآن‬
‫ض ِر َناراً‬
‫كصفة للحي الرطب ‪ ,‬قال تعالى ( الَّذِي َج َع َل لَ ُكم م َِّن ال َّش َج ِر اْلخ َ‬
‫) ‪ ,‬أي الشجر الرطب الحي ‪ْ ,‬لنه إذا فقد رطوبته ‪ ,‬ويبس فال يمكن أن‬
‫نسميه أخضرا ‪ ,‬قال تعالى ( َو َسب ِْع سُن ُبالَ ٍ‬
‫ت ُخضْ ٍر َوأ ُ َخ َر َي ِاب َسات ) ‪ ,‬وكذا‬
‫النفسُ التي لم تمت نسميها خضراء ‪ ,‬أي أن فيها حياة ‪ ,‬وال نقصد أن لونها‬
‫أخضر ‪ ,‬ولذلك نالحظ أن معظم اآليات الكريمات تذكر اللون اْلخضر‬
‫هللا أَ َ‬
‫نز َل ِم َن‬
‫كأح ِد المعاني الجميلة لعنفوان الحياة قال تعالى ( أَلَ ْم َت َر أَنَّ َّ َ‬
‫هللا لَطِ يفٌ َخ ِبي ٌر ) ‪ ,‬وللون اْلخضر‬
‫ال َّس َما ِء َما ًء َف ُتصْ ِب ُح اْلرْ ضُ م ُْخ َ‬
‫ضرَّ ًة إِنَّ َّ َ‬
‫دالالت خاصة في اإلسالم ‪ ,‬تجعله مقدما ً على باقي اْللوان ‪ ,‬وهو اللون‬
‫المفضل عند النبي صلى هللا عليه و سلم غير أنه ورد في آيات قليلة بما لم‬
‫س ُخضْ ٌر َوإِسْ َتب َْر ٌق )‬
‫أبلغ سر علمه اللوني ‪ ,‬كقوله تعالى ( َعلِ َي ُه ْم ِث َيابُ ُسن ُد ٍ‬
‫‪ ,‬وورد في مقال بعنوان جماليات األلوان في القران الكريم ‪ :‬اللون اْلخضر‬
‫هو لون الحياة والحركة والسرور ْلنه يهدئ النفس ويسرها وهو تعبير عن‬
‫الحياة والخصب والنماء واْلمل والسالم واْلمان والتفاؤل وهو لون الربيع ‪,‬‬
‫الطبيعة الحية ‪ ,‬الحدائق ‪ ,‬اْلشجار ‪ ,‬اْلغصان والبراعم ‪ ,‬يعتبر اْلخضر في‬
‫الفكر الديني رمزا للخير واْليمان وأنه أكثر شيوعا في الروايات العربية‬
‫اْلسالمية وقباب المساجد واستار الكعبة وعمائم رجال الدين ‪0‬‬
‫‪90‬‬
‫عدد ورود اللون األخضر في القرآن الكريم‬
‫لقد ذكر اللون األخضر مثان مرات يف مثان آيات هي ‪:‬‬
‫قال اهلل تعاىل ( وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ‬
‫خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ‬
‫وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ ويَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ آليَاتٍ‬
‫لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )األنعام‪ ، 33‬وقال اهلل تعاىل ( وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ‬
‫سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُالَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَألُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ‬
‫لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ) يوسف‪ ، 14‬وقال اهلل تعاىل ( يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ‬
‫سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُالَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ‬
‫لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ) يوسف ‪ ، 12‬وقال اهلل تعاىل ( أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ‬
‫الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ ويَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ‬
‫مُّتَّكِئِنيَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً ) الكهف‪ ، 42‬وقال اهلل تعاىل ( ألَمْ‬
‫تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِريٌ ) احلج‪، 24‬‬
‫وقال اهلل تعاىل ( الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ ) يس‪12‬‬
‫‪ ،‬وقال اهلل تعاىل ( مُتَّكِئِنيَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ) الرمحن‪ ، 22‬وقال اهلل‬
‫تعاىل ( عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً‬
‫طَهُوراً ) اإلنسان‪2 12‬‬
‫‪91‬‬
‫خامسا ‪ :‬األزرق‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪ :‬هو خامس‬
‫مقال له ‪ :‬يرى‬
‫اْللوان ذكراً في القرآن الكريم ‪ ,‬وقال خالد المرضي في‬
‫ٍ‬
‫علماء اللون أن اللون اْلزرق لون بارد ‪ ,‬ورمزاً للصداقة والحكمة والتفكير‬
‫والخلود والسعة والهدوء والسكينة والوقار‪ ,‬وبرودة الليل إضافة إلى الحقيقة‬
‫المنطقية التي وُ جد عليها هذا اللون ‪ ,‬إذ هو أكثر اْللوان انتشاراً في الطبيعة‬
‫‪ْ ,‬لنه لون السماء الصافية ولون البحر‪ ,‬لكن عندما ينحرف اإلنسان عن‬
‫جادة الحق والصواب ‪ ,‬ويسير في دروب الضالل والظلم ‪ ,‬فإن القرآن‬
‫الكريم يقف منه موقفا ً آخر ‪ ,‬إذ يعرض في لوح ٍة مجسم ٍة ‪ ,‬نفسي ٍة وخلقي ٍة ‪,‬‬
‫منفّرة ‪ ,‬تنافي جوهر الجمال ووظائفه ‪ ,‬فيستخدم ‪ ,‬اللون اْلزرق في وصف‬
‫ما يؤول إليه حال المجرمين يوم القيامة ‪0‬‬
‫مدلوالت اللون األزرق‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪:‬‬
‫‪ -1‬لون وجوه الكافرين عند الحشر من شدة أهوال ذلك اليوم ‪0‬‬
‫‪ -2‬الخوف والرهبة والوجل ‪0‬‬
‫وورد في مقال بعنوان جماليات األلوان في القران الكريم ‪ :‬يعتبر اللون‬
‫اْلزرق لون الوقار والسكينة والهدوء والصداقة والحكمة والتفكير اللون‬
‫الذي يشجع على التخيل الهادئ والتأمل الباطني ويخفف من حدة ثورة‬
‫الغضب ويخفف من ضغط الدم ويهدئ التنفس ويرمز الى الصدق والحكمة‬
‫والخلود واإلخالص ‪0‬‬
‫عدد ورود اللون األزرق في القرآن الكريم‬
‫لقد ذكر اللون األزرق مرة واحدة يف آية واحدة هي ‪:‬‬
‫قال اهلل تعاىل ( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ونَحْشُرُ الْمُجْرِمِنيَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً ) طه‪221‬‬
‫‪92‬‬
‫سادسا ‪ :‬األحــــــــمر‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثة دالالت األلوان ‪ :‬هو سادس‬
‫اْللوان ذكراً في القرآن الكريم ‪0‬‬
‫مدلوالت اللون األحمر‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪:‬‬
‫‪ -1‬لون قطع بعض الجبال ‪0‬‬
‫‪ -2‬ألوان الثمار باْلشجار ‪0‬‬
‫وورد في مقال بعنوان جماليات األلوان في القران الكريم ‪ :‬اللون اْلحمر‬
‫لون القوة والحياة والحركة وأما عاطفيا فيعتبر اللون اْلحمر لون الحب‬
‫الملتهب والتفاؤل والقوة والشباب ‪ ,‬أكثر الشعراء القدماء من استخدامهم هذا‬
‫اللون نتيجة وعيهم الجمالي والمعرفي لدوره في أصل الوجود والواقع ‪,‬‬
‫لذلك تنوعت الفاظه التي كثرت لتعبر عن ماهيته وقيمته ومدى نقائه ودرجة‬
‫تشعبه ‪ ,‬من ذلك قولهم أحمر ‪ ,‬أحمر قاني ‪ ,‬ومدمي واضريج ‪ ,‬جلاير ‪,‬‬
‫عندم ‪ ,‬اسفع ‪ ,‬كميت ‪ ,‬كما يمثل هذا اللون الشر والكفر والقتل والدم‬
‫والجان يرتدون اللباس اْلحمر وأحيانا يعبر عن الفرح والسرور ويستخدم‬
‫في اْلعياد ‪0‬‬
‫عدد ورود اللون األحمر في القرآن الكريم‬
‫لقد ذكر اللون األمحر مرة واحدة يف آية واحدة هي ‪:‬‬
‫قال اهلل تعاىل ( ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ‬
‫الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ) فاطر‪12‬‬
‫سابعا ‪ :‬الـــــوردي‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪ :‬هو سابع‬
‫اْللوان ذكراً في القرآن الكريم ‪0‬‬
‫‪93‬‬
‫مدلوالت اللون الوردي‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪ :‬لون السماء‬
‫عند انشقاقها وتفطرها يوم القيامة ‪0‬‬
‫عدد ورود اللون الوردي في القرآن الكريم‬
‫لقد ذكر اللون الوردي مرة واحدة يف آية واحدة هي ‪:‬‬
‫قال اهلل تعاىل ( فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ ) الرمحن‪42‬‬
‫ثامنا ‪ :‬األخضر املسود (مدهامتان )‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪ :‬هو ثامن‬
‫اْللوان ذكراً في القرآن الكريم ‪0‬‬
‫ان ِمنْ شِ َّدة الرِّ يّ ِمنْ ْال َماء َقا َل‬
‫ان ‪ :‬الدهمة ‪ :‬سواد الليل ‪ ,‬أَيْ َس ْود َ‬
‫َاو ِ‬
‫م ُْد َها َّم َت ِ‬
‫ان ِمنْ الرِّ يّ ‪,‬‬
‫ان ِمنْ شِ َّدة ُخضْ َرت ِِه َم ‪ ,‬و َقا َل ‪َ :‬خضْ َر َاو ِ‬
‫ِابْن َعبَّاس ‪ :‬مُسْ َوا َّد َت ِ‬
‫ان ‪ ,‬و َعنْ َسعِيد بْن ُج َبيْر َقا َل ‪َ :‬ع َال ُه َما الرِّ يُّ م َِن الس ََّواد‬
‫َو ُي َقال ‪ :‬م ُْل َت َّف َت ِ‬
‫ان ِمنْ الرِّ يّ ‪ :‬إِ َذا ا ْش َت َّد ْ‬
‫ت ْال ُخضْ َرة‬
‫َو ْال ُخضْ َرة ‪ ,‬و َعنْ َق َتادَة َقا َل ‪َ :‬خضْ َر َاو ِ‬
‫ض َر َب ْ‬
‫ت إِلَى الس ََّواد ‪ ,‬ويقول ابن عطية ‪ :‬ومدهامتان معناه ‪ :‬قد عال لونهما‬
‫َ‬
‫دهمة وسواد من النضرة والخضرة‬
‫عدد ورود مدهامتان في القرآن الكريم‬
‫ان ( في سورة الرحمن ‪64‬‬
‫) م ُْد َها َّم َت ِ‬
‫مدلوالت اللون األخضر المسود‬
‫قال الشيخ أبو إسالم أحمد بن علي في بحثه دالالت األلوان ‪ :‬لون‬
‫الخضرة بالجنة وقد اشتدت ومالت للسواد ‪0‬‬
‫عدد ورود اللون األخضر المسود في القرآن الكريم‬
‫لقد ذكر اللون اْلخضر المسود مرة واحدة في آية واحدة هي ‪:‬‬
‫ان ) الرحمن ‪64‬‬
‫قال هللا تعالى ( م ُْد َها َّم َت ِ‬
‫‪94‬‬
‫تاسعا ‪ :‬األحوى ‪ :‬األسود املائل للخضرة‬
‫جاء في تفسير القرطبى ‪ْ :‬اْلَحْ َوى ‪ْ :‬اْلَسْ َود أَيْ إِنَّ ال َّن َبات َيضْ ِرب إِلَى‬
‫ْالحُوَّ ة ِمنْ شِ َّدة ْال ُخضْ َرة َك ْاْلَسْ َو ِد ‪َ .‬و ْالحُ وَّ ة ‪ :‬الس ََّواد َقا َل ْاْلَعْ َشى ‪ :‬لَ ْم َياء فِي‬
‫َش َف َت ْي َها ُح َّوةٌ لَ َعسٌ َوفِي اللِّ َثاث َوفِي أَ ْن َي ِاب َها َش َنبُ َوفِي الص َِّحاح ‪َ :‬و ْال ُح َّوة ‪:‬‬
‫ُس ْم َرة ال َّش َفة ‪ُ ,‬ي َقال ‪َ :‬رجُل أَ َح َوى ‪َ ,‬وا ْم َرأَة َحوَّ اء ‪َ ,‬و َق ْد َح َويْت ‪َ ,‬و َب ِعير‬
‫ص ْف َوة ‪َ ,‬و َتصْ غِير أَ َح َوى أ ُ َحيْو فِي لُ َغة َمنْ‬
‫أَ َح َوى إِ َذا َخالَ َط ُخضْ َرته َس َواد َو َ‬
‫َقا َل أ ُ َسي ِْود ‪ُ ,‬ث َّم قِي َل ‪َ :‬يجُوز أَنْ َي ُكون أَ َح َوى َح ًاال ِمنْ ْال َمرْ َعى ‪َ ,‬و َي ُكون‬
‫ْال َمعْ َنى ‪َ :‬كأ َ َّن ُه ِمنْ ُخضْ َرته َيضْ ِرب إِلَى الس ََّواد ‪ ,‬وجاء في التفسير الوسيط ‪:‬‬
‫اْلحوى ‪ :‬المائل إلى السواد ‪ ,‬مأخوذ من الحُوَّ ة بضم الحاء مع تشديد الواو‬
‫المفتوحة وهى لون يكون بين السواد والخضرة أو الحمرة ‪ ,‬ووصف‬
‫الغثاء بأنه أحوى ‪ْ ,‬لنه إذا طال عليه الزمن ‪ ,‬وأصابته المياه ‪ ,‬اسود وتعفن‬
‫فصار أحوى ‪0‬‬
‫عدد ورود اللون األحوى في القرآن الكريم‬
‫لقد ذكر اللون اْلحوى مرة واحدة في آية واحدة هي ‪:‬‬
‫قال هللا تعالى ( فجعله غثاءأحوى ) سورة اْلعلى ‪5‬‬
‫خامسا ‪ :‬األوزان واملقاييس يف القرآن‬
‫قال األستاذ أحمد محمد جواد محسن ‪ :‬لقد أخذ العرب في الجاهلية معظم‬
‫اْلوزان ‪ :‬أسماءها ومقاديرها من البلدان التي تعاملوا معها تجاريا ً كبالد‬
‫الشام والعراق واليمن وبالد فارس والروم والحبشة ‪ ,‬يتضح ذلك من أسماء‬
‫هذه اْلوزان التي استعملوها كالدانق والقيراط والدرهم والمثقال واْلوقية‬
‫والرطل والقنطار وغيرها ‪ ,‬التي ذكرها الشعراء في قصائدهم ‪ ,‬كما أن‬
‫أصول معظم هذه اْلوزان تعود إلى أسماء بابلية وآرامية وإغريقية ورومية‬
‫وفارسية ؟ وقد أخضع العرب هذه اْلسماء إلى مقاييس اللغة العربية‬
‫ونظامها ؛ إذ غيّروا في قسم من حروفها لتناسب النطق العربي ‪ ,‬والبد من‬
‫اإلشارة أن التطور التاريخي لوحدات الوزن ‪ ,‬أصولها ومساراتها قد اتبع‬
‫اتجاها ً من الشرق إلى الغرب بصورة عامة ‪ ,‬فقد انتقلت وحدات الوزن من‬
‫الحضارات القديمة للشرق ‪ ,‬كوادي الرافدين ووادي النيل ‪ ,‬غالبا ً نتيجة‬
‫‪95‬‬
‫للتجارة ‪ ,‬إلى اإلغريق ومن َث ّم إلى اإلمبراطورية الرومانية وبعدئذ إلى‬
‫فرنسا وبريطانيا عبر الفتوحات الرومانية ‪ ,‬غير أن بعض من هذه الوحدات‬
‫وصل إلى الغرب ليس من الروم مباشرة وإنما من العرب اللذين وصلتهم‬
‫من الروم ‪ ,‬ونتيجة للتعامالت التجارية المتعددة المنشئ ‪ ,‬فقد تباينت مقادير‬
‫هذه اْلوزان تبعا ً لمقاييس البلد الذي يتعاملون معه ‪ ,‬أضف إلى ذلك‬
‫اختالف المادة التي تتكون منها هذه اْلوزان وتدعى الصنجات ( السنجات )‬
‫‪ ,‬على مر التاريخ ‪ ,‬فقد تكون من الحجارة أو من الحديد أو من النحاس أو‬
‫من أوان من الفخار أو الخشب أو الزجاج ‪ ,‬وقد استثمر الشعراء‬
‫مصطلحات الوزن والميزان وأدوات الوزن للتعبير عن نظراتهم وعواطفهم‬
‫وتصوراتهم االجتماعية في ناحيتين ‪:‬‬
‫األولى ‪ :‬عملية تطبيقية ‪ ,‬أي بالمعنى القياسي نفسه ‪0‬‬
‫الثانية ‪ :‬كدالالت رمزية وكنايات رائعة ‪0‬‬
‫إن َو ْزن اْلشياء يعني قياس ثقلها ‪ ,‬كما جاء في لسان العرب البن منظور‪,‬‬
‫إذ يقول ‪َ :‬و َز َن الشيء إذا ق ّدره ‪ ,‬أما الثقل فيتصل بقوة الجاذبية اْلرضية ‪,‬‬
‫ْلن اْلرض تجذب نحو مركزها كل جسم بقوة تدعى قوة ثقل الجسم ‪ ,‬ويقل‬
‫ثقل الجسم في نطاق جاذبية اْلرض كلما ابتعدنا عن سطح اْلرض ‪ ,‬ويُعد‬
‫ضبط ْال َو ْزن وكذلك الكيل في التعامالت التجارية وغيرها ‪ ,‬من القضايا‬
‫الهامة التي أكدت عليها الشرائع السماوية منذ القدم ‪ ,‬وتؤكد عليها أيضا ً‬
‫القوانين الوضعية ‪ ,‬لذلك فقد ذكر هللا تعالى الوزن والكيل معا ً في آيات‬
‫عديدة ‪ ,‬مطالبا ً الناس اإليفاء بهما بالعدل ومحذراً في الوقت ذاته من النقص‬
‫ِين َإذا ْ‬
‫ون‬
‫اس َيسْ َت ْوفُ َ‬
‫ِين الذ َ‬
‫فيهما ‪ ,‬كما في قوله ﴿ َو ْي ٌل ل ِْل ُم َط ِّفف َ‬
‫اك َتالُوا علَى ال َّن ِ‬
‫ُون﴾ (المطففين ‪ , )3-2-1‬والميزان هو اآللة‬
‫َوإِ َذا َكالُو ُه ْم أَ ْو َو َز ُنو ُه ْم ي ُْخسِ ر َ‬
‫التي توزن بها اْلشياء ‪ ,‬وأصله مؤزان انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها ‪,‬‬
‫وجمعه موازين ‪ ,‬وكانت اآللة التي توزن بها اْلشياء الثقيلة تسمى قبان‬
‫معرب كبان بالتركية ‪ ,‬والميزان أقدم آلة عرفها اإلنسان لعملية قياس الثقل‬
‫‪ ,‬والميزان كان يتألف ‪ ,‬من ذراع أفقي معدني ( العاتق ) ‪ ,‬يستند في‬
‫منتصفه إلى حامل ‪ ,‬يحمل الميزان ‪ ,‬وكفتان ( صحنان) متماثلتان معلقتان‬
‫في طرفي الذراع ‪ ,‬ولتقدير اْلشياء توضع في إحدى كفتيه ‪ ,‬إزاء صنجات‬
‫مقدرة في كفة أخرى ‪ ,‬هذا الحامل عادة يكون عموداً معدنيا ً لتثبيت‬
‫الموازين في الذراع ‪ ,‬يسمى أحيانا ً ال َّشاهين ‪ :‬والشاهين هنا عمود الميزان‬
‫َّ‬
‫والوزانُ هو الذي يقوم بعملية الوزن ؛ كما أن للميزان ‪ ,‬إبرة أحيانا ً دالة‬
‫على توازن الكفتين ‪ ,‬تدعى لسان الميزان ‪ ,‬وإذا لم يكن الميزان مستويا ً (‬
‫‪96‬‬
‫أفقيا ً ) يقال في الميزان عيب أي أن الكفتين غير متساويتين ‪ ,‬والميزان‬
‫والوزن ‪ ,‬من القضايا الرئيسية التي أمر هللا تعالى العمل بها بدقة واستقامة‬
‫‪ ,‬قال تعالى ﴿ َوأَقِيمُوا ْال َو ْز َن ِب ْال ِقسْ طِ َوالَ ُت ْخسِ رُوا ْالم َ‬
‫ان ﴾( الرحمن ‪, ) 9‬‬
‫ِيز َ‬
‫وقوله تعالى ﴿ َوأَ ْوفُوا ْال َك ْي َل َو ْالم َ‬
‫ان ِب ْال ِقسْ طِ ﴾( اْلنعام ‪ , )152‬غير أن‬
‫ِيز َ‬
‫هللا ذكر الميزان‪ ,‬إضافة لمعناه العملي القياسي ‪ ,‬معنىً آخر هو رمزاً للعدل‬
‫اب ِب ْال َح ِّق َو ْالم َ‬
‫ان﴾(‬
‫والحق ‪ ,‬كما في قوله تعالى ﴿ هللاُ الذِي أَ ْن َز َل ْال ِك َت َ‬
‫ِيز ِ‬
‫الشورى ‪ , )10‬وأدوات الوزن العنصر الثالث من عملية الوزن ‪ ,‬ويُطلق‬
‫عليها اْلوزان أو العيارات ‪ ,‬وهي أجسام صلبة ‪ ,‬اتخذت أشكاالً مختلفة ‪,‬‬
‫غير محددة عبر التاريخ ‪ ,‬إلى أن أصبحت معدنية في شكلها الحالي ‪ ,‬مثل‬
‫الغرام والكيلوغرام والرطل وغيرها ‪0‬‬
‫أوال ‪ :‬الصــــــــــاع‬
‫جاء في موقع الموسوعة الحرة وكيديا ‪ :‬الصاع مكيال ( وحدة لقياس‬
‫الحجم ) وهو يساوي أربعة أمداد تساوي ‪ 2512‬مللتر أستعمله أهل المدينة‬
‫وفي اإلسالم ارتبطت به بعض العبادات مثل الزكاة والكفارة وغيرها ‪0‬‬
‫الصاع لغة‬
‫يذكر ويؤنث فمن ذكره قال يجمع أصواع كأبواب ومن انثه أصْ وُ ٌع مثل‬
‫ادوُ ٌر وقيل صواع وصيعان ومعناه تقول العرب صعت الشيء فرقته فاشتق‬
‫من هذا الن الكيل يفرق المكيل ‪ ,‬الصاع يساوي أربعة أمدد بمد النبي‬
‫صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬ونصف الصاع يسمى القسط ومنه اشتق العدل أو‬
‫قيل الكيلجة ‪0‬‬
‫قال الشيخ عبد هللا بن سليمان المنيع ‪ :‬الصاع مكيال تكال به الحبوب‬
‫وغيرها ‪ ,‬وقد عرفته اْلمم السابقة ‪ ,‬وارتبط المكيال بالمدينة المنورة ‪ ,‬فلما‬
‫هاجر صلى هللا عليه وسلم إلى المدينة ‪ ,‬وسن نظام المكاييل والموازين ‪,‬‬
‫اعتبر صاع المدينة المرجع اْلساسي الذي تقدر به الواجبات المالية‬
‫الشرعية من زكاة وغيره ‪ ,‬والصاع يستعمل للكيل فقط ‪ ,‬والصاع ‪ :‬يذكر‬
‫ويؤنث ‪ ,‬قال الفراء ‪ :‬أهل الحجاز يؤنثون الصاع ويجمعونها في القلة على‬
‫أصوع ‪ ,‬وفي الكثرة على صيعان ‪ ,‬وبنو أسد وأهل نجد يذكرون ويجمعون‬
‫على أصواع وربما أنثها بعض بني أسد ‪ ,‬قال الزجاج ‪ :‬التذكير أفصح عند‬
‫العلماء ‪ ,‬ويمكن أن يجمع على آصع ‪ ,‬والصواع والصوع ‪ ,‬والصوع ‪ :‬كله‬
‫إناء يشرب فيه ‪0‬‬
‫‪90‬‬
‫مقدار الصاع‬
‫في اْلصل الصاع وحدة لقياس الحجم ولكن الفقهاء قدروه بالوزن للمحافظة‬
‫عليه ونقله ‪0‬‬
‫مقدراً بالوزن‬
‫عند الجمهور خمسة أرطال وثلث ويساوي ‪ 2.035‬كيلوغرام ‪ ,‬وذهبت‬
‫هيئة كبار العلماء في السعودية إلى أن الصاع ‪2.600‬كيلوغرام وذلك بنا ًء‬
‫على أن المد ملء كفي الرجل وكان تحقيق وزن المد لديهم هو ‪ 650‬جرام‬
‫تقريبا ً فيكون الصاع ‪2.600 = 4 × 650‬كيلوغرام ‪0‬‬
‫مقدراً بالحجم‬
‫هو أربعة أمداد والمد أربعة حفنات من الماء بكف الرجل المتوسط ‪,‬‬
‫وبالمقاييس الحديثة ‪ 2430:‬مللتر عن طريق قياس حجم وزنه من البر (‬
‫القمح ) أو ‪ 2512‬مللتر بطريقة قياس حفنة الرجل ‪0‬‬
‫أحكام في اإلسالم مرتبطة بالصاع‬
‫زكاة الفطر حيث أمر النبي ‪ ‬بزكاة الفطر صاعا ً من تمر أو صاعا ً من‬
‫شعير ‪ ,‬مقدار الماء الذي كان النبي يتوضأ به وهو مد ولالغتسال أربعة أو‬
‫ان النبي صلى هللا‬
‫س بن مالك َقا َل ‪َ :‬ك َ‬
‫خمسة أمداد وفي الحديث َعنْ أَ َن ِ‬
‫ُ ْ‬
‫َّاع إِلَى َخ ْم َس ِة أَ ْمدَا ٍد ‪0‬‬
‫عليه وسلم َي َت َوضَّأ ِبال ُم ِّد َو َي ْغ َتسِ ُل ِبالص ِ‬
‫الصاع بني املقاييس القدمية واحلديثة‬
‫قال الشيخ عبدهللا بن منصور الغفيلي ‪ :‬إن الشريعة أناطت بالصاع أحكاما‬
‫عديدة كأنواع من الزكوات والكفارات ؛ ولذا كان من اْلهمية بمكان معرفة‬
‫مقدار الصاع النبوي وتحديده ‪ ,‬السيما وقد حدث خالف كثير فيه بين‬
‫الفقهاء المتقدمين والمعاصرين ‪ ,‬ثم إن ظهور المقاييس الحديثة يؤكد بحث‬
‫مقداره على وفقها ‪ ,‬وقد اجتهدت في بيان ذلك في هذه الوريقات ‪ ,‬ملتزما‬
‫باالختصار مع التحرير ما أمكن ‪ ,‬وقد جعلت ذلك في مطلبين ‪ :‬فتحديده‬
‫بالمقاييس القديمة في مطلب‪ ,‬وتحديده بالمقاييس الحديثة في مطلب آخر‪,‬‬
‫سائال المولى أن ينفع بها المستفيد ‪ ,‬ويحقق بها بيت القصيد‪ ,‬ويكللها‬
‫باإلخالص والتسديد‪ ,‬إنه حميد مجيد ‪0‬‬
‫‪90‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬مقدار الصاع بالمقاييس القديمة‬
‫يتعين لبيان مقدار الصاع تحديد مقدار المد النبوي ‪ ,‬ويتوقف ذلك على‬
‫معرفة زنة الرطل ‪ ,‬الذي يتبين بتحرير وزن الدرهم ‪,‬كما سيأتي بيان وجه‬
‫ذلك في المسائل الثالث المعقودة لتفصيل تلك اْلوزان‪ ,‬كما يلي ‪:‬‬
‫المسألة األولى ‪ :‬مقدار ال ُم ُّد النبوي ‪ :‬قدر جماعة من العلماء ال ُم َّد بأنه‬
‫أربع حفنات بحفنة الرجل الوسط ‪ ,‬أو بملء كفي اإلنسان المعتدل إذا م َّد‬
‫يديه بهما ‪ ,‬هذا بالنظر إلى أن المد وحدة وكيل يقاس بها حجم ما يوضع‬
‫فيها كما هو الحال في الصاع أيضا ً ‪ ,‬وقد عمد الكثير من العلماء إلى تحديد‬
‫المد والصاع بالوزن ؛ ليحفظ مقداره وينقل؛ لعدم وجود مقاييس متعارف‬
‫عليها يضبط بها الحجم سابقا ً ‪ ,‬كما ذكر ذلك ابن قدامة فقال ‪ :‬واْلصل فيه‬
‫أي الصاع الكيْل وإنما قدر بالوزن ليحفظ وينقل أ‪.‬هـ ‪ ,‬ولذا فقد قدر الفقهاء‬
‫المد النبوي باْلرطال ‪ ,‬فذهب جمهورهم إلى أن المد النبوي هو رطل وثلث‬
‫مستدلين على ذلك بما جاء من اآلثار الدالَّة أنَّ المعتمد في الكيل مكيال‬
‫المدينة كما جاء عن ابن عمر رضي هللا عنهما أنه قال ‪ :‬المكيال مكيال أهل‬
‫المدينة ‪ ,‬والميزان ميزانُ أهل مكة ‪ ,‬وهو مجمع عليه عند أهل الحجاز كما‬
‫قال أبو عبيد ‪ :‬وأما أهل الحجار فال اختالف بينهم فيما أعلمه أنَّ الصاع‬
‫خمسة أرطال وثلث ‪ ,‬يعرفه عالمهم وجاهلهم ‪ ,‬ويباع في أسواقهم ‪ ,‬ويحمل‬
‫علمه قر ن عن قرن ‪ ,‬قال ابن حزم ‪ :‬واالعتراض على أهل المدينة في‬
‫صاعهم ومدهم كالمعترض على أهل مكة في موضع الصفا والمروة ‪0‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬في مقدار الرطل ‪ :‬والمقصود بالرطل المذكور في تحديد‬
‫المد ‪ :‬هو الرطل البغدادي ‪ ,‬وهو قول عامة الفقهاء ‪ ,‬وقد اختلفوا في تحديد‬
‫مقداره على أقوال متقاربة أقربها أنه يزن مئة وثمانية وعشرين درهما ً‬
‫وأربعة أسباع الدرهم ‪ ,‬وهو اْلصح عند الشافعية ‪ ,‬والصحيح عند الحنابلة‬
‫‪ ,‬وقو ٌل للمالكية ‪ ,‬ورجحه ابن تيمية وابن قدامة وقال ‪ :‬والرطل العراقي ‪:‬‬
‫مئة وثمانية وعشرون درهما ً وأربعة أسباع الدرهم‪ ,‬ووزنه بالمثاقيل ‪:‬‬
‫تسعون مثقاالً ‪ ,‬ثم زيد في الرطل مثقال آخر وهو درهم وثالثة أسباع درهم‬
‫‪ ,‬فصار إحدى وتسعين مثقاالً فكملت زنته بالدراهم مئة وثالثين درهما ً ‪,‬‬
‫واالعتبار باْلول قبل الزيادة ‪0‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬مقدار وزن الدرهم ‪ :‬لقد اختلف المعاصرون في زنة‬
‫الدرهم بالموازيين الحديثة ‪ ,‬وسبب خالفهم ‪ ,‬هو اختالف الفقهاء في زنة‬
‫الدراهم بحبَّات الشعير ‪ ,‬واختالفهم في أنواع الدراهم ‪ ,‬فأما اختالفهم في‬
‫زنة الدراهم بحبات الشعير فعلى أقوال ‪ ,‬أبرزها قوالن ‪:‬‬
‫‪99‬‬
‫القول األول ‪ :‬إن وزن الدرهم الشرعي خمسون وخمسا حبة شعير ‪ ,‬وهو‬
‫قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة ‪0‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬إن وزن الدرهم الشرعي سبعون حبة شعير‪ ,‬وهو قول‬
‫الحنفية ‪ ,‬ولم أقف على أدلة للفريقين ‪ ,‬إال أن اْلرجح هو رأي الجمهور ؛‬
‫وذلك لموافقة ذلك لما وجد من دنانير قديمة كما سيأتي بيانه ‪ ,‬ويمكن الجمع‬
‫بين القولين بأن وزن الدرهم يتراوح ببينهما الختالف حبة الشعير ‪ ,‬وأما‬
‫اختالفهم في أنواع الدراهم ‪ ,‬فقد ذهب بعض الباحثين المعاصرين ‪ ,‬كعلي‬
‫باشا مبارك ومحمود الخطيب إلى أن الدراهم نوعان ‪ :‬دراهم نقد ؛ ودراهم‬
‫كيل ‪ ,‬وال دليل َبيِّن على ذلك ‪ ,‬بل اْلظهر أنَّ الدرهم نوع واحد ‪ ,‬وهو‬
‫الدرهم النقدي الشرعي ‪ ,‬فإذا استعمل في المكاييل كان درهم كيل ‪ ,‬وإذا‬
‫استعمل في المعاوضات كان درهم نقد ‪ ,‬وقد أشار إلى ذلك أبو عبيد القاسم‬
‫بن سالم ‪ ,‬ولم ينص أحد من المتقدمين فيما وقفت عليه على خالف ذلك ‪,‬‬
‫وقد اختلف المعاصرون في زنة الدرهم بالجرام على أقوال أبرزها قوالن ‪:‬‬
‫القول األول ‪ :‬أن الدرهم الشرعي يعادل ‪ 2.90‬جرام ‪0‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬أن الدرهم الشرعي يعادل ‪ 3.10‬جرام ‪0‬‬
‫واْلرجح هو القول اْلول وذلك أنه أمكن الوقوف على وزن الدينار‬
‫الشرعي المتسكوك في الدولة اْلموية ‪ ,‬مع كون السبعة من الدنانير تساوي‬
‫عشرة دراهم فالنسبة بينهما سبعة إلى عشرة بال خالف وقد قام بعض‬
‫الباحثين بجمع الدنانير اإلسالمية المسكوكة في عهد عبد الملك بن مروان‬
‫من بعض المتاحف وذلك على النحو التالي ‪:‬‬
‫مجموع أوزانها‬
‫عدد الدنانير‬
‫اسم المتحف أو الكتالوج‬
‫‪ 4.2001‬جم‬
‫المتحف الفني اإلسالمي المصري ‪09.955 19‬جم‬
‫‪4.2600‬جم‬
‫‪ 410010‬جم‬
‫المتحف العراقي‬
‫‪ 4.2435‬جم‬
‫‪ 29.005 0‬جم‬
‫متحف لندن ود لجادو‬
‫‪ 4.2353‬جم‬
‫‪ 12.0063‬جم‬
‫كتالوجات متاحف أجنبية‬
‫‪16.9549‬‬
‫‪33139.430‬‬
‫المجموع‬
‫فمتوسط الدينار من هذه المتوسطة هو ‪ , 4.2306‬وبالتقريب يكون ‪:‬‬
‫‪ 4.24‬جرام ‪ ,‬ويكون وزن الدرهم بناء على ذلك ‪= 0.0 × 4.24‬‬
‫‪ , 2.960‬وبالتقريب يكون ‪ 2.90‬جرام ‪ ,‬وقد وافقت هذه النتيجة بعض‬
‫التجارب على حبات الشعير حيث بلغ وزن اثنتين وسبعين حبة شعير ممتلئ‬
‫ما يقارب ‪ , 4.25‬وهو وزن الدينار الشرعي ‪ ,‬وبما أن نسبة درهم النقد‬
‫‪100‬‬
‫الشرعي إلى مثقال النقد الشرعي هي ‪ 10 : 0‬فيكون وزن الدرهم ‪2.905‬‬
‫جرام ‪ ,‬وبالتقريب ‪ 2.90‬فيكون موافقا ً لما تقدم تقريبا ً ‪0‬‬
‫وقال الشيخ عبد هللا بن سليمان المنيع ‪ :‬ذهب الجمهور من المالكية ‪,‬‬
‫والشافعية ‪ ,‬والحنابلة ‪ ,‬وأبو يوسف من الحنفية ‪ ,‬إلى أن مقدار صاعه‬
‫صلى هللا عليه وسلم يساوي أربعة أمداد ‪ ,‬وكل مد يساوي رطل وثلث‬
‫بالبغدادي ‪ ,‬فيكون مقدار الصاع يساوي خمسة أرطال وثلث رطل ‪ ,‬وذهب‬
‫أبو حنيفة ومحمد بن الحسن إلى أن مقدار صاعه صلى هللا عليه وسلم‬
‫أربعة أمداد ‪ ,‬وكل مد رطالن ‪ ,‬فيكون مقدار الصاع ثمانية أرطال ‪0‬‬
‫مقدار الصاع بالمثاقيل ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬على رأي الجمهور ‪ :‬أن مقدار الصاع يساوي ( ‪ ) 5 3 \ 1‬رطل ‪,‬‬
‫فيكون مقدار الصاع بالمثاقيل يساوي ( ‪ 400 = ) 5 3 \ 1 × 90‬مثقاال ‪0‬‬
‫ثانيا ‪ :‬على رأي أبي حنيفة ‪ :‬أن مقدار الصاع يساوي ( ‪ ) 0‬أرطال ‪,‬‬
‫فيكون مقدار الصاع بالمثاقيل يساوي ‪ 020 = 0 × 91‬مثقاال ‪0‬‬
‫مقدار الصاع بالدراهم ‪:‬‬
‫أوال ‪ :‬على رأي المالكية والحنابلة ‪ :‬أن مقدار الصاع = ‪ 5 3 \ 1‬أرطال ‪,‬‬
‫فيكون مقدار الصاع بالدراهم = ‪ 602,66 = 5 3 \ 1 × 120‬درهما ‪0‬‬
‫ثانيا ‪ :‬على رأي الشافعية ‪ :‬أن مقدار الصاع = ‪ 5 3 \ 1‬أرطال ‪ ,‬فيكون‬
‫مقدار الصاع بالدراهم = ‪ 120 × 1/3 5 = 602.014 0/4‬درهما ‪,‬‬
‫ويكون مقدار الصاع باللتر= ‪ 2,05‬لترا ‪0‬‬
‫ثالثا ‪ :‬على رأي الحنفية ‪ :‬أن مقدار الصاع = ‪ 0‬أرطال ‪ ,‬فيكون مقدار‬
‫الصاع بالدرهم =‪ 1040 = 0 ×130‬درهما ‪ ,‬ويكون مقدار الصاع‬
‫بالجرامات = ‪ 3,296,0‬جراما ‪ ,‬ويكون مقدار الصاع باللتر =‬
‫‪ 4.120.30‬لتر ‪0‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬مقدار الصاع بالمقاييس الحديثة‬
‫قال الشيخ عبدهللا بن منصور الغفيلي ‪:‬‬
‫المسألة األولى ‪ :‬مقدار الصاع بوحدة قياس الوزن ( جرام ) ‪ ,‬وبنا ًء على‬
‫ما تقدم من وزن الدراهم يتبين لنا وزن المد النبوي بالجرام وذلك ‪ ,‬أن‬
‫الرطل يساوي ‪ 120 4/0‬درهما ً ‪ ,‬والمد يساوي رطل وثلث‪ ,‬فنعرف وزن‬
‫المد بالطريقة التالية ‪2090 × 0/4 120 × 1.3 = 500.05 :‬جرام ‪,‬‬
‫ولما كان الصاع يساوي أربعة أمداد ‪ ,‬علمنا أن وزنه يتبين بالطريقة التالية‬
‫‪ 500.05×4 = 2.035 :‬جرام ‪ ,‬أي كيلوان وخمس وثالثون جراما ً من‬
‫الحنطة الرزينة ‪ ,‬وقد ذهب بعض المعاصرين إلى أن وزن الصاع =‬
‫‪101‬‬
‫‪2103‬جرام وذلك اعتماداً على أن وزن الدرهم هو ‪ 3.10‬جرام كما تقدم‬
‫بيانه ور َّد ‪ ,‬وذهبت هيئة كبار العلماء في السعودية إلى أن الصاع = ‪600‬‬
‫جرام وذلك بنا ًء على أن المد ملء كفي الرجل المعتاد ‪ ,‬وكان تحقيق وزن‬
‫المد لديهم هو‪ 650‬جرام تقريبا ً فيكون الصاع ‪ 2600 = 4 × 650‬جرام‬
‫وبه صدرت الفتوى ‪ ,‬إال أنه يشكل على ذلك تفاوت اْليدي تفاوتا ً كبيراً ‪,‬‬
‫مع تفاوت المادة المكيلة أيضا ً ‪ ,‬مما يدفع للنظر في طريقة أدق مع تحديد‬
‫نوع المكيل أيضا ً ‪0‬‬
‫ومما تقدم يتبيَّن أن اْلرجح هو القول اْلول الذي حدد وزن الصاع بـ‬
‫‪ 2035‬جراما ً أي كيلوان وخمسة وثالثون جراما ً ‪0‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬معرفة مقدار الصاع بوحدة قياس الحجم ( المللِّتر ) ‪,‬‬
‫تقدم تقدير الصاع بالوزن بوحدة قياس الكتلة والثقل وهي ( الجرام ) ‪ ,‬مع‬
‫كون الصاع يقوم على قياس الحجم ‪ ,‬إال أن الفقهاء صنعوا ذلك لعدم وجود‬
‫مقياس يمكن به قياس المكيل وضبطه ‪ ,‬وقد استخدم وحدة قياس للحجم‬
‫وهي ( اللتر ) ‪ ,‬مما يحقق نتائج أدق من القياس بالجرام ‪ ,‬وإن كنا سنحتاج‬
‫إلى نتيجة الوزن ؛ لمعادلتها بقياس الحجم في إحدى الطرق االستنتاجية ؛‬
‫ولذا فإنه يمكن معرفة النصاب باللتر في أحد الطرق التالية ‪:‬‬
‫الطريقة األولى ‪ :‬تحديد حجم الصاع بالمللتر عن طريق قياس حجم وزنه‬
‫بالجرام ؛ وهو ( ‪ 2.035‬جرام ) من الحنطة الجيدة المتوسطة ‪ ,‬وقد قام‬
‫الباحث خالد السرهيد بوزن ذلك بإناء يقيس الحجم في إدارة المختبرات‬
‫التابعة لهيئة المواصفات والمقاييس كانت النتيجة (‪ )2430‬مللتر من البر‬
‫الجيد المتوسط ‪ ,‬أي لتران وأربعمائة وثالثين مليلتر ‪0‬‬
‫الطريقة الثانية ‪ :‬قياس حفنة الرجل المعتدل الخلقة ‪ :‬فقد قام بعض‬
‫الباحثين في الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس بقياس حفنة‬
‫أربعين رجالً معتدل الخلقة ‪ ,‬فكان المتوسط هو ‪ 620‬مليلتراً ‪ ,‬وهو ما‬
‫يعادل م َّداً فيكون الصاع ‪ , 2512 = 4 × 620‬فيكون الفارق بين هذا‬
‫الطريق والذي قبله ‪ 02‬مليلتراً ‪ ,‬وهو فارق ليس كبيراً ‪ ,‬ال سيما مع‬
‫صعوبة التحديد الدقيق لوزن الصاع وحجمه ‪0‬‬
‫الطريقة الثالثة ‪ :‬قياس حجم الصاع بالوقوف على أصواع أو أمداد نبوية‬
‫أثرية من عصور متقدمة ‪ ,‬فلمّا لم يكن ذلك ‪ ,‬تيسرت لي إجازة مد نبوي ‪,‬‬
‫حيث عدلت حجم مدي بمد شيخي ‪ ,‬وعدل هو مده بمد شيخه ‪ ,‬وهكذا عدل‬
‫كل واحد في اإلسناد مُده بمد شيخه حتى ُعدِل المد بمد زيد بن ثابت ‪ ,‬الذي‬
‫كان يؤدي به الفطر للرسول صلى هللا عليه وسلم ‪ ,‬وبمعايرة المد الموجود‬
‫‪102‬‬
‫لديَّ بالماء في إدارة مختبرات هيئة المواصفات والمقاييس تبين أن سعته‬
‫هي ‪ 006‬مللتراً ‪ ,‬فيكون حجم الصاع ‪ 3144 = 4 × 006‬مليلتراً ‪,‬‬
‫ويكون الفرق بينه وبين الطريق الذي قبله ‪ 632‬مليلتراً ‪ ,‬كما أن بينه وبين‬
‫الطريق اْلول ‪ 014‬مليلتر ‪ ,‬وهو فارق ليس يسيراً ‪ ,‬ويكون النصاب بنا ًء‬
‫على النتيجة اْلولى ‪ 943,200‬لتراً ‪ ,‬وقد وجدت أمداد أخرى مسندة إال أن‬
‫الفارق بينها وبين المد المذكور ليس كبيراً ‪ ,‬فيشكل على هذا الطريق‬
‫التفاوت الكبير بينه وبين الطرق اْلخرى ‪ ,‬السيما مع تطرق الخطأ في‬
‫صناعة اْلمداد ومعادلتها ‪ ,‬حيث يتكرر ذلك أكثر من عشرين مرة تقريبا ً ‪,‬‬
‫مما ينتج عنه زيادة أو نقص في اْلمداد بال شك ‪ ,‬ال سيما مع عدم توفر‬
‫المقاييس في العصور السابقة ‪0‬‬
‫ولذا فإن اْلخذ بنتيجة هذا الطريق يكون متى غلب على الظن سالمة اْلمداد‬
‫من التفاوت الكبير‪ ,‬كما لو وجد أحد اْلمداد أو اْلصواع يرجع إلى زمن‬
‫قديم ‪ ,‬وتأكد لنا من إسناده ودقة رجاله ‪ ,‬أمَّا واْلمر كذلك فالذي يظهر لي‬
‫اْلخذ بالطريقين اْلوليين ‪ ,‬وأد ُّقهما هو الطريق اْلول ‪ ,‬وبه يتحقق اليقين‬
‫لكونه اْلقل ‪ ,‬مع أن اْلمر على التقريب ال على التحديد ‪ ,‬ذلك أنه ال يمكن‬
‫ضبط الصاع النبوي على التحديد لعدم وجوده بعينه ‪ ,‬أما وزنه ثم نقله فإنه‬
‫ال يسلم من التفاوت مهما دق الموزن وتماثل ‪ ,‬كما أن الحسابات مهما بلغت‬
‫فال بد فيها من الخلل نتيجة اختالف المآخذ واْلقيسة وهذا هو الموافق‬
‫لمقاصد الشريعة القائمة على التيسير والذي يتأكد مراعاته هنا ال سيما مع‬
‫قوله صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬إ َّنا أمة أمية ال نكتب وال نحسب ‪ ,‬فما كان من‬
‫جنس تلك المسائل ‪ ,‬وشق ضبطه على التحديد فيكون اْلمر فيه على‬
‫التقريب ‪ ,‬وال يعني ذلك التفريط بل يجب االجتهاد في الوصول للحق مع‬
‫عدم اطراح التقادير اْلخرى ‪ ,‬السيما المقاربة والقائمة على أساس معتبر ‪0‬‬
‫وقال الشيخ عبد هللا بن سليمان المنيع ‪ :‬قال اْلستاذ أحمد الدريويش نقال عن‬
‫صاحب كتاب الميزان في اْلقيسة واْلوزان ‪ :‬أنه توصل بعد بحث عميق‬
‫ودقيق في هذا الموضوع إلى أن وزن المثقال الذي قدر به الرطل البغدادي‬
‫يساوي ‪ 4,53‬جراما ‪ ,‬وأن الدرهم بناء عليه يساوي ‪ 3,10‬جراما ‪ ,‬وعليه‬
‫فإن مقدار وزن الصاع بالجرامات باعتبار أن وزن المثقال = ‪ 4,53‬جراما‬
‫يكون = ‪ 4 ,2104 = 4,53 × 400‬جراما أي ‪ 2105‬جراما تقريبا ‪,‬‬
‫ويكون مقدار وزن الصاع بالجرامات باعتبار أن وزن الدرهم = ‪3,10‬‬
‫جراما يكون = ‪ 2103,0 = 3,10 ×605,014‬جراما تقريبا ‪ ,‬وقد بحثت‬
‫هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية مقدار الصاع بالكيلو جرام‬
‫‪103‬‬
‫وكان بحثها معتمدا على أن صاع رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أربعة‬
‫أمداد ‪ ,‬وأن المد ملء كفي الرجل المعتدل ‪ ,‬وكان منها تحقيق عن مقدار‬
‫ملء كفي الرجل المعتدل ‪ ,‬وتوصل هذا التحقيق إلى أن مقدار ذلك قرابة‬
‫‪ 650‬جراما للمد ‪ ,‬فيكون مقدار الصاع ‪ 2600‬جرام ‪ ,‬وفيما يؤيد ما اتجه‬
‫إليه مجلس هيئة كبار العلماء في تقدير الصاع ما ذكره الدكتور محمد‬
‫الخاروف أن المقريزي ذكر عن الشيخ العزفي ما نصه ‪ :‬جربنا هذا المد‬
‫المعتمد بالحفنات واْلكف المختلفات فوجدناه بالكفين العريضين تزيد عليه ‪,‬‬
‫ووجدناه بالكفين الرقيقين المتوسطين كفوا له ‪ ,‬والذي عليه العمل والفتوى‬
‫حسب ما صدر من سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد هللا بن باز‬
‫رحمه هللا مفتي عام المملكة ‪ ,‬وكذلك الفتوى الصادرة من اللجنة الدائمة‬
‫بالرئاسة العامة إلدارات البحوث العلمية واإلفتاء برقم ‪ 12502‬أن الصاع‬
‫النبوي مقداره ‪ 3‬كيلو تقريبا ‪0‬‬
‫عدد ورده في القرآن‬
‫قال تعاىل ( قالوا نفقد صواع امللك وملن جاء به محل بعري وأنا به‬
‫زعيم ) سورة يوسف ‪ -‬سورة ‪ - 21‬آية ‪21‬‬
‫ثانيا ‪ :‬القنــــــــطار‬
‫قال الهروي ‪ :‬القنطار عند العرب المال الكثير ‪ ,‬وقال القاضي عياض ‪:‬‬
‫أصله في لسان العرب ‪ :‬الجملة الكثيرة من المال ‪ ,‬وقال في لسان العرب ‪:‬‬
‫القنطار معيار كيل وزنه أربعون أوقية من ذهب ‪ ,‬وفي الموسوعة ويكيديا‬
‫‪ :‬اسم لمعيار يوزن ‪ ,‬كما هو الرطل والربع ‪ ,‬ويقال لما بلغ ذلك الوزن ‪:‬‬
‫هذا قنطار أي يعدل القنطار ‪ ,‬وقيل القنطار هو العقدة الكبيرة من المال ‪,‬‬
‫وقال صاحب لسان العرب ‪ :‬قنطر ‪ :‬ال َق ْن َطرة معروفة ال ِجسْ ُر قال اْلَزهري‬
‫هو أَ َز ٌج يبنى باآل ُج ّر أَو بالحجارة على الماء يُعْ َب ُر عليه قال َط َر َف ُة ك َق ْن َط َر ِة‬
‫الرُّ ومِيِّ أَ ْق َس َم َربُّها لَ ُت ْك َت َن َفنْ حتى ُتشادَ ِب َقرْ َم ِد وقيل ال َق ْن َطرة ما ارتفع من‬
‫البنيان و َق ْن َط َر الرج ُل ترك ال َب ْد َو وأَقام باْلَمصار والقُ َرى وقيل أَقام في أَيّ‬
‫موضع قام وال ِق ْنطا ُر ِمعْ يا ٌر قيل َو ْزنُ أَربعين أُوقية من ذهب ويقال أَلف‬
‫ومائة دينار وقيل مائة وعشرون رطالً وعن أَبي عبيد أَلف ومائتا أُوقية‬
‫‪104‬‬
‫وقيل سبعون أَلف دينار وهو بلغة َبرْ َبر أَلف مثقال من ذهب أَو فضة وقال‬
‫ابن عباس ثمانون أَلف درهم وقيل هي جملة كثيرة مجهولة من المال وقال‬
‫ال ُّس ِّديّ مائة رطل من ذهب أَو فضة وهو بالسُّريانية مِل ُء َمسْ ك َث ْور ذهبا ً أَو‬
‫ير ال ُم َق ْن َطر ِة ‪,‬‬
‫فضة ومنه قولهم َقناطِ ي ُر ُم َق ْن َطر ٌة وفي التنزيل العزيز وال َقناطِ ِ‬
‫وقال الشيخ عبد هللا بن سليمان المنيع ‪ :‬القنطار معيار ‪ ,‬وجمعه قناطير ‪,‬‬
‫القنطار ‪ :‬هو العقدة الكبيرة من المال ‪ ,‬وقيل ‪ :‬هو اسم للمعيار الذي يوزن‬
‫به كما هو الرطل والربع ‪ ,‬قال الزجاج ‪ :‬القنطار مأخوذ من عقد الشيء‬
‫وإحكامه ‪ ,‬وقال األستاذ أحمد محمد جواد محسن ‪ :‬يُعد القنطار من أكثر‬
‫المصطلحات اختالفا ً عند العرب ‪ ,‬من ناحية المعنى والداللة ‪ ,‬فمرة يأتي‬
‫بمعنى وحدة وزن ‪ ,‬وأخرى وحدة نقد ‪ ,‬وثالثة يأتي للكثرة من المال ‪,‬‬
‫والذهب والفضة وغيرها ‪ ,‬ورابعة ليدل على الحمولة ‪ ,‬مثالً ملئ جلد ثور‬
‫أو بقرة ‪ ,‬ذهبا ً أو فضة ‪ ,‬ويظهر من اختالف المفسرين وسائر العلماء في‬
‫مقدار القنطار أن العرب ال تحد القنطار بمقدار معلوم من الوزن ‪ ,‬ولكنها‬
‫تقول هو قدر ووزن ‪ ,‬فالقنطار كوحدة وزن ‪ ,‬لم يكن له مقدار محدد عند‬
‫العرب منذ الجاهلية ‪ ,‬كما تشير إلى ذلك معاجم اللغة والروايات التاريخية ‪,‬‬
‫ولهذا فقد ذكروا له أوزان كثيرة مختلفة ‪ ,‬فمثالً ‪ :‬هو وزن أربعين أوقية من‬
‫ذهب ‪ ,‬أو ألف ومائتا دينار ‪ ,‬أو مائة وعشرون رطالً ‪ ,‬أو مائة مثقال ‪ ,‬أو‬
‫جلد ثور ذهبا ً أو فضة وقيل هي جملة كبيرة مجهولة من المال ‪ ,‬والقنطار‬
‫يساوي من حيث اْلساس مئة رطل وفي بعض اْلحيان يساوي مئة َمنْ ‪,‬‬
‫غير أن القنطار يساوي اآلن مئة رطالً في الواليات المتحدة ‪ ,‬ومئة واثنا‬
‫عشر رطالً في بريطانيا ‪ ,‬ومئة كيلو غراما ً في فرنسا ويسمى القنطار‬
‫المتري ‪ ,‬وغالبا ً ما يرتبط القنطار بوزن الذهب ‪0‬‬
‫القنطار من أصول سريانية ويعني مائة رطل من ذهب أو فضة ويطلق‬
‫عليه قنطيرا ‪ ,‬وهو مأخوذ من اليونانية وتعني وزن مئة رطل ‪ ,‬والكلمة‬
‫أصالً التينية ‪ ,‬ويبدو أن العرب منذ الجاهلية أخذوا الكلمة من السريان أو‬
‫الروم ثم دخلت الكلمة العربية في اللغة اإلسبانية ومن اإلسبانية انتقلت إلى‬
‫اإلنجليزية‪0‬‬
‫مقدار القنطار‬
‫ففي الموسوعة ويكيديا ‪ :‬قال ابن عطية ‪ :‬اختلف الناس في تحديده ‪ ,‬فروى‬
‫أبى بن كعب عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال ‪ :‬القنطار ألف ومائتا‬
‫أوقية ‪ ,‬وقال بذلك معاذ بن جبل ‪ ,‬وعبد هللا بن عمر ‪ ,‬وأبو هريرة ‪,‬‬
‫وعاصم بن أبى النجود ‪ ,‬وجماعة من العلماء ‪ ,‬وهو أصح اْلقوال ‪ ,‬وعلى‬
‫‪105‬‬
‫هذا القول جرى كثير من الباحثين ‪ ,‬وروى أبو هريرة عن النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم قال ‪ :‬القنطار أثنا عشر ألف أوقية خير مما بين السماء واْلرض‬
‫‪ ,‬وبناء على ما صححه ابن عطية وغيره ‪ :‬فمقدار القنطار عند الحنفية ‪:‬‬
‫(‪ )149,06 = 124,0 × 200‬كيلو جرام ‪ ,‬وعند الجمهور ‪× 1200( :‬‬
‫‪ ) 142,0 = 119‬كيلو جرام ‪0‬‬
‫قال الشيخ عبد هللا بن سليمان المنيع ‪ :‬اختلف العلماء في تحرير حده كم‬
‫هو ‪ ,‬على أقوال ‪ :‬فقيل هو ألف أوقية ‪ ,‬قال بذلك‪ :‬معاذ بن جبل ‪ ,‬وابن‬
‫عمر ‪ ,‬وأبو هريرة ‪ ,‬وجماعة من العلماء ‪ ,‬قال ابن عطية ‪ :‬وهو أصح‬
‫اْلقوال ‪ ,‬لكن القنطار على هذا يختلف باختالف البالد في قدر اْلوقية ‪,‬‬
‫وقيل ‪ :‬اثنا عشر ألف أوقية ‪ ,‬وقيل غير ذلك ‪ ,‬والذي يظهر ويترجح أن‬
‫القنطار هو ما جاء النص في مقداره بأنه اثنتا عشرة ألفا أوقية ‪ ,‬وحيث إن‬
‫اْلوقية = ‪ 120‬جراما فيكون مقدار القنطار بالجرامات = ‪× 12000‬‬
‫‪ 1524000 =120‬جراما ‪ ,‬أي ‪ 1524‬كيلو جراما ‪0‬‬
‫عدد وردود القنطار في القرآن‬
‫وردت لفظة القنطار يف آيات ثالث من القرآن الكريم‬
‫قال تعاىل ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِنيَ وَالْقَنَاطِريِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ‬
‫وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَاألَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ‬
‫) آل عمران ‪21‬‬
‫قال تعاىل ( وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ الَّ‬
‫يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِالَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي األُمِّيِّنيَ سَبِيلٌ ويَقُولُونَ‬
‫عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) آل عمران ‪22‬‬
‫قال تعاىل ( وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَالَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ‬
‫شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) النساء ‪12‬‬
‫‪106‬‬
‫ثالثا ‪ :‬املثـــــــقال‬
‫قال الشيخ عبد هللا بن سليمان المنيع ‪ :‬المثقال وزن معلوم قدره ‪ ,‬وجمعه‬
‫مثاقيل ‪ ,‬ومعنى مثقال ذرة أي وزن ذرة ‪ ,‬وزنة المثقال هو ‪ :‬درهم وثالثة‬
‫أسباع درهم ‪ ,‬وكل سبعة مثاقيل يساوي عشرة دراهم ‪ ,‬وقد ذكر اْلستاذ‬
‫محمد الدريويش ‪ :‬أن وزن المثقال الذي قدر به الرطل البغدادي يساوي‬
‫‪ 4,53‬جراما ‪ ,‬وأن الدرهم بناء عليه يساوي ‪ 3,10‬جراما ‪ ,‬فيكون وزن‬
‫المثقال = ‪ 4,52 = 3,10× 1 0 \ 3‬جراما تقريبا ‪ ,‬وقال األستاذ أحمد‬
‫محمد جواد محسن ‪ :‬ورد المثقال في اللغة العربية بمعنيين مختلفين ‪:‬‬
‫األول ‪ :‬كمقدار ووزن ‪0‬‬
‫الثاني ‪ :‬كوحدة وزن صغيرة ‪0‬‬
‫فالمثقال بالمعنى اْلول هي من ثقل ‪ ,‬كما يقول ابن منظور في لسان العرب‬
‫‪ ,‬وهو في اْلصل مقدار من الوزن ‪ ,‬أي شيء كان قليل أو كثير ‪ ,‬ويبدو أن‬
‫العرب في الجاهلية وصدر اإلسالم كانوا يستخدمون المثقال بمعنى وزن‬
‫الشيء ‪ ,‬كما جاء في آيات كثيرة في القرآن الكريم واصفا ً وزن اْلشياء‬
‫الصغيرة ( أي مثقالها ) بالبذرة أو حبة خردل ‪0‬‬
‫أما المعنى الثاني للمثقال ‪ ,‬فهو وحدة وزن صغيرة ‪ ,‬توزن بها اْلشياء‬
‫النفيسة كالذهب والفضة واللؤلؤ والعطور والعنبر والمسك ‪0‬‬
‫والمثاقيل جمع مثقال ‪ ,‬وإذا جاءت بصيغة بالمثاقيل فإنها تعني قلة اْلشياء‬
‫وقيمتها العالية إذ أن وزنها أصبح يقاس بالمثاقيل ‪ ,‬وذلك ْلنها نفيسة‬
‫وغالية ‪ ,‬ويشتري الناس منها كميات صغيرة جداً ‪ ,‬أما زنة المثقال ‪ ,‬فهو‬
‫درهم واحد وثالثة أسباع درهم وهو بالنسبة إلى رطل مصر عُشر عشر‬
‫رطل ‪ ,‬والمثقال صار في عرف العرب اسما ً للدينار ‪ ,‬وتحدد وزنه في‬
‫العصر اْلموي على يدي الخليفة عبد الملك بن مروان بعد إصالحه للسكة‬
‫اإلسالمية ‪ ,‬إذ جعل المثقال أي الدينار يزن ‪ 4,25‬غرام ‪ ,‬و َت ّم ضبط وزنه‬
‫عن طريق الصُنج الزجاجية ‪ ,‬وال زال المثقال يستخدم حتى اآلن ‪ ,‬في‬
‫بعض البلدان كالعراق لوزن الذهب ‪ ,‬إذ يساوي أربعة غرامات ‪ ,‬وأصل‬
‫المثقال ‪ ,‬من اْللفاظ المعربة عن اإلرمية ‪ ,‬إذن يمكن أن نستنتج أن المثقال‬
‫استخدمه العرب في البداية بمعنى الوزن ‪ ,‬ثم بعد ذلك دخل بمعنى جديد‬
‫وأصبح أحد أدوات الوزن ‪ ,‬باإلضافة إلى معناه اْلصلي أي المقدار والوزن‬
‫‪ ,‬غير أن مصطلح مثقال بمعنى الوزن ال أحد يستخدمه اآلن ‪ ,‬وإنما يقال‬
‫عوضا ً عنه ثقل الشيء ال مثقال الشيء ‪0‬‬
‫‪100‬‬
‫عدد ورود المثقال في القرآن‬
‫قال تعاىل ( إن اهلل ال يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا‬
‫عظيما ) سورة النساء ‪12‬‬
‫قال تعاىل ( وما تكون يف شان وما تتلو منه من قران وال تعملون من عمل اال كنا‬
‫عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة يف األرض وال يف‬
‫السماء وال اصغر من ذلك وال اكرب اال يف كتاب مبني ) يونس ‪22‬‬
‫قال تعاىل ( ونضع املوازين القسط ليوم القيامة فال تظلم نفس شيئا وان كان مثقال‬
‫حبة من خردل أتينا هبا وكفى بنا حاسبني ) األنبياء ‪12‬‬
‫قال تعاىل ( وقال الذين كفروا ال تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عامل الغيب ال‬
‫يعزب عنه مثقال ذرة يف السماوات وال يف األرض وال اصغر من ذلك وال اكرب اال يف‬
‫كتاب مبني ) سبأ ‪4‬‬
‫قال تعاىل ( قل ادعوا الذين زعمتم من دون اهلل ال ميلكون مثقال ذرة يف السماوات وال‬
‫يف األرض وما هلم فيهما من شرك وما له منهم من ظهري ) سبأ ‪11‬‬
‫قال تعاىل (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي‬
‫السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي األَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِريٌ) سورة لقمان ‪22‬‬
‫‪100‬‬
‫رابعا ‪ :‬الدرهــــــــم‬
‫الدرهم من الموازين ‪ ,‬يعادل أربع حبّات من الحمص ‪0‬‬
‫ففي الموسوعة ويكيديا ‪ :‬هو اسم ما لما ضرب من فضة على شكل‬
‫مخصوص وهي وحدة نقدية من مسكوكات الفضة ‪ ,‬معروفة الوزن ‪,‬‬
‫وأصل كلمة درهم أعجمية عربت من اليونانية وهي كلمة دراخما المشتقة‬
‫من الفعل دراتو بمعنى التقط ‪ ,‬ويقابلها دراخم ‪0‬‬
‫الدرهم ‪ :‬وحدة من وحدات السِّكة الفضية ‪ ,‬وقد اش ُتق اسمه من ْ‬
‫الدراخمة‬
‫اليونانية ‪ ,‬وقد عرفه العرب عن طريق معامالتهم التجارية مع اْلقاليم‬
‫الشرقية التي كانت تتبع قاعدة الفضة في نظامها النقدي ‪ ,‬وعلى ذلك اتخذت‬
‫من الدرهم الفضة نقدها الرئيسي الشكل المتداول وقتها ‪ ,‬وفي جاء في‬
‫فارسِ يّ ُم َعرَّ بٌ م ُْل َح ٌق ببناء كالمهم‪,‬‬
‫لسان العرب ‪ :‬ال ِّدرْ َه ُم وال ِّدرْ ِه ُم‪ :‬لغتان ‪ِ ,‬‬
‫كهجْ َر ٍع ‪ ,‬و ِدرْ ِه ٌم ‪ ,‬بكسر الهاء ‪ ,‬ك ِح ْف ِر ٍد ‪ ,‬وقالوا في تصغيره‬
‫ف ِدرْ َه ٌم ِ‬
‫ُد َري ِْهيم ‪ ,‬شاذة ‪ ,‬كأ َ َّنهم َح َّقرُوا ِدرْ هاما ً ‪ ,‬وإن لم يتكلموا به ؛ هذا قول سيبويه‬
‫‪ ,‬وحكى بعضهم ِدرْ هام ‪ ,‬قال الجوهري ‪ :‬وربما قالوا ِدرْ هام ؛ وجمع‬
‫ال ِّدرْ َه ِم َدرا ِه ُم ؛ ابن سيده ‪ :‬وجاء في تكسيره ال َّدراهِي ُم ؛ ورجل ُم َدرْ َه ٌم ‪,‬‬
‫وال فعل له ‪ ,‬أَي كثير ال َّدراه ِِم ؛ حكاه أَبو زيد ‪ ,‬قال ‪ :‬ولم يقولوا ُدرْ ِه َم ؛‬
‫قال ابن جنتي ‪ :‬لكنه إذا وجد اسم المفعول فالفعل حاصِ ٌل ‪ ,‬وفي القاموس‬
‫المحيط ‪ :‬ال ِّدرْ َه ُم ‪ ,‬كم ْن َب ٍر و ِمحْ را ٍ‬
‫ور ُج ٌل‬
‫ب وجمعه ‪َ :‬درا ِه ُم و َدراهي ُم ‪َ ,‬‬
‫الهاء ‪ :‬كثيرُها ‪ ,‬وال َتقُ ْل ‪ُ :‬درْ ِه َم ‪ ,‬لك َّن ُه إذا وُ ِج َد اسْ ُم ال َم ْفعول‬
‫بفتح‬
‫ِ‬
‫ُم َدرْ َه ٌم ‪ِ ,‬‬
‫صحّاح في اللغة ‪ :‬ال ِدرْ َه ُم فارسيّ معرّب ‪ ,‬وكسر‬
‫‪ ,‬فال ِفعْ ُل حاصِ ٌل ‪ ,‬وفي ال ّ‬
‫هام‬
‫الهاء لغة‪ ,‬وربَّما قالوا ِدرْ ها ٌم ‪ ,‬وجمع ال ِدرْ َه ِم َدرا ِه ُم ‪ ,‬وجمع ال ِدرْ ِ‬
‫َدراهي ُم ‪ ,‬وقال األستاذ أحمد محمد جواد محسن ‪ :‬اشتهر الدرهم دون سواه‬
‫من الوحدات ‪ ,‬بمعناه المزدوج ‪ ,‬فهو من ناحية ‪ ,‬قطعة نقد تجارية ‪ ,‬ومن‬
‫ناحية أخرى وحدة وزن صغيرة ‪ ,‬غير أن المعروف عنه والشائع منذ‬
‫العصر الجاهلي وما قبله ‪ ,‬أنه قطعة نقد ‪ ,‬وسبب هذه االزدواجية التي‬
‫ذكرناها في الطبيعة العملية للدرهم يعود سببها إلى أن اْلمم القديمة كانت‬
‫تستخدم عمالت المعادن الثمينة كوزن أيضا ً للبضاعة في التعامالت‬
‫التجارية باْلسماء ذاتها ‪ ,‬ومعنى الدرهم هو اسم لمضروب مدور من‬
‫الفضة ‪ ,‬وكان في أصل وضعه وزنا ً ثقله خمسون دانقا ً وبه سميت القطعة‬
‫من الفضة ْلن وزنها كان درهما ً من الفضة ‪ ,‬وقد اختلفت قيمة الدرهم‬
‫باختالف اْلزمان والبلدان ‪ ,‬وقد زاد استخدام الدرهم كوحدة وزن في‬
‫‪109‬‬
‫العصور اإلسالمية المختلفة ‪ ,‬أما عن أصل الدرهم ‪ ,‬فمعظم المصادر تشير‬
‫إلى أن اسمه قد اش ُت ّق من الدراخمة اليونانية ‪ ,‬وعن استعماله في المعامالت‬
‫المالية فقد استعاره العرب من الفرس ‪ ,‬وعربوه وربما قالوا درهام ‪ ,‬وهو‬
‫أصالً من اليونانية ( درخمي ) وهو بالفارسية الحديثة درم وبالفهلوية درم‬
‫‪ ,‬ودرخم ‪ ,‬ودرهم ويبدو أنه دخل العربية من الفهلوية وعرب من الصيغة‬
‫اْلخيرة ‪ْ ,‬لن الدراهم وكذلك الدنانير كانت مضروبة وتأتي من بالد فارس‬
‫‪ ,‬وأن درهم الكيل بوصفه وزن دقيق للبضاعة ينبغي تمييزه تمييزاً أساسيا ً‬
‫من وزن الدرهم الفضي زد على ذلك أنه يتعذر على المرء في أحيان كثيرة‬
‫أن يعرف ما إذا كان اْلمر بالنسبة للدرهم المعني يتعلق بوزن عملة أو‬
‫وزن بضاعة ‪ ,‬ووزن درهم الكيل هو ‪ 3,0090‬غراما ً ووزن درهم الفضة‬
‫القديم ‪ 2,90‬غراما ً ‪0‬‬
‫الدرهم النبوي‬
‫الدرهم النبوي يساوي ‪ :‬جرامين من الفضة و ‪ 905‬على اْللف من الجرام‬
‫أي بالتقريب يساوي ثالثة جرامات من الفضة ‪ ,‬قال ابن خلدون في مقدمته‬
‫‪ :‬فاعلم أن اإلجماع منعقد منذ صدر اإلسالم وعهد الصحابة والتابعين ‪ :‬أن‬
‫الدرهم الشرعي هو الذي تزن العشرة منه سبعة مثاقيل من الذهب ‪,‬‬
‫واْلوقيَّة منه ‪ :‬أربعين درهما ً ‪ ,‬وهو على هذا سبعة أعشار الدينار ‪ ,‬وهذه‬
‫المقادير كلها ثابتة باإلجماع ‪ ,‬وكان الدينار في عهد النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم يعادل ( ‪ ) 12‬درهما ً ‪ ,‬والدينار يزن ‪ :‬أربعة جرامات وربع من‬
‫الذهب ‪ ,‬والدرهم عند الحنفية يساوي ‪ 3.125‬غرام وعند الجمهور يساوي‬
‫‪ 2.905‬غرام ‪0‬‬
‫عدد ورود الدرهم في القرآن‬
‫قال تعاىل ( وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ ) سورة يوسف ‪12‬‬
‫خامسا ‪ :‬ديـــــــنار‬
‫الدينار ً‬
‫لغة هو اسم للقطعة من الذهب المضروبة بالمقدار بالمثقال ‪,‬‬
‫والدينار هو المثقال من الذهب ‪ ,‬ومقدار الدينار باالتفاق (‪ ) 4,25‬جراما ً ‪,‬‬
‫لقد كتبت الصحفية نسرين الضمور عن ضرب النقود في اْلردن ‪ ,‬مقاال‬
‫في جريدة الرأي اْلردنية ‪ ,‬في العدد الصادر اليوم ‪ ,‬الخميس الموافق‬
‫‪ 2005/00/10‬قالت فيه ‪ :‬اْلصل التاريخي لكلمة دينار‪ ,‬يعود إلى اللفظ‬
‫‪110‬‬
‫اليوناني الالتيني ديناريوس ‪ ,‬وكان يطلق على العملة الذهبية ثم الفضية في‬
‫اإلمبراطورية الرومانية القديمة ‪ ,‬ثم حدث تحريف لهذا اللفظ في‬
‫اإلمبراطورية البيزنطية ‪ ,‬فأصبح يسمى الدينر ‪ ,‬وعندما أشرق اإلسالم‬
‫على أرض الجزيرة العربية ‪ ,‬لم يكن للعرب نقود خاصة بهم ‪ ,‬فكانوا‬
‫يتعاملون بالنقود الذهبية للدولة البيزنطية ‪ ,‬والنقود الفضية للدولة الفارسية‬
‫‪ ,‬وبعد اكتمال واستقرار الدولة العربية اإلسالمية ‪ ,‬ظهرت الحاجة إلى‬
‫عملة إسالمية ‪ ,‬فبدأ الخليفة عبد الملك بن مروان ‪ ,‬تعريب النقود تدريجيا ‪,‬‬
‫واستفاد من مراكز ضرب وتصنيع النقود في مصر والشام والعراق ‪,‬‬
‫فظهرت أوال تحمل صورة اإلمبراطور البيزنطي هرقل ‪ ,‬مع حذف‬
‫الشارات المسيحية ‪ ,‬ثم استبدل بها صورته ‪ ,‬وأضاف عبارات عربية عليها‬
‫‪ ,‬واكتمل التعريب للدينار في الدولة اإلسالمية ‪ ,‬عام ‪693‬م ‪ ,‬حيث ظهر‬
‫أول دينار عليه الكتابة العربية بالخط الكوفي ‪ ,‬وكتب عليه ( ال إله إال هللا‬
‫وحده ال شريك له ‪ ,‬محمد رسول هللا ) ‪ ,‬وظل الدينار العربي اإلسالمي ‪,‬‬
‫يضرب أي يصنع ‪ ,‬في مصر ‪ ,‬حتى عام ‪1430‬م ‪ ,‬ومع توسع‬
‫اإلمبراطورية العثمانية ‪ ,‬انتشر الدينار في عدد من دول العالم ‪ ,‬وال يزال‬
‫الدينار ‪ ,‬هو وحدة العملة في يوغوسالفيا ‪ ,‬رغم تفكك أوصالها ‪ ,‬وجاء في‬
‫موقع ويكيديا ‪ :‬الدينار اإلسالمي الذهبي هي عملة معدنية مسكوكة من‬
‫ك‬
‫الذهب ‪ ,‬كان الدينار يصكه الروم البيزنطيون ‪ ,‬وأول دينار إسالمي ُس ّ‬
‫بأمر من عبد الملك بن مروان في عصر الدولة اْلموية ‪ ,‬واستمر يُسك من‬
‫قبل كل خليفة حتى انتهى مع إنهاء الخالفة العثمانية عام ‪1910‬م ‪ ,‬كانت‬
‫تسك بوزن ‪ 4,25‬غرام ‪ ,‬الدينار كما في لسان العرب ‪ :‬فارسي ُم َعرَّ بٌ ‪,‬‬
‫وأَصله ِد َّنا ٌر ‪ ,‬بالتشديد ‪ ,‬بدليل قولهم َدنانِير و ُد َن ْينِير فقلبت إِحدى النونين ياء‬
‫َّال ‪ ,‬إِالَّ أَن يكون بالهاء فيخ ّرج‬
‫لئالَّ يلتبس بالمصادر التي تجيء على ِفع ٍ‬
‫َ َ‬
‫اإللتباس ‪ ,‬ولذلك جمع‬
‫على أَصله مثل ال ِّ‬
‫ص َّن َ‬
‫ار ِة وال ِّد َّنا َمة ْلنه أمن اآلن من ِ‬
‫على دنانير‪ ,‬ومثله قِيراط ودِيباج وأَصله ِدبَّا ٌج ‪ ,‬قال أَبو منصور ‪ :‬دينار‬
‫وقيراط وديباج أَصلها أَعجمية غير أَن العرب تكلمت بها قديما ً فصارت عربية‬
‫عدد وردود الدينار في القرآن‬
‫قال تعاىل ( وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ‬
‫قَائِمًا ) آل عمران ‪22‬‬
‫‪111‬‬
‫سادسا ‪ :‬الــــــذراع‬
‫من المقاييس وهو ذراع اآلدمي المتوسط الطول ‪ ,‬قال ابن منظور في لسان‬
‫العرب ‪ِّ :‬‬
‫اإلصْ َبع الوُ سْ طى ‪,‬‬
‫طرف ال ِمرْ فق إِلى َ‬
‫الذرا ُع ‪ :‬ما بين َ‬
‫طرفِ ِ‬
‫والجمع أَ ْذ ُر ٌع ؛ وفي مقاييس اللغة ‪ :‬الذال والراء والعين أص ٌل واح ٌد يد ُّل‬
‫على امتدا ٍد وتحرُّ ك إلى قُ ُدم ‪ ,‬ثم ترجع الفرو ُع إلى هذا اْلصل ‪ِّ ,‬‬
‫فالذراع‬
‫ت َّ‬
‫ذِراع اإلنسان ‪ ,‬معروفة ‪َّ ,‬‬
‫والذرع ‪:‬مصدر َذ َرعْ ُ‬
‫وغيره ‪0‬‬
‫وب والحائ َط‬
‫َ‬
‫الث َ‬
‫مقدار الذراع‬
‫لقد عرفت بعض المقاييس بالذراع وتحويلها بالسنتمتر وهي مقاييس مختلف‬
‫فيها ولم يتفق عليها ومنها ‪:‬‬
‫‪ 96‬سنتيمتر‬
‫الذراع العـــــادي ويساوي‬
‫‪ 27‬سنتيمتر‬
‫الذراع المعماري ويساوي‬
‫الذراع العمـــري ويساوي ‪ 277527‬سنتيمتر‬
‫الذراع الشــرعي ويساوي ‪ 227576‬سنتيمتر‬
‫قال الشيخ محمد صبحي حالق ‪ :‬الذراع المرسلة يساوي ‪ 6‬قبضات ‪,‬‬
‫وتساوي ‪ 24‬أصبعا ‪ ,‬واْلصبع يساوي ‪ 1.925‬سم ‪ ,‬فيكون طول الذراع‬
‫المرسلة ‪ 46.2 = 1.925 × 24‬سم ‪ ,‬ويقول الشيخ وهبة الزحيلي ‪:‬‬
‫الذارع الهاشمي يساوي ‪ 32‬إصبعا ً أو قيراطا ً ‪ ,‬واإلصبع يساوي ‪1.925‬‬
‫سم ‪ ,‬والذراع المصري العتيق يساوي ‪ 46.2‬سم ‪ ,‬والذراع المقصود فقها ً‬
‫هو الهاشمي ويساوي ‪61.2‬سم ‪0‬‬
‫عدد ورود الذراع يف القرآن‬
‫قال تعاىل ( فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ) احلاقة ‪41‬‬
‫‪112‬‬
113
Téléchargement